#أحدث الأخبار مع #ب10بوابة ماسبيرو٠٢-٠٥-٢٠٢٥سياسةبوابة ماسبيرووقائع الاستيلاء على موقع تبــة الشجرةكانت الجبهة تتأهب ليوم الحسم، فيما كان الملازم ثروت زكى قد تخرج فى الكلية الحربية قبل 45 يوماً من اندلاع حرب أكتوبر.. وصل الضابط الشاب إلى موقع المعدية نمرة 6 حيث تتمركز كتيبته لا يفصلها عن العدو سوى مسافة لا تتعدى 180 مترًا هى عرض قناة السويس. يومها رأى الضابط " ثروت" الموقع الاسرائيلى الذى انطلقت منه دانة مدفعية أدت لاستشهاد الفريق عبد المنعم رياض أثناء زيارته للجبهة فى ذروة حرب الاستنزاف. أخذ الفدائى "ثروت" يُمنى نفسه بيوم القصاص ولحظة الخلاص، لكنه لم يدرك وقتها أن ساعة الصفر قد أوشكت.. أن التاريخ سيسجل اسمه وزملاء كتيبته فى سجل الخالدين، وأن القدر سيمنحه شرف الاشتراك فى ملحمة بطولية كان عنوانها: الاستيلاء على موقع العدو الحصين فى الضفة الشرقية والمعروف بـ "تبة الشجرة". يسترجع العميد ثروت زكى ذكرياته الأولى على الجبهة: فور تخرجى فى الكلية الحربية، كان من نصيبى شرف الانضمام إلى الفرقة الثانية مشاة كقائد فصيلة ضمن السرية الأولى باحدى أهم كتائبها. شعرت بالمرارة حين رأيت علم العدو على الضفة الشرقية للقناة، وكنت أتمنى أن أحظى بشرف المشاركة فى حرب استرداد الكرامة، خصوصا وأن كتيبتى كانت تقع فى نفس المكان الذى شهد استشهاد الفريق عبد المنعم رياض.. كنا نريد الثأر بأى ثمن. وشاء القدر أن اشترك فى حرب أكتوبر.. كنت ضمن السرية الأولى من الكتيبة، والتى كانت مفرزة للكتيبة، بمعنى أنها تعبر قبل القوة الرئيسية لكى تقوم بتأمين باقى القوة. وصدرت الأوامر بأن تستولى السرية على موقع "تبة السبعات" الواقع شرق القناة بحوالى كيلو ونصف الكيلو، ولو نجحنا فى الاستيلاء على هذا الموقع سوف تنجح باقى القوة الرئيسية من العبور، ونعيق قوات دعم العدو من الوصول لضفة القناة. وبفضل الله أمكننا الوصول لموقع "تبة السبعات" قبل وصول العدو بـ 3 دقائق.. وكانت هذه مهمتنا الأولى والمباشرة فى حرب أكتوبر. بعد نجاحنا فى الاستيلاء على هذا الموقع بدأ العدو يهاجمنا، وكان معنا صواريخ "فهد" وهى إحدى مفاجآت حرب أكتوبر لأن هذه الصواريخ لم تكن محمولة على مدرعات أو عربات، بل يحملها الفرد المشاة على كتفه فلا يكتشفها العدو، وقد استطاعت هذه الصواريخ أن تدمر الدبابات الاسرائيلية بعد 3 دقائق من وصولها للموقع. فى هذه الأثناء، كانت القوة الرئيسية للكتيبة قد عبرت القناة، وواصلت التقدم شرق القناة، وحين شاهد أفرادها دبابات العدو محترقة صاح أحد جنودنا يزف البشرى بين المقاتلين مردداً: "السرية الأولى بقيادة النقيب طلبة رضوان دمرت دبابات العدو" وعندها بدأت صيحة "الله أكبر" تزلزل الأرض تحت أقدامنا. واصلت قواتنا تقدمها بأقصى سرعة للوصول لـ "تبة السبعات" حتى يتسنى لها شرف المشاركة فى النصر الذى حققته سريتنا الأولى. وباستيلاء السرية على هذا الموقع، انفتحت أمامنا أبواب النصر، لأن العدو لو وصل إلى شرق القناة كان من الممكن أن يحقق فينا خسائر جسيمة، وهو ما لم يحدث بفضل الله وجهد السرية الأولى التى أنتمى إليها. بقينا نتصدى لهجمات العدو ليلا بالدبابات فى محاولته لاسترداد الموقع مرة ثانية، أو إجبارنا على الارتداد لخط القناة، لكنه فشل فشلا ذريعاً، إذ استطعنا أن ندمر كل الدبابات الاسرائيلية التى حاولت القيام بهجوم مضاد، حتى أن إحدى دبابات العدو كانت متجهة باتجاه الكتيبة بأقصى سرعة، وكان لدينا مدفع "ب 10" ذى عيار صغير، وضربنا على الدبابة 3 دانات مدفعية لكن لم يتم إصابتها لشدة سرعتها، وأمكنها الارتداد صوب موقع مدفعنا، وداست عليه بالجنزيرفتم تدميره، إلا أن أحد مقاتلينا البواسل من طاقم المدفع وهو الجندى "عاطف وديع" كان معه قنبلة مضادة للدبابات، فتقدم بسرعة نحو الدبابة الاسرائيلية وقذف القنبلة بها، فتم تدميرها، لدرجة أن قائد الكتيبة حين رأى بطولته قام بترقيته من جندى إلى درجة رقيب. هذه هى روح المقاتل المصرى الذى استطاع أن يقهر بعزيمته الصلبة أعتى دبابات اسرائيل.. وقد استمر العدو فى قتالنا بالدبابات، فنجحنا فى تدميرها، حتى أن نيرانها ظلت مشتعلة طيلة الليل. فى فجر يوم 7 أكتوبر اخترقت أحد الدبابات المعادية موقعنا وواصلت تقدمها باتجاه الضفة الشرقية فتصدت لها قواتنا من جهة غرب القناة لكن لم يتم تدميرها، فانسحبت الدبابة المعادية للخلف، ثم تعطلت على بعد 50 مترًا من موقعي، فأمرت طاقم اقتناص الدبابات للتعامل معها، وكان الطاقم يتألف من 3 أفراد: اثنان منهم مسلحان بـ بسلاحيّ "أربى جي" وفرد ثالث مسلح بمدفع رشاش.. وتم الاشتباك وتدمير الدبابة، فقمت - وعدد من أفراد السرية - بالتعامل مع طاقمها فتم قتلهم عدا واحد منهم أصيب وطلب التسليم: وكان - بالمناسبة - يهودى عراقى أخذ يستجدى قائلاً "أنا أخوك يا مصري" فتم القبض عليه.. وبذلك كان لى شرف القبض على أول أسير بحلول السابعة صباح السابع من أكتوبر. استمر قتالنا فى منطقة "تبة السبعات" طيلة يوم 7 حتى الليل، وفى يوم 8 أكتوبر صدرت الأوامر للكتيبة بتطوير الهجوم للقيام بالمهمة الرئيسية وهى الاستيلاء على موقع العدو المعروف بـ "تبة الشجرة".. وهو موقع بالغ التحصين يبعد عن القناة بحوالى 10 كيلومتر.. وما زال موجودا حتى الآن كما كان إبان الحرب، وأسماؤنا مكتوبة على جدرانه فى لوحة الشرف. هذا الموقع كان بمثابة مركز قيادة مسيطر على كل النقاط الاسرائيلية القوية بالقطاع الأوسط فى مواجهة الاسماعيلية، وبسقوطه فقدت هذا النقاط الاتصال بالقيادة.. وكان موقع "تبة الشجرة" الحصين يحتوى على سرية دبابات، وسرية مشاة ميكانيكي، وكان العدو يستخدم تلك التجهيزات لتوجيه الهجمات حالة أى عبور محتمل من جانب قواتنا. يوم 8 ليلاً صدرت الأوامر للكتيبة بتطوير الهجوم للاستيلاء على تبة الشجرة، وقد لاحظنا أن العدو المذعور يفضل القتال وقت النهار ثم يقوم بتجميع قواته، فيسترد خسائرها، ويعيد تسليحها تمهيدا للهجوم النهاري.. وقد قامت قواتنا باستغلال هذا التكتيك فى تطوير هجومنا الليلى الوشيك، وبالفعل تم الهجوم يوم 8 ليلا بهدف الاستيلاء على "تبة الشجرة". كان قائد كتيبتنا حكيما فى تخطيط وإدارة المعركة، فقد قام بتوزيع الكتيبة بسراياها الثلاث: سرية فى الجنب الأيمن، وأخرى فى الجنب الأيسر، والثالثة بالمواجهة. لقد فعل ذلك لكى يشتت انتباه العدو، ويجبره على توزيع نيرانه بكل الاتجاهات، فلا يتم تركيز النيران على سرية بعينها. وهكذا.. نجحت خطة القائد فقمنا بالتقدم مستعينين بحسن التخطيط وخفة الحركة، رغم أن جميع الأسلحة الاسرائيلية كانت تضرب علينا، فتسابق جنودنا الأبطال فى الوصول لتبة الشجرة.. كنا نتقدم تحت ستر دانات دباباتنا، وهو ما أمَّنَ لنا الوصول للهدف رغم جحيم نيران القصف الإسرائيلي، وعند وصولنا لمسافة كيلو واحد من الموقع، أمر القائد كل أفراد الكتيبة سواء المشاة أو أطقم الدبابات بفتح جميع أنواع النيران من مختلف الأسلحة والأعيرة ضد موقع "تبة الشجرة". وصلنا الموقع فى تمام العاشرة ليلا بعد أن تحركنا لمدة 7 : 8 كيلومترات، وفوجئنا أن العدو المذعور - تحت ضغط ضرباتنا الموجعة - قد انسحب شرقا، تاركاً الموقع بكل ما فيه من دبابات، ومجنزرات، ومركبات، وتعينات، وزخيرة، ووقود.. لقد ولى العدو هارباً وبغير رجعة. كان الاستيلاء على حصن "تبة الشجرة" بمثابة نصر حاسم بكل المقاييس العسكرية، وبسقوطه فقدت كل النقاط الاسرائيلية الاتصال بمركز قيادتها، ثم انهارت باقى النقاط الحصينة إثر هذا السقوط المروع. بقينا فى موقع "تبة الشجرة" حتى يوم 10 أكتوبر، ثم صدرت لنا الأوامر بمهمة قتالية جديدة وهي: مواصلة التقدم شرقا بموجب الخطة الهجومية، والتى حققنا أولى أهدافها باقتحام القناة ثم الاستيلاء على النقاط الحصينة لخط بارليف، وتحقيق أكبر خسائر فى العدو ثم بدأنا فى الاستيلاء على رأس كوبرى شرق القناة بعمق 15 كيلومتر". يمر الزمن، ولا تنسى ذاكرة الأيام من قاموا باقتحام حاجز المستحيل.. من حفرت مصر أسماءهم على جدران ما تبقى من خط بارليف.. تخليداً لمعنى الفداء وميراثاً للعزة والكبرياء.. واحد من هؤلاء الأبطال العظام هو العميد ثروت زكى أحد رموز معركة الاستيلاء على موقع "تبة الشجرة" والذى اختصنا بشهادته ومعها باقة صور من ألبومه الشخصى على هامش احتفال مصر بعيد تحرير سيناء.
بوابة ماسبيرو٠٢-٠٥-٢٠٢٥سياسةبوابة ماسبيرووقائع الاستيلاء على موقع تبــة الشجرةكانت الجبهة تتأهب ليوم الحسم، فيما كان الملازم ثروت زكى قد تخرج فى الكلية الحربية قبل 45 يوماً من اندلاع حرب أكتوبر.. وصل الضابط الشاب إلى موقع المعدية نمرة 6 حيث تتمركز كتيبته لا يفصلها عن العدو سوى مسافة لا تتعدى 180 مترًا هى عرض قناة السويس. يومها رأى الضابط " ثروت" الموقع الاسرائيلى الذى انطلقت منه دانة مدفعية أدت لاستشهاد الفريق عبد المنعم رياض أثناء زيارته للجبهة فى ذروة حرب الاستنزاف. أخذ الفدائى "ثروت" يُمنى نفسه بيوم القصاص ولحظة الخلاص، لكنه لم يدرك وقتها أن ساعة الصفر قد أوشكت.. أن التاريخ سيسجل اسمه وزملاء كتيبته فى سجل الخالدين، وأن القدر سيمنحه شرف الاشتراك فى ملحمة بطولية كان عنوانها: الاستيلاء على موقع العدو الحصين فى الضفة الشرقية والمعروف بـ "تبة الشجرة". يسترجع العميد ثروت زكى ذكرياته الأولى على الجبهة: فور تخرجى فى الكلية الحربية، كان من نصيبى شرف الانضمام إلى الفرقة الثانية مشاة كقائد فصيلة ضمن السرية الأولى باحدى أهم كتائبها. شعرت بالمرارة حين رأيت علم العدو على الضفة الشرقية للقناة، وكنت أتمنى أن أحظى بشرف المشاركة فى حرب استرداد الكرامة، خصوصا وأن كتيبتى كانت تقع فى نفس المكان الذى شهد استشهاد الفريق عبد المنعم رياض.. كنا نريد الثأر بأى ثمن. وشاء القدر أن اشترك فى حرب أكتوبر.. كنت ضمن السرية الأولى من الكتيبة، والتى كانت مفرزة للكتيبة، بمعنى أنها تعبر قبل القوة الرئيسية لكى تقوم بتأمين باقى القوة. وصدرت الأوامر بأن تستولى السرية على موقع "تبة السبعات" الواقع شرق القناة بحوالى كيلو ونصف الكيلو، ولو نجحنا فى الاستيلاء على هذا الموقع سوف تنجح باقى القوة الرئيسية من العبور، ونعيق قوات دعم العدو من الوصول لضفة القناة. وبفضل الله أمكننا الوصول لموقع "تبة السبعات" قبل وصول العدو بـ 3 دقائق.. وكانت هذه مهمتنا الأولى والمباشرة فى حرب أكتوبر. بعد نجاحنا فى الاستيلاء على هذا الموقع بدأ العدو يهاجمنا، وكان معنا صواريخ "فهد" وهى إحدى مفاجآت حرب أكتوبر لأن هذه الصواريخ لم تكن محمولة على مدرعات أو عربات، بل يحملها الفرد المشاة على كتفه فلا يكتشفها العدو، وقد استطاعت هذه الصواريخ أن تدمر الدبابات الاسرائيلية بعد 3 دقائق من وصولها للموقع. فى هذه الأثناء، كانت القوة الرئيسية للكتيبة قد عبرت القناة، وواصلت التقدم شرق القناة، وحين شاهد أفرادها دبابات العدو محترقة صاح أحد جنودنا يزف البشرى بين المقاتلين مردداً: "السرية الأولى بقيادة النقيب طلبة رضوان دمرت دبابات العدو" وعندها بدأت صيحة "الله أكبر" تزلزل الأرض تحت أقدامنا. واصلت قواتنا تقدمها بأقصى سرعة للوصول لـ "تبة السبعات" حتى يتسنى لها شرف المشاركة فى النصر الذى حققته سريتنا الأولى. وباستيلاء السرية على هذا الموقع، انفتحت أمامنا أبواب النصر، لأن العدو لو وصل إلى شرق القناة كان من الممكن أن يحقق فينا خسائر جسيمة، وهو ما لم يحدث بفضل الله وجهد السرية الأولى التى أنتمى إليها. بقينا نتصدى لهجمات العدو ليلا بالدبابات فى محاولته لاسترداد الموقع مرة ثانية، أو إجبارنا على الارتداد لخط القناة، لكنه فشل فشلا ذريعاً، إذ استطعنا أن ندمر كل الدبابات الاسرائيلية التى حاولت القيام بهجوم مضاد، حتى أن إحدى دبابات العدو كانت متجهة باتجاه الكتيبة بأقصى سرعة، وكان لدينا مدفع "ب 10" ذى عيار صغير، وضربنا على الدبابة 3 دانات مدفعية لكن لم يتم إصابتها لشدة سرعتها، وأمكنها الارتداد صوب موقع مدفعنا، وداست عليه بالجنزيرفتم تدميره، إلا أن أحد مقاتلينا البواسل من طاقم المدفع وهو الجندى "عاطف وديع" كان معه قنبلة مضادة للدبابات، فتقدم بسرعة نحو الدبابة الاسرائيلية وقذف القنبلة بها، فتم تدميرها، لدرجة أن قائد الكتيبة حين رأى بطولته قام بترقيته من جندى إلى درجة رقيب. هذه هى روح المقاتل المصرى الذى استطاع أن يقهر بعزيمته الصلبة أعتى دبابات اسرائيل.. وقد استمر العدو فى قتالنا بالدبابات، فنجحنا فى تدميرها، حتى أن نيرانها ظلت مشتعلة طيلة الليل. فى فجر يوم 7 أكتوبر اخترقت أحد الدبابات المعادية موقعنا وواصلت تقدمها باتجاه الضفة الشرقية فتصدت لها قواتنا من جهة غرب القناة لكن لم يتم تدميرها، فانسحبت الدبابة المعادية للخلف، ثم تعطلت على بعد 50 مترًا من موقعي، فأمرت طاقم اقتناص الدبابات للتعامل معها، وكان الطاقم يتألف من 3 أفراد: اثنان منهم مسلحان بـ بسلاحيّ "أربى جي" وفرد ثالث مسلح بمدفع رشاش.. وتم الاشتباك وتدمير الدبابة، فقمت - وعدد من أفراد السرية - بالتعامل مع طاقمها فتم قتلهم عدا واحد منهم أصيب وطلب التسليم: وكان - بالمناسبة - يهودى عراقى أخذ يستجدى قائلاً "أنا أخوك يا مصري" فتم القبض عليه.. وبذلك كان لى شرف القبض على أول أسير بحلول السابعة صباح السابع من أكتوبر. استمر قتالنا فى منطقة "تبة السبعات" طيلة يوم 7 حتى الليل، وفى يوم 8 أكتوبر صدرت الأوامر للكتيبة بتطوير الهجوم للقيام بالمهمة الرئيسية وهى الاستيلاء على موقع العدو المعروف بـ "تبة الشجرة".. وهو موقع بالغ التحصين يبعد عن القناة بحوالى 10 كيلومتر.. وما زال موجودا حتى الآن كما كان إبان الحرب، وأسماؤنا مكتوبة على جدرانه فى لوحة الشرف. هذا الموقع كان بمثابة مركز قيادة مسيطر على كل النقاط الاسرائيلية القوية بالقطاع الأوسط فى مواجهة الاسماعيلية، وبسقوطه فقدت هذا النقاط الاتصال بالقيادة.. وكان موقع "تبة الشجرة" الحصين يحتوى على سرية دبابات، وسرية مشاة ميكانيكي، وكان العدو يستخدم تلك التجهيزات لتوجيه الهجمات حالة أى عبور محتمل من جانب قواتنا. يوم 8 ليلاً صدرت الأوامر للكتيبة بتطوير الهجوم للاستيلاء على تبة الشجرة، وقد لاحظنا أن العدو المذعور يفضل القتال وقت النهار ثم يقوم بتجميع قواته، فيسترد خسائرها، ويعيد تسليحها تمهيدا للهجوم النهاري.. وقد قامت قواتنا باستغلال هذا التكتيك فى تطوير هجومنا الليلى الوشيك، وبالفعل تم الهجوم يوم 8 ليلا بهدف الاستيلاء على "تبة الشجرة". كان قائد كتيبتنا حكيما فى تخطيط وإدارة المعركة، فقد قام بتوزيع الكتيبة بسراياها الثلاث: سرية فى الجنب الأيمن، وأخرى فى الجنب الأيسر، والثالثة بالمواجهة. لقد فعل ذلك لكى يشتت انتباه العدو، ويجبره على توزيع نيرانه بكل الاتجاهات، فلا يتم تركيز النيران على سرية بعينها. وهكذا.. نجحت خطة القائد فقمنا بالتقدم مستعينين بحسن التخطيط وخفة الحركة، رغم أن جميع الأسلحة الاسرائيلية كانت تضرب علينا، فتسابق جنودنا الأبطال فى الوصول لتبة الشجرة.. كنا نتقدم تحت ستر دانات دباباتنا، وهو ما أمَّنَ لنا الوصول للهدف رغم جحيم نيران القصف الإسرائيلي، وعند وصولنا لمسافة كيلو واحد من الموقع، أمر القائد كل أفراد الكتيبة سواء المشاة أو أطقم الدبابات بفتح جميع أنواع النيران من مختلف الأسلحة والأعيرة ضد موقع "تبة الشجرة". وصلنا الموقع فى تمام العاشرة ليلا بعد أن تحركنا لمدة 7 : 8 كيلومترات، وفوجئنا أن العدو المذعور - تحت ضغط ضرباتنا الموجعة - قد انسحب شرقا، تاركاً الموقع بكل ما فيه من دبابات، ومجنزرات، ومركبات، وتعينات، وزخيرة، ووقود.. لقد ولى العدو هارباً وبغير رجعة. كان الاستيلاء على حصن "تبة الشجرة" بمثابة نصر حاسم بكل المقاييس العسكرية، وبسقوطه فقدت كل النقاط الاسرائيلية الاتصال بمركز قيادتها، ثم انهارت باقى النقاط الحصينة إثر هذا السقوط المروع. بقينا فى موقع "تبة الشجرة" حتى يوم 10 أكتوبر، ثم صدرت لنا الأوامر بمهمة قتالية جديدة وهي: مواصلة التقدم شرقا بموجب الخطة الهجومية، والتى حققنا أولى أهدافها باقتحام القناة ثم الاستيلاء على النقاط الحصينة لخط بارليف، وتحقيق أكبر خسائر فى العدو ثم بدأنا فى الاستيلاء على رأس كوبرى شرق القناة بعمق 15 كيلومتر". يمر الزمن، ولا تنسى ذاكرة الأيام من قاموا باقتحام حاجز المستحيل.. من حفرت مصر أسماءهم على جدران ما تبقى من خط بارليف.. تخليداً لمعنى الفداء وميراثاً للعزة والكبرياء.. واحد من هؤلاء الأبطال العظام هو العميد ثروت زكى أحد رموز معركة الاستيلاء على موقع "تبة الشجرة" والذى اختصنا بشهادته ومعها باقة صور من ألبومه الشخصى على هامش احتفال مصر بعيد تحرير سيناء.