#أحدث الأخبار مع #الهروبإلىالظل،بوابة ماسبيرو٠٣-٠٥-٢٠٢٥ترفيهبوابة ماسبيروفريد عبد العظيم: لست كاتبًا نخبـويًا.. ولا أميل إلى التجريبروايته «الهروب إلى الظل» عن علاقة المثقف المصرى بالسلطة وسائل التواصل الاجتماعى أخرجت المثقف من برجه العاجى دور الكاتب انحسر فى وقتنا الحاضر وأصبح ثانويا الكتابة معركة النفس الطويل ومن يستسلم للظروف سينسحب ساخطًا الروائى فريد عبد العظيم أثبت وجوده كروائى مهم فى المشهد الأدبى، واستطاع بأعماله أن يفرض نفسه على الساحة الأدبية، نشرت روايته الأولى "خوفاً من العادى" عام 2019، وتأهلت روايته "يوميات رجل يركض" للقائمة الطويلة لجائزة ساويرس لعام 2021، كما حصل على جائزة إحسان عبد القدوس عن رواية "غرفة لا تتسع لشخصين" عام 2022، صدر له مؤخراً رواية "الهروب إلى الظل"، وتتناول علاقة المثقف المصرى بالسلطة، من خلال كاتب سبعينى عاصر رؤساء مصر منذ ثورة 1952 وحتى ثورة يناير 2011، تحدثنا معه عن الرواية وعن رؤيته للمشهد الثقافى فى مصر حالياً فى هذا الحوار.. ما المختلف فى روايتك الأخيرة "الهروب إلى الظل" عن أعمالك السابقة؟ "الهروب إلى الظل" هى روايتى الرابعة، وصدرت مطلع العام الجارى عن المرايا للثقافة والفنون، فقد أصدرت من قبل ثلاث روايات: "خوفًا من العادى"، و"يوميات رجل يركض" التى وصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة ساويرس الثقافية ورُشّحت للترجمة إلى أكثر من لغة فى معرض فرانكفورت الدولى للكتاب ضمن برنامج "أصوات عربية"، و"غرفة لا تتسع لشخصين" التى حصدت جائزة إحسان عبد القدوس للروايات غير المنشورة. ترتكز "الهروب إلى الظل" على علاقة المثقف المصرى بالسلطة، من خلال شخصية الكاتب السبعينى بهيج داوود، الذى عاصر رؤساء مصر منذ ثورة 1952 حتى 25 من يناير 2011، و تتناول فى جزئها التاريخى الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى مصر، والمتغيرات الفكرية التى أصابت الشخصية المصرية عبر نصف قرن. تبدأ الرواية برسائل يكتبها بهيج داوود إلى حبيبته، يروى فيها تاريخه منذ الطفولة، تتقاطع سيرته الذاتية مع أبرز المنعطفات التى مر بها المثقف المصرى فى ستة عقود، يحكى عن بطل طفولته، فريد حداد، الذى توفى فى أحد المعتقلات ويسترجع سيرة "طبيب الفقراء"، ويقرر كتابة رواية عن تاريخه.. فجأة يظهر لبهيج مريدون جدد؛ يزوره ثلاثة شباب، ويخرجونه من عزلته، فيرى قاهرة الألفينات للمرة الأولى، ويحاول أن يهجر الظل إلى الأبد، لكنه يفشل. الرواية تتناول سيرة طبيب الفقراء "فريد حداد".. لماذا اخترت هذه الشخصية؟ وما المراجع التى استعنت بها للكتابة عنه؟ فريد حداد شخصية مربكة، لم يُكتب عنها بالشكل الكافى حتى الآن.. عرفته بالصدفة منذ فترة، حين ظهر على وسائل التواصل الاجتماعى طبيب اشتهر بلقب "دكتور الغلابة"، لأنه لا يتقاضى أجرًا مقابل الكشف على المرضى، فذهبت إلى محرك البحث "جوجل" لأعرف أكثر عن هذا الرجل.. وسط عشرات النتائج عنه، وجدت مقالًا عن فريد وديع حداد، مصادفة قادتنى إلى حب هذا الرجل.. مقال صحفى للدكتور يوسف سميكه عن "طبيب الفقراء" فريد حداد، المتوفى عام 1959، تركت قصة الرجل الذى يملأ فضاء وسائل التواصل الاجتماعى، وقررت البحث والتقصى عن طبيب فقراء الخمسينات، قابلتنى شخصية مدهشة، شاب مصرى مسيحى انجيلى، لأب لبنانى وأم سويدية، وصاحب أصول مقدسية، شاب محب للوطن ومؤمن بالحرية، طبيب يعالج الفقراء مجانًا، ويصرف لهم أيضًا العلاج.. يسافر إلى ريف مصر لتعليم الأطفال القراءة والكتابة، ويقيم دروسًا لمحو أمية عمال المصانع. طرحت سيرة فريد حداد علىّ الكثير من الأسئلة، فقررت الكتابة عنه، محاولًا تقديم إجابات لنفسى أولًا، ثم للقارئ.. المعلومات عنه كانت شحيحة للغاية، أرهقت للغاية حتى استطعت تكوين صورة عن حياته، وحياة المثقف المصرى فى تلك الفترة، استعنت بالكثير من الكتب، خصوصا كتب اليسار المصرى عن فترة الخمسينات والستينات، على سبيل المثال كتاب "المثقفون والسلطة فى مصر" لغالى شكرى، "خارج المكان" لإدوار سعيد، "مثقفون وعسكر" لصلاح عيسى، "المبتسرون" لأروى صالح، "الأقدام العارية" لطاهر عبد الحكيم، "شيوعيون وناصريون" لفتحى عبد الفتاح، "محاوراتى مع السادات" لأحمد بهاء الدين، "من الأرشيف السرى للثقافة المصرية" لغالى شكرى، "وقفة قبل المنحدر" لعلاء الديب، "الحب فى المنفى" لبهاء طاهر. لماذا لم تتناول الرواية سيرة فريد حداد بشكل كامل، لتكون أشبه برواية تاريخية عن حياته؟ واخترت الربط بينها وبين قصة البطل فى الرواية؟ لم يكن هدفى عند الشروع فى الكتابة تأليف عملٍ تاريخى. فريد حداد جزء من قصة طويلة لن تنتهى عن علاقة المثقف بالسلطة والمجتمع.. أردت فى هذه الرواية الإجابة عن الكثير من التساؤلات التى تؤرقنى، حاولت تقديم رواية تجيب عن أسئلة لم أجد لها إجابة: عن معنى الوطن، ومن هو المثقف، عن الحقيقة والمتخيل، عن الحرية، عن "مثقف غرامشي" و"مثقف الظل"، عن الحب، وأتمنى أن أكون قد نجحت إلى حد ما فى ذلك. لعبت على تداخل الزمن فى الرواية بين الماضى والحاضر، ما تصورك عن تداخل الأزمنة؟ استعرتُ طريقة سرد كلاسيكية من الماضى، وهى أدب الرسائل. الرواية عبارة عن عشرات الرسائل يدوّنها حبيب إلى حبيبته. حاولت تقديم "الميتا رواية"، أى كتابة رواية مستقلة داخل الرواية الأصلية. اعتمدت أسلوب الراوى العليم، وأحيانًا الراوى المشارك.. استخدمت تيمة الحب ليس حبًا مستهلكًا بالطبع، وإنما محاولتى لفهم معنى الحب من منظورات متعددة. تداخل الزمن فى هذا العمل ضرورى، هكذا رأيت، شيخ يتحدث عن شبابه، قاهرة صاخبة على حافة الغليان فى الألفينات، وقاهرة أخرى يسودها البطش فى الخمسينات، ومثقف حائر يستحث الخطى والسير بين الألغام، هارب إلى الظل فى الماضى يقرر الهروب من الظل فى الحاضر. الرواية تقدم علاقة كاتب مسن بمجموعة من شباب المثقفين، فكيف يتعامل شباب المثقفين مع كبار الأدباء؟ وإلى أى مدى يتأثرون بهم ويؤثرون فيهم؟ العلاقة بين الشباب والكبار مربكة ومحيرة، لا يتعلق الأمر فقط بالمثقف، وإنما بصفة عامة. علاقة ظاهرها الإجلال، الحب، والاحترام، لكن قد يكون باطنها أحيانًا عكس الظاهر.. المثقف الشاب قد يتأثر بالكبار، لكنه ينكر ذلك. ليست ميزة أن يقرأ أحدهم عملك ويلمح إلى أن أسلوبك أو أفكارك متأثرة بكاتب آخر، حتى لو كان كبيرًا ومتحققًا. التفرد غاية كل كاتب؛ الأفكار، الأسلوب، وطرق المعالجة كذلك. أيضًا، كل كاتب يطمح إلى امتلاك مشروعه الإبداعى الخاص، ويحلم بمنجز أدبى يختلف عن أى مثقف آخر.. الشاب يحتاج إلى كاتب كبير بالتأكيد، يستفيد من ملاحظاته ومن تقييمه لعمله، ويحتاج إلى بعض التوجيه، إلى مرشد. كبار الأدباء، بالطبع، يحتاجون إلى الشباب، فهم يريدون معرفة طريقتهم فى التفكير، شكل حياتهم، وآرائهم. لن يبقى الكاتب متجددًا إلا إذا حافظ على علاقة تربطه بجيل الشباب. الرواية جمعت بين أدب الرسائل وأدب السيرة والرواية التاريخية، كيف تصنف روايتك وهل هذا الربط كان عن قصد أم صدفة؟ لا أحد فينا يقرر متى سيكتب وأى أسلوب سيتبع.. لحظة الكتابة غالبًا ما تكون غير مخطط لها، فالفكرة هى التى تحتم على الكاتب أسلوب كتابتها. من الصعب أن أتخذ قرارات والورقة ما زالت بيضاء.. ينساب العمل على الأوراق، فتتضح الرؤية شيئًا فشيئًا. لست كاتبًا نخبويًا، ولا أميل للتجريب إلا لو دعتنى الضرورة لذلك.. أعتبر أن الرواية بلا أى تعقيدات نقدية، ما هى إلا حكاية، لذا أهتم كثيرًا ببناء حكاية تجعل القارئ يستمتع بالقراءة، حتى لو لم يدرك مقاصدى..فى "الهروب من الظل"، استعرتُ طريقة سرد كلاسيكية من الماضى، وهى أدب الرسائل.. الرواية عبارة عن عشرات الرسائل يدوّنها حبيب إلى حبيبته.. حاولت تقديم "الميتا رواية"، أى كتابة رواية مستقلة داخل الرواية الأصلية..اعتمدت أسلوب الراوى العليم، وأحيانًا الراوى المشارك، لا أصنف روايتى، وأستخدم فقط الأسلوب المناسب للحكاية التى أقدمها. فى أعمالك تهتم بعلاقة المثقف بالسلطة.. فما سر الاهتمام بهذه العلاقة؟ أنا مثقف، طبيعى أن أكون مهتما بتلك العلاقة، جميع المثقفين يتساءلون طوال الوقت، عن تعريف المثقف، هل يجب أن يكون عضويا؟ هل من المهم أن يشتبك مع الواقع، متى يتقدم الصفوف ومتى ينسحب، هل ضرورى أن يكون على يسار السلطة، هل يجب أن يعارض ليصبح مثقفا حقيقيا، اهتممت أن أحاول الإجابة عن تلك التساؤلات فى "الهروب إلى الظل"، وأظن أننى لم أستطع تقديم إجابات شافية. الرواية تناولت المشهد الثقافى فى مصر منذ فترة الخمسينات.. ما رؤيتك للمشهد الثقافى فى مصر وتأثيره على المثقف؟ التاريخ يعيد نفسه، المشهد الثقافى المصرى ليس بالسىء، لدينا عشرات الكتاب الجيدين، آلاف الأعمال تصدر سنويا، ومئات الندوات التى تناقش الكتب، بالطبع تؤرقنى أعداد القراء، لكن لن أكون ظالما، مصر تملك قاعدة قراء هى الأكبر فى الوطن العربى، أعترف أن دور الكاتب فى مصر انحسر، لا نمتلك كاتبا كما الماضى، يكتب مقالا فتنقلب الدنيا، لكن لكل عصر أبطاله، وأستطيع القول إن دور الكاتب فى وقتنا الحاضر أصبح ثانويا. الرواية تناولت كواليس صناعة النشر والشللية.. فما التحديات التى تواجه شباب الكتاب وهل الصورة القاتمة التى صورتها يمكن أن تؤثر على شباب الكتاب؟ النشر صعب، فى الماضى والحاضر والمستقبل، قاعدة القراء ليست بالضخامة الكافية لنشر عدد كبير من الكتب، النشر الورقى يواجه تحديات صعبة، وسائل التواصل الاجتماعى والقرصنة والكتب الالكترونية، كل ذلك يؤثر على حركة النشر، لست سوداويا ولكن الظروف تصعّب من مسألة النشر، الكتابة معركة النفس الطويل، من يستسلم للظروف سينسحب ساخطا ولن يتذكره أحد. هل الجيل القديم من الكتاب لم يحصل على حقه فى الشهرة والجيل الجديد أكثر حظا منهم؟ بالطبع لا، الجيل القديم حصل على حقه من الشهرة والمقروئية، الجيل الجديد مظلوم، أسعار الكتب حاليا مرتفعة للغاية، وعدد المؤلفين ضخم، مما يصعب عملية المقروئية لأعمالهم، كُتاب الستينات حتى أوائل الألفينات حققوا انتشارا بفضل النشر الحكومى ومشروع مكتبة الأسرة، منافذ توزيع كثيرة وكتب تباع بأسعار رمزية، عكس ما يحدث الآن. هل وسائل التواصل الاجتماعى سحبت البساط من المثقفين والأدباء، أم ساعدتهم فى عدم الاختفاء والعزلة؟ وسائل التواصل الاجتماعى غيرت الشكل التقليدى للمثقف، أخرجته من برجه العاجى، وجعلته مضطرا للظهور والاشتباك طوال الوقت، هل سحبت وسائل التواصل البساط من تحت أقدام كبار المثقفين؟ أعتقد لا، وإنما وفرت لهم نافذة للتواصل مع القراء. كيف ترى الحركة النقدية الآن؟ وكيف تعامل النقاد مع تجربتك الإبداعية؟ الحركة النقدية فى مصر جيدة إلى حد كبير، هناك أكثر من جريدة ومجلة ثقافية، تنشر عشرات المقالات النقدية عن الأعمال الأدبية أسبوعيا. لن أنكر أن الاهتمام النقدى قد يسعدنى، كأى إنسان، قد أفرح عندما يُثمن أحدهم تجربتى أو يمتدحها، وأحزن إذا شعرت بالتجاهل، لكننى أكتب بالأساس لأنى أحب هذا الفعل، فعل الكتابة يحقق لى السلام النفسى. رواية بعنوان سبع سنوات لكتابة نوفيلا، تنتمى إلى أدب السيرة الذاتية.
بوابة ماسبيرو٠٣-٠٥-٢٠٢٥ترفيهبوابة ماسبيروفريد عبد العظيم: لست كاتبًا نخبـويًا.. ولا أميل إلى التجريبروايته «الهروب إلى الظل» عن علاقة المثقف المصرى بالسلطة وسائل التواصل الاجتماعى أخرجت المثقف من برجه العاجى دور الكاتب انحسر فى وقتنا الحاضر وأصبح ثانويا الكتابة معركة النفس الطويل ومن يستسلم للظروف سينسحب ساخطًا الروائى فريد عبد العظيم أثبت وجوده كروائى مهم فى المشهد الأدبى، واستطاع بأعماله أن يفرض نفسه على الساحة الأدبية، نشرت روايته الأولى "خوفاً من العادى" عام 2019، وتأهلت روايته "يوميات رجل يركض" للقائمة الطويلة لجائزة ساويرس لعام 2021، كما حصل على جائزة إحسان عبد القدوس عن رواية "غرفة لا تتسع لشخصين" عام 2022، صدر له مؤخراً رواية "الهروب إلى الظل"، وتتناول علاقة المثقف المصرى بالسلطة، من خلال كاتب سبعينى عاصر رؤساء مصر منذ ثورة 1952 وحتى ثورة يناير 2011، تحدثنا معه عن الرواية وعن رؤيته للمشهد الثقافى فى مصر حالياً فى هذا الحوار.. ما المختلف فى روايتك الأخيرة "الهروب إلى الظل" عن أعمالك السابقة؟ "الهروب إلى الظل" هى روايتى الرابعة، وصدرت مطلع العام الجارى عن المرايا للثقافة والفنون، فقد أصدرت من قبل ثلاث روايات: "خوفًا من العادى"، و"يوميات رجل يركض" التى وصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة ساويرس الثقافية ورُشّحت للترجمة إلى أكثر من لغة فى معرض فرانكفورت الدولى للكتاب ضمن برنامج "أصوات عربية"، و"غرفة لا تتسع لشخصين" التى حصدت جائزة إحسان عبد القدوس للروايات غير المنشورة. ترتكز "الهروب إلى الظل" على علاقة المثقف المصرى بالسلطة، من خلال شخصية الكاتب السبعينى بهيج داوود، الذى عاصر رؤساء مصر منذ ثورة 1952 حتى 25 من يناير 2011، و تتناول فى جزئها التاريخى الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى مصر، والمتغيرات الفكرية التى أصابت الشخصية المصرية عبر نصف قرن. تبدأ الرواية برسائل يكتبها بهيج داوود إلى حبيبته، يروى فيها تاريخه منذ الطفولة، تتقاطع سيرته الذاتية مع أبرز المنعطفات التى مر بها المثقف المصرى فى ستة عقود، يحكى عن بطل طفولته، فريد حداد، الذى توفى فى أحد المعتقلات ويسترجع سيرة "طبيب الفقراء"، ويقرر كتابة رواية عن تاريخه.. فجأة يظهر لبهيج مريدون جدد؛ يزوره ثلاثة شباب، ويخرجونه من عزلته، فيرى قاهرة الألفينات للمرة الأولى، ويحاول أن يهجر الظل إلى الأبد، لكنه يفشل. الرواية تتناول سيرة طبيب الفقراء "فريد حداد".. لماذا اخترت هذه الشخصية؟ وما المراجع التى استعنت بها للكتابة عنه؟ فريد حداد شخصية مربكة، لم يُكتب عنها بالشكل الكافى حتى الآن.. عرفته بالصدفة منذ فترة، حين ظهر على وسائل التواصل الاجتماعى طبيب اشتهر بلقب "دكتور الغلابة"، لأنه لا يتقاضى أجرًا مقابل الكشف على المرضى، فذهبت إلى محرك البحث "جوجل" لأعرف أكثر عن هذا الرجل.. وسط عشرات النتائج عنه، وجدت مقالًا عن فريد وديع حداد، مصادفة قادتنى إلى حب هذا الرجل.. مقال صحفى للدكتور يوسف سميكه عن "طبيب الفقراء" فريد حداد، المتوفى عام 1959، تركت قصة الرجل الذى يملأ فضاء وسائل التواصل الاجتماعى، وقررت البحث والتقصى عن طبيب فقراء الخمسينات، قابلتنى شخصية مدهشة، شاب مصرى مسيحى انجيلى، لأب لبنانى وأم سويدية، وصاحب أصول مقدسية، شاب محب للوطن ومؤمن بالحرية، طبيب يعالج الفقراء مجانًا، ويصرف لهم أيضًا العلاج.. يسافر إلى ريف مصر لتعليم الأطفال القراءة والكتابة، ويقيم دروسًا لمحو أمية عمال المصانع. طرحت سيرة فريد حداد علىّ الكثير من الأسئلة، فقررت الكتابة عنه، محاولًا تقديم إجابات لنفسى أولًا، ثم للقارئ.. المعلومات عنه كانت شحيحة للغاية، أرهقت للغاية حتى استطعت تكوين صورة عن حياته، وحياة المثقف المصرى فى تلك الفترة، استعنت بالكثير من الكتب، خصوصا كتب اليسار المصرى عن فترة الخمسينات والستينات، على سبيل المثال كتاب "المثقفون والسلطة فى مصر" لغالى شكرى، "خارج المكان" لإدوار سعيد، "مثقفون وعسكر" لصلاح عيسى، "المبتسرون" لأروى صالح، "الأقدام العارية" لطاهر عبد الحكيم، "شيوعيون وناصريون" لفتحى عبد الفتاح، "محاوراتى مع السادات" لأحمد بهاء الدين، "من الأرشيف السرى للثقافة المصرية" لغالى شكرى، "وقفة قبل المنحدر" لعلاء الديب، "الحب فى المنفى" لبهاء طاهر. لماذا لم تتناول الرواية سيرة فريد حداد بشكل كامل، لتكون أشبه برواية تاريخية عن حياته؟ واخترت الربط بينها وبين قصة البطل فى الرواية؟ لم يكن هدفى عند الشروع فى الكتابة تأليف عملٍ تاريخى. فريد حداد جزء من قصة طويلة لن تنتهى عن علاقة المثقف بالسلطة والمجتمع.. أردت فى هذه الرواية الإجابة عن الكثير من التساؤلات التى تؤرقنى، حاولت تقديم رواية تجيب عن أسئلة لم أجد لها إجابة: عن معنى الوطن، ومن هو المثقف، عن الحقيقة والمتخيل، عن الحرية، عن "مثقف غرامشي" و"مثقف الظل"، عن الحب، وأتمنى أن أكون قد نجحت إلى حد ما فى ذلك. لعبت على تداخل الزمن فى الرواية بين الماضى والحاضر، ما تصورك عن تداخل الأزمنة؟ استعرتُ طريقة سرد كلاسيكية من الماضى، وهى أدب الرسائل. الرواية عبارة عن عشرات الرسائل يدوّنها حبيب إلى حبيبته. حاولت تقديم "الميتا رواية"، أى كتابة رواية مستقلة داخل الرواية الأصلية. اعتمدت أسلوب الراوى العليم، وأحيانًا الراوى المشارك.. استخدمت تيمة الحب ليس حبًا مستهلكًا بالطبع، وإنما محاولتى لفهم معنى الحب من منظورات متعددة. تداخل الزمن فى هذا العمل ضرورى، هكذا رأيت، شيخ يتحدث عن شبابه، قاهرة صاخبة على حافة الغليان فى الألفينات، وقاهرة أخرى يسودها البطش فى الخمسينات، ومثقف حائر يستحث الخطى والسير بين الألغام، هارب إلى الظل فى الماضى يقرر الهروب من الظل فى الحاضر. الرواية تقدم علاقة كاتب مسن بمجموعة من شباب المثقفين، فكيف يتعامل شباب المثقفين مع كبار الأدباء؟ وإلى أى مدى يتأثرون بهم ويؤثرون فيهم؟ العلاقة بين الشباب والكبار مربكة ومحيرة، لا يتعلق الأمر فقط بالمثقف، وإنما بصفة عامة. علاقة ظاهرها الإجلال، الحب، والاحترام، لكن قد يكون باطنها أحيانًا عكس الظاهر.. المثقف الشاب قد يتأثر بالكبار، لكنه ينكر ذلك. ليست ميزة أن يقرأ أحدهم عملك ويلمح إلى أن أسلوبك أو أفكارك متأثرة بكاتب آخر، حتى لو كان كبيرًا ومتحققًا. التفرد غاية كل كاتب؛ الأفكار، الأسلوب، وطرق المعالجة كذلك. أيضًا، كل كاتب يطمح إلى امتلاك مشروعه الإبداعى الخاص، ويحلم بمنجز أدبى يختلف عن أى مثقف آخر.. الشاب يحتاج إلى كاتب كبير بالتأكيد، يستفيد من ملاحظاته ومن تقييمه لعمله، ويحتاج إلى بعض التوجيه، إلى مرشد. كبار الأدباء، بالطبع، يحتاجون إلى الشباب، فهم يريدون معرفة طريقتهم فى التفكير، شكل حياتهم، وآرائهم. لن يبقى الكاتب متجددًا إلا إذا حافظ على علاقة تربطه بجيل الشباب. الرواية جمعت بين أدب الرسائل وأدب السيرة والرواية التاريخية، كيف تصنف روايتك وهل هذا الربط كان عن قصد أم صدفة؟ لا أحد فينا يقرر متى سيكتب وأى أسلوب سيتبع.. لحظة الكتابة غالبًا ما تكون غير مخطط لها، فالفكرة هى التى تحتم على الكاتب أسلوب كتابتها. من الصعب أن أتخذ قرارات والورقة ما زالت بيضاء.. ينساب العمل على الأوراق، فتتضح الرؤية شيئًا فشيئًا. لست كاتبًا نخبويًا، ولا أميل للتجريب إلا لو دعتنى الضرورة لذلك.. أعتبر أن الرواية بلا أى تعقيدات نقدية، ما هى إلا حكاية، لذا أهتم كثيرًا ببناء حكاية تجعل القارئ يستمتع بالقراءة، حتى لو لم يدرك مقاصدى..فى "الهروب من الظل"، استعرتُ طريقة سرد كلاسيكية من الماضى، وهى أدب الرسائل.. الرواية عبارة عن عشرات الرسائل يدوّنها حبيب إلى حبيبته.. حاولت تقديم "الميتا رواية"، أى كتابة رواية مستقلة داخل الرواية الأصلية..اعتمدت أسلوب الراوى العليم، وأحيانًا الراوى المشارك، لا أصنف روايتى، وأستخدم فقط الأسلوب المناسب للحكاية التى أقدمها. فى أعمالك تهتم بعلاقة المثقف بالسلطة.. فما سر الاهتمام بهذه العلاقة؟ أنا مثقف، طبيعى أن أكون مهتما بتلك العلاقة، جميع المثقفين يتساءلون طوال الوقت، عن تعريف المثقف، هل يجب أن يكون عضويا؟ هل من المهم أن يشتبك مع الواقع، متى يتقدم الصفوف ومتى ينسحب، هل ضرورى أن يكون على يسار السلطة، هل يجب أن يعارض ليصبح مثقفا حقيقيا، اهتممت أن أحاول الإجابة عن تلك التساؤلات فى "الهروب إلى الظل"، وأظن أننى لم أستطع تقديم إجابات شافية. الرواية تناولت المشهد الثقافى فى مصر منذ فترة الخمسينات.. ما رؤيتك للمشهد الثقافى فى مصر وتأثيره على المثقف؟ التاريخ يعيد نفسه، المشهد الثقافى المصرى ليس بالسىء، لدينا عشرات الكتاب الجيدين، آلاف الأعمال تصدر سنويا، ومئات الندوات التى تناقش الكتب، بالطبع تؤرقنى أعداد القراء، لكن لن أكون ظالما، مصر تملك قاعدة قراء هى الأكبر فى الوطن العربى، أعترف أن دور الكاتب فى مصر انحسر، لا نمتلك كاتبا كما الماضى، يكتب مقالا فتنقلب الدنيا، لكن لكل عصر أبطاله، وأستطيع القول إن دور الكاتب فى وقتنا الحاضر أصبح ثانويا. الرواية تناولت كواليس صناعة النشر والشللية.. فما التحديات التى تواجه شباب الكتاب وهل الصورة القاتمة التى صورتها يمكن أن تؤثر على شباب الكتاب؟ النشر صعب، فى الماضى والحاضر والمستقبل، قاعدة القراء ليست بالضخامة الكافية لنشر عدد كبير من الكتب، النشر الورقى يواجه تحديات صعبة، وسائل التواصل الاجتماعى والقرصنة والكتب الالكترونية، كل ذلك يؤثر على حركة النشر، لست سوداويا ولكن الظروف تصعّب من مسألة النشر، الكتابة معركة النفس الطويل، من يستسلم للظروف سينسحب ساخطا ولن يتذكره أحد. هل الجيل القديم من الكتاب لم يحصل على حقه فى الشهرة والجيل الجديد أكثر حظا منهم؟ بالطبع لا، الجيل القديم حصل على حقه من الشهرة والمقروئية، الجيل الجديد مظلوم، أسعار الكتب حاليا مرتفعة للغاية، وعدد المؤلفين ضخم، مما يصعب عملية المقروئية لأعمالهم، كُتاب الستينات حتى أوائل الألفينات حققوا انتشارا بفضل النشر الحكومى ومشروع مكتبة الأسرة، منافذ توزيع كثيرة وكتب تباع بأسعار رمزية، عكس ما يحدث الآن. هل وسائل التواصل الاجتماعى سحبت البساط من المثقفين والأدباء، أم ساعدتهم فى عدم الاختفاء والعزلة؟ وسائل التواصل الاجتماعى غيرت الشكل التقليدى للمثقف، أخرجته من برجه العاجى، وجعلته مضطرا للظهور والاشتباك طوال الوقت، هل سحبت وسائل التواصل البساط من تحت أقدام كبار المثقفين؟ أعتقد لا، وإنما وفرت لهم نافذة للتواصل مع القراء. كيف ترى الحركة النقدية الآن؟ وكيف تعامل النقاد مع تجربتك الإبداعية؟ الحركة النقدية فى مصر جيدة إلى حد كبير، هناك أكثر من جريدة ومجلة ثقافية، تنشر عشرات المقالات النقدية عن الأعمال الأدبية أسبوعيا. لن أنكر أن الاهتمام النقدى قد يسعدنى، كأى إنسان، قد أفرح عندما يُثمن أحدهم تجربتى أو يمتدحها، وأحزن إذا شعرت بالتجاهل، لكننى أكتب بالأساس لأنى أحب هذا الفعل، فعل الكتابة يحقق لى السلام النفسى. رواية بعنوان سبع سنوات لكتابة نوفيلا، تنتمى إلى أدب السيرة الذاتية.