logo
الحروب 'تكشف عورتها'.. لماذا لا تستطيع إسرائيل تحقيق الهيمنة الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط؟

الحروب 'تكشف عورتها'.. لماذا لا تستطيع إسرائيل تحقيق الهيمنة الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط؟

بوست عربيمنذ 3 أيام
على الرغم من التفوق العسكري الذي مكنته لها الولايات المتحدة على مدار عشرات السنوات، فإن الحروب التي تخوضها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كشفت هشاشتها، وأنها لم تتمكن من تحقيق الهيمنة الإقليمية، رغم أن عمرها كـ"دولة" بلغ 74 عاماً.
ومنذ تأسيسها على أنقاض النكبة الفلسطينية عام 1948، تمكنت إسرائيل، بالاعتماد على تفوقها العسكري عبر الدعم الغربي، خاصة الأمريكي ، من ترسيخ نفوذ كبير في المنطقة، لكنه محصور بالنفوذ الأمني حتى الآن.
فيما كشفت عملية "طوفان الأقصى"، وما تلاها من حرب على غزة، ومواجهة مع حزب الله في لبنان، وتصعيد كبير مع إيران على جولتين، أن إسرائيل دولة ما زالت غير قادرة على الاعتماد على نفسها، وتواجه طموحاتها لتصبح القوة المهيمنة في الشرق الأوسط عقبات هيكلية وسياسية واجتماعية تتجاوز قدراتها العسكرية.
ومؤخراً، وبعد حرب استمرت 12 يوماً مع إيران، زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن "إسرائيل" وضعت نفسها في مصاف القوى العالمية الكبرى.
لكن المعطيات تذكر غير ذلك، ومن شواهدها تصريحات رؤساء الولايات المتحدة الذين يتفاخرون بـ"إنقاذ إسرائيل"، كاشفين عورة دولة الاحتلال التي تعتاش على المعونات العسكرية الأمريكية والغربية.
وقبل أن يتحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تصريحاته الأخيرة بأنه "أنقذ إسرائيل" بعد حربها على إيران، فقد سبقه الرئيس السابق جو بايدن، بتبني "إنقاذ إسرائيل" بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
هل حققت إسرائيل الهيمنة الإقليمية؟
والهيمنة الإقليمية اصطلاح يُستخدم لوصف دولة ما لديها القدرة على التأثير في نطاق جغرافي أو إقليم محدد، وفي تعريف آخر: هي "دولة تنتمي إلى منطقة محددة جغرافياً، وتهيمن على هذه المنطقة من الناحية الاقتصادية والعسكرية، وقادرة على ممارسة الهيمنة الإقليمية في المنطقة وعلى الصعيد العالمي".
يقول البروفيسور الأمريكي ستيفن والت ، إن القوى المهيمنة الإقليمية تتمتع بقوة هائلة مقارنة بجيرانها، لدرجة أنها لم تعد تواجه أي تهديدات أمنية كبيرة منهم، وليس لديها قلق من ظهور منافس حقيقي في أي وقت.
وعلى سبيل المثال، أشار والت في مقال على مجلة "فورين بوليسي" إلى نموذج الولايات المتحدة في بداية القرن العشرين، حيث انسحبت القوى العظمى الأخرى من نصف الكرة الغربي، ولم يعد بإمكان أي دولة أو مجموعة في المنطقة أن تضاهي مزيج القوة الاقتصادية والإمكانات العسكرية الأمريكية.
وباستثناء أزمة الصواريخ الكوبية، التي تضمنت قيام قوة خارجية (الاتحاد السوفيتي) بإرسال صواريخ نووية إلى نصف الكرة الغربي، لم تواجه الولايات المتحدة أي تحدٍ عسكري كبير من داخل نصف الكرة الغربي منذ أواخر القرن التاسع عشر.
وقد سمح هذا الوضع المتميز لواشنطن بتركيز سياساتها الخارجية والدفاعية على أوراسيا، بهدف منع أي قوة أخرى من تحقيق وضع مماثل داخل أي منطقة ذات أهمية استراتيجية.
لكن إسرائيل، كما يذكر البروفيسور الأمريكي، لا تستوفي هذا المعيار، مشيراً إلى التحدي الذي يشكله الحوثيون حتى الآن، وكذلك حركة حماس في قطاع غزة، رغم الدمار الهائل الذي ألحقه الجيش الإسرائيلي بالقطاع.
ورغم عدم وجود دولة أو تحالف عربي يضاهي إسرائيل اليوم، فإن كلاً من تركيا وإيران تمتلكان قوات عسكرية ضخمة وعدداً سكانياً أكبر بكثير، ويمكن لكل منهما بناء دفاع قوي في حال نشوب حرب شاملة.
ما هي أبرز الشواهد على أن إسرائيل ليست دولة ذات هيمنة إقليمية؟
أولاً: حدود قوتها العسكرية
في عام 2024، زاد الإنفاق العسكري الإسرائيلي بنسبة 65% ليصل إلى 46.5 مليار دولار، بفعل الحروب التي تخوضها، لتكون هذه الكلفة الحربية هي الأكبر منذ حرب الأيام الستة عام 1967.
ورغم هذا الإنفاق الضخم والمتزايد، فإن الهجمات التي شنتها إسرائيل على غزة ولبنان وإيران، لم تتمكن من إضعاف حركة حماس أو حزب الله، اللتين لا تزالان جماعتين تعملان كقوة صامدة ضد إسرائيل.
وتشير مجلة " الدبلوماسية الحديثة" إلى أن هجمات يونيو/حزيران 2025 على إيران، على الرغم من تسببها في أضرار جسيمة، لم تتمكن من إيقاف البرنامج النووي الإيراني بالكامل.
في هذا الإطار، يقول المحلل العسكري في صحيفة " هآرتس"، عاموس هارئيل، إن الصدمة التي أحدثتها الهجمات على المواقع والصواريخ، واغتيال كبار المسؤولين، ومقتل كبار العلماء النوويين في إيران، قد تدفع المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، إلى التخلي عن "الفتوى القديمة" التي كانت تحرم ظاهرياً إنتاج الأسلحة النووية، كما أن الخشية من هجمات جديدة قد تقابلها غريزة البقاء لدى النظام الإيراني، الذي قد يدرك حاجته إلى الأسلحة النووية للدفاع عن نفسه أكثر من ذي قبل.
ورغم أن عقيدة القوة العسكرية الإسرائيلية قامت على ثلاث طبقات أساسية تنسب إلى ديفيد بن غوريون، وهي: الردع، والإنذار، و"النصر الحاسم"، بحسب معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي ، إلا أنها فشلت جميعها بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وبحسب مجلة "الدبلوماسية الحديثة"، فإن إخفاقات إسرائيل منذ 7 أكتوبر، تشير إلى أن القوة العسكرية الإسرائيلية، على الرغم من كونها مدمرة، لا يمكن أن تؤدي إلى هيمنة دائمة، حيث تستمر المقاومة الإقليمية ضدها.
ثانياً: الاعتماد على الولايات المتحدة
على الرغم من قوتها العسكرية، تعتمد إسرائيل اعتماداً كبيراً على دعم الولايات المتحدة وأوروبا.
وتقول مجلة " فورين بوليسي"، إنه على مدى عقود، ورغم التقدم المطرد في التكنولوجيا العسكرية والتدريب وجمع المعلومات الاستخبارية، اعتمدت إسرائيل بشكل حاسم على تحالفها مع الولايات المتحدة في معظم نجاحها.
وعندما سئل خبير العلاقات الدولية في جامعة حيفا، بنيامين ميلر ، عما إذا كانت إسرائيل قادرة على الاستغناء عن الدعم الأمريكي، أجاب بكلمة واحدة: "لا".
وتتلقى إسرائيل 3.8 مليارات دولار سنوياً كمساعدات أمريكية عسكرية ، أما على الساحة الدولية، فإن الدعم السياسي غير متناهٍ في المؤسسات الأممية، وخاصة الأمم المتحدة.
في هذا الإطار، يوضح ميلر أن الولايات المتحدة "إذا أوقفت دعمها في مجال التسلح، فستُشكّل هذه مشكلة كبيرة لإسرائيل".
وبفضل حق النقض (الفيتو) الذي تتمتع به الولايات المتحدة في مجلس الأمن لصالح إسرائيل، أُحبطت عدة قرارات تتعلق بوقف إطلاق النار في غزة خلال الأشهر القليلة الماضية وحدها.
وهذا الاعتماد يخلق ضعفاً استراتيجياً، فإذا انخفض الدعم الغربي، إما بسبب التغيرات في السياسات الداخلية الأمريكية أو الضغط العالمي لمحاسبة إسرائيل على انتهاكات حقوق الإنسان، فستفقد إسرائيل قدرتها على الحفاظ على وضعها الحالي، بحسب المجلة.
ويشدد الخبير الأمريكي والت، أن القوة المهيمنة الإقليمية الحقيقية لا يتعين عليها الاعتماد على الآخرين للهيمنة على جوارها، وإسرائيل تفعل ذلك.
كما تتطلب الهيمنة الإقليمية الحقيقية الاكتفاء الذاتي الاستراتيجي، وهو ما تفتقر إليه إسرائيل.
علاوة على ذلك، فإن الإجراءات العدوانية مثل عملية "الأسد الصاعد" تزيد من خطر جرّ الولايات المتحدة إلى صراع أوسع، مما قد يقلل من الدعم الغربي.
ويُظهر هذا الهشاشة أن إسرائيل، بدلاً من أن تكون قوة مهيمنة، تعمل بشكل أكبر كلاعب معتمد على القوى الأجنبية، بحسب مجلة "الدبلوماسية الحديثة".
ثالثاً: الافتقار إلى الشرعية الإقليمية
يذكر الخبير الأمريكي والت، أن الهيمنة الإقليمية الدائمة تتطلب من الدول المجاورة قبولاً بمركز القوة المهيمنة، وإلا ستظل الأخيرة قلقة من تجدد معارضتها في المنطقة، وستُجبر على اتخاذ إجراءات مضادة.
وأوضح أن هذه سمة حسن الجوار غير موجودة مع إسرائيل، كما أن النفوذ المتزايد للقوى اليمينية والمتطرفين فيها يضعف من احتمالية ذلك.
كما أن احتلال الضفة الغربية وشرق القدس وحرب غزة وقمع الفلسطينيين، التي أدانتها منظمات حقوق الإنسان باعتبارها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، قد صورت إسرائيل كقوة قمعية.
ولم تُغضب هذه السياسات الفلسطينيين فحسب، بل منعت أيضاً دول المنطقة، بما في ذلك الجهات الفاعلة القوية مثل تركيا وقطر، من قبول إسرائيل كقوة مهيمنة، وإقامة علاقات معها.
وبحسب مجلة "الدبلوماسية الحديثة"، فإنه حتى الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، تحافظ على هذه العلاقات إلى حد كبير لأسباب معينة وتحت ضغط غربي، وليس من باب قبول هيمنة إسرائيل.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عناصر الأمن الفلسطيني بين التنسيق الأمني والمقاومة.. تصاعد العمليات الفردية يربك إسرائيل ويحرج السلطة
عناصر الأمن الفلسطيني بين التنسيق الأمني والمقاومة.. تصاعد العمليات الفردية يربك إسرائيل ويحرج السلطة

بوست عربي

timeمنذ يوم واحد

  • بوست عربي

عناصر الأمن الفلسطيني بين التنسيق الأمني والمقاومة.. تصاعد العمليات الفردية يربك إسرائيل ويحرج السلطة

من جديد، نفّذ قبل أيام محمود عابد ومالك سالم، العنصران في أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، عملية فدائية تضمنت إطلاق نار وطعن ضد جنود الاحتلال في الضفة الغربية، وأسفرت عن مقتل أحدهم في مستوطنة "غوش عتصيون"، ما أثار غضب الاحتلال. وطالبت سلطات الاحتلال السلطة الفلسطينية بفتح تحقيق لمعرفة حيثيات الهجوم، وما إذا كان المنفذان قد تصرفا بشكل فردي أم أنهما مرتبطان بفصائل المقاومة. يُشار إلى أنها ليست المرة الأولى التي ينفّذ فيها منتسبون لأجهزة أمن السلطة عمليات مقاومة، فالقائمة طويلة، منذ سنوات، رغم التزام السلطة بتنسيق أمني صارم مع الاحتلال لملاحقة عناصر المقاومة وكبح هجماتها ومنع تنفيذها. شرطة في النهار.. فدائيون في الليل استغل الاحتلال هذه العملية لشن حملة تحريض ضد السلطة الفلسطينية، متّهماً إياها بتشجيع مثل هذه العمليات رغم استمرار التنسيق الأمني. وأفادت حركة "ريغافيم" الاستيطانية بأن 78 عنصراً على الأقل من أجهزة أمن السلطة شاركوا في هجمات فدائية منذ عام 2020، مشيرة إلى أن هؤلاء ليسوا مجرد متعاطفين مع فصائل المقاومة، بل يعملون بدوام كامل في الأجهزة الأمنية، ما يعني أن عنصراً أمنياً واحداً على الأقل ينفّذ، في المتوسط، عملية فدائية كل أسبوعين، تسفر عن مقتل جنود أو مستوطنين في الضفة، ووصفتهم الحركة بـ"الشرطة في النهار، الفدائيين في الليل". ويمكن ربط تصاعد هذه العمليات بحالة التأييد الواسعة التي حظي بها هجوم "طوفان الأقصى" الذي نفذته حماس في 7 أكتوبر 2023 على مستوطنات غلاف غزة، إذ أظهرت استطلاعات الرأي أن 82% من فلسطينيي الضفة الغربية، ومن بينهم أفراد من الأجهزة الأمنية، يرون أن قرار تنفيذ الهجوم كان صائباً. مأزق السلطة.. وواقع الضفة سياسياً، تُلحق هذه الهجمات ضرراً بالسلطة الفلسطينية وقادتها، عند التأكد من أن منفّذيها هم أعضاء في أجهزتها الأمنية، في ظل ما تعكسه من حجم التأييد الشعبي الكبير لحماس في الضفة، وما تبثّه الحركة من دعوات تحريضية علنية لتنفيذ عمليات فدائية، وتوزيعها لملصقات ومنشورات تتضمن تعليمات مفصلة لكيفية تنفيذ هجمات. وتصل هذه الدعوات إلى أفراد الأجهزة الأمنية أنفسهم، رغم إرادة قيادتهم السياسية والأمنية التي تسعى إلى منعهم من الانخراط فيها. ومن الحوادث الأخيرة التي تُظهر موقف السلطة الرافض لانخراط عناصرها في العمل المسلح، محاولة أجهزتها الأمنية في طولكرم قبل أيام اعتقال ناشط بارز في حركة الجهاد الإسلامي، لكنه تمكن من الفرار. كما منعت قوات الأمن الفلسطينية مجموعة من المسلحين من دخول "قبر يوسف" في نابلس، الذي يعتبره المستوطنون مكاناً مقدساً، وتقوم الأجهزة الأمنية بحراسته. في حادثة أخرى، تبادل أفراد من أجهزة الأمن إطلاق النار مع مسلحين خلال جنازة مقاوم من جنين قتلته إسرائيل. ردود فعل إسرائيلية غاضبة ما تزال التقييمات الإسرائيلية للعمليات التي ينفذها عناصر الأمن الفلسطيني تُصنّفها على أنها هجمات فردية تقع ضمن إطار ما يُعرف بـ"الذئاب المنفردة"، وليست ظاهرة منظمة واسعة النطاق، رغم تصاعد المخاوف من توسعها، واستفادة فصائل المقاومة من هذه العناصر لتجنيدها في صفوفها، نظرًا لسهولة وصولهم إلى الأسلحة والوسائل القتالية، الأمر الذي يثير قلق الجيش وأجهزة الأمن الإسرائيلية من تكرار هذه الهجمات وفق مبدأ "المحاكاة"، ما قد يقود إلى تصعيد خطير في طبيعة العمليات المقبلة. وقد أدى تنامي انخراط أفراد من الأجهزة الأمنية الفلسطينية في عمليات المقاومة إلى صدور ردود فعل غاضبة في الأوساط الإسرائيلية، يمكن تلخيص أبرزها فيما يلي: آفي ديختر ، عضو الكنيست عن حزب الليكود ووزير الأمن الداخلي ورئيس جهاز الشاباك الأسبق، زعم أن "إسرائيل لا يمكن أن تستمر في التغاضي عن عجز السلطة الفلسطينية في مواجهة العمليات الفدائية، لأنها تستغل حقيقة أن بقاءها يخدم مصلحة الاحتلال، ولذلك تتقاعس عن التحرك المنفرد ضد المنظمات المسلحة". وطالب بموقف أكثر حزمًا تجاهها. يارون روزنثال ، رئيس مجلس مستوطنة "غوش عتصيون"، هاجم قوات الأمن الفلسطينية، قائلاً: "في اليوم الذي يستطيعون فيه، سيقتلوننا. اليوم لديهم مصلحة بذلك". وحذّر من الثقة بالفلسطينيين، معتبراً أن تعاون أجهزتهم الأمنية مع إسرائيل نابع من كراهيتهم لحماس، وليس حباً بالصهيونية. مائير دويتش ، المدير التنفيذي لحركة "ريغافيم"، اعتبر أن "هذه المعطيات تكشف زيف الادعاء بأن السلطة الفلسطينية عنصر استقرار"، وهاجم المسؤولين الإسرائيليين الذين يرون فيها جهة معتدلة. وأضاف أن من يعتقد ذلك "شارك في وهم مشابه سبق هجوم 7 أكتوبر"، حين باغتت حماس إسرائيل بـ"طوفان الأقصى". نماذج مشرّفة وسجل بطولي حافل رغم التنسيق الأمني الذي تلتزم به السلطة الفلسطينية مع الاحتلال، شهدت السنوات الأخيرة سلسلة من العمليات الفدائية نفذها عناصر من الأجهزة الأمنية، في تحدٍّ مباشر لتعليمات قيادتهم، وتعبيرًا عن انتمائهم الوطني وتأييدهم للمقاومة، وسط ترحيب شعبي واسع واعتبارهم نماذج مشرّفة، ما يؤكد فشل مشروع "الفلسطيني الجديد" الذي سعت الولايات المتحدة إلى هندسته عبر السلطة. فيما يلي رصد لأبرز تلك العمليات: منذ انتفاضة الأقصى (2001-2004): شرطي فلسطيني يفتح النار على حافلة قرب مستوطنة "كرمي تسور". ضابط في الاستخبارات العسكرية يهاجم حاجز الجلمة، ويقتل نائب قائد دورية "الناحال". عام 2011: سعود التيتي يهاجم موقعًا عسكريًا، ويستشهد. أشرف الشيخ إبراهيم، ضابط في المخابرات، يُستشهد في اشتباك بجنين. سلسلة هجمات نفذها ضباط من الأمن الوطني والدفاع المدني، بينها تفجير سيارة مفخخة قرب "غوش عتصيون". 2012–2016: إطلاق نار، ودهس، وطعن ضد جنود ومستوطنين، أبرزها عملية زراعة عبوة ناسفة في "بات يام" عام 2013، وهجوم على "مايان دوليف" عام 2015، واشتباك عند مستوطنة "بيت إيل" في 2016. منذ عام 2019 وحتى 2025: اشتباك داود الزبيدي، ضابط الأمن الوقائي، مع الجيش. دعم زياد الرزاينة، شرطي الجمارك، لمقاومين نفذوا هجوم حوارة. عملية استشهاد الضابطين علوي وعيسى عام 2021. ضياء حمارشة، ضابط الأمن الوقائي، يقتل 5 مستوطنين في بني براك. نجل الضابط فتحي حازم ينفذ عملية تل أبيب عام 2022. تصاعد واضح في 2023–2025، مع تنفيذ عدة عمليات بإطلاق النار ضد جنود ومستوطنين، وارتقاء منفذيها، بينهم ضباط من الأمن الوطني والحرس الرئاسي والمخابرات. الانخراط في كتائب المقاومة رصدت أجهزة الأمن الإسرائيلية ظاهرة متزايدة لانضمام عناصر من الأجهزة الأمنية الفلسطينية إلى فصائل المقاومة، مثل كتيبة جنين و عرين الأسود ، فضلًا عن كتائب شهداء الأقصى ، الجناح المسلح لحركة فتح، التي يفترض أنها حُلّت بقرار من الرئيس محمود عباس، وتم دمج أعضائها في أجهزة الأمن. تثير هذه الظاهرة تساؤلات إسرائيلية متكررة حول جدوى تسليح السلطة الفلسطينية، إذ تمر جميع الأسلحة عبر موافقة الاحتلال، الذي يعرف أرقامها وسجلات مستخدميها، لكن هذه الأسلحة قد تقع في أيدي المقاومة أو تُستخدم من قِبل عناصر تنقلب قناعاتهم فجأة. ورغم ذلك، تواصل بعض الأوساط الأمنية الإسرائيلية الدفاع عن تسليح أجهزة السلطة، بزعم أنها تستخدمها في اعتقال المقاومين وحماية أمن المستوطنين، رغم الإدراك الكامل لإمكانية تحول هؤلاء العناصر إلى مقاومين. تأثير حرب غزة وتنامي شعبية حماس تُظهر التحقيقات أن بعض الهجمات التي ينفذها عناصر من الأمن الفلسطيني تأتي كردود فعل شخصية، مثل استشهاد قريب أو تأثر بالعدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، خاصة بعد مجازر حرب "طوفان الأقصى"، وانتشار صور الشهداء والدمار على وسائل التواصل. رغم ذلك، تُلزم الاتفاقيات السلطة الفلسطينية بالتنسيق الأمني مع الاحتلال، بما يشمل تسليم مطلوبين وإنقاذ مستوطنين ضلّوا طريقهم، بل وتُنذر الجيش مسبقًا قبل اقتحام المدن، ما يعرّضها لحرج شعبي بالغ. تحاول فصائل المقاومة تقويض هذا التعاون، وتسعى لإعادة سيناريو "إطلاق النار العكسي"، كما حدث في انتفاضة النفق 1996، وانتفاضة الأقصى، حين تحول سلاح الأجهزة إلى صدور الجنود الإسرائيليين. ورغم أن عناصر المقاومة المنحدرين من الأجهزة الأمنية ما زالوا يشكلون نسبة صغيرة من إجمالي 30–40 ألف عنصر أمني، إلا أن تأثيرهم المعنوي والرمزي كبير، لا سيما مع تزايد الاعتقالات التي تنفذها السلطة ضد نشطاء المقاومة، وملاحقتها للمظاهرات المؤيدة لغزة، ومنعها لرايات حماس. الخطاب الرسمي المرتبك في كل مرة ينفذ عنصر أمني عملية ضد الاحتلال، تسارع السلطة إلى إبلاغ إسرائيل بأنه تصرف فردي لا علاقة له بالتنظيمات، وتتعامل معه بخطاب باهت أو تنكري، دون تبنٍّ رسمي أو حتى نعي واضح. وغالبًا ما تصف المنفذين بعبارات فضفاضة، بل وتشير أحيانًا إلى شكوك حول دوافعهم أو انتماءاتهم. هذا التناقض يكشف ارتباكًا سياسيًا حادًا لدى السلطة، ويعرّي انفصامًا واضحًا بين قيادتها وقاعدتها الأمنية، إذ يبدو أن عناصر الأجهزة أنفسهم لم يعودوا يؤمنون بخطاب قيادتهم، ولا يثقون بجدوى التنسيق الأمني، وهو ما يشكل تهديدًا استراتيجيًا مستقبليًا لكل من السلطة والاحتلال على حدٍّ سواء.

'بقاؤه السياسي أهم'.. 6 مشاهد تُظهر كيف أطال نتنياهو أمد الحرب في غزة من أجل استمراره بالحكم
'بقاؤه السياسي أهم'.. 6 مشاهد تُظهر كيف أطال نتنياهو أمد الحرب في غزة من أجل استمراره بالحكم

بوست عربي

timeمنذ 3 أيام

  • بوست عربي

'بقاؤه السياسي أهم'.. 6 مشاهد تُظهر كيف أطال نتنياهو أمد الحرب في غزة من أجل استمراره بالحكم

كشف تحقيق أجرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية كيف تعمد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إطالة أمد الحرب في غزة من أجل بقائه السياسي، وكيف أجهض فرص التوصل إلى صفقة لوقف الحرب وسط تهديدات أعضاء حكومته من وزراء اليمين المتطرف بإسقاط الحكومة في حال تم التوافق على هدنة مع حماس. وقال التحقيق: "يعتقد الكثيرون بشكل متزايد أن إسرائيل كان بإمكانها التوصل إلى اتفاق مبكر لإنهاء الحرب، ويتهمون نتنياهو – الذي يتمتع بالسلطة المطلقة على الاستراتيجية العسكرية لإسرائيل – بمنع التوصل إلى هذا الاتفاق". وأضاف: "وجدنا أنه في المراحل الرئيسية من الحرب، أدت قرارات نتنياهو إلى إطالة أمد القتال في غزة لفترة أطول مما اعتبرته القيادة العسكرية الإسرائيلية العليا ضرورياً". ⭕️ #نتنياهو: مفاوضات إنهاء الحرب في غزة ستبدأ فوراً مع بداية وقف إطلاق النار، وإذا لم يتم نزع سلاح #حماس وتفكيك الحركة خلال فترة 60 يوماً، سنعود للقتال — عربي بوست (@arabic_post) July 10, 2025 وتابع: "لقد واصل الحرب في أبريل/نيسان ويوليو/تموز 2024، حتى عندما أخبره كبار الجنرالات أنه لا توجد ميزة عسكرية أخرى للاستمرار. وعندما بدا أن الزخم نحو وقف إطلاق النار يتزايد، نسب نتنياهو أهمية مفاجئة للأهداف العسكرية التي بدا في السابق أقل اهتماماً بالسعي إليها، مثل الاستيلاء على مدينة رفح الجنوبية واحتلال الحدود بين غزة ومصر لاحقاً. وعندما تم التوصل أخيراً إلى وقف إطلاق نار ممتد في يناير/كانون الثاني، انتهك الهدنة في مارس/آذار جزئياً للحفاظ على ائتلافه سليماً". وراجع التحقيق، الذي استند إلى مقابلات مع أكثر من 100 من المسؤولين في الولايات المتحدة وإسرائيل والعالم العربي، عشرات الوثائق، بما في ذلك محاضر اجتماعات الحكومة، والاتصالات بين المسؤولين، وسجلات المفاوضات، وخطط الحرب، وتقييمات الاستخبارات وسجلات المحاكم. ولم يكن التحقيق الذي نشرته الصحيفة الأمريكية الأول من نوعه الذي يشير إلى أن نتنياهو أفشل محاولات الوصول إلى صفقة لإنهاء الحرب في القطاع الفلسطيني المحاصر، حيث كانت صحيفة هآرتس العبرية نشرت تقريراً مماثلاً في يوليو/تموز 2024. يأتي ذلك بينما تزعم إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة مراراً وتكراراً بأن حماس هي من تقف عقبة أمام التوصل إلى تسوية بشأن الحرب في غزة، وهو ما تنفيه الحركة دوماً بشكل قاطع. كيف أطال نتنياهو أمد الحرب في غزة من أجل بقائه السياسي؟ استعرض تحقيق نيويورك تايمز عدداً من المشاهد التي تعكس حرص نتنياهو على بقاء ائتلافه السياسي قائماً حتى على حساب إطالة أمد الحرب في غزة، والتي توافق بعضاً منها مع ما رصدته صحيفة هآرتس العبرية، ومن أبرز هذه المشاهد: 1- أكتوبر/تشرين الأول 2023: بعد أن شنّت إسرائيل اجتياحاً برياً لقطاع غزة في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ضغطت إدارة الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، وكبار القادة الإسرائيليين على نتنياهو لبدء التخطيط لكيفية حكم غزة بعد هزيمة حماس. ومع ذلك، تجنب نتنياهو مراراً وتكراراً في اجتماعاته مع المسؤولين الأمريكيين مناقشة تفاصيل خطته النهائية في غزة. وعندما التقى مسؤولون دبلوماسيون ودفاعيون أمريكيون متوسطو المستوى بنظرائهم الإسرائيليين، وجدوا أن الحكومة الإسرائيلية منعت الإسرائيليين من مناقشة مستقبل غزة على المدى الطويل. وفي جلسات خاصة، قال الإسرائيليون إن نتنياهو يخشى أن تُزعزع هذه الخطط استقرار ائتلافه، وفقاً لنيويورك تايمز. فالحديث عن خطط ما بعد الحرب يعني مناقشة بدائل فلسطينية لحماس. لكن وزراء مثل وزير المالية اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي، ايتمار بن غفير، رفضوا إعادة غزة إلى أي شكل من أشكال السيطرة الفلسطينية. وقال إيلان غولدنبرغ، مستشار نائبة الرئيس كامالا هاريس لشؤون الشرق الأوسط، والذي شارك في تلك المحادثات: "لم يكن نتنياهو مهتماً بإجراء محادثات جادة تتعلق باليوم التالي. وكان يمنع نظامه بأكمله من القيام بذلك لأنه كان يعلم أن ذلك سيفرض نوعاً من المحادثات حول سيطرة فلسطينية طويلة الأمد على غزة، مما قد يُسقط هذا الائتلاف". 2- أبريل/نيسان 2024: ألغى نتنياهو اتفاق هدنة في غزة كان من شأنه أن يضمن إطلاق سراح ما لا يقل عن 30 من الرهائن الإسرائيليين بسبب تهديد سموتريتش بإسقاط الحكومة. وبحسب نيويورك تايمز، فإن اقتراح الهدنة في غزة الذي أجهضه نتنياهو في أبريل/نيسان من العام الماضي كان سيخلق فرصة لإنهاء الحرب بشكل دائم وإطلاق سراح الرهائن المتبقين، على غرار الاتفاق الذي يجري مناقشته حالياً ضمن محادثات الدوحة. وذكرت نيويورك تايمز أن المضي قدماً في الاتفاق كان من شأنه أن يزيد من فرص التوصل إلى اتفاق تطبيع مع السعودية التي كانت تبدي استعدادها لتسريع محادثات السلام مع إسرائيل إذا انتهت الحرب على غزة. ولكن إنهاء الحرب في ذلك الوقت كان يهدد بإسقاط حكومة نتنياهو، التي تضم وزراء من تيار اليمين المتطرف بقيادة سموتريتش وبن غفير، والذي كان يسعى إلى إنشاء مستوطنات في غزة وتطهير القطاع من أكبر عدد ممكن من سكانه الفلسطينيين. وأبقى نتنياهو خطة الهدنة بعيدة عن حكومته حتى اللحظة الأخيرة، على أمل تمريرها في اجتماع مجلس الوزراء قبل أن يتوفر لشركائه في الائتلاف اليميني المتطرف الوقت الكافي لتنسيق رد بشأنها. وقال التحقيق: "بينما كان مجلس الوزراء يناقش مسائل أخرى، سارع أحد مساعدي نتنياهو إلى قاعة الاجتماعات حاملاً وثيقة تُلخص موقف إسرائيل التفاوضي الجديد، ووضعها بهدوء أمام نتنياهو. قرأها قراءة أخيرة، مُعلقاً على نقاط مُختلفة بقلمه. وكان الطريق إلى الهدنة محفوفاً بالمخاطر، لكنه بدا مُستعداً للمضي قدماً". ولكن قبل أن يتمكن نتنياهو من عرض الاتفاق، دخل سموتريتش الغرفة وأعلن أنه "إذا تم طرح اتفاقية استسلام كهذه، فلن يكون لديك حكومة بعد الآن"، حسبما نقلت الصحيفة الأمريكية عن محاضر اجتماع مجلس الوزراء. وبعد أن أثار رد سموتريتش استياء نتنياهو، اضطر رئيس الوزراء للاختيار بين فرصة الهدنة وبقائه السياسي، وأكد لوزير المالية أن مثل هذه الخطة غير مطروحة على الطاولة. ثم همس رئيس الوزراء بهدوء لمستشاريه الأمنيين قائلاً: "لا تعرضوا الخطة". 3- يوليو/تموز 2024: وخلال المفاوضات التي جرت في شهر يوليو/تموز في روما، وقبل أن يتم تقديم المطالب الإسرائيلية الجديدة رسمياً، كان فريق التفاوض الإسرائيلي يجري محادثات مع الوسطاء حول انسحاب الجيش الإسرائيلي من ممر فيلادلفيا وتركيب آليات أمنية لمنع تهريب الأسلحة من مصر إلى غزة، وفقاً لأحد المسؤولين. إلا أن الوسطاء فوجئوا بسماع نتنياهو بعد ذلك يتحدث علناً عن الحاجة إلى بقاء جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى أجل غير مسمى في الممر. ونقلت تقارير عن مسؤول قوله إن "المفاوضين الإسرائيليين كانوا يقولون للوسطاء شيئاً ما في الغرفة، ثم يقول نتنياهو العكس علناً". وقال مسؤولون أيضاً آنذاك إنه في حين شعر الوسطاء في الربيع بأن حماس هي العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق، فإن الإجماع الحالي هو أن نتنياهو أصبح العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق. 4- أغسطس/آب 2024: وخلال المفاوضات التي جرت في أغسطس/آب 2024، ذكرت تقارير نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين كبار أن نتنياهو رفض منح مفاوضيه مساحة كافية للتوصل إلى اتفاق بشأن الأسرى في غزة ووقف إطلاق النار، رغم تصريحاته مع وزير الخارجية الأمريكي السابق، أنتوني بلينكن، بأنه ملتزم بالتوصل إلى اتفاق. وقبل يومين من عقد جولة مفاوضات في منتصف أغسطس/آب في الدوحة، كشفت وثائق استعرضتها صحيفة نيويورك تايمز أن إسرائيل كانت أقل مرونة في محادثات وقف إطلاق النار. ووفقاً للوثائق، فقد أضافت إسرائيل قائمة بشروط جديدة في أواخر شهر يوليو/تموز إلى وسطاء أمريكيين ومصريين وقطريين. وأوضحت الوثائق أن المناورات التي قامت بها حكومة نتنياهو خلف الكواليس كانت واسعة النطاق، وتشير إلى أن التوصل إلى اتفاق قد يكون بعيد المنال. 5- مارس/آذار 2025: وبحلول مارس/آذار 2025، تغيرت حسابات نتنياهو السياسية مجدداً. وهدد أعضاء الائتلاف اليهودي المتشدد بإسقاط الحكومة، غاضبين من عدم تقديم تنازلات لمجتمعهم في الميزانية الوطنية الجديدة. فيما عرض بن غفير العودة للحكومة بعدما كان قد استقال منها في أعقاب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة في يناير/كانون الثاني 2025، للحفاظ على تحالف نتنياهو، شريطة استئناف الحرب. وفي 18 مارس/أذار 2025، شنّ سلاح الجو الإسرائيلي قصفاً مكثفاً على غزة، منتهكاً بذلك وقف إطلاق النار. وفي اليوم التالي، عاد بن غفير إلى الائتلاف وأُقرّت ميزانية نتنياهو لتنجو الحكومة وتستمر الحرب، وفق ما ذكرت نيويورك تايمز. 6- يونيو/حزيران 2025 وفي يونيو/حزيران، بدا أن جهود نتنياهو للحفاظ على ائتلافه في السلطة قد فشلت عندما بدا أن شركائه في الائتلاف من المتشددين الدينيين على وشك الإطاحة بالحكومة. وقد أثارت مسألة إعفاء طلاب المدارس الدينية من الخدمة العسكرية غضب الأحزاب المتشددة، إذ لم تقم الحكومة بعد بإقرار قانون ينظم ذلك، بعد مرور عام على حكم المحكمة العليا بأن إعفاء طلاب المدارس الدينية من الخدمة العسكرية ليس له أساس قانوني. وفي التاسع من يونيو/حزيران، وقبل يومين من التصويت على مشروع قانون مدعوم من المعارضة لحل الكنيست والدعوة إلى انتخابات مبكرة، استدعى نتنياهو موشيه غافني ــ الذي يقود فصيل "ديجل هاتورا" في حزب "يهودت هتوراة المتحدة" الأرثوذكسي المتطرف ــ لحضور اجتماع في مقر جيش الاحتلال الإسرائيلي في تل أبيب. وفي بداية الاجتماع، طلب نتنياهو من غافني التوقيع على اتفاقية سرية، وبعد ذلك تم إعطاؤه تفاصيل الهجوم الإسرائيلي المخطط له على الأهداف النووية والعسكرية الإيرانية، والذي سيتم إطلاقه بعد أربعة أيام، في 13 يونيو/حزيران. وبحسب نيويورك تايمز، غادر غافني الاجتماع وهو يشتبه في أن نتنياهو ربما كان يحاول التلاعب به للتخلي عن التهديد بحل الحكومة، لكنه كان قلقاً أيضاً من أنه إذا تم تمرير مشروع القانون، فقد يتعارض مع العملية الإسرائيلية المخطط لها في إيران. وفي نهاية المطاف، سحب فصيل "ديجل هاتوراه" دعمه لمشروع القانون الهادف إلى حل الكنيست، والذي فشل في جمع الأصوات الكافية للموافقة عليه. وقال إسرائيل كوهين، معلق إذاعي من أتباع التيار الحريدي ومقرب من غافني: "كانت خطة ضرب إيران هي الشيء الوحيد الذي منع الحريديم من حل الحكومة. وكان بيبي يعلم ذلك".

الحروب 'تكشف عورتها'.. لماذا لا تستطيع إسرائيل تحقيق الهيمنة الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط؟
الحروب 'تكشف عورتها'.. لماذا لا تستطيع إسرائيل تحقيق الهيمنة الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط؟

بوست عربي

timeمنذ 3 أيام

  • بوست عربي

الحروب 'تكشف عورتها'.. لماذا لا تستطيع إسرائيل تحقيق الهيمنة الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط؟

على الرغم من التفوق العسكري الذي مكنته لها الولايات المتحدة على مدار عشرات السنوات، فإن الحروب التي تخوضها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كشفت هشاشتها، وأنها لم تتمكن من تحقيق الهيمنة الإقليمية، رغم أن عمرها كـ"دولة" بلغ 74 عاماً. ومنذ تأسيسها على أنقاض النكبة الفلسطينية عام 1948، تمكنت إسرائيل، بالاعتماد على تفوقها العسكري عبر الدعم الغربي، خاصة الأمريكي ، من ترسيخ نفوذ كبير في المنطقة، لكنه محصور بالنفوذ الأمني حتى الآن. فيما كشفت عملية "طوفان الأقصى"، وما تلاها من حرب على غزة، ومواجهة مع حزب الله في لبنان، وتصعيد كبير مع إيران على جولتين، أن إسرائيل دولة ما زالت غير قادرة على الاعتماد على نفسها، وتواجه طموحاتها لتصبح القوة المهيمنة في الشرق الأوسط عقبات هيكلية وسياسية واجتماعية تتجاوز قدراتها العسكرية. ومؤخراً، وبعد حرب استمرت 12 يوماً مع إيران، زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن "إسرائيل" وضعت نفسها في مصاف القوى العالمية الكبرى. لكن المعطيات تذكر غير ذلك، ومن شواهدها تصريحات رؤساء الولايات المتحدة الذين يتفاخرون بـ"إنقاذ إسرائيل"، كاشفين عورة دولة الاحتلال التي تعتاش على المعونات العسكرية الأمريكية والغربية. وقبل أن يتحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تصريحاته الأخيرة بأنه "أنقذ إسرائيل" بعد حربها على إيران، فقد سبقه الرئيس السابق جو بايدن، بتبني "إنقاذ إسرائيل" بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. هل حققت إسرائيل الهيمنة الإقليمية؟ والهيمنة الإقليمية اصطلاح يُستخدم لوصف دولة ما لديها القدرة على التأثير في نطاق جغرافي أو إقليم محدد، وفي تعريف آخر: هي "دولة تنتمي إلى منطقة محددة جغرافياً، وتهيمن على هذه المنطقة من الناحية الاقتصادية والعسكرية، وقادرة على ممارسة الهيمنة الإقليمية في المنطقة وعلى الصعيد العالمي". يقول البروفيسور الأمريكي ستيفن والت ، إن القوى المهيمنة الإقليمية تتمتع بقوة هائلة مقارنة بجيرانها، لدرجة أنها لم تعد تواجه أي تهديدات أمنية كبيرة منهم، وليس لديها قلق من ظهور منافس حقيقي في أي وقت. وعلى سبيل المثال، أشار والت في مقال على مجلة "فورين بوليسي" إلى نموذج الولايات المتحدة في بداية القرن العشرين، حيث انسحبت القوى العظمى الأخرى من نصف الكرة الغربي، ولم يعد بإمكان أي دولة أو مجموعة في المنطقة أن تضاهي مزيج القوة الاقتصادية والإمكانات العسكرية الأمريكية. وباستثناء أزمة الصواريخ الكوبية، التي تضمنت قيام قوة خارجية (الاتحاد السوفيتي) بإرسال صواريخ نووية إلى نصف الكرة الغربي، لم تواجه الولايات المتحدة أي تحدٍ عسكري كبير من داخل نصف الكرة الغربي منذ أواخر القرن التاسع عشر. وقد سمح هذا الوضع المتميز لواشنطن بتركيز سياساتها الخارجية والدفاعية على أوراسيا، بهدف منع أي قوة أخرى من تحقيق وضع مماثل داخل أي منطقة ذات أهمية استراتيجية. لكن إسرائيل، كما يذكر البروفيسور الأمريكي، لا تستوفي هذا المعيار، مشيراً إلى التحدي الذي يشكله الحوثيون حتى الآن، وكذلك حركة حماس في قطاع غزة، رغم الدمار الهائل الذي ألحقه الجيش الإسرائيلي بالقطاع. ورغم عدم وجود دولة أو تحالف عربي يضاهي إسرائيل اليوم، فإن كلاً من تركيا وإيران تمتلكان قوات عسكرية ضخمة وعدداً سكانياً أكبر بكثير، ويمكن لكل منهما بناء دفاع قوي في حال نشوب حرب شاملة. ما هي أبرز الشواهد على أن إسرائيل ليست دولة ذات هيمنة إقليمية؟ أولاً: حدود قوتها العسكرية في عام 2024، زاد الإنفاق العسكري الإسرائيلي بنسبة 65% ليصل إلى 46.5 مليار دولار، بفعل الحروب التي تخوضها، لتكون هذه الكلفة الحربية هي الأكبر منذ حرب الأيام الستة عام 1967. ورغم هذا الإنفاق الضخم والمتزايد، فإن الهجمات التي شنتها إسرائيل على غزة ولبنان وإيران، لم تتمكن من إضعاف حركة حماس أو حزب الله، اللتين لا تزالان جماعتين تعملان كقوة صامدة ضد إسرائيل. وتشير مجلة " الدبلوماسية الحديثة" إلى أن هجمات يونيو/حزيران 2025 على إيران، على الرغم من تسببها في أضرار جسيمة، لم تتمكن من إيقاف البرنامج النووي الإيراني بالكامل. في هذا الإطار، يقول المحلل العسكري في صحيفة " هآرتس"، عاموس هارئيل، إن الصدمة التي أحدثتها الهجمات على المواقع والصواريخ، واغتيال كبار المسؤولين، ومقتل كبار العلماء النوويين في إيران، قد تدفع المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، إلى التخلي عن "الفتوى القديمة" التي كانت تحرم ظاهرياً إنتاج الأسلحة النووية، كما أن الخشية من هجمات جديدة قد تقابلها غريزة البقاء لدى النظام الإيراني، الذي قد يدرك حاجته إلى الأسلحة النووية للدفاع عن نفسه أكثر من ذي قبل. ورغم أن عقيدة القوة العسكرية الإسرائيلية قامت على ثلاث طبقات أساسية تنسب إلى ديفيد بن غوريون، وهي: الردع، والإنذار، و"النصر الحاسم"، بحسب معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي ، إلا أنها فشلت جميعها بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وبحسب مجلة "الدبلوماسية الحديثة"، فإن إخفاقات إسرائيل منذ 7 أكتوبر، تشير إلى أن القوة العسكرية الإسرائيلية، على الرغم من كونها مدمرة، لا يمكن أن تؤدي إلى هيمنة دائمة، حيث تستمر المقاومة الإقليمية ضدها. ثانياً: الاعتماد على الولايات المتحدة على الرغم من قوتها العسكرية، تعتمد إسرائيل اعتماداً كبيراً على دعم الولايات المتحدة وأوروبا. وتقول مجلة " فورين بوليسي"، إنه على مدى عقود، ورغم التقدم المطرد في التكنولوجيا العسكرية والتدريب وجمع المعلومات الاستخبارية، اعتمدت إسرائيل بشكل حاسم على تحالفها مع الولايات المتحدة في معظم نجاحها. وعندما سئل خبير العلاقات الدولية في جامعة حيفا، بنيامين ميلر ، عما إذا كانت إسرائيل قادرة على الاستغناء عن الدعم الأمريكي، أجاب بكلمة واحدة: "لا". وتتلقى إسرائيل 3.8 مليارات دولار سنوياً كمساعدات أمريكية عسكرية ، أما على الساحة الدولية، فإن الدعم السياسي غير متناهٍ في المؤسسات الأممية، وخاصة الأمم المتحدة. في هذا الإطار، يوضح ميلر أن الولايات المتحدة "إذا أوقفت دعمها في مجال التسلح، فستُشكّل هذه مشكلة كبيرة لإسرائيل". وبفضل حق النقض (الفيتو) الذي تتمتع به الولايات المتحدة في مجلس الأمن لصالح إسرائيل، أُحبطت عدة قرارات تتعلق بوقف إطلاق النار في غزة خلال الأشهر القليلة الماضية وحدها. وهذا الاعتماد يخلق ضعفاً استراتيجياً، فإذا انخفض الدعم الغربي، إما بسبب التغيرات في السياسات الداخلية الأمريكية أو الضغط العالمي لمحاسبة إسرائيل على انتهاكات حقوق الإنسان، فستفقد إسرائيل قدرتها على الحفاظ على وضعها الحالي، بحسب المجلة. ويشدد الخبير الأمريكي والت، أن القوة المهيمنة الإقليمية الحقيقية لا يتعين عليها الاعتماد على الآخرين للهيمنة على جوارها، وإسرائيل تفعل ذلك. كما تتطلب الهيمنة الإقليمية الحقيقية الاكتفاء الذاتي الاستراتيجي، وهو ما تفتقر إليه إسرائيل. علاوة على ذلك، فإن الإجراءات العدوانية مثل عملية "الأسد الصاعد" تزيد من خطر جرّ الولايات المتحدة إلى صراع أوسع، مما قد يقلل من الدعم الغربي. ويُظهر هذا الهشاشة أن إسرائيل، بدلاً من أن تكون قوة مهيمنة، تعمل بشكل أكبر كلاعب معتمد على القوى الأجنبية، بحسب مجلة "الدبلوماسية الحديثة". ثالثاً: الافتقار إلى الشرعية الإقليمية يذكر الخبير الأمريكي والت، أن الهيمنة الإقليمية الدائمة تتطلب من الدول المجاورة قبولاً بمركز القوة المهيمنة، وإلا ستظل الأخيرة قلقة من تجدد معارضتها في المنطقة، وستُجبر على اتخاذ إجراءات مضادة. وأوضح أن هذه سمة حسن الجوار غير موجودة مع إسرائيل، كما أن النفوذ المتزايد للقوى اليمينية والمتطرفين فيها يضعف من احتمالية ذلك. كما أن احتلال الضفة الغربية وشرق القدس وحرب غزة وقمع الفلسطينيين، التي أدانتها منظمات حقوق الإنسان باعتبارها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، قد صورت إسرائيل كقوة قمعية. ولم تُغضب هذه السياسات الفلسطينيين فحسب، بل منعت أيضاً دول المنطقة، بما في ذلك الجهات الفاعلة القوية مثل تركيا وقطر، من قبول إسرائيل كقوة مهيمنة، وإقامة علاقات معها. وبحسب مجلة "الدبلوماسية الحديثة"، فإنه حتى الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، تحافظ على هذه العلاقات إلى حد كبير لأسباب معينة وتحت ضغط غربي، وليس من باب قبول هيمنة إسرائيل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store