أحدث الأخبار مع #بمعهدالمعلمين

سعورس
١٤-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- سعورس
حسين نجار.. صوت إذاعي من الزمن الجميل
لقد تفتحت آذاننا على الإذاعة السعودية في السبعينيات الهجرية ومابعدها، وسعدنا بقضاء أوقات من المتعة والجمال والثقافة الرفيعة مع برامجها يوم كانت الإذاعات تتسيد المشهد الإعلامي قبل انتشار التلفزيون، وتعيش عصرها الذهبي ببرامجها التنويرية والثقافية، وظلت كذلك لفترات محتفظة بوهجهها وجاذبيتها التي لاتقاوم. وترتبط شهرة الاستاذ الدكتور (حسين نجار) في الإذاعة ببرامجه الاجتماعية والثقافية، وفي ظني أن كل البرامج التي قدمها حسين نجار، ماكان لها أن تحقق ماحققته من رواج وشهرة إلا بفضل الله، ثم بفضل عدة عوامل من أهمها ارتباطها بصوته الهادئ الرصين الواضح النبرات الذي يجذب المستمع للانصات إليه بشغف شديد ومتعة حقيقية، ترفدها ثقافة عالية وحب للعمل، فضلا عن تمكُّن ومستوى رائع ورفيع في اللغة العربية. اسمه الكامل حسين محمد بن يعقوب نجار، ولد بمكة المكرمة عام 1363ه الموافق 1944م، ولدخوله بوابة الإذاعة السعودية قصة تروى: فقد كان شغوفاً بالإذاعة المدرسية منذ أن كان طالبا في المرحلة الابتدائية، وكانت موهبته محل إعجاب مدرسيه وزملائه، وكان يتم اختياره ليشارك في تقديم بعض فقرات الحفلات الختامية السنوية التي جرت العادة على إقامتها سنويا في المدارس. وكان عام 1964 نقطة تحول كبير في حياته حين شارك في تقديم بعض الفقرات في حفل رياضي في مكة المكرمة ، وكان من بين الحضور الاستاذ زاهد قدسي المعلم والتربوي القدير والمعلق الرياضي المعروف الذي أحسَّ بأن هذا الشاب يملك موهبة اذاعية تسندها لغة عربية سليمة وصوت جهير، فذهب به إلى الإذاعة في بداية العام 1965.. فعمل بها متعاونا، ثم موظفا بها بعد أن نقلت خدماته إليها من وزارة المعارف وكان برنامج[ حدائق منوعه]، أول برنامج يقدمه عبر إذاعة البرنامج الثاني، كما قدم عبر سنوات عمله العديد من البرامج الثقافية والعلمية والاجتماعية،اضافة لتقديم نشرات الأخبار الرئيسية والتغطيات الإعلامية البارزة، وبعد تقاعده استمر في العمل الاذاعي ومحاضرا متعاونا مع معهد الإدارة العامة في مدينة جدة ، وكلية الإتصال والإعلام بجامعة الملك عبد العزيز والمركز العربي للتدريب الإذاعي والتلفزيوني في دمشق وجهاز إذاعة وتلفزيون الخليج. ولعلنا نقول إن آلاستاذ حسين نجار أحد العصاميين الذين عملوا بجد واجتهاد ودون كلل من أجل الوصول إلى الهدف المنشود مهما طال الزمن، وازدادت العقبات؛ فمَنْ جَدَّ وَجَدْ، ومَنْ زَرَعَ حَصَدْ، ومن سارَ على الدّرْبِ وَصَلْ"، وبعد أن أتم المرحلة الابتدائية، التحق بالمدرسة المتوسطة، ولكنه غادرها بعد السنة الأولى، والتحق بمعهد المعلمين بمكة المكرمة ، وبعد تخرجه من المعهد، عمل معلما لمادة اللغة العربية في نفس المدرسة التي تخرج منها، ثم واصل دراسته في الفترة المسائية وأصبح معلما نهارا وتلميذا ليلا، وأكمل تعليمه الثانوي والجامعي حتى تخرج من جامعة الملك عبد العزيز تخصص إدارة أعمال، ثم ابتعث للدراسة في أمريكا والتحق بجامعة "ميزوري" وحصل منها على الماجستير والدكتوراة. يقول عنه زميله الاذاعي القدير الأستاذ عدنان صعيدي في كتابه «على موجة طويلة»: حسين نجار وُلِد مذيعًا بما وهبه الله من صوت ملفت مميز، وهو ممَّن يستطيع أن يدخل الإستديو دون نص، ولم أره يومًا في النقل المباشر للصلوات، والمناسبات يقرأ من ورقة، بل يرتجل بتمكن صوتًا وأداءً ولغة. ويصفه الدكتور عبدالله المغلوث قائلا :" إنه كوب القهوة الوحيد الذي أرتشفه من دون سكر، إنه الصوت الذي يسافر معنا إلى كل مكان منذ 15 عامًا، و يملؤنا طمأنينة وهو يتلو دعاء السفر بخشوع، على متن طائرات الخطوط السعودية كلما ربطنا الحزام ورفعت الطائرة أصابعها عن الأرض واتجهت نحو السماء. إنه الصوت المهيب الذي يأتي في تمام الساعة الثامنة وأربعين دقيقة مساء كل اثنين وأربعاء وخميس على موجات إذاعة البرنامج الثاني، يعمل 11 ساعة متواصلة منذ 5 عقود دون تبرم، دون أن تفارقه ابتسامته التي تحول ثغره إلى غابة لؤلؤ. وعن الدور الكبير الذي لعبه رواد العمل الإعلامي من الأدباء والمثقفين في مد يد العون له ولزملائه، يقول حسين نجار: لقد كنا ننهل من معينهم، ونستفيد من ثقافتهم الموسوعية، فلا يضيقون بكثرة استفساراتنا واستشاراتنا، لذا فإني استشعر الشموخ الكبير أمام هؤلاءالرواد، الذين شجعونا، فتحولت الإذاعة إلى خلية نحل من الأدباء والفنانين الذين يبذلون الوقت والجهد حرصًا على إرضاء المستمع. حفظ الله الأستاذ الدكتور حسين نجار الرجل العصامي الذي أحب عمله، وأخلص له في كل موقع.


موقع كتابات
٢٣-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- موقع كتابات
الناقد عبد علي حسن… واعادة تشكيل الوعي السردي
في المشهد الثقافي العراقي، يقف عبد علي حسن بوصفه أحد أبرز النقاد الذين مزجوا بين الممارسة الثقافية الميدانية والرؤية النقدية المتعمقة، فشكل حضورًا دائمًا في المنتديات الأدبية، وترك أثرًا ملحوظًا في تطوير الذائقة النقدية والنصوص السردية على حد سواء. ولد عبد علي حسن في مدينة الحلة، محلة الكلج في الصوب الصغير، بتاريخ 19 كانون الأول 1951، ونشأ في بيئة مدينة عرفت بعمقها الثقافي وتنوعها المعرفي. وبعد اجتيازه المراحل الدراسية، التحق بمعهد المعلمين في بغداد وتخرج فيه عام 1972 بدبلوم تربية، ليبدأ بعد ذلك مشوارًا طويلًا في التعليم والعمل التربوي امتد لأكثر من ثلاثة عقود، من عام 1975 حتى 2014، تخللته مسؤوليات عديدة أبرزها إشرافه على الشؤون الأدبية والثقافية في مديرية النشاط المدرسي في بابل. لكن نشاط عبد علي حسن لم يقتصر على التعليم أو الوظيفة، بل اتسع ليشمل مشاركات نقدية وفكرية غزيرة بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث نشر دراسات ومقالات نقدية في صحف ومجلات عراقية وعربية مرموقة، من بينها 'طريق الشعب'، 'الصباح الجديد'، 'الاتحاد الثقافي'، 'الأقلام'، 'متون'، 'فنارات'، 'شرفات'، و'الرقيم'. وقد كان لهذه الكتابات أثر كبير في تثبيت موقعه بين أبرز النقاد الذين تعاملوا مع النص السردي العراقي بعين تحليلية واعية، وبتقنيات قراءة متطورة. ينتمي عبد علي حسن إلى جيل من النقاد الذين يرفضون أن تكون العلاقة بالنص علاقة تقليدية أو وصفية، بل يصرّ على أن تكون العلاقة ديناميكية، حوارية، تتكئ على تأويلات متعددة وعلى تفكيك البنى العميقة في النص. ويمكن تتبع هذه النزعة في عناوين مؤلفاته، التي تعكس انشغاله الجاد بالتحليل والتأويل: الدراما والتطبيق (2010)- تحولات النص السردي العراقي (2012)- سرد الأنثى (2015)-الشاهد والمشهود (2016)- سلطة القراءة (2020)- وهم المرجع في المتخيل السردي العراقي (2023) تتناول هذه الكتب قضايا إشكالية في النصوص السردية العراقية، وتؤشر إلى تحولات فنية وجمالية في الكتابة، خاصة في مرحلة ما بعد 2003، حيث ظهرت اتجاهات سردية جديدة تطلّب التعامل معها بأدوات نقدية غير تقليدية، وهو ما حاول عبد علي حسن تقديمه ضمن مشروع نقدي متكامل. إن ما يميز رؤيته النقدية هو اشتغاله المتواصل على 'سلطة القراءة' بوصفها فعلاً إبداعيًا موازيًا لفعل الكتابة، أي أنه لا يرى الناقد مجرد متلقٍ، بل شريكًا في إنتاج المعنى، وفاعلًا في تحويل النص من مدونة مغلقة إلى فضاء مفتوح للتأويل. ولعل هذا ما جعله يتخذ موقفًا نقديًا شجاعًا من بعض المفاهيم الراسخة، مثل 'المؤلف المرجع'، ويفكك العلاقة بين المرجعي والمتخيل في الأدب العراقي، كما في كتابه الأخير. وهو يرى أن النص النقدي هو نص إبداعي يتضمن رؤية أو وجهة نظر، وأن الناقد يتجاوز متابعة أثر الآخر انطباعًا أو تذوقًا، إلى تفعيل المنهج باتجاه تخليق رؤية نقدية عبر تحليل النص وفق ما تسمح به موجهات المنهج المتبع. حصل عبر مسيرته الثقافية على جوائز مرموقة في مجال كتابة النص المسرحي، أبرزها الجائزة الأولى من بيت الحكمة (2008)، ومن اتحاد الأدباء العراقيين (2010)، كما كانت مجموعته المسرحية الشاهد والمشهود موضوعًا لأطروحة ماجستير في جامعة البصرة عام 2015، وهو ما يدل على الحضور الأكاديمي لمنجزه الإبداعي. وعلى صعيد النشاط الثقافي، شارك في عدد من أبرز المهرجانات والمؤتمرات الأدبية في العراق، منها مهرجان المربد لأربع دورات، مؤتمر الرواية في البصرة (الدورتان الأولى والثانية)، مؤتمر القصة القصيرة جدًا في النجف 2023، مهرجان الجواهري 2019، وغيرها من الفعاليات التي كان فيها صوتًا نقديًا لافتًا، ومشاركًا نشطًا في حوارات الثقافة العراقية. ويحظى باحترام واسع بين أوساط الأدباء والباحثين، نظرًا لموسوعيته واتزانه وسعة اطلاعه، كما أن انتماءه إلى عدة هيئات ثقافية ـ كاتحاد الأدباء العراقيين، ورابطة النقاد، ونقابة الفنانين ـ عزز من تأثيره في الساحة الثقافية.