logo
#

أحدث الأخبار مع #انقلاب1963

الأكثرية المضطهَدة: من انقلاب 1963 إلى يومنا هذا
الأكثرية المضطهَدة: من انقلاب 1963 إلى يومنا هذا

الجزيرة

timeمنذ 7 أيام

  • سياسة
  • الجزيرة

الأكثرية المضطهَدة: من انقلاب 1963 إلى يومنا هذا

شهدت سوريا في القرن العشرين مجموعة من التحولات السياسية، حيثُ عانت من سلسلة من الانقلابات العسكرية بعد انتهاء الانتداب الفرنسي في عام 1946، وجلاء آخر جندي فرنسي عن أراضيها. ومن بين هذه الانقلابات، كان انقلاب عام 1963 هو الأبرز والأخير، حيث وضع سوريا في قبضة عائلة الأسد الحديدية. المُتعارف عليه عبر التاريخ أن الأكثريّة تضطهد الأقليات، والشواهد على ذلك كثيرة في أوروبا، حيث تعرضت الأقليات الدينية والإثنية للقمع والتهميش على مرِّ العصور، ولكن العجيب أن تقوم أقلية باضطهاد الأكثرية! قد يبدو الأمر غير قابل للتصديق عند سماعه للوهلة الأولى، لكنه الحقيقة المرة التي عاشتها سوريا منذ انقلاب عام 1963 وحتى يومنا هذا. انقلاب 1963 واستيلاء حافظ الأسد على السلطة في 8 مارس/ آذار 1963، استولى حزب البعث العربي الاشتراكي على السلطة في سوريا عبر انقلاب عسكري.. استغل الحزب شعارات قومية مثل الوحدة والحرية والاشتراكية، لكنه سرعان ما ركز السلطة في يد نخبة ضيقة من الضباط الموالين له. وفي عام 1970 نفذ حافظ الأسد -وزير الدفاع حينها- انقلابًا داخليًّا في حزب البعث، سمي بـ"الحركة التصحيحية"؛ وسيطر الأسد على كافة مفاصل الدولة، محولًا سوريا إلى دولة بوليسية تعتمد على الأجهزة الأمنية لقمع أي صوت معارض لها. أرسى حافظ الأسد دعائم نظام استبدادي، كانت الأكثرية السنية -التي تشكل غالبية الشعب السوري- من أبرز المتضررين منه. تجلى ذلك في أحداث حماة 1982، حيث واجه الأسد تصاعد المعارضة الشعبية -وخصوصًا من حركة الإخوان المسلمين- بحملة عسكرية شرسة، بلغت ذروتها في المجزرة التي قُتل ما بين 20,000 و40,000 شخص، ودُمرت أحياء كاملة، لتكون المجزرة رسالة واضحة لأي معارضة. السجون والمجازر: المسالخ البشرية والمقابر الجماعية تحولت السجون السورية في عهد الأسد الأب والأسد الابن إلى مراكز للتعذيب والموت.. كان سجن تدمر العسكري شاهدًا على وحشية النظام، حيث ارتُكبت فيه مجازر بحق آلاف المعتقلين السياسيين. أما سجن صيدنايا في عهد بشار الأسد فقد عُرف بـ"المسلخ البشري"، حيث تعرض المعتقلون لعمليات إعدام جماعي وتعذيب مُمنهج. ومع اندلاع الثورة السورية، بدأت ظاهرة المقابر الجماعية التي دفن فيها النظام ضحاياه لإخفاء جرائمه. وتشير التقارير إلى العثور على أكثر من ثلاثين مقبرة جماعية حتى الآن، تضم رُفات ما يقدر بأكثر من 500,000 شخص، معظمهم من أبناء الطائفة السنية. على الرغم من الدمار الشامل الذي تعرضت له المدن ذات الغالبية السُنّية، لم تعانِ الأقليات مما عانت منه الاكثرية؛ حيث لم تُقصف أحياؤهم بالطائرات، ولم يُجبروا على النزوح أو اللجوء اندلاع الثورة السورية في مارس/ آذار 2011، تأثرت سوريا بموجة الربيع العربي.. بدأت الثورة في درعا بعد اعتقال أطفال كتبوا على جدران مدرستهم عبارة: "إجاك الدور يا دكتور"، فأثار ذلك غضب أهالي المدينة، وأُطلقت شرارة المظاهرات السلمية التي امتدت تدريجيًّا إلى باقي المحافظات االسورية. امتددت الثورة، وسرعان ما انتقلت الاحتجاجات إلى حمص، ودمشق وريفها، ثم إلى حماة وحلب، وباقي المحافظات، لتتحول إلى حركة شعبية شاملة طالبت بالحرية وإسقاط النظام السوري. مأساة الأكثرية: القتل والتشريد كانت الأكثرية السُّنّية هي العمود الفقري للثورة، وقد دفعت فيها الثمن الأكبر، وشمل ذلك: التشريد والنزوح: نزح ملايين السوريين إلى دول الجوار، بينما يعيش آخرون في مخيمات داخل البلاد وسط ظروف إنسانية مأساوية. رحلات الموت: حاول الآلاف الهرب إلى أوروبا عبر البحر، لكن كثيرين لقوا حتفهم في أمواج البحر. القصف والتدمير: كانت البراميل المتفجرة والقصف الجوي العشوائي السلاح الأبرز للنظام.. دُمرت مدن بأكملها، وقُتلت عائلات كاملة في منازلها. إعلان وعلى الرغم من الدمار الشامل الذي تعرضت له المدن ذات الغالبية السُنّية، لم تعانِ الأقليات مما عانت منه الاكثرية؛ حيث لم تُقصف أحياؤهم بالطائرات، ولم يُجبروا على النزوح أو اللجوء. تسعى الأكثرية السورية -المتمثلة بأهل السنة- إلى تحقيق العدالة من خلال بناء دولة مدنية ديمقراطية تُمثل جميع مكوناتها؛ إذ تطمح الأكثريةّ إلى تمثيل حقيقي في السلطة، بما يضمن لها حقوقها دون إقصاء أو تهميش موقف الأقليات من حكم الأكثرية على الرغم من أن الأقليات في سوريا قد عبرت عن مخاوف من هيمنة الأكثرية السُّنّية بعد سقوط نظام الأسد، فإن هذه المخاوف غير مبررة؛ فخلال فترة ما قبل حكم حافظ الأسد، تولى أربعة رؤساء من الأكراد ورئيس مسيحي رئاسة الجمهورية العربية السوريّة، ما يدل على أن الأكثرية لم تكن تستأثر بالسلطة بشكل حصري. هذا التنوع في القيادة يعكس التعايش والتعاون بين مختلف المكونات السورية، ويُظهر أن الاكثرية لم تكن تسعى إلى إقصاء الأقليات أو تهميشها. مطلب الأكثرية: العدالة للجميع تسعى الأكثرية السورية -المتمثلة بأهل السنة- إلى تحقيق العدالة من خلال بناء دولة مدنية ديمقراطية تُمثل جميع مكوناتها؛ إذ تطمح الأكثريةّ إلى تمثيل حقيقي في السلطة، بما يضمن لها حقوقها دون إقصاء أو تهميش، مع الحفاظ على حقوق الأقليّات في إطار وحدة الدولة وسيادة القانون. إضافة لفكرة الظلم الذي تتعرض له الأقليات من المعروف تاريخيًّا أن الأكثرية هي التي تقوم في العديد من الأحيان باضطهاد الأقليات، لكن هذا الأمر ليس دائمًا هو الواقع، ففي بعض الحالات، تقوم الأقلية نفسها باضطهاد الأكثرية، وهو ما حدث في سوريا، حيث أوقع النظام السوري الظلم على الأغلبية السنية. ويمكننا هنا الإشارة إلى حالة أقلية "الروما" في أوروبا، الذين يبلغ عددهم حوالي 12 مليون نسمة، ويعانون من الاضطهاد والتهميش منذ قرون.. هؤلاء الأشخاص، الذين يطلق عليهم غالبًا "الغجر"، تعرضوا لمعاملة سيئة من الحكومات والمجتمعات، ولا سيما في فترات تاريخية معينة مثل فترة النازية، حيث تعرضوا للاضطهاد والقتل الجماعي جنبًا إلى جنب مع اليهود. لكن الظلم ليس دومًا من الأكثرية ضد الأقلية، بل قد يحدث في ظروف معينة بشكل معاكس، حيث تمارس الأقلية التمييز ضد الأغلبية، كما نرى في التجربة السورية. لقد دفعت سوريا ثمنًا باهظًا بسبب عقود من الاستبداد، ولا تزال الأكثرية تطمح إلى بناء مستقبلٍ أفضل. إن الثورة السورية كانت وما زالت تعبيرًا عن إرادة شعبية لتحقيق الحرية والكرامة لجميع السوريين، مع الحفاظ على وحدة البلاد وإرساء قيم العدل والمساواة دون تمييز.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store