منذ 18 ساعات
اكتشاف أثري في جبل فاية بالشارقة يؤكد وجود الإنسان المبكر منذ 210 آلاف عام
اكتشف علماء الآثار أدوات حجرية عمرها 80 ألف عام في جبل فايا في الشارقة، مما يوفر دليلاً رائداً على النشاط البشري المبكر المتطور في شبه الجزيرة العربية ويكشف عن وجود بشري مستمر يمتد إلى 210 آلاف عام.
ويكتسب الاكتشاف أهمية إضافية بعد أن أصدر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة قراراً إدارياً بالموافقة على حدود موقع الفاية لترشيحه لقائمة التراث العالمي لليونسكو.
وبموجب القرار، تم ترشيح موقع وحدود ومساحة الفاية الموضحة في الخريطة المعتمدة رسمياً كموقع للتراث الثقافي.
وتظهر النتائج الأثرية، التي نشرت في مجلة العلوم الأثرية والأنثروبولوجية، أن الإنسان العاقل المبكر لم يمر عبر شبه الجزيرة العربية فحسب، بل أنشأ مستوطنات طويلة الأمد، وتكيف مع مناخ المنطقة غير المتوقع، وطور تقنيات متقدمة لصناعة الأدوات.
وأُجري مشروع البحث الدولي بقيادة هيئة الشارقة للآثار بالشراكة مع جامعات في ألمانيا والمملكة المتحدة، بتمويل من مؤسسة الأبحاث الألمانية وأكاديمية هايدلبرغ للعلوم.
تربط الأدلة الوجود البشري بمرحلة النظائر البحرية 5أ (MIS 5a)، وهي فترة من التحولات البيئية الدرامية عندما حولت الرياح الموسمية القادمة من المحيط الهندي صحاري شبه الجزيرة العربية إلى مناظر طبيعية خضراء مع بحيرات ومراعي.
ما يميز سكان جبل فايا هو تقنية صناعة الأدوات المتطورة التي يطلق عليها اسم "الاختزال ثنائي الاتجاه"؛ وهي طريقة تتطلب ضربات دقيقة واستراتيجية على طرفي قلب الحجر لإنشاء شفرات ورقائق ممدودة.
يقول الدكتور بريتزكي: "لم يكن هذا قطعًا عشوائيًا. فالاختزال ثنائي الاتجاه يتطلب بصيرة ثاقبة. يشبه الأمر طاهٍ يُقَطِّع سمكة - كل ضربة مقصودة، وكل زاوية محسوبة. كان الهدف هو تعظيم كفاءة المواد، والحفاظ على الحجر الخام للاستخدام المستقبلي. إنه يعكس معرفة بيئية عميقة ومستوىً استثنائيًا من المهارة المعرفية."
تم تصميم الأدوات متعددة الأغراض للصيد والذبح ومعالجة النباتات وصنع أدوات إضافية، مما يدل على أن التكنولوجيا كانت بمثابة وسيلة للبقاء والثقافة لهؤلاء السكان الأوائل.
يحتفظ جبل فايا بسجل أثري شبه متواصل يعود إلى ما بين 210,000 و80,000 عام مضت، وهو أمر نادر في علم الآثار العربي. وباستخدام التأريخ الضوئي، حدد الباحثون أن البشر الأوائل إما سكنوا هذا الموقع باستمرار أو عادوا إليه مرارًا وتكرارًا عبر مراحل مناخية مختلفة.
قال عيسى يوسف، مدير هيئة الآثار السعودية: "تُظهر الاكتشافات في جبل فايا أن المرونة والقدرة على التكيف والابتكار من أبرز السمات المميزة للبشرية. تعكس هذه الأدوات علاقةً وطيدةً بين الناس وأرضهم. وبينما نُواصل جهودنا لترشيح موقع فايا الأثري لقائمة اليونسكو، نُدرك كيف يُسهم ماضينا المشترك في تشكيل هويتنا الحالية وما قد نصبح عليه."