logo
#

أحدث الأخبار مع #النفط_الروسي

يوم حوّلت بكين الحرب الأوكرانية إلى مكسب إستراتيجيّ
يوم حوّلت بكين الحرب الأوكرانية إلى مكسب إستراتيجيّ

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • أعمال
  • الجزيرة

يوم حوّلت بكين الحرب الأوكرانية إلى مكسب إستراتيجيّ

عندما اندلعت الشرارة الأولى للحرب الروسية- الأوكرانية في فبراير/ شباط 2022، كان العالم ينظر إلى الصين على أنّها "طرف ثالث" قد يأخذ دور الوسيط. ولكن مع مرور الأشهر، كشفت بكين عن إستراتيجية أكثر تعقيدًا تخدم مصالحها الجيوسياسية بعيدًا عن الأضواء.. لم تكن بكين مجرد متفرج، بل لاعبًا رئيسيًا في هذه الأزمة، وإن كان يتحرك بخفّة ظلّ محسوبة. الاقتصاد: سلاح الصين الصامت في سوق النفط العالمية، نفّذت الصين واحدة من أذكى الخطوات الاقتصادية في العقد الأخير؛ إذ بينما كانت أوروبا تحاول تجفيف مصادر تمويل الحرب الروسية عبر العقوبات، كانت الشركات الصينية تشتري النفط الروسي بخصومات تصل إلى 35%، وفقًا لبيانات وكالة الطاقة الدولية. لم تكن هذه صفقة تجاريّة عادية، بل ضربة إستراتيجية بثلاثة أبعاد: تأمين احتياجاتها الطاقية بأسعار زهيدة. إنقاذ الاقتصاد الروسي من الانهيار. إضعاف تأثير العقوبات الغربية. الأرقام تتحدث عن نفسها: فقد قفزت واردات الصين من النفط الروسي من 7% قبل الحرب إلى 18% في 2023، بحسب تقرير نشرته صحيفة "فيننشال تايمز" في حينه. ووفقًا لتقرير صادر عن "معهد بروكينغز" في العام 2023، فإنّ "الصين تحوّلت إلى المشتري الأكبر للنفط الروسي بخصومات وصلت في حينه إلى 30%، ما وفر لموسكو مليارات الدولارات سنويًا". كما ازدادت التجارة الثنائية بين البلدين بنسبة 30% في عام 2023، حيث كشفت "وكالة بلومبرغ" في العام نفسه أنّ "بكين تستفيد من احتياجات روسيا الملحة لتعويض الأسواق الغربية". في ساحات القتال الأوكرانية، كان للبصمة الصينية حضور غير مرئي لكنّه حاسم! تقارير "حلف شمالي الأطلسي" تشير إلى أنّ 60% من الطائرات المسيرة التي يستخدمها الجيش الروسي هي من إنتاج شركات صينية "حرب الظلّ".. التكنولوجية ولكن الأكثر إثارة هو ما كشفه تحقيق في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن شركات صينية، وفّرت لموسكو مكونات إلكترونية حساسة عبر دول ثالثة مثل ماليزيا وسنغافورة. في ساحات القتال الأوكرانية، كان للبصمة الصينية حضور غير مرئي لكنّه حاسم! تقارير "حلف شمالي الأطلسي" (الناتو) تشير إلى أنّ 60% من الطائرات المسيرة التي يستخدمها الجيش الروسي هي من إنتاج شركات صينية، خصوصًا طرازات "دي جي آي". الأكثر إثارة للقلق -بحسب تحليل معهد "ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام"- كان توريد قطع غيار لصواريخ "كاليبر" الروسية عبر قنوات تجارية معقدة. الذكاء الصيني تجلى في طريقة التعامل مع هذه الاتهامات؛ فبدلًا من الإنكار المطلق، تبنت بكين خطابًا مفاده أن "التجارة المدنية يجب ألا تتأثر بالصراعات السياسية"، كما صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان في مؤتمر صحفي شهير. لم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ، فمع تحوّل الصناعة الغربية عمومًا -والأوروبية خصوصًا- نحو إنتاج الأسلحة لدعم أوكرانيا، تراجعت قدرتها التنافسية في قطاعات أخرى.. استغلت الصين هذا الفراغ، وزادت صادراتها إلى أوروبا، خصوصًا في المجالات التكنولوجية والصناعية. إذ ذكرت مجلة "ذا إكونومست" في تقرير خلال عام 2023 أنّ الشركات الصينية "تملأ الفراغ الذي تركته الصناعات الأوروبية المنشغلة بالأزمة الأوكرانية وتبعاتها". المعركة الدبلوماسية الخفية على طاولة الأمم المتحدة، مارست الصين ما يمكن تسميته "الدبلوماسية المزدوجة"؛ فبينما امتنعت عن التصويت ضد بعض القرارات المتعلقة بأوكرانيا، استخدمت حق النقض (الفيتو) لحماية المصالح الروسية الأساسية. المحلل السياسي لي جينغ أوضح أنّ الصين كانت في حينه تتبع إستراتيجية "القناع الذهبي"، إذ تبدو محايدة ظاهريًا لكنّها تقدم دعمًا جوهريًا خلف الكواليس. تايوان.. الفوز بالوكالة ربما كان أكبر كسب إستراتيجي للصين هو تحييد التهديد الغربي في ما يتعلق بجزيرة تايوان؛ ففي تقرير لمركز "CSIS" الأميركي كشف أنّ 78% من القادة العسكريين الأميركيين يعتقدون أنّ القدرة على الردع في المحيط الهادئ تأثرت سلبًا بسبب الاستنزاف الأوكراني. أما الأرقام الأكثر دلالة على ذلك فكانت أن مخزون الولايات المتحدة من صواريخ "جافلين" انخفض بنسبة 70%، وأنظمة "هايمارس" بنسبة 65%، وفقًا لوزارة الدفاع الأميركية. كما أنّ الحرب قد أجبرت الغرب على تحويل مليارات الدولارات من ميزانياته لدعم أوكرانيا، ما أثّر على قدرتها في الصناعات العسكرية. ووفقًا لـ"مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية" (CSIS) فإنّ الولايات المتحدة ودول أوروبا أصبحت عاجزة عن مواجهة تهديدات متعددة في وقت واحد، ما عزّز موقف الصين في المحيط الهادئ". بينما يركز الغرب على ساحات القتال في دونباس، تكتب الصين فصولًا جديدة من تاريخ الهيمنة العالمية، ليس عبر الدبابات والطائرات، بل عبر عقود الطاقة، وشرائح السيليكون، ومناورات الدبلوماسية الذكية نظام عالمي جديد على أنقاض أوكرانيا إذًا، فإنّ ما بدأ كـ"صراع إقليمي" تحول إلى "مختبر" لتجربة "النظام العالمي الجديد".. الصين اختبرت نموذجها الخاص لهيمنة لا تعتمد على القوة العسكرية المباشرة، بل على 3 ركائز: التحالفات الاقتصادية المرنة. التكنولوجيا القابلة للتكيف مع الأغراض العسكرية. الدبلوماسية متعددة المستويات. وقد كتب المحلل الإستراتيجي روبرت كابلان في مجلة "فورين أفيرز": "الحرب الأوكرانية علمتنا أنّ الصين قد تفوز بالمعركة العالمية من دون إطلاق رصاصة واحدة". أما اليوم، وبينما يركز الغرب على ساحات القتال في دونباس، تكتب الصين فصولًا جديدة من تاريخ الهيمنة العالمية، ليس عبر الدبابات والطائرات، بل عبر عقود الطاقة، وشرائح السيليكون، ومناورات الدبلوماسية الذكية. قد تكون روسيا هي التي تخوض الحرب في أوكرانيا، لكن الصين هي التي تعدّ العدة لمعركة القرن الحقيقي: معركة تشكيل النظام العالمي المقبل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store