
فورين بوليسى: انهيار النظام الإيرانى قد يسبب كابوسا أمنيا نوويا
تساءل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب: "إذا كان النظام الإيرانى الحالى عاجزا عن استعادة عظمته، فلماذا لا يغير النظام؟".
وذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن هذا التعليق جاء فى خضم حملة عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق، وإن كانت تهدف ظاهريا إلى كبح جماح البرنامج النووى الإيراني، إلا أنها كانت تهدف بوضوح أيضا إلى إضعاف النظام، وربما حتى انهياره. اليوم، ورغم أن وقف إطلاق النار الهش بين إسرائيل وإيران قلص من نقاش هذا الاحتمال، إلا أن هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأنه قد يعود للظهور.
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أنه لعقود، كان الشاغل الدولى الرئيسى بشأن البرنامج النووى الإيرانى هو كيفية استخدام طهران لموادها وتقنياتها وخبراتها النووية لإنتاج أسلحة نووية. ولكن الشاغل الأكثر إلحاحا فى ضوء التطورات الأخيرة هو منع وقوع هذه الموارد فى الأيدى الخطأ إذا انهار النظام الحاكم هناك فجأة.
وأوضحت المجلة أنه على الرغم من الجدل الحاد حول حجم الأضرار التى سببتها الضربات الأمريكية والإسرائيلية، إلا أن الحقيقة هى أن البنية التحتية النووية الإيرانية لم تُدمر بالكامل. فإيران ما تزال تمتلك قدرات استخراج اليورانيوم ومفاعلات للطاقة النووية والأبحاث، بالإضافة إلى أى مواد أو تقنيات يمكن استخلاصها من مواقع التخصيب المتضررة، بما فى ذلك موقعى "نطنز" و"فوردو".
كما أن الأهم من ذلك هو أن إيران لا تزال على الأرجح تمتلك بعضا، إن لم يكن كل، ما يقارب 8000 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب، بما فى ذلك ما لا يقل عن 400 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهو ما يكفى لصنع 10 أسلحة نووية، إذا ما تم تخصيبه بدرجة أعلى (90%).
ويُرجح أيضا أن إيران تحتفظ بمخزون كبير من أجهزة الطرد المركزى المتطورة وقطع غيارها، وربما معدات متخصصة لتصنيع تلك الأجهزة، بالإضافة إلى وثائق ومعدات مرتبطة ببرنامجها النووي، بالإضافة إلى مئات، إن لم يكن آلاف، من العلماء ممن يمتلكون خبرة نووية بالغة الأهمية، بما فى ذلك كيفية تشغيل أجهزة الطرد المركزى وتصنيع الأسلحة.
ولفتت "فورين بوليسي" إلى أنه مع بدء القصف الإسرائيلي، إن لم يكن قبل ذلك، فمن المرجح أن إيران أخفت الكثير من المواد والمعدات ذات الصلة ببرنامجها النووى فى مواقع آمنة متعددة. كما أنه بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار، بات من الصعب على المجتمع الدولى معرفة ما إذا كانت أى مواد أو تقنيات قد فقدت أو سرقت. كما أن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي، كان صريحا بشأن فقدان "استمرارية المعرفة" بشأن البرنامج النووى الإيرانى التى بنيت بشق الأنفس على مدى العقد الماضي، وذلك بسبب الضربات الإسرائيلية. وقد تفاقمت الأوضاع فى 2 يوليو الجارى بإعلان إيران تعليق تعاونها مع الوكالة.
ونوهت المجلة إلى أنه فى حين لا يعرف الخبراء الكثير عن ممارسات الأمن النووى الإيرانية، إلا أن التدابير اللازمة للحفاظ على المواد النووية والمعدات الحساسة تحت سيطرة الدولة، عادة ما تكون واسعة النطاق. وتشمل هذه التدابير، الحماية المادية (مثل الأسلحة والبوابات والحراس)، وطرقا لمراقبة المواد النووية المنتجة وحصرها، وأخيرا، برامج تخفف من خطر السرقة والتجسس من الداخل. لكن استدامة هذه التدابير تتطلب حكومة فاعلة. لذا، فإن وقوع فوضى أو عنف من شأنه التأثير سلبا على عمل القائمين على هذه التدابير. كما أن انهيار النظام الحالي، يحمل معه مخاوف كبيرة من انهيار مشروع الأمن النووى الإيراني.
ونبهت "فورين بوليسي" إلى أن الأمر الأكثر إثارة للقلق فى هذا السيناريو (انهيار النظام) هو مصير اليورانيوم عالى التخصيب. فرغم أنه ليس من الناحية الفنية يورانيوم صالح للاستخدام فى صنع الأسلحة (يورانيوم مخصب بنسبة 90% على الأقل)، إلا أن اليورانيوم الإيرانى المخصب بنسبة 60% يمكن استخدامه فى صنع قنبلة نووية بدائية. وبما أن إنتاج هذه المادة يعد أصعب خطوة فى صنع سلاح نووي، فإنه سيكون جذابا للغاية لأى دولة أو جهة فاعلة غير حكومية مهتمة بالحصول على قنبلة نووية، خاصة وأن هذا اليورانيوم يمكن تخزينه فى عبوات يمكن تحميلها بسهولة على شاحنة.
وأكدت المجلة الأمريكية أيضا على أهمية الخبرة النووية، حيث يتمتع العلماء النوويون الإيرانيون بخبرة تزيد عن عقدين فى بناء واختبار وتشغيل أجهزة الطرد المركزي، وهى تقنيات بالغة الأهمية لإنتاج مواد لصنع قنبلة نووية. وتفيد التقارير أن باحثين إيرانيين شاركوا فى أبحاث وتجارب على أنظمة تفجير معينة ومحفزات نيوترونية، وهى خطوات مهمة لبناء قنبلة نووية. لذا، سيكون هؤلاء الأفراد جذابين للغاية لمنظمة إرهابية أو دولة مهتمة بصنع قنبلة نووية حال حدوث مكروه للنظام القائم.
وشددت المجلة على أنه نظرا لعدم فهم المواد والقدرات المتبقية لدى إيران، فإن الفوضى الحتمية التى ستصاحب أى تغيير فى النظام قد تشكل أخطر تحد للأمن النووى منذ سقوط الاتحاد السوفيتي.
وبينت المجلة أنه لموجهة أزمة متعلقة بالأمن النووي، وبدون حراس أو مفتشين دوليين على الأرض، قد تضطر واشنطن إلى الاعتماد على قدراتها الاستخباراتية الخاصة وقدرات حلفائها لتحديد مكان وجود المواد النووية الإيرانية وتقييمها، مع التعاطى السريع مع أى مواد معرضة لخطر السرقة بشكل كبير، خاصة وأن مخاطر امتلاك إرهابى لسلاح نووى هائلة للغاية.
وأخيرا، أكدت المجلة الأمريكية أن استئناف عمليات تفتيش المواقع النووية الإيرانية دون عوائق، وتخصيص موظفين لضمان أمن منشآت إيران الرئيسية، أمر مهم للغاية. وإن الفكرة التى سبق وطرحها ترامب حول وجود حكومة إيرانية جديدة تتطلب من واشنطن وشركائها بذل جهد كبير لجعل البرنامج النووى الإيرانى آمنا ومقاوما للانتشار قدر الإمكان، خاصة وأن انهيار الحكومة الحالية سيشكل بالتأكيد خطرا أمنيا نوويا أكثر إلحاحا، يهدد بوقوع كارثة نووية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المستقبل
منذ 14 دقائق
- المستقبل
تكفي 1.5 مليون طفل.. إدارة ترامب تحرق 500 طن مساعدات
كشفت تقارير إعلامية عن أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تستعد لحرق 500 طن من المساعدات الطارئة التي كان مقررًا إرسالها إلى مناطق الحروب والنزاعات والكوارث الطبيعية. ذكرت التقارير أن المساعدات المقرر حرقها تكفي لإطعام نحو 1.5 مليون طفل لمدة أسبوع كامل. ويأتي هذا في الوقت الذي يتساقط فيه عشرات الفلسطينيين يوميًا بالشوارع من الجوع وسوء التغذية. سبب حرق أمريكا للمساعدات أشار تقرير عرضه موقع 'اقتصاد الشرق'، إلى سبب توجه الولايات المتحدة لحرق المساعدات، منوهًا بأنه منذ أشهر كانت تحميلت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID تكلفة 800 ألف دولار لشراء بسكويت عالي الطاقة مخصص للأطفال الذي تعرضوا للتشرد جراء الحروب والكوارث الطبيعية في دولتي أفغانستان وباكستان. ولفت التقرير إلى أنه كان من المقرر أن يتم نقلها سريعًا إلى المحتاجين في كلتا الدولتين من خلال برنامج الأغذية العالمي، إلا أن الرئيس 'ترامب' أصدر في يناير الماضي قرارًا رئاسيًا بتجميد جميع المساعدات الخارجية. ومنذ ذلك الحين ظلت شاحنات البسكويت حبيسة في مستودعات دبي. ومع اقتراب انتهاء صلاحيتها دفع ذلك إدارة الرئيس الأمريكي إلى حرقها. من جانبهم، قام موظفو الوكالة بإرسال عدد كبير من المذكرات إلى المسئولين الجدد في وزارة الخارجية الأمريكية يطلبون الموافقة على نقل الأغذية لمحتاجيها قبل انتهاء صلاحيتها، إلا أن هذه المذكرات لم تجد أي صدى. يأتي هذا على الرغم من أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، كان وعد بإيصال المساعدات لمستحقيها قبل أن تفسد، و ذلك خلال كلمته أمام الكونجراس. إلا أن وثائق داخلية كشفت عن أن قرار حرق تلك الأغذية قد صدر بالفعل قبل كلمة 'روبيو' بأسابيع. فوكس نيوز: إسر|ئيل تبحث مع 3 دول إمكانية إنزال مساعدات فى غرْة جويًا


24 القاهرة
منذ 6 ساعات
- 24 القاهرة
اليوم.. انطلاق مناورات بحریة مشترکة بین إیران وروسیا
تنطلق اليوم الاثنين، مناورات الإنقاذ والإغاثة البحرية المشتركة لعام 2025 في بحر قزوين، وأن تستمر لمدة ثلاثة أيام، باستضافة القوة البحرية لجيش الجمهورية الإيرانية، وفقا لما أفادت به تقارير إعلامية. وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء، بأن "المناورات تُقام تحت شعار معا من أجل بحر قزوين آمن وسالم)، بمشاركة قوات البحرية التابعة للجيش الإيراني والحرس الثوري وقوى الأمن الداخلي للجمهورية الإيرانية، إلى جانب البحرية الروسية، وبحضور مراقبين من دول الجوار المطلة على بحر قزوين. تقارير: روسيا تسعى لإقناع إيران بالقبول باتفاق نووي مع أمريكا يمنعها من تخصيب اليورانيوم صاروخ باليستي أصابها.. البنتاجون يكشف نتائج قصف إيران لـ قاعدة العديد بقطر وتهدف هذه المناورات إلى تعزيز السلامة والأمن البحري، وزيادة مستوى التنسيق والتعاون البحري بين القوات البحرية لدول حوض بحر قزوين، بحسب وكالة تسنيم. إيران: الترويكا الأوروبية لم تعد ذات صفة لفرض عقوبات وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إنه أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، والاتحاد الأوروبي، وأعضاء مجلس الأمن الدولي بأن الترويكا الأوروبية تفتقر لأي صفة قانونية أو سياسية لإعادة العمل بآليات الاتفاق النووي مع طهران، وقرار مجلس الأمن رقم 2231. وأضاف عراقجي في منشور على منصة إكس أن الترويكا الأوروبية ألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا، تخلت عبر أفعالها وبياناتها بدعم العدوان الإسرائيلي الأميركي على إيران عن دورها كطرف في الاتفاق النووي، ما يجعل أي محاولة لإعادة العمل بقرارات مجلس الأمن الدولي المنتهية لاغية وباطلة.


الزمان
منذ 6 ساعات
- الزمان
إيران: الأطراف الأوروبية بالاتفاق النووي انتهكت أسسه وفقدت دورها
قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الأحد، إن الأطراف الأوروبية التي تهدد بإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على بلاده انتهكت أسس الاتفاق النووي و"فقدت دورها كطرف مشارك فيه". جاء ذلك في رسالة وجهها عراقجي إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والممثلة السامية للاتحاد الأوروبي كايا كالاس بشأن سعي الأطراف الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) في الاتفاق النووي إلى تطبيق "آلية الزناد" لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران. وعن محتوى الرسالة قال عراقجي على منصة إكس: "أوضحت في الرسالة أن مجموعة الدول الأوروبية الثلاث تفتقر إلى أي أساس قانوني أو سياسي أو أخلاقي لتفعيل آليات الاتفاق النووي وقرار الأمم المتحدة رقم 2231". وقرار مجلس الأمن رقم 2231 اعتمد في 20 يوليو 2015، ويدعو إيران إلى عدم اتخاذ أي أنشطة بشأن الصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس حربية نووية. وأشار الوزير الإيراني إلى أن دول مجموعة الدول الأوروبية الثلاث انتهكت المبادئ الأساسية للاتفاق النووي، وقدمت دعما سياسيا وماديا للهجمات الأمريكية على إيران، متخلية بذلك عن دورها كمشاركة في الاتفاق. وأضاف: "لا يمكن، ولا يجب، السماح لمجموعة الدول الأوروبية الثلاث بتقويض مصداقية مجلس الأمن الدولي بإساءة استخدام قرار غير ملزم لها". ووقعت إيران الاتفاق النووي عام 2015، مع الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، الصين، روسيا) وألمانيا. ويعرف الاتفاق باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة"، ويسمح لإيران فقط بالاحتفاظ بمخزون يبلغ 202.8 كيلوغرام من اليورانيوم منخفض التخصيب. وفي 8 مايو 2018، انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم مع طهران، من جانب واحد، وبدأت في فرض عقوبات اقتصادية ضد الأخيرة. وتهدد بريطانيا وفرنسا وألمانيا بتفعيل بند "آلية الزناد" في الاتفاق النووي الذي لم يُطبّق بعد الانسحاب الأمريكي الأحادي الجانب. وينص هذا البند على إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران لانتهاكها الاتفاق. وتنتهي فترة تنفيذ هذه الآلية في 18 أكتوبر المقبل.