logo
#

أحدث الأخبار مع #بريفوست

أول بابا أمريكي للفاتيكان.. دعا للسلام وبناء الجسور
أول بابا أمريكي للفاتيكان.. دعا للسلام وبناء الجسور

مصرس

timeمنذ 4 أيام

  • سياسة
  • مصرس

أول بابا أمريكي للفاتيكان.. دعا للسلام وبناء الجسور

يمثل انتخاب روبرت فرنسيس بريفوست؛ البابا ليو الرابع عشر عام 2025، إنجازًا تاريخيًا، إذ أصبح أول بابا أمريكي فى تاريخ الكنيسة الكاثوليكية الرومانية الممتد على مدى ألفى عام. وقد أثار هذا التطور غير المسبوق جدلاً سياسيًا واسع النطاق فى وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية، مركزًا على التفاعل المُعقد بين هويته الأمريكية، والدور العالمى للبابوية، والتداعيات الجيوسياسية لقيادته. ◄ انتخابه يفتح صفحة جديدة في علاقة الفاتيكان بالولايات المتحدة والعالملطالما كانت البابوية حذرة من انتخاب بابا من دولة تعتبر قوة عالمية مهيمنة، مثل الولايات المتحدة، بسبب مخاوفها بشأن استقلال الكنيسة عن النفوذ السياسى العلماني. تتمتع الولايات المتحدة بقوة عسكرية ودبلوماسية وثقافية هائلة فى جميع أنحاء العالم، مما جعل فكرة البابا الأمريكى تبدو مستبعدة تاريخيًا، وفقًا لموقع شبكة «CNN» الإخبارية الأمريكية.وهكذا، يتحدى انتخاب بريفوست هذا التحريم الراسخ، مبشرًا بمرحلة جديدة فى علاقة الفاتيكان بمراكز القوى العالمية. ومع إقرار وسائل الإعلام البريطانية بالطابع التاريخى للبابا الأمريكي، فقد شددت على السياق العالمى الأوسع الذى يشكل بابويته.وتشير هذه الوسائل إلى أن هوية بريفوست ليست أمريكية فحسب؛ فهو يحمل أيضًا الجنسية البيروفية وقضى جزءًا كبيرًا من حياته فى بيرو. هذه الهوية المزدوجة تجعله شخصيةً تأثرت بتأثيرات أمريكية ولاتينية، مما قد يمكنه من التعامل مع جمهور الفاتيكان العالمى بفعالية أكبر. يعكس انتخابه استراتيجيةً تتبعها الفاتيكان لموازنة النفوذ الأمريكى برؤية عالمية أوسع وأكثر شمولًا، بحسب ما ذكره موقعا «Vox» و»نيويوركر» الأمريكيان.◄ اقرأ أيضًا | «روبرت بريفوست» على رأس الكنيسة الكاثوليكية| البابا الجديد يطل على العالم◄ الأهمية السياسيةيُنظر إلى انتخاب البابا على نطاق واسع على أنه حدث جيوسياسي، نظرًا للنفوذ العالمى للولايات المتحدة، وتؤكد وسائل الإعلام الأمريكية أن هوية البابا ككاردينال أمريكى تضع الكنيسة فى موقع فريد يمكنها من التعامل مع قضايا السياسة الداخلية والخارجية الأمريكية بشكل مباشر أكثر. وقد رحب مؤتمر الأساقفة الكاثوليك فى الولايات المتحدة بانتخابه باعتباره لحظةً تبعث على الفخر والأمل، مشيرًا إلى أن دعوته للسلام والوحدة تعد إشارات إلى اتجاه جديد لانخراط الكنيسة العالمي، وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية «BBC»، تصوره وسائل الإعلام الأمريكية كشخصية، وإن كانت أمريكية المولد، إلا أنها لا تتبنى أيديولوجية «أمريكا أولاً» القومية التى روج لها الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب.فى الواقع، لاحظ السياسيون أن رؤية ليو الرابع عشر للعالم تبدو متعارضة مع الترامبية وحركة «لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى»، حيث انتقدته بعض الأصوات المحافظة، مثل «ستيف بانون»، علنًا ووصفته بأنه «الخيار الأسوأ للكاثوليكيين المنتمين لحركة «لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى»، بحسب ما ذكره موقع «بوليتيكو» الأمريكى.◄ موقف ترامبورغم هذا التباعد الأيديولوجي، أعرب ترامب نفسه عن حماسه للانتخابات، واصفًا إياها بلحظة فخر وطنى وشرف كبير للولايات المتحدة، وأعرب عن نيته لقاء البابا الجديد، مشيرًا إلى حرصه على التواصل مع الفاتيكان فى ظل هذه القيادة الجديدة. يُسلط هذا التناقض الضوء على الديناميكيات السياسية المعقدة المتأثرة؛ فموقف البابا المعتدل والتقدمى تجاه قضايا مثل السلام والحوار والشمول يتناقض مع العناصر الأكثر قومية ومحافظة داخل الكاثوليكية والسياسة الأمريكية.◄ التحديات والآفاقتتفق التحليلات البريطانية والأمريكية على توقع أن تكون نظرية البابا ليو الرابع عشر ذات طابع سياسي عميق، تتشكل من خلال نهجه فى التعامل مع الصراعات العالمية المستمرة والسلطة الأخلاقية للكنيسة. اشتهر سلفه، البابا فرنسيس، بمواقفه الصريحة بشأن الحرب والفقر وتغير المناخ، والتى غالبًا ما كانت تتحدى القادة السياسيين حول العالم. يرث ليو الرابع عشر عالمًا اتسم بالصراعات العنيفة وعدم الاستقرار الجيوسياسي، وقد شددت رسائله الأولى على السلام والحوار كموضوعين رئيسيين.◄ توقعاتيتوقع أن يعيد انتخاب بابا أمريكى صياغة العلاقات بين الولايات المتحدة والفاتيكان. وتتكهن وسائل الإعلام الأمريكية بأن مصداقية ليو الرابع عشر الفطرية قد تعزز نفوذ الفاتيكان داخل الولايات المتحدة، وخاصةً بين الجمهوريين الكاثوليك الذين كانوا يجدون سابقًا مواقف البابا فرنسيس التقدمية بعيدة عن آرائهم. قد تعزز قيادته حوارًا أكثر دقة بين الكنيسة والفصائل السياسية الأمريكية، مما قد يسهم فى تجسير الهوة بين القضايا الخلافية مثل الهجرة والفقر. ويؤكد التعليق البريطانى أنه على الرغم من أهمية الهوية الأمريكية للبابا، إلا أن ولاءه الأساسى يبقى للكنيسة الجامعة وليس لأى أجندة وطنية. إن حذفه للغة الإنجليزية فى مباركته الافتتاحية، مفضلاً الإيطالية واللاتينية والإسبانية، يُشير إلى جهد متعمد للتأكيد على الطابع العالمى لرسالته بدلاً من طابعها الأمريكى البحت.يفسر انتخاب البابا ليو الرابع عشر أيضًا على أنه نقطة تحول ثقافية للولايات المتحدة. تصفه مجلة تايم بأنه أكثر من مجرد انتصار كاثوليكي؛ إنه لحظة تُعيد تعريف النفوذ الأمريكى على الساحة العالمية - ليس من خلال القوة السياسية أو الاقتصادية، بل من خلال القيادة الأخلاقية والروحية. يُشكِّل هذا التحول تحديًا للربط النمطى بين الشهرة الأمريكية والثروة والشهرة أو القوة العسكرية، مُقدِّمًا صورةً من التواضع والدعوة إلى العدالة.

داخل كواليس "الكونكلاف"... هكذا انتخب البابا لاوون الرابع عشر
داخل كواليس "الكونكلاف"... هكذا انتخب البابا لاوون الرابع عشر

Independent عربية

timeمنذ 6 أيام

  • سياسة
  • Independent عربية

داخل كواليس "الكونكلاف"... هكذا انتخب البابا لاوون الرابع عشر

مع غروب شمس الخميس الثامن من مايو (أيار) الجاري، بدا وكأن هناك تاريخاً جديداً يكتب في صفحات البابوية، بعدما أعلن الكاردينال مامبرتي وزير خارجية الفاتيكان السابق اسم البابا الجديد روبرت فرنسيس بريفوست الأميركي الجنسية، ليضحى البابا رقم 267، منذ بطرس الصياد الجليلي الفلسطيني وحتى اليوم. والشاهد أن هذا الاختيار، ربما جاء مفاجئاً للبعض، ولا نتجاوز الحقيقة إن قلنا إنه كان صادماً للبعض الآخر، لا من حيث الاسم والاختيار بل بسبب موطن الكاردينال المختار، أي الولايات المتحدة الأميركية. ولعله من يوم إعلان اسم البابا الجديد، وحتى الساعة، لا تزال هناك كثير من علامات الاستفهام القائمة والقادمة، التي قد تستمر طويلاً، حول الذي جرى في الكونكلاف، أي مجمع الكرادلة لاختيار البابا. لماذا بابا أميركي، ولماذا لم يظهر على الشرفة بابا من أصول أوروبية عامة، وإيطالية خاصة؟ لماذا اختار الكاردينال بريفوست هذا الاسم "لاوون" تحديداً، وهل للاسم دلالات على سيرة ومسيرة البابوية القادمة؟ ثم السؤال الذي لا بد منه، هل كان لواشنطن دور أو نفوذ في عملية اختياره، وماذا عن أفكاره، هل تتسق مع الرؤى الأميركية للهيمنة على العالم، بمعنى هل سيكون إضافة روحية للولايات المتحدة، أم إن رؤاه وأفكاره السابقة، يمكن النظر إليها بوصفها اختصاماً من مقدرات "الإمبراطورية الأميركية المنفلتة"، بحسب المؤرخ الأميركي الشهير بول كيندي؟ كاردينال بريفوست... المتوقع الخفي ربما كان من الغريب للغاية أن يفكر أحدهم في أن يضحى كاردينالاً أميركياً، هو في الأصل راهب أوغسطيني، بابا الكنيسة الكاثوليكية الجديد، لا سيما أن هناك كثيراً من الكرادلة من أصحاب الأسماء المعروفة، كانوا يتقدمون صفوف الترشيحات، وعلى رأسهم الكاردينال الإيطالي بيترو بارولين، وحتى في حال كان هناك تفكير في مرشح أميركي، فقد كانت الأنظار معلقة بكاردينال نيويورك، المعروف جيداً للجميع، تيموثي دولاني. لكن الواقع هو أن "ساعة الفاتيكان غير ساعة العالم"، ومن ثم يبدو التفكير في داخل أروقة الفاتيكان تفكيراً مغايراً لما هو خارج أسوار الدولة ذات الوضعية الخاصة، بل ومختلف بالتأكيد عما هو معروف ومألوف خارج أبواب كنيسة "السيستين" حيث يجري الاقتراع. هل كان الكاردينال بريفوست المتوقع الخفي وسط صفوف الكرادلة؟ في الواقع يبدو أن ذلك كذلك، لا سيما في ظل الثقة التي كان البابا فرنسيس يوليه إياها، وقد كان آخر المناصب، رئاسة دائرة الأساقفة في الفاتيكان، وهي المكتب المكلف تقديم المشورة للبابا في شأن تعيينات الأساقفة في شتى أنحاء العالم. من ناحية أخرى، كانت التسعة أيام التي تلت وفاة البابا، حاسمة في لفت الانتباه إلى بريفوست. كانت الأعين تتطلع إلى شخص كاريزماتي داخل أسوار الفاتيكان. التفكير الأولي كان لجهة وزير الخارجية الكاردينال بيترو باورلينن، لكن يبدو أن العظة الباهتة التي ألقاها خلال الأيام التسعة، عطفاً على الاتفاق السري الذي وقعه مع الصين، كلاهما قد خصما من حظوظه. لم يكن كثر خارج الفاتيكان يدركون أن أسهم بريفوست تتصاعد في هدوء ومن غير جلبة أو صخب، لا سيما لخبرته العالمية، ذلك رغم أنه أميركي المولد فإنه لم يمض سوى ثلث حياته في الولايات المتحدة، بينما أمضى معظم ما تبقى منها في أوروبا وأميركا اللاتينية. لم يمضِ على توليه منصبه سوى عامين، خلفاً للكاردينال الكندي مارك أويلت. غير أن ميوله الرعوية تجاه الناس، ظهرت واضحة، متجاوزة الاهتمام بالتفكير العقائدي التقليدي رغم أهميته. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) كانت تصريحاته إشارة واضحة إلى أن الأمور بدأت تتخذ طريقها نحو اتجاه رعوي جديد، وأن مكتبه كان معنياً سابقاً باستخدام العقيدة معياراً حاسماً، بدأ يعيد ترتيب أولوياته في اختيار المرشحين لرئاسة الأساقفة. ومثل البابا فرنسيس، كان بريفوست مهتماً باختيار الأساقفة المحتملين الذين يتبنون نهج "الرعاة أولاً" في قيادة الكنيسة. لم يلتفت كثر من المراقبين لشؤون الفاتيكان، إلى قرب الرجل من البابا فرنسيس، فهو الذي استدعاه إلى العمل في الكوريا الرومانية بدوام كامل عام 2023، ومن وقتها بدأ يتمتع بسمعة طيبة في الاجتهاد، حيث يقضي كثيراً من الوقت في العمل على تحديد الأساقفة الجدد كما يفعل في التعامل مع القضايا المعقدة. كان بريفوست أحد القادرين على جلب خبرة رعوية إلى الطاولة، وهو الذي نجح كثيراً في خدمته في بيرو منذ عام 1985 وحتى عام 1999، وهناك عاش فقيراً وسط الفقراء، أحبهم وأحبوه، ولعل هذا ما جعله قريباً من منظور فرنسيس الروحي عن "كنيسة للفقراء"، كنيسة تسعى في درب بطرس الصياد المليء بالضيقات، لا طريق الإمبراطور قسطنطين المكلل بالغار. في خروج بريفوست إلى النور في مقابلة مع "فاتيكان نيوز" عام 2023، ربط بريفوست بين فكرة "الكنيسة السينودسية" أو "الكنيسة المجمعية"، بمعنى الكنيسة الشاملة الجامعة الأكثر تشاركية، لا الجزر المنعزلة حول العالم. عطفاً على ذلك، بدت هناك ميزة أخرى في بريفوست، ميزة موصولة بخلفيته في القانون الكنسي، مما يوفر الراحة للمتشككين في فكرة السينودسية الذين يشعرون بالقلق من أنها قد تشكل تهديدات لتقاليد الكنيسة. ومن جانب آخر، يتمتع بريفوست بميزة أخرى، فهو يجيد عديداً من اللغات، إذ يتحدث الإنجليزية والإسبانية والإيطالية والفرنسية والبرتغالية، ويمكنه قراءة اللاتينية والألمانية، ما يمنحه القدرة على التواصل مع زملائه الكرادلة بطرق لا يستطيع الآخرون القيام بها. كانت قدرته اللغوية، وخبرته في السفر الدولي بصفته رئيساً لرهبنته الدينية، وعمله في تحديد الأساقفة الكاثوليك حول العالم، تعني أنه مرشح متقدم جداً. أما عن صفاته الشخصية، فعلى رغم إتقانه كثيراً من الألسنة، فإنه ليس كثير الكلام، وعندما يتحدث فإنه يفعل ذلك بحذر شديد وتأن كبير. رجل متحفظ ذو أسلوب متحفظ، بدا أنه غير مهموم أو محموم بحملة انتخابية تقوده إلى "السدة البطرسية"، لكن عزيمته الفولاذية المعروفة، جعلت منه في أعين الكرادلة، خياراً يريح الباحثين عن قائد يعرف إلى أين يريد أن يذهب وكيف يصل. عملت هذه العناصر مجتمعة على جعله الخيار الأول لكرادلة المجمع، حتى ولو كان بعضهم متردداً في التصويت لمرشح أميركي. يصف ستيفن زورلو من صحيفة "آل جورنال" الإيطالية، ما جرى في الأيام التسعة التي التقى فيها الكرادلة لاختيار حبر أعظم جديد، مشيراً إلى أن العالم كله كان ينظر إلى الكاردينال بارولين بنوع خاص، وإلى الكتلة الأوروبية التي ستدعم مسيرته، لا سيما الكرادلة الإيطاليين الذين فقدوا كرسي البابوية منذ عام 1978، وحتى اليوم. المثير الذي يبطل حديث أي مؤامرات خارجية للتدخل في شأن اختيار البابا، أن بريفوست كان على الدوام في الصفوف الخلفية للمرشحين للبابوية، ظاهرياً في الأقل. كان هناك دائماً في المقدمة: بييترو بارولين. بارولين الذي وصف "اضطراباته" لصديق طفولته روبرتو أمبروزي، صاحب النزل في ماروستيكا، كما ذكر فرانشيسكو بويزي في صحيفة "جورنالي". ولقد تم فهم تلك الكلمة "اضطراب" على أنها فأل خير. لم يحدث الأمر بهذه الطريقة. بارولين هو الخاسر الأكبر، حتى وإن كان من الصعب أن نقول كيف حدثت نقطة التحول التي لم يتوقعها كثر. يفترض البعض أن بريفوست كان قد خرج إلى النور بالفعل خلال الاجتماعات العامة، والاجتماعات بين الكرادلة الذين احتلوا المجمع المقدس بعد جنازة فرانسيس. ربما يكون هناك بعض الحقيقة في هذا التحليل. في كل الأحوال، فإن الاجتماع التحضيري له دائماً أهمية كبيرة. وهذا الأمر يزداد سوءاً هذه المرة، حيث لا يكاد كثير من الكرادلة يعرفون أسماء زملائهم. بدا الكرادلة بالفعل وكأنهم في حاجة إلى شخصية غير نمطية، للبابوية القادمة، تلك التي تواجهها عواصف عاتية حول العالم وعلى مختلف الصعد. ظهر بريفوست، كاردينالاً عند مفترق طرق الثقافات المختلفة: أب من أصول فرنسية وإيطالية وأم إسبانية. وبعد ذلك يأتي البعد التبشيري، ولكن من دون أن يفقد جذوره في الولايات المتحدة. ماذا جرى داخل الكونكلاف الأخير؟ من الواضح أن هناك من كان يعمل على دفع بريفوست إلى الأعلى، لجهة البابوية، وقد نجح هذا أو هؤلاء، في جذب الناخبين من أميركا الشمالية والجنوبية، وخصوصاً الناخبين الناطقين باللغة الإنجليزية، أو بالأحرى أولئك المرتبطين بالكومنولث، أو باختصار الإمبراطورية البريطانية القديمة، من جنوب أفريقيا إلى الهند وجزر تونغا. وبالعودة إلى مسألة توزيع الأصوات، كانت الكتلة الأوروبية تبلغ 53 صوتاً، مما رجح أنها ستصوت تلقائياً لمصلحة بارولين. في غالب الأمر تحصل بارولين بالفعل على نحو 40 صوتاً، بحسب ما راج خلال التسعة أيام، وليست معلومات من داخل الكونكلاف، فهذه لا يعلمها إلا الله، والكرادلة الذين أقسموا قسم السرية بألا يبوح أحدهم بمجريات ما يحدث داخل كنيسة السيستين مرة وإلى الأبد. عما قليل سيتبين أن بريفوست بدأ يحصد كثيراً من الأصوات في الظل، مع رؤية تحليلية تميل إلى القطع بأن أنصار البابا فرنسيس قد انقسموا في ما بينهم إلى مجموعات مختلفة، ولم يتمكنوا من تقديم مرشح بديل، وغالباً تبعثرت الأصوات بين الكاردينال الفرنسي المرموق جان مارك أفلين، والمالطي ماريو غريتش. أحد الأسماء التي كثر الحديث عنها، الكاردينال الإيطالي الأصل بيير باتيستا بيتسابالا، الذي عُد صاحب حظ في التصويت، لكن كونه بطريرك القدس، وقد أقام 30 سنة من عمره في إسرائيل، ويجيد اللغة العبرية، ويحكي أن علاقته قوية بالسلطات الإسرائيلية، كما أن عرضه بأن يتم مبادلته بالرهائن الإسرائيليين الذين أسرتهم "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وإن وجد صدى جيداً في وسائل الإعلام الإسرائيلية والأميركية تحديداً، إلا أن كرادلة المجمع عَدوا أنه سيكون بابا مسيساً جداً حال التصويت له، وربما يعقد علاقة الكنيسة الرومانية الكاثوليكية بكثير من الدوائر الشرقية، العربية والإسلامية، تلك التي ما انفك البابا فرنسيس يهتم بها ويوليها كثيراً من الود الحقيقي، مما تمثل في وثيقة الأخوة الإنسانية وكثير من الزيارات الناجحة. ما الذي جرى داخل الكونكلاف الأخير الأسبوع الماضي؟ من المستحيل أن نعرف ماذا حدث في كنيسة سيستين. بعد التصويت الأول، لا بد أن شيئاً ما قد حدث بين الكرادلة، وخصوصاً الأفارقة والآسيويين. ولا بد أنهم رأوا في بريفوست الذي كان يحظى أيضاً بتقدير كبير في روما، ليس كممثل للقوة النافذة في العالم، بل أفضل تعبير عن الغرب الذي لا يتباهى بالغرور، بل هو قادر على إطلاق نفسه إلى ما هو أبعد من حدوده. لقد حدث أمر ما، وغادر المرشح الأكثر احتمالاً المجمع، مما جعل الجميع يتذكر المقولة التقليدية في مثل تلك الأوقات "من يدخل الكونكلاف بابا يخرج كاردينالاً"، أي إن الحسابات والتوقعات لا تفيد البتة. كانت هناك إشاعات واسعة حول حظوظ الكاردينال الفيليبيني أنطونيو تاغلي، الذي وجد بدوره دعماً من البابا فرنسيس من قبل، وعهد إليه بمهام مختلفة متقدمة. عرف تاغلي بأنه "فرنسيس الآسيوي"، وقد مال كثر إلى فكرة بابويته، انطلاقاً من أنه قد يكون "شبكة الصياد" الجديدة بالنسبة إلى الكنيسة الرومانية الكاثوليكية في القارة الآسيوية، التي يتوقع لها البعض أن تكون قلب العالم الجديد. تشير الإشاعات إلى أن الكاردينال بارولين، ربما توصل إلى اتفاق مع المفضلين لانتخاب تاغلي، بحيث يضمن تصويتهم له، لكن في نهاية الجلسة الرابعة من الكونكلاف، بدا أن هذا الاتفاق بدوره قد أخفق في إحراز نصر يقود إلى ثلثي الأصوات. روبرت بريفوست يحصل على الثلثين من الواضح أن نظرة ما تبلورت خلال أيام الإعداد للكونكلاف، نظرة كانت تختمر في هدوء، تجاه الكاردينال بريفوست العالم بشؤون الفاتيكان وسياساته، الذي يدرك إشكالية وجهات النظر المختلفة بين جناحي التقليديين والليبراليين، وهو عينه الرجل الذي يشغل منصب رئيس اللجنة البابوية لأميركا اللاتينية في مدينة الفاتيكان، أي المتواصل والمدرك حقيقة أوضاع 40 في المئة من تعداد الكنيسة الرومانية الكاثوليكية المتجاوز 1.405 مليار نسمة. خلال جلسات التشاور التي سبقت الكونكلاف، رأى الكرادلة من أميركا اللاتينية أن بريفوست واحد منهم، وفي الوقت عينه، نظر كرادلة أفريقيا وآسيا وأوروبا إلى بريفوست، بوصفه راهباً متواضعاً، وخبيراً معلماً، يتكلم دائماً عن "المحبة والتعليم" كخيار مقبول من الجميع، ومرشح تسوية بعدما أخفق الكاردينال بارولين في الحصول على ثلثي الأصوات، وكأن التاريخ يعيد ما جرى في 2013، حين كان الجميع يتوقع فوز الكاردينال أنجلو سوكولا، بطريرك البندقية بمنصب البابوية، بعد استقالة البابا بندكتوس، لكن البابوية مضت في طريق الكاردينال الأرجنتيني خورخي بيرغوليو. هل كانت لحظة اختيار بريفوست متجاوزة لفكرة انتخاب بابا بشكل تقليدي كما الحال في كل مرة بعد وفاة أي حبر أعظم؟ بعد ثلاثة تصويتات، يخرج بريفوست بابا، في واحدة من أسرع انتخابات المجمع في التاريخ الحديث. هنا من المرجح أن قادة الكنيسة كانوا حريصين على إظهار الوحدة بعد أعوام من الانقسام في عهد البابا فرنسيس. يقول ماركو بوليتي، مراقب شؤون الفاتيكان "لقد كانت 10 أعوام من الحرب الأهلية"، في إشارة إلى المواجهات اللاهوتية بين التيار التقليدي المحافظ، الذي كثيراً ما اعترض على انفتاح فرنسيس على العالم، والليبراليين الذين دعموه، معتبرين أن الميزة الكبرى للكنيسة الرومانية الكاثوليكية، تتمثل في كونها تتمتع بديناميكية كبيرة، تجعلها تتجاوز العقبات بل تقفز فوقها، وتتخطاها بنجاحات، مما يجعلها تكمل مسيرتها من غير خجل أو وجل. كان السؤال المثير الذي تنتظره الجماهير الغفيرة في ساحة القديس بطرس بعد ظهر الخميس الماضي: هل سنرى فرنسيس جديداً يطل من الشرفة البابوية؟ تساؤل ربما يكون من الصعب الإجابة عنه بمثل هذه السرعة، حيث يحتاج الأمر إلى وقت كاف لفهم توجهات البابا "لاوون الرابع عشر" الاسم الذي اختاره بريفوست لحبريته. في الكلمة الأولى التي ألقاها من شرفة القصر الرسولي، تمحور حديث البابا الجديد حول السلام والمصالح والحوار، الاهتمام بالفقراء والمهمشين، التضامن من أقنان الأرض، والمعذبين من الحروب، ومنادياً بالسلام الأعزل، وهذه جميعها تعني أنه سائر على درب فرنسيس لا محالة. لكن في الوقت نفسه نأى بريفوست بنفسه عن الشخصية الدافئة والراديكالية التي اتسم بها سلفه الراحل، مما تبدى في طلعته على الجماهير، مرتدياً الوشاح الأحمر التقليدي للبابوات الذي كان آخر من ارتداه البابا بندكتوس، وهو ما رفض فرنسيس أن يرتديه في 2013. بالنسبة إلى بعض الناس، فإن هذا يشكل تأكيداً في الأقل للمفهوم الشائع بأن البابوات الجدد يوازنون دائماً أسلافهم، وهو ما يتجسد في المثل الإيطالي الشهير "بابا سمين، بابا نحيف" . هل لاوون الرابع عشر، هو البابا النحيف بعد البابا السمين الذي تحتاج إليه الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، البابا الذي يمكنه إدارة العرض ومتابعة الأمور بشكل فعال، والعمل على استعادة القليل من النظام في داخل الفاتيكان، بعدما يراه البعض من إرث مثير لبعض الجدل خلفه فرنسيس، مع كثير من المآثر التي أقدم عليها، التي ربما لم يضارعه أحد قبله في الإقدام عليها؟ لاوون الرابع عشر... المعنى والمبنى والدلالة المؤكد أنه لا يمكن تقديم جواب عن علامة الاستفهام المتقدمة هذه، من غير التوقف ملياً عند الاسم الذي اختاره لحبريته، أي اسم لاوون الرابع عشر. هنا ينبغي التوضيح، لا سيما بالنسبة إلى غير أهل الاختصاص في تاريخ الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، حيث غالباً ما يختار الكاردينال المنتخب للبابوية اسماً جديداً لأحد القديسين، وقد يكون شفيعه لبابويته الجديدة. تاريخياً يكاد يكون هناك بابا واحد لم يغير اسمه، ولد باسم "مارسيلو ديجلي سبانوتشي" (1501- 1555)، وقد احتفظ باسمه الأول عند انتخابه عام 1555، وهو آخر بابا حتى الآن احتفظ باسمه، ولم تستمر بابويته سوى 22 يوماً. أما عن الاسم الوحيد الذي لم يستخدمه أي فائز بالبابوية، هو اسم "بطرس"، احتراماً للمؤسس الأول كبير الرسل القديس بطرس الذي تعده الكنيسة الرومانية الكاثوليكية الخليفة الشرعي للسيد المسيح بحسب التفويض الممنوح به. ماذا عن الكاردينال بريفوست؟ ربما توقع البعض أن يختار فرنسيس الثاني، امتداداً للبابا الراحل فرنسيس، لكن المفاجأة تمثلت في العودة إلى اسم حمله أحد البابوات قبل 100 عام تقريباً، وهو اسم لاون، وكأن لاوون الثالث عشر، الإيطالي الجنسية، قد شغل منصب البابوية في الفترة ما بين 1878 و1903، أي خدم كحبر أعظم لمدة 25 عاماً، وتعد بابويته رابع أطول بابوية في تاريخ الكنيسة الرومانية الكاثوليكية. ولعل أهم ما ميز تلك البابوية، صدور الرسالة العامة الاجتماعية المعروفة باسم Rerum novarum، أو "الأشياء الجديدة"، التي صدرت عام 1891، وفيها دافع عن ظروف عمل عادلة، وحقوق العمال في التفاوض الجماعي، وتشكيل النقابات، والحصول على أجر معيشي مجز. بدت هذه المفاهيم في ذلك الوقت مفاهيم ثورية، وقد استبقت الثورة البلشفية في روسيا القيصرية بنحو ربع قرن، مما قطع ببعد نظر الكنيسة الكاثوليكية في القضايا الإنسانية المجتمعية، وليس فقط الإشكاليات الروحية والدينية. عطفاً على ذلك، اتسمت بابوية لاوون الثالث عشر الطويلة بتواصل دبلوماسي مع دول العالم، حيث أراد للكنيسة أن تكون منتظمة حقاً في العالم، وأن تخدمه بكل الطرق الممكنة. هل كان لاوون الثالث عشر في فكر البابا الجديد حين اختار الاسم نفسه؟ بعض المراقبين قال إنه من الممكن أن يكون فكر الكاردينال الأميركي بريفوست، ذهب إلى أول بابا يحمل اسم لاوون، أي القديس لاوون الكبير (400 – 461) ميلادية، الذي شغل منصب البابوية في الفترة ما بين عامي 440 و461 ميلادية، وعرف أيضاً بقيادته القوية، وتواصله مع العالم، وجهوده الاستثنائية في صنع السلام. وقد كان في الوقت ذاته، كاتباً وعالم لاهوت غزير الإنتاج، ولا تزال عظاته تقتبس وتدرس حتى اليوم بعد أكثر من 1500 عام. لم يطل الانتظار لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء اختيار الاسم، ذلك أنه نهار السبت الماضي، وفي أول استقبال من البابا لكرادلة الكنيسة الكاثوليكية، قال بالنص "لقد اخترت أن أحمل اسم لاوون الـرابع عشر. هناك أسباب، ولكن السبب الرئيس هو أن البابا لاوون الثالث عشر من خلال الرسالة العامة "الأشياء الجديدة"، قد تناول المسألة الاجتماعية في خضم الثورة الصناعية الأولى، أما اليوم فتضع الكنيسة في متناول الجميع في تراثها في العقيدة الاجتماعية، حقائق جديدة موصولة بالثورة الصناعية الجديدة، وتطورات الذكاء الاصطناعي، بما تطرحه من تحديات في سبيل الدفاع عن كرامة الإنسان، وعن العدالة والعمل". هل نحن إذن أمام بابوية مثيرة ملتحمة بالعالم في غير خجل أو وجل؟ التاريخ شاهد على الدور الناجز لهذه المؤسسة منذ زمن البابا لاوون الأول، أو لاوون الكبير، الذي التقى "أتيلا الهوني" (الهون كانوا شعباً من الرحل عاشوا في آسيا الوسطى والقوقاز وأوروبا الشرقية بين القرنين الرابع والسادس الميلادي). كان اللقاء قرب روما عام 452، وهو الحدث الأبرز في تاريخ العالم القديم. كان أتيلا يستعد لدخول روما وتدميرها. لكن بالاعتماد على الدعاء ومهاراته التفاوضية التي وهبها الله تعالى إياه، أقنع لاوون أو ليو آتيلا، بالتخلي عن خططه للهجوم. غادر آتيلا ونجت روما، على رغم أن الهون كانوا قد اجتاحوا ودمروا أجزاء كبيرة من الإمبراطورية الرومانية الشرقية والبلقان. أما خارج تاريخ الكنيسة، فإن اسم ليو في اليونانية واللاتينية فيعني "الأسد" ويقال إنه يشير إلى الشجاعة والقوة، وهو اسم جدير بالاهتمام وله معنى عميق لآلاف السنين. ربما يحتاج الأمر إلى إعادة قراءة لأفكار البابا الجديد، غير أن الخطاب يقرأ كما يقال من عنوانه، عبر كلمة الانتخاب، ثم ما فاه به في أول لقاء له مع الكرادلة. على أن الأحد القادم الـ18 من مايو (أيار) الجاري، سيكون يوم التنصيب، أي الاحتفال الطقوسي، عبر وضع خاتم بطرس الصياد في يده، والجميع ينتظر ما سيقوله في ذلك النهار. لكن ما ختم به لقاءه مع الكرادلة السبت الماضي، ربما يشي بملامح ومعالم هذه البابوية، حيث استدعى من الماضي أمنية البابا بولس السادس (1963- 1978)، التي استهل بها خدمته البطرسية، وفيها قال "ليختر العالم كله لهيباً عظيماً من الإيمان والمحبة، يشعل قلوب جميع الأشخاص ذوي الإرادة الصالحة، ويضيء لهم دروب التعاون المتبادل. ويجذب على البشرية على الدوام، فيض رضا الله وقوته، التي من دونها لا يكون لشيء قيمة، ولا يكون في شيء قداسة".

من Pax Americana إلى Pontifex Americanus
من Pax Americana إلى Pontifex Americanus

النهار

timeمنذ 6 أيام

  • سياسة
  • النهار

من Pax Americana إلى Pontifex Americanus

خلاصة مبكرة بعض الشيء. 2025 هي بداية الـ Pontifex Americanus وربما بداية نهاية الـ Pax Americana. أميركي يجلس على عرش القديس بطرس، بينما يتخلى أميركي تدريجياً عن عرش قيادة السلام العالمي. فرح الرئيس دونالد ترامب بانتخاب مواطنه الكاردينال روبرت بريفوست بابا للكنيسة الكاثوليكية. لكن أميركية ترامب مختلفة عن أميركية بريفوست الذي أصبح اسمه الآن لاوون الرابع عشر. أميركية ترامب انطوائية، أميركية لاوون عالمية. أميركية ترامب متقلّبة، أميركيّة لاوون هادئة ومتسقة؛ تقريباً كما كانت الحال مع الولايات المتحدة في عصرها الذهبي. بالحديث عن الولايات المتحدة، ونادراً ما لا تكون في قلب الحديث والحدث، خسرت البلاد إحدى شخصياتها الريادية الأسبوع الماضي: البروفسور جوزف ناي. بطلُ عالم لم يعد موجوداً شغل ناي عمادة كلية جون كينيدي للحوكمة في جامعة هارفارد، وعمل أستاذاً فخرياً متميزاً فيها. يُعد ناي من أبرز المفكرين في العلاقات الخارجية خلال العقود الماضية. صاغ فكرة "القوة الناعمة" التي تقوم على جذب أميركا لمختلف حكومات ومواطني العالم عبر ثقافتها وقيمها. ثم صاغ فكرة "القوة الذكية" التي تدمج بين القوتين الصلبة والناعمة. رحل ناي عن عالم تتآكل فيه القوة الناعمة للولايات المتحدة باطراد. ترامب محوريّ في هذا التآكل، وإن لم يكن سببه الوحيد. كتبت سوزان نوسل في مجلة "فورين بوليسي" أن ناي كان "بطلاً لعالم لم يعد موجوداً". لكن ماذا لو كان لاوون "بطلاً" جديداً لعالم تكمن قوته الناعمة في روما بدلاً من واشنطن؟ يعتمد الأمر كثيراً على أجندة البابا، وأكثر على أفعاله. تبدأ التحديات في حل المشاكل الداخلية قبل، أو على الأقل بالتوازي، مع حل القضايا الخارجية. لكن نظرياً، ثمة ما هو "جذاب" لدى البابوات حتى قبل البدء بتنفيذ رؤاهم: سمة إتقانهم للغات أجنبية عدة. بريفوست الأميركي خاطب المؤمنين باللغة الإيطالية – وهو أمر ضروري بما أنه بات أسقفاً على روما. هذا إلى جانب إدارته بيروقراطية غالبيتها إيطالية. لكن بريفوست يتقن 4 لغات أخرى وهي الفرنسية والبرتغالية والإسبانية (الأخيرة كانت حاضرة في كلمته أيضاً)، بالإضافة إلى لغته الأميركية. البابا فرنسيس أتقن أيضاً ثماني لغات، متساوياً تقريباً مع البابا يوحنا بولس الثاني. هذا التشرب المباشر وغير المباشر لثقافات العالم المتنوعة يضع البابوات في موقع متقدم لممارسة القوة الناعمة. بشكل مفارق أيضاً، يقلل هذا التشرب من انتماء البابوات الضيق لأوطانهم الأم. قيل عن بريفوست إنه كان واحداً من أقل الكرادلة "أمْركةً" بين الكرادلة الأميركيين في المجمع المغلق، وعددهم عشرة. أحد أسباب ذلك أنه قضى الكثير من فترة خدمته الكهنوتية خارج الولايات المتحدة. أين "المدينة المشعة"؟ يمكن ملاحظة الجدل في مصطلح "أميركا أولاً". حاول مقربون من ترامب التشديد على أن المصطلح "أولاً" لا يعني "فقط". في السياسة الخارجية الأميركية بقيادة ترامب، ثمة علامة استفهام حول هذا التمييز. بالمقابل، لا يجادل كثر في معنى Urbi et Orbi "إلى المدينة (روما) وإلى العالم". لا انعزالَ للمدينة عن العالم. خلال قداس اليوم الذي تلا انتخابه، صلى البابا لاوون الرابع عشر كي تبقى الكنيسة "مدينة مؤسسة على تلة... منارة تضيء الليالي المظلمة للعالم". هي فكرة تتلاقى كثيراً (لكن ليس بشكل متطابق) مع فكرة ريغان عن أميركا، "المدينة المشعّة على تلة". في كلمته الرئاسية الوداعية للشعب الأميركي، طرح ريغان في 11 كانون الثاني/يناير 1989 السؤال التالي: "وكيف تقف هذه المدينة، في ليلة الشتاء هذه؟" أجاب الرئيس: "أكثر ازدهاراً، أكثر أمناً، أكثر فرحاً مما كانت قبل ثمانية أعوام. لكن أهم من ذلك، بعد 200 عام، قرنين، لا تزال تقف قوية ونزيهة على جسر الغرانيت وإشعاعها ثابت مهما كانت العاصفة. وهي لا تزال منارة، لا تزال مغناطيساً لجميع الذين ينبغي أن يحصلوا على الحرية، لجميع الحجاج من جميع الأماكن الضائعة والذين يتسابقون عبر الظلمة نحو الوطن". يتغير التاريخ سريعاً. حينها، كانت الولايات المتحدة في ذروة "قوتها الناعمة". الجواب على ما إذا كان رئيس أميركي سيتمكن من استعادة تلك اللحظات، وحتى جزء من ذلك الخطاب المتفائل، معلّقٌ بطبيعة الحال. رحل ناي قبل رؤية انتخاب لاوون الرابع عشر. لكن ليس قبل رؤية سلفه فرنسيس في الإمارات العربية المتحدة. هناك، كان يبني مع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب جسور "الأخوة الإنسانية". مجدداً، معنى الجذر اللاتيني لـ Pontiff (الحَبر) Pontifex هو "باني الجسور". في بعض النواحي، تكسب البابوية ما تخسره أميركا. قد يصحّ ذلك أكثر مع بابا أميركيّ. ربما يكون الـ Pontifex Americanus تعويضاً جزئيّاً عن نهاية أو بداية نهاية الـ Pax Americana.

يحب إطلاق النكات.. زميل دراسة «البابا ليو الرابع عشر» يفتح دفتر ذكرياته
يحب إطلاق النكات.. زميل دراسة «البابا ليو الرابع عشر» يفتح دفتر ذكرياته

العين الإخبارية

time١٢-٠٥-٢٠٢٥

  • منوعات
  • العين الإخبارية

يحب إطلاق النكات.. زميل دراسة «البابا ليو الرابع عشر» يفتح دفتر ذكرياته

وُلد البابا ليو الرابع عشر، واسمه الأصلي روبرت فرانسيس بريفوست، في مدينة شيكاغو عام 1955، وقضى معظم طفولته في منطقة شيكاغو الكبرى. لكنه ارتاد المدرسة الثانوية في ولاية ميشيغان الغربية، وتحديدًا في مدرسة القديس أغسطين الإعدادية في مدينة هولاند، وهي مدرسة كاثوليكية أغلقت أبوابها لاحقًا. التحق بالمدرسة خلال أوائل السبعينيات، وكان أحد طلاب دفعة عام 1973، إذ بدأ في تلك الفترة التمييز بين الدعوة الكهنوتية، واختار الانضمام إلى رهبنة القديس أغسطين. زميله في الدراسة يروي الذكريات الأب بيكيت فرانكس، الراهب البندكتيني المقيم حاليًا في دير القديس بروكوبيوس بولاية إلينوي، كان أحد زملائه المقربين خلال تلك السنوات. يقول فرانكس: "كنت هناك بين عامي 1968 و1972، وكان هو يسبقني بعام واحد فقط. المدرسة كانت صغيرة جدًا، لم يتجاوز عدد طلابها 65 طالبًا، وكنا جميعًا نعرف بعضنا جيدًا". ويتذكر فرانكس أنه شارك "بوب" – كما كان يناديه الجميع – في الكورال المدرسي ومسرح القراءة، مشيرًا إلى أن طبيعة المدرسة جمعت الطلاب في بيئة تعليمية موحدة، رغم اختلاف المراحل الدراسية، مما عمّق الروابط بينهم. نابغ ومحبوب ومساعد دائم للآخرين يصف فرانكس زميله السابق بأنه كان ذكيًا للغاية، سريع الفهم، واسع الاطلاع، ومحبوبًا من الجميع. ويضيف: "كان مميزًا بعقله اللامع. كان ملمًا بكل شيء، وساعد الجميع على فهم ما يصعب عليهم". وكان يُعرف في المدرسة بلقب "المُدرّس غير الرسمي"، إذ كان يلجأ إليه الطلاب لحل مشكلاتهم الدراسية، سواء في الإنجليزية أو الرياضيات أو التاريخ. تشير إحدى القصاصات الصحفية من صحيفة "هولاند سنتينل" بتاريخ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 1972 إلى أن بريفوست كُرّم على أدائه العالي في اختبار PSAT/NMSQT عام 1971. كما كان دائم الحضور في قوائم الشرف، وعضوًا في الجمعية الوطنية للشرف، ونشطًا في نادي الإرساليات. شغل عدة مناصب قيادية في المدرسة، مثل نائب رئيس مجلس الطلبة، ورئيس نادي المكتبة، ورئيس الصف في سنته النهائية، ومندوبًا عن طلاب المدرسة في مؤتمر طلابي في لانسنغ. كذلك، تولى رئاسة تحرير كتاب المدرسة السنوي، الذي وقّع لفرانكس بتوقيع بسيط: "أتمنى لك دائمًا الأفضل، بوب بريفوست". شخصية متزنة وروح دعابة هادئة رغم جديته، امتلك بريفوست حس دعابة خفيًا. يقول فرانكس: "كان هادئًا، جادًا، لكنه يمتلك سخرية لطيفة. عندما يبدأ بالابتسام بشكل جانبي، تدرك أنه على وشك إطلاق نكتة، هكذا كان يحب". ويضيف مبتسمًا: "كان صديقًا بسيطًا، لا يضخّم من حضوره، لكنه حاضر دائمًا باحترام وثبات". لحظة الإعلان التي فاجأت الجميع في 8 مايو/ أيار 2025، عاش الأب فرانكس لحظة صدمة كبرى عندما أُعلن من شرفة كاتدرائية القديس بطرس أن زميل دراسته أصبح البابا الجديد. "كنت في المطبخ عندما سمعت الاسم، بدأت بالصراخ. هرع الرهبان إلى الداخل معتقدين أن أمرًا خطيرًا وقع، فقلت لهم: زميلي في المدرسة الثانوية أصبح البابا!" رغم أن الهواتف المحمولة ممنوعة عادة في قاعة الطعام بالدير، سمح الرئيس باستخدامها تلك الليلة، فتجمّع الرهبان حول شاشة هاتف فرانكس الصغيرة لمتابعة لحظة ظهور البابا ليو الرابع عشر. يقول فرانكس وهو يبتسم: "بدأت أبكي، قالوا لي: هذا رائع، أنت تعرفه! قلت لهم: درست معه. كان يومًا غير عادي بكل المقاييس". مسيرته الكنسية من البدايات إلى الكرسي الرسولي بعد تخرجه من المدرسة، انضم بريفوست إلى الابتداء في رهبنة الأغسطينيين عام 1977، ثم نذر النذور الأولى عام 1978، والنهائية في 1981، وسيم كاهنًا في العام التالي. قضى سنوات طويلة في الخدمة كمبشر في البيرو، قبل أن يعود إلى الولايات المتحدة ليصبح الرئيس الإقليمي لرهبنته، ثم الرئيس العام لها عالميًا، وهو منصب شغله لدورتين متتاليتين. في سبتمبر/ أيلول 2015، عُيّن أسقفًا لأبرشية تشيكلايو في البيرو، وظل في هذا المنصب حتى يناير/ كانون الثاني 2023، حيث أصبح رئيسًا لمجمع الأساقفة في الفاتيكان، ثم رُقي إلى رتبة كاردينال في سبتمبر/ أيلول 2023. تواضع لم يتغير رغم المناصب يؤكد فرانكس أن "بوب بريفوست" كان يوقّع دائمًا باسمه البسيط، حتى بعد أن أصبح كاردينالًا، ويقول: "نفس التوقيع الذي وضعه لي في كتاب المدرسة ظل يضعه على رسائله طوال السنوات". ويشير إلى أن اختيار اسم " صورة بقيت راسخة في الأذهان في عام 2024، تحدث الكاردينال بريفوست خلال مناسبة في كنيسة القديس جود بولاية إلينوي عن تأثير مدرسته الثانوية عليه، مشيرًا إلى أحد المعلمين الذي وصفه بأنه "مُعلّم حقيقي وراهب أغسطيني مكرّس". يرى زملاؤه القدامى أن الرجل الذي اعتاد مساعدتهم في الواجبات المدرسية لا يزال يحتفظ بنفس الروح، ويأملون أن يلمس العالم فيه ما لمسه من عرفه منذ أيام المدرسة: عقل متقد، قلب رحيم، وشخصية ثابتة. يختم فرانكس شهادته عنه بجملة بسيطة تلخص كل شيء: "كان دائمًا نفسه. متواضعًا، صريحًا، ومحل احترام الجميع". aXA6IDkyLjExMi4xNzMuODUg جزيرة ام اند امز ES

الأقلّ أميركيّة بين الأميركيين - إيطاليا تلغراف
الأقلّ أميركيّة بين الأميركيين - إيطاليا تلغراف

إيطاليا تلغراف

time١١-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • إيطاليا تلغراف

الأقلّ أميركيّة بين الأميركيين - إيطاليا تلغراف

إيطاليا تلغراف حسن مدن كاتب وباحث من البحرين، صدرت له مؤلفات في قضايا الخليج، الثقافة، الأدب، السيرة، اليوميات، وغيرها. ولد الكاردينال روبرت فرنسيس بريفوست، البالغ نحو 70 عاماً، في 14 سبتمبر/ أيلول 1955 في شيكاغو بالولايات المتحدة. إنّه بابا الفاتيكان الجديد، لاوون الرابع عشر، الذي عاش في جمهورية بيرو (غرب القارّة الأميركية اللاتينية) ما يقارب ربع حياته، فبعد نيله السيامة الكهنوتية في 1982، التحق بالدعوة الأوغسطينية في تلك البلاد عام 1985، وتولّى منصب مستشار الولاية الكنسية الإقليمية في مدينة شولوكاناس بين عامي 1985 و1986، ورغم أنّه عاد إلى مسقط رأسه، شيكاغو، ليقضي هناك عامين (1987 – 1988)، شغل خلالهما منصب منسّق الدعوات الكهنوتية ومدير البعثات في الرهبانية الأوغسطينية لإقليم شيكاغو، لكنّه عاد إلى بيرو ليمكث فيها حتى 1999، وانقطعت إقامته ثانية، ولكن مؤقتاً أيضاً، بعودته إلى شيكاغو وانتخابه رئيساً إقليمياً لمقاطعة 'سيدة المشورة الصالحة' التابعة للأبرشية. لم تنقطع علاقة بريفوست بالقارّة اللاتينية بتلك العودة إلى شيكاغو إذن، ففي 2014 أعاده إلى بيرو نفسها البابا فرنسيس الراحل، معيّناً إياه مديراً رسولياً لأبرشية تشيكلايو، وجرت ترقيته إلى درجة أسقف لتلك الأبرشية في 2015، وبين 2018 و2023، تولّى منصب نائب رئيس وعضو في المجلس الدائم لمؤتمر الأساقفة فيها. وتضمّ البيرو التي أمضى البابا الجديد فيها قرابة عقدين من عمره، ويحمل، إضافة إلى جنسيته الأصل، جنسيتها أيضاً، أكثر من 30 مليون نسمة، هم خليط متعدد الأعراق، بينهم سكّانها الأًصليون، وأوروبيون وأفارقة وآسيويون. وينقل أحد التقارير أنّ بريفوست أظهر فترة توليه مهامه في تلك البلاد 'التزاماً عميقاً بخدمة المجتمعات المهمّشة، ما جعله شخصية محبوبة بين الناس'. وفي خطابه الأول بابا، وجّه تحيّة خاصة بالإسبانية إلى شعب البلد الذي خدم فيه، معتزّاً بالجذور العميقة التي تربطه به. الغاية هنا من البدء في تسليط الضوء على هذا الجانب من سيرة البابا الجديد، إظهار ما يمكن أن يعدّ وجه تشابه بينه وبين سلفه البابا فرانسيس ابن أميركا اللاتينية، المولود في الأرجنتين عام 1936، والذي تأثر، في بداية تكوينه الديني والكنسي، بما عرفت بمدرسة 'لاهوت التحرير' في القارّة، التي عُرف مريدوها بقربهم من هموم الناس ودفاعهم عن حقوق الفقراء، وهو ما انعكس في سلوك البابا الراحل ونهجه، وربما اقترب البابا الجديد من هذا التوجه في كلمته في أوّل قدّاس له بصفته رئيساً للكنيسة الكاثوليكية، حين أبدى أسفه لتراجع الإيمان لحساب 'يقينيات أخرى، مثل التكنولوجيا والمال والنجاح والسلطة واللذّة'، ومن الإشارات إلى قربه من نهج سلفه ما أوردته التقارير أنّ 80% من الكرادلة الذين شاركوا في المجمع الانتخابي عيّنهم البابا الراحل، لذا لم يكن مفاجئاً انتخاب شخصٍ مثل بريفوست لتولي موقع 'الحبر الأعظم'. ومن الإشارات أيضاً على قربه من نهج البابا فرانسيس وتبنّيه وجهات نظره بشأن قضايا المهاجرين والفقراء والبيئة، انتقاده بصفته كاردينالاً، آراء نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس، وإعادته نشر منشور على مواقع التواصل الاجتماعي ينتقد فيه ترحيل إدارة الرئيس دونالد ترامب، بعض المهاجرين. وفي مقابلة له مع الموقع الإخباري لإذاعة الفاتيكان في العام الماضي قال: 'ينبغي ألا يكون الأسقف مثل أمير صغير متربّع في مملكته، بل عليه أن يكون قريباً من الشعب ويخدمه، ويسير معه ويقاسي معه'. مع ذلك، يجنح البابا الجديد إلى الاعتدال، ويوصَف بقدرته على التوفيق بين آراء متباينة، ما يجعل من اختياره لهذا الموقع عاملاً مطمئناً للكرادلة المحافظين الذين ينادون بتركيز أكبر على المبادئ اللاهوتية. وإليه ينسب القول 'إنّ عالم اليوم الذي تعيش فيه الكنيسة لم يعد ما كان عليه قبل 10 أو 20 عاماً (…) الرسالة لا تزال عينها… لكن السبيل لبلوغ الناس اليوم، من شباب وفقراء وسياسيين، مختلف'. لا يزال مبكراً الجزم إذا كانت الفترة المقبلة من ولاية البابا الجديد، لاوون الرابع عشر، ستكون امتداداً لسلفه الذي حظيَ بشعبية واسعة في العالم، أو أنّه سيشقّ لنفسه مساراً مختلفاً. لكن يلفتنا وصف بليغ عنه بعد انتخابه على رأس الفاتيكان نقله موقع دي. دبليو عن صحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية أنه، وبفضل اعتداله وانفتاحه الثقافي، يعدّ 'الرجل الأقلّ أميركيّة بين الأميركيين'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store