أحدث الأخبار مع #اَللَّهِ


شبكة النبأ
١٧-٠٥-٢٠٢٥
- منوعات
- شبكة النبأ
الإِمَامُ الحَسَنُ المُجتَبَى (عَ) مَوَاقِفٌ وَطَرَائِف
التاريخ يشهد فلم أجد أفخر من كلمات وخطب الإمام الحسن المجتبى (ع) حقاً – أنه لم يكن لأحد من العرب، ولا من غيرهم ما كان للإمام الحسن المجتبى من فضائل، ومفاخر ولا يشاطره أو يشاركه فيها أحد من العالمين إلا صنوه الإمام الحسين (ع) وله السَّبق بالعمر... شهادة الإمام الحسن (ع) في 7 صفر الأحزان 50 ه في المدينة ودفن في البقيع ورد في الحيث الشريف ينقله الخليفة الثاني يقَولَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) يَقُولُ: كُلُّ حَسَبٍ وَنَسَبٍ فَمُنْقَطِعٌ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ مَا خَلاَ حَسَبِي وَنَسَبِي، وَكُلُّ بَنِي أُنْثَى عَصَبُهُمْ لِأَبِيهِمْ مَا خَلاَ بَنِي فَاطِمَةَ فَإِنِّي أَنَا أَبُوهُمْ وَأَنَا عَصَبَتُهُمْ). والإمام الحسن المجتبى (ع) هو السبط الأكبر للرسول الأكرم (ص)، وهو ولده من بضعته فاطمة الزهراء (ع) بهذا النَّص النبوي الواضح الذي يرويه الخليفة شخصياً، ولكن هذه الأمة الظالمة لنفسها ولأئمتها الكرام (ع)، لا سيما رجال السلطة القرشية من أبناء الشجرة الزقومية الملعونة في القرآن، الذين تطاولوا على سادتهم، من أهل البيت الأطهار (ع) لا سيما الإمام علي بن أبي طالب (ع) الذي ضرب خراطيمهم، وطهَّر الأرض من رجس الكثيرين من طغاتهم في يوم بدر، وأحد، والأحزاب، وغيرها من المشاهد التي خلَّدها التاريخ. ولكن هذه الأمة تركت أمر ربها، وأهل بيت رسول الله فيها ورجعت إلى أعدائها ورمت بنفسها في أحضانهم، وراحت تنفِّذ كل ما يطلبه منها طغاتها من حكام وسلاطين بني أمية رغم وجود مثل الإمام الحسن (ع) الذي كان كنجم القطب فيها، ولكن العجب كل العجب من وقاحة الأمويين، وصلافة القرشيين، حيث يتمادون في غيِّهم وجهلهم وضلالتهم، ويتسافهون بحضور الإمام الحسن (ع) وكأنهم لا يعرفون أنفسهم، وأصلهم الدَّخيل، ونسبهم الضَّئيل في العرب عامة وقريش خاصة لأنهم من عبيد الروم الآبقين فلصقهم عبد شمس بغفلة من الزمن بالعرب وبقريش فصاروا لعنة عليها وعليهم إلى قيام يوم الدِّين. مواقف وطرائف حسنية والتاريخ يشهد – وأنا شخصياً أقرأ منذ عقود من الزمن فلم أجد أفخر من كلمات وخطب الإمام الحسن المجتبى (ع) حقاً – أنه لم يكن لأحد من العرب، ولا من غيرهم ما كان للإمام الحسن المجتبى من فضائل، ومفاخر ولا يشاطره أو يشاركه فيها أحد من العالمين إلا صنوه الإمام الحسين (ع) وله السَّبق بالعمر كما لا يخفى، فكان صبيان النار الأموية والأوزاغ المروانية يتطاولون عليه في مجالسهم العامرة بالمعصية والخالية من الفضيلة، وللإمام الحسن (ع) أكثر من خمسين موقفاً واحتجاجاً عليهم بحيث كان لا يتركهم إلا ويلقم كل واحد منه بحجر فيدعه حائراً في نفسه لا يدري ما يقول. وسأكتفي بنقل بعض المواقف المشهورة والمشهودة للإمام الحسن المجتبى (ع) مما رواه سماحة الإمام الراحل (قدس سره) في كتابه من حياة الإمام الحسن (ع) مع ما فيها من حقائق حسنية وطرائف أموية، لتكون شاهدة على عظمة هذا الإمام ومفاخره الفريدة وخصاله الحميدة، لا سيما حلمه الذي كان يزن الجبال كما يقول مروان الوزغ شخصياً حيث رَوَى اَلْمَدَائِنِيُّ عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ: لَمَّا مَاتَ اَلْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَخْرَجُوا جِنَازَتَهُ فَحَمَلَ مَرْوَانُ بْنُ اَلْحَكَمِ سَرِيرَهُ فَقَالَ لَهُ اَلْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): (تَحْمِلُ اَلْيَوْمَ جَنَازَتَهُ وَكُنْتَ بِالْأَمْسِ تُجَرِّعُهُ اَلْغَيْظَ؟) قَالَ مَرْوَانُ: نَعَمْ كُنْتُ أَفْعَلُ ذَلِكَ بِمَنْ يُوَازِنُ حِلْمُهُ اَلْجِبَالَ). (بحار الأنوار: ج44 ص145) فهم يعرفون الإمام الحسن (ع) جيداً فهو حفيد النبي الأعظم، وبضعة الولي الأكرم، فلا أحد في الخلق مثله في السَّبب والنَّسب والشَّرف والفخر، وهنا ينقل السيد الراحل يقول: تفاخرت قريش والحسن بن علي (ع) حاضر لا ينطق، فقال معاوية: يا أبا محمد ما لك لا تنطق؟ فوالله ما أنت بمشوب الحسب، ولا بكليل اللسان؟ فقال الحسن (ع) :(مَا ذَكَرُوا فَضِيلَةً إِلاّ وَلِي مَحضُهَا وَلُبَابُهَا). (من حياة الإمام الحسن (ع): ص124) وهذا اعتراف معاوية شخصياً بأن الإمام الحسن (ع) ليس (بمشوب الحسب، ولا بكليل اللسان)، ولكن هل يعرف معاوية مَنْ كان أبوه، وهو الذي ينتسب إلى أربعة فألحقته هند أمه لألأمهم أبو سفيان، قال الزمخشري في كتاب "ربيع الأبرار": كان معاوية يُعزى (يُنسب) إلى أربعة: إلى مسافر بن أبي عمرو، وإلى عمارة بن الوليد بن المغيرة، وإلى العباس بن عبد المطلب، وإلى الصباح، مغن كان لعمارة بن الوليد، قال: وقد كان أبو سفيان دميماً قصيراً، وكان الصباح عسيفاً (أجيراً) لأبي سفيان، شاباً وسيماً، فدعته هند إلى نفسها فغشيها). (ربيع الأبرار؛ الزمخشري: ج4 ص275) ورغم ذلك تراه يتفاخر على الإمام الحسن (ع) في نسبه الشريف، فيُرى أَنَّ مُعَاوِيَةَ فَخَرَ يَوْماً فَقَالَ: (أَنَا اِبْنُ بَطْحَاءِ مَكَّةَ، أَنَا اِبْنُ أَعْزَزِهَا جُوداً، وَأَكْرَمِهَا جُدُوداً، أَنَا اِبْنُ مَنْ سَادَ قُرَيْشاً فَضْلاً نَاشِياً وَكَهْلاً)، تصوَّر على هذا المدَّعي ما ليس له وحتى أبو سفيان لم تكن فيه هذه الصفات بل هي مسروقة من بني هاشم الأكارم، ولكن أراد أن يتطاول فجاءه الرد الحاسم، والجواب القاطع لما يدَّعيه. فَقَالَ اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: (أَ عَلَيَّ تَفْخَرُ يَا مُعَاوِيَةُ؟! أَنَا اِبْنُ عُرُوقِ اَلثَّرَى، أَنَا اِبْنُ مَأْوًى اِلْتَقَى، أَنَا اِبْنُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى، أَنَا اِبْنُ مَنْ سَادَ أَهْلَ اَلدُّنْيَا بِالْفَضْلِ اَلسَّابِقِ وَاَلْحَسَبِ اَلْفَائِقِ، أَنَا اِبْنُ مَنْ طَاعَتُهُ طَاعَةُ اَللَّهِ وَمَعْصِيَتُهُ مَعْصِيَةُ اَللَّهِ، فَهَلْ لَكَ أَبٌ كَأَبِي تُبَاهِينِي بِهِ، وَقَدِيمٌ كَقَدِيمِي تُسَامِينِي بِهِ؟ تَقُولُ: نَعَمْ أَوْ لاَ؛ قَالَ مُعَاوِيَةُ: بَلْ أَقُولُ لاَ وَهِيَ لَكَ تَصْدِيقٌ.. فَقَالَ اَلْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): اَلْحَقُّ أَبْلَجُ مَا يُحِيلُ سَبِيلَهُ *** وَاَلْحَقُّ يَعْرِفُهُ ذَوُوا اَلْأَلْبَابِ وأهل الشام ومَنْ على رأيهم الفاسد وشاكلتهم في معاوية يبحثون لهذا الشخص المتعوس والكيان المركوس عن فضيلة، فقد روى الذهبي، وابن خلكان، والمقريزي وغيرهم، وقالوا: إن النسائي خرج من مصر إلى دمشق والمنحرف بها عن علي كثير، فصنَّف كتاب الخصائص (في فضائل الإمام علي (ع)، رجاء أن يهديهم الله عز وجل، فسُئل عن فضائل معاوية، فقال: أي شيء أخرّج؟! ما أعرف له من فضيلة إلاّ حديث: (الَّلهُمَّ لَا تُشبِع بَطنَهُ)! فضربوه في الجامع على خصيتيه وداسوه حتى أُخرج من الجامع، ثمّ حمل إلى الرملة فمات. ففي مجلس أراد الله أن يكبته ويفضحه على رؤوس الأشهاد فقال مُعَاوِيَةُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: أَنَا أَخْيَرُ مِنْكَ يَا حَسَنُ! قَالَ: وَكَيْفَ ذَاكَ يَا اِبْنَ هِنْدٍ؟! قَالَ: لِأَنَّ اَلنَّاسَ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَيَّ وَلَمْ يَجْمَعُوا عَلَيْكَ، قَالَ: هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِشَرٍّ مَا عَلَوْتَ يَا اِبْنَ آكِلَةِ اَلْأَكْبَادِ اَلْمُجْتَمِعُونَ عَلَيْكَ رَجُلاَنِ بَيْنَ مُطِيعٍ وَمُكْرَهٍ؛ فَالطَّائِعُ لَكَ عَاصٍ لِلَّهِ، وَاَلْمُكْرَهُ مَعْذُورٌ بِكِتَابِ اَللَّهِ، وَحَاشَى لِلَّهِ أَنْ أَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْكَ فَلاَ خَيْرَ فِيكَ، وَلَكِنَّ اَللَّهَ بَرَّأَنِي مِنَ اَلرَّذَائِلِ كَمَا بَرَّأَكَ مِنَ اَلْفَضَائِلِ). معاوية طاغية باغية رُوِيَ: أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ مُعَاوِيَةُ بِالْكُوفَةِ قِيلَ لَهُ: إِنَّ اَلْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ (ع) مُرْتَفِعٌ فِي أَنْفُسِ اَلنَّاسِ فَلَوْ أَمَرْتَهُ أَنْ يَقُومَ دُونَ مَقَامِكَ عَلَى اَلْمِنْبَرِ فَتُدْرِكَهُ اَلْحَدَاثَةُ وَاَلْعِيُّ فَيَسْقُطَ مِنْ أَنْفُسِ اَلنَّاسِ وَأَعْيُنِهِمْ فَأَبَى عَلَيْهِمْ، وَأَبَوْا عَلَيْهِ إِلاَّ أَنْ يَأْمُرَهُ بِذَلِكَ فَأَمَرَهُ، فَقَامَ دُونَ مَقَامِهِ فِي اَلْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اَللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا اَلنَّاسُ فَإِنَّكُمْ لَوْ طَلَبْتُمْ مَا بَيْنَ كَذَا وَكَذَا لِتَجِدُوا رَجُلاً جَدُّهُ نَبِيٌّ لَمْ تَجِدُوا غَيْرِي وَغَيْرَ أَخِي وَإِنَّا أَعْطَيْنَا صَفْقَتَنَا هَذِهِ اَلطَّاغِيَةَ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أَعْلَى اَلْمِنْبَرِ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَهُوَ فِي مَقَامِ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) مِنَ اَلْمِنْبَرِ وَرَأَيْنَا حَقْنَ دِمَاءِ اَلْمُسْلِمِينَ أَفْضَلَ مِنْ إِهْرَاقِهَا (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتٰاعٌ إِلىٰ حِينٍ) وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ. فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: مَا أَرَدْتَ بِقَوْلِكَ هَذَا؟ فَقَالَ: مَا أَرَدْتُ بِهِ إِلاَّ مَا أَرَادَ اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. فَقَامَ مُعَاوِيَةُ فَخَطَبَ خُطْبَةً عَيِيَّةً فَاحِشَةً فَسَبَّ فِيهَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَامَ إِلَيْهِ اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ لَهُ وَهُوَ عَلَى اَلْمِنْبَرِ: وَيْلَكَ يَا اِبْنَ آكِلَةِ اَلْأَكْبَادِ أَ وَ أَنْتَ تَسُبُّ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ): مَنْ سَبَّ عَلِيّاً فَقَدْ سَبَّنِي وَمَنْ سَبَّنِي فَقَدْ سَبَّ اَللَّهَ وَمَنْ سَبَّ اَللَّهَ أَدْخَلَهُ اَللَّهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا مُخَلَّداً وَلَهُ عَذَابٌ مُقِيمٌ، ثُمَّ اِنْحَدَرَ اَلْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَنِ اَلْمِنْبَرِ وَدَخَلَ دَارَهُ وَلَمْ يُصَلِّ هُنَاكَ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَداً). واللطيف بكل خطابات الإمام الحسن (ع) لمعاوية لا ينسبه إلا لأمه هند الهنود آكلة الكبود ولا ينسبه لأبيه لأنه مجهول النسب، ولذا تراه بهذه الوقاحة، فقَيلَ: لَمَّا دَخَلَ مُعَاوِيَةُ اَلْكُوفَةَ خَطَبَ وَذَكَرَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَنَالَ مِنْهُ وَمِنَ اَلْحَسَنِ وَاَلْحُسَيْنِ، فَقَالَ اَلْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): أَيُّهَا اَلذَّاكِرُ عَلِيّاً أَنَا اَلْحَسَنُ وَأَبِي عَلِيٌّ وَأَنْتَ مُعَاوِيَةُ وَأَبُوكَ صَخْرٌ وَأُمِّي فَاطِمَةُ وَأُمُّكَ هِنْدٌ وَجَدِّي رَسُولُ اَللَّهِ وَجَدُّكَ حَرْبٌ وَجَدَّتِي خَدِيجَةُ وَجَدَّتُكَ قُبَيْلَةُ (أو قَتِيلَة)، فَلَعْنَةُ اَللَّهِ عَلَى أَخْمَلِنَا ذِكْراً وَأَلْأَمِنَا حَسَباً وَشَرِّنَا قَوْماً وَأَقْدَمِنَا كُفْراً وَنِفَاقاً)، فقال كل مَنْ في المسجد ونحن نقول معهم أيضاً: آمين يا رب العالمين. مع يزيد الفاجر وليس معاوية يحمل هذه النفسية الساقطة بل كل بني أمية كانوا على نفس الشاكلة وبنفس النفس الخبيث في بغضهم ونصبهم لأهل البيت الأطهار (ع) وخاصة للإمام الحسن المجتبى (ع) فعن ابن عباس: أنه جلس الحسن بن علي (ع) ويزيد بن معاوية بن أبي سفيان يأكلان الرطب فقال يزيد: يا حسن إني منذ كنت أبغضك، قال الحسن (ع): (يا يزيد اعلم أن إبليس شارك أباك في جِماعه فاختلط الماءان فأورثك ذلك عداوتي لأن الله تعالى يقول: (وشارِكْهُمْ فِي الأمْوالِ والأوْلادِ)،(الإسراء: 64)، وشارك الشيطان حرباً عند جماعه فولد له صخر فلذلك كان يبغض جدي رسول الله). مع الوليد الفاسق والعجيب أن مثل الوليد بن عقبة الذي سمَّاه الله تعالى في كتابه فاسقاً، يتطاول ويسبُّ الإمام علياً (ع)، فقال له الحسن (ع): (لا ألومك أن تسب علياً، وقد جلدك في الخمر (بقصة مشهورة في التاريخ) ثمانين سوطاً (الحد الشرعي لشارب الخمر)، وقتل أباك صبراً بأمر رسول الله (ص) في يوم بدر (عقبة بن أبي معيط)، وقد سمّاه الله عزّ وجل في غير آية مؤمناً، وسمّاك فاسقاً). مع عمرو بن العاص وصدق المثل القائل: (إذا لم تستح فاصنع ما شئت) وكم ينطبق هذا المثل على هذا الطاغية الذي كان يفتخر بتهييج الناس على عثمان، فقال له عثمان: وأنت أيضاً يا بن النويبغة تؤلِّب عليَّ لأن عزلتك عن مصر، لا ترى لي طاعتك؟ فخرج إلى فلسطين فنزل ضيعة له بها يقال لها: عجلان، فكان يحرِّض الناس على عثمان حتى الرُّعاة، ولما بلغه قتله قال: أنا أبو عبد الله، إني إذا حككت قرحة أدميتها"، ويتَّهم الإمام الحسن (ع). رَوَى اَلْمَدَائِنِيُّ قَالَ: لَقِيَ عَمْرُو بْنُ اَلْعَاصِ اَلْحَسَنَ فِي اَلطَّوَافِ فَقَالَ لَهُ: يَا حَسَنُ زَعَمْتَ أَنَّ اَلدِّينَ لاَ يَقُومُ إِلاَّ بِكَ وَبِأَبِيكَ فَقَدْ رَأَيْتَ اَللَّهَ أَقَامَ مُعَاوِيَةَ فَجَعَلَهُ رَاسِياً بَعْدَ مَيْلِهِ وَبَيِّناً بَعْدَ خَفَائِهِ أَ فَيَرْضَى اَللَّهُ بِقَتْلِ عُثْمَانَ، أَوْ مِنَ اَلْحَقِّ أَنْ تَطُوفَ بِالْبَيْتِ كَمَا يَدُورُ اَلْجَمَلُ بِالطَّحِينِ عَلَيْكَ ثِيَابٌ كَغِرْقِئِ اَلْبَيْضِ (زلال البيض) وَأَنْتَ قَاتِلُ عُثْمَانَ وَاَللَّهِ إِنَّهُ لَأَلَمُّ لِلشَّعَثِ وَأَسْهَلُ لِلْوَعْثِ أَنْ يُورِدَكَ مُعَاوِيَةُ حِيَاضَ أَبِيكَ. فَقَالَ اَلْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): إِنَّ لِأَهْلِ اَلنَّارِ عَلاَمَاتٍ يُعْرَفُونَ بِهَا إِلْحَادٌ لِأَوْلِيَاءِ اَللَّهِ وَمُوَالاَةٌ لِأَعْدَاءِ اَللَّهِ وَاَللَّهِ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّ عَلِيّاً لَمْ يَرْتَبْ فِي اَلدِّينِ وَلَمْ يَشُكَّ فِي اَللَّهِ سَاعَةً وَلاَ طَرْفَةَ عَيْنٍ قَطُّ، وَوَاَللَّهِ لَتَنْتَهِيَنَّ يَا اِبْنَ أُمِّ عَمْرٍو أَوْ لَأُنْفِذَنَّ حِضْنَيْكَ بِنَوَافِذَ أَشَدَّ مِنَ اَلْأَقْضِبَةِ فَإِيَّاكَ وَاَلْهَجْمَ عَلَيَّ فَإِنِّي مَنْ قَدْ عَرَفْتَ لَيْسَ بِضَعِيفِ اَلْغَمْزَةِ وَلاَ هَشِّ اَلْمُشَاشَةِ وَلاَ مَرِيءِ اَلْمَأْكَلَةِ وَإِنِّي مِنْ قُرَيْشٍ كَوَاسِطَةِ اَلْقِلاَدَةِ يُعْرَفُ حَسَبِي وَلاَ أُدْعَى لِغَيْرِ أَبِي وَأَنْتَ مَنْ تَعْلَمُ وَيَعْلَمُ اَلنَّاسُ تَحَاكَمَتْ فِيكَ رِجَالُ قُرَيْشٍ فَغَلَبَ عَلَيْكَ جَزَّارُهَا أَلْأَمُهُمْ حَسَباً وَأَعْظَمُهُمْ لُؤْماً فَإِيَّاكَ عَنِّي فَإِنَّكَ رِجْسٌ وَنَحْنُ أَهْلُ بَيْتِ اَلطَّهَارَةِ (أَذْهَبَ اَللَّهُ عَنَّا اَلرِّجْسَ وَطَهَّرَنَا تَطْهِيراً)، فَأُفْحِمَ عَمْرٌو وَاِنْصَرَفَ كَئِيباً). هكذا كان الإمام الحسن المجتبى (ع) يُلقمهم أحجارهم جميعاً ويُصغِّر شأنهم ويضعهم في مواضعهم، وأماكنهم من حيث الخساسة والدناءة، ولكن العجب العجاب من هذه الأمة التي استبدلت القوادم بالخوافي، والرأس بالذنابي، والولي التقي بالفاسق الشقي، وأهل البيت الأطهار (ع) ببني أمية الأشرار فأعادوها جاهلية كما أراد أبو سفيان وأمر، وأدخلوها في متاهة مظلمة لم تخرج منها إلى يوم الناس هذا للأسف الشديد.


شبكة النبأ
٢٣-٠٤-٢٠٢٥
- منوعات
- شبكة النبأ
الإِمَامُ جَعفَر الصَّادِق (عَ) عَلَمُ الأَعلَام وَنُورُ الأَنَام
كان يبدأ طلابه بالأدب قبل أن يلقي إليه العلم، فلقد كان الإمام الصادق (ع) يبدأ مع مَنْ يريد أن يتعلم العلم منه بتعليم الأخلاق ويُبيِّن له اللباب فيما يرتبط بهذا الباب، أي يطلب منه الالتزام بتلك الأصول التي تؤدي به إلى الإيمان والصلاح، والشجاعة والحلم، والكرم وعمل الخير... استشهد الإمام الصادق (ع) في (25) شوال سنة (148) للهجرة وله من العمر (65) سنة مقدمة نورانية هذه الطائفة المحقَّة كأن الله خصَّها بالنور والعلم والمعرفة لأنها تؤمن بعالم الأنوار، وخلقة أولئك الأنوار الذي خلقهم الله من نوره، وضربهم مثلاً لكلمته الطيبة ونوره في كتابه الحكيم، وذلك لأنهم اتَّبعوا وتمسَّكوا بأحاديث النور والواردة عنهم (صلوات الله عليهم)، لا سيما الحديث المشهور عن أول نور خلقه الله تعالى وهو قول جابر بن عبد الله الأنصاري الذي قَالَ: قُلْتُ لِرَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ): أَوَّلُ شَيْءٍ خَلَقَ اَللَّهُ تَعَالَى مَا هُوَ؟ فَقَالَ: (نُورُ نَبِيِّكَ يَا جَابِرُ خَلَقَهُ اَللَّهُ ثُمَّ خَلَقَ مِنْهُ كُلَّ خَيْرٍ). (بحار الأنوار: ج۱۵ ص۲4) وأما الإمام السادس جعفر بن محمد (صلوات الله عليهما) فيقول: (إِنَّ اَللَّهَ كَانَ إِذْ لاَ كَانَ فَخَلَقَ اَلْكَانَ وَاَلْمَكَانَ، وَخَلَقَ نُورَ اَلْأَنْوَارِ اَلَّذِي نُوِّرَتْ مِنْهُ اَلْأَنْوَارُ، وَأَجْرَى فِيهِ مِنْ نُورِهِ اَلَّذِي نُوِّرَتْ مِنْهُ اَلْأَنْوَارُ، وَهُوَ اَلنُّورُ اَلَّذِي خَلَقَ مِنْهُ مُحَمَّداً وَعَلِيّاً فَلَمْ يَزَالاَ نُورَيْنِ أَوَّلَيْنِ إِذْ لاَ شَيْءَ كُوِّنَ قَبْلَهُمَا، فَلَمْ يَزَالاَ يَجْرِيَانِ طَاهِرَيْنِ مُطَهَّرَيْنِ فِي اَلْأَصْلاَبِ اَلطَّاهِرَةِ حَتَّى اِفْتَرَقَا فِي أَطْهَرِ طَاهِرِينَ فِي عَبْدِ اَللَّهِ وَأَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ). (الکافي ج۱ ص44۱) وأما اَلْمُفَضَّلِ فأَنَّهُ سَأَلَ اَلصَّادِقَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): مَا كُنْتُمْ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اَللَّهُ اَلسَّمَاوَاتِ وَاَلْأَرَضِينَ؟ قَالَ: (كُنَّا أَنْوَاراً حَوْلَ اَلْعَرْشِ نُسَبِّحُ اَللَّهَ وَنُقَدِّسُهُ حَتَّى خَلَقَ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ اَلْمَلاَئِكَةَ)، فعالم الأنوار منار بنور محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين الذين واسطة العقد فيهم الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) الذي ملأ الدنيا وشغل الناس منذ ثلاثة عشر قرناً من عمر الزمن، وذلك لأنه النور الذي أضاء الكون بحضوره الشريف وحياته المباركة وعطاءه العلمي غير المحدود. فالإمام الصادق (ع) هو ذلك الإمام الذي كان أطول آل البيت عمراً، وكان في عمره مباركاً بشكل منقطع النظير وكأن الآية الكريمة العيسوية جرت على لسنانه الشريف منذ أن خلقه الله تعالى في هذا العالم: (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ) (مريم: 31)، فالبركة أحاطت به في حياته وبعد شهادته ولذا تجده إلى اليوم وبعد هذه القرون المتطاولة يبسط مائدته العلمية في طول البلاد وعرضها وجميع طلاب العلم يجلسون وينهلون من تلك المائدة الربانية النورانية وكل منهم يأخذ منها بغيته وحاجته للدنيا والآخرة، فأي بركت تلك سيدي ومولاي يا أبا عبد الله كانت حياتك المعطاءة؟ الإمام الصادق (ع) نور الأنام ومَنْ يطَّلع أو يقرأ تاريخ الإسلام يجد بشكل واضح لا لبس فيه أن الإمام الصادق كان من أولئك الأنوار الرَّبانية التي تتصل بالنور المحمدي الأول الذين وصفهم الإمام العاشر علي الهادي (ع) في زيارته الجامعة لهم بقوله: (وَأَنَّ أَرْوَاحَكُمْ وَنُورَكُمْ وَطِينَتَكُمْ وَاحِدَةٌ طَابَتْ وَطَهُرَتْ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، خَلَقَكُمُ اَللَّهُ أَنْوَاراً فَجَعَلَكُمْ بِعَرْشِهِ مُحْدِقِينَ حَتَّى مَنَّ عَلَيْنَا بِكُمْ فَجَعَلَكُمْ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اَللّٰهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اِسْمُهُ)، والإمام السادس منهم هو دُرّةَ الوسط لعقد الإمامة، ولذا تراه متألقاً في حياتهم المباركة ومميَّزاً ومنوراً في نوره وعطائه في هذه الأمة. وصدق مَنْ قال: "كان الإمام الصادق (ع) حقاً مناراً من منارات النبوة، ومعلماً من معالم الإمامة، ومناراً للعلماء الربانيين، في الوقت الذي النفوس فيه مظلمة، والإمامة المعتصمة بالعصمة محاصرة، حمل الإمام الصادق (ع) مشعل الهداية وجعلها متَّقدة ليتمَّ نورها وينشرها، وقد أبانَ بأقواله وأعماله وسلوكه وأخلاقه الطريق لكل ذي عينين، وبيَّن الحقيقة لكل مَنْ ألقى السَّمع وهو شهيد.. علَّم الناس طريق الوصول إلى جنان الله، وحذَّرهم من سلوك طريق إبليس إلى النيران.. حقاً لقد أنار العقل بالعقل، والفطرة بالفطرة، وبيَّن القرآن بالقرآن، وأوضح الحقائق الكبرى بالحقائق الكبرى، وأبان نواميس الحياة بنواميس الحياة، فكان المرجع، وكان الميزان"، فهو أستاذ الكل ومعلم الجميع لأنه الملاذ الذي اجتمعت عليه الأمة الإسلامية المرحومة به فأعاد لها تألقها من بعد ما حاول ولأكثر من ثمانين سنة صبيان النار الأموية، وفروع الشجرة الملعونة في القرآن دفنه كما قال وحاول كبيرهم الذي علَّمهم الكفر معاوية بن هند الهنود آكلة الكبود طيلة حكمه الذي طال لأربعين سنة وهو حرام عليه أن يتولى عريفاً لبني أمية في مكة المكرمة، لأن الإمام الحسين (ع) يقول لمروان الوزغ: (لَقَدْ سَمِعْتُ جَدِّي رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) يَقُولُ: اَلْخِلاَفَةُ مُحَرَّمَةٌ عَلَى آلِ أَبِي سُفْيَانَ، وَعَلَى الطُّلَقَاءِ وأَبنَاءِ الطُّلَقَاءِ، فَإِذَا رَأَيتُم مُعَاوِيَة عَلَى مِنبَرِي فَابقُرُوا بَطنَه» فَوَ اللهِ لَقَد رَآهُ أَهلُ المَدِينَة عَلَى مِنبَرِ جَدِّي فَلَمْ يَفعَلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ، قَاتَلَهُم اللهُ بِابنِهِ يَزيد! زَادَهُ اللهُ فِي النَّارِ عَذَابَاً). (الفتوح لابن أعثم: ج5 ص 17) أولئك الأشقياء حوَّلوا الحكم إلى ملك عضوض راح ينهش في جسد الأمة الإسلامية، وأعتموا نورها وأخمدوا ضياءها طيلة ثمانين سنة حيث سنُّوا تلك السُّنة الأموية بسبِّ أمير المؤمنين الإمام علي (ع) وأهل البيت (ع) وكان الإمام الصادق (ع) عاش في ظلام وظلم تلك الدولة البغيضة ردحاً من الزمن فيما يعرف بالمخضرم بين سقوط بنو أمية إلى أسفل السافلين ورميهم في مزابل التاريخ، ونهوض بنو العباس على غفلة من الزمن لأنهم كانوا أبعد ما يمكن عن الدعوة التي انطلقت تحت شعار (الرضا من آل محمد)، وكان الإمام الصادق (ع) هو عَلَمُ الأعلام، ونور الأنام في عصر الظلام ذاك فأرسل إليه القادة ليكون هو الخليفة ولكنه رفض الخلافة وأحرق الرسالة دون أن يقرأها فتعجَّب من فعله حاملها فقال: العجب كل العجب ممَّن تأتيه الخلافة فيرفضها، وكانت حكومة تمتد لأكثر من خمسين دولة من دول اليوم، وبعد سنوات من سيطرة العباسيون عليها قال هارونهم للغيمة والسَّحابة: (شرقي وغربي وأينما أمطرت سيأتيني خراجك). الإمام الصادق (ع) عَلَمُ الأعلام في تلك الحقبة السوداء التي كاد نور الإسلام أن يُطمس ودينه أن يدفن بما فعله بنو أمية فيها، هيَّأ الله لها ذاك الإمام العظيم محمد الباقر (ع) فبقر علوم الأنبياء والأوصياء وأحيى علومهم في العالمين، ولكنهم استشعروا خطره لا سيما بعد أن استدعوه وولده الإمام الصادق (ع) إلى الشام ليبطشوا فيهما ولكن حكمة الإمام وعلمه أفشل مخططهم فأعادهما إلى المدينة المنورة رغماً عنه بقصة طويلة في كتب التاريخ حيث أراهم الإمام الباقر عجائب العلوم، وبدائع الأحكام في الطريق فحقدوها عليه فدسُّوا له السَّم فذهب إلى ربه شهيداً شاهداً على ظلمهم وشرهم وحقدهم. ولكنه قبل أن ينتقل إلى ربه فيوفيه أجور الشهداء والصابرين، سلَّم حوزته العلمية المبسَّطة إلى ولده الإمام الصادق (ع) فحولها إلى مدرسة كبيرة، ثم إلى جامعة كبيرة لم يشهد التاريخ مثلاً لها حيث تضم أكثر من أربعة آلاف طالب وتلميذ في وقت واحد، وينقل الإمام الشيرازي الراحل (قدس سره) ويقول: "ورد في بعض الكتب، أنه كان للإمام الصادق (عليه الصلاة والسلام) مجلس لعامة الناس، ومجلس للخواص، ولتلامذته في مختلف العلوم.. وكان (عليه السلام) يحث على طلب العلم، ويجيب على أي سؤال يطرح عليه من دون تفكر، وكان الناس ومن جميع الطوائف والمذاهب والفرق والأديان يسألونه، ويستفيدون من علمه. في المناقب لابن شهر آشوب، قال: (ينقل عن الصادق (عليه السلام) من العلوم ما لا ينقل عن أحد، وقد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة من الثقات على اختلافهم في الآراء والمقالات وكانوا أربعة آلاف رجل).(المناقب: ج4 ص247) وفي بعض الروايات: عشرين ألفاً، بل أكثر". (من حياة الإمام الصادق (ع): ص42) أي عظمة وجامعة في ذلك العصر أنشأ الإمام الصادق (ع) لأنه الجامع للعلوم التي فجَّرها وبقرها والده العظيم فعن عَنْ عَبْدِ اَلْأَعْلَى وَعُبَيْدَةِ بْنِ بِشْرٍ قَالاَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) اِبْتِدَاءً مِنْهُ: (وَاَللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ مَا فِي اَلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي اَلْأَرْضِ، وَمَا فِي اَلْجَنَّةِ وَمَا فِي اَلنَّارِ، وَمَا كَانَ وَمَا يَكُونُ إِلَى أَنْ تَقُومَ اَلسَّاعَةُ، ثُمَّ سَكَتَ ثُمَّ قَالَ: أَعْلَمُهُ عَنْ كِتَابِ اَللَّهِ أَنْظُرُ إِلَيْهِ هَكَذَا ثُمَّ بَسَطَ كَفَّهُ وَقَالَ: إِنَّ اَللَّهَ يَقُولُ: (فِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ). (بحار الأنوار: ج4۷ ص۳۵) وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (ع): (أَنَّ اَللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً نَبِيّاً فَلاَ نَبِيَّ بَعْدَهُ أَنْزَلَ عَلَيْهِ اَلْكِتَابَ فَخَتَمَ بِهِ اَلْكُتُبَ فَلاَ كِتَابَ بَعْدَهُ أَحَلَّ فِيهِ حَلاَلَهُ وَحَرَّمَ فِيهِ حَرَامَهُ فَحَلاَلُهُ حَلاَلٌ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ وَحَرَامُهُ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَفَصْلُ مَا بَيْنَكُمْ، ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ وَقَالَ: نَحْنُ نَعْلَمُهُ). (كشف الغمة: ج۲ ص۱۹۷) والعجيب أن فيها من التخصصات العلمية العجيبة الغريبة كعلم الكيمياء، حيث ألقى لتلميذه جابر بن حيان الكوفي قال اليافعي في مرآة الجنان: "له كلام نفيس في علوم التوحيد وغيرها، وقد ألَّف تلميذه جابر بن حيان كتاباً يشتمل على ألف ورقة يتضمن رسائله، وهي خمسمائة رسالة". (من حياة الإمام الصادق: ص46) هذا عن بقية أنواع وأصناف العلوم التجريبية والهيأة والنجوم والهندسة، والطبيعة وكروية الأرض، وغيرها من العلوم التي كانت من إبداع الإمام الصادق (ع) هذا عدا عن العلوم الإسلامية والشرعية بكل صنوفها وأنواعها في العربية والفقهية والتفسيرية، إذا أنه كما وصفه العلماء الأعلام بوصف لم يوصف به غيره، قال الشيخ المفيد (رحمه الله) في الإرشاد: (نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الرُّكبان، وانتشر ذكره في البلدان، ولم ينقل عن أحد من أهل بيته العلماء ما نُقل عنه، ولا لقي أحد منهم من أهل الآثار ونقلة الأخبار، ولا نقلوا عنهم كما نقلوا عن أبي عبد الله (عليه السلام)، فإن أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات، على اختلافهم في الآراء والمقالات، فكانوا أربعة آلاف رجل). (الإرشاد للمفيد: ج2 ص179) والحافظ بن عقدة الزيدي جمع في كتاب رجاله: (أربعة آلاف رجل من الثقات الذين رووا عن جعفر بن محمد، فضلاً عن غيرهم، وذكر مصنفاتهم). (أعيان الشيعة: ج1 ص35) وقال المحقق (رحمه الله) في المعتبر: (انتشر عن جعفر بن محمد (عليه السلام) من العلوم الجمة ما بهر به العقول). (المعتبر في شرح المختصر: ج1 ص26)، وروى عنه راوٍ واحد وهو أبان بن تغلب ثلاثين ألف حديث، روى النجاشي في رجاله بسنده، عن الصادق (عليه السلام)، أنه قال: (أبان بن تغلب روى عني ثلاثين ألف حديث)، وروى النجاشي في رجاله بسنده، عن الحسن بن علي الوشاء ـ في حديث ـ أنه قال: (أدركت في هذا المسجد ـ يعني مسجد الكوفة ـ تسعمائة شيخ، كل يقول: حدثني جعفر بن محمد). (رجال النجاشي: ص40) فهذا شيء خارج عن الوسع الإمكان البشري فعلاً هذا إذا عرفنا بأن الإمام الصادق نشأ وترعرع في بيت أبيه الإمام الباقر (ع) ولم يتعلم في مدرسة، ولا اشتهر في التاريخ أنه تلقى الدروس من أحد من العالمين فمَنْ الذي علَّمه، ومن أين جاء بكل هذا البحر القمقام والمحيط الطمطام من العلم الذي لا يساحل ولا يجادل، فإنه من علم الله علمه دون شك أو ريب، وهذا ليس بدعاً من الأنبياء والرسل الكرام فإن الله علَّمهم من عنده ومن علمه وهو الذي آتاهم كما وصف الكثيرين منهم في كتابه الحكيم، كقوله بحق نبي الله يعقوب: (وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) (يوسف/68) وبحق العبد الصالح الذي امتحن به كليم الله موسى (ع): (فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا) (الكهف/65)، ولذا اصطلح العلماء على هذا العلم باللدنِّي، أي أن علم هؤلاء الكرام ليس بالدِّراسة بل اكتسبوه بالوراثة، وهو الذي قال: (لَيْسَ اَلْعِلْمُ بِكَثْرَةِ اَلتَّعَلُّمِ وَإِنَّمَا هُوَ نُورٌ يَقْذِفُهُ اَللَّهُ تَعَالَى فِي قَلْبِ مَنْ يُرِيدُ اَللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ) (منیة المرید: ج۱ ص۱6۷) الأدب قبل العلم (منهج الإمام جعفر) ومن عجيب ما يُنقل عن الإمام الصادق (ع) ومنهجه في التعليم بأنه كان يبدأ طلابه بالأدب قبل أن يلقي إليه العلم، "فلقد كان الإمام الصادق (ع) يبدأ مع مَنْ يريد أن يتعلم العلم منه بتعليم الأخلاق ويُبيِّن له اللباب فيما يرتبط بهذا الباب، أي يطلب منه الالتزام بتلك الأصول التي تؤدي به إلى الإيمان والصلاح، والشجاعة والحلم، والكرم وعمل الخير، ومساعدة الناس، وغيرها من المفردات الأخلاقية. هذا رجل من أهل البصرة اسمه "عنوان" يأتي المدينة المنورة لطلب العلم ويبدأ مع مالك بن أنس، ثم يتصل بالإمام الصادق (ع) فيطلب منه أن يعلِّمه شيئاً ويعتذر الإمام قائلاً: (إِنِّي رَجُلٌ مَطْلُوبٌ وَمَعَ ذَلِكَ لِي أَوْرَادٌ فِي كُلِّ سَاعَةٍ مِنْ آنَاءِ اَللَّيْلِ وَاَلنَّهَارِ فَلاَ تَشْغَلْنِي عَنْ وِرْدِي فَخُذْ عَنْ مَالِكٍ وَاِخْتَلِفْ إِلَيْهِ كَمَا كُنْتَ تَخْتَلِفُ إِلَيْهِ. فَاغْتَمَمْتُ مِنْ ذَلِكَ وَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَوْ تَفَرَّسَ فِيَّ خَيْراً لَمَا زَجَرَنِي عَنِ اَلاِخْتِلاَفِ إِلَيْهِ وَاَلْأَخْذِ عَنْهُ فَدَخَلْتُ مَسْجِدَ اَلرَّسُولِ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعْتُ مِنَ اَلْغَدِ إِلَى اَلرَّوْضَةِ وَصَلَّيْتُ فِيهَا رَكْعَتَيْنِ وَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ يَا اَللَّهُ يَا اَللَّهُ أَنْ تَعْطِفَ عَلَيَّ قَلْبَ جَعْفَرٍ وَتَرْزُقَنِي مِنْ عِلْمِهِ مَا أَهْتَدِي بِهِ إِلَى صِرَاطِكَ اَلْمُسْتَقِيمِ وَرَجَعْتُ إِلَى دَارِي مُغْتَمّاً حَزِيناً وَلَمْ أَخْتَلِفْ إِلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ لِمَا أُشْرِبَ قَلْبِي مِنْ حُبِّ جَعْفَرٍ فَمَا خَرَجْتُ مِنْ دَارِي إِلاَّ إِلَى اَلصَّلاَةِ اَلْمَكْتُوبَةِ حَتَّى عِيلَ صَبْرِي فَلَمَّا ضَاقَ صَدْرِي تَنَعَّلْتُ وَتَرَدَّيْتُ وَقَصَدْتُ جَعْفَراً وَكَانَ بَعْدَمَا صَلَّيْتُ اَلْعَصْرَ فَلَمَّا حَضَرْتُ بَابَ دَارِهِ اِسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَخَرَجَ خَادِمٌ لَهُ فَقَالَ: مَا حَاجَتُكَ؟ فَقُلْتُ: اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلشَّرِيفِ، فَقَالَ: هُوَ قَائِمٌ فِي مُصَلاَّهُ فَجَلَسْتُ بِحِذَاءِ بَابِهِ فَمَا لَبِثْتُ إِلاَّ يَسِيراً إِذْ خَرَجَ خَادِمٌ لَهُ قَالَ: أُدْخُلْ عَلَى بَرَكَةِ اَللَّهِ، فَدَخَلْتُ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ اَلسَّلاَمَ وَقَالَ: اِجْلِسْ غَفَرَ اَللَّهُ لَكَ، فَجَلَسْتُ فَأَطْرَقَ مَلِيّاً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: أَبُو مَنْ؟ قُلْتُ: أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ، قَالَ: ثَبَّتَ اَللَّهُ كُنْيَتَكَ وَوَفَّقَكَ لِمَرْضَاتِهِ. قُلْتُ فِي نَفْسِي: لَوْ لَمْ يَكُنْ لِي مِنْ زِيَارَتِهِ وَاَلتَّسْلِيمِ عَلَيْهِ غَيْرُ هَذَا اَلدُّعَاءِ لَكَانَ كَثِيراً، ثُمَّ أَطْرَقَ مَلِيّاً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ مَا حَاجَتُكَ؟ قُلْتُ: سَأَلْتُ اَللَّهَ أَنْ يَعْطِفَ قَلْبَكَ عَلَيَّ وَيَرْزُقَنِي مِنْ عِلْمِكَ وَأَرْجُو أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَجَابَنِي فِي اَلشَّرِيفِ مَا سَأَلْتُهُ. فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ لَيْسَ اَلْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ إِنَّمَا هُوَ نُورٌ يَقَعُ فِي قَلْبِ مَنْ يُرِيدُ اَللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يُبْدِيَهُ فَإِنْ أَرَدْتَ اَلْعِلْمَ فَاطْلُبْ أَوَّلاً مِنْ نَفْسِكَ حَقِيقَةَ اَلْعُبُودِيَّةِ وَاُطْلُبِ اَلْعِلْمَ بِاسْتِعْمَالِهِ وَاِسْتَفْهِمِ اَللَّهَ يُفَهِّمْكَ. قُلْتُ: يَا شَرِيفُ، فَقَالَ: قُلْ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ، قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ مَا حَقِيقَةُ اَلْعُبُودِيَّةِ؟ قَالَ: ثَلاَثَةُ أَشْيَاءَ أَنْ لاَ يَرَى اَلْعَبْدُ لِنَفْسِهِ فِيمَا خَوَّلَهُ اَللَّهُ إِلَيْهِ مِلْكاً لِأَنَّ اَلْعَبِيدَ لاَ يَكُونُ لَهُمْ مِلْكٌ يَرَوْنَ اَلْمَالَ مَالَ اَللَّهِ يَضَعُونَهُ حَيْثُ أَمَرَهُمُ اَللَّهُ تَعَالَى بِهِ.. وَلاَ يُدَبِّرُ اَلْعَبْدُ لِنَفْسِهِ تَدْبِيراً.. وَجُمْلَةُ اِشْتِغَالِهِ فِيمَا أَمَرَهُ اَللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَنَهَاهُ عَنْهُ فَإِذَا لَمْ يَرَ اَلْعَبْدُ لِنَفْسِهِ فِيمَا خَوَّلَهُ اَللَّهُ تَعَالَى مِلْكاً هَانَ عَلَيْهِ اَلْإِنْفَاقُ فِيمَا أَمَرَهُ اَللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُنْفِقَ فِيهِ وَإِذَا فَوَّضَ اَلْعَبْدُ تَدْبِيرَ نَفْسِهِ عَلَى مُدَبِّرِهِ هَانَ عَلَيْهِ مَصَائِبُ اَلدُّنْيَا وَإِذَا اِشْتَغَلَ اَلْعَبْدُ بِمَا أَمَرَهُ اَللَّهُ تَعَالَى وَنَهَاهُ لاَ يَتَفَرَّغُ مِنْهُمَا إِلَى اَلْمِرَاءِ وَاَلْمُبَاهَاةِ مَعَ اَلنَّاسِ، فَإِذَا أَكْرَمَ اَللَّهُ اَلْعَبْدَ بِهَذِهِ اَلثَّلاَثِ هَانَ عَلَيْهِ اَلدُّنْيَا وَإِبْلِيسُ وَاَلْخَلْقُ وَلاَ يَطْلُبُ اَلدُّنْيَا تَكَاثُراً وَتَفَاخُراً وَلاَ يَطْلُبُ عِنْدَ اَلنَّاسِ عِزّاً وَعُلُوّاً وَلاَ يَدَعُ أَيَّامَهُ بَاطِلاً فَهَذَا أَوَّلُ دَرَجَةِ اَلْمُتَّقِينَ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: (تِلْكَ اَلدّارُ اَلْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي اَلْأَرْضِ وَلا فَساداً وَاَلْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (القصص/ 83) قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ أَوْصِنِي. فَقَالَ: أُوصِيكَ بِتِسْعَةِ أَشْيَاءَ فَإِنَّهَا وَصِيَّتِي لِمُرِيدِي اَلطَّرِيقِ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاَللَّهَ أَسْأَلُ أَنْ يُوَفِّقَكَ لاِسْتِعْمَالِهِ ثَلاَثَةٌ مِنْهَا فِي رِيَاضَةِ اَلنَّفْسِ، وَثَلاَثَةٌ مِنْهَا فِي اَلْحِلْمِ، وَثَلاَثَةٌ مِنْهَا فِي اَلْعِلْمِ فَاحْفَظْهَا وَإِيَّاكَ وَاَلتَّهَاوُنَ بِهَا. قَالَ عُنْوَانُ: فَفَرَّغْتُ قَلْبِي لَهُ، فَقَالَ: أَمَّا اَللَّوَاتِي فِي اَلرِّيَاضَةِ فَإِيَّاكَ أَنْ تَأْكُلَ مَا لاَ تَشْتَهِيهِ فَإِنَّهُ يُورِثُ اَلْحِمَاقَةَ وَاَلْبَلَهَ، وَلاَ تَأْكُلْ إِلاَّ عِنْدَ اَلْجُوعِ وَإِذَا أَكَلْتَ فَكُلْ حَلاَلاً وَسَمِّ اَللَّهَ وَاُذْكُرْ حَدِيثَ اَلرَّسُولِ: (مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرّاً مِنْ بَطْنِهِ فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ). وَأَمَّا اَللَّوَاتِي فِي اَلْحِلْمِ فَمَنْ قَالَ لَكَ إِنْ قُلْتَ وَاحِدَةً سَمِعْتَ عَشْراً، فَقُلْ إِنْ قُلْتَ عَشْراً لَمْ تَسْمَعْ وَاحِدَةً، وَمَنْ شَتَمَكَ فَقُلْ إِنْ كُنْتَ صَادِقاً فِيمَا تَقُولُ فَاللَّهَ أَسْأَلُ أَنْ يَغْفِرَهَا لِي وَإِنْ كُنْتَ كَاذِباً فِيمَا تَقُولُ فَاللَّهَ أَسْأَلُ أَنْ يَغْفِرَهَا لَكَ، وَمَنْ وَعَدَكَ بِالْجَفَاءِ فَعِدْهُ بِالنَّصِيحَةِ وَاَلدُّعَاءِ. وَأَمَّا اَللَّوَاتِي فِي اَلْعِلْمِ فَاسْأَلِ اَلْعُلَمَاءَ مَا جَهِلْتَ وَإِيَّاكَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ تَعَنُّتاً وَتَجْرِبَةً وَإِيَّاكَ أَنْ تَعْمَلَ بِرَأْيِكَ شَيْئاً وَخُذْ بِالاِحْتِيَاطِ فِي جَمِيعِ مَا تَجِدُ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَاُهْرُبْ مِنَ اَلْفُتْيَا هَرَبَكَ مِنَ اَلْأَسَدِ وَلاَ تَجْعَلْ رَقَبَتَكَ لِلنَّاسِ جِسْراً قُمْ عَنِّي يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ فَقَدْ نَصَحْتُ لَكَ وَلاَ تُفْسِدْ عَلَيَّ وِرْدِي فَإِنِّي اِمْرُؤٌ ضَنِينٌ بِنَفْسِي وَاَلسَّلاَمُ). (بحار الأنوار: ج۱ ص۲۲4) الله الله هذا فعلاً أدب الإمام جعفر الصادق (ع) الذي كان يؤدِّب قبل أن يعلِّم وأما الآن فقد فقدنا الأخلاق والأدب كله للأسف الشديد وصار الطالب يتعلَّم ليتطاول على خلق الله وربما أول مَنْ يتطاول عليه والده وأهله لأنه صار متعلماً ببعض العلوم وهو لا يدري أنه ربما لم يقترب من ساحل ذلك العلم ونعم ما قاله أمير البيان وفارس الكلام، الإمام علي (ع): (اَلْعِلْمُ نُقْطَةٌ كَثَّرَهَا اَلْجَاهِلُونَ). (عوالي اللئالي: ج4 ص۱۲۹) عظم الله أجركم يا مؤمنين بالإمام جعفر الصادق (ع) علم الأعلام ونور الأنام في الظلام.


جريدة الرؤية
١٧-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- جريدة الرؤية
النداء الأخير!
جابر حسين العُماني ** في مُعظم رحلات الحياة التي يُخطط لها الإنسان، لا بُد أن تُصادفه لحظة أخيرة يُعلَن فيها النداء الأخير قبل إغلاق كل شيء، عندها يستجيب البعض لذلك النداء دون تردد أو تأخير أو تسويف، حتى لا تفوتهم الرحلة، بينما يتكاسل آخرون ويماطلون ويتأخرون، فيخسرون الرحلة بكل ما تحمله من مزايا جميلة. هكذا هي رحلة الإنسان وانتقاله من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة، رحلةٌ يسيطر فيها ملك الموت، الذي سخّره الله تعالى لقبض أرواح البشر، فهو لا يكتفي بالنداء الأخير، بل يستل الأرواح من أجسادها، فتتكرر حالات الوفاة أمامنا في كل حين، حاملة رسائل واضحة لا لبس فيها، تنبه الإنسان بأنَّ الحساب آت لا محالة. فما الذي قدمته لآخرتك؟ يهلّ علينا شهر رمضان المبارك كل عام بالمغفرة والرحمة والضيافة الإلهية، ويأتي معه النداء الإلهي، قال تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60]. يُوجه هذا النداء كذلك إلى من أهمل الشهر الكريم وعبادة الله تعالى فيه، وهي رسالة واضحة مفادها تذكير الإنسان بما فرّط فيه من عمره في غير طاعة تعالى، وكأن النداء يقول: "يا ابن آدم، إنَّ الفرصة لا تدوم، فاغتنمها قبل فواتها." والمطلوب من الإنسان استغلال الفرص المتاحة قبل حلول النداء الأخير، وما أجمل تلك الفرص عندما تستغل في شهر الطاعات والرحمات، الشهر الذي دعانا الله تعالى لضيافته. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما خطب في الناس مذكرا لهم بأهمية شهر رمضان المبارك واستغلال أوقاته بما ينفعهم: "أَيُّهَا اَلنَّاسُ؛ إِنَّهُ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ شَهْرُ اَللَّهِ بِالْبَرَكَةِ وَاَلرَّحْمَةِ وَاَلْمَغْفِرَةِ، شَهْرٌ هُوَ عِنْدَ اَللَّهِ أَفْضَلُ اَلشُّهُورِ، وَأَيَّامُهُ أَفْضَلُ اَلْأَيَّامِ، وَلَيَالِيهِ أَفْضَلُ اَللَّيَالِي، وَسَاعَاتُهُ أَفْضَلُ اَلسَّاعَاتِ، هُوَ شَهْرٌ دُعِيتُمْ فِيهِ إِلَى ضِيَافَةِ اَللَّهِ". فعلى الإنسان أن يعلم أن شهر رمضان لم يجعله الله تعالى شهرًا للإسراف أو التبذير في الطعام أو الشراب أو اللعب والملهيات، كما هو متعارف عليه في زماننا عند البعض، بل هو فرصة ثمينة لمحاسبة النفس، ومراجعة العمل، والعودة إلى الله تعالى. لذا ينبغي على الإنسان ألّا يفوّت الفرصة فيه، وأن يعتبره النداء الأخير لكل من تهاون في أداء صلاته، أو ابتعد عن القرآن الكريم، أو أثقلته الذنوب والمعاصي والموبقات، أو أحاطت به الغفلة والملذات. وهو نداء يدعونا إلى العودة الفورية إلى الله تعالى حتى نستطيع أن نحظى بمغفرته ورضوانه وضيافته الكريمة. قد يتساءل بعض الناس: ماذا يمكننا أن نفعل في شهر رمضان إلى جانب إقامة الصلاة، وحضور المساجد، وقراءة القرآن الكريم؟ والجواب أن هناك العديد من الأعمال العبادية التي تقرب الإنسان من رضا الله تعالى، وهي سهلة ويسيرة، ويمكن استغلالها في هذا الشهر الفضيل، ومنها: أولًا: جدد توبتك مع الله تعالى، وحاول أن تكتب الذنوب والمعاصي التي اقترفتها في دفتر هاتفك بينك وبين نفسك، وعاهد الله أنك لن تعود إليها مهما حصل. ثانيًا: أكثر من السجود لله تعالى، واعلم أن أقرب ما يكون العبد من ربه هو عندما يكون ساجدًا خاضعًا لله وحده لا شريك له. ثالثًا: أكثر من قراءة الأذكار، ومن الجيد أن تكتبها في عدة أماكن داخل غرفة نومك لتتذكرها دائمًا وترددها باستمرار، مثل: "أَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ"، أو "اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ اَلْعٰالَمِينَ"، أو "اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ"، أو "لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ اَلْعَلِيِّ اَلْعَظِيمِ". رابعًا: عوّد نفسك على إخراج الصدقة في كل يوم للفقراء والمساكين، ولو بالقليل، فإن الصدقة تدفع البلاء المبرم كما ورد في الأحاديث النبوية الشريفة. خامسًا: أصلح نفسك وغيّر غيرك، واجعل من نفسك قدوة حسنة، فلا تنصح الناس بشيء وتفعل عكسه. كن مصلحًا للمتخاصمين، واعلم أن ذلك من أهم الأعمال التي ترضي الله تعالى، يَوْمَ لاٰ يَنْفَعُ مٰالٌ وَلاٰ بَنُونَ إِلاّٰ مَنْ أَتَى اَللّٰهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ. سادسًا: جاهد نفسك ما استطعت، وانتبه من الغيبة والنميمة والبهتان، واستغل الوقت في طاعة الله تعالى، واعلم أن أيام شهر رمضان معدودة، فينبغي استغلالها بشكل أفضل وأجمل. وأخيرًا.. كُنْ على ثقة بالله تعالى، واعلم أن الله تعالى يقول: { وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ }، ويقول: { وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ } ، اجعل ندائك الأخير في هذه الدنيا هو العمل الصالح لتحظى بذلك برضا الله تعالى. ** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء


وكالة نيوز
٢٨-٠٢-٢٠٢٥
- منوعات
- وكالة نيوز
في ضيافة شهر الله.. الاستعدادات الروحية والاجتماعية لاستقبال شهر
شفقنا- في مجتمعاتنا نتهيأ ماديًا لاستقبال شهر رمضان بتفقد حاجات البيت حيث تزدحم الأسواق لشراء المواد الغذائية، وكأن شهر رمضان هو شهر الطعام والشراب، فكل التقارير تشير إلى أن استهلاك المواد الغذائية يزيد في شهر رمضان، فأين استعداداتنا الروحية والاجتماعية؟ لأهمية تهيؤ الإنسان المؤمن لاستقبال شهر رمضان وردت أحاديث وروايات عدة، حيث ورد عن رسول الله أحاديث كثيرة كان يوجه الناس من خلالها قبيل شهر رمضان، حتى يهيئهم لاستقبال هذا الشهر المبارك. وكذلك وردت خطب عن الإمام علي عليه السلام وروايات عن سائر الأئمة، كلها تصب في هذا السياق. وفي هذا السياق تأتي الرواية التي ينقلها عبد السلام الهروي عن الإمام الرضا قال: دخلت على أبي الحسن علي بن موسى الرضا في آخر جمعة من شهر شعبان فقال لي: «يَا أَبَا اَلصَّلْتِ إِنَّ شَعْبَانَ قَدْ مَضَى أَكْثَرُهُ وَ هَذَا آخِرُ جُمُعَةٍ فِيهِ فَتَدَارَكْ فِيمَا بَقِيَ مِنْهُ تَقْصِيرَكَ فِيمَا مَضَى مِنْهُ وَ عَلَيْكَ بِالْإِقْبَالِ عَلَى مَا يَعْنِيكَ وَ أَكْثِرْ مِنَ اَلدُّعَاءِ وَ اَلاِسْتِغْفَارِ وَ تِلاَوَةِ اَلْقُرْآنِ وَ تُبْ إِلَى اَللَّهِ مِنْ ذُنُوبِكَ لِيُقْبِلَ شَهْرُ اَللَّهِ إِلَيْكَ وَ أَنْتَ مُخْلِصٌ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَلاَ تَدَعَنَّ أَمَانَةً فِي عُنُقِكَ إِلاَّ أَدَّيْتَهَا وَ لاَ فِي قَلْبِكَ حِقْداً عَلَى مُؤْمِنٍ إِلاَّ نَزَعْتَهُ وَ لاَ ذَنْباً أَنْتَ مُرْتَكِبُهُ إِلاَّ قَلَعْتَ عَنْهُ وَ اِتَّقِ اَللَّهَ وَ تَوَكَّلْ عَلَيْهِ فِي سِرِّ أَمْرِكَ وَ عَلاَنِيَتِهِ – وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّٰهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اَللّٰهَ بٰالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اَللّٰهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً وَ أَكْثِرْ مِنْ أَنْ تَقُولَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ هَذَا اَلشَّهْرِ – اَللَّهُمَّ إِنْ لَمْ تَكُنْ غَفَرْتَ لَنَا فِيمَا مَضَى مِنْ شَعْبَانَ فَاغْفِرْ لَنَا فِيمَا بَقِيَ مِنْهُ فَإِنَّ اَللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يُعْتِقُ فِي هَذَا اَلشَّهْرِ رِقَاباً مِنَ اَلنَّارِ لِحُرْمَةِ شَهْرِ رَمَضَانَ» . صيام أيام قبل رمضان تؤكد بعض النصوص أهمية التهيؤ لاستقبال شهر رمضان بصيام أيام من شهر رجب، أو صيام أيام من شهر شعبان، وهو الشهر «الَّذِي حَفَفْتَهُ مِنْكَ بِالرَّحْمَةِ وَ الرِّضْوَانِ الَّذِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَدْأَبُ فِي صِيَامِهِ وَ قِيَامِهِ فِي لَيَالِيهِ وَ أَيَّامِهِ»، كما ورد في الدعاء المروي عن علي بن الحسين. أو لا أقل صيام الأيام الأخيرة من شهر شعبان، حيث ورد عن الإمام جعفر الصادق : «مَنْ صَامَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ شَعْبَانَ وَ وَصَلَهَا بِشَهْرِ رَمَضَانَ كَتَبَ اَللَّهُ لَهُ صَوْمَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ» . طهارة المال: هل الطعام الذي ستفطر عليه بعد يوم شاق من الصيام من مال حلال؟ يأتي التأكيد على هذا الأمر في حديث مروي عن رسول الله: «كُلُوا الحَلالَ يَتِمَّ لَكُم صَومُكُم» . وروي عنه: «لْعِبَادَةُ مَعَ أَكْلِ اَلْحَرَامِ كَالْبِنَاءِ عَلَى اَلرَّمْلِ، وَقِيلَ عَلَى اَلْمَاءِ» . لذلك على الإنسان قبل شهر رمضان أن يطهر أمواله، بإخراج حقوق الله من خمس وزكاة، وحقوق الناس. ومن كان عليه شيء من تلك الحقوق فليكن شهر شعبان فرصة له ليحاسب نفسه، حتى يدخل عليه الشهر الكريم وماله طاهر نقي من حقوق الله وحقوق الناس. وهذا ما يشير إليه الإمام الرضا في قوله: «وَلاَ تَدَعَنَّ أَمَانَةً فِي عُنُقِكَ إِلاَّ أَدَّيْتَهَا». تصفية النفس: وذلك بالتوبة وترك الذنوب، ونزع الضغائن والأحقاد من القلب، تجاه كل أحد قريب أو بعيد، لا تدع في قلبك ذرة حقد على أحد، لتستقبل شهر رمضان بنفس راضية طيبة، حتى تضمن رضا الله تعالى وتنال كرامته في هذا الشهر الكريم. كما جاء في الخطبة الواردة عن رسول الله في استقبال شهر رمضان: «فَاسْأَلُوا اَللَّهَ رَبَّكُمْ بِنِيَّاتٍ صَادِقَةٍ، وَقُلُوبٍ طَاهِرَةٍ، أَنْ يُوَفِّقَكُمْ لِصِيَامِهِ، وَتِلاَوَةِ كِتَابِهِ، فَإِنَّ اَلشَّقِيَّ مَنْ حُرِمَ غُفْرَانَ اَللَّهِ فِي هَذَا اَلشَّهْرِ اَلْعَظِيمِ» . وكذلك ما جاء في الرواية عن الإمام الرضا : «وَتُبْ إِلَى اَللَّهِ مِنْ ذُنُوبِكَ لِيُقْبِلَ شَهْرُ اَللَّهِ إِلَيْكَ، وَأَنْتَ مُخْلِصٌ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَلاَ تَدَعَنَّ أَمَانَةً فِي عُنُقِكَ إِلاَّ أَدَّيْتَهَا، وَلاَ فِي قَلْبِكَ حِقْداً عَلَى مُؤْمِنٍ إِلاَّ نَزَعْتَهُ». *الشيخ حسن الصفار/موقع الصفار انتهى


شبكة النبأ
٢٥-٠٢-٢٠٢٥
- منوعات
- شبكة النبأ
مُشكِلَةُ صِغرُ السِّنِ فِي الأَنبِيَاءِ وَالأَولِيَاء
فمَنْ ينظر إلى مسألة العمر والسِّن في مسائل الدِّين فهو يخالف رب العالمين بقول واحد وواضح تماماً، إذ أن من البديهيات أن ذلك لا علاقة له بمسألة العمر والسن في الإنسان فنوح نبي والسيد المسيح ويحيى أنبياء كرام وعظام دون فرق بينهم في أمر السماء والكل أمَرَ الله بطاعتهم... ولد الإمام الحجة بن الحسن المهدي (ع) في 15 شعبان 255 ه واستلم الولاية في 260 ه العقيدة هي ما يعقد في القلب من أمر الرَّب سبحانه وتعالى، فهي ليست من الأمور الخارجية البسيطة بل هي من الأمور الأساسية التي يقوم عليها الإنسان في حياته ويتقوَّم على أساسها فكره وأخلاقه، والناس في هذا العصر الرقمي الأغبر أضاعوا أنفسهم بضياع عقائدهم فترى أكثرهم كالأنعام وأضل سبيلاً والعياذ بالله. وقبل أيام سافر أحد الأخوة من العلماء والسادة الأجلاء إلى البرازيل بمهمة شرعية لمراقبة عمليات الذبح للحوم المستوردة من هذا البلد، فسألته: كيف وجدت الله تعالى والدِّين في هذا البلد سيدنا؟ فقال بشيء من الأسف والخجل: لا وجود لله ولا للدِّين في البلد للأسف الشديد، فالناس همَّهم أن يأكلوا ويشربوا ويتسافدوا ويناموا فقلت له: كما وصفهم الله تعالى في كتابه كالأنعام، فضحك وقال: نعم بل هم أضل من الأنعام. فالعقيدة مقياس للقيم الإلهية، وميزان لمدى تديُّن الإنسان، فهي ليست طارئة على حياتنا بل هي كل شيء فيها ولذا نحن -بحمد الله وفضله- نؤمن بأن الإسلام دين وتمدين، عقل وعلم، فكر وحضارة، قرآن وسُنة، وحلال وحرام، وطهارة ونجاسة، وهو يحكم كل حياتنا ويطهِّرها وينقِّيها ويزكِّيها من كل عيب أو رجس مادي أو معنوي لأنه دين الله أنزله ليُنقذنا من ظلمات الجهل والتخلف ويرفعنا إلى قمَّة الحضارة والرُّقي الإنساني. ومن العقائد الأساسية التي هي مقياس لأعمالنا هو قبولنا لأوامر الله وطاعته في كل ما أمرنا به، وكذلك قبولنا بأوامر رسول الله (ص) وكل ما جاء به من الله تعالى، ولا يكون لنا من الأمر شيء أو خيرة تخالف ذلك كله سواء رضينا أو لا، لأن الله لا يقول إلا الحق والصدق، ولا يأمرنا إلا بما يحقق مصالحنا ولذا يقول العلماء: (إن مدارك الأحكام ومصالحها وحكمتها قد لا ندركها)، فنؤمن بها ونسلِّّم لأمر الله ونطيعه فيها، كصلاة الصبح لماذا هي ركعتان فأين المصلحة فيها، وما هي البركة التي جعلها الله فيها؟ لا ندري حقيقة. وأصحاب الأئمة (عليهم السلام) ضربوا أروع الأمثلة على هذا التسليم فعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): وَاَللَّهِ لَوْ فَلَقْتَ رُمَّانَةً بِنِصْفَيْنِ، فَقُلْتَ هَذَا حَرَامٌ وَهَذَا حَلاَلٌ، لَشَهِدْتُ أَنَّ اَلَّذِي قُلْتَ حَلاَلٌ حَلاَلٌ وَأَنَّ اَلَّذِي قُلْتَ حَرَامٌ حَرَامٌ، فَقَالَ: رَحِمَكَ اَللَّهُ رَحِمَكَ اَللَّهُ). (رجال الکشي: ج۱ ص۲4۹) وهذا هو التسليم لأمر الله ورسوله وأوليائه، وهذا لا يؤتاه إلا كل ذو حظٍّ عظيم من هذه الأمة المرحومة إذ أن أثقل شيء على النفس البشرية أن تتقبل مثل هذا التكليف، إذ كيف يطيع إنسان مثله يراه أمامه بشر يأكل ويشرب ويمشي في الأسواق فكيف يخضع له، وهو لا يدري أن الامتحان هو بهذا الخضوع لمَنْ أمر الله بطاعته والتسليم له بكل ما يقول ويأمر، ولذا امتحن الله إبليس والملائكة بالسجود لآدم (ع) فسجد الملائكة الطائعون وأبى ورفض إبليس الجبار المتكبر فطرده الله من رحمته وجوار قدسه وهكذا هو الامتحان للبشر بطاعة الرسول والولي والتسليم له دون النَّظر إلى أي شيء آخر لا العمر ولا السن ولا الجاه ولا المال ولا أي شيء من قيم الدنيا ومادياتها الزائفة الزائلة، قال تعالى: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (القصص/68)، فالأمر والخيرة هي من الله والطاعة المطلق لله تعالى ولمَنْ فوَّضه بأمره. مشكلة السِّن في الأنبياء (ع) وهنا نلقي نظرة على تاريخ وقصص الأنبياء الكرام من البشر لا سيما الذين حدَّثنا القرآن الحكيم عنهم، فبنظرة بسيطة وسطحية نعرف أن مشكلة السِّن والكبر والصغر لا شأن لها ولا علاقة في مسألة الرسالة الربانية والنبوة الإلهية إذ أن العمر يتعلَّق بحركة الفلك والشمس والقمر لضبط حركة الإنسان في هذه الدنيا، وهي مخلوقة لله تعالى وخاصة بحركة الأرض والمجموعة الشمسية فقط، وأما الزمن فهو شيء خاص بالناس وحياتهم وأمر الله أسمى وأعلى من الزمن، وهو الذي يختار أنبياءه من عالم الذر بل من عالم الأمر فيرعاهم من قبل أن يُخلقوا ثم يسدد آباءهم وأمهاتهم عندما يلتقوا على أمر الله وشرعه، إذ أنه لا يجوز لا عقلاً ولا نقلاً أن يولد نبي من مشرك أو كافر لأنه طاهر وأولئك نجسون فلا يمكن أن يأتي الطاهر منهما هذا عدا عن المؤثرات الوضعية للنطفة وأثر الوراثة وما اكتشفه العلماء الآن بثورة الجينوم والخريطة الوراثية. ولذا نجد في قصص الأنبياء الكرام نبياً عمره حوالي ثلاثة آلاف عام، وآخر يكلم الناس في المهد، فأين مسألة ومشكلة العمر في ذلك كله؟ فنبي الله نوح (ع) وهو أطول الناس عمراً كما قال له جبرائيل (ع) على ما في الرواية، فكان نبياً مرسلاً ومن أولي العزم، وكذلك السيد المسيح (ع) كان ابن ست ساعات فقط وهو في المهد وكلَّم الناس وأقام عليهم الحجة وقال: (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) (مريم/34)، فما الفرق بينهما في النبوة والرسالة؟ فلا علاقة للنبوة والرسالة وأمر الله تعالى بالعمر والسِّن كبراً أو صغراً فنوح نبي مرسل، والمسيح نبي مرسل، وكذلك ابن خالته يحيى بن زكريا الذي آتاه الله النبوة والحكم والكتاب صبياً كما قال تعالى: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) (مريم/12)، فهل تجد من فرق بينه وبين أباه زكريا، أو بينهما وبين السيد المسيح أو بينهم وبين إبراهيم الخليل ونوح من جهة النبوة والرسالة؟ كلا بل هم جميعاً شرع سواء في النبوة ويتفاضلون فيما بينهم بالرسالة والشريعة والكتاب أي بالتكليف بالنسبة للبشر أنفسهم. فمَنْ ينظر إلى مسألة العمر والسِّن في مسائل الدِّين فهو يخالف رب العالمين بقول واحد وواضح تماماً، إذ أن من البديهيات أن ذلك لا علاقة له بمسألة العمر والسن في الإنسان فنوح نبي والسيد المسيح ويحيى أنبياء كرام وعظام دون فرق بينهم في أمر السماء والكل أمَرَ الله بطاعتهم والتسليم لهم فيما جاؤوا به من أمر السماء، فنوح أمر قومه بالتوحيد ونبذ عبادة الأصنام، ولذلك السيد المسيح وهو في المهد جاء بنفس الرسالة والمضمون ولكن بزمان مختلف وقوم مختلفون أيضاً، لأن دين الله واحد من عند الواحد الأحد الفرد الصمد، ولا خلاف في الأصول ولكن هناك بعض الاختلافات في الفروع والتشريعات لأنها ترتبط بالزمن والتقدم البشري علمياً وفكرياً وثقافياً وعقلياً، فهي متطورة ومتقدِّمة على البشر في كل ذلك ولذا مهما تقدم البشر يرون التشريع الرباني يسبقهم بقرون ضوئية، وهذا القرآن الحكيم أعظم وأكبر شاهد على ذلك كله. مشكلة السِّن في الأولياء (ع) وكذلك المسألة واحدة والقول هو القول في أولياء الله وأئمة الناس أجمعين، فأمرهم بيد الله وتكليفهم من عنده تعالى ولا ربط ولا شأن للبشر فيها وقد لا يدركون معناها ولكن الله ضرب لهم الأمثال في القرآن حتى لا يضلوا أو يزلوا في مسألة العمر وكبر السن، وكذلك الأمر في المجتمع الذي يعيشون فيه يرون شاباً يتمتع بذكاء خارق وكاريزما قيادية عجيبة فيتقدَّم على شيوخ قومه وكم في التاريخ من أمثلة على ذلك؟ وهنا يجب أن ننتبه إلى قوانين الله الحاكمة في هذا الكون، وهي ما نسمِّيه السُّنن الربانية الحاكمة في هذا الكون كقانون الحركة الذي يضبط المجرة كلها والشمس بكبرها، وهو نفسه يضبط حركة الذرة والخلية الواحدة، والقانون أو السُّنَّة لا ترتبط بالعمر أو السِّن أو حتى بالزمن أصلاً لأنه أعلى وأرقى من الزمن نفسه، ولذا نجد أن النبي يؤيده الله بالمعجزة وهي خرق السُّنن والقوانين الحاكمة التي لا يمكن أن يخرقها إلا خالقها وواضعها تعالى. وكذلك الولاية فهي عطاء رباني لأشخاص بأعيانهم وأشخاصهم وخصوصياتهم يختارهم الله ويصطفيهم ويعيِّنهم ثم يبيِّنهم وينصِّبهم على الناس أولياء ويأمر بطاعتهم والتزام أمرهم ونهيهم في أمور الدِّين والدنيا والحياة برمتها لأنهم قادة البشر وسادتهم كل في زمانه وعصره ولا علاقة للسن في ذلك كله، فهم كالأنبياء الكرام فهل كان السيد المسيح (ع) عندما كلفه الله وأمره بالرسالة وأمر الناس بطاعته أكبر أهل زمانه وأسن قومه؟ كلا قطعاً بل كان أصغرهم لأنه كان في المهد ابن ساعات لا يتجاوزها. الإمام المهدي (ع) وصغر السِّن وهنا نأتي إلى هذه المسألة البسيطة بساطة الماء والهواء في هذه الحياة ولكن اتخذها بعض الجهال وأبناء أبو الجهل الذين رضعوا لبان التخلف من رجال قريش وبعض صبيان النار المروانية أو أكلوا من فروع الشجرة الملعونة في القرآن الأموية وراحوا يقيِّمون ويقيسون العقيدة والأمة ورجالات الفكر والعلم والفقه بعقولهم الفاسدة، وعقائدهم الجامدة، ويهرفون بما لا يعرفون ولو رجعوا إلى القرآن الكريم والواقع الذي يعيشونه لرأوا الحقيقة ماثلة أمام أعينهم ولكنهم أعمى أعينهم التعصب، وجمَّد عقولهم للأسف الشديد. وراحوا يتطاولون على مَنْ هو السبب في وجودهم، وعيشهم، ورزقهم، وسيدهم، وإمامهم الذين إذا لم يعرفوه ماتوا على غير هذه الملة ففي الحديث النبوي الشريف يقول: (مَن مَاتَ وَليسَ في عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً) (صحيح مسلم: ح1851 والحديث صحيح)، و(من مات بغيرِ إمامٍ مات ميتةً جاهليةً)، و(مَنْ مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية)، أو (مات على غير هذه الملَّة)، أو(قيل له: مت يهودياً أو نصرانياً)، فهي روايات متواترة بالمعنى إذا لم نقل بالتواتر اللفظي، فالحديث ثابت وهو حجة على جميع أفراد هذه الأمة المكلَّفين منها بأن يعرفوا إمام زمانهم الذي افترض الله عليهم طاعته وهو سائلهم عنه في قبورهم وعند حشرهم ونشرهم وحسابهم، فمَنْ هو هذا الإمام يا أمة الإسلام؟ ليس لأحد من هذه الأمة جواب إلا مَنْ يقول: إنه الإمام المهدي من آل محمد (صلوات الله عليهم)، الذي نؤمن به وندين الله بإمامته وولايته علينا وعلى الكون كله، فهو الإمام الذي ادَّخره الله ليكون منقذ البشرية ومخلِّصها من شقائها وتسلُّط هؤلاء الأشقياء عليها، وهم الذين سيملؤون الأرض ظلماً وجوراً وفساداً، فيظهره الله ويسدده ويؤيده ليقوم بأكبر عملية تطهير لهذه الكرة الترابية منذ أن خُلقت، ففي الحديث عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (يَنْزِلُ بِأُمَّتِي فِي آخِرِ اَلزَّمَانِ بَلاَءٌ شَدِيدٌ مِنْ سُلْطَانِهِمْ لَمْ يَسْمَعِ اَلنَّاسُ بِبَلاَءٍ أَشَدَّ مِنْهُ حَتَّى تَضِيقَ عَلَيْهِمُ اَلرَّحْبَةَ وَحَتَّى تَمْلَأَ اَلْأَرْضَ جَوْراً وَظُلْماً ثُمَّ إِنَّ اَللَّهَ يَبْعَثُ رَجُلاً يَمْلَأُ اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ اَلْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ اَلسَّمَاءِ وَسَاكِنُ اَلْأَرْضِ لاَ تَدَّخِرُ اَلْأَرْضُ مِنْ بَذْرِهَا شَيْئاً إِلاَّ أَخْرَجَتْهُ وَ اَلسَّمَاءُ مِنْ قَطْرِهَا شَيْئاً إِلاَّ صَبَّهُ اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً يَعِيشُ فِيهِمْ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَاناً أَوْ تِسْعاً يَتَمَنَّى اَلْأَحْيَاءُ اَلْأَمْوَاتَ مِمَّا صَنَعَ اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَهْلِ اَلْأَرْضِ مِنَ اَلْخَيْرِ). (المستدرك للحاكم: ج 4 ص 465 والحديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه) هذا أمر الله وعمله في وليي الله تعالى ولا أحد يستطيع أن يقول ذلك أو يفعله، فكيف يفوه به أعظم مخلوق ونبي مرسل في هذا العالم منذ أكثر من أربعة عشر قرناً ونصف تقريباً؟ فهذا أمر واقع لا محيص عنه ولا محيد كما أن الفساد قد استشرى في هذه الدنيا فالإصلاح آتٍ حتماً وقطعاً، لأن الأرض يرثها الصالحون وليس الفاسدون أو الطالحون أو أمثالهم من الطغاة والجبارين قال تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) (الأنبياء/105)، فالأرض ميراث الأنبياء وليس الأشقياء والفراعنة والنماريد والقوارين فهؤلاء حقاً الآن نرى جميعاً كيف تحقق قول الله تعالى فيهم: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم/41)، وإذا ظهر الفساد على العالِم أن يُظهر علمه، وإذا لم ينفع كما في عصرنا فالله سبحانه له حكمه وقوله الفصل: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) (الإسراء/16)، والقرية هنا إشارة إلى الحضارة وربنا سبحانه يقول: إرادة الهلاك تتعلق بالناس الذين نأمرهم بالصلاح فيفسدوا، وبالطاعة فيعصوا، وبالإيمان فيكفروا، وبذلك يستحقون نزول العذاب والهلاك بسبب فسادهم وظلمهم وحضارتهم تستأهل التدمير بعد التعمير، وتلك هي سُنَّة الله في الخلق. والإمام المهدي (عج) الذي ولد في ليلة النصف من شعبان عام 255 من الهجرة الشريفة وتسنَّم كرسي الولاية وهو في الخامسة من عمره الشريف فهذا ليس بدعاً من أنبياء والرسل كما تقدم حيث تسلَّم عيسى الأمر وهو في المهد، ويحيى وهو صبياً، وحتى جده الإمام الجواد كان ابن ست وولده الهادي كان ابن ثمان فأين البدعة في الأمر أيها الناس، ويا أمة الحبيب المصطفى (ص)؟ فمسألة العمر هي ليست مسألة ولا هي مشكلة إلا عند ضعاف النفوس ومعدومي الإيمان، وأما مَنْ كان له مجرَّد اطلاع على القرآن الحكيم وآياته المباركة فإنه يعرف أن مثل هذه المسألة لا وجود لها ولكن أتباع السلطة القرشية الذين ليس لهم حجة على ولي الله فيها حين انقلبوا عليه في السقيفة المشؤومة احتجوا بمسألة السن أو العمر علماً أنه كان في سن السيد المسيح (ع) حين رفعه الله إليه (33 سنة) فأين المشكلة في أن يلي أمور الأمة وهو في عنفوان الرجولة والقوة والعطاء؟