أحدث الأخبار مع #المستعمرة


العربي الجديد
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- العربي الجديد
"المستعمرة" لمحمد رشاد: كتابة بسيطة وأداء مفاجئ
الروابط العاطفية والعلاقات المُعقّدة بين الأشخاص، بعيداً عن الصخب، من أهم ما يُميّز "المستعمرة" (2025)، أول روائي طويل للمصري محمد رشاد. علاقات غير حاسمة، في بيئة مُحبطة، تمتلك جماليات رغم شدّة القبح. تبدأ أحداثه بعد الوفاة الغامضة لأب عامل، فتُقرّر إدارة المصنع تشغيل ابنه حسام (أدهم شكري). يُصرّ الابن الأصغر مارو (زياد إسلام) على ترك دراسته، والعمل مع أخيه، مُهدّداً أمه وشقيقه بالانتحار إذا منعوه. ما الذي يدفع الصبي (12 عاماً) إلى ذلك؟ مشهد تهديد مارو بالانتحار يستهلّ الأحداث، وينتهي بلقطة يده حاملة مطواة، يتركها تقع من بين أصابعه، بينما يرقد على السرير في حالة استسلام. بين البداية والنهاية، يبدو أنّ مارو تعلّم درساً قاسياً في الحياة. وإلا، فمن أين تأتي هذه السكينة أو الاستسلام؟ ألأنّه انتُقِم لوالده؟ أم أنّه تخلّص من الخوف بوقوع المحظور؟ أهناك حقاً جريمة أدّت إلى وفاة الأب؟ هل ثأر حسام لوالده، أم أنّ هذا انتقام القدر؟ لا شيء محسوماً. لا إجابة واضحة. هناك غِلالة رقيقة جداً بين مشاعر متناقضة، والأفعال نفسها ليست واضحة تماماً: ما حقيقة مصير المهندس المسؤول عن تحقيق أمان العمل بالآلات؟ ردّة فعل مدير المصنع وخوفه يقولان شيئاً، بينما حسام نفسه، وما يردّده العمال، يقولان شيئاً آخر. هناك عدم يقين، فما تُظهره الشاشة يحتمل هذا وذاك. لكنّ الحقيقة الوحيدة الراسخة أنّ هناك عمالاً يُستَغلَّون، ولا حماية لهم، فيدفعون حياتهم ثمن الإهمال. لا مستقبل لأسرهم، في ظلّ تسويات مجحفة، وابتزاز معجون بتهديد متواز. عنوان الفيلم لا يخلو من تشويق، ويُحيل إلى معانٍ عدّة: عزل مرضى عن المجتمع، منطقة خاضعة لسيطرة سياسية ـ اجتماعية من شخصيات أقوى. العنوان الإنكليزي، the settlement، يحتمل بدوره قراءات عدّة، لكنّ المعنى الأقوى، وفق المضمون: التسوية. ففي مشهد لقاء حسام أصدقاءَه على سطحٍ، يُشاهدون شجاراً عنيفاً يكشف حالة مكانٍ فقير مُنهك ومتهالك يعيشونها، يقول أحدهم، مُنتقداً تصرّف صديق لهم: "لا أدري كيف يقبل إنسان العوض (الفدية) في شخص من عائلته قُتل. فبدلاً من التقدّم بدعوى ضد الشركة، للقبض على المسؤول ومحاكمته، يقبل مالاً لا فائدة منه". هذا يُصيب حسام بمقتل، ويضعه في مواجهة مؤلمة مع نفسه. يشعر أنّه يبني مستقبله على وفاة والده، ويحاول تغيير ماضيه والتصالح مع المجتمع، على حساب الثأر لوالده. ردات أفعال الأصدقاء، التي تلوم المتحدّث، تؤكّد ذلك، فالفيلم إدانة للصمت على الفساد القانوني، وعلى من يقبض ثمن السكوت، وإنْ كان هزيلاً. حتى إنْ كان الشخص محروماً ومقهوراً ومغلوباً على أمره. إحدى الدلالات المتوارية في إدانة هذا الخنوع تُفسّر بمستويات أخرى، سياسية ـ اجتماعية، يُمكن إعادتها إلى الصمت عن حقوق شهداء ثورة 25 يناير (2011) ، وغيرهم من ذوي الحقوق الضائعة. سينما ودراما التحديثات الحية "أبو صدّام": متعة مُشاهدة وأداء بعد صمت طويل، ينفجر غضب حسام في وجه مارو، الذي لا يعبأ به. فرغم صغر سنه، واغتيال طفولته بسبب الفقر وبشاعة الرأسمالية المتمثلة بالمصنع، يُدرك الكثير. لديه نضج باكر، يُشعره بالمسؤولية إزاء أخيه وأمّه. يقرأ مشاعر الناس ودواخلهم، ويُدرك أنّ العمال في المصنع يخشون حسام ويهابونه، رغم أنّ الأخير يخجل من نفسه، بسبب نظرتهم إليه، والسمعة السيئة التي تلاحقه. مارو أقرب إلى والدته، كأبيه. ورغم ما أشيع عن تصرّفات سيئة لشقيقه، يُحبّه، ويشعر بالمسؤولية تجاهه، فيرافقه لحمايته. في أعماقه، يخشى عليه من مصير والده، وربما يرى فيه أباً بديلاً. اللقطات بينهما جميلة وساحرة، تشي بقوّة هذه العاطفة. علاقة الأم بحسام شديدة الارتباك. لا ترتدي الأسود لوفاة زوجها، بل فقط عند شعورها بفقدانها ابنها، بعد محاولاته اليائسة الاندماج في مجتمع يرفضه، ولا يقبل البدايات الجديدة، فيظلّ يحاكمه على ماضيه. تخشى الأم أنْ تخسره، وألا يعود. تخشى الوفاة الثانية للأب. لذا، تحاول التقرّب منه، وهو يستجيب برهبة وحذر. في مشهد رقيق وبديع، تطلب منه وضع المرهم على ساقها المتورّمة. تتكشّف العلاقات بين الشخصيات تدريجياً، بروِيّة وهدوء، وبمشاهد مُشبعة بالزمن النفسي التأملي المنضبط، الذي يبدو صادقاً وواقعياً. لقطات تزدان بصرياً بجماليات، وإضاءة (تصوير محمود لطفي) تضفي جماليات خاصة على أجواء المصنع، مع صوت الآلات، والرذاذ اللامع الملتهب المتناثر منها، وعلاقة الآلات بالعمال. كأنّ مصيرهما مرتبط. علاقة يتلاشى فيها الفاصل الحاد بين الطرفين، إذْ يبدو حسام مُلتحماً بالآلة، كالآخرين. كأنّهم والآلات واحد. يُحقِّق التصوير والإضاءة تلك الشاعرية، والمونتاج (هبة عثمان) لا يقلّ دوره الإبداعي عن هذا في إكمال الشعور. يكشف محمد رشاد عن مهارة واعدة في الكتابة البسيطة، المُلغّمة بالدلالة غير الزاعقة. يفاجِئ بممثلين غير محترفين، يجعل أداءهم محترفاً، لا يُمكن الاعتقاد معه أنّ بعضهم يقف أمام الكاميرا للمرة الأولى، ما يشي باشتغال طويل معه. غاب رشاد تسع سنوات بعد وثائقيّه الطويل "النسور الصغيرة" (2016، سيرة ذاتية)، منها خمس سنوات أمضاها في إنجاز "المستعمرة" (إنتاج "حصالة" لهالة لطفي، مع جهات إنتاجية أخرى)، وهذا يَدُلّ بوضوح على صعوبة الظروف التي يُواجهها صنّاع السينما المستقلة في مصر ومعاناتهم، لكنّه يؤكد أنّ هناك شباباً وشابات لديهم أمل بقدرتهم على صنع سينما يحبّونها.


الجزيرة
١٧-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- الجزيرة
'المستعمرة'.. بحث عن الثأر في الأحياء المصرية الفقيرة
تتشابك سمات الفيلم الروائي الأول الذي انضوى تحت عنوان 'المستعمرة' أو 'التسوية' للمخرج المصري محمد رشاد، المستوحى من قصة حقيقية حدثت على أرض الواقع. ومع أن سمة الفيلم الرئيسة تتمحور على سؤال واحد مفاده: هل مات سيد ديب والد حسام ومارو بحادثة عرَضية، أم قُتل عمدا مع سبق الترصد والإصرار؟ تتشظى عن هذه السمة الجوهرية موضوعات تثري قصة الفيلم الواقعية، وتعمق أنساقها الفنية والفكرية والاجتماعية. فالفيلم يرصد بيئة اجتماعية مهمشة، تضم شريحة كبيرة من العمال الفقراء، الذين ينهمكون في الأعمال البدنية الشاقة في مصانع نائية، ليست فيها شروط السلامة المتعارف عليها في البلدان المتطورة، مما يعرض العمال والموظفين لأخطار جمة، قد تبلغ حد الإعاقة أو الموت. كما يناقش الفيلم عَمالة الأطفال، وما تنطوي عليه من مصادرة لحقوقهم الإنسانية، وحرمانهم من الدراسة التي توفر لهم لاحقا عيشة كريمة ومقبولة في أضعف الأحوال. كما يتناول الفيلم موضوعات الأخوة، والحياة الأسرية، والثأر، والتشرد، وعلاقة حب تنقدح شرارتها الأولى، لكنها سرعان ما تنطفئ حين تتقطع السبل بالشاب حسام، وهو لم يجتز عامه الثالث والعشرين بعد. واقعية تحاكي بيئة القصة الحقيقية من يتتبع هذا الفيلم الدرامي، يجد أنه ينتمي في جانب كبير منه إلى الواقعية الإيطالية، التي ينزل فيها المصورون إلى الشوارع والميادين العامة والأسواق والمصانع وما إلى ذلك، ويهجرون الأستوديوهات ذات الأثاث الباذخ، بحثا عن نبض الحياة الحقيقية، وإيقاعها السريع الذي يصم الآذان في كثير من الأحيان. لم يختر المخرج ممثلين مشهورين، كما اعتمد على الإضاءة الطبيعية، لكي يتفادى المزوقات الإخراجية المبالغ فيها، التي تضفي -في خاتمة المطاف- رهافة مخملية، لا يريدها المخرج وكاتب القصة الذي سمعها غير مرة، من والده ومن أناس آخرين عاشوا قصصا مشابهة، تقايض فرصة العمل المتواضعة بالسكوت على فقدان حياة عامل، بسبب افتقار المصنع لشروط السلامة المتعارف عليها في البلدان المتحضرة، التي تعد الإنسان أثمن ما في الوجود. يستهل المخرج فيلمه بمشهد انفعالي متوتر، فنرى الأخ الأصغر مارو يقف مهددا أمه وأخاه بقطع شريان يده، إن لم يسمحا له بترك المدرسة والنزول إلى العمل، فتنهار الأم التي سنعرف أنها مريضة، وتعاني من ورم في الساقين. أما حسام فلا يأخذ الأمر على محمل الجد، ومع ذلك تنتهي الأزمة لمصلحة مارو، فيترك الدراسة وينهمك في العمل، ليكتشف شيئا واحدا هو سبب وفاة أبيه، الذي ظل غامضا لديه. مقايضة الموت بفرصة عمل متواضعة تحظى شخصية حسام (الممثل أدهم شكري) باهتمام المخرج وكاتب السيناريو محمد رشاد، فقد تبين أن هذا الشاب له علاقة بتجار المخدرات، الذين يتمترسون في الجبل، وكأنه مستعمرة لهم، وأن الشرطة لا تستطيع ملاحقتهم ودهم مواقعهم الحصينة النائية التي لا تغطيها شبكة الهاتف. تتكشف أبعاد شخصية حسام تباعا، فما إن يلتقي به المهندس كريم حتى يخبره بأنه لن يسأل عن سجله الجنائي، فنعرف أن هذه الوظيفة التي أسندت له ولأخيه الأصغر هي تعويض عن موت الوالد، مقابل التخلي عن رفع دعوى قضائية، للمطالبة بحقوقه بعدما توفي في حادث عرَضي لم يصدقه أغلب عمال المصنع. يعيد عليه العم مصطفى خطوات تشغيل الآلة بالترتيب، وينبهه إلى ضرورة الاهتمام بعمله ومستقبله، وألا يسمع كلام العمال الذين يبالغون كثيرا، ويخبره بأن موت والده كان حادثة عرضية لا غير، وأنه كان يعاني من آلام في القلب منذ سنة أو يزيد. تكتم على السر الذي يعرفه الجميع يجد مارو إعياء شديدا من العمل الشاق، حتى أنه كان ينام واقفا في سيارة العمال، قبل أن يخصصوا له مقعدا فيها، ومع ذلك يبدو أنه منتبه جدا إلى ما يدور في البيت والمصنع على حد سواء. فهو يعرف أن أخاه حسام كان يذهب إلى الجبل، ويعمل عند 'العرباوية' الذين يتاجرون بالمخدرات، وأنه سمع هذا الكلام من والده، لكن حسام كان ينفي ذلك جملة وتفصيلا، لأن الذي يذهب إلى الجبل إما أن يكون قد صدر بحقه حكم إعدام أو سجن مؤبد، أو أنه يخشى القتل، فيلوذ بذلك المكان النائي المعزول المحصن. تكسر مكالمة عبير رتابة الإيقاع الذي يعيشه حسام، فقد جاءت هذه المكالمة مثل مفاجأة سارة ومدهشة في حياته العقيمة، التي تتوزع بين الممنوعات والأخبار المخجلة، وهو يتكتم عليها غير مدرك أنها مكشوفة للجميع، بدءا من ضابط الشرطة، ثم الأم التي فضحت سرقاته، حتى لثمن الدواء الذي تتعالج به من آلام الساقين، ثم مارو الذي تبين أنه يعرف كل شيء. يلقن مارو أخاه الأكبر دروسا في رد الاعتبار والأخلاق والأخذ بالثأر، حتى أنه ترك الدراسة وتخلى عن كل شيء من أجل 'الانتقام'، لكنه لا يقدر على تنفيذه، بسبب صغر سنه، وضعف قدراته البدنية عن مواجهة من هم أسن منه. اتصالات ذات نفَس عاطفي تتمنع عبير في الكشف عن هويتها، مع أنها تكون يوميا في المصنع، وبعد مكالمات عدة يتعرف عليها حسام، ويكتشف الطريقة التي أخذت بها رقم هاتفه. ففي أثناء عزاء والده، كانت أمه تتصل به لتخبره بوفاة أبيه، لكنه لم يرد فاضطرت للاتصال به من هاتف آخر، فكان هاتف عبير، ثم إنها حفظت الرقم، وأخذت تتصل به بين آونة وأخرى. ونعرف من خلال لقاء قصير أن أمها وخالتها كانتا تشتغلان في المصنع، ثم توفيت الأم وتبنت خالتها تربيتها. يسهم مارو في استفزاز حسام، وتحريضه على الانتقام، حينما يتهمه بالجبن، ويصفه بالفرخة العاجزة عن فعل أي شيء. هروب إلى الجبل من ضربة مميتة تتطور الأحداث تباعا، فيمتنع حسام عن جلب المخدرات للمهندس كريم، لأن أخاه الأصغر عرف مجمل التفاصيل التي تربطه بجماعة الجبل. وفي خضم انغماس حسام في أكثر من موقف متوتر، سواء مع المهندس كريم وطلباته التي لا تنتهي، أو مع أخيه الذي بدأ يشتبك مع مسؤوله المباشر في العمل، نسمع خبرا مفاجئا مفاده أن حسام قد ضرب المهندس إيهاب ضربة مميتة، وهرب مسرعا لا يلوي على شيء. لم يجد حسام بدا من الهرب إلى الجبل، والأغرب من ذلك كله أن مارو قرر مؤازرة أخيه والتشبث به، ليس بسبب رابطة الدم، بل لأنه أخذ بثأر الوالد الذي مات غيلة كما يرى هذا الصبي الصغير ذو العقل الكبير والرؤية النفاذة، التي تتجاوز حدود طفولته. ربما تكون المكالمة الأخيرة رمزية ودالة بين حسام وعبير، فهو يريد أن يسمعها ويتكلم معها على الدوام، لكن الهاتف سيكون خارج التغطية إذا ما صعد إلى الجبل، فالجبل يمنحه الحماية من جهة، لكنه يحاصره بالعزلة الأبدية من جهة أخرى. يمكن تصنيف 'الجبل' في هذا الفيلم نموذجا للمكان الهامشي، الذي يوجد في غالبية المدن المصرية، ولا سيما المدن الكبيرة، كالإسكندرية -التي تدور فيها أحداث الفيلم- والقاهرة وغيرها من المدن، التي تحتضن هذا النمط من الأعمال الخارجة على القانون. فمن لا يدخل في العمل معهم لا يستطيع أن ينجو بنفسه، ويكون غالبا هدفا سهل التصفية، فيجهزون عليه في رابعة النهار، ويضعون حدا لحياته التي لا تساوي نقيرا من وجهة نظر الكائنات العاملة في الممنوعات والمحرمات، التي تدمر أرواح الشباب وعقلياتهم، وتمزق النسيج الاجتماعي المصري. محمد رشاد.. مخرج ذو نبرة سياسية واجتماعية خافتة مَن يدقق في تفاصيل هذا الفيلم جيدا، سيلمس النبرة السياسية اليسارية الخافتة، التي نقرأها على الآلات القديمة المصنوعة في الاتحاد السوفياتي، كما أن المناطق العشوائية والمهمشة هي إشارة أخرى تعزز هذا الاتجاه، أو تشير إليه في الأقل. ثم إن شريحة العوائل الفقيرة هي التي تتسيد قصة الفيلم المحورية، وربما تذهب أبعد من ذلك حينما نكتشف أن المهندس كريم يتعاطى الأشياء المحرمة دينيا واجتماعيا وأخلاقيا. لم يشأ المخرج محمد رشاد أن يقدم لنا فيلما باذخا، يعتمد على قصة مخملية تتأجج بالخيال الرومانسي المجنح، فتلك قصص لا نجدها إلا في الأحياء الثرية النادرة، لكنه اختار مكانا عشوائيا وعائلات فقيرة لا تجد متسعا من الوقت حتى للقيلولات الخاطفة، فلا غرابة أن يناموا واقفين في السيارات التي تقلهم بين بيوتهم والمصنع. وهذا هو دأب الأفلام المستقلة، لتكشف لنا الواقعية الفظة والخشنة، التي يعيشها غالبية أبناء الشعب المصري، الباحث عما يسد الرمق. وقد اعتمد مخرج الفيلم على عمال حقيقيين، منحوا الفيلم لمسة واقعية أبعدته عن التصنع والافتعال. كما أن الغموض المستحب الذي أضفاه كاتب السيناريو على موت الأب قد صنع مناخا تشويقيا، سوف يلازم المتلقين على مدار الفيلم (94 دقيقة)، فلم نشعر بثقله مع أن إيقاعه بطيء. جدير بالذكر أن فيلم 'التسوية' أو 'المستعمرة' -بعنوانه الأجنبي الثاني- هو الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرج والكاتب محمد رشاد، وقد اشترك في مسابقة 'آفاق' في الدورة الـ75 من مهرجان برلين السينمائي الدولي. بقي أن نقول إن المخرج محمد رشاد قد أنجز 4 أفلام، وهي على التوالي: النسور الصغيرة. بعيدا. مكسيم.


مجلة هي
٢٤-٠٢-٢٠٢٥
- ترفيه
- مجلة هي
خاص "هي" مهرجان برلين السينمائي 2025- فيلم "المستعمرة" الهروب من الماضي إلى الماضي
هل يجب أن يُكفر الأبناء عن خطايا الآباء؟ طبقًا للكثير من الأفكار والمعتقدات المتوارثة، فإن ذنب الآباء يمتد لأبنائهم، ما لم يحاولوا التكفير عنه بشكل أو بآخر، إن استطاعوا لذلك سبيلًا، لكن ماذا لو كانت خطايا الآباء معنوية ولا يمكن الإمساك بها أو تحديدها بأي شكل؟ ماذا سيفعل الأبناء في هذه الحالة؟ هذا التساؤل هو واحد من الأفكار التي طرحها فيلم 'المستعمرة'، الروائي الطويل الأول للمخرج محمد رشاد، والذي يشارك في مسابقة 'وجهات نظر' (Perspecitves) ضمن مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته 75. يأتي هذا الفيلم نتاج عدة سنوات من العمل المتواصل، بعد فيلم رشاد الوثائقي الطويل السابق 'النسور الصغيرة' والذي دار أيضًا عن العلاقة بين الآباء والأبناء وإن كان بشكل أكثر وضوحًا. في 'المستعمرة' يقدم لنا المخرج والمؤلف محمد رشاد الشاب حسام (أدهم شكري) الذي ابتعد عن عائلته لسنوات وانخرط مع عصابات لتوزيع المخدرات، ليعود للعمل محل أبيه في مصنع خراطة عتيق ضخم، وذلك بعد الوفاة المفاجئة للأب. فيلم "المستعمرة" تفاصيل القصة تتكشف لنا تدريجيًا خلال الأحداث، فإن كان رحيل الأب هو أمر ندركه من المشهد الأول، لكن علاقة حسام بالأسرة ومن تبقى منها الأم (هنادي عبد الخالق) وشقيقه المراهق مارو (زياد إسلام)، تتضح معالمها مشهد بعد الآخر. لكن هذا لا يعني أن الفيلم يمنحنا إجابات شافية عن كل شيء، بل يتركنا نستكمل بعض الفراغات بخيالنا طبقًا للأحداث، مفسحًا مجالًا أكبر لعناصر أخرى، أبرزها المصنع، الذي يُطلق عليه 'المستعمرة'. أغلب أحداث الفيلم تدور داخل هذا المكان الذي يبدو خارجًا من تصورات ما بعد نهاية العالم (post apocalypse)، وإن كان للأسف مصنعًا حقيقيًا. منذ لحظة الدخول لهذا المكان نشعر بانقباض، نتيجة كل شيء وليس شيئًا محددًا، ألوان الجدران، أو ما تبقى من هذه الألوان، والممرات الضيقة، وغرفة الطعام الكئيبة، التي لا تُخرجها من كآبتها محاولات العمال للسخرية من بعضهم، وأخيرًا الماكينات التي حملت إحداها لوحة تشير إلى أنها صُنعت في الاتحاد السوفيتي أي أنها تعمل منذ ما يزيد على 35 على أقل تقدير. فيلم "المستعمرة" الوقوف عند هذه الماكينات التي تعمل بطريقة بدائية وتتعطل أكثر مما تنتج كان أمرًا محوريًا لدى المخرج، فهنا يعمل حسام، وهنا كان يعمل الأب أيضًا، وعندما مات الأب نتيجة خطأ ما داخل المصنع، سمحوا لحسام بأن يحل محله، وهذا ما يعيدنا إلى تساؤل البداية. في حقيقة الأمر الأب لم يورث الابن دَينًا أو ثأرًا، بل ورثه وظيفة، وهو ما يبدو للسامع أمرًا جيدًا، ولكن عندما ننظر لهذه الوظيفة سندرك أن الأب قد ورط ابنه في هذا العالم الكابوسي، وجعله واحدًا آخر ممن يمارسون عملًا لا ينتهي، وربما لا يدركون حتى جدواه، ولا نفهم إن كان هناك من يستخدم إنتاج هذا المصنع أم أن هؤلاء العمال يعملون على طريقة أسطورة سيزيف الذي كان يحمل الصخرة ليلقيها من أعلى الجبل ثم يكرر هذه العملية إلى ما لا نهاية. في الحقيقة لم يكن بطل الفيلم يحمل هذا الإرث من والده فقط، بل من ماضيه الشخصي أيضًا، إذ أن عمله السابق في تجارة المخدرات ظل يطارده حتى بعد أن تركه وقرر أن يبتعد عنه بشكل صادق، ليبقى وصمًا لا يمكن معالجته. فيلم "المستعمرة" لكن بقدر ما نجح المخرج في إيصال تفاصيل الحالة الشعورية داخل هذا المكان، فإن الغموض ربما كان أكثر من اللازم في بعض الأحيان، إذ سنقضي وقتًا لنفهم ما الذي يفعله الأخ الأصغر داخل المصنع، ووقتًا آخر لنُدرك أن هناك عاملات هناك وليس عمال فقط، بالإضافة لعدم وضوح العلاقة التي نشأت بين حسام وإحدى العاملات (هاجر عمر)، والتي لم نفهم دوافعها بشكل كافٍ للتفاعل معها، أو للإحساس بتأثيرها على حسام نفسه. وربما كانت الشخصية موجودة لوضع المزيد من الحِمل على الشخصية الرئيسية، ولكن تأثيرها لم يكن بالقدر المطلوب، وجعلت هناك بعض القفزات الشعورية غير المفهومة داخل الأحداث. فيلم "المستعمرة" فيلم 'المستعمرة' يقدم شخصية مأساوية، مُطاردة بين ماضيين، ماضيها الشخصي وماضي الأب أيضًا، وهو ما نجح المخرج في إيصاله بصريًا، رغم وجود بعض الغموض الذي كان يمكن معالجته. الصور من موقع مهرجان برلين السينمائي.


الجمهورية
١٩-٠٢-٢٠٢٥
- ترفيه
- الجمهورية
إشادات كبيرة بفيلم المستعمرة فى مهرجان برلين السينمائى
جدير بالذكر أن الفيلم الذي تشارك قنوات "ART" في إنتاجه وتمتلك حقوق توزيعه في الشرق الأوسط ، تم عرضه مساء أمس بحضور صناعه، حيث ينافس خلال المسابقة على جائزة أفضل فيلم أول، وهو من تأليف وإخراج محمد رشاد، في أول أعماله الروائية الطويلة. والفيلم يشارك في بطولته مجموعة من الوجوه الشابة منهم أدهم شكري، وزياد إسلام، وهاجر عمر، ومحمد عبدالهادي، وعماد غنيم. وفيلم " المستعمرة" تدور أحداثه في مدينة الإسكندرية حول مصرع رب أسرة في حادث أثناء العمل، وتجد أسرته أن العرض الوحيد المقدم لهم تعويضا عن فقدان الأب، هو تعيين ولديه في نفس المصنع جنبا إلى جنب مع الشخص المسئول عن وفاة والدهما

مصرس
١٢-٠٢-٢٠٢٥
- ترفيه
- مصرس
قنوات ART تنافس ب«المستعمرة» على جائزة أفضل فيلم في مهرجان برلين السينمائي الدولي
تشارك قنوات راديو وتلفزيون العرب "ART"، غدا الخميس، في فعاليات الدورة 75 لمهرجان برلين السينمائي الدولي، بالفيلم المصري "المستعمرة" والذي يشهد المهرجان عرضه العالمي الأول من خلال المسابقة الجديدة Perspectives يوم 18 فبراير الجاري. جدير بالذكر أن الفيلم الذي تشارك قنوات "ART" في إنتاجه وتمتلك حقوق توزيعه في الشرق الأوسط، ينافس خلال المسابقة على جائزة أفضل فيلم أول، وهو من تأليف وإخراج محمد رشاد، في أول أعماله الروائية الطويلة.والفيلم يشارك في بطولته مجموعة من الوجوه الشابة منهم أدهم شكري، وزياد إسلام، وهاجر عمر، ومحمد عبدالهادي، وعماد غنيم.وفيلم "المستعمرة" تدور أحداثه في مدينة الإسكندرية حول مصرع رب أسرة في حادث أثناء العمل، وتجد أسرته أن العرض الوحيد المقدم لهم تعويضا عن فقدان الأب، هو تعيين ولديه في نفس المصنع جنبا إلى جنب مع الشخص المسئول عن وفاة والدهما.