#أحدث الأخبار مع #المركزالمصريللفكرIndependent عربية٠٤-٠٣-٢٠٢٥سياسةIndependent عربيةالدولة الفلسطينية الفرص التي كانت والتي لم تكنقبل أسبوع، كشف وثائقي جديد عن خطة قدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود أولمرت إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تقضي بتطبيق حل الدولتين مع تبادل بعض الأراضي، الوثائقي الذي يعرض على منصة "آي بلاير" بعنوان "إسرائيل والفلسطينيون: الطريق إلى السابع من أكتوبر"، يتحدث عن تفاصيل الخريطة التي وصفها أولمرت بأنها "فرصة تاريخية للسلام". خريطة أولمرت التي قدمها سراً لعباس، تقضي بإنشاء دولة فلسطينية على أكثر من 94 في المئة من أراضي الضفة الغربية المحتلة، وتظهر الخريطة اقتراحاً إسرائيلياً بضم 4.9في المئة من الضفة الغربية تشمل الكتل الاستيطانية اليهودية الكبرى، وفي المقابل تتنازل إسرائيل عن مساحة مماثلة من أراضيها على طول حدود الضفة الغربية وقطاع غزة، مع إمكان ربط المنطقتين الفلسطينيتين عبر نفق أو طريق سريع، وفي ما يتعلق بقضية القدس الشائكة انطوى الاقتراع على أن تكون أجزاء من المدينة عاصمة لكلا الجانبين. لم يوقع عباس على الخطة باعتبار أنها محكوم عليها بالفشل بسبب الوضع السياسي الضعيف لأولمرت، الذي كان يعاني فضيحة فساد آنذاك وأعلن نيته الاستقالة، ثم سرعان ما تفجرت حرب جديدة في غزة في ديسمبر (كانون الأول) 2008، مما زاد الأمور تعقيداً، لكن ثمة من يلقون باللوم على الجانب الفلسطيني الذي لم يأخذ المقترح على محمل الجد، بل حتى إن الوثائقي يستعين بمقولة الدبلوماسي الإسرائيلي السابق أبا إيبان عام 1973 بأن الفلسطينيين "لا يفوتون فرصة لتفويت فرصة"، العبارة التي كثيراً ما رددها الإسرائيليون. وبينما فرضت إسرائيل خلال العام ونصف العام الماضي واقعاً جديداً مع مزيد من الدمار واقتطاع الأراضي الفلسطينية، عاد الحديث عن "الفرص الضائعة" يفرض نفسه على ساحة النقاش العربي، يتزامن ذلك مع استضافة القاهرة قمة عربية طارئة في شأن تطورات القضية الفلسطينية، مع إفادات عن ملامح خطة عربية مرتقبة في شأن مستقبل قطاع غزة في مواجهة خطة تهجير طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب. ينقسم المراقبون في شأن ذلك الوصف، وعما إذا كانت هناك فرص واقعية لإنشاء دولة فلسطينية خلال عقود من المفاوضات مع الإسرائيليين، فثمة من يرى أن المصطلح هو دعاية إسرائيلية مضادة لإلقاء اللوم على الضحية "الشعب الفلسطيني"، بينما لم تطرح الحركة الصهيونية قط فكرة اقتسام الأرض بل جاءت بغرض الاستيلاء على كل الأرض الفلسطينية، بل إن موافقة الإسرائيليين قبلاً على مشاريع التقسيم السابقة بداية من عام 1937وحتى عام 1947 هي مراوغة تكتيكية، بينما يشير آخرون إلى فرص حقيقية كان يمكن للقادة الفلسطينيين تقديم تنازلات جزئية فيها مقابل إنشاء دولة فلسطينية، التي كانت تتقلص مساحتها مع فقدان الفرصة تلو الأخرى. في ذكرى النكبة مايو (أيار) 2024 أجرى المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية في القاهرة، نقاشاً في شأن ما يطلق عليه "الفرص الضائعة للسلام"، سلطت خلاله الضوء على المؤتمرات الدولية والقرارات الأممية التي سعت إلى تأسيس دولة فلسطينية جنباً إلى جنب مع إسرائيل، بداية من تقرير لجنة بيل في مؤتمر لندن في فبراير (شباط) عام 1939، الذي رفض مفتي القدس محمد أمين الحسيني المشاركة فيه، بينما يرى بعض المراقبين أن الفرصة كانت سانحة قبل إعلان قيام دولة إسرائيل، ومروراً بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (181) لعام 1947 الذي تبنى خطة تقسيم الأراضي إلى دولة عربية تبلغ مساحتها 42.3 في المئة ودولة يهودية بمساحة 57.7 في المئة مع وضع القدس وبيت لحم تحت الإدارة الدولية، وهو ما رفضته أيضاً القيادات الفلسطينية، ورفضوا عرض إسرائيل بعد حرب الأيام الستة عام 1967 بإعادة جميع الأراضي المحتلة، الضفة الغربية وغزة مقابل السلام، باستثناء الوضع النهائي للقدس. وأشار مراقبون أيضاً إلى رفض الفلسطينيين دعوة الرئيس المصري الراحل أنور السادات إلى المشاركة في عملية السلام عام 1977، إذ كان يهدف إلى إقامة حكم ذاتي كامل في الضفة وقطاع غزة، وكذلك رفض الانتظام في مبادرة السلام في الشرق الأوسط في أغسطس (آب) 1981التي طرحها ولي العهد السعودي الراحل فهد بن عبدالعزيز. ويرى آخرون أن حال الانقسام الفلسطيني في أعقاب اتفاق أوسلو عام 1993، ورفض الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها "حماس" التي بدأت في شن عمليات انتحارية، كانا سبباً في فشل الاتفاق والاستفادة منه بعد عام ونصف العام، ووصولاً إلى قمة كامب ديفيد عام 2000، حين سعى الرئيس الأميركي بيل كلينتون إلى معالجة ملفات عالقة مثل مشكلة الحدود وعودة اللاجئين ووضع القدس الشرقية، ومع ذلك فشلت الأطراف في التوصل إلى اتفاق وانطلقت في أعقابها الانتفاضة الثانية. قرار التقسيم لعام 1947 ومع ذلك يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة، في حديثه إلى "اندبندنت عربية" إنه لم تكن هناك أية فرصة حقيقية أمام الفلسطينيين لإعلان دولتهم، و"لم تطرح إسرائيل في أية لحظة من اللحظات منذ تأسيسها عام 1948 وحتى يومنا هذا أي مشروع يعني بناء دوله فلسطينية مستقلة". ويضيف "بصرف النظر عن الاختلاف في المساحات، لكن كانت هناك باستمرار عقدة أساس وهي موضوع القدس الشرقية وتحديداً السيطرة على المسجد الأقصى، وهي مسألة حاسمة بالنسبة إلى الفلسطينيين، ليس ممكناً أبداً السماح لإسرائيل بالسيادة على القدس الشرقية وبخاصة المسجد الأقصى، مجرد أن يكون اليهود شركاء في المسجد، هذه الفكرة كانت مرفوضة باستمرار". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ويرى نافعة أن الفرصة الوحيدة الضائعة لتأسيس الدولة الفلسطينية لم تكن للفلسطينيين يد فيها، لأن الأمر كان وقتها قرار الدول العربية، مشيراً إلى قرار التقسيم الأممي عام 1947، ويقول "لو الدول العربية كانت تدرك وقتها حقيقة المشروع الصهيوني، ولو كانت تدرك حجم القوة التي كان يمكن أن تتمتع بها الحركة الصهيونية العالمية، ربما كان هذا التقسيم هو الأفضل، إذ تُنشأ دولتان دولة فلسطينية ودولة يهودية، وتبقى القدس تحت الوصاية الدولية ويطبق عليها القانون الدولي، لذا يصبح هناك حقوق متساوية". ويقول "ربما هذا المشروع الذي كان يعتبر الحل المثالي بالنسبة إلى هذا الصراع، وربما كان سيؤدي إلى حسمه، لكن ما حدث لاحقاً يؤكد أن المشروع الصهيوني لم يكن ليكتفي بهذا"، ومع ذلك يلفت المتخصص في مجال العلوم السياسية إلى أن قرار التقسيم في عام 1947 شابته أخطاء قانونية، لأنه لا يجوز للجمعية العامة للأمم المتحدة أن تقرر مصير شعب وتفصل في مدى استحقاقه لتقرير مصيره أم لا، لأنه وفق ميثاق الأمم المتحدة فإن للشعوب حق تقرير مصيرها، لذا عندما طلبت الدول العربية من الجمعية العامة إحالة الأمر إلى محكمة العدل الدولية للفصل في الجانب القانوني، قوبل الطلب بالرفض، إضافة إلى أن عدد اليهود كان أقل من 30 في المئة بينما المشروع منحهم أكثر من 56 في المئة، ومن ثم فدوافع الدول العربية لرفض قرار التقسيم سواء قانونية أو سياسية كانت مبررة. "كامب ديفيد" السادات يتفق أستاذ لعلوم السياسية في جامعة القدس أيمن الرقب، بأنه لم تكن هناك سوى فرصة واحدة أو اثنتين على الأكثر لتأسيس دولة فلسطينية، ومع ذلك أوضح في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن الفلسطينيين ربما ليسوا هم المسؤولين عن ضياع تلك الفرص، ففي ما يتعلق بقرار التقسيم الأممي عام 1947 لم يكن حينها هناك قيادة فلسطينية تبلورت بعد، فالرفض جاء من الدول العربية التي استقلت حديثاً، واصفاً القرار الأممي آنذاك بأنه "كان فرصة حقيقية". ووفق الرقب فإن الفرصة الأخرى كانت اتفاقية "كامب ديفيد" عندما "سعى الرئيس السادات إلى مشاركة الفلسطينيين في المحادثات، إذ كان يصر على كسر فلسفة مناحم بيغن الذي كان يؤمن بفكر (القيادي الصهيوني زئيف) جابوتنسكي القائلة لا تصنع السلام مع السكان المحليين واصنعه مع الجيران"، وفي حين أن المحادثات لم تكن تتحدث عن دولة فلسطينية آنذاك وإنما حكم ذاتي للفلسطينيين، يرى المتخصص في مجال العلوم السياسية بجامعة القدس أنها كانت فرصة لتأسيس حكم ذاتي يمهد لدولة فلسطينية. ووفق الرقب فإن الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات وافق في البداية على المشاركة لكنه تراجع أخيراً تحت ضغط عربي، مضيفاً "القيادة الفلسطينية أخطأت في التعامل مع 'كامب ديفيد' في عهد السادات كان بإمكانها أن تتحصن بمصر الدولة القوية، وأن تذهب إلى حكم ذاتي يضغط باتجاه الدولة الفلسطينية، أعتقد أن هذه هي الفرصة الضائعة الأكثر أهمية في هذا المشهد". فرص لم تكن يتفق المراقبون في القاهرة والقدس أن ما جاء بعد ذلك لا يمكن وصفه بالفرص الضائعة، فإسرائيل رفضت مقترح إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، كذلك رفضت المبادرة العربية للسلام عام 2002، وفي حين لاحت فرصة إنشاء دولة فلسطينية عند اتفاق أوسلو عام 1993 حين كان كل من عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين جادين في شأنها، يقول الرقب إنه في نهاية المطاف اغتيل رابين من الدولة العميقة في إسرائيل، مشيراً إلى أن السبب في إفشال هذه الفرصة هم الإسرائيليون أنفسهم عندما اغتالوا رابين ثم جاء بعد ذلك رئيس الوزراء اليميني بنيامين نتنياهو الذي يرفض فكرة تأسيس دولة فلسطينية. وفي مقال سابق، أشار السياسي المصري السابق، الرئيس السابق لمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية عبدالمنعم سعيد، إلى تقرير لجنة "بيل" البريطانية عام 1939 ثم قرار التقسيم عام 1947الذي رُفض لأن القسمة لم تكن عادلة، ويقول "كانت القسمة أكثر عمقاً بين الفلسطينيين أنفسهم سواء عندما كانت عائلية أو أصبحت أحزاباً سياسية ولم تنتهِ عندما صارت الأحزاب مقاتلة. رفض الفلسطينيون القسمة عندما كانت 54 في المئة للإسرائيليين، و45 في المئة للفلسطينيين، وبقي واحد في المئة للقدس حيث الوصاية الدولية، وعندما وافق الفلسطينيون على قسمة أكثر غبناً ولا تزيد على ٢٢ في المئة من فلسطين مع اتفاق أوسلو، فإن جماعة 'حماس' وأقرانها عملوا على إفساد الصفقة، فتعددت الحروب والآن تعيد إسرائيل احتلال غزة مرة أخرى". ويتفق سعيد بأن الفلسطينيين لم يكونوا وحدهم الذين أضاعوا الفرصة، بل فعلها الإسرائيليون عندما تعاملوا مع الفلسطينيين كمواطنين من الدرجة الثانية في الداخل، وفي الخارج تعاملوا بقسوة ووحشية. ويقول "قبيل الحرب (غزة) كانت لدى إسرائيل فرصة يانعة للسلام والازدهار في المنطقة التي أرادت العيش فيها، حين وقعت ست اتفاقات سلام مع دول عربية، وكانت المفاوضات جارية لعلاقات سلام وتطبيع تفتح أبواب العالمين العربي والإسلامي لإسرائيل، وعلى العكس ضاعت الفرصة عندما وقعت إسرائيل في الفخ الإيراني عندما كانت استجابتها لمفاجأة السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 تتجاوز كل الحدود". الواقع لا ينبئ بدولة فلسطينية لا يتفاءل المراقبون كثيراً في القاهرة أو غيرها من العواصم حول العالم في شأن المستقبل بالنسبة إلى الفلسطينيين، إذ أصبح حل الدولتين بعيد المنال في ظل تغير الواقع على الأرض ليس في غزة فقط وإنما في الضفة الغربية أيضاً. ويقول الرقب "للأسف المتغيرات في غزة والضفة تجعل حل الدولتين مستحيلاً، هناك ابتلاع لمساحات كبيرة في الضفة الغربية، إضافة إلى ما يحدث في غزة، الضفة الغربية هي الخطر الأكبر، المشكلة الكبرى أن الإسرائيليين لا يريدون الانسحاب من القدس الشرقية ولا حتى تقسيمها، أعتقد أن فرص إحياء حل الدولتين باتت صعبة، وتبقى فقط حل الدولة الواحدة وهذا يحتاج إلى قرارات جريئة من الإسرائيليين أولاً ومن الفلسطينيين ثانياً، لتكون هناك دولة ثنائية القومية يعيش الجميع فيها تحت برلمان واحد وقيادة واحدة متساوين في الحقوق والواجبات، لكن للأسف الإسرائيليون لن يقبلوا بهذا الأمر". ويقول نافعة إن بعد حرب 1967زادت الأطماع الإسرائيلية وضموا 50في المئة من الأرض الفلسطينية التي كانت مقررة في خطة التقسيم لعام 1947، "فحدود إسرائيل بالنسبة إلى المشروع الصهيوني هي أي حدود يمكنهم الوصول إليها"، ويضيف "اليوم لدينا يمين شديد التطرف في إسرائيل لا يقبل بدولة فلسطينية بغض النظر عن حدودها، فحتى اليسار الذي يقبل من جهة المبدأ بالفكرة لم يقبل أبداً دولة فلسطينية على حدود 67"، مؤكداً أن إسرائيل لا تلتزم أية اتفاقات توقعها بما في ذلك تلك التي تكون بوساطة أميركية. وبينما يلقي الزميل لدى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن حسين عبدالحسين، باللوم على غياب قيادة فلسطينية قادرة على تأسيس ديمقراطية حقيقية، فإنه يتوقع أن توافق إسرائيل على العودة إلى حدود 1967 لكن بشرط أن تتولى القيادة سيادة عربية صديقة، فلسطينية أو غير ذلك، إذ اقترح في مقال سابق نشره معهد هوفر الأميركي، أن تسلم إسرائيل الضفة الغربية إلى الأردن وغزة إلى مصر، وهو المقترح الذي رفضه البلدان بالفعل، وكذلك استبعده الباحث. ويعتقد عبدالحسين أن الحل الوحيد الممكن في المستقبل المنظور هو مزيد من الشيء نفسه، من خلال وضع ترتيب موقت للحكم الذاتي الفلسطيني تحت إشراف إسرائيلي، ويضيف بالقول إنه "ما لم تكن أميركا راغبة في العودة إلى (دعم) بناء الدولة ونشر الديمقراطية، فستضطر إلى الانتظار حتى يكتشف الفلسطينيون كيفية بناء دولة تستطيع إسرائيل أن تعقد معها السلام، ولا تستطيع إسرائيل أن تبني دولة فلسطينية، فالفلسطينيون وحدهم قادرون على ذلك، ولكن يتعين عليهم أولاً أن يستمعوا ويتعلموا كيف".
Independent عربية٠٤-٠٣-٢٠٢٥سياسةIndependent عربيةالدولة الفلسطينية الفرص التي كانت والتي لم تكنقبل أسبوع، كشف وثائقي جديد عن خطة قدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود أولمرت إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تقضي بتطبيق حل الدولتين مع تبادل بعض الأراضي، الوثائقي الذي يعرض على منصة "آي بلاير" بعنوان "إسرائيل والفلسطينيون: الطريق إلى السابع من أكتوبر"، يتحدث عن تفاصيل الخريطة التي وصفها أولمرت بأنها "فرصة تاريخية للسلام". خريطة أولمرت التي قدمها سراً لعباس، تقضي بإنشاء دولة فلسطينية على أكثر من 94 في المئة من أراضي الضفة الغربية المحتلة، وتظهر الخريطة اقتراحاً إسرائيلياً بضم 4.9في المئة من الضفة الغربية تشمل الكتل الاستيطانية اليهودية الكبرى، وفي المقابل تتنازل إسرائيل عن مساحة مماثلة من أراضيها على طول حدود الضفة الغربية وقطاع غزة، مع إمكان ربط المنطقتين الفلسطينيتين عبر نفق أو طريق سريع، وفي ما يتعلق بقضية القدس الشائكة انطوى الاقتراع على أن تكون أجزاء من المدينة عاصمة لكلا الجانبين. لم يوقع عباس على الخطة باعتبار أنها محكوم عليها بالفشل بسبب الوضع السياسي الضعيف لأولمرت، الذي كان يعاني فضيحة فساد آنذاك وأعلن نيته الاستقالة، ثم سرعان ما تفجرت حرب جديدة في غزة في ديسمبر (كانون الأول) 2008، مما زاد الأمور تعقيداً، لكن ثمة من يلقون باللوم على الجانب الفلسطيني الذي لم يأخذ المقترح على محمل الجد، بل حتى إن الوثائقي يستعين بمقولة الدبلوماسي الإسرائيلي السابق أبا إيبان عام 1973 بأن الفلسطينيين "لا يفوتون فرصة لتفويت فرصة"، العبارة التي كثيراً ما رددها الإسرائيليون. وبينما فرضت إسرائيل خلال العام ونصف العام الماضي واقعاً جديداً مع مزيد من الدمار واقتطاع الأراضي الفلسطينية، عاد الحديث عن "الفرص الضائعة" يفرض نفسه على ساحة النقاش العربي، يتزامن ذلك مع استضافة القاهرة قمة عربية طارئة في شأن تطورات القضية الفلسطينية، مع إفادات عن ملامح خطة عربية مرتقبة في شأن مستقبل قطاع غزة في مواجهة خطة تهجير طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب. ينقسم المراقبون في شأن ذلك الوصف، وعما إذا كانت هناك فرص واقعية لإنشاء دولة فلسطينية خلال عقود من المفاوضات مع الإسرائيليين، فثمة من يرى أن المصطلح هو دعاية إسرائيلية مضادة لإلقاء اللوم على الضحية "الشعب الفلسطيني"، بينما لم تطرح الحركة الصهيونية قط فكرة اقتسام الأرض بل جاءت بغرض الاستيلاء على كل الأرض الفلسطينية، بل إن موافقة الإسرائيليين قبلاً على مشاريع التقسيم السابقة بداية من عام 1937وحتى عام 1947 هي مراوغة تكتيكية، بينما يشير آخرون إلى فرص حقيقية كان يمكن للقادة الفلسطينيين تقديم تنازلات جزئية فيها مقابل إنشاء دولة فلسطينية، التي كانت تتقلص مساحتها مع فقدان الفرصة تلو الأخرى. في ذكرى النكبة مايو (أيار) 2024 أجرى المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية في القاهرة، نقاشاً في شأن ما يطلق عليه "الفرص الضائعة للسلام"، سلطت خلاله الضوء على المؤتمرات الدولية والقرارات الأممية التي سعت إلى تأسيس دولة فلسطينية جنباً إلى جنب مع إسرائيل، بداية من تقرير لجنة بيل في مؤتمر لندن في فبراير (شباط) عام 1939، الذي رفض مفتي القدس محمد أمين الحسيني المشاركة فيه، بينما يرى بعض المراقبين أن الفرصة كانت سانحة قبل إعلان قيام دولة إسرائيل، ومروراً بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (181) لعام 1947 الذي تبنى خطة تقسيم الأراضي إلى دولة عربية تبلغ مساحتها 42.3 في المئة ودولة يهودية بمساحة 57.7 في المئة مع وضع القدس وبيت لحم تحت الإدارة الدولية، وهو ما رفضته أيضاً القيادات الفلسطينية، ورفضوا عرض إسرائيل بعد حرب الأيام الستة عام 1967 بإعادة جميع الأراضي المحتلة، الضفة الغربية وغزة مقابل السلام، باستثناء الوضع النهائي للقدس. وأشار مراقبون أيضاً إلى رفض الفلسطينيين دعوة الرئيس المصري الراحل أنور السادات إلى المشاركة في عملية السلام عام 1977، إذ كان يهدف إلى إقامة حكم ذاتي كامل في الضفة وقطاع غزة، وكذلك رفض الانتظام في مبادرة السلام في الشرق الأوسط في أغسطس (آب) 1981التي طرحها ولي العهد السعودي الراحل فهد بن عبدالعزيز. ويرى آخرون أن حال الانقسام الفلسطيني في أعقاب اتفاق أوسلو عام 1993، ورفض الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها "حماس" التي بدأت في شن عمليات انتحارية، كانا سبباً في فشل الاتفاق والاستفادة منه بعد عام ونصف العام، ووصولاً إلى قمة كامب ديفيد عام 2000، حين سعى الرئيس الأميركي بيل كلينتون إلى معالجة ملفات عالقة مثل مشكلة الحدود وعودة اللاجئين ووضع القدس الشرقية، ومع ذلك فشلت الأطراف في التوصل إلى اتفاق وانطلقت في أعقابها الانتفاضة الثانية. قرار التقسيم لعام 1947 ومع ذلك يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة، في حديثه إلى "اندبندنت عربية" إنه لم تكن هناك أية فرصة حقيقية أمام الفلسطينيين لإعلان دولتهم، و"لم تطرح إسرائيل في أية لحظة من اللحظات منذ تأسيسها عام 1948 وحتى يومنا هذا أي مشروع يعني بناء دوله فلسطينية مستقلة". ويضيف "بصرف النظر عن الاختلاف في المساحات، لكن كانت هناك باستمرار عقدة أساس وهي موضوع القدس الشرقية وتحديداً السيطرة على المسجد الأقصى، وهي مسألة حاسمة بالنسبة إلى الفلسطينيين، ليس ممكناً أبداً السماح لإسرائيل بالسيادة على القدس الشرقية وبخاصة المسجد الأقصى، مجرد أن يكون اليهود شركاء في المسجد، هذه الفكرة كانت مرفوضة باستمرار". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ويرى نافعة أن الفرصة الوحيدة الضائعة لتأسيس الدولة الفلسطينية لم تكن للفلسطينيين يد فيها، لأن الأمر كان وقتها قرار الدول العربية، مشيراً إلى قرار التقسيم الأممي عام 1947، ويقول "لو الدول العربية كانت تدرك وقتها حقيقة المشروع الصهيوني، ولو كانت تدرك حجم القوة التي كان يمكن أن تتمتع بها الحركة الصهيونية العالمية، ربما كان هذا التقسيم هو الأفضل، إذ تُنشأ دولتان دولة فلسطينية ودولة يهودية، وتبقى القدس تحت الوصاية الدولية ويطبق عليها القانون الدولي، لذا يصبح هناك حقوق متساوية". ويقول "ربما هذا المشروع الذي كان يعتبر الحل المثالي بالنسبة إلى هذا الصراع، وربما كان سيؤدي إلى حسمه، لكن ما حدث لاحقاً يؤكد أن المشروع الصهيوني لم يكن ليكتفي بهذا"، ومع ذلك يلفت المتخصص في مجال العلوم السياسية إلى أن قرار التقسيم في عام 1947 شابته أخطاء قانونية، لأنه لا يجوز للجمعية العامة للأمم المتحدة أن تقرر مصير شعب وتفصل في مدى استحقاقه لتقرير مصيره أم لا، لأنه وفق ميثاق الأمم المتحدة فإن للشعوب حق تقرير مصيرها، لذا عندما طلبت الدول العربية من الجمعية العامة إحالة الأمر إلى محكمة العدل الدولية للفصل في الجانب القانوني، قوبل الطلب بالرفض، إضافة إلى أن عدد اليهود كان أقل من 30 في المئة بينما المشروع منحهم أكثر من 56 في المئة، ومن ثم فدوافع الدول العربية لرفض قرار التقسيم سواء قانونية أو سياسية كانت مبررة. "كامب ديفيد" السادات يتفق أستاذ لعلوم السياسية في جامعة القدس أيمن الرقب، بأنه لم تكن هناك سوى فرصة واحدة أو اثنتين على الأكثر لتأسيس دولة فلسطينية، ومع ذلك أوضح في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن الفلسطينيين ربما ليسوا هم المسؤولين عن ضياع تلك الفرص، ففي ما يتعلق بقرار التقسيم الأممي عام 1947 لم يكن حينها هناك قيادة فلسطينية تبلورت بعد، فالرفض جاء من الدول العربية التي استقلت حديثاً، واصفاً القرار الأممي آنذاك بأنه "كان فرصة حقيقية". ووفق الرقب فإن الفرصة الأخرى كانت اتفاقية "كامب ديفيد" عندما "سعى الرئيس السادات إلى مشاركة الفلسطينيين في المحادثات، إذ كان يصر على كسر فلسفة مناحم بيغن الذي كان يؤمن بفكر (القيادي الصهيوني زئيف) جابوتنسكي القائلة لا تصنع السلام مع السكان المحليين واصنعه مع الجيران"، وفي حين أن المحادثات لم تكن تتحدث عن دولة فلسطينية آنذاك وإنما حكم ذاتي للفلسطينيين، يرى المتخصص في مجال العلوم السياسية بجامعة القدس أنها كانت فرصة لتأسيس حكم ذاتي يمهد لدولة فلسطينية. ووفق الرقب فإن الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات وافق في البداية على المشاركة لكنه تراجع أخيراً تحت ضغط عربي، مضيفاً "القيادة الفلسطينية أخطأت في التعامل مع 'كامب ديفيد' في عهد السادات كان بإمكانها أن تتحصن بمصر الدولة القوية، وأن تذهب إلى حكم ذاتي يضغط باتجاه الدولة الفلسطينية، أعتقد أن هذه هي الفرصة الضائعة الأكثر أهمية في هذا المشهد". فرص لم تكن يتفق المراقبون في القاهرة والقدس أن ما جاء بعد ذلك لا يمكن وصفه بالفرص الضائعة، فإسرائيل رفضت مقترح إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، كذلك رفضت المبادرة العربية للسلام عام 2002، وفي حين لاحت فرصة إنشاء دولة فلسطينية عند اتفاق أوسلو عام 1993 حين كان كل من عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين جادين في شأنها، يقول الرقب إنه في نهاية المطاف اغتيل رابين من الدولة العميقة في إسرائيل، مشيراً إلى أن السبب في إفشال هذه الفرصة هم الإسرائيليون أنفسهم عندما اغتالوا رابين ثم جاء بعد ذلك رئيس الوزراء اليميني بنيامين نتنياهو الذي يرفض فكرة تأسيس دولة فلسطينية. وفي مقال سابق، أشار السياسي المصري السابق، الرئيس السابق لمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية عبدالمنعم سعيد، إلى تقرير لجنة "بيل" البريطانية عام 1939 ثم قرار التقسيم عام 1947الذي رُفض لأن القسمة لم تكن عادلة، ويقول "كانت القسمة أكثر عمقاً بين الفلسطينيين أنفسهم سواء عندما كانت عائلية أو أصبحت أحزاباً سياسية ولم تنتهِ عندما صارت الأحزاب مقاتلة. رفض الفلسطينيون القسمة عندما كانت 54 في المئة للإسرائيليين، و45 في المئة للفلسطينيين، وبقي واحد في المئة للقدس حيث الوصاية الدولية، وعندما وافق الفلسطينيون على قسمة أكثر غبناً ولا تزيد على ٢٢ في المئة من فلسطين مع اتفاق أوسلو، فإن جماعة 'حماس' وأقرانها عملوا على إفساد الصفقة، فتعددت الحروب والآن تعيد إسرائيل احتلال غزة مرة أخرى". ويتفق سعيد بأن الفلسطينيين لم يكونوا وحدهم الذين أضاعوا الفرصة، بل فعلها الإسرائيليون عندما تعاملوا مع الفلسطينيين كمواطنين من الدرجة الثانية في الداخل، وفي الخارج تعاملوا بقسوة ووحشية. ويقول "قبيل الحرب (غزة) كانت لدى إسرائيل فرصة يانعة للسلام والازدهار في المنطقة التي أرادت العيش فيها، حين وقعت ست اتفاقات سلام مع دول عربية، وكانت المفاوضات جارية لعلاقات سلام وتطبيع تفتح أبواب العالمين العربي والإسلامي لإسرائيل، وعلى العكس ضاعت الفرصة عندما وقعت إسرائيل في الفخ الإيراني عندما كانت استجابتها لمفاجأة السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 تتجاوز كل الحدود". الواقع لا ينبئ بدولة فلسطينية لا يتفاءل المراقبون كثيراً في القاهرة أو غيرها من العواصم حول العالم في شأن المستقبل بالنسبة إلى الفلسطينيين، إذ أصبح حل الدولتين بعيد المنال في ظل تغير الواقع على الأرض ليس في غزة فقط وإنما في الضفة الغربية أيضاً. ويقول الرقب "للأسف المتغيرات في غزة والضفة تجعل حل الدولتين مستحيلاً، هناك ابتلاع لمساحات كبيرة في الضفة الغربية، إضافة إلى ما يحدث في غزة، الضفة الغربية هي الخطر الأكبر، المشكلة الكبرى أن الإسرائيليين لا يريدون الانسحاب من القدس الشرقية ولا حتى تقسيمها، أعتقد أن فرص إحياء حل الدولتين باتت صعبة، وتبقى فقط حل الدولة الواحدة وهذا يحتاج إلى قرارات جريئة من الإسرائيليين أولاً ومن الفلسطينيين ثانياً، لتكون هناك دولة ثنائية القومية يعيش الجميع فيها تحت برلمان واحد وقيادة واحدة متساوين في الحقوق والواجبات، لكن للأسف الإسرائيليون لن يقبلوا بهذا الأمر". ويقول نافعة إن بعد حرب 1967زادت الأطماع الإسرائيلية وضموا 50في المئة من الأرض الفلسطينية التي كانت مقررة في خطة التقسيم لعام 1947، "فحدود إسرائيل بالنسبة إلى المشروع الصهيوني هي أي حدود يمكنهم الوصول إليها"، ويضيف "اليوم لدينا يمين شديد التطرف في إسرائيل لا يقبل بدولة فلسطينية بغض النظر عن حدودها، فحتى اليسار الذي يقبل من جهة المبدأ بالفكرة لم يقبل أبداً دولة فلسطينية على حدود 67"، مؤكداً أن إسرائيل لا تلتزم أية اتفاقات توقعها بما في ذلك تلك التي تكون بوساطة أميركية. وبينما يلقي الزميل لدى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن حسين عبدالحسين، باللوم على غياب قيادة فلسطينية قادرة على تأسيس ديمقراطية حقيقية، فإنه يتوقع أن توافق إسرائيل على العودة إلى حدود 1967 لكن بشرط أن تتولى القيادة سيادة عربية صديقة، فلسطينية أو غير ذلك، إذ اقترح في مقال سابق نشره معهد هوفر الأميركي، أن تسلم إسرائيل الضفة الغربية إلى الأردن وغزة إلى مصر، وهو المقترح الذي رفضه البلدان بالفعل، وكذلك استبعده الباحث. ويعتقد عبدالحسين أن الحل الوحيد الممكن في المستقبل المنظور هو مزيد من الشيء نفسه، من خلال وضع ترتيب موقت للحكم الذاتي الفلسطيني تحت إشراف إسرائيلي، ويضيف بالقول إنه "ما لم تكن أميركا راغبة في العودة إلى (دعم) بناء الدولة ونشر الديمقراطية، فستضطر إلى الانتظار حتى يكتشف الفلسطينيون كيفية بناء دولة تستطيع إسرائيل أن تعقد معها السلام، ولا تستطيع إسرائيل أن تبني دولة فلسطينية، فالفلسطينيون وحدهم قادرون على ذلك، ولكن يتعين عليهم أولاً أن يستمعوا ويتعلموا كيف".