
40 دولة أمام العدل الدولية لمساءلة إسرائيل عن تعطيل المساعدات
تبدأ محكمة العدل الدولية الاستماع إلى مداخلات 40 دولة بشأن الإجراءات التي يتوجب على إسرائيل اتخاذها لضمان إيصال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية المحتلة، وسط أزمة متفاقمة بفعل الحرب المستمرة منذ 18 شهرًا.
خلفية القضية
في عام 2023، طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية إصدار رأي قانوني حول مدى التزامات إسرائيل تجاه الفلسطينيين، بعد قرارها تعطيل أنشطة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، المانحة الرئيسية للمساعدات في غزة، بينما الولايات المتحدة، الحليف الأوثق لإسرائيل، صوّتت ضد هذا الطلب.
وأخيرًا، أعادت إسرائيل قطع جميع أشكال المساعدات عن غزة بحجة أن حركة حماس تستولي عليها لأغراضها العسكرية، على الرغم من أن أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون أوضاعًا إنسانية متدهورة في القطاع.
لذا تطلب الجمعية العامة من المحكمة، ومقرها لاهاي، إصدار رأي استشاري، وهو رأي غير ملزم لكنه ذو ثقل قانوني دولي، ومن المتوقع أن يستغرق صدوره أشهر عدة.
محكمة العدل الدولية
تأسست محكمة العدل الدولية عقب الحرب العالمية الثانية كجهاز قضائي رئيسي تابع للأمم المتحدة، ومعني بالفصل في النزاعات بين الدول. وتتكون المحكمة من 15 قاضيًا، ويمكن لبعض الهيئات الأممية طلب آراء استشارية منها.
وعلى الرغم من أن جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، البالغ عددها 193، أعضاء في المحكمة، فإن الاعتراف باختصاصها القضائي يظل اختياريًا.
وسبق أن أصدرت المحكمة، العام الماضي، إدانة واسعة للسيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، معتبرة أنها غير قانونية، ومنتهكة للقوانين الدولية التي تحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة، بالإضافة إلى تقويضها حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.
وقبل نحو عقدين، أفتت المحكمة أيضًا بأن بناء إسرائيل جدار الفصل مع الضفة الغربية يمثل انتهاكًا للقانون الدولي، رافضة المزاعم الإسرائيلية بأن الغرض منه كان أمنيًا.
قضية الإبادة الجماعية
بالتزامن مع هذا الملف، تواجه إسرائيل دعوى أخرى أمام المحكمة، رفعتها جنوب إفريقيا، تتهمها بارتكاب إبادة جماعية في غزة منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023 إثر هجوم شنّه مسلحون بقيادة حماس على جنوب إسرائيل، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واختطاف 251 آخرين.
وردًا على الهجوم، شنت إسرائيل عمليات عسكرية واسعة تسببت، بحسب وزارة الصحة بغزة، في مقتل أكثر من 51 ألف فلسطيني، وتدمير جزء كبير من القطاع، مع بقاء معظم السكان دون مأوى.
وعلى الرغم من رفض إسرائيل هذه الاتهامات، واعتبارها أن جنوب إفريقيا توفر غطاء سياسيًا لحماس، أمرت المحكمة إسرائيل باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية عبر إجراءات لا تزال مستمرة، ومن المتوقع أن تستغرق سنوات.
الفرق بين محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية
بينما تختص محكمة العدل الدولية بالنزاعات بين الدول، تركز المحكمة الجنائية الدولية، التي تأسست عام 2002، على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم خطيرة كجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية.
وفي خطوة غير مسبوقة، أصدرت المحكمة الجنائية، في نوفمبر الماضي، مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، إلى جانب قائد عسكري في حركة حماس، متهمة إياهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال الحرب في غزة.
واتهمت المذكرات نتنياهو وجالانت باستخدام التجويع «سلاح حرب»، واستهداف المدنيين عمدًا. ونفى المسؤولان الإسرائيليان هذه الاتهامات، بينما أثارت أوامر اعتقالهما غضبًا واسعًا بين مؤيدي إسرائيل، ولا سيما في الولايات المتحدة.
يُذكر أن إسرائيل والولايات المتحدة ليستا عضوتين في المحكمة الجنائية الدولية، بينما اعترفت المحكمة عام 2021 بولايتها القضائية على الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية.
مأساة غذائية خانقة
لأكثر من 60 يومًا، لم تدخل إلى قطاع غزة أي شحنات غذائية أو وقود أو أدوية، مما أدى إلى نقص حاد في الأسواق وتراجع قدرة منظمات الإغاثة على تلبية احتياجات السكان. وفي مخيمات النزوح، تعيش العائلات الفلسطينية وسط اختفاء شبه كامل للحوم ومنتجات الألبان والخضراوات الطازجة. لذا الأسر تكافح يوميًا لإطعام أطفالها في ظل ارتفاع الأسعار الحاد معتمدةً على مساعدات محدودة ومطابخ خيرية مهددة بالتوقف بسبب نفاد الإمدادات.
كارثة إنسانية تطول الأطفال
يحذر الأطباء والخبراء من أن سوء التغذية المتفاقم بين الأطفال سيترك آثارًا دائمة على نموهم وصحتهم. ووفقا لتقارير الأمم المتحدة، ارتفعت معدلات سوء التغذية الحاد 80% خلال شهر واحد، مع اختفاء الأطعمة الغنية بالبروتين والعناصر الأساسية. كما أن مستشفيات غزة تكافح دون حليب للأطفال أو مكملات غذائية، مما يضع أجيالًا كاملة أمام مستقبل صحي مظلم وسط تفاقم الحصار واستمرار العمليات العسكرية.
الأسواق خاوية والمزارع مدمرة
في أسواق خان يونس، باتت الأكشاك شبه خالية والبضائع المتوافرة بأسعار خيالية تفوق قدرة السكان. ومع تدمير الدفيئات الزراعية والأراضي الزراعية بفعل العمليات الإسرائيلية، باتت غزة تعتمد على كميات ضئيلة من الإنتاج المحلي، المهدد هو الآخر بالانهيار بسبب نقص المياه والموارد. الأمل يتلاشى يومًا بعد يوم مع استمرار الحصار وانهيار شبكات الإمداد، مما ينذر بمجاعة حقيقية إذا استمر الوضع دون تدخل عاجل.
الاتهامات الموجهة إلى نتنياهو وجالانت:
استخدام التجويع سلاح حرب: قيّدت إسرائيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة عمدًا.
استهداف المدنيين بشكل متعمد: شنت إسرائيل عمليات عسكرية واسعة أضرت بالمدنيين بشكل مباشر.
جرائم ضد الإنسانية: شملت الأفعال المزعومة القتل، والإبادة، والمعاملة غير الإنسانية.
مذكرات توقيف دولية: المحكمة الجنائية الدولية أصدرت أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت.
ردود الفعل: إسرائيل ومسؤولوها ينفون الاتهامات بشدة، وسط دعم أمريكي معلن لتل أبيب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
مستوطنون إسرائيليون يحرقون مركبات ومنازل في بلدة بروقين بالضفة الغربية
قال الجيش الإسرائيلي وسكان فلسطينيون ببلدة بروقين في الضفة الغربية المحتلة إن مستوطنين إسرائيليين أحرقوا مركبات ومنازل مملوكة للفلسطينيين في سلسلة مستمرة من الهجمات على البلدة القريبة من مكان قُتلت فيه مستوطنة حامل خلال الشهر الحالي. وذكر سكان فلسطينيون في بروقين، قالوا إنهم يتعرضون لاعتداءات وإساءات مستمرة من المستوطنين الإسرائيليين في الجوار، أن مجموعة كبيرة ظهرت خلال الليل وألقوا زجاجات حارقة وضربوا كل من يعترض طريقهم. وقال أكرم صبرة، وهو أحد سكان القرية، إنه شاهد بعد خروجه من منزله العشرات، وربما يصل العدد إلى 100، وهم يحرقون سيارات مملوكة له ولعائلته ويلقون عبوة حارقة على منزل ابنه. وأضاف: «بعد خروجي من المنزل... وإذا بالمركبات تشتعل... وتلقيت ضربة قوية على رأسي، وحتى الآن أنا مش قادر... دايخ»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء. قال الجيش الإسرائيلي إنه تلقى بلاغاً، أمس الخميس، عن قيام مدنيين إسرائيليين بتخريب ممتلكات في محيط القرية الواقعة في الجزء الشمالي من الضفة الغربية. وأضاف: «فور تلقي البلاغ، تم إرسال جنود من جيش الدفاع الإسرائيلي إلى مكان الواقعة. وهرب المشتبه بهم قبل وصول جنود الجيش»، مؤكداً عدم وقوع إصابات وأن الواقعة قيد التحقيق. وفرضت القوات الإسرائيلية طوقاً أمنياً مشدداً في بروقين ومحيطها في أعقاب مقتل تسيلا جيز، وهي من سكان مستوطنة بروخين القريبة. وقال الجيش الإسرائيلي هذا الأسبوع إن القوات الإسرائيلية التي كانت تفتش المنطقة القريبة من بروقين قتلت منفذ الهجوم، وأوضح أنه قضى في السابق عقوبة السجن لانتمائه إلى حركة «حماس» الفلسطينية. واعتقلت القوات عدة أشخاص آخرين يشتبه في مساعدتهم في الهجوم. ومنذ مقتل جيز، أبلغ فلسطينيون عن وقوع هجمات متعددة في المنطقة من قبل المستوطنين الذين أحرقوا السيارات وألقوا الحجارة والعبوات الحارقة على المنازل وجرفوا أراضي مملوكة للفلسطينيين. وقال مصطفى خاطر (45 عاماً)، وهو من سكان بروقين: «معاناة واعتداء علينا بشكل يومي، وحتى في اليوم نفسه متكرر أكثر من مرة، بيعتدوا علينا اعتداء لفظي واعتداء بالحجارة... الوضع صعب جداً». وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إن أكثر من 11 ألف فلسطيني في بلدتي بروقين وكفر الديك محاصرون، حيث تم الإبلاغ عن 28 هجوماً من المستوطنين مما تسبب في إصابات أو أضرار في الممتلكات في الأسبوع المنتهي في 19 مايو (أيار). وأشار التقرير إلى تسجيل 1449 هجوماً خلال العام الماضي، وهو أعلى مستوى منذ أكثر من 20 عاماً. تشهد هجمات المستوطنين على القرى الفلسطينية في الضفة الغربية زيادة حادة منذ بدء حرب غزة مع تسارع وتيرة بناء المستوطنات الجديدة في ظل حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. ووقعت أحدث هذه الهجمات في الوقت الذي يُنفذ فيه الجيش الإسرائيلي أكبر عملية له في الضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية قبل 20 عاماً. وتظهر إحصاءات الأمم المتحدة أن هذه العملية، التي تركز على مخيمات اللاجئين في المدن الواقعة في شمال الضفة مثل جنين وطولكرم، أدت إلى نزوح أكثر من 40 ألف فلسطيني، الأمر الذي جعل عدداً كبيراً من الفلسطينيين يبدون قلقهم من سيطرة إسرائيل الكاملة على الضفة الغربية. ودعا عدد من الوزراء في حكومة نتنياهو منهم وزير المالية المؤيد للاستيطان بتسلئيل سموتريتش علناً إلى ضم الضفة الغربية وتهجير أعداد كبيرة من السكان الفلسطينيين. واستولت القوات الإسرائيلية على الضفة الغربية في حرب 1967 وظلت تحت الاحتلال العسكري منذ ذلك الحين. ويريد الفلسطينيون أن تكون الضفة الغربية قلب دولتهم المستقلة في المستقبل إلى جانب غزة والقدس الشرقية. وتعتبر معظم الدول المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي. وترفض إسرائيل ذلك وتقول إن هناك روابط تاريخية ودينية تربط اليهود بالمنطقة.


الشرق السعودية
منذ 2 ساعات
- الشرق السعودية
جوتيريش: المساعدات التي سمحت إسرائيل بإدخالها إلى غزة "ضئيلة جداً"
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الجمعة، إن المساعدات التي سمحت إسرائيل بإدخالها إلى قطاع غزة "ضئيلة للغاية في وقت تشتد فيه الحاجة إلى تدفق كبير للمساعدات"، وأكد مجدداً عدم مشاركة الهيئة الدولية في خطة جديدة لتوزيع الإمدادات مدعومة من الولايات المتحدة. وأضاف جوتيريش للصحافيين: "بدون وصول سريع وموثوق وآمن ومستدام للمساعدات، سيموت المزيد من الناس، وستكون العواقب طويلة الأمد على جميع السكان وخيمة". وتزعم إسرائيل أن نحو 300 شاحنة مساعدات دخلت غزة عبر معبر كرم أبو سالم منذ أن رفعت الحصار الذي استمر 11 أسبوعاً على القطاع الاثنين، لكن جوتيريش قال إنه لم يُنقل حتى الآن سوى ثلث تلك الإمدادات تقريباً من المعبر إلى مستودعات داخل غزة بسبب انعدام الأمن. خطة إيصال المساعدات السلطات الإسرائيلية كانت قد سمحت باستئناف عمليات تسليم المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة أخرى لفترة وجيزة إلى أن يتم تفعيل نموذج توزيع جديد مدعوم من الولايات المتحدة، تُديره مؤسسة إغاثة غزة المنشأة حديثاً بحلول نهاية الشهر الحالي. وتقول الأمم المتحدة إن هذه الخطة ليست نزيهة أو محايدة وإنها لن تشارك فيها. وزعمت إسرائيل أن حصارها يهدف جزئياً إلى منع حركة "حماس" من تحويل مسار المساعدات والاستيلاء عليها، وهو ما تنفيه الحركة. وتتضمن خطة "مؤسسة إغاثة غزة" استخدام شركات أمن خاصة لنقل المساعدات إلى ما يسمى مراكز توزيع آمنة، ومن ثم تتولى فرق إغاثة مدنية توزيعها. وأكد جوتيريش أن "الأمم المتحدة واضحة: لن نشارك في أي مخطط لا يحترم القانون الدولي والمبادئ الإنسانية المتمثلة في الإنسانية والنزاهة والاستقلال والحياد". وأضاف أن الأمم المتحدة وشركاءها لديهم خطة لإيصال المساعدات اللازمة إلى غزة، لافتاً إلى أنه بالنسبة "للإمدادات، فإن بانتظارنا 160 ألف لوح تحميل، تكفي لملء ما يقرب من 9 آلاف شاحنة.. هذا ندائي لتقديم مساعدات منقذة للحياة لشعب غزة الذي طالت معاناته: فلنفعل ذلك على النحو الصحيح. ولنفعل ذلك فوراً". أسوأ أزمات الجوع وفي وقت سابق الخميس، قال وزير الصحة الفلسطيني ماجد أبو رمضان، إن 29 طفلاً ومسناً توفوا لأسباب مرتبطة بالجوع في غزة خلال اليومين الماضيين، وأن آلافاً آخرين عرضة للخطر. ورداً على طلب تعليق منه بشأن تصريحات سابقة أدلى بها مسؤول في الأمم المتحدة لهيئة الإ ذاعة البريطانية BBC عن احتمال وفاة 14 ألف رضيع إذا لم تكن هناك مساعدات، قال: "رقم 14 ألفاً واقعي للغاية، وربما يكون أقل من الواقع". وشدد الوزير الفلسطيني على أن أكثر من 90% من المخزون الطبي في غزة أصبح صفراً. وكانت منظمة الصحة العالمية، ذكرت، الأسبوع الماضي أن 57 طفلاً توفوا جراء آثار سوء التغذية منذ منع دخول المساعدات في 2 مارس 2025، وفقاً لبيانات وزارة الصحة الفلسطينية، مرجحة أن يكون هذا العدد أقل من الواقع وأن يرتفع. ويواجه سكان غزة، البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، نقصاً في الأغذية منذ أمد طويل، وبشكل خاص يقاسي نحو نصف مليون نسمة وضعاً كارثياً، إذ تتهددهم مخاطر الجوع وسوء التغذية الحادّ والمجاعة والمرض وفقدان الحياة، بحسب منظمة الصحة العالمية. وقالت المنظمة في موقعها الرسمي، إن سكان غزة يواجهون، نقصاً غذائياً مطولاً، إذ يعاني ما يقرب من نصف مليون شخص، من سوء التغذية الحاد والمجاعة والمرض ويواجهون خطر الموت. وقالت إن "هذه واحدة من أسوأ أزمات الجوع في العالم".


الشرق الأوسط
منذ 3 ساعات
- الشرق الأوسط
الحكومة الإسرائيلية تُلغي إقالة بار بعد استقالته... لتجنب حكم قضائي
ألغت الحكومة الإسرائيلية قرار إقالة رئيس جهاز المخابرات العامة (الشاباك) رونين بار، بعد ساعات من إعلانه الاستقالة، وتحديد موعد رحيله. وقدّر محللون ووسائل إعلام عبرية أن الإجراء الحكومي يستهدف إلغاء المسار القضائي بشأن الالتماسات المقدمة ضد إقالة بار، بما في ذلك جعل إفادات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وبار، أمام المحكمة غير ضرورية. وجاء في مذكرات الحكومة التوضيحية للقرار أن «رئيس الوزراء اعتقد منذ البداية أنه من المناسب أن يتقاعد رونين بار بطريقة متفق عليها ومشرفة من منصبه رئيساً للخدمة، تماماً كما تقاعد رئيس الأركان». «القناة 12» الإسرائيلية أفادت بأن الحكومة تراجعت، الثلاثاء، عن قرار إقالة بار عبر استفتاء هاتفي، والاتفاق بأن ذلك سيُفضي بالنهاية إلى تجنب صدور حكم أساسي في القضية. رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية وزملاؤه يرأسون جلسة استماع بشأن إقالة الحكومة لرئيس جهاز الشاباك رونين بار الشهر الحالي (رويترز) وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن القرار يهدف إلى إلغاء «جلسة المحكمة العليا ومنع صدور حكم جوهري في هذه المسألة». وبحسب البيان التوضيحي لاجتماع الحكومة، فإن قرار إلغاء إقالة بار يأتي «في ضوء الأزمة المستمرة بين سلطات الدولة والوضع الصعب داخل أجهزة الأمن، واستمرار العملية القانونية، ورغبة الحكومة في تركيز الجهد الوطني على القضايا الأمنية». وجاء في أسباب القرار أيضاً: «ضرورة التماسك الداخلي، وخاصة خلال أيام الذكرى والاستقلال، انطلاقاً من المسؤولية العليا عن أمن الدولة». وكان رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، رونين بار، أعلن الاثنين أنه سيتنحى عن منصبه في 15 يونيو (حزيران)، مشيراً إلى تحمله المسؤولية الشخصية عن فشل الجهاز في منع هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وفي كلمة ألقاها خلال حدث لإحياء ذكرى عناصر «الشاباك» القتلى قبيل يوم الذكرى الذي يبدأ عند غروب الثلاثاء، قال بار إنه بعد «سنوات من العمل على جبهات عديدة»، فشل جهازه في تقديم إنذار مبكر بشأن هجوم 7 أكتوبر، مضيفاً: «انهارت جميع الأنظمة». وأضاف: «بصفتي رئيس الجهاز، تحملت المسؤولية عن ذلك. والآن، في هذه الليلة الخاصة التي ترمز إلى الذكرى والشجاعة والتضحية، اخترت أن أعلن عن تنفيذ تلك المسؤولية وقراري بإنهاء ولايتي رئيساً للشاباك». وأكد بار أن الشاباك لم يتجاهل التهديد الذي تمثله «حماس»: «رغم محاولات تصوير واقع مختلف، لم يكن هناك تهاون داخل الشاباك. على العكس، كان هناك إدراك لتهديد (حماس)، وجهود حثيثة لمواجهته على مدار السنوات التي سبقت الهجوم، وكذلك في الليلة والصباح السابقين لهجوم 7 أكتوبر. ومع ذلك، فشلنا. يجب أن يتم تحديد الحقيقة، وما يجب تصحيحه فقط، ضمن إطار لجنة تحقيق رسمية». متظاهرون يرفعون أعلاماً ولافتات في تل أبيب في 27 مارس الماضي خلال احتجاج على تحرك لإقالة رئيس «الشاباك» والمستشارة القضائية للحكومة (أ.ف.ب) وفي تعليقات بدت موجهة أيضاً إلى نتنياهو الذي حاول تحويل اللوم عن نفسه بخصوص 7 أكتوبر، وتجنب إقامة لجنة تحقيق رسمية واسعة الصلاحيات، قال بار: «تنفيذ المسؤولية عملياً هو جزء لا يتجزأ من القدوة الشخصية وإرث قيادتنا، ولا شرعية لنا في القيادة من دونها». وكان نتنياهو دخل في مواجهة علنية مع بار بعدما صوّتت الحكومة بالإجماع الشهر الماضي على إقالة بار بناءً على توصيته، ما أشعل معركة قانونية مستمرة، حيث تنظر المحكمة العليا حالياً في الالتماسات المقدمة ضد القرار. وقال رئيس الوزراء إنه فقد ثقته ببار، ووبّخه على الإخفاقات في 7 أكتوبر، إلا أن بار طعن في شرعية قرار إقالته، مؤكداً أن نتنياهو يسعى إلى عزله لأسباب شخصية وسياسية. وفي إفادة قانونية الأسبوع الماضي، زعم بار أن نتنياهو طلب منه أن يكون موالياً لرئيس الوزراء، وليس المحاكم، وقال إن نتنياهو سعى إلى إساءة استخدام صلاحيات الشاباك، وحذّر من أن استقلالية الجهاز ونزاهته معرضتان للخطر. وقدّم نتنياهو إفادة مضادّة، يوم الأحد، قال فيها إن بار يمثّل «أكبر فشل استخباراتيّ بتاريخ إسرائيل»، وادعاءاته كاذبة في ما يتعلق بفشل 7 أكتوبر 2023. وتطرق بار أيضاً في كلمته إلى بعض تلك المخاوف (الولاء لرئيس الوزراء) في كلمته، قائلاً إن الشاباك هو «جهاز لا تُقدّر أهمية عمله السليم بثمن بالنسبة لأمن الدولة ولديمقراطية إسرائيل». متظاهرون إسرائيليون يشتبكون مع الشرطة في القدس الشهر الماضي خلال مظاهرات ضد إقالة رئيس «الشاباك» والمستشارة القضائية (رويترز) وأضاف: «خلال الشهر الماضي، قاتلت من أجل ذلك، وخلال هذا الأسبوع، تم تقديم جميع الأسس الضرورية أمام المحكمة العليا، وآمل أن يضمن حكمها أن يبقى الشاباك كذلك، على المدى الطويل ودون خوف». وأوضح أن الجهاز يجب أن يُمنح «الضمانات المؤسسية التي تُمكّن كل رئيس للشاباك من أداء دوره وفقاً لسياسة الحكومة ومن أجل المصلحة العامة، باستقلالية ودون ضغوط. وهكذا نرسم الخط الفاصل بين الثقة والولاء». وأشار بار إلى أن الإجراءات الجارية «لا تتعلق بقضيتي الشخصية، بل باستقلالية رؤساء الشاباك في المستقبل»، مؤكداً استعداده لمواصلة التعاون مع المحكمة العليا في متابعة القضية. مع ذلك، اختتم قائلاً إنه «بعد 35 عاماً من الخدمة»، سيتنحى عن منصبه في 15 يونيو لإتاحة عملية منظمة لتعيين خلف له ومرافقته خلال فترة التسليم. وكان يعتقد أن قرار بار بالاستقالة سيجبر المحكمة العليا على أن تقرر كيفية المضي قدماً في الالتماسات المعروضة أمامها، التي طالبت بإلغاء قرار الحكومة بإقالة رئيس الشاباك، لكن قرار الحكومة قلب المعادلة. ولم يطلب نتنياهو رأي المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهراف ميارة، قبل اتخاذ القرار، بل أرسل إليها نسخة من رسالة سكرتير رئيس الوزراء إلى الوزراء. وقالت مصادر حكومية لـ«يديعوت» إن رئيس الوزراء سيواصل إجراء المقابلات بشكل مستمر مع المرشحين لمنصب رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، بعد استقالة بار. وأكدت مصادر أخرى لـ«القناة 12» أنه في ضوء إعلان بار الاستقالة قد يعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن اسم الرئيس الجديد لجهاز الأمن العام (الشاباك) في الأيام المقبلة.