منذ 9 ساعات
تحذيرات إسرائيلية من تجسس إيراني عبر كاميرات المراقبة: «أطفئوا أجهزتكم فوراً»
وسط تصاعد التوتر الأمني في المنطقة، أطلقت السلطات الإسرائيلية تحذيرات حادة من محاولات إيرانية متواصلة لاختراق كاميرات المراقبة الخاصة والعامة داخل إسرائيل، بهدف جمع معلومات استخباراتية ميدانية في الوقت الحقيقي، في تكتيك وُصف بأنه امتداد للحرب السيبرانية بين الطرفين. وفقاً لشبكة شبكة «بلومبرغ».
وتأتي هذه التحذيرات بعد أيام من قصف إيراني استهدف مباني في تل أبيب، حيث خرج مسؤول سابق في المديرية الوطنية للأمن السيبراني عبر الإذاعة العامة موجهاً نداءً صريحاً للمواطنين: «أطفئوا كاميرات منازلكم أو غيروا كلمات المرور فوراً».
وقال متحدث باسم الهيئة السيبرانية الحكومية: «إن الكاميرات المتصلة بالإنترنت أصبحت هدفاً ثابتاً في الاستراتيجية الاستخباراتية الإيرانية»، مضيفاً: «نرصد محاولات اختراق متواصلة خلال فترة الحرب، وتتكثف هذه المحاولات في الوقت الراهن». وأكد المتحدث أن السلطات منعت نشر صور المواقع المستهدفة رغم تداولها على وسائل التواصل.
صورة وزعها الحوثيون من كاميرا مراقبة تظهر لحظة ضربة إسرائيلية أخيرة على برج مطار صنعاء (أ.ف.ب)
وتعيد هذه التطورات إلى الواجهة تجارب سابقة لجماعات مناهضة لإسرائيل في استخدام كاميرات مدنية لأغراض عسكرية.
وأشار غابي بورتنوي، المدير السابق للمديرية السيبرانية، إلى أن «حماس» استغلت كاميرات مراقبة قبيل هجومها الكبير في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، قائلاً: «إن آلاف الكاميرات، سواء العامة أو الخاصة، كانت مخترقة واستخدمت في جمع معلومات عن مستوطنات غلاف غزة».
كما سجلت أجهزة استخبارات غربية استخداماً مماثلاً من قبل روسيا، التي استعانت بكاميرات خاصة وبلدية عقب غزوها لأوكرانيا، فيما حظرت كييف لاحقاً بث الكاميرات عبر الإنترنت، محذّرة من أنها «توجه الصواريخ الروسية إلى أهدافها بدقة».
وفي السياق ذاته، حظرت الولايات المتحدة عام 2022 استخدام معدات مراقبة صينية، عادّةً أنها تشكل تهديداً للأمن القومي.
ويأتي هذا القلق في ظل اتساع سوق الكاميرات عالمياً، التي يتوقع أن تتجاوز قيمتها 89 مليار دولار بحلول 2030، وفقاً لتقديرات مؤسسة «ماركتس آند ماركتس». لكنّ خبراء حذروا من أن سهولة تركيب هذه الأجهزة ورخص ثمنها يقابلهما ضعف في التدابير الأمنية، ما يجعلها أهدافاً سهلة للاختراق.
وأشار جيوف كول، المدير في «رابطة صناعة الأمن»، إلى أن أنظمة الشركات الملتزمة بأمن البيانات توفر خيارات متقدمة، لكنها ليست المفضلة لدى المستهلك العادي. وقال: «غالباً ما يفضّل المشترون السعر على الأمان، وهو ما يخلق ثغرة كبيرة في الأمن الرقمي».
من جانبه، أكد بيليغ واسرمان، مهندس الأمن في شركة طاقة عالمية، أن كثيراً من الكاميرات لا تزال تُستخدم بكلمات مرور افتراضية من قبيل «1234»، وبعضها يواصل البث المباشر دون تشفير أو حماية.
وأظهرت دراسة حديثة من شركة «بيتسايت» أن أكثر من 40 ألف كاميرا مراقبة تبث فيديوهاتها علناً عبر الإنترنت، بينها 14 ألفاً في الولايات المتحدة.
وكانت السلطات الإسرائيلية قد حذّرت عام 2022 من وجود نحو 66 ألف كاميرا خاصة تعمل بكلمات مرور بسيطة، محذرةً من أنها قد تُستخدم من قبل أعداء إسرائيل. إلا أن التحذيرات لم تُؤخذ على محمل الجد، بما في ذلك في بلدات الجنوب التي تعرضت لاجتياح من «حماس» في هجوم أدى إلى مقتل أكثر من 1200 شخص واختطاف مئات آخرين.
وذكرت مصادر حكومية أن السلطات بدأت بإجراءات غير ملزمة لتعزيز أمن الكاميرات، لا سيما تلك ذات المنشأ الصيني، عبر التوصية باستخدام التحقق الثنائي ومنع البث المباشر. كما منحت الحكومة الأجهزة الأمنية صلاحيات قانونية لتعطيل البث من الكاميرات المثبتة في مواقع حساسة.
وأكد بورتنوي أن كاميرات الجيش الحدودية بقيت محمية، لكن الكاميرات الخاصة في الكيبوتسات المجاورة تعرّضت للاختراق، حيث عُثر على تسجيلات منها في غزة.
وفي حادثة لافتة، قال رفائيل فرانكو، النائب السابق لمدير الهيئة السيبرانية، إن بعض المزارعين في الجنوب ثبتوا كاميرات في حقولهم لمنع السرقة، لكنها رصدت دون قصد مواقع عسكرية إسرائيلية قرب الحدود.
وأضاف: «الكثيرون يجهلون أن الكاميرات قد تتحول من أداة للحماية إلى نقطة كشف أمام العدو... لدينا مؤشرات واضحة على أن إيران تحاول خلال الأيام الأخيرة اختراق أنظمة المراقبة لتحديد مواقع سقوط صواريخها وتحسين دقة استهدافها».
في المقابل، أعلنت مجموعة هاكرز تُدعى «سبارو المفترس»، وتوصف بأنها موالية لإسرائيل، مسؤوليتها عن هجوم سيبراني استهدف بنكاً إيرانياً ومنصة تداول عملات رقمية. كما تحدث الإعلام الرسمي الإيراني عن هجمات إسرائيلية على البنية التحتية الحيوية في البلاد.
ويشير الخبراء إلى أن التصعيد في المجال السيبراني بات وجهاً ثابتاً في كل مواجهة عسكرية كبرى، وأن كاميرات المراقبة الخاصة، التي تُستخدم يومياً لأغراض مدنية، قد تصبح بمرور الوقت أداة خطيرة في حروب المستقبل.