logo
#

أحدث الأخبار مع #برغوليو

المجمع البابوي يدخل مرحلة الحسم السريع والمفاجآت
المجمع البابوي يدخل مرحلة الحسم السريع والمفاجآت

الشرق الأوسط

time٠٨-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الشرق الأوسط

المجمع البابوي يدخل مرحلة الحسم السريع والمفاجآت

أسودَ كان الدخان الذي تصاعد من مدخنة «الكابيلّا سيستينا» مساء اليوم الأول من المجمع البابوي، ولم تكن مفاجأة، إذ لم يعد سراً أن الكرادلة على انقسام حاد حول مواصفات الربّان الذي سيقود دفّة الكنيسة في هذا الزمن الاجتماعي والسياسي المضطرب، وأن العواصم المسيحية الكبرى في العالم ضالعة منذ فترة في الجهود للتأثير على مآل هذا المجمع الحاسم المفتوح على كل الاحتمالات، فضلاً عن أنه لم يحصل أبداً أن انتُخب البابا منذ جولة الاقتراع الأولى. والدخان الأسود الذي تصاعد ظُهر الخميس، أيضاً كان في حسابات المراقبين والمراهنين الذين أطلقوا كل أنواع التوقعات والترجيحات. تجمع الكرادلة قبل بدء المجمع المغلق لانتخاب بابا جديد في«الكابيلّا سيستينا» في مدينة الفاتيكان (إ.ب.أ) المفاجأة جاءت، بعد انتظار طويل غير مألوف لمعرفة نتيجة الاقتراع الأول، عندما حطّ طائر النورس قرب المدخنة لحظة ظهور الدخان الأسود، مذكّراً بذلك النورس الذي حطّ في نفس المكان لحظة تصاعد الدخان الأبيض معلناً انتخاب البابا برغوليو عام 2013. لكن الرهانات ما زالت مفتوحة على كل الاتجاهات، والآلاف الذين يحتشدون في باحة القديس بطرس عند مدخل الفاتيكان، قلة منهم تصلّي وتتضرّع للروح القدس كي يلهم الكرادلة في خيارهم للبابا الجديد، والباقون يتابعون هذا المجمع كمن يتابع الدور النهائي لبطولة العالم لكرة القدم. الإيطاليون، ومعهم جميع وسائل الإعلام الإيطالية، يريدون «استعادة» السُّدَّة الرسولية التي تَعاقب عليها ثلاثة من «الأجانب» في العقود الأربعة الأخيرة، ويعقدون الآمال على وزير خارجية الفاتيكان بيترو بارولين، لوسطيته بين التيارين الإصلاحي والمحافظ، ولدرايته الواسعة بشؤون الفاتيكان، وما نسجه من علاقات دولية. ويراقب بشيء من الحذر صعود أسهم الكاردينال بيرباتيستا بيزابالّا، أسقف القدس الذي قد يكون صغر سنه، 60 عاماً، الحائل الأساسي دون انتخابه. الدخان الأسود تصاعد ظهر الخميس كان في حسابات المراقبين والمراهنين الذين أطلقوا كل أنواع التوقعات والترجيحات (إ.ب.أ) الفرنسيون يحلمون بوصول أسقف مرسيليا، جان مارك آفيلين، إلى السُّدَّة البابوية، وهو المعروف بتبحره اللاهوتي، والذي يحظى بتقدير واسع بين زملائه. والإسبان لهم أكثر من مرشح، والفلبينيون أيضاً، وليس مستبعداً أن تأتي المفاجأة من الولايات المتحدة في شخص الكاردينال فرنسيس روبرت بريفوست، المتحدر من جذور إيطالية وفرنسية وإسبانية، وأمضى عشرين عاماً بين مرسل وأسقف في بيرو، إلى أن استدعاه البابا فرنسيس وكلّفه إدارة مجلس الأساقفة. ويقول عارفوه إنه يتميز بقدرته على الحوار والتعاون والإصغاء، ويحظى بتقدير الكرادلة من شتّى الاتجاهات، مما يجعل منه المرشح المناسب كي يلمّ شمل مجمع لم تعرف الكنيسة مثل تنوّعه. بعد اليوم الأول الذي تُجرى فيه جولة اقتراع واحدة فحسب، يأتي اليوم الثاني بجولاته الأربع؛ اثنتان قبل الظُّهر واثنتان بعد الظُّهر، لكنَّ الدخان لا يتصاعد سوى مرتين في نهاية كلٍّ من الجلستين الصباحية والمسائية، إلا في حال فوز أحد المرشحين خلال جلسة الصباح. ومن المفترض في نهاية اليوم الثاني، إذا عجز المجمع عن اختيار البابا الجديد، أن تتضح صورة التوازنات الأولية، وتظهر تباشير التحالفات المحتملة، وتبدأ الاتصالات والمقايضات بين الكرادلة بعد خروجهم من «الكابيلّا سيستينا» إلى دير القديسة مرتا، على بُعد مائتي متر داخل الحرم الفاتيكاني. ويرجّح في هذه الحالة أن تبدأ حظوظ المرشحين البارزين، وبخاصة بيترو بارولين، في التراجع لحساب آخرين مغمورين، أو أن يكون ذلك مؤشراً على ذهاب المجمع نحو مواجهة صدامية بين التيارين المحافظ والإصلاحي، من غير اكتراث للصورة التي يعطيها المجمع للخارج عن وجود انقسام حاد داخل الكنيسة. الجموع تجمهرت في باحة القديس بطرس في انتظار النتيجة (أ.ب) الدخان الأبيض الذي يعلن انتخاب البابا الجديد لم يكن معروفاً قبل مطلع القرن الفائت. حتى ذلك الحين كان الدخان الأسود فحسب هو الذي يتصاعد من مدخنة «الكابيلّا سيستينا» كلما فشل الكرادلة في التوافق على مرشح. وفي عام 1914 تقرر استخدام الدخان الأبيض للإعلان عن انتخاب البابا الجديد وإطلاق عبارة «Habemus Papam»، أي «لنا بابا»، بعد أن ينال ما لا يقلّ عن ثلثي الأصوات، وبعد أن يقبل الفائز بصريح العبارة الجلوس على كرسي بطرس ويختار اسمه الحبريّ. وحتى عام 2005 كان هناك أيضاً دخان أصفر يُستخدم للتأكد من حُسن سير المدفأة، استُعيض عنه بجهاز إلكتروني حديث لا يحتاج إلى التجربة. في عام 1958، عندما انتخب مجمع الكرادلة البابا يوحنا الثالث والعشرين، خرج دخان رمادي من مدخنة «الكابيلّا سيستينا» وأثار لغطاً في صفوف الذين كانوا يترقبون النتيجة من الخارج، وبعد توضيح السلطات المعنية أن السبب كان عائداً إلى تلبّد السماء بغيوم كثيفة، سرت إشاعات عن مؤامرة حيكت خيوطها في الغرف السرية، ومفادها أن الفائز كان الكاردينال جيوزيبي سيري، لكنه اضطر لعدم القبول أمام الضغوط التي تعرّض لها. ومنذ دلك التاريخ تقرر أيضاً أن تُقرع الأجراس مواكبةً لتصاعد الدخان الأبيض ومؤكدةً انتخاب البابا الجديد. الكرادلة يقفون في «الكابيلّا سيستينا» قبل انعقاد المجمع لاختيار البابا القادم في الفاتيكان (رويترز) عندما تُحرق قسائم الاقتراع في المدفأة القديمة، وينبعث الدخان الأبيض من المدفأة الثانية الموصولة بها، يكون الكاردينال الذي اختاره المجمع قد قبل التكليف، ويصبح من تلك اللحظة أسقفاً على روما، وبابا على الكنيسة، ورئيساً لمجمع الأساقفة له السلطان الأعلى. بعد ذلك يتوجه الحبر الأعظم الجديد إلى «قاعة الدموع» حيث يختار ثوباً أبيض، من بين ثلاثة أثواب جاهزة بمقاسات مختلفة، ويعطَى منديلاً ليكفكف به دمعه عند الصلاة. ولدى دخول البابا إلى «الكابيلّا سيستينا» للمرة الأولى بثوبه الأبيض، يجلس على كرسي أسقف روما، ويستمع إلى الكاردينال الذي يرأس المجمع يقول له: «هي العناية الإلهية التي اختارتك لتجلس على كرسي بطرس»، قبل أن يردد ما قاله السيد المسيح لسمعان: «أنت بطرس، وعلى هذه الصخرة سأبني بيعتي». يلي ذلك إعلان الكرادلة ولاءهم للحبر الأعظم الجديد، وهم يمرّون أمامه رافضاً أن يقبّلوا يده أو يسجدوا. وفي النهاية يخرج رئيس المراسم إلى الشرفة المطلة علـى ساحة القديس بطرس ليعلن اسم البابا الجديد ويقدمه للجماهير المحتشدة. يصلون في «الكابيلّا سيستينا» قبل البدء في عملية التصويت (إ.ب.أ) ومن الغرائب غير المعروفة في التقاليد والأعراف الكنسية العريقة، أن الجلوس على كرسي بطرس لا يشترط أن يكون المختار كاردينالاً. يكفي أن يكون ذكراً بالغاً وعازباً ومؤمناً، أو علمانياً معمَّداً من أتباع الكنيسة الكاثوليكية. وقد عرفت الكنيسة في العصور القديمة حالات عدة لم يكن فيها البابا كاردينالاً، أشهرها حالة بيترو دي مارّوني الذي أصبح البابا سيلستينو الخامس في عام 1294، وكان آخر البابوات، قبل بنديكت السادس عشر، الذي استقال من حبريته.

حين كتب البابا فرنسيس تاريخه... وسكت عن بعضه
حين كتب البابا فرنسيس تاريخه... وسكت عن بعضه

Independent عربية

time٢٥-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • Independent عربية

حين كتب البابا فرنسيس تاريخه... وسكت عن بعضه

قبل أيام معدودة من مغادرة منصبه، اختار الرئيس الأميركي السابق جو بايدن أن يختتم ولايته ببادرة رمزية لافتة، إذ قلد البابا فرنسيس وسام الحرية الرئاسي الأميركي مع مرتبة الشرف، وهي المرة الأولى طوال فترة رئاسته التي منح فيها بايدن هذا الوسام المرموق بهذا التمييز. وجاء في حيثيات التكريم "ليس البابا فرنسيس كمن سبقوه. إنه، قبل كل شيء، بابا الشعب". لم يأت هذا التوصيف من فراغ، بل أكدته بوضوح السيرة الذاتية التي نشرها البابا نفسه خلال يناير (كانون الثاني) الماضي تحت عنوان "أمل: السيرة الذاتية" Hope: The Autobiography، وهو عمل غير مسبوق في تاريخ الحبرية، إذ لم يقم أي بابا بتدوين سيرته الذاتية وهو لا يزال على رأس الكرسي الرسولي. فعلى سبيل المثال، صدرت مذكرات البابا يوحنا الثالث والعشرين "يوميات نفس" Journal of a Soul بعد وفاته عام 1963، أما كتاب "عبور عتبة الرجاء" Crossing the Threshold of Hope للبابا يوحنا بولس الثاني، فقد استند إلى أجوبة مكتوبة أعدها رداً على مقابلة ألغيت لاحقاً. في هذا العمل الفريد، ينسج البابا فرنسيس خيوط سيرته مع تأملاته الشخصية في قضايا الإيمان والحب والفقر والمهاجرين ومكانة المرأة وحقوق المثليين والصراعات المحتدمة داخل الكنيسة الكاثوليكية بين التيار الليبرالي والمحافظين التقليديين. بخلاف السير الذاتية المعتادة التي يكتبها السياسيون ونجوم السينما ومدربو كرة القدم، لم يكن بوسع البابا فرنسيس وضع عنوان فرعي لكتابه يقول "كنت على صواب طوال الوقت". بل على العكس، فقد أقر مراراً بأخطائه وتحدث بصراحة عن الأوقات العصيبة التي مر بها. ومع ذلك، فإن ما يثير الإحباط حقاً هو نزعته إلى الإيجاز المفرط حين يتعلق الأمر بتفاصيل تلك الإخفاقات. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) لكن، ولحسن الحظ، لم يخل الكتاب من لحظات كشف مدوية، من أبرزها تلك الحقيبة الضخمة التي سلمها له سلفه البابا بنديكتوس، والمليئة بوثائق تتعلق بفضائح شائكة، إلى جانب واقعة دراماتيكية كشف فيها أن أجهزة الاستخبارات البريطانية أنقذت حياته خلال زيارة له إلى العراق. لكن إذا أردنا بداية فهم ما الذي جعل من فرنسيس شخصية مختلفة تماماً عن كل من سبقوه في سدة البابوية، فربما تجدر بنا العودة إلى خلفيته التي لا تخلو من سحر. في كتاب "أمل"، يستعيد البابا فصول بداياته حين كان فقط خورخي ماريو برغوليو، المولود عام 1936 في الأرجنتين، وسط عائلة كبيرة مهاجرة من أصول إيطالية. نشأ في كنف تقاليد المهاجرين، تنفس أجواء كرة القدم وعشق رقصة التانغو (تلك الرقصة التي يرى فيها "صلابة وعمقاً وشخصية وحواراً عاطفياً وغريزياً متجذراً في أعماق التاريخ"). بعد إنهاء دراسته في الكيمياء، التحق برغوليو برهبنة اليسوعيين، ثم سمي كاهناً، وسرعان ما تسلم قيادة الرهبنة في بلاده وهو في سن صغيرة نسبياً، إلى أن أصبح في نهاية المطاف الكاردينال رئيس أساقفة بوينس آيرس. وبحلول وقت كان يتهيأ فيه للتقاعد، باغت البابا بنديكتوس السادس عشر العالم سنة 2013 بإعلان استقالته – كان أول بابا يقدم على ذلك منذ القرن الـ15. عندها، توجه الكاردينال برغوليو إلى روما للمشاركة في المجمع المغلق الذي سيختار خليفة بنديكتوس، والباقي أحداث يعرفها الجميع. لا يذكر الكتاب أن برغوليو حل في المرتبة الثانية خلال المجمع الذي انتخب فيه بنديكتوس السادس عشر عام 2005، لكنه يشير إلى أنه لم يتوقع قط أن يقع عليه الاختيار لقيادة الكنيسة الكاثوليكية التي تضم 1.4 مليار مؤمن، حتى إنه اشترى تذكرة عودة وترك جميع أمتعته في بوينس آيرس. ربما اعتقد أن فرصته جاءت وولت. لكنه يروي لاحقاً تفاصيل انتخابه، وجولات التصويت الخمس التي استغرقتها العملية حتى بلغ المجمع غالبية الثلثين المطلوبة لارتقاء من ينتخب إلى ما يعرف بـ"عرش القديس بطرس". نقرأ، بكلمات البابا نفسه، كيف شعر لحظة إدراكه أنه أصبح الحبر الأعظم... هدوء تام ويقين عميق بأنه لا يريد مظاهر البذخ التي تحيط بمنصب البابوية. ولم يرغب في ارتداء الحذاء الأحمر التقليدي، بل آثر حذاءه الأسود الطبي. أما السروال الأبيض، فاستبعده بلا تردد لأنه، بحسب تعبيره، سيجعله يبدو كأنه بائع مثلجات، فاختار سرواله الأسود المعتاد. ولم يغره السكن في الشقة البابوية داخل القصر الرسولي في الفاتيكان، بل فضل غرفة متواضعة في دار القديسة مارتا، المخصصة أصلاً للضيوف. ويكتب قائلاً "أنا سعيد في [دار] القديسة مارتا لأنني محاط بالناس". ويستعيد زيارة البابا بنديكتوس له بعد أيام قليلة من انتخابه، إذ قدم له البابا الفخري صندوقاً أبيض كبيراً. وكثرت التكهنات حينها حول محتوى الصندوق، وظن بعض أنه يحوي معلومات عن فضائح مختلفة، بينما أفاد مصدر لصحافيي الفاتيكان بأنه مليء برسائل إلكترونية ومحتويات أخرى. أما في كتابه "أمل"، فيروي فرنسيس أن بنديكتوس سلمه الصندوق قائلاً "كل شيء موجود هنا". وكتب البابا أن محتوى الصندوق تضمن "وثائق تتعلق بأصعب القضايا وأكثرها إيلاماً حالات اعتداء، وفساد، وصفقات مريبة، وتجاوزات". لكنه ترك القارئ معلقاً، إذ لم يفض بمزيد من التفاصيل حول ماهية تلك الفضائح. ومن المؤكد أن من بين تلك الوثائق ما يتعلق بالكاردينال ثيودور مكاريك، الذي شغل خلال وقت من الأوقات منصب رئيس أساقفة واشنطن، وواجه اتهامات بسوء السلوك الجنسي تجاه شبان من طلاب الإكليريكية، ورفعت هذه الاتهامات إلى الفاتيكان أكثر من مرة. ومع ذلك، قال فرنسيس إنه لم يكن على علم بتجاوزاته قبل عام 2018، وهو العام الذي قدم فيه مكاريك استقالته، ثم جرد من الكهنوت عام 2019. غير أن البابا، لم يخصه في "أمل" إلا بإشارة عابرة، على رغم أن قضيته تعد من أضخم الفضائح التي عصفت بالكنيسة في العصر الحديث. وتتضمن السيرة الذاتية أيضاً حكايات شخصية لم ترو بتفاصيل كافية. فعندما عين فرنسيس، في الـ36 فقط من عمره (رئيساً إقليمياً) للرهبنة اليسوعية في الأرجنتين، دخل لاحقاً في خلاف مع اليسوعيين. كان حينها رجلاً متشدداً، محافظاً، فانتهى به الأمر "منفياً" من قبل القيادة العالمية للرهبنة إلى مدينة كوردوبا، ثاني كبرى مدن الأرجنتين، إذ اقتصر دوره على الاستماع للاعترافات، من دون السماح له بإقامة القداس في كنيسة اليسوعيين هناك. لكن بعد عامين من هذه "العقوبة"، عاد إلى بوينس آيرس وقد تغير تماماً. وأصبح أكثر مرونة وأكثر فهماً ورحمة. ومع ذلك، لم يفصح عن الأسباب التي أحدثت هذا التحول العميق في كوردوبا. كما أنه لم يسرد بالتفصيل مصير اثنين من زملائه اليسوعيين، أورلاندو يوريو وفرانتس ياليكس، اللذين اعتقلهما المجلس العسكري الأرجنتيني واحتجزهما لنحو خمسة أشهر. ووجهت للبابا فرنسيس اتهامات بالتقصير في نجدتهما في مناسبات عدة، وهو يرد في كتابه قائلاً "لقد فعلت كل ما بوسعي"، من دون إيضاح ما الذي شمله هذا "الكل". ومع ذلك، تتضح في النص صورة قاتمة للأرجنتين في تلك الحقبة، إذ تعرض أحد أساتذة البابا نفسه لانتهاكات من قبل الحكم العسكري. ويكشف فرنسيس أنه أخفى ذات مرة مجموعة كتبه الماركسية والراديكالية في مكتبة تابعة للرهبنة اليسوعية. بالطبع، شكل العنف مصدر قلق دائماً لقادة العالم، وبالنسبة إلى البابا فإن تدابير الأمان المحيطة به تكون مشددة على الدوام، وبخاصة أن البابا يوحنا بولس الثاني نجا بأعجوبة من محاولة اغتيال عام 1981. كشف البابا فرنسيس أنه عام 2021 رصدت أجهزة الأمن البريطانية مؤامرة لاغتياله أثناء زيارة له إلى العراق. وأخبرت الاستخبارات البريطانية الشرطة العراقية أن امرأة تحمل متفجرات كانت في طريقها إلى الموصل وكانت تخطط لتفجير نفسها أثناء الزيارة البابوية. ويوضح "كانت هناك شاحنة تسير بسرعة ولديها الهدف نفسه"، ليبلغ لاحقاً بأنه تم التعامل مع كل من التهديدين. وإضافة إلى تسليط الضوء على الأخطار التي تعرض لها فرنسيس -إذ زار عدداً من الأماكن الخطرة في حياته- فقد كشف هذه الحادثة عن لحظة مهمة من التعاون بين الفاتيكان والمملكة المتحدة. وكان هذا التعاون مختلفاً تماماً عن الفترات السابقة، إذ لم يتم التطرق في السيرة إلى الفترة التي كان فيها الكاردينال خورخي بيرغوليو من بوينس آيرس، إذ ترأس قداساً لإحياء الذكرى الـ13 لنهاية حرب الفوكلاند. لقد حث بيرغوليو فرنسيس الناس المجتمعين حينها على "الدعاء من أجل الذين سقطوا، أبناء الوطن الذين خرجوا للدفاع عن الوطن، لاستعادة ما كان سلب منهم [من قبل البريطانيين]". وكذلك لا يتطرق "أمل" إلى القلق الذي أثاره انتخاب برغوليو والذي دفع الحكومة البريطانية لإرسال سفير المملكة المتحدة إلى الفاتيكان لزيارة أمين سر البابا، والتأكيد أن جزر الفوكلاند -أو مالفيناس كما سماها البابا الأرجنتيني- هي جزر بريطانية. وعلى رغم أن الرسالة بدت واضحة، فإن البابا فرنسيس لم يكن شخصاً دبلوماسياً دائماً، وهو ما يفسر سبب وجود بعض الرسائل المهمة التي وجهها إلى الإدارة السابقة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، ولا سيما في شأن التغير المناخي وترحيل المهاجرين، ومدى الحاجة إلى الرحمة تجاه الفئات المهمشة والضعيفة. كاثرين بيبينستر كاتبة متخصصة في الشؤون الدينية، وعملت سابقاً رئيسة تحرير مجلة "ذا تابلت" الأسبوعية الكاثوليكية.

فليحيَ الشِعر" كتاب يسلط الضوء على أهمية الأدب والشعر في تعليم البابا فرنسيس
فليحيَ الشِعر" كتاب يسلط الضوء على أهمية الأدب والشعر في تعليم البابا فرنسيس

الدستور

time٠٤-٠٣-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الدستور

فليحيَ الشِعر" كتاب يسلط الضوء على أهمية الأدب والشعر في تعليم البابا فرنسيس

أصدرت رابطة الأبحاث والدراسات "أريس" كتابا بعنوان "فليَحيَ الشعر" جمعت فيه النصوص والمداخلات التي يتطرق فيها البابا فرنسيس بابًا الفاتيكان إلى أهمية الشعر والأدب في التكوين والتربية وأيضا بالنسبة للحوار بين الكنيسة والثقافة المعاصرة. وقد أعد هذا الكتاب الأب اليسوعي أنطونيو سبادارو الذي كان مديرا للمجلة اليسوعية "الحضارة الكاثوليكية". ومن بين ما يتضمن هذا الإصدار حديث قداسة البابا للمجلة في مقابلة أجراها معه الأب سبادارو سنة ٢٠١٦ عن قدرة الأدب على قراءة قلب الإنسان وعلى المساعدة في معانقة الأمنيات والبريق والسر. وأضاف البابا فرنسيس حينها أن الأدب ليس نظرية وهو يساعد على الكرازة وعلى معرفة قلب الإنسان. وللتعريف بتعليم البابا فرنسيس حول أهمية الأدب والشعر يعود الأب اليسوعي، وهو لاهوتي وناقد أدبي إلى جانب كونه حاليا وكيلا في الدائرة الفاتيكانية للثقافة والتربية، إلى نصوص مختلفة للأب الأقدس ما بين رسائل عامة وإرشادات رسولية وكلمات ورسائل، هذا على جانب التذكير بما كتب قداسة البابا في تقديمه لبعض الكتب وما قال في مقابلات أُجريت مع قداسته أو حتى ما كتب في بعض رسائله الشخصية. ومن بين هذه الوثائق هناك على سبيل المثال الرسالة التي وجهها البابا فرنسيس في ١٧ تموز يوليو ٢٠٢٤ حول دور الأدب في التنشئة، وأيضا رسالة الحبر الأعظم التي نُشرت في كتاب صدر السنة الماضية بعنوان "نحو الله. مختارات من الشعر الديني". هذا وفي تقديمه للكتاب يحاول الأب أنطونيو سبادارو إعطاء القارئ مفتاحا لفهم المعرفة الأدبية للبابا فرنسيس الذي يعود في أحاديثه إلى الكثير من الكتاب الأرجنتينيين والعالميين الذين كانوا جزءً هانما من تكوينه مثل بورخيس ودستويفسكي، مانزوني ودانتي. وأشار الأب سبادارو إلى أن البابا يُدخل في تعلميه جوانب شعرية ورمزية وهو ما يعتبره الأب اليسوعي أمرا ذا أهمية كبيرة. وأراد هنا إعطاء مَثلا الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس حول الأمازون Querida Amazonia الذي استعار فيه البابا فرنسيس ما كتب ١٧ من الكُتاب والشعراء. ويُختتم الكتاب الذي يجمع نصوص البابا فرنسيس حول أهمية الشعر والأدب بمقابلة مع الصحفي الأرجنتيني خورخي ميليا والذي كان تلميذا للبروفيسور برغوليو حين كان يُدَرِّس في منتصف ستينيات القرن الماضي في مدرسة ثانوية في سانتا في الأرجنتينية. وكشف الصحفي عن بعض جوانب شغف البروفيسور اليسوعي الشاب برغوليو بالأدب والفن، كما وأشار إلى أسلوب تعليمي مميز شمل أيضا تحفيز الطلاب على كتابة قصص قصيرة كانت قد جُمعت في كتاب كتب مقدمته الشاعر الأرجنتيني الكبير خورخي لويس بورخيس. بل وقد ساهم البروفيسور برغوليو في تأسيس فرقة روك مدرسية تستلهم من فريق البيتلز الشهير. ومن الجدير بالذكر أن ما يبدا به الكتاب، بعد مقدمة الأب سبادارو، رسالة قصيرة بخط الي كتبها البابا فرنسيس للأب اليسوعي يشدد فيها على أهمية الأدب والشعر وتتضمن العبارة التي أختيرت عنوانا للكتاب: "فليحيَ الشِعر". ويضيف الأب الأقدس في هذه الرسالة أن علينا استعادة مذاق الأدب في حياتنا وفي تنشئتنا وإلا فسنصبح كثمرة جافة، كما ويؤكد البابا أن الشِعر يساعدنا على أن نكون بشرا وهو ما نحن في حاجة كبيرة إليه اليوم، كتب قداسته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store