logo
#

أحدث الأخبار مع #بروتوكولكيوتو

العدالة المناخية بين التزامات القانونية و الواقع
العدالة المناخية بين التزامات القانونية و الواقع

أخبارنا

time١٨-٠٤-٢٠٢٥

  • علوم
  • أخبارنا

العدالة المناخية بين التزامات القانونية و الواقع

مراد علوي تصاعد أزمة المناخ يومًا بعد يوم، ومعها تتزايد الحاجة إلى تحقيق العدالة المناخية، التي تُعدّ مبدأً يهدف إلى توزيع أعباء التغير المناخي بشكل منصف بين الدول والشعوب. لكن رغم الجهود الدولية، لا تزال الفجوة بين الالتزامات القانونية والتطبيق الفعلي لهذه المبادئ واضحة. فبينما تتحمل الدول الصناعية مسؤولية تاريخية عن الانبعاثات التي تسببت في تفاقم الظواهر المناخية المتطرفة، تبقى الدول النامية الأكثر تضررًا والأقل قدرة على التكيف، مما يطرح تساؤلات جوهرية حول فعالية القوانين الدولية في تحقيق العدالة البيئية إن التغيرات المناخية اليوم أصبحت تهدد بشكل مباشر حياة البشر على كوكب الأرض ، إذ أن الأنشطة البشرية مثل الانبعاثات الكربونية والتلوث البيئي تساهم بشكل كبير في تسريع هذه التغيرات. مما يعكس ضرورة الانتباه إلى مفهوم 'العدالة البيئية'، وهو مفهوم ناشئ يربط بين العدالة الاجتماعية وحماية البيئة. العدالة البيئية تسعى إلى ضمان حقوق الأفراد في بيئة نظيفة وصحية، والتي هي حق أساسي لكل إنسان. هذا المفهوم يتضمن على وجه الخصوص المساواة في توزيع الأضرار البيئية والموارد الطبيعية، مع إيلاء اهتمام خاص بالمجتمعات الفقيرة والمعرضة بشكل أكبر لتداعيات التغيرات المناخية. في ظل التحديات المناخية المتزايدة، أصبح من الضروري أن تتخذ الحكومات والمجتمعات العالمية خطوات فعالة لمعالجة هذه المشكلة. القوانين البيئية الحديثة، مثل اتفاقية باريس للمناخ، تركز على الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة التي تساهم في الاحترار العالمي، وكذلك على تشجيع استخدام الطاقات المتجددة والحد من استهلاك الموارد الطبيعية. الدول مطالبة بتحديد أهداف خفض الانبعاثات وتطوير سياسات بيئية تشجع على الابتكار التكنولوجي الأخضر والاستدامة البيئية. ومع ذلك، فهل هذه القوانين كافية لمواجهة تحديات التغيرات المناخية؟ العديد من الخبراء يشيرون إلى أن التشريعات البيئية، رغم أنها ضرورية، لكنها تفتقر إلى القدرة على تنفيذ القرارات بشكل فعال، في ظل ضغوط اقتصادية وقوى سياسية واقتصادية تعارض هذه السياسات. علاوة على ذلك، فإن قدرة الدول النامية على تطبيق هذه التشريعات محدودة بسبب ضعف الموارد المالية والتقنية. لذا، يجب على المجتمع الدولي تعزيز التعاون بين الدول المتقدمة والنامية، بما يضمن توفير التمويل والمساعدة التقنية اللازمة لتطبيق هذه السياسات بشكل أكثر فعالية.  الإطار القانوني للعدالة المناخية لطالما كان القانون الدولي أداة رئيسية في التعامل مع القضايا البيئية، وقد حاول منذ أوائل التسعينيات وضع أسس قانونية لمواجهة التغير المناخي. جاءت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) عام 1992 لتشكل نقطة البداية في الاعتراف بالتغير المناخي كقضية عالمية تتطلب تعاونًا دوليًا. ومن بعدها، جاء بروتوكول كيوتو (1997) ليُلزم الدول الصناعية بتقليل انبعاثاتها، لكنه واجه انتقادات لعدم فرضه التزامات مماثلة على الدول النامية. أما اتفاق باريس للمناخ (2015) فقد كان خطوة أكثر شمولًا، حيث ألزم جميع الدول بالعمل على الحد من ارتفاع درجات الحرارة، لكنه لم يضع آليات قانونية صارمة لإلزام الدول الكبرى بتنفيذ التزاماتها. فبرغم هذه الاتفاقيات و المعاهدات ، فإن العدالة المناخية لا تزال بعيدة عن التطبيق الفعلي. فالدول المتقدمة، التي راكمت ثرواتها من خلال عقود من التصنيع والانبعاثات الكثيفة، تضع شروطًا معقدة لتقديم المساعدات المالية والتكنولوجية للدول الفقيرة، مما يعيق جهود التكيف مع آثار التغير المناخي.  عدم التوازن في توزيع الأعباء المناخية من أكثر الإشكاليات التي تعيق تحقيق العدالة المناخية هو التفاوت الكبير في تحمل الأعباء. فعلى سبيل المثال، القارة الأفريقية تُنتج أقل من 4% من إجمالي الانبعاثات العالمية، ومع ذلك، فإنها من أكثر المناطق تعرضًا للجفاف والتصحر والفيضانات بسبب تغير المناخ. الدول الجزرية الصغيرة تواجه خطر الغرق بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، ورغم مساهمتها الضئيلة في التلوث، إلا أنها الأكثر تأثرًا به. في المقابل، تستمر الدول الصناعية الكبرى في استهلاك الموارد الطبيعية بمعدلات مرتفعة، بينما لا تلتزم بتقديم تعويضات كافية للبلدان التي تعاني من آثار هذا التلوث.  التحديات القانونية والسياسية العدالة المناخية تواجه عقبات قانونية وسياسية تجعل من الصعب تنفيذ التزامات الدول الكبرى. فلا توجد حتى الآن آليات قانونية تُلزم الدول المتسببة في التلوث بدفع تعويضات للدول المتضررة. كما أن النزاعات السياسية بين الدول الكبرى، خاصة بين الولايات المتحدة والصين، تعيق أي اتفاقات حقيقية بشأن تخفيض الانبعاثات أو تقديم المساعدات المالية للدول النامية. أضف إلى ذلك، فإن بعض الشركات متعددة الجنسيات، التي تعدّ من أكبر المساهمين في الانبعاثات الكربونية، تمتلك نفوذًا قويًا داخل الحكومات، مما يجعل من الصعب فرض قوانين بيئية صارمة تحدّ من أنشطتها الملوِّثة. على سبيل المثال، لوبيات صناعة النفط والفحم في بعض الدول تعمل على تعطيل تنفيذ السياسات البيئية التي قد تؤثر على أرباحها، حتى لو كان ذلك على حساب البيئة والعدالة المناخية.  البعد الحقوقي للعدالة المناخية التغير المناخي ليس مجرد قضية بيئية، بل هو أزمة تمسّ حقوق الإنسان الأساسية. ارتفاع درجات الحرارة والجفاف يؤدي إلى نقص الغذاء والماء، مما يهدد الحق في الحياة والصحة. المجتمعات الزراعية، التي تعتمد على المحاصيل الموسمية، تعاني من تراجع الإنتاج، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الفقر والنزوح. كما أن بعض المناطق، مثل أجزاء من جنوب آسيا وأفريقيا، تواجه تهديدات مباشرة نتيجة موجات الحر القاتلة والفيضانات المتكررة، ما يدفع مئات الآلاف من السكان إلى الهجرة القسرية بحثًا عن أماكن أكثر استقرارًا. ورغم ذلك، فإن القوانين الدولية لحقوق الإنسان لا تزال عاجزة عن تقديم حلول عملية لهذه الأزمات. فالدول الصناعية الكبرى لم تُلزم نفسها حتى الآن باستقبال 'لاجئي المناخ' أو تقديم تعويضات مباشرة للمتضررين من الكوارث البيئية. وهذا يفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى جدية العالم في التعامل مع التغير المناخي باعتباره أزمة إنسانية وليس فقط بيئية ..

العدالة المناخية بين الالتزامات القانونية والواقع
العدالة المناخية بين الالتزامات القانونية والواقع

بيان اليوم

time٠٧-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • بيان اليوم

العدالة المناخية بين الالتزامات القانونية والواقع

العدالة المناخية بين الالتزامات القانونية والواقع هل يدفع الضعفاء ثمن أزمة لم يصنعوها تصاعد أزمة المناخ يومًا بعد يوم، ومعها تتزايد الحاجة إلى تحقيق العدالة المناخية، التي تُعدّ مبدأً يهدف إلى توزيع أعباء التغير المناخي بشكل منصف بين الدول والشعوب. لكن رغم الجهود الدولية، لا تزال الفجوة بين الالتزامات القانونية والتطبيق الفعلي لهذه المبادئ واضحة. فبينما تتحمل الدول الصناعية مسؤولية تاريخية عن الانبعاثات التي تسببت في تفاقم الظواهر المناخية المتطرفة، تبقى الدول النامية الأكثر تضررًا والأقل قدرة على التكيف، مما يطرح تساؤلات جوهرية حول فعالية القوانين الدولية في تحقيق العدالة البيئية إن التغيرات المناخية اليوم أصبحت تهدد بشكل مباشر حياة البشر على كوكب الأرض، إذ أن الأنشطة البشرية مثل الانبعاثات الكربونية والتلوث البيئي تساهم بشكل كبير في تسريع هذه التغيرات. مما يعكس ضرورة الانتباه إلى مفهوم 'العدالة البيئية'، وهو مفهوم ناشئ يربط بين العدالة الاجتماعية وحماية البيئة. العدالة البيئية تسعى إلى ضمان حقوق الأفراد في بيئة نظيفة وصحية، والتي هي حق أساسي لكل إنسان. هذا المفهوم يتضمن على وجه الخصوص المساواة في توزيع الأضرار البيئية والموارد الطبيعية، مع إيلاء اهتمام خاص بالمجتمعات الفقيرة والمعرضة بشكل أكبر لتداعيات التغيرات المناخية. في ظل التحديات المناخية المتزايدة، أصبح من الضروري أن تتخذ الحكومات والمجتمعات العالمية خطوات فعالة لمعالجة هذه المشكلة. القوانين البيئية الحديثة، مثل اتفاقية باريس للمناخ، تركز على الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة التي تساهم في الاحترار العالمي، وكذلك على تشجيع استخدام الطاقات المتجددة والحد من استهلاك الموارد الطبيعية. الدول مطالبة بتحديد أهداف خفض الانبعاثات وتطوير سياسات بيئية تشجع على الابتكار التكنولوجي الأخضر والاستدامة البيئية. ومع ذلك، فهل هذه القوانين كافية لمواجهة تحديات التغيرات المناخية؟ إن العديد من الخبراء يشيرون إلى أن التشريعات البيئية، رغم أنها ضرورية، لكنها تفتقر إلى القدرة على تنفيذ القرارات بشكل فعال، في ظل ضغوط اقتصادية وقوى سياسية واقتصادية تعارض هذه السياسات. علاوة على ذلك، فإن قدرة الدول النامية على تطبيق هذه التشريعات محدودة بسبب ضعف الموارد المالية والتقنية. لذا، يجب على المجتمع الدولي تعزيز التعاون بين الدول المتقدمة والنامية، بما يضمن توفير التمويل والمساعدة التقنية اللازمة لتطبيق هذه السياسات بشكل أكثر فعالية. الإطار القانوني للعدالة المناخية لطالما كان القانون الدولي أداة رئيسية في التعامل مع القضايا البيئية، وقد حاول منذ أوائل التسعينيات وضع أسس قانونية لمواجهة التغير المناخي. جاءت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) عام 1992 لتشكل نقطة البداية في الاعتراف بالتغير المناخي كقضية عالمية تتطلب تعاونًا دوليًا. ومن بعدها، جاء بروتوكول كيوتو (1997) ليُلزم الدول الصناعية بتقليل انبعاثاتها، لكنه واجه انتقادات لعدم فرضه التزامات مماثلة على الدول النامية. أما اتفاق باريس للمناخ (2015) فقد كان خطوة أكثر شمولًا، حيث ألزم جميع الدول بالعمل على الحد من ارتفاع درجات الحرارة، لكنه لم يضع آليات قانونية صارمة لإلزام الدول الكبرى بتنفيذ التزاماتها. فبرغم هذه الاتفاقيات والمعاهدات، فإن العدالة المناخية لا تزال بعيدة عن التطبيق الفعلي. فالدول المتقدمة، التي راكمت ثرواتها من خلال عقود من التصنيع والانبعاثات الكثيفة، تضع شروطًا معقدة لتقديم المساعدات المالية والتكنولوجية للدول الفقيرة، مما يعيق جهود التكيف مع آثار التغير المناخي. – عدم التوازن في توزيع الأعباء المناخية من أكثر الإشكاليات التي تعيق تحقيق العدالة المناخية هو التفاوت الكبير في تحمل الأعباء. فعلى سبيل المثال، القارة الأفريقية تُنتج أقل من 4% من إجمالي الانبعاثات العالمية، ومع ذلك، فإنها من أكثر المناطق تعرضًا للجفاف والتصحر والفيضانات بسبب تغير المناخ. الدول الجزرية الصغيرة تواجه خطر الغرق بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، ورغم مساهمتها الضئيلة في التلوث، إلا أنها الأكثر تأثرًا به. في المقابل، تستمر الدول الصناعية الكبرى في استهلاك الموارد الطبيعية بمعدلات مرتفعة، بينما لا تلتزم بتقديم تعويضات كافية للبلدان التي تعاني من آثار هذا التلوث. التحديات القانونية والسياسية العدالة المناخية تواجه عقبات قانونية وسياسية تجعل من الصعب تنفيذ التزامات الدول الكبرى. فلا توجد حتى الآن آليات قانونية تُلزم الدول المتسببة في التلوث بدفع تعويضات للدول المتضررة. كما أن النزاعات السياسية بين الدول الكبرى، خاصة بين الولايات المتحدة والصين، تعيق أي اتفاقات حقيقية بشأن تخفيض الانبعاثات أو تقديم المساعدات المالية للدول النامية. أضف إلى ذلك، فإن بعض الشركات متعددة الجنسيات، التي تعدّ من أكبر المساهمين في الانبعاثات الكربونية، تمتلك نفوذًا قويًا داخل الحكومات، مما يجعل من الصعب فرض قوانين بيئية صارمة تحدّ من أنشطتها الملوِّثة. على سبيل المثال، لوبيات صناعة النفط والفحم في بعض الدول تعمل على تعطيل تنفيذ السياسات البيئية التي قد تؤثر على أرباحها، حتى لو كان ذلك على حساب البيئة والعدالة المناخية. البعد الحقوقي للعدالة المناخية التغير المناخي ليس مجرد قضية بيئية، بل هو أزمة تمسّ حقوق الإنسان الأساسية. ارتفاع درجات الحرارة والجفاف يؤدي إلى نقص الغذاء والماء، مما يهدد الحق في الحياة والصحة. المجتمعات الزراعية، التي تعتمد على المحاصيل الموسمية، تعاني من تراجع الإنتاج، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الفقر والنزوح. كما أن بعض المناطق، مثل أجزاء من جنوب آسيا وأفريقيا، تواجه تهديدات مباشرة نتيجة موجات الحر القاتلة والفيضانات المتكررة، ما يدفع مئات الآلاف من السكان إلى الهجرة القسرية بحثًا عن أماكن أكثر استقرارًا. ورغم ذلك، فإن القوانين الدولية لحقوق الإنسان لا تزال عاجزة عن تقديم حلول عملية لهذه الأزمات. فالدول الصناعية الكبرى لم تُلزم نفسها حتى الآن باستقبال 'لاجئي المناخ' أو تقديم تعويضات مباشرة للمتضررين من الكوارث البيئية. وهذا يفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى جدية العالم في التعامل مع التغير المناخي باعتباره أزمة إنسانية وليس فقط بيئية. بقلم: مراد علوي باحث في الدراسات السياسية و المؤسساتية – جامعة محمد الخامس بالرباط.

إقليم الصويرة يتجه بثبات نحو الانتقال الطاقي
إقليم الصويرة يتجه بثبات نحو الانتقال الطاقي

مراكش الآن

time٠٨-٠٢-٢٠٢٥

  • منوعات
  • مراكش الآن

إقليم الصويرة يتجه بثبات نحو الانتقال الطاقي

أضحت الصويرة (مدينة الرياح)، التي تعد وجهة سياحية ساحرة، على امتداد السنين، رمزا لإقليم عازم على الاستفادة من مؤهلاته الطبيعية للانخراط بشكل كامل في ورش الانتقال الطاقي الذي أطلقته المملكة. وفي قلب هذا الطموح، تعد الرياح، التي تهب بانتظام على سهول الإقليم وسواحله، موردا محوريا. ومع سرعة تتراوح في المتوسط بين 17 و24 كيلومترا في الساعة، تبدو إمكانات الطاقة الريحية بالإقليم واعدة بالنسبة للمغرب. ومكنت هذه المؤهلات الصويرة من الارتقاء إلى إقليم رائد في مجال الطاقات النظيفة، منذ سنة 2007، مع تدشين محطة الطاقة الريحية 'أمكدول'، في أول مشروع من نوعه، يندرج في إطار بروتوكول 'كيوتو'. ولا يقتصر هذا المشروع في كونه منجزا تقنيا، بل يجسد قدرة المملكة على الجمع بين الالتزام البيئي والتنمية الاقتصادية. وعلى بعد 15 كيلومترا فقط من جنوب مدينة الصويرة، يشكل هذا المشروع البارز، اليوم، نموذجا في مجال إنتاج الطاقة الريحية. وتستفيد المحطة، من خلال 71 مروحة رياح تبلغ قوتها 850 كيلووات، من ظروف طبيعية استثنائية، بما في ذلك متوسط سرعة رياح تصل إلى 9 أمتار في الثانية. وحسب المديرية الإقليمية للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (قطاع الكهرباء)، فإن هذه الوضعية تتيح إنتاجا سنويا قدره 210 جيغاواط/ساعة، وهو ما يكفي لتزويد آلاف المنازل بالطاقة، مع تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 136 ألف طن سنويا. وعززت مدينة الرياح، القوية بهذه التجربة الأولى والناجحة، التزامها نحو مستقبل أخضر مع تشغيل في أكتوبر الماضي محطة الطاقة الريحية 'جبل لحديد'، الواقعة على طول الطريق الوطنية الرابطة بين الصويرة وآسفي. واستنادا إلى المديرية الإقليمية، فقد تم إنشاء هذه المحطة على ثلاث تلال، وتحتوي على 54 مروحة رياح بقدرة 5 ميغاواط لكل منها. وقد تم تصنيع العديد من أجزاء المحطة محليا، ما يؤكد دينامية الصناعة المغربية. ويتوقع أن يصل إنتاج هذه المحطة إلى حوالي 952 جيغاواط ساعة سنويا، مما يكفي لتلبية احتياجات مدينة يبلغ عدد سكانها حوالي 1.2 مليون نسمة، مثل مراكش أو فاس، مع تقليل انبعاثات ثنائي أكسيد الكربون بـ 580 ألف طن سنويا. وإلى جانب هذه المشاريع الاستراتيجية، يمتد الطموح الطاقي لمدينة الرياح أيضا، إلى مجال التكوين المهني والبحث العلمي، عبر مبادرات تتوخى تقوية الكفاءات المحلية وتشجيع الابتكار في هذا الميدان. وفي هذا الإطار، تضطلع المدرسة العليا للتكنولوجيا بالصويرة، التابعة لجامعة القاضي عياض، بدور محوري، إذ تقترح مسالك تكوينية تهم الطاقات المتجددة والتنمية المستدامة. وأكدت الأستاذة الجامعية بالمؤسسة، خلود كاهيم، أن هذه المسالك المتخصصة تهدف إلى ضمان تكوين جيل جديد من المهندسين والتقنيين القادرين على الاستجابة للحاجيات المتزايدة للقطاع الطاقي والمساهمة بشكل نشيط، في تطور التكنولوجيات النظيفة الملائمة للسياق المغربي. وأضافت في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه بالموازاة مع ذلك، تتعاون المدرسة مع مقاولات وطنية ودولية، وكذا مراكز البحث، لتوفير فرص التداريب للطلبة ومشاريع عملية في مجالات من قبيل تدبير محطات الطاقة الريحية، والنجاعة الطاقية، وتصور حلول مبتكرة من أجل استغلال الموارد المتجددة. وأشارت كاهيم، التي ترأس المركز الدولي للبحوث وبناء القدرات، إلى أن هذه المبادرات البيداغوجية يدعمها تنظيم دوري لندوات وأيام مفتوحة وورشات حول الرهانات المناخية والطاقية، مفتوحة في وجه المهنيين وعامة الناس، مجسدة بذلك الرغبة في إشراك المجتمع الصويري في دينامية التحول الطاقي، مع تحسيس الأجيال الشابة إزاء التحديات البيئية وضمان مستقبل مستدام. ولا يقف التزام الصويرة لفائدة الطاقة وحدها، بل يولي الإقليم أهمية كبرى للمحافظة على تراثه الطبيعي، كما يتضح من خلال الانخراط الدؤوب للمجتمع المدني المحلي في هذه المهمة. وفي هذا السياق، تضطلع جمعية 'موغا غرين'، على غرار فاعلين آخرين، بدور خاص ومتزايد في هذه الدينامية، إذ تعمل إلى جانب شركائها، على إرساء مبادرات تروم صون المنظومات البيئية الهشة، وتحسيس الساكنة حول الرهانات البيئية، والنهوض بالممارسات المستدامة. وقال رئيس الجمعية، هشام أكورد، في تصريح مماثل، إن 'الهدف يتمثل في تلقين ثقافة إيكولوجية فعلية داخل المجتمع المحلي، حتى يصير كل مواطن فاعلا في التغيير'. وبفضل مقاربة مندمجة تجمع بين مشاريع طاقية كبرى، وتكوين متطور، والبحث العلمي والتوعية، باتت الصويرة اليوم، نموذجا ناجحا في مجال الانتقال الطاقي، يجسد لمستقبل مستدام تقترن فيه التنمية الاقتصادية باحترام البيئة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store