logo
من Pax Americana إلى Pontifex Americanus

من Pax Americana إلى Pontifex Americanus

النهارمنذ 7 أيام

خلاصة مبكرة بعض الشيء.
2025 هي بداية الـ Pontifex Americanus وربما بداية نهاية الـ Pax Americana.
أميركي يجلس على عرش القديس بطرس، بينما يتخلى أميركي تدريجياً عن عرش قيادة السلام العالمي.
فرح الرئيس دونالد ترامب بانتخاب مواطنه الكاردينال روبرت بريفوست بابا للكنيسة الكاثوليكية. لكن أميركية ترامب مختلفة عن أميركية بريفوست الذي أصبح اسمه الآن لاوون الرابع عشر.
أميركية ترامب انطوائية، أميركية لاوون عالمية. أميركية ترامب متقلّبة، أميركيّة لاوون هادئة ومتسقة؛ تقريباً كما كانت الحال مع الولايات المتحدة في عصرها الذهبي. بالحديث عن الولايات المتحدة، ونادراً ما لا تكون في قلب الحديث والحدث، خسرت البلاد إحدى شخصياتها الريادية الأسبوع الماضي: البروفسور جوزف ناي.
بطلُ عالم لم يعد موجوداً
شغل ناي عمادة كلية جون كينيدي للحوكمة في جامعة هارفارد، وعمل أستاذاً فخرياً متميزاً فيها. يُعد ناي من أبرز المفكرين في العلاقات الخارجية خلال العقود الماضية. صاغ فكرة "القوة الناعمة" التي تقوم على جذب أميركا لمختلف حكومات ومواطني العالم عبر ثقافتها وقيمها. ثم صاغ فكرة "القوة الذكية" التي تدمج بين القوتين الصلبة والناعمة.
رحل ناي عن عالم تتآكل فيه القوة الناعمة للولايات المتحدة باطراد. ترامب محوريّ في هذا التآكل، وإن لم يكن سببه الوحيد. كتبت سوزان نوسل في مجلة "فورين بوليسي" أن ناي كان "بطلاً لعالم لم يعد موجوداً". لكن ماذا لو كان لاوون "بطلاً" جديداً لعالم تكمن قوته الناعمة في روما بدلاً من واشنطن؟
يعتمد الأمر كثيراً على أجندة البابا، وأكثر على أفعاله. تبدأ التحديات في حل المشاكل الداخلية قبل، أو على الأقل بالتوازي، مع حل القضايا الخارجية.
لكن نظرياً، ثمة ما هو "جذاب" لدى البابوات حتى قبل البدء بتنفيذ رؤاهم: سمة إتقانهم للغات أجنبية عدة. بريفوست الأميركي خاطب المؤمنين باللغة الإيطالية – وهو أمر ضروري بما أنه بات أسقفاً على روما. هذا إلى جانب إدارته بيروقراطية غالبيتها إيطالية. لكن بريفوست يتقن 4 لغات أخرى وهي الفرنسية والبرتغالية والإسبانية (الأخيرة كانت حاضرة في كلمته أيضاً)، بالإضافة إلى لغته الأميركية.
البابا فرنسيس أتقن أيضاً ثماني لغات، متساوياً تقريباً مع البابا يوحنا بولس الثاني. هذا التشرب المباشر وغير المباشر لثقافات العالم المتنوعة يضع البابوات في موقع متقدم لممارسة القوة الناعمة. بشكل مفارق أيضاً، يقلل هذا التشرب من انتماء البابوات الضيق لأوطانهم الأم. قيل عن بريفوست إنه كان واحداً من أقل الكرادلة "أمْركةً" بين الكرادلة الأميركيين في المجمع المغلق، وعددهم عشرة. أحد أسباب ذلك أنه قضى الكثير من فترة خدمته الكهنوتية خارج الولايات المتحدة.
أين "المدينة المشعة"؟
يمكن ملاحظة الجدل في مصطلح "أميركا أولاً". حاول مقربون من ترامب التشديد على أن المصطلح "أولاً" لا يعني "فقط". في السياسة الخارجية الأميركية بقيادة ترامب، ثمة علامة استفهام حول هذا التمييز. بالمقابل، لا يجادل كثر في معنى Urbi et Orbi "إلى المدينة (روما) وإلى العالم". لا انعزالَ للمدينة عن العالم.
خلال قداس اليوم الذي تلا انتخابه، صلى البابا لاوون الرابع عشر كي تبقى الكنيسة "مدينة مؤسسة على تلة... منارة تضيء الليالي المظلمة للعالم". هي فكرة تتلاقى كثيراً (لكن ليس بشكل متطابق) مع فكرة ريغان عن أميركا، "المدينة المشعّة على تلة".
في كلمته الرئاسية الوداعية للشعب الأميركي، طرح ريغان في 11 كانون الثاني/يناير 1989 السؤال التالي: "وكيف تقف هذه المدينة، في ليلة الشتاء هذه؟"
أجاب الرئيس: "أكثر ازدهاراً، أكثر أمناً، أكثر فرحاً مما كانت قبل ثمانية أعوام. لكن أهم من ذلك، بعد 200 عام، قرنين، لا تزال تقف قوية ونزيهة على جسر الغرانيت وإشعاعها ثابت مهما كانت العاصفة. وهي لا تزال منارة، لا تزال مغناطيساً لجميع الذين ينبغي أن يحصلوا على الحرية، لجميع الحجاج من جميع الأماكن الضائعة والذين يتسابقون عبر الظلمة نحو الوطن".
يتغير التاريخ سريعاً. حينها، كانت الولايات المتحدة في ذروة "قوتها الناعمة". الجواب على ما إذا كان رئيس أميركي سيتمكن من استعادة تلك اللحظات، وحتى جزء من ذلك الخطاب المتفائل، معلّقٌ بطبيعة الحال.
رحل ناي قبل رؤية انتخاب لاوون الرابع عشر. لكن ليس قبل رؤية سلفه فرنسيس في الإمارات العربية المتحدة. هناك، كان يبني مع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب جسور "الأخوة الإنسانية". مجدداً، معنى الجذر اللاتيني لـ Pontiff (الحَبر) Pontifex هو "باني الجسور".
في بعض النواحي، تكسب البابوية ما تخسره أميركا. قد يصحّ ذلك أكثر مع بابا أميركيّ. ربما يكون الـ Pontifex Americanus تعويضاً جزئيّاً عن نهاية أو بداية نهاية الـ Pax Americana.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

من Pax Americana إلى Pontifex Americanus
من Pax Americana إلى Pontifex Americanus

النهار

timeمنذ 7 أيام

  • النهار

من Pax Americana إلى Pontifex Americanus

خلاصة مبكرة بعض الشيء. 2025 هي بداية الـ Pontifex Americanus وربما بداية نهاية الـ Pax Americana. أميركي يجلس على عرش القديس بطرس، بينما يتخلى أميركي تدريجياً عن عرش قيادة السلام العالمي. فرح الرئيس دونالد ترامب بانتخاب مواطنه الكاردينال روبرت بريفوست بابا للكنيسة الكاثوليكية. لكن أميركية ترامب مختلفة عن أميركية بريفوست الذي أصبح اسمه الآن لاوون الرابع عشر. أميركية ترامب انطوائية، أميركية لاوون عالمية. أميركية ترامب متقلّبة، أميركيّة لاوون هادئة ومتسقة؛ تقريباً كما كانت الحال مع الولايات المتحدة في عصرها الذهبي. بالحديث عن الولايات المتحدة، ونادراً ما لا تكون في قلب الحديث والحدث، خسرت البلاد إحدى شخصياتها الريادية الأسبوع الماضي: البروفسور جوزف ناي. بطلُ عالم لم يعد موجوداً شغل ناي عمادة كلية جون كينيدي للحوكمة في جامعة هارفارد، وعمل أستاذاً فخرياً متميزاً فيها. يُعد ناي من أبرز المفكرين في العلاقات الخارجية خلال العقود الماضية. صاغ فكرة "القوة الناعمة" التي تقوم على جذب أميركا لمختلف حكومات ومواطني العالم عبر ثقافتها وقيمها. ثم صاغ فكرة "القوة الذكية" التي تدمج بين القوتين الصلبة والناعمة. رحل ناي عن عالم تتآكل فيه القوة الناعمة للولايات المتحدة باطراد. ترامب محوريّ في هذا التآكل، وإن لم يكن سببه الوحيد. كتبت سوزان نوسل في مجلة "فورين بوليسي" أن ناي كان "بطلاً لعالم لم يعد موجوداً". لكن ماذا لو كان لاوون "بطلاً" جديداً لعالم تكمن قوته الناعمة في روما بدلاً من واشنطن؟ يعتمد الأمر كثيراً على أجندة البابا، وأكثر على أفعاله. تبدأ التحديات في حل المشاكل الداخلية قبل، أو على الأقل بالتوازي، مع حل القضايا الخارجية. لكن نظرياً، ثمة ما هو "جذاب" لدى البابوات حتى قبل البدء بتنفيذ رؤاهم: سمة إتقانهم للغات أجنبية عدة. بريفوست الأميركي خاطب المؤمنين باللغة الإيطالية – وهو أمر ضروري بما أنه بات أسقفاً على روما. هذا إلى جانب إدارته بيروقراطية غالبيتها إيطالية. لكن بريفوست يتقن 4 لغات أخرى وهي الفرنسية والبرتغالية والإسبانية (الأخيرة كانت حاضرة في كلمته أيضاً)، بالإضافة إلى لغته الأميركية. البابا فرنسيس أتقن أيضاً ثماني لغات، متساوياً تقريباً مع البابا يوحنا بولس الثاني. هذا التشرب المباشر وغير المباشر لثقافات العالم المتنوعة يضع البابوات في موقع متقدم لممارسة القوة الناعمة. بشكل مفارق أيضاً، يقلل هذا التشرب من انتماء البابوات الضيق لأوطانهم الأم. قيل عن بريفوست إنه كان واحداً من أقل الكرادلة "أمْركةً" بين الكرادلة الأميركيين في المجمع المغلق، وعددهم عشرة. أحد أسباب ذلك أنه قضى الكثير من فترة خدمته الكهنوتية خارج الولايات المتحدة. أين "المدينة المشعة"؟ يمكن ملاحظة الجدل في مصطلح "أميركا أولاً". حاول مقربون من ترامب التشديد على أن المصطلح "أولاً" لا يعني "فقط". في السياسة الخارجية الأميركية بقيادة ترامب، ثمة علامة استفهام حول هذا التمييز. بالمقابل، لا يجادل كثر في معنى Urbi et Orbi "إلى المدينة (روما) وإلى العالم". لا انعزالَ للمدينة عن العالم. خلال قداس اليوم الذي تلا انتخابه، صلى البابا لاوون الرابع عشر كي تبقى الكنيسة "مدينة مؤسسة على تلة... منارة تضيء الليالي المظلمة للعالم". هي فكرة تتلاقى كثيراً (لكن ليس بشكل متطابق) مع فكرة ريغان عن أميركا، "المدينة المشعّة على تلة". في كلمته الرئاسية الوداعية للشعب الأميركي، طرح ريغان في 11 كانون الثاني/يناير 1989 السؤال التالي: "وكيف تقف هذه المدينة، في ليلة الشتاء هذه؟" أجاب الرئيس: "أكثر ازدهاراً، أكثر أمناً، أكثر فرحاً مما كانت قبل ثمانية أعوام. لكن أهم من ذلك، بعد 200 عام، قرنين، لا تزال تقف قوية ونزيهة على جسر الغرانيت وإشعاعها ثابت مهما كانت العاصفة. وهي لا تزال منارة، لا تزال مغناطيساً لجميع الذين ينبغي أن يحصلوا على الحرية، لجميع الحجاج من جميع الأماكن الضائعة والذين يتسابقون عبر الظلمة نحو الوطن". يتغير التاريخ سريعاً. حينها، كانت الولايات المتحدة في ذروة "قوتها الناعمة". الجواب على ما إذا كان رئيس أميركي سيتمكن من استعادة تلك اللحظات، وحتى جزء من ذلك الخطاب المتفائل، معلّقٌ بطبيعة الحال. رحل ناي قبل رؤية انتخاب لاوون الرابع عشر. لكن ليس قبل رؤية سلفه فرنسيس في الإمارات العربية المتحدة. هناك، كان يبني مع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب جسور "الأخوة الإنسانية". مجدداً، معنى الجذر اللاتيني لـ Pontiff (الحَبر) Pontifex هو "باني الجسور". في بعض النواحي، تكسب البابوية ما تخسره أميركا. قد يصحّ ذلك أكثر مع بابا أميركيّ. ربما يكون الـ Pontifex Americanus تعويضاً جزئيّاً عن نهاية أو بداية نهاية الـ Pax Americana.

'بابا أميركي' في الفاتيكان… كيف سيستفيد ترامب؟
'بابا أميركي' في الفاتيكان… كيف سيستفيد ترامب؟

لبنان اليوم

time١١-٠٥-٢٠٢٥

  • لبنان اليوم

'بابا أميركي' في الفاتيكان… كيف سيستفيد ترامب؟

نشر موقع 'إساس' تقريرًا أشار فيه إلى أن انتخاب البابا الأميركي الجديد قد يساهم في تعميق الانقسام السياسي والثقافي داخل الولايات المتحدة، لا سيما في ظل المساعي المحتملة للرئيس الأميركي دونالد ترامب لاستثمار الحدث لتعزيز رصيده بين الناخبين المسيحيين المحافظين. ويأتي ذلك على خلفية الانسجام بين توجهات البابا الجديد، بريفوست، وقيم تلك القاعدة الاجتماعية في ما يتعلّق بالهوية والمبادئ الأخلاقية. ورأى التقرير أنه في حال اتسق خطاب الفاتيكان مع هذه التوجهات، فقد يتحوّل الكرسي الرسولي إلى ما يشبه 'غرفة صدى' تعكس القومية الأميركية، وهو ما قد يعيد رسم العلاقة التقليدية بين الفاتيكان وواشنطن. إلا أن أي موقف نقدي للبابا حيال السياسات الأميركية، لا سيما في ملفي الهجرة والعدالة الاقتصادية، قد يعمّق التوترات القائمة أصلًا داخل الكنيسة الكاثوليكية الأميركية، التي تعاني من انقسامات أيديولوجية متزايدة. وفي تزامن رمزي، لفت التقرير إلى أن انتخاب بريفوست جاء مع الذكرى السنوية لإنزال النورماندي، الذي مثّل يومًا ما تجسيدًا لقيم التضحية والتضامن الأميركية. لكن المشهد اليوم يبدو مختلفًا، إذ تعيد الولايات المتحدة تعريف دورها العالمي من خلال خطاب الانعزال والاستثناء، ما يفتح الباب أمام تساؤلات عميقة حول هوية أميركا وتحولاتها الكبرى.

حكاية أربع طائرات مقاتلة
حكاية أربع طائرات مقاتلة

شبكة النبأ

time١٠-٠٥-٢٠٢٥

  • شبكة النبأ

حكاية أربع طائرات مقاتلة

خلال السيناريوهات المتطابقة للهجمات والضربات والمطالبات والمطالبات المضادة، تروي الطائرات المقاتلة التي تستخدمها الهند وباكستان على التوالي قصة تغير جيوسياسي هائل خلال السنوات الست بين الصراعين. لطالما اعتمدت القوات الجوية الهندية اعتمادًا كبيرًا على المعدات الروسية، وهي إرثٌ من حقبة الحرب الباردة عندما انحازت نيودلهي إلى حد كبير... تحكي الطائرات التي تستخدمها الهند وباكستان لشن هجمات على بعضهما البعض قصة تحولات جيوسياسية رئيسية. وقع هجوم إرهابي في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية. ألقت الهند باللوم على باكستان وتوعدت بالرد. بعد أيام قليلة، شنت الهند غارات جوية على الأراضي الباكستانية، وتبادل الجانبان إطلاق النار، وادعى أحدهما إسقاط مقاتلات الطرف الآخر. قد يكون هذا وصفًا للأحداث التي وقعت في عام 2019، أو الأحداث التي وقعت هذا الأسبوع. آنذاك، أدت الغارة الجوية الانتقامية التي شنتها نيودلهي على مدينة بالاكوت الباكستانية إلى إسقاط إحدى طائراتها، وهي طائرة روسية من طراز ميج-21 بايسون، أُسر طيارها وأعاده الجيش الباكستاني لاحقًا. زعمت الهند أيضًا أنها أسقطت إحدى طائرات إف-16 الباكستانية، لكن هذا لم يُثبت قط، وكما ذكرت مجلة فورين بوليسي آنذاك، فقد نفى الجيش الأمريكي، الذي باع تلك الطائرات لباكستان وراقب استخدامها، صحة هذه الادعاءات. لكن يوم الأربعاء، كانت باكستان هي صاحبة الادعاء غير المؤكد، زاعمةً أنها أسقطت خمس طائرات مقاتلة هندية، بما في ذلك طائرتا ميج-29 وسوخوي سو-30 (كلاهما روسيتان)، بالإضافة إلى ثلاث طائرات رافال هندية جديدة فرنسية الصنع. فنّدت الهند هذه الادعاءات على وسائل التواصل الاجتماعي، مع أن مسؤولًا في الاستخبارات الفرنسية صرّح لشبكة CNN بأن طائرة رافال واحدة على الأقل قد أُسقطت بالفعل. ومن الجدير بالذكر أيضًا ما قاله نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الباكستاني، إسحاق دار، للبرلمان، بأن بلاده استخدمت مقاتلات J-10C صينية الصنع لإسقاط الطائرات الهندية. ومن خلال السيناريوهات المتطابقة للهجمات والضربات والمطالبات والمطالبات المضادة، تروي الطائرات المقاتلة التي تستخدمها الهند وباكستان على التوالي قصة تغير جيوسياسي هائل خلال السنوات الست بين الصراعين. لطالما اعتمدت القوات الجوية الهندية اعتمادًا كبيرًا على المعدات الروسية، وهي إرثٌ من حقبة الحرب الباردة عندما انحازت نيودلهي إلى حد كبير إلى الاتحاد السوفيتي السابق. وشكّلت مبيعات الأسلحة الروسية أكثر من نصف واردات الهند بين عامي 2015 و2019، وفقًا لبيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، مع أن ذلك يُمثّل انخفاضًا حادًا عن نسبة 72% في السنوات الخمس السابقة، حيث بدأت الهند جهودها لتنويع ترسانتها. استفاد الغرب بشكل كبير من هذا التحول، وهو ما انعكس في أحدث أرقام معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) المنشورة العام الماضي. فقد استحوذت فرنسا على 33% من مبيعات الأسلحة إلى الهند في السنوات الخمس الماضية، بينما شكلت إسرائيل 13%، والولايات المتحدة 10%. في غضون ذلك، انخفضت حصة روسيا من هذه الصفقة إلى 36% (مع أن المعدات العسكرية الهندية الحالية لا تزال روسية في الغالب). يُعزى صعود فرنسا في هذه القائمة إلى شراء الهند 36 طائرة رافال، والتي سُلّمت بين عامي 2020 و2022، كجزء من صفقة بين الحكومة الهندية وشركة داسو الفرنسية المُصنّعة للطائرات. وصرح ريتشارد أبو العافية، المدير الإداري لشركة أيرودايناميك أدفايزري الاستشارية وأحد مساهمي فورين بوليسي: "بشكل ساحق، تُعدّ رافال أقوى سلاح في ترسانة الهند". وأضاف: "ربما كانت بمثابة رأس الحربة" في الغارات الجوية الهندية هذا الأسبوع. وكانت الهند قد وقّعت عقدًا آخر مع داسو يوم الاثنين الماضي، لتسليم 26 طائرة رافال إضافية إلى أسطولها البحري. تعكس سياسة الهند المتغيرة لشراء الأسلحة أيضًا علاقتها الوثيقة بالولايات المتحدة، والتي تحسنت باطراد منذ مطلع الألفية وتسارعت في عهد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الذي تولى السلطة في عام 2014. أسفرت زيارة مودي إلى واشنطن في يونيو 2023 خلال إدارة الرئيس جو بايدن عن صفقة مع شركة جنرال إلكتريك الأمريكية لتصنيع محركات لمقاتلات "تيجاس" الهندية المحلية بشكل مشترك، بالإضافة إلى بيع 31 طائرة بدون طيار من طراز MQ-9B Guardian من شركة جنرال أتوميكس ومقرها سان دييغو. كما قدمت شركتا الطيران الأمريكيتان العملاقتان لوكهيد مارتن وبوينج عروضًا قوية على طائراتهما المقاتلة - F-16 و F / A-18 على التوالي - ليتم إدخالها في الجيش الهندي منذ ما يقرب من عقد من الزمان، كما فعلت الشركة المصنعة السويدية ساب، لكن الهند اختارت في النهاية طائرات رافال بدلاً من ذلك. قال أبو العافية: "لا يزال هذا أحد الآمال الكبيرة". "في نهاية المطاف، تحتاج الهند إلى عدة مئات من الطائرات". لقد سلك الجيش الباكستاني، كما هو الحال مع جيوسياسته، مسارًا معاكسًا. فقد شكّلت طائرات إف-16 الأمريكية الصنع (من بين معدات أمريكية أخرى) ركيزةً أساسيةً في سلاح الجو الباكستاني منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي، عندما وافق الرئيس الأمريكي رونالد ريغان على البيع الأولي لأربعين طائرة منها لمساعدة باكستان في قتال الاتحاد السوفيتي في أفغانستان المجاورة. وأصبحت هذه الطائرات رمزًا خالدًا لسلاح الجو الباكستاني ومقياسًا للعلاقات الأمريكية الباكستانية، مع توقف مبيعاتها عدة مرات -إلى جانب مساعدات عسكرية أوسع- في العقود التالية، تزامنًا مع انهيار العلاقات الثنائية. لا يزال هذا التضارب قائمًا حتى يومنا هذا. فقد وافقت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت سابق من هذا العام على حزمة بقيمة 397 مليون دولار لمراقبة استخدام طائرات إف-16 الباكستانية، رغم أن ترامب كان قد علق معظم المساعدات الأمنية لباكستان خلال ولايته الأولى عام 2018 بسبب مخاوف من دعمها للإرهاب. ووافق بايدن لاحقًا على حزمة تطوير بقيمة 450 مليون دولار لطائرات باكستان في عام 2022. في غضون ذلك، ينعكس تقارب باكستان المتزايد مع الصين، الخصم اللدود لواشنطن، في مشترياتها من الأسلحة. ووفقًا لبيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، كانت الصين ثاني أكبر مُصدّر للأسلحة إلى باكستان بين عامي 2006 و2010، بنسبة 38% من إجمالي مبيعات الأسلحة إلى الولايات المتحدة. وبحلول عام 2024، ستُشكّل الصين 81% من مبيعات الأسلحة إلى إسلام آباد، و"ربما ستظل دائمًا" أكبر مورد لها، وفقًا لأبو العافية. شهدت قدرات تصنيع الطائرات المقاتلة الصينية تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث حشد جيش التحرير الشعبي الصيني ما يُقدر بـ 195 طائرة من طراز J-20 من الجيل الخامس، والمعروفة باسم "مايتي دراغون". وقد أدت قدرات الطائرة الشبحية، إلى جانب الرادار والاستشعار المتطورين، إلى مقارنتها بالطائرات الأمريكية المتطورة مثل F-22 وF-35. قال أبو العافية إن طائرات J-10 الباكستانية متأخرة بجيل عن هذه التقنية المتطورة، لكنها مع ذلك "ربما تكون الأكثر قدرةً لدى باكستان"، وهو رأيٌ وصفه بأنه أقلّ صدقًا بالنسبة لطائرات JF-17 المُصنّعة بالاشتراك مع الصين. ويتمثل التحدي الأكبر الذي تواجهه باكستان في الحفاظ على وتيرة أسطولها من الطائرات في المستقبل في معاناتها الاقتصادية طويلة الأمد. وأضاف: "ليس من المتوقع أن تُنفق باكستان 10 مليارات دولار على حزمة طائرات مقاتلة جديدة". لكن من المرجح أن يدفع هذا التوتر الأخير كلا البلدين إلى مضاعفة جهودهما في التعزيزات العسكرية. وصرح أبو العافية: "الحقيقة المحزنة هي أن هذا ما أمضى الجانبان العقود القليلة الماضية في التحضير له". وأضاف: "حتى لو اقتصر الأمر على ما حدث للتو، نأمل أن يزيد ذلك من احتمالية زيادة مشترياتهما".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store