
الدولة الفلسطينية الفرص التي كانت والتي لم تكن
قبل أسبوع، كشف وثائقي جديد عن خطة قدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود أولمرت إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تقضي بتطبيق حل الدولتين مع تبادل بعض الأراضي، الوثائقي الذي يعرض على منصة "آي بلاير" بعنوان "إسرائيل والفلسطينيون: الطريق إلى السابع من أكتوبر"، يتحدث عن تفاصيل الخريطة التي وصفها أولمرت بأنها "فرصة تاريخية للسلام".
خريطة أولمرت التي قدمها سراً لعباس، تقضي بإنشاء دولة فلسطينية على أكثر من 94 في المئة من أراضي الضفة الغربية المحتلة، وتظهر الخريطة اقتراحاً إسرائيلياً بضم 4.9في المئة من الضفة الغربية تشمل الكتل الاستيطانية اليهودية الكبرى، وفي المقابل تتنازل إسرائيل عن مساحة مماثلة من أراضيها على طول حدود الضفة الغربية وقطاع غزة، مع إمكان ربط المنطقتين الفلسطينيتين عبر نفق أو طريق سريع، وفي ما يتعلق بقضية القدس الشائكة انطوى الاقتراع على أن تكون أجزاء من المدينة عاصمة لكلا الجانبين.
لم يوقع عباس على الخطة باعتبار أنها محكوم عليها بالفشل بسبب الوضع السياسي الضعيف لأولمرت، الذي كان يعاني فضيحة فساد آنذاك وأعلن نيته الاستقالة، ثم سرعان ما تفجرت حرب جديدة في غزة في ديسمبر (كانون الأول) 2008، مما زاد الأمور تعقيداً، لكن ثمة من يلقون باللوم على الجانب الفلسطيني الذي لم يأخذ المقترح على محمل الجد، بل حتى إن الوثائقي يستعين بمقولة الدبلوماسي الإسرائيلي السابق أبا إيبان عام 1973 بأن الفلسطينيين "لا يفوتون فرصة لتفويت فرصة"، العبارة التي كثيراً ما رددها الإسرائيليون.
وبينما فرضت إسرائيل خلال العام ونصف العام الماضي واقعاً جديداً مع مزيد من الدمار واقتطاع الأراضي الفلسطينية، عاد الحديث عن "الفرص الضائعة" يفرض نفسه على ساحة النقاش العربي، يتزامن ذلك مع استضافة القاهرة قمة عربية طارئة في شأن تطورات القضية الفلسطينية، مع إفادات عن ملامح خطة عربية مرتقبة في شأن مستقبل قطاع غزة في مواجهة خطة تهجير طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
ينقسم المراقبون في شأن ذلك الوصف، وعما إذا كانت هناك فرص واقعية لإنشاء دولة فلسطينية خلال عقود من المفاوضات مع الإسرائيليين، فثمة من يرى أن المصطلح هو دعاية إسرائيلية مضادة لإلقاء اللوم على الضحية "الشعب الفلسطيني"، بينما لم تطرح الحركة الصهيونية قط فكرة اقتسام الأرض بل جاءت بغرض الاستيلاء على كل الأرض الفلسطينية، بل إن موافقة الإسرائيليين قبلاً على مشاريع التقسيم السابقة بداية من عام 1937وحتى عام 1947 هي مراوغة تكتيكية، بينما يشير آخرون إلى فرص حقيقية كان يمكن للقادة الفلسطينيين تقديم تنازلات جزئية فيها مقابل إنشاء دولة فلسطينية، التي كانت تتقلص مساحتها مع فقدان الفرصة تلو الأخرى.
في ذكرى النكبة مايو (أيار) 2024 أجرى المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية في القاهرة، نقاشاً في شأن ما يطلق عليه "الفرص الضائعة للسلام"، سلطت خلاله الضوء على المؤتمرات الدولية والقرارات الأممية التي سعت إلى تأسيس دولة فلسطينية جنباً إلى جنب مع إسرائيل، بداية من تقرير لجنة بيل في مؤتمر لندن في فبراير (شباط) عام 1939، الذي رفض مفتي القدس محمد أمين الحسيني المشاركة فيه، بينما يرى بعض المراقبين أن الفرصة كانت سانحة قبل إعلان قيام دولة إسرائيل، ومروراً بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (181) لعام 1947 الذي تبنى خطة تقسيم الأراضي إلى دولة عربية تبلغ مساحتها 42.3 في المئة ودولة يهودية بمساحة 57.7 في المئة مع وضع القدس وبيت لحم تحت الإدارة الدولية، وهو ما رفضته أيضاً القيادات الفلسطينية، ورفضوا عرض إسرائيل بعد حرب الأيام الستة عام 1967 بإعادة جميع الأراضي المحتلة، الضفة الغربية وغزة مقابل السلام، باستثناء الوضع النهائي للقدس.
وأشار مراقبون أيضاً إلى رفض الفلسطينيين دعوة الرئيس المصري الراحل أنور السادات إلى المشاركة في عملية السلام عام 1977، إذ كان يهدف إلى إقامة حكم ذاتي كامل في الضفة وقطاع غزة، وكذلك رفض الانتظام في مبادرة السلام في الشرق الأوسط في أغسطس (آب) 1981التي طرحها ولي العهد السعودي الراحل فهد بن عبدالعزيز.
ويرى آخرون أن حال الانقسام الفلسطيني في أعقاب اتفاق أوسلو عام 1993، ورفض الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها "حماس" التي بدأت في شن عمليات انتحارية، كانا سبباً في فشل الاتفاق والاستفادة منه بعد عام ونصف العام، ووصولاً إلى قمة كامب ديفيد عام 2000، حين سعى الرئيس الأميركي بيل كلينتون إلى معالجة ملفات عالقة مثل مشكلة الحدود وعودة اللاجئين ووضع القدس الشرقية، ومع ذلك فشلت الأطراف في التوصل إلى اتفاق وانطلقت في أعقابها الانتفاضة الثانية.
قرار التقسيم لعام 1947
ومع ذلك يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة، في حديثه إلى "اندبندنت عربية" إنه لم تكن هناك أية فرصة حقيقية أمام الفلسطينيين لإعلان دولتهم، و"لم تطرح إسرائيل في أية لحظة من اللحظات منذ تأسيسها عام 1948 وحتى يومنا هذا أي مشروع يعني بناء دوله فلسطينية مستقلة".
ويضيف "بصرف النظر عن الاختلاف في المساحات، لكن كانت هناك باستمرار عقدة أساس وهي موضوع القدس الشرقية وتحديداً السيطرة على المسجد الأقصى، وهي مسألة حاسمة بالنسبة إلى الفلسطينيين، ليس ممكناً أبداً السماح لإسرائيل بالسيادة على القدس الشرقية وبخاصة المسجد الأقصى، مجرد أن يكون اليهود شركاء في المسجد، هذه الفكرة كانت مرفوضة باستمرار".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويرى نافعة أن الفرصة الوحيدة الضائعة لتأسيس الدولة الفلسطينية لم تكن للفلسطينيين يد فيها، لأن الأمر كان وقتها قرار الدول العربية، مشيراً إلى قرار التقسيم الأممي عام 1947، ويقول "لو الدول العربية كانت تدرك وقتها حقيقة المشروع الصهيوني، ولو كانت تدرك حجم القوة التي كان يمكن أن تتمتع بها الحركة الصهيونية العالمية، ربما كان هذا التقسيم هو الأفضل، إذ تُنشأ دولتان دولة فلسطينية ودولة يهودية، وتبقى القدس تحت الوصاية الدولية ويطبق عليها القانون الدولي، لذا يصبح هناك حقوق متساوية".
ويقول "ربما هذا المشروع الذي كان يعتبر الحل المثالي بالنسبة إلى هذا الصراع، وربما كان سيؤدي إلى حسمه، لكن ما حدث لاحقاً يؤكد أن المشروع الصهيوني لم يكن ليكتفي بهذا"، ومع ذلك يلفت المتخصص في مجال العلوم السياسية إلى أن قرار التقسيم في عام 1947 شابته أخطاء قانونية، لأنه لا يجوز للجمعية العامة للأمم المتحدة أن تقرر مصير شعب وتفصل في مدى استحقاقه لتقرير مصيره أم لا، لأنه وفق ميثاق الأمم المتحدة فإن للشعوب حق تقرير مصيرها، لذا عندما طلبت الدول العربية من الجمعية العامة إحالة الأمر إلى محكمة العدل الدولية للفصل في الجانب القانوني، قوبل الطلب بالرفض، إضافة إلى أن عدد اليهود كان أقل من 30 في المئة بينما المشروع منحهم أكثر من 56 في المئة، ومن ثم فدوافع الدول العربية لرفض قرار التقسيم سواء قانونية أو سياسية كانت مبررة.
"كامب ديفيد" السادات
يتفق أستاذ لعلوم السياسية في جامعة القدس أيمن الرقب، بأنه لم تكن هناك سوى فرصة واحدة أو اثنتين على الأكثر لتأسيس دولة فلسطينية، ومع ذلك أوضح في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن الفلسطينيين ربما ليسوا هم المسؤولين عن ضياع تلك الفرص، ففي ما يتعلق بقرار التقسيم الأممي عام 1947 لم يكن حينها هناك قيادة فلسطينية تبلورت بعد، فالرفض جاء من الدول العربية التي استقلت حديثاً، واصفاً القرار الأممي آنذاك بأنه "كان فرصة حقيقية".
ووفق الرقب فإن الفرصة الأخرى كانت اتفاقية "كامب ديفيد" عندما "سعى الرئيس السادات إلى مشاركة الفلسطينيين في المحادثات، إذ كان يصر على كسر فلسفة مناحم بيغن الذي كان يؤمن بفكر (القيادي الصهيوني زئيف) جابوتنسكي القائلة لا تصنع السلام مع السكان المحليين واصنعه مع الجيران"، وفي حين أن المحادثات لم تكن تتحدث عن دولة فلسطينية آنذاك وإنما حكم ذاتي للفلسطينيين، يرى المتخصص في مجال العلوم السياسية بجامعة القدس أنها كانت فرصة لتأسيس حكم ذاتي يمهد لدولة فلسطينية.
ووفق الرقب فإن الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات وافق في البداية على المشاركة لكنه تراجع أخيراً تحت ضغط عربي، مضيفاً "القيادة الفلسطينية أخطأت في التعامل مع 'كامب ديفيد' في عهد السادات كان بإمكانها أن تتحصن بمصر الدولة القوية، وأن تذهب إلى حكم ذاتي يضغط باتجاه الدولة الفلسطينية، أعتقد أن هذه هي الفرصة الضائعة الأكثر أهمية في هذا المشهد".
فرص لم تكن
يتفق المراقبون في القاهرة والقدس أن ما جاء بعد ذلك لا يمكن وصفه بالفرص الضائعة، فإسرائيل رفضت مقترح إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، كذلك رفضت المبادرة العربية للسلام عام 2002، وفي حين لاحت فرصة إنشاء دولة فلسطينية عند اتفاق أوسلو عام 1993 حين كان كل من عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين جادين في شأنها، يقول الرقب إنه في نهاية المطاف اغتيل رابين من الدولة العميقة في إسرائيل، مشيراً إلى أن السبب في إفشال هذه الفرصة هم الإسرائيليون أنفسهم عندما اغتالوا رابين ثم جاء بعد ذلك رئيس الوزراء اليميني بنيامين نتنياهو الذي يرفض فكرة تأسيس دولة فلسطينية.
وفي مقال سابق، أشار السياسي المصري السابق، الرئيس السابق لمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية عبدالمنعم سعيد، إلى تقرير لجنة "بيل" البريطانية عام 1939 ثم قرار التقسيم عام 1947الذي رُفض لأن القسمة لم تكن عادلة، ويقول "كانت القسمة أكثر عمقاً بين الفلسطينيين أنفسهم سواء عندما كانت عائلية أو أصبحت أحزاباً سياسية ولم تنتهِ عندما صارت الأحزاب مقاتلة.
رفض الفلسطينيون القسمة عندما كانت 54 في المئة للإسرائيليين، و45 في المئة للفلسطينيين، وبقي واحد في المئة للقدس حيث الوصاية الدولية، وعندما وافق الفلسطينيون على قسمة أكثر غبناً ولا تزيد على ٢٢ في المئة من فلسطين مع اتفاق أوسلو، فإن جماعة 'حماس' وأقرانها عملوا على إفساد الصفقة، فتعددت الحروب والآن تعيد إسرائيل احتلال غزة مرة أخرى".
ويتفق سعيد بأن الفلسطينيين لم يكونوا وحدهم الذين أضاعوا الفرصة، بل فعلها الإسرائيليون عندما تعاملوا مع الفلسطينيين كمواطنين من الدرجة الثانية في الداخل، وفي الخارج تعاملوا بقسوة ووحشية. ويقول "قبيل الحرب (غزة) كانت لدى إسرائيل فرصة يانعة للسلام والازدهار في المنطقة التي أرادت العيش فيها، حين وقعت ست اتفاقات سلام مع دول عربية، وكانت المفاوضات جارية لعلاقات سلام وتطبيع تفتح أبواب العالمين العربي والإسلامي لإسرائيل، وعلى العكس ضاعت الفرصة عندما وقعت إسرائيل في الفخ الإيراني عندما كانت استجابتها لمفاجأة السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 تتجاوز كل الحدود".
الواقع لا ينبئ بدولة فلسطينية
لا يتفاءل المراقبون كثيراً في القاهرة أو غيرها من العواصم حول العالم في شأن المستقبل بالنسبة إلى الفلسطينيين، إذ أصبح حل الدولتين بعيد المنال في ظل تغير الواقع على الأرض ليس في غزة فقط وإنما في الضفة الغربية أيضاً.
ويقول الرقب "للأسف المتغيرات في غزة والضفة تجعل حل الدولتين مستحيلاً، هناك ابتلاع لمساحات كبيرة في الضفة الغربية، إضافة إلى ما يحدث في غزة، الضفة الغربية هي الخطر الأكبر، المشكلة الكبرى أن الإسرائيليين لا يريدون الانسحاب من القدس الشرقية ولا حتى تقسيمها، أعتقد أن فرص إحياء حل الدولتين باتت صعبة، وتبقى فقط حل الدولة الواحدة وهذا يحتاج إلى قرارات جريئة من الإسرائيليين أولاً ومن الفلسطينيين ثانياً، لتكون هناك دولة ثنائية القومية يعيش الجميع فيها تحت برلمان واحد وقيادة واحدة متساوين في الحقوق والواجبات، لكن للأسف الإسرائيليون لن يقبلوا بهذا الأمر".
ويقول نافعة إن بعد حرب 1967زادت الأطماع الإسرائيلية وضموا 50في المئة من الأرض الفلسطينية التي كانت مقررة في خطة التقسيم لعام 1947، "فحدود إسرائيل بالنسبة إلى المشروع الصهيوني هي أي حدود يمكنهم الوصول إليها"، ويضيف "اليوم لدينا يمين شديد التطرف في إسرائيل لا يقبل بدولة فلسطينية بغض النظر عن حدودها، فحتى اليسار الذي يقبل من جهة المبدأ بالفكرة لم يقبل أبداً دولة فلسطينية على حدود 67"، مؤكداً أن إسرائيل لا تلتزم أية اتفاقات توقعها بما في ذلك تلك التي تكون بوساطة أميركية.
وبينما يلقي الزميل لدى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن حسين عبدالحسين، باللوم على غياب قيادة فلسطينية قادرة على تأسيس ديمقراطية حقيقية، فإنه يتوقع أن توافق إسرائيل على العودة إلى حدود 1967 لكن بشرط أن تتولى القيادة سيادة عربية صديقة، فلسطينية أو غير ذلك، إذ اقترح في مقال سابق نشره معهد هوفر الأميركي، أن تسلم إسرائيل الضفة الغربية إلى الأردن وغزة إلى مصر، وهو المقترح الذي رفضه البلدان بالفعل، وكذلك استبعده الباحث.
ويعتقد عبدالحسين أن الحل الوحيد الممكن في المستقبل المنظور هو مزيد من الشيء نفسه، من خلال وضع ترتيب موقت للحكم الذاتي الفلسطيني تحت إشراف إسرائيلي، ويضيف بالقول إنه "ما لم تكن أميركا راغبة في العودة إلى (دعم) بناء الدولة ونشر الديمقراطية، فستضطر إلى الانتظار حتى يكتشف الفلسطينيون كيفية بناء دولة تستطيع إسرائيل أن تعقد معها السلام، ولا تستطيع إسرائيل أن تبني دولة فلسطينية، فالفلسطينيون وحدهم قادرون على ذلك، ولكن يتعين عليهم أولاً أن يستمعوا ويتعلموا كيف".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
باريس تمضي قدما على طريق الاعتراف بفلسطين
من المقرر أن يستضيف وزير الخارجية الفرنسي جان - نويل بارو نظراءه من السعودية والأردن ومصر في اجتماع بعد ظهر اليوم الجمعة، للتحضير لمؤتمر حول حل الدولتين وتصفية النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، بحسب ما أفاد مصدر دبلوماسي. وقال المصدر "إنه اجتمع عمل في الساعة 15.30 مع نظرائه المصري والأردني والسعودي"، موضحاً أنه لن يُعقد مؤتمر صحافي بعد اللقاء. وستترأس فرنسا بالاشتراك مع السعودية مؤتمراً دولياً في نيويورك بين الـ17 والـ20 من يونيو (حزيران) المقبل لإعطاء دفعة لحل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية. وأعلن بارو هذا الأسبوع أن فرنسا عازمة على الاعتراف بدولة فلسطين، وهو قرار من المرجح أن يسبب اضطرابات في العلاقة مع إسرائيل. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان "من أجل توخي حل الدولتين، فإن مسألة الاعتراف المتبادل بين الدول أمر بالغ الأهمية". وأضاف "إذا أردنا أن نتمكن من التحدث عن حل الدولتين، فيجب على الدول التي لم تعترف بفلسطين أن تعترف بها، ويجب على الدول التي لم تعترف بإسرائيل أن تبادر بالتحرك نحو التطبيع". ويعترف نحو 150 بلداً بدولة فلسطين التي تتمتع بصفة عضو مراقب في الأمم المتحدة، ولكنها لا يمكن أن تمنح العضوية الكاملة إلا بتصويت مؤيد من مجلس الأمن. وعام 2020 أدت "اتفاقات أبراهام" التي رعاها دونالد ترمب خلال ولايته الأولى في البيت الأبيض إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وثلاث دول عربية هي الإمارات والبحرين والمغرب. لكن كثيراً من الدول العربية ترفض حتى الآن الانضمام إلى هذه الاتفاقات، خصوصاً السعودية، وكذلك جارتا إسرائيل سوريا ولبنان. وفي قرار اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) 2024، دعت الجمعية إلى إجراء مفاوضات ذات صدقية في شأن عملية السلام في الشرق الأوسط، وقررت عقد هذا "المؤتمر الدولي الرفيع المستوى من أجل التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين" في يونيو المقبل في نيويورك، وأوكلت رئاسته إلى باريس والرياض.

سعورس
٣٠-٠٤-٢٠٢٥
- سعورس
واشنطن تبرر الحصار الإسرائيلي وتغض الطرف عن انهيار غزة
مساعدات مشروطة وخلال جلسات استماع عُقدت في لاهاي بطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة ، أبلغ المستشار القانوني بوزارة الخارجية الأمريكية ، جوش سيمونز، المحكمة أن إسرائيل «غير مُلزمة قانونيًا بالسماح لمنظمة بعينها بتنفيذ عملياتها داخل الأراضي المحتلة إذا ما اعتُبرت تهديدًا لأمنها». وأضاف أن لدى إسرائيل «مخاوف مشروعة» من الأونروا، مقترحًا أن تحل منظمات أخرى محلها. والحديث الأمريكي يتجاهل حقيقة أن الأونروا هي الجهة الإنسانية الأكبر في غزة ، وتخدم ما يقارب مليوني فلسطيني، جلّهم من النساء والأطفال، وتعتمد عليها منظومة الإغاثة بالكامل لتأمين الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية. وفي المقابل، أبدت دول عديدة اعتراضها على الطرح الأمريكي، وعبّرت عن رفضها لاستخدام المساعدات كأداة ضغط سياسي، من بين هذه الدول، السعودية التي أدانت بشكل واضح أمام المحكمة استمرار الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة. مؤكدةً أن «حرمان المدنيين من الغذاء والدواء والوقود يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني»، مشددةً على ضرورة التزام إسرائيل كقوة احتلال بضمان تدفق المساعدات دون شروط أو تسييس. وأكدت أن تحميل الأونروا مسؤولية أمنية جماعية دون تحقيق مستقل أو أدلة دامغة هو محاولة غير عادلة لتقويض دورها الإنساني في لحظة كارثية يعيشها الشعب الفلسطيني. دعم قانوني بينما قدمت الولايات المتحدة ما يمكن وصفه بأنه غطاء قانوني للعدوان الإسرائيلي على غزة ، فالمستشار القانوني لوزارة الخارجية الأمريكية ، جوش سيمونز، لم يدافع فقط عن موقف إسرائيل من طرد الأونروا، بل سعى إلى شرعنة فكرة أن القوة القائمة بالاحتلال يمكنها أن ترفض التعاون مع منظمات إنسانية دولية بحجة «المخاوف الأمنية». وهذا الموقف الأمريكي منح إسرائيل تفويضًا غير مباشر باستخدام القانون الدولي كأداة لتبرير حصارها على المدنيين، متجاهلة تمامًا أن القانون الإنساني يُلزم قوة الاحتلال بضمان الإمدادات الأساسية للسكان تحت سيطرتها، لا أن تستخدم الحصار كعقوبة جماعية. تواطؤ سياسي ولم تكن واشنطن يومًا بعيدة عن مسرح الجريمة في غزة ، فعلى مدار الأشهر الماضية، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض «الفيتو» مرارًا في مجلس الأمن لإفشال أي مساعٍ دولية لوقف إطلاق النار أو محاسبة إسرائيل. كما امتنعت عن إدانة واضحة للغارات التي استهدفت المستشفيات والمدارس والمراكز الطبية، بل ذهبت إلى حد تبريرها ضمن «حق الدفاع عن النفس»، هذا الصمت الانتقائي والتحرك المزدوج ساهم في إطالة أمد العدوان، وعزز من شعور إسرائيل بالإفلات من العقاب، ما جعلها تمضي قدمًا في سياسات التجويع، والقتل، وتدمير البنى التحتية، بينما توفر واشنطن لها الغطاء السياسي والدبلوماسي الكامل. المفارقة الكبرى فيما قال وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، إن «الأمم المتحدة ، وأمينها العام، ومنظمات القانون الدولي تحوّلت إلى أدوات لتجريد إسرائيل من حقها في الدفاع عن نفسها»، متجاهلا حق الطفل الفلسطيني في الطعام، وحق المريض في دواء وحق المسعف في الحياة، فالخطاب الإسرائيلي المتمترس خلف «الحق في الأمن» يتجاهل حقًا آخر أكثر بداهة: الحق في الوجود. وفي هذا التجاهل، يلقى دعمًا سياسيًا وقانونيًا من حليفته الكبرى، الولايات المتحدة ، التي لم تكتفِ بالدفاع عن الموقف الإسرائيلي، بل اقترحت عمليًا إلغاء دور الأونروا في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية المعاصرة. استهداف ممنهج ومنذ استئناف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في مارس الماضي، تكثفت الغارات الجوية الإسرائيلية على المنازل والملاجئ والمناطق العامة، ما أدى إلى مقتل العشرات يوميًا، من بينهم أطفال ونساء. وتؤكد تقارير من داخل مستشفيات القطاع أن الغارات استهدفت منازل بشكل مباشر، إذ وصل إلى المستشفيات أشلاء جثث لأطفال أشقاء قُتلوا وهم نائمون، هذه الهجمات لا تقتصر على العمليات العسكرية، بل تتعمد شل الحياة اليومية، واستهداف أماكن من المفترض أن تكون ملاذات آمنة. المنقذون والأطباء والحرب الإسرائيلية لا تقتل فقط المدنيين، بل تستهدف أيضًا من يحاول إنقاذهم، فقد قُتل أكثر من 150 من طواقم الإسعاف والدفاع المدني، إلى جانب أكثر من 1000 عامل صحي، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة. وفي أحد أبرز الانتهاكات، أقدمت القوات الإسرائيلية على قتل 15 مسعفًا فلسطينيًا ودفنهم في مقبرة جماعية، بينهم ثمانية من أفراد الهلال الأحمر الفلسطيني، هذا السلوك العسكري يعكس سياسة متعمدة لتقويض قدرات الإغاثة ومنع المساعدات الطبية والإنسانية من الوصول إلى مستحقيها، في انتهاك صارخ لاتفاقيات جنيف. حصار خانق ومنذ مطلع مارس، منعت إسرائيل دخول الغذاء والوقود والأدوية إلى قطاع غزة ، ما دفع نظام المساعدات الإنسانية إلى حافة الانهيار. وأعلن برنامج الغذاء العالمي نفاد مخزوناته، في حين تواجه آلاف الأسر العجز عن إطعام أطفالها. وحذر المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة من أن استخدام الجوع كسلاح يشكّل جريمة حرب، لكن إسرائيل تستمر في فرض الحصار كوسيلة للضغط على حركة حماس، متجاهلة التبعات الكارثية على ملايين المدنيين، في هذا المشهد القاتم، يقف القطاع عاجزًا بين أنقاض المستشفيات المغلقة وأسواق فارغة من الطعام. استهدفت الغارات الإسرائيلية منازل وملاجئ في غزة ، وقتلت عائلات كاملة بينهم أطفال. قتلت إسرائيل أكثر من 150 منقذًا ومسعفًا، و1000 عامل صحي، بينهم 15 دُفنوا بمقبرة جماعية. فرضت إسرائيل حصارًا كاملاً على القطاع منذ مارس، ومنعت دخول الغذاء والدواء والوقود. نفد مخزون الغذاء التابع للأمم المتحدة ، وتفاقم سوء التغذية لدى آلاف الأطفال. الأمم المتحدة حذرت من أن استخدام الجوع كأداة حرب يمثل جريمة دولية.


شبكة عيون
٢٧-٠٤-٢٠٢٥
- شبكة عيون
40 دولة أمام العدل الدولية لمساءلة إسرائيل عن تعطيل المساعدات
تبدأ محكمة العدل الدولية الاستماع إلى مداخلات 40 دولة بشأن الإجراءات التي يتوجب على إسرائيل اتخاذها لضمان إيصال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية المحتلة، وسط أزمة متفاقمة بفعل الحرب المستمرة منذ 18 شهرًا. خلفية القضية في عام 2023، طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية إصدار رأي قانوني حول مدى التزامات إسرائيل تجاه الفلسطينيين، بعد قرارها تعطيل أنشطة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، المانحة الرئيسية للمساعدات في غزة، بينما الولايات المتحدة، الحليف الأوثق لإسرائيل، صوّتت ضد هذا الطلب. وأخيرًا، أعادت إسرائيل قطع جميع أشكال المساعدات عن غزة بحجة أن حركة حماس تستولي عليها لأغراضها العسكرية، على الرغم من أن أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون أوضاعًا إنسانية متدهورة في القطاع. لذا تطلب الجمعية العامة من المحكمة، ومقرها لاهاي، إصدار رأي استشاري، وهو رأي غير ملزم لكنه ذو ثقل قانوني دولي، ومن المتوقع أن يستغرق صدوره أشهر عدة. محكمة العدل الدولية تأسست محكمة العدل الدولية عقب الحرب العالمية الثانية كجهاز قضائي رئيسي تابع للأمم المتحدة، ومعني بالفصل في النزاعات بين الدول. وتتكون المحكمة من 15 قاضيًا، ويمكن لبعض الهيئات الأممية طلب آراء استشارية منها. وعلى الرغم من أن جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، البالغ عددها 193، أعضاء في المحكمة، فإن الاعتراف باختصاصها القضائي يظل اختياريًا. وسبق أن أصدرت المحكمة، العام الماضي، إدانة واسعة للسيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، معتبرة أنها غير قانونية، ومنتهكة للقوانين الدولية التي تحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة، بالإضافة إلى تقويضها حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم. وقبل نحو عقدين، أفتت المحكمة أيضًا بأن بناء إسرائيل جدار الفصل مع الضفة الغربية يمثل انتهاكًا للقانون الدولي، رافضة المزاعم الإسرائيلية بأن الغرض منه كان أمنيًا. قضية الإبادة الجماعية بالتزامن مع هذا الملف، تواجه إسرائيل دعوى أخرى أمام المحكمة، رفعتها جنوب إفريقيا، تتهمها بارتكاب إبادة جماعية في غزة منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023 إثر هجوم شنّه مسلحون بقيادة حماس على جنوب إسرائيل، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واختطاف 251 آخرين. وردًا على الهجوم، شنت إسرائيل عمليات عسكرية واسعة تسببت، بحسب وزارة الصحة بغزة، في مقتل أكثر من 51 ألف فلسطيني، وتدمير جزء كبير من القطاع، مع بقاء معظم السكان دون مأوى. وعلى الرغم من رفض إسرائيل هذه الاتهامات، واعتبارها أن جنوب إفريقيا توفر غطاء سياسيًا لحماس، أمرت المحكمة إسرائيل باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية عبر إجراءات لا تزال مستمرة، ومن المتوقع أن تستغرق سنوات. الفرق بين محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية بينما تختص محكمة العدل الدولية بالنزاعات بين الدول، تركز المحكمة الجنائية الدولية، التي تأسست عام 2002، على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم خطيرة كجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية. وفي خطوة غير مسبوقة، أصدرت المحكمة الجنائية، في نوفمبر الماضي، مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، إلى جانب قائد عسكري في حركة حماس، متهمة إياهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال الحرب في غزة. واتهمت المذكرات نتنياهو وجالانت باستخدام التجويع «سلاح حرب»، واستهداف المدنيين عمدًا. ونفى المسؤولان الإسرائيليان هذه الاتهامات، بينما أثارت أوامر اعتقالهما غضبًا واسعًا بين مؤيدي إسرائيل، ولا سيما في الولايات المتحدة. يُذكر أن إسرائيل والولايات المتحدة ليستا عضوتين في المحكمة الجنائية الدولية، بينما اعترفت المحكمة عام 2021 بولايتها القضائية على الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية. مأساة غذائية خانقة لأكثر من 60 يومًا، لم تدخل إلى قطاع غزة أي شحنات غذائية أو وقود أو أدوية، مما أدى إلى نقص حاد في الأسواق وتراجع قدرة منظمات الإغاثة على تلبية احتياجات السكان. وفي مخيمات النزوح، تعيش العائلات الفلسطينية وسط اختفاء شبه كامل للحوم ومنتجات الألبان والخضراوات الطازجة. لذا الأسر تكافح يوميًا لإطعام أطفالها في ظل ارتفاع الأسعار الحاد معتمدةً على مساعدات محدودة ومطابخ خيرية مهددة بالتوقف بسبب نفاد الإمدادات. كارثة إنسانية تطول الأطفال يحذر الأطباء والخبراء من أن سوء التغذية المتفاقم بين الأطفال سيترك آثارًا دائمة على نموهم وصحتهم. ووفقا لتقارير الأمم المتحدة، ارتفعت معدلات سوء التغذية الحاد 80% خلال شهر واحد، مع اختفاء الأطعمة الغنية بالبروتين والعناصر الأساسية. كما أن مستشفيات غزة تكافح دون حليب للأطفال أو مكملات غذائية، مما يضع أجيالًا كاملة أمام مستقبل صحي مظلم وسط تفاقم الحصار واستمرار العمليات العسكرية. الأسواق خاوية والمزارع مدمرة في أسواق خان يونس، باتت الأكشاك شبه خالية والبضائع المتوافرة بأسعار خيالية تفوق قدرة السكان. ومع تدمير الدفيئات الزراعية والأراضي الزراعية بفعل العمليات الإسرائيلية، باتت غزة تعتمد على كميات ضئيلة من الإنتاج المحلي، المهدد هو الآخر بالانهيار بسبب نقص المياه والموارد. الأمل يتلاشى يومًا بعد يوم مع استمرار الحصار وانهيار شبكات الإمداد، مما ينذر بمجاعة حقيقية إذا استمر الوضع دون تدخل عاجل. الاتهامات الموجهة إلى نتنياهو وجالانت: استخدام التجويع سلاح حرب: قيّدت إسرائيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة عمدًا. استهداف المدنيين بشكل متعمد: شنت إسرائيل عمليات عسكرية واسعة أضرت بالمدنيين بشكل مباشر. جرائم ضد الإنسانية: شملت الأفعال المزعومة القتل، والإبادة، والمعاملة غير الإنسانية. مذكرات توقيف دولية: المحكمة الجنائية الدولية أصدرت أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت. ردود الفعل: إسرائيل ومسؤولوها ينفون الاتهامات بشدة، وسط دعم أمريكي معلن لتل أبيب.