logo
#

أحدث الأخبار مع #بروتن

لا خوف على الجزائر من صدمة ترامب الجمركية
لا خوف على الجزائر من صدمة ترامب الجمركية

الشروق

time٠٧-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • الشروق

لا خوف على الجزائر من صدمة ترامب الجمركية

ترامب يفرض قيودا على السلع الواردة إلى الولايات المتحدة الأمريكية من أكثر من 200 دولة وجزيرة وإقليم في ما بات يعرف بـ'يوم التحرير' والذي يهدف حسب الرئيس الأمريكي إلى استعادة ثراء أمريكا. الهجوم الجمركي الذي يحاول من خلاله الرئيس الأمريكي خلق حالة من الصدمة في العالم في محاولة لمحاكاة ما قام به الرئيس نيكسون في سبعينيات القرن الماضي، محاولة يهدف من خلالها الرئيس ترامب إلى تقديم أفضلية للمؤسسات المنتجة داخل الأراضي الأمريكية، وفتح المجال بشكل أوسع أمامها لاستحداث أسواق عالمية خاصة بعد أن انعدمت الهوة التكنولوجية بين السلع الأمريكية ونظيرتها من باقي دول العالم، وهو ما جعل شعار 'صنع في أمريكا' لا يساوي شيئا، بل أصبح يعدّ في العديد من المجالات متخلفا عن ما يقدّمه الاقتصاد الصيني مثلا، ولعل الهوة الحاصلة في السيارات الكهربائية واحدة من الأمثلة الحية في هذا السياق، وحتى في مجال الطائرات من دون طيار أضحت صادرات عديد الدول تتفوق عن ما تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية. من نيكسون إلى ترامب دونالد ترامب الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية يحاكي ما قام به الرئيس السابع والثلاثين لأمريكا ريتشارد نيكسون (1969-1974) والذي حاول معالجة مشاكل أمريكا مع العالم بالصدمة، فألغى فيها تحويل الدولار إلى ذهب سنة 1971، والذي كان بسبب أن التضخّم في الدولار ارتفع بشكل مهول مقارنة باحتياطات الذهب الأمريكية، ووضع رسوم جمركية بقيمة 10 بالمئة لكل الواردة إلى أمريكا، والرهان دوما الخوف من أمريكا لكن الأمر سرعان ما انعكس سلبا، ولم توفّق هذه الحلول في تغيير وضع الاقتصاد الأمريكي، بل استقال نيكسون إثر فضيحة ووتر غيت في 1974 التي يعدّها الكثيرون مدبَّرة. العلاقة لن تتأثر بفرض رسوم بـ30 بالمئة على السلع الواردة إلى أمريكا من الجزائر (تفرض الجزائر في المقابل 59 بالمئة كرسوم على السلع الأمريكية) ولن يكون للأمر تبعات على اقتصادنا، خاصة أن صادراتنا لأمريكا الآن تحوّلت بشكل أساسي إلى نوعية جديدة من السلع تتمثل أساسا في حديد البناء والإسمنت، وهي مواد واسعة الطلب يمكن تصديرها إلى مناطق أقرب جغرافيًّا وأقل تكلفة. إن هذا الأمر جعل نظام بروتن وودز الذي حكم النظام المالي العالمي ينهار وتنهار معه رؤية جون مينار كينز لحل الأزمات المالية، وبروز رؤية جديدة للمرحلة تمثلت في النظرية النقدية الحديثة برؤية فريدمان، خاصة أن أهم ما كان يهدف إليه كينز هو عدم العودة إلى أزمة كالتي حصلت مع ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى (التضخم الجامح) والدخول في دوامة جديدة كان يمكن أن تصنع نازية جديدة، بل النتيجة كانت غير متوقعة ببروز قوتين عالميتين جديدتين هما اليابان وألمانيا، وهو ما جعل أمريكا تشعر بالقلق مع بداية السبعينيات، وتتأكَّد أنها في خطر خاصة مع ما كانت تعانيه من الأزمة التي افتعلتها في فيتنام، ومنه فدخول سبعينيات القرن العشرين برؤية جديدة للحدِّ من خطورة الاقتصادات الناشئة وإعادة التوازن للاقتصاد الأمريكي كانت في نظر نيكسون من باب فرض قيود أكبر على العالم ومحاولة الرفع من عوائد أمريكا المالية من خلال إطلاق العنان للعملة في موازنة نفسها من خلال القوى الاقتصادية، والدولار لا بدّ سيكون المهيمن نظرا لأن أمريكا تسيطر على أسواق النفط والغاز وتجبر العالم على التعامل به، لكن الذي حصل في ما بعد هو بروز تحالفات أسوية وأوربية كبرى، كانت نتيجة مباشرة لسياسات نيكسون، بل أن الصين التي كانت تعيش تبعات أكبر مجاعة في التاريخ الحديث عادت لتسيطر على مقدراتها وتزاحم الولايات المتحدة الأمريكية بسياسة نقدية أساسها تخفيض قيمة عملتها للرفع من صادراتها بالتزامن مع العمل على التقدم التكنولوجي وتأهيل اليد العاملة، حتى وجد ترامب اليوم نفسه أمام حالة قوامها أن أكبر الشركات الأمريكية وطّنت مصانعها في الصين! ترامب سيتفاوض بلغ عجز التجاري لأمريكي خلال سنة 2024 مبلغ 1.2 تريليون دولار (1200 مليار دولار) حسب ما صرح به الرئيس ترامب، وهذا يعني أن الولايات المتحدة الأمريكية تستورد أكثر مما تصدِّر بما يعادل هذا المبلغ، والذي يريده الرئيس الأمريكي بشدة هو إزالة الدول الصديقة والشقيقة -كما سمّاها- الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية، ولهذا قدّم جداول مفصلة لـ180 دولة، تبرز حجم الرسوم المفروضة على السلع الأمريكية وما فرضته أمريكا في المقابل، هنا سيكون على كل دولة تريد أن يرفع العم سام عنها القيود الحمائية أن ترفع هي الأخرى القيود عن المنتجات الأمريكية، وبالتأكيد في رأي ترامب ستكون الغلبة للرعب الأمريكي وأن الجميع سيخضع في غضون 06 أشهر. هذا الرهان سيصطدم بعدم الموثوقية في إدارة ترامب التي لا تزال تعاني من غياب قنوات الاتصال الفعالة بينها وبين أغلب الحلفاء والأصدقاء السابقين، ويمكن جدا للتكتلات العالمية التي سبق وظهرت أن تتَّفق على رفض ما يقوم به ترامب وتقابل الإجراءات الأمريكية بإجراءات مماثلة في محاولة لوضع ترامب أمام أمر واقع قوامه أن العجز قد يرتفع بنحو 200 مليار دولار في 2025، وفي ظل استحالة إحلال المؤسسات الأمريكية لسلع مكان تلك المستورَدة لأسباب عديدة ومتنوعة، سيكون المواطن الأمريكي هو الخاسر الأكبر من خلال ظهور طفرة تضخُّم سرعان ما ستهوي بالقدرة الشرائية داخل الولايات المتحدة الأمريكية، فيكون الرعب الذي طالما راهن عليه ترامب ليكون حليفه ضد الأعداء والأصدقاء أول خاذل له، بل سيكون أمام كابوس سياسي أكبر من فضيحة ووتر غيت. هل ستؤثر الرسوم على علاقة الجزائر بأمريكا؟ الجزائر التي بلغت المبادلات بينها وبين العم السام حدود 3 مليار دولار خلال السنوات الفارطة، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بما كان عليه الأمر في بداية الألفية الجارية وتحديدا في 2009 حيث بلغ حجم المبادلات التجارية 22 مليار دولار بالميزان التجاري لصالح الجزائر، لكن بعد تحول أمريكا إلى إنتاج المواد الطاقوية، قلَّصت واردات من كل دول العالم. واقع تجاوزه البلدان من دون أي تأثير سلبي على علاقتهما يجعلنا نرجّح أن العلاقة لن تتأثر بفرض رسوم بـ30 بالمئة على السلع الواردة إلى أمريكا من الجزائر (تفرض الجزائر في المقابل 59 بالمئة كرسوم على السلع الأمريكية) ولن يكون للأمر تبعات على اقتصادنا، خاصة أن صادراتنا لأمريكا الآن تحوّلت بشكل أساسي إلى نوعية جديدة من السلع تتمثل أساسا في حديد البناء والإسمنت، وهي مواد واسعة الطلب يمكن تصديرها إلى مناطق أقرب جغرافيًّا وأقل تكلفة. المتوقع.. الأكيد أن ردود الأفعال التي ستقابل ترامب ستجعله يتراجع جزئيا بتحديد بعض السلع المعفية من هذه الرسوم نظرا لحساسيتها للمواطن الأمريكي، كما أن الأكيد أن التكتلات الاقتصادية الكبرى لن تعجز عن توجيه منتجاتها إلى دول أخرى خاصة أن أمريكا بعدد سكانها الذي يفوق 400 مليون بقليل لا يمثلون سوى 5 بالمئة من سكان العالم، وهو ما يعني أن حجم السوق الأمريكي لا يمثل إلا جزءا بسيطا إذا ما قارنّاه بالسوق الهندي أو الصيني، أما داخليًّا فالمفاضلة التي يمارسها الرئيس ترامب لوزيره إليون ماسك من خلال دعمه بفرض ضرائب بلغت 25 بالمئة على السيارات الواردة إلى أمريكا سيُحدِث لا محالة زوابع من المتابعات والمساءلات والمحاولات لكسر عهدة ترامب قبل نهايتها وهذا بعيدا عن المتاعب القانونية التي يمكن أن تطاله من خصومه السياسيين، ولنا في نيكسون عبرة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store