أحدث الأخبار مع #فورينبوليسي


ليبانون 24
منذ 6 ساعات
- سياسة
- ليبانون 24
كيف ستتشكّل ملامح الحرب المقبلة بين روسيا والناتو؟
قالت مجلة فورين بوليسي إن روسيا خططت لغزو أوكرانيا كحملة حاسمة لمدة 3 أيام تطيح خلالها بالحكومة في كييف ، ولكن هذا السيناريو لا يزال بعد أكثر من 3 سنوات حلما روسيا بعيد المنال. وأوضحت المجلة -في مقال بقلم الباحث فابيان هوفمان- أن الدول الأوروبية في حلف شمال الأطلسي (ناتو) تسارع إلى إعادة تسليح نفسها استعدادا لمواجهة أي هجوم روسي على أحد أعضائه في غضون سنوات، بل ربما 6 أشهر من انتهاء الحرب في أوكرانيا، حسب مسؤولين دانماركيين. ومع أنه يصعب التوفيق بين الصورتين المرسومتين لروسيا باعتبارها بلدا فشل في تحقيق طموحاته في أوكرانيا ثم باعتبارها في الوقت نفسه تهديدا وجوديا لحلف الناتو فإن فهم هذه المفارقة يكمن في إدراك أن حربا بين الناتو وروسيا لن يكون الهدف منها الاستيلاء على أراض واسعة، بل تدمير التحالف ككيان سياسي وعسكري، ولن يتطلب ذلك هزيمة قوات الناتو في معركة مفتوحة والزحف نحو برلين، بل تدمير وحدة الناتو وعزيمته، مع رهان الكرملين على أن التحالف سيتصدع تحت الضغط. تمزيق تماسك الناتو السياسي وعلى عكس الدعاية الروسية العدوانية تدرك النخب السياسية والعسكرية في موسكو أن روسيا ستخسر على الأرجح حربا تقليدية شاملة مع الناتو حتى بدون تدخل الولايات المتحدة ، وهي لذلك ستسعى إلى تجنب حرب شاملة والتركيز على كسر إرادة التكتل. ولن يهدف أي هجوم روسي على الناتو في المقام الأول إلى تدمير القدرة الكلية للحلف على شن الحرب، بل سيركز على حملة قصيرة وعالية الكثافة مصممة لتمزيق التماسك السياسي للناتو. قد يبدأ هذا السيناريو بتوغل محدود في أراضي الناتو عند نقطة ضعف متصورة في واحدة أو أكثر من دول البلطيق، وبعد الهجوم الأولي قد تعلن روسيا أن أي محاولة لاستعادة المنطقة المحتلة ستشعل فتيل تصعيد نووي، وهي إستراتيجية يطلق عليها المحللون العسكريون اسم "التحصين العدواني". ومع أن صانعي القرار الروس لا يتوقعون استسلاما في جميع أنحاء الناتو فقد يعتقدون أن الولايات المتحدة وحلفاءها الرئيسيين في أوروبا الغربية عند مواجهة عواقب حقيقية على أراضيهم سيترددون ويمتنعون عن الدفاع عن شركائهم، علما أن أي تردد في الدفاع عن عضو في الناتو يعني الانهيار الفعلي للتحالف، وهو هدف روسيا الرئيسي وشرط تأكيد هيمنتها الإقليمية، حسب المجلة. ماذا تحتاج روسيا؟ لكن التحرك الروسي يتطلب قوة هجومية سريعة قادرة على اختراق حدود الناتو، كما يتطلب قوات متابعة كافية لاحتلال جزء صغير، ولكنه ذو أهمية إستراتيجية من أراضي الناتو، ثم إلى قوات متحركة تقليدية للسيطرة على الأراضي والاحتفاظ بها. وتشير تقارير استخباراتية حديثة إلى أن روسيا تمكنت من حشد ما يكفي من الرجال، ليس فقط لتغطية خسائرها القتالية، بل لتوسيع قواتها، كما يشير مسؤولون غربيون إلى أنها تنتج المزيد من المعدات والذخيرة -بما في ذلك الدبابات الحديثة وقذائف المدفعية -أكثر مما ترسله إلى الجبهة. وذكّر الكاتب بأن روسيا تتمتع بوضع نووي جيد، بمخزون يقدر بنحو ألفي رأس حربي غير إستراتيجي، إضافة إلى سلاح تقليدي يشمل إنتاج قرابة 1200 صاروخ كروز هجومي بري ، و400 صاروخ باليستي قصير ومتوسط المدى، وأكثر من 6 آلاف طائرة مسيرة بعيدة المدى سنويا، وهي تسعى إلى زيادة هذا الإنتاج. كيف يستعد الناتو؟ ومع أن شن هجوم روسي على أراضي الناتو يظل مستبعدا فإنه يجب على أوروبا الاستعداد للحرب التي يرجح أن روسيا تخطط لها، وهي حرب تختلف اختلافا كبيرا عن الصراع المطول الذي يتكشف الآن في أوكرانيا، حسب الكاتب. وأفضل طريقة لمواجهة حملة روسية قصيرة وعالية الشدة -حسب الكاتب- هي منع أي توغل على الحدود، وهذا يتطلب وضعا دفاعيا أماميا موثوقا، وهو ما لا يزال الناتو يفتقر إليه، لأن تمكين الدفاع الأمامي يعني نقل المزيد من القوات والمعدات إلى خط المواجهة، ولكن الولايات المتحدة تحول تركيزها إلى أماكن أخرى، ومن المحتمل أن تسحب تشكيلاتها القتالية من أوروبا. ولخلق ردع يجب على الدول الأوروبية الاستثمار فيما يجعلها قادرة على هجوم مضاد مع توضيح استعدادها للرد الفوري، بما في ذلك ضد البنية التحتية الحيوية الروسية، وتوضيح أنه لا يسعى إلى التصعيد النووي وأنه لن يرضخ للتهديدات النووية. وخلص الكاتب إلى أنه سيكون من التهور عدم الاستعداد للحرب لمنع وقوعها في المقام الأول، لأن موسكو إذا واجهت الناتو فسوف تستغل نقاط ضعفه وتلعب على نقاط قوتها.


العين الإخبارية
منذ 8 ساعات
- علوم
- العين الإخبارية
«أمريكا أولاً» في أنتاركتيكا.. القطب الجنوبي يدخل «حلبة الصراع»
لم يعد الاهتمام الأمريكي منصبا على غرينلاند والقطب الشمالي فقط، بل يبدو أن بوصلة سياسة «أمريكا أولا» تتجه صوب أنتاركتيكا. ويعد النشاط الصيني والروسي المتنامي في أنتاركتيكا جرس إنذار لأمريكا بأن القارة الجنوبية، التي لطالما اعتُبرت خاملة جيوسياسيًا، مهيأة لمنافسة القوى العظمى. وفي مارس/آذار الماضي، أعلنت الصين نيتها بناء محطة قطبية جديدة في أنتاركتيكا بالتزامن مع إعلان روسيا نيتها بناء محطة جديدة هناك وترميم أخرى مغلقة منذ فترة طويلة، وإنشاء مطار. وستكون المحطة الصينية الجديدة هي السادسة لها في أنتاركتيكا، إلى جانب المطار الذي بدأت في بنائه عام 2018، وذلك وفق مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية. وتحتفظ روسيا بست محطات نشطة و5 مغلقة، في حين أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في يناير/كانون الثاني 2024 أن محطة فوستوك بالقرب من القطب الجنوبي قد تم تحديثها بنجاح. وبحسب المصدر نفسه فإن بناء وتحديث محطات أنتاركتيكا ليس مجرد مسألة تنافس رمزي أو هيبة وطنية، ففي قارة يجعل مناخها السكن الدائم مستحيلًا، تُعد محطات الأبحاث السبيل الوحيد للدول للحفاظ على وجودها، وإظهار مطالبها الإقليمية، كما تعتبر السبيل للمشاركة في الأنشطة العسكرية رغم قيود معاهدة أنتاركتيكا لعام 1959. مزايا ولمسة أشارت المجلة إلى أن الولايات المتحدة تمتعت دائما بمزايا وجود محطة في القطب الجنوبي، حيث وفرت وصولاً فريدًا للبحث العلمي. كما عززت قيادة واشنطن في دعم معاهدة أنتاركتيكا والنظام الحالي الذي يحكم القارة، ومع ذلك، فإن القيادة الأمريكية هناك تزداد هشاشة. وعند إنشاء معاهدة أنتاركتيكا، لخص وزير الخارجية الأمريكي آنذاك جون فوستر دالاس الهدف منها بأنه منع انتشار منافسة الحرب الباردة إلى القارة القطبية، لكن الصين سعت في العقود الأخيرة، إلى دفع حدود المعاهدة، وفي بعض الحالات تجاوزها، بحسب "فورين بوليسي". وأضفى الاستراتيجيون الصينيون لمسة أنتاركتيكا على عقيدتهم المعروفة "بالاندماج المدني العسكري"، حيث ذكرت طبعة عام 2020 من الكتاب المدرسي العسكري الصيني "علم الاستراتيجية العسكرية"، أن "الاختلاط العسكري المدني هو السبيل الرئيسي للقوى العظمى لتحقيق وجود عسكري قطبي". وكان الرئيس شي جين بينغ نفسه واضحاً بشأن أهمية أنتاركتيكا، فقال في 2014 إن بكين ستسعى إلى "فهم وحماية واستغلال" أنتاركتيكا. فيما أشار تشو تان تشو، مدير الإدارة الصينية للقطب الشمالي والقطب الجنوبي إلى أن المجتمع الدولي يحتاج إلى وقت "للتكيف نفسيًا" مع الوضع الجديد في الشؤون القطبية. وأضاف "فيما يتعلق بأنتاركتيكا.. نحن هنا من أجل إمكانات الموارد وكيفية استخدامها". «لعبة شطرنج» في ظل إصرار الصين المتزايد، على إعادة صياغة القواعد والمعايير التي تحكم السلوك في أنتاركتيكا، يجب أن تقوم واشنطن وغيرها بإعادة تقييم استراتيجي. ويحظر بروتوكول مدريد لمعاهدة أنتاركتيكا، استكشاف واستخراج الطاقة والمعادن بشكل دائم في القارة لكن هناك نظرية غريبة تلقى رواجًا في الأوساط الأكاديمية الصينية تقول إن البروتوكول سينتهي عام 2048. ويمكن حينها بدء الأنشطة الاستخراجية في حين أن الواقع يشير إلى أن البروتوكول سيُعرض للمراجعة فقط. ويمتلئ مجتمع الدراسات الاستراتيجية في بكين بالتكهنات حول فرص الاستغلال المحتملة المتاحة في أنتاركتيكا والمحيط الجنوبي المحيط بها، والذي يُعتقد أنه يحتوي على مخزونات استثنائية من الطاقة والمعادن والأسماك. وقالت آن ماري برادي، الأستاذة في جامعة كانتربري في نيوزيلندا إن الوجود القطبي المتزايد لبكين يتم تفسيرة للصينيين على أنه "جزء من جهود البلاد لتأمين حصة من الموارد القطبية". وأوضح غوه بيكينغ، الأستاذ في جامعة المحيط الصينية، أن "استكشاف الصين للقارة أشبه بلعب الشطرنج.. من المهم أن يكون لديك موقع في اللعبة العالمية.. لا نعرف متى ستبدأ اللعبة، ولكن من الضروري أن يكون لديك موطئ قدم". ومع ذلك، تجنبت واشنطن تعزيز نفوذها في هذه المنطقة الحيوية فلم تعترض إدارة الرئيس السابق جو بايدن على تفسير بكين الغريب لبروتوكول مدريد أو جهودها لعرقلة الحفاظ على البيئة البحرية في المحيط الجنوبي. كما أنها لم تُجرِ أي تفتيش مفاجئ، وفقًا لما تسمح به معاهدة أنتاركتيكا، لأي محطة صينية أو روسية أو أي محطة أخرى غير أمريكية منذ عام 2020. ولم يُسفر إعادة تركيز الولايات المتحدة، أخيرا على القطب الشمالي عن تخصيص أي موارد إضافية لأنتاركتيكا، وواجه برنامج "قاطع الأمن القطبي"، الذي يقوم به خفر السواحل الأمريكي لإحياء برنامج كاسحات الجليد المُنهك، تأخيرات كبيرة، ولم يتبقَّ سوى كاسحة جليد ثقيلة واحدة في الخدمة حاليًا. استراتيجية شاملة ينبغي على إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب النظر في استراتيجية أمريكية شاملة لأنتاركتيكا، على غرار استراتيجية القطب الشمالي التي أعلنها ترامب في ولايته الأولى. وستدعم هذه الاستراتيجية وجودًا أمريكيًا قويًا في القارة، بما في ذلك تمويل المحطات الأمريكية الحالية وتحديثها، بالإضافة إلى بناء محطات إضافية لبسط النفوذ الأمريكي في جميع أنحاء أنتاركتيكا. وستوضح الاستراتيجية أن واشنطن ترفض جهود الصين وروسيا لتقويض الإطار القانوني الدولي القائم الذي يحكم القارة. وينبغي أن تعزز الاستراتيجية دعم واشنطن للمعاهدة والاتفاقيات ذات الصلة مثل بروتوكول مدريد، لكنها ينبغي أن تبدأ أيضًا في تمهيد الطريق لأسوأ السيناريوهات حين تلغي بكين وموسكو معاهدة أنتاركتيكا وبروتوكول مدريد، مما يُعرّض القارة لتوترات جيوسياسية كبيرة. ويجب أن تكون الولايات المتحدة مستعدة لتحديث محطاتها بسرعة وبناء مواقع استراتيجية إضافية في جميع أنحاء القارة مع إعطاء الأولوية لبناء كاسحات الجليد، بما في ذلك تلك التي تعمل بالطاقة النووية. وكذلك استخدام المسيرات والمركبات تحت الماء من قبل البحرية الأمريكية وخفر السواحل لحماية المصالح الأمريكية في المحيط الجنوبي. ويمكن أن تتلقى وحدات الجيش الأمريكي ومشاة البحرية المتخصصة المُدربة على حرب القطب الشمالي تدريبًا إضافيًا على الظروف الفريدة في أنتاركتيكا. وفي حال انهيار بروتوكول مدريد، يتعين على واشنطن أن تكون مستعدة لإجراء رسم خرائط زلزالية، ومسوحات جيولوجية، واستكشافات محيطية مع الاحتفاظ بالحق في المطالبة المبكرة بالموارد المُحددة وإعلان مناطق اقتصادية واعدة تحيط بالمحطات الأمريكية. كما يجب على واشنطن أن تبدأ في تشكيل تحالف من الدول ذات التفكير المماثل، بما في ذلك الأرجنتين وأستراليا وتشيلي ونيوزيلندا، والتي يمكنها وضع وتنفيذ قواعد الطريق في مناطقها القطبية الجنوبية. aXA6IDIxMi40Mi4xOTQuMTAg جزيرة ام اند امز US


الأمناء
منذ 2 أيام
- سياسة
- الأمناء
فورين بوليسي: كيف ساهم الإعلام الروسي الرسمي في منح الحوثيين فوزاً دبلوماسياً خلال حربهم مع أمريكا؟
قالت مجلة 'فورين بوليسي' الأمريكية إن وقف إطلاق النار المفاجئ بين الولايات المتحدة والحوثيين في السادس من مايو/أيار الجاري – في البحر الأحمر والذي استثنى إسرائيل صراحةً – منح الجماعة في اليمن فوزًا دبلوماسيًا نادرًا وغير مستحق. وأضافت المجلة في تقرير لها : إنه بعد أشهر من استهداف السفن التجارية واستدراج قوة عظمى إلى الحرب، خرج الحوثيون المدعومون من إيران حاملين ما يتوقون إليه أكثر من الأرض: الاعتراف. وأضافت 'لم يصلوا إلى هذا المأزق بمفردهم. فقد أدت حملة موازية لتبييض الروايات، شنتها وسائل الإعلام الحكومية الروسية، والمنظرون المناهضون للغرب، والمؤثرون الانتهازيون، إلى تليين صورة الجماعة. ومهدت هذه الحملة الطريق لواشنطن لمعاملتهم ليس كإرهابيين، بل كشركاء تفاوضيين محتملين'. قوة سياسية فعلية وتطرقت المجلة الأمريكية إلى مقال بعنوان 'لا تصنع حوثيًا لنفسك' نشرته قناة RT في مارس/آذار، جادل المعلق الروسي سيرجي ستروكان بأن الغارات الجوية الأمريكية في اليمن قد رسمت صورة 'عدو' مصطنعة للحوثيين. لم يصوّر ستروكان الحوثيين كإرهابيين، بل كقوة سياسية فعلية تتفاعل مع الديناميكيات الإقليمية، وكتب أن الغارات الجوية الأمريكية الأخيرة 'تحمل جميع سمات التدخل'. وذكرت أنه ورغم أن المقال صيغ كنقد للسياسة الأمريكية، إلا أنه يعكس نمطًا أوسع: تطبيع الحوثيين من قبل أصوات أجنبية متحالفة مع ما يُسمى بالسرديات المناهضة للإمبريالية. ما يُغفل في هذه الروايات هو السلوك الاستبدادي للجماعة في الداخل، بالإضافة إلى دورها الاستراتيجي كامتداد للنفوذ الإقليمي الإيراني. وتجلى هذا السرد نفسه بوضوح عندما استضاف الحوثيون مؤتمرًا رفيع المستوى في صنعاء حول فلسطين في الشهر نفسه. وقد استقطب هذا المؤتمر، الذي عُقد بعد أسبوع من الغارات الجوية الأمريكية اليومية التي بدأت في 15 مارس/آذار، وفودًا من العراق إلى أيرلندا. وعلى غرار مقال ستروكان، أعاد هذا الحدث تسمية ميليشيا طائفية بحركة مقاومة، ملفوفة بعلم التحرير الفلسطيني، وخدم جمهورًا عالميًا حريصًا على تجاهل جوهر الجماعة الاستبدادي، وفق التقرير. تقول المجلة إنه في معرض تسليط الضوء على تنامي نفوذ الحوثيين الدولي، ضمّ المؤتمر رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي، والسياسي الجنوب أفريقي زويليفيليلي مانديلا (حفيد نيلسون مانديلا)، وعضوي البرلمان الأوروبي السابقين كلير دالي وميك والاس من أيرلندا. كما حضر المؤتمر ما شياولين، وهو باحث صيني منتسب إلى جامعة تشجيانغ للدراسات الدولية وصحفي سابق يتمتع بعلاقات وثيقة مع وسائل الإعلام الحكومية الصينية. منظرون مناهضون للغرب ولكن ربما كان أبرز ما لفت الانتباه هو تشكيلة المتحدثين. فقد شارك كريستوفر هلالي، السكرتير الدولي للحزب الشيوعي الأمريكي حديث التأسيس، المنصة مع ستيفن سويني، الصحفي البريطاني ومراسل شبكة آر تي الممولة من الكرملين، وجاكسون هينكل، وهو مؤثر على وسائل التواصل الاجتماعي وأحد مؤسسي الحزب الشيوعي الأمريكي. (عند عودته إلى الولايات المتحدة، احتُجز الهلالي لمدة ثلاث ساعات من قِبل إدارة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية، مما عزز مكانته في هذه الدوائر). كشف وجود كل هؤلاء الأفراد في اليمن عن اتساع نفوذ الحوثيين، ليس فقط ضمن ما يُسمى بمحور المقاومة الإيراني، بل أيضًا ضمن تحالف أوسع من المُنظّرين المُعادين للغرب الذين يعملون بتناغم مع الأنظمة الاستبدادية. قدّم المؤتمر لمحةً عن كيفية مساهمة الشبكات الهامشية، المدعومة من وسائل الإعلام الحكومية والآليات الأيديولوجية، في إضفاء الشرعية على التشدد على الساحة العالمية. وأفادت أن نشر قناة RT لتبرئة الحوثيين ليس مصادفة. فقد تطورت علاقة الجماعة بروسيا مؤخرًا إلى شراكة متعددة الأبعاد، حيث يساهم الحوثيون بنشاط في الجهود الحربية الروسية من خلال تجنيد مدنيين يمنيين للقتال في أوكرانيا، غالبًا عن طريق الخداع. وتشير التقارير الأخيرة إلى أن الجماعة تفاوضت ليس فقط مع روسيا، بل أيضًا مع الصين لتوفير ممر آمن لسفن هاتين الدولتين عبر البحر الأحمر مقابل دعم سياسي، مستفيدة في الوقت نفسه من مكونات أسلحة صينية المصدر، ومعلومات استخباراتية روسية عبر الأقمار الصناعية للاستهداف البحري، وغطاء دبلوماسي في مجلس الأمن الدولي. اضفاء شرعية دولية في هذا السياق، تكشف استراتيجية الحوثيين في إرسال الرسائل عن ثلاثة أهداف استراتيجية متميزة: فهي توفر مبررًا بأثر رجعي لهجماتهم على الشحن الدولي؛ وتصنع شرعية دولية رغم عدم اعترافهم بها؛ وعلى الصعيد المحلي، تعزل المعارضة اليمنية من خلال الإشارة إلى أن القوى العالمية قد قبلت فعليًا حكم الحوثيين كأمر واقع. ويمثل هذا تكتيكًا حربيًا هجينًا كلاسيكيًا، يجمع بين العمليات الحركية وحملات التأثير لتحقيق نتائج استراتيجية لا تستطيع القوة العسكرية وحدها تحقيقها. استفادت قائمة المشاركين في مؤتمر صنعاء من هذه الاستراتيجية المنسقة بتعزيز وهم الزخم الأيديولوجي العالمي. وقالت فورين بوليسي 'جاءت كلمات مسجلة مسبقًا من النائب البريطاني السابق جورج غالاوي، والفيلسوف القومي الروسي المتطرف ألكسندر دوغين، وأليدا جيفارا، ابنة تشي جيفارا، وقد اختير كل منهم لثقله الرمزي أكثر من أهميته الدبلوماسية'. يعكس هذا الحدث المُدبّر بدقة ما يُميّز الحوثيين عن الجماعات المتطرفة مثل القاعدة أو الدولة الإسلامية. ففي حين تتبنى هذه الجماعات أيديولوجية عدائية صارمة تجاه الأجانب، يُقدّم الحوثيون صورة مختلفة تمامًا: صورة ودودة، بل ومحبوبة، خاصةً لدى الجمهور الغربي. وبدعم إيراني أيضًا، فإن الحوثيين ليسوا مجرد متمردين مسلحين؛ بل هم قوة هجينة بالوكالة تتمتع بإمكانية الوصول إلى الحماية الدبلوماسية والمعدات العسكرية والاستثمار الاستراتيجي طويل الأجل. فعلى عكس الحركات الجهادية التي تُحرّكها العقيدة، فإن الحوثيين انتهازيون سياسيون. سيقبلون المساعدة من أي شخص يرغب في تقديمها، كما أورد التحليل. وأكدت المجلة أن هذه البراغماتية قد مكنتهم ليس فقط من البقاء، بل من الازدهار أيضًا. على مر السنين، تمتعوا بسمعة سخية بشكل مدهش بين الدبلوماسيين الغربيين، حيث قدم لهم بعضهم هدايا، وكتبوا مقالات رأي لتحسين صورتهم، وعاملوهم بمستوى من الاحترام نادرًا ما يُمنح للمتمردين. وأردفت 'استُخدم كل من دالي ووالاس كرمزين للتحدي الغربي، حيث قدما تأييدًا مقلقًا للحوثيين في المؤتمر. كان خطاب والاس، على وجه الخصوص، حافلًا بالخطاب المناهض للغرب، وأُلقِيَ بحماسة ثورية مُتأصلة. اتهم إسرائيل بأنها 'لا تفهم إلا لغة العنف'، وصوّر القوى الغربية على أنها المهندسة الحقيقية للإرهاب العالمي، وصوّر اليمن كطليعة في النضال العالمي ضد الإمبريالية'. ولكن ربما كانت اللحظة الأبرز عندما أعلن أن 'المستقبل الآن ملك للصين'، مشيدًا بضبط النفس المزعوم من بكين مدعيًا أنها لم تُسقط قنبلة واحدة منذ 50 عامًا. كان هذا بيانا لم يروج للسلطة الاستبدادية فحسب، بل تجاهل أيضا انتهاكات الصين الموثقة لحقوق الإنسان: الاعتقال الجماعي للأويغور في شينجيانغ؛ والقمع في هونغ كونغ؛ وعدوانها العسكري المتزايد في بحر الصين الجنوبي. وزادت 'دأب الحوثيون على التلاعب بالروايات الدولية لمصلحتهم، بدءًا من اتفاقية ستوكهولم التي جمّدت ديناميكيات ساحة المعركة لصالحهم، وصولًا إلى جهود الضغط لتصويرهم كمقاومة محلية ضد السعودية بدلًا من ميليشيا استبدادية'. من منظور استراتيجي، يقول التحليل أن مؤتمر صنعاء سعى إلى ملء الفراغ الذي خلّفته وكالات الأمم المتحدة التي انسحبت من مناطق الحوثيين بسبب عدوانهم المتزايد وعدم القدرة على التنبؤ بتصرفاتهم. سبق لوكالات الأمم المتحدة أن التقت بقيادة الحوثيين، وأضفت شرعية غير مقصودة على مطالبتهم بالسلطة، سواء من خلال مبادرات دبلوماسية فاشلة مكّنت الجماعة، أو من خلال التقاط صور في خضمّ عدوان الحوثيين وسرقة الطعام. وذكرت أن الكثيرين في المنطقة وخارجها يتشاطرون المخاوف بشأن معاناة الفلسطينيين في سياق الحرب بين إسرائيل وحماس – وهي جوهر ادعاء الحوثيين بالصلاح. ومع ذلك، فإن الحوثيين، نظرًا لسجلهم الحافل بالقمع الداخلي والعدوان الإقليمي، ليسوا مؤهلين ليكونوا مدافعين موثوقين. ميزان القوى الإقليمي ويتجلى التناقض جليًا عند دراسة الواقع على الأرض. بينما يُشيد والاس بالتزامهم المفترض بالقانون الدولي، يُمارس الحوثيون بشكل ممنهج اعتقال وتعذيب وإخفاء أفراد من الأقليات، بمن فيهم بهائيون وصحفيون ومعارضون سياسيون. كما احتجزوا موظفي الأمم المتحدة بتهم تجسس ملفقة، مما أجبر الأمم المتحدة على التخلي عن عملياتها في الأراضي الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ فبراير. واستدركت 'يُمثل تركيز إدارة ترامب الضيق على إضعاف قدرات الحوثيين الهجومية في البحر الأحمر نهجًا تكتيكيًا لمشكلة استراتيجية، لكنه لا يُعالج النظام البيئي الأوسع الذي يُمكّن الحوثيين من إبراز قوتهم. وإذا تُركت حملة الحوثيين لإضفاء الشرعية دون معالجة، فإنها تُهدد بترسيخ مكانتهم كامتداد دائم لقدرات إيران على إبراز قوتها في شبه الجزيرة العربية'. وترى أن من شأن هذا التطور أن يُغير جذريًا حسابات ميزان القوى الإقليمي، مما يُقوّض الشراكات الأمنية الأمريكية في الخليج، ويُوسّع العمق الاستراتيجي لإيران، وهو أمر مُقلق بشكل خاص مع استمرار طهران في طموحاتها النووية. ولعلّ الأهم من الناحية الاستراتيجية حسب المجلة هو برنامج التلقين العقائدي الممتد عبر الأجيال الجاري تنفيذه في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، وهو حملة تهدف إلى بناء قاعدة سكانية ملتزمة أيديولوجيًا من خلال استغلال القضايا الإسلامية المشتركة، مثل القضية الفلسطينية. يُصيب صانعو السياسات في واشنطن في التركيز على عنف الحوثيين الخارجي، لكن ينبغي عليهم توسيع جهود الدعاية المضادة، وتحديدًا استهداف الشبكات التي تُضخّم رسائل الحوثيين، بما في ذلك تحديد وكشف السلوكيات الزائفة المُنسّقة عبر مختلف المنصات كما تقول الفورين بوليسي. وقالت 'ينبغي أن يُسلّط التواصل الدبلوماسي مع الحلفاء التقليديين في المنطقة الضوء على التناقض بين رسائل الحوثيين الدولية وقمعهم الداخلي. كما ينبغي أن تستهدف العقوبات تحديدًا الأفراد الذين يُسهّلون تواصل الحوثيين الدولي، وليس فقط قيادتهم العسكرية. وأخيرًا، ينبغي على الولايات المتحدة الاستثمار في إبراز الأصوات اليمنية الأصيلة القادرة على تقديم بدائل موثوقة لروايات الحوثيين'. على الرغم من ادعاء الرئيس الأمريكي ترامب عقب إعلان وقف إطلاق النار بأن الحوثيين قد 'استسلموا'، تشير المجلة أن كبار المسؤولين الحوثيين سارعوا إلى إعادة صياغة وقف الأعمال العدائية، واصفين الولايات المتحدة بالقوة العظمى البراغماتية التي تُدرك تكلفة استمرار التصعيد. ولكن زعيمهم عبد الملك الحوثي ناقض حتى هذا التخفيف، حيث أعاد صياغة اللحظة على أنها انتصار حوثي: 'الموقف الأميركي لم يكن، كما ادعى الكافر المجرم ترامب، نتيجة مناشدة أو استسلام من اليمن'. وخلصت مجلة فورين بوليسي إلى القول 'لا يزال الحوثيون منخرطين في صراعٍ متعدد الأوجه بين إيران والقوة الأمريكية، صراعٌ يُسلّح ممرات الشحن والروايات الإعلامية والجهات السياسية الغربية في آنٍ واحد. وبينما تُركّز العمليات البحرية الأمريكية على الأعراض التكتيكية، ينتشر المرض الاستراتيجي الأعمق دون رادع. وتمتد السابقة التي تُرسى هنا إلى ما هو أبعد من البحر الأحمر؛ إذ تُظهر لكلّ مُخرّبٍ مُحتمل مدى فعالية استغلال الأصوات الغربية لإضفاء الشرعية على أفعالٍ كانت ستُدان عالميًا لولا ذلك'.


منذ 2 أيام
- سياسة
مجلة أمريكية: هكذا ساندت روسيا الحوثيين خلال حربهم مع أمريكا
قالت مجلة 'فورين بوليسي' الأمريكية إن وقف إطلاق النار المفاجئ بين الولايات المتحدة والحوثيين في السادس من مايو/أيار الجاري – في البحر الأحمر والذي استثنى إسرائيل صراحةً – منح الجماعة في اليمن فوزًا دبلوماسيًا نادرًا وغير مستحق. وأضافت المجلة في تقرير لها : إنه بعد أشهر من استهداف السفن التجارية واستدراج قوة عظمى إلى الحرب، خرج الحوثيون المدعومون من إيران حاملين ما يتوقون إليه أكثر من الأرض: الاعتراف. وأضافت 'لم يصلوا إلى هذا المأزق بمفردهم. فقد أدت حملة موازية لتبييض الروايات، شنتها وسائل الإعلام الحكومية الروسية، والمنظرون المناهضون للغرب، والمؤثرون الانتهازيون، إلى تليين صورة الجماعة. ومهدت هذه الحملة الطريق لواشنطن لمعاملتهم ليس كإرهابيين، بل كشركاء تفاوضيين محتملين'. قوة سياسية فعلية وتطرقت المجلة الأمريكية إلى مقال بعنوان 'لا تصنع حوثيًا لنفسك' نشرته قناة RT في مارس/آذار، جادل المعلق الروسي سيرجي ستروكان بأن الغارات الجوية الأمريكية في اليمن قد رسمت صورة 'عدو' مصطنعة للحوثيين. لم يصوّر ستروكان الحوثيين كإرهابيين، بل كقوة سياسية فعلية تتفاعل مع الديناميكيات الإقليمية، وكتب أن الغارات الجوية الأمريكية الأخيرة 'تحمل جميع سمات التدخل'. وذكرت أنه ورغم أن المقال صيغ كنقد للسياسة الأمريكية، إلا أنه يعكس نمطًا أوسع: تطبيع الحوثيين من قبل أصوات أجنبية متحالفة مع ما يُسمى بالسرديات المناهضة للإمبريالية. ما يُغفل في هذه الروايات هو السلوك الاستبدادي للجماعة في الداخل، بالإضافة إلى دورها الاستراتيجي كامتداد للنفوذ الإقليمي الإيراني. وتجلى هذا السرد نفسه بوضوح عندما استضاف الحوثيون مؤتمرًا رفيع المستوى في صنعاء حول فلسطين في الشهر نفسه. وقد استقطب هذا المؤتمر، الذي عُقد بعد أسبوع من الغارات الجوية الأمريكية اليومية التي بدأت في 15 مارس/آذار، وفودًا من العراق إلى أيرلندا. وعلى غرار مقال ستروكان، أعاد هذا الحدث تسمية ميليشيا طائفية بحركة مقاومة، ملفوفة بعلم التحرير الفلسطيني، وخدم جمهورًا عالميًا حريصًا على تجاهل جوهر الجماعة الاستبدادي، وفق التقرير. تقول المجلة إنه في معرض تسليط الضوء على تنامي نفوذ الحوثيين الدولي، ضمّ المؤتمر رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي، والسياسي الجنوب أفريقي زويليفيليلي مانديلا (حفيد نيلسون مانديلا)، وعضوي البرلمان الأوروبي السابقين كلير دالي وميك والاس من أيرلندا. كما حضر المؤتمر ما شياولين، وهو باحث صيني منتسب إلى جامعة تشجيانغ للدراسات الدولية وصحفي سابق يتمتع بعلاقات وثيقة مع وسائل الإعلام الحكومية الصينية. منظرون مناهضون للغرب ولكن ربما كان أبرز ما لفت الانتباه هو تشكيلة المتحدثين. فقد شارك كريستوفر هلالي، السكرتير الدولي للحزب الشيوعي الأمريكي حديث التأسيس، المنصة مع ستيفن سويني، الصحفي البريطاني ومراسل شبكة آر تي الممولة من الكرملين، وجاكسون هينكل، وهو مؤثر على وسائل التواصل الاجتماعي وأحد مؤسسي الحزب الشيوعي الأمريكي. (عند عودته إلى الولايات المتحدة، احتُجز الهلالي لمدة ثلاث ساعات من قِبل إدارة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية، مما عزز مكانته في هذه الدوائر). كشف وجود كل هؤلاء الأفراد في اليمن عن اتساع نفوذ الحوثيين، ليس فقط ضمن ما يُسمى بمحور المقاومة الإيراني، بل أيضًا ضمن تحالف أوسع من المُنظّرين المُعادين للغرب الذين يعملون بتناغم مع الأنظمة الاستبدادية. قدّم المؤتمر لمحةً عن كيفية مساهمة الشبكات الهامشية، المدعومة من وسائل الإعلام الحكومية والآليات الأيديولوجية، في إضفاء الشرعية على التشدد على الساحة العالمية. وأفادت أن نشر قناة RT لتبرئة الحوثيين ليس مصادفة. فقد تطورت علاقة الجماعة بروسيا مؤخرًا إلى شراكة متعددة الأبعاد، حيث يساهم الحوثيون بنشاط في الجهود الحربية الروسية من خلال تجنيد مدنيين يمنيين للقتال في أوكرانيا، غالبًا عن طريق الخداع. وتشير التقارير الأخيرة إلى أن الجماعة تفاوضت ليس فقط مع روسيا، بل أيضًا مع الصين لتوفير ممر آمن لسفن هاتين الدولتين عبر البحر الأحمر مقابل دعم سياسي، مستفيدة في الوقت نفسه من مكونات أسلحة صينية المصدر، ومعلومات استخباراتية روسية عبر الأقمار الصناعية للاستهداف البحري، وغطاء دبلوماسي في مجلس الأمن الدولي. اضفاء شرعية دولية في هذا السياق، تكشف استراتيجية الحوثيين في إرسال الرسائل عن ثلاثة أهداف استراتيجية متميزة: فهي توفر مبررًا بأثر رجعي لهجماتهم على الشحن الدولي؛ وتصنع شرعية دولية رغم عدم اعترافهم بها؛ وعلى الصعيد المحلي، تعزل المعارضة اليمنية من خلال الإشارة إلى أن القوى العالمية قد قبلت فعليًا حكم الحوثيين كأمر واقع. ويمثل هذا تكتيكًا حربيًا هجينًا كلاسيكيًا، يجمع بين العمليات الحركية وحملات التأثير لتحقيق نتائج استراتيجية لا تستطيع القوة العسكرية وحدها تحقيقها. استفادت قائمة المشاركين في مؤتمر صنعاء من هذه الاستراتيجية المنسقة بتعزيز وهم الزخم الأيديولوجي العالمي. وقالت فورين بوليسي 'جاءت كلمات مسجلة مسبقًا من النائب البريطاني السابق جورج غالاوي، والفيلسوف القومي الروسي المتطرف ألكسندر دوغين، وأليدا جيفارا، ابنة تشي جيفارا، وقد اختير كل منهم لثقله الرمزي أكثر من أهميته الدبلوماسية'. يعكس هذا الحدث المُدبّر بدقة ما يُميّز الحوثيين عن الجماعات المتطرفة مثل القاعدة أو الدولة الإسلامية. ففي حين تتبنى هذه الجماعات أيديولوجية عدائية صارمة تجاه الأجانب، يُقدّم الحوثيون صورة مختلفة تمامًا: صورة ودودة، بل ومحبوبة، خاصةً لدى الجمهور الغربي. وبدعم إيراني أيضًا، فإن الحوثيين ليسوا مجرد متمردين مسلحين؛ بل هم قوة هجينة بالوكالة تتمتع بإمكانية الوصول إلى الحماية الدبلوماسية والمعدات العسكرية والاستثمار الاستراتيجي طويل الأجل. فعلى عكس الحركات الجهادية التي تُحرّكها العقيدة، فإن الحوثيين انتهازيون سياسيون. سيقبلون المساعدة من أي شخص يرغب في تقديمها، كما أورد التحليل. وأكدت المجلة أن هذه البراغماتية قد مكنتهم ليس فقط من البقاء، بل من الازدهار أيضًا. على مر السنين، تمتعوا بسمعة سخية بشكل مدهش بين الدبلوماسيين الغربيين، حيث قدم لهم بعضهم هدايا، وكتبوا مقالات رأي لتحسين صورتهم، وعاملوهم بمستوى من الاحترام نادرًا ما يُمنح للمتمردين. وأردفت 'استُخدم كل من دالي ووالاس كرمزين للتحدي الغربي، حيث قدما تأييدًا مقلقًا للحوثيين في المؤتمر. كان خطاب والاس، على وجه الخصوص، حافلًا بالخطاب المناهض للغرب، وأُلقِيَ بحماسة ثورية مُتأصلة. اتهم إسرائيل بأنها 'لا تفهم إلا لغة العنف'، وصوّر القوى الغربية على أنها المهندسة الحقيقية للإرهاب العالمي، وصوّر اليمن كطليعة في النضال العالمي ضد الإمبريالية'. ولكن ربما كانت اللحظة الأبرز عندما أعلن أن 'المستقبل الآن ملك للصين'، مشيدًا بضبط النفس المزعوم من بكين مدعيًا أنها لم تُسقط قنبلة واحدة منذ 50 عامًا. كان هذا بيانا لم يروج للسلطة الاستبدادية فحسب، بل تجاهل أيضا انتهاكات الصين الموثقة لحقوق الإنسان: الاعتقال الجماعي للأويغور في شينجيانغ؛ والقمع في هونغ كونغ؛ وعدوانها العسكري المتزايد في بحر الصين الجنوبي. وزادت 'دأب الحوثيون على التلاعب بالروايات الدولية لمصلحتهم، بدءًا من اتفاقية ستوكهولم التي جمّدت ديناميكيات ساحة المعركة لصالحهم، وصولًا إلى جهود الضغط لتصويرهم كمقاومة محلية ضد السعودية بدلًا من ميليشيا استبدادية'. من منظور استراتيجي، يقول التحليل أن مؤتمر صنعاء سعى إلى ملء الفراغ الذي خلّفته وكالات الأمم المتحدة التي انسحبت من مناطق الحوثيين بسبب عدوانهم المتزايد وعدم القدرة على التنبؤ بتصرفاتهم. سبق لوكالات الأمم المتحدة أن التقت بقيادة الحوثيين، وأضفت شرعية غير مقصودة على مطالبتهم بالسلطة، سواء من خلال مبادرات دبلوماسية فاشلة مكّنت الجماعة، أو من خلال التقاط صور في خضمّ عدوان الحوثيين وسرقة الطعام. وذكرت أن الكثيرين في المنطقة وخارجها يتشاطرون المخاوف بشأن معاناة الفلسطينيين في سياق الحرب بين إسرائيل وحماس – وهي جوهر ادعاء الحوثيين بالصلاح. ومع ذلك، فإن الحوثيين، نظرًا لسجلهم الحافل بالقمع الداخلي والعدوان الإقليمي، ليسوا مؤهلين ليكونوا مدافعين موثوقين. ميزان القوى الإقليمي ويتجلى التناقض جليًا عند دراسة الواقع على الأرض. بينما يُشيد والاس بالتزامهم المفترض بالقانون الدولي، يُمارس الحوثيون بشكل ممنهج اعتقال وتعذيب وإخفاء أفراد من الأقليات، بمن فيهم بهائيون وصحفيون ومعارضون سياسيون. كما احتجزوا موظفي الأمم المتحدة بتهم تجسس ملفقة، مما أجبر الأمم المتحدة على التخلي عن عملياتها في الأراضي الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ فبراير. واستدركت 'يُمثل تركيز إدارة ترامب الضيق على إضعاف قدرات الحوثيين الهجومية في البحر الأحمر نهجًا تكتيكيًا لمشكلة استراتيجية، لكنه لا يُعالج النظام البيئي الأوسع الذي يُمكّن الحوثيين من إبراز قوتهم. وإذا تُركت حملة الحوثيين لإضفاء الشرعية دون معالجة، فإنها تُهدد بترسيخ مكانتهم كامتداد دائم لقدرات إيران على إبراز قوتها في شبه الجزيرة العربية'. وترى أن من شأن هذا التطور أن يُغير جذريًا حسابات ميزان القوى الإقليمي، مما يُقوّض الشراكات الأمنية الأمريكية في الخليج، ويُوسّع العمق الاستراتيجي لإيران، وهو أمر مُقلق بشكل خاص مع استمرار طهران في طموحاتها النووية. ولعلّ الأهم من الناحية الاستراتيجية حسب المجلة هو برنامج التلقين العقائدي الممتد عبر الأجيال الجاري تنفيذه في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، وهو حملة تهدف إلى بناء قاعدة سكانية ملتزمة أيديولوجيًا من خلال استغلال القضايا الإسلامية المشتركة، مثل القضية الفلسطينية. يُصيب صانعو السياسات في واشنطن في التركيز على عنف الحوثيين الخارجي، لكن ينبغي عليهم توسيع جهود الدعاية المضادة، وتحديدًا استهداف الشبكات التي تُضخّم رسائل الحوثيين، بما في ذلك تحديد وكشف السلوكيات الزائفة المُنسّقة عبر مختلف المنصات كما تقول الفورين بوليسي. وقالت 'ينبغي أن يُسلّط التواصل الدبلوماسي مع الحلفاء التقليديين في المنطقة الضوء على التناقض بين رسائل الحوثيين الدولية وقمعهم الداخلي. كما ينبغي أن تستهدف العقوبات تحديدًا الأفراد الذين يُسهّلون تواصل الحوثيين الدولي، وليس فقط قيادتهم العسكرية. وأخيرًا، ينبغي على الولايات المتحدة الاستثمار في إبراز الأصوات اليمنية الأصيلة القادرة على تقديم بدائل موثوقة لروايات الحوثيين'. على الرغم من ادعاء الرئيس الأمريكي ترامب عقب إعلان وقف إطلاق النار بأن الحوثيين قد 'استسلموا'، تشير المجلة أن كبار المسؤولين الحوثيين سارعوا إلى إعادة صياغة وقف الأعمال العدائية، واصفين الولايات المتحدة بالقوة العظمى البراغماتية التي تُدرك تكلفة استمرار التصعيد. ولكن زعيمهم عبد الملك الحوثي ناقض حتى هذا التخفيف، حيث أعاد صياغة اللحظة على أنها انتصار حوثي: 'الموقف الأميركي لم يكن، كما ادعى الكافر المجرم ترامب، نتيجة مناشدة أو استسلام من اليمن'. وخلصت مجلة فورين بوليسي إلى القول 'لا يزال الحوثيون منخرطين في صراعٍ متعدد الأوجه بين إيران والقوة الأمريكية، صراعٌ يُسلّح ممرات الشحن والروايات الإعلامية والجهات السياسية الغربية في آنٍ واحد. وبينما تُركّز العمليات البحرية الأمريكية على الأعراض التكتيكية، ينتشر المرض الاستراتيجي الأعمق دون رادع. وتمتد السابقة التي تُرسى هنا إلى ما هو أبعد من البحر الأحمر؛ إذ تُظهر لكلّ مُخرّبٍ مُحتمل مدى فعالية استغلال الأصوات الغربية لإضفاء الشرعية على أفعالٍ كانت ستُدان عالميًا لولا ذلك'.


منذ 2 أيام
- سياسة
فورين بوليسي: كيف ساهم الإعلام الروسي الرسمي في منح الحوثيين فوزاً دبلوماسياً خلال حربهم مع أمريكا؟
قالت مجلة 'فورين بوليسي' الأمريكية إن وقف إطلاق النار المفاجئ بين الولايات المتحدة والحوثيين في السادس من مايو/أيار الجاري – في البحر الأحمر والذي استثنى إسرائيل صراحةً – منح الجماعة في اليمن فوزًا دبلوماسيًا نادرًا وغير مستحق. وأضافت المجلة في تقرير لها : إنه بعد أشهر من استهداف السفن التجارية واستدراج قوة عظمى إلى الحرب، خرج الحوثيون المدعومون من إيران حاملين ما يتوقون إليه أكثر من الأرض: الاعتراف. وأضافت 'لم يصلوا إلى هذا المأزق بمفردهم. فقد أدت حملة موازية لتبييض الروايات، شنتها وسائل الإعلام الحكومية الروسية، والمنظرون المناهضون للغرب، والمؤثرون الانتهازيون، إلى تليين صورة الجماعة. ومهدت هذه الحملة الطريق لواشنطن لمعاملتهم ليس كإرهابيين، بل كشركاء تفاوضيين محتملين'. قوة سياسية فعلية وتطرقت المجلة الأمريكية إلى مقال بعنوان 'لا تصنع حوثيًا لنفسك' نشرته قناة RT في مارس/آذار، جادل المعلق الروسي سيرجي ستروكان بأن الغارات الجوية الأمريكية في اليمن قد رسمت صورة 'عدو' مصطنعة للحوثيين. لم يصوّر ستروكان الحوثيين كإرهابيين، بل كقوة سياسية فعلية تتفاعل مع الديناميكيات الإقليمية، وكتب أن الغارات الجوية الأمريكية الأخيرة 'تحمل جميع سمات التدخل'. وذكرت أنه ورغم أن المقال صيغ كنقد للسياسة الأمريكية، إلا أنه يعكس نمطًا أوسع: تطبيع الحوثيين من قبل أصوات أجنبية متحالفة مع ما يُسمى بالسرديات المناهضة للإمبريالية. ما يُغفل في هذه الروايات هو السلوك الاستبدادي للجماعة في الداخل، بالإضافة إلى دورها الاستراتيجي كامتداد للنفوذ الإقليمي الإيراني. وتجلى هذا السرد نفسه بوضوح عندما استضاف الحوثيون مؤتمرًا رفيع المستوى في صنعاء حول فلسطين في الشهر نفسه. وقد استقطب هذا المؤتمر، الذي عُقد بعد أسبوع من الغارات الجوية الأمريكية اليومية التي بدأت في 15 مارس/آذار، وفودًا من العراق إلى أيرلندا. وعلى غرار مقال ستروكان، أعاد هذا الحدث تسمية ميليشيا طائفية بحركة مقاومة، ملفوفة بعلم التحرير الفلسطيني، وخدم جمهورًا عالميًا حريصًا على تجاهل جوهر الجماعة الاستبدادي، وفق التقرير. تقول المجلة إنه في معرض تسليط الضوء على تنامي نفوذ الحوثيين الدولي، ضمّ المؤتمر رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي، والسياسي الجنوب أفريقي زويليفيليلي مانديلا (حفيد نيلسون مانديلا)، وعضوي البرلمان الأوروبي السابقين كلير دالي وميك والاس من أيرلندا. كما حضر المؤتمر ما شياولين، وهو باحث صيني منتسب إلى جامعة تشجيانغ للدراسات الدولية وصحفي سابق يتمتع بعلاقات وثيقة مع وسائل الإعلام الحكومية الصينية. منظرون مناهضون للغرب ولكن ربما كان أبرز ما لفت الانتباه هو تشكيلة المتحدثين. فقد شارك كريستوفر هلالي، السكرتير الدولي للحزب الشيوعي الأمريكي حديث التأسيس، المنصة مع ستيفن سويني، الصحفي البريطاني ومراسل شبكة آر تي الممولة من الكرملين، وجاكسون هينكل، وهو مؤثر على وسائل التواصل الاجتماعي وأحد مؤسسي الحزب الشيوعي الأمريكي. (عند عودته إلى الولايات المتحدة، احتُجز الهلالي لمدة ثلاث ساعات من قِبل إدارة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية، مما عزز مكانته في هذه الدوائر). كشف وجود كل هؤلاء الأفراد في اليمن عن اتساع نفوذ الحوثيين، ليس فقط ضمن ما يُسمى بمحور المقاومة الإيراني، بل أيضًا ضمن تحالف أوسع من المُنظّرين المُعادين للغرب الذين يعملون بتناغم مع الأنظمة الاستبدادية. قدّم المؤتمر لمحةً عن كيفية مساهمة الشبكات الهامشية، المدعومة من وسائل الإعلام الحكومية والآليات الأيديولوجية، في إضفاء الشرعية على التشدد على الساحة العالمية. وأفادت أن نشر قناة RT لتبرئة الحوثيين ليس مصادفة. فقد تطورت علاقة الجماعة بروسيا مؤخرًا إلى شراكة متعددة الأبعاد، حيث يساهم الحوثيون بنشاط في الجهود الحربية الروسية من خلال تجنيد مدنيين يمنيين للقتال في أوكرانيا، غالبًا عن طريق الخداع. وتشير التقارير الأخيرة إلى أن الجماعة تفاوضت ليس فقط مع روسيا، بل أيضًا مع الصين لتوفير ممر آمن لسفن هاتين الدولتين عبر البحر الأحمر مقابل دعم سياسي، مستفيدة في الوقت نفسه من مكونات أسلحة صينية المصدر، ومعلومات استخباراتية روسية عبر الأقمار الصناعية للاستهداف البحري، وغطاء دبلوماسي في مجلس الأمن الدولي. اضفاء شرعية دولية في هذا السياق، تكشف استراتيجية الحوثيين في إرسال الرسائل عن ثلاثة أهداف استراتيجية متميزة: فهي توفر مبررًا بأثر رجعي لهجماتهم على الشحن الدولي؛ وتصنع شرعية دولية رغم عدم اعترافهم بها؛ وعلى الصعيد المحلي، تعزل المعارضة اليمنية من خلال الإشارة إلى أن القوى العالمية قد قبلت فعليًا حكم الحوثيين كأمر واقع. ويمثل هذا تكتيكًا حربيًا هجينًا كلاسيكيًا، يجمع بين العمليات الحركية وحملات التأثير لتحقيق نتائج استراتيجية لا تستطيع القوة العسكرية وحدها تحقيقها. استفادت قائمة المشاركين في مؤتمر صنعاء من هذه الاستراتيجية المنسقة بتعزيز وهم الزخم الأيديولوجي العالمي. وقالت فورين بوليسي 'جاءت كلمات مسجلة مسبقًا من النائب البريطاني السابق جورج غالاوي، والفيلسوف القومي الروسي المتطرف ألكسندر دوغين، وأليدا جيفارا، ابنة تشي جيفارا، وقد اختير كل منهم لثقله الرمزي أكثر من أهميته الدبلوماسية'. يعكس هذا الحدث المُدبّر بدقة ما يُميّز الحوثيين عن الجماعات المتطرفة مثل القاعدة أو الدولة الإسلامية. ففي حين تتبنى هذه الجماعات أيديولوجية عدائية صارمة تجاه الأجانب، يُقدّم الحوثيون صورة مختلفة تمامًا: صورة ودودة، بل ومحبوبة، خاصةً لدى الجمهور الغربي. وبدعم إيراني أيضًا، فإن الحوثيين ليسوا مجرد متمردين مسلحين؛ بل هم قوة هجينة بالوكالة تتمتع بإمكانية الوصول إلى الحماية الدبلوماسية والمعدات العسكرية والاستثمار الاستراتيجي طويل الأجل. فعلى عكس الحركات الجهادية التي تُحرّكها العقيدة، فإن الحوثيين انتهازيون سياسيون. سيقبلون المساعدة من أي شخص يرغب في تقديمها، كما أورد التحليل. وأكدت المجلة أن هذه البراغماتية قد مكنتهم ليس فقط من البقاء، بل من الازدهار أيضًا. على مر السنين، تمتعوا بسمعة سخية بشكل مدهش بين الدبلوماسيين الغربيين، حيث قدم لهم بعضهم هدايا، وكتبوا مقالات رأي لتحسين صورتهم، وعاملوهم بمستوى من الاحترام نادرًا ما يُمنح للمتمردين. وأردفت 'استُخدم كل من دالي ووالاس كرمزين للتحدي الغربي، حيث قدما تأييدًا مقلقًا للحوثيين في المؤتمر. كان خطاب والاس، على وجه الخصوص، حافلًا بالخطاب المناهض للغرب، وأُلقِيَ بحماسة ثورية مُتأصلة. اتهم إسرائيل بأنها 'لا تفهم إلا لغة العنف'، وصوّر القوى الغربية على أنها المهندسة الحقيقية للإرهاب العالمي، وصوّر اليمن كطليعة في النضال العالمي ضد الإمبريالية'. ولكن ربما كانت اللحظة الأبرز عندما أعلن أن 'المستقبل الآن ملك للصين'، مشيدًا بضبط النفس المزعوم من بكين مدعيًا أنها لم تُسقط قنبلة واحدة منذ 50 عامًا. كان هذا بيانا لم يروج للسلطة الاستبدادية فحسب، بل تجاهل أيضا انتهاكات الصين الموثقة لحقوق الإنسان: الاعتقال الجماعي للأويغور في شينجيانغ؛ والقمع في هونغ كونغ؛ وعدوانها العسكري المتزايد في بحر الصين الجنوبي. وزادت 'دأب الحوثيون على التلاعب بالروايات الدولية لمصلحتهم، بدءًا من اتفاقية ستوكهولم التي جمّدت ديناميكيات ساحة المعركة لصالحهم، وصولًا إلى جهود الضغط لتصويرهم كمقاومة محلية ضد السعودية بدلًا من ميليشيا استبدادية'. من منظور استراتيجي، يقول التحليل أن مؤتمر صنعاء سعى إلى ملء الفراغ الذي خلّفته وكالات الأمم المتحدة التي انسحبت من مناطق الحوثيين بسبب عدوانهم المتزايد وعدم القدرة على التنبؤ بتصرفاتهم. سبق لوكالات الأمم المتحدة أن التقت بقيادة الحوثيين، وأضفت شرعية غير مقصودة على مطالبتهم بالسلطة، سواء من خلال مبادرات دبلوماسية فاشلة مكّنت الجماعة، أو من خلال التقاط صور في خضمّ عدوان الحوثيين وسرقة الطعام. وذكرت أن الكثيرين في المنطقة وخارجها يتشاطرون المخاوف بشأن معاناة الفلسطينيين في سياق الحرب بين إسرائيل وحماس – وهي جوهر ادعاء الحوثيين بالصلاح. ومع ذلك، فإن الحوثيين، نظرًا لسجلهم الحافل بالقمع الداخلي والعدوان الإقليمي، ليسوا مؤهلين ليكونوا مدافعين موثوقين. ميزان القوى الإقليمي ويتجلى التناقض جليًا عند دراسة الواقع على الأرض. بينما يُشيد والاس بالتزامهم المفترض بالقانون الدولي، يُمارس الحوثيون بشكل ممنهج اعتقال وتعذيب وإخفاء أفراد من الأقليات، بمن فيهم بهائيون وصحفيون ومعارضون سياسيون. كما احتجزوا موظفي الأمم المتحدة بتهم تجسس ملفقة، مما أجبر الأمم المتحدة على التخلي عن عملياتها في الأراضي الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ فبراير. واستدركت 'يُمثل تركيز إدارة ترامب الضيق على إضعاف قدرات الحوثيين الهجومية في البحر الأحمر نهجًا تكتيكيًا لمشكلة استراتيجية، لكنه لا يُعالج النظام البيئي الأوسع الذي يُمكّن الحوثيين من إبراز قوتهم. وإذا تُركت حملة الحوثيين لإضفاء الشرعية دون معالجة، فإنها تُهدد بترسيخ مكانتهم كامتداد دائم لقدرات إيران على إبراز قوتها في شبه الجزيرة العربية'. وترى أن من شأن هذا التطور أن يُغير جذريًا حسابات ميزان القوى الإقليمي، مما يُقوّض الشراكات الأمنية الأمريكية في الخليج، ويُوسّع العمق الاستراتيجي لإيران، وهو أمر مُقلق بشكل خاص مع استمرار طهران في طموحاتها النووية. ولعلّ الأهم من الناحية الاستراتيجية حسب المجلة هو برنامج التلقين العقائدي الممتد عبر الأجيال الجاري تنفيذه في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، وهو حملة تهدف إلى بناء قاعدة سكانية ملتزمة أيديولوجيًا من خلال استغلال القضايا الإسلامية المشتركة، مثل القضية الفلسطينية. يُصيب صانعو السياسات في واشنطن في التركيز على عنف الحوثيين الخارجي، لكن ينبغي عليهم توسيع جهود الدعاية المضادة، وتحديدًا استهداف الشبكات التي تُضخّم رسائل الحوثيين، بما في ذلك تحديد وكشف السلوكيات الزائفة المُنسّقة عبر مختلف المنصات كما تقول الفورين بوليسي. وقالت 'ينبغي أن يُسلّط التواصل الدبلوماسي مع الحلفاء التقليديين في المنطقة الضوء على التناقض بين رسائل الحوثيين الدولية وقمعهم الداخلي. كما ينبغي أن تستهدف العقوبات تحديدًا الأفراد الذين يُسهّلون تواصل الحوثيين الدولي، وليس فقط قيادتهم العسكرية. وأخيرًا، ينبغي على الولايات المتحدة الاستثمار في إبراز الأصوات اليمنية الأصيلة القادرة على تقديم بدائل موثوقة لروايات الحوثيين'. على الرغم من ادعاء الرئيس الأمريكي ترامب عقب إعلان وقف إطلاق النار بأن الحوثيين قد 'استسلموا'، تشير المجلة أن كبار المسؤولين الحوثيين سارعوا إلى إعادة صياغة وقف الأعمال العدائية، واصفين الولايات المتحدة بالقوة العظمى البراغماتية التي تُدرك تكلفة استمرار التصعيد. ولكن زعيمهم عبد الملك الحوثي ناقض حتى هذا التخفيف، حيث أعاد صياغة اللحظة على أنها انتصار حوثي: 'الموقف الأميركي لم يكن، كما ادعى الكافر المجرم ترامب، نتيجة مناشدة أو استسلام من اليمن'. وخلصت مجلة فورين بوليسي إلى القول 'لا يزال الحوثيون منخرطين في صراعٍ متعدد الأوجه بين إيران والقوة الأمريكية، صراعٌ يُسلّح ممرات الشحن والروايات الإعلامية والجهات السياسية الغربية في آنٍ واحد. وبينما تُركّز العمليات البحرية الأمريكية على الأعراض التكتيكية، ينتشر المرض الاستراتيجي الأعمق دون رادع. وتمتد السابقة التي تُرسى هنا إلى ما هو أبعد من البحر الأحمر؛ إذ تُظهر لكلّ مُخرّبٍ مُحتمل مدى فعالية استغلال الأصوات الغربية لإضفاء الشرعية على أفعالٍ كانت ستُدان عالميًا لولا ذلك'.