logo
الناقد عبد علي حسن… واعادة تشكيل الوعي السردي

الناقد عبد علي حسن… واعادة تشكيل الوعي السردي

موقع كتابات٢٣-٠٤-٢٠٢٥

في المشهد الثقافي العراقي، يقف عبد علي حسن بوصفه أحد أبرز النقاد الذين مزجوا بين الممارسة الثقافية الميدانية والرؤية النقدية المتعمقة، فشكل حضورًا دائمًا في المنتديات الأدبية، وترك أثرًا ملحوظًا في تطوير الذائقة النقدية والنصوص السردية على حد سواء.
ولد عبد علي حسن في مدينة الحلة، محلة الكلج في الصوب الصغير، بتاريخ 19 كانون الأول 1951، ونشأ في بيئة مدينة عرفت بعمقها الثقافي وتنوعها المعرفي. وبعد اجتيازه المراحل الدراسية، التحق بمعهد المعلمين في بغداد وتخرج فيه عام 1972 بدبلوم تربية، ليبدأ بعد ذلك مشوارًا طويلًا في التعليم والعمل التربوي امتد لأكثر من ثلاثة عقود، من عام 1975 حتى 2014، تخللته مسؤوليات عديدة أبرزها إشرافه على الشؤون الأدبية والثقافية في مديرية النشاط المدرسي في بابل.
لكن نشاط عبد علي حسن لم يقتصر على التعليم أو الوظيفة، بل اتسع ليشمل مشاركات نقدية وفكرية غزيرة بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث نشر دراسات ومقالات نقدية في صحف ومجلات عراقية وعربية مرموقة، من بينها 'طريق الشعب'، 'الصباح الجديد'، 'الاتحاد الثقافي'، 'الأقلام'، 'متون'، 'فنارات'، 'شرفات'، و'الرقيم'. وقد كان لهذه الكتابات أثر كبير في تثبيت موقعه بين أبرز النقاد الذين تعاملوا مع النص السردي العراقي بعين تحليلية واعية، وبتقنيات قراءة متطورة.
ينتمي عبد علي حسن إلى جيل من النقاد الذين يرفضون أن تكون العلاقة بالنص علاقة تقليدية أو وصفية، بل يصرّ على أن تكون العلاقة ديناميكية، حوارية، تتكئ على تأويلات متعددة وعلى تفكيك البنى العميقة في النص. ويمكن تتبع هذه النزعة في عناوين مؤلفاته، التي تعكس انشغاله الجاد بالتحليل والتأويل:
الدراما والتطبيق (2010)- تحولات النص السردي العراقي (2012)- سرد الأنثى (2015)-الشاهد والمشهود (2016)- سلطة القراءة (2020)- وهم المرجع في المتخيل السردي العراقي (2023)
تتناول هذه الكتب قضايا إشكالية في النصوص السردية العراقية، وتؤشر إلى تحولات فنية وجمالية في الكتابة، خاصة في مرحلة ما بعد 2003، حيث ظهرت اتجاهات سردية جديدة تطلّب التعامل معها بأدوات نقدية غير تقليدية، وهو ما حاول عبد علي حسن تقديمه ضمن مشروع نقدي متكامل.
إن ما يميز رؤيته النقدية هو اشتغاله المتواصل على 'سلطة القراءة' بوصفها فعلاً إبداعيًا موازيًا لفعل الكتابة، أي أنه لا يرى الناقد مجرد متلقٍ، بل شريكًا في إنتاج المعنى، وفاعلًا في تحويل النص من مدونة مغلقة إلى فضاء مفتوح للتأويل. ولعل هذا ما جعله يتخذ موقفًا نقديًا شجاعًا من بعض المفاهيم الراسخة، مثل 'المؤلف المرجع'، ويفكك العلاقة بين المرجعي والمتخيل في الأدب العراقي، كما في كتابه الأخير.
وهو يرى أن النص النقدي هو نص إبداعي يتضمن رؤية أو وجهة نظر، وأن الناقد يتجاوز متابعة أثر الآخر انطباعًا أو تذوقًا، إلى تفعيل المنهج باتجاه تخليق رؤية نقدية عبر تحليل النص وفق ما تسمح به موجهات المنهج المتبع.
حصل عبر مسيرته الثقافية على جوائز مرموقة في مجال كتابة النص المسرحي، أبرزها الجائزة الأولى من بيت الحكمة (2008)، ومن اتحاد الأدباء العراقيين (2010)، كما كانت مجموعته المسرحية الشاهد والمشهود موضوعًا لأطروحة ماجستير في جامعة البصرة عام 2015، وهو ما يدل على الحضور الأكاديمي لمنجزه الإبداعي.
وعلى صعيد النشاط الثقافي، شارك في عدد من أبرز المهرجانات والمؤتمرات الأدبية في العراق، منها مهرجان المربد لأربع دورات، مؤتمر الرواية في البصرة (الدورتان الأولى والثانية)، مؤتمر القصة القصيرة جدًا في النجف 2023، مهرجان الجواهري 2019، وغيرها من الفعاليات التي كان فيها صوتًا نقديًا لافتًا، ومشاركًا نشطًا في حوارات الثقافة العراقية.
ويحظى باحترام واسع بين أوساط الأدباء والباحثين، نظرًا لموسوعيته واتزانه وسعة اطلاعه، كما أن انتماءه إلى عدة هيئات ثقافية ـ كاتحاد الأدباء العراقيين، ورابطة النقاد، ونقابة الفنانين ـ عزز من تأثيره في الساحة الثقافية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حامد الشمري : شاعر العمود ومترجم القصيدة العالمية
حامد الشمري : شاعر العمود ومترجم القصيدة العالمية

موقع كتابات

timeمنذ 4 أيام

  • موقع كتابات

حامد الشمري : شاعر العمود ومترجم القصيدة العالمية

في مشهدٍ شعريٍّ تتنازعه الحداثة والتقليد، يقف الشاعر والمترجم حامد خضير الشمري شامخًا كجسر يربط بين الضفاف، شاعرًا يكتب العمود برشاقة العارف، ومترجمًا ينهل من ينابيع الشعر العالمي ليقدّمه لقارئه العربي بحرفية المحترف وذائقة العاشق. ولد الشمري في مدينة الحلة – ناحية أبو غرق بتاريخ 1 تموز 1956، وفيها أكمل مراحل دراسته الأولى، ثم التحق بكلية الآداب – قسم اللغات الأوروبية، فدرس الإنكليزية والألمانية وتخرج عام 1980، واضعًا بذلك لبنة أساسية في مشروعه المزدوج: الشعر والترجمة. منذ تسعينيات القرن الماضي، لم يكن الشمري مجرد شاعر يكتب في عزلته، بل كان فاعلًا في المشهد الثقافي العراقي، إذ انتمى إلى اتحاد الأدباء والكتاب في بابل عام 1993، وأسهم بتأسيس جمعية الرواد الثقافية المستقلة، كما شغل مناصب تحريرية وثقافية أبرزها نائب رئيس تحرير مجلة 'أهلة'، ومسؤول القسم الثقافي في صحيفة 'الإقليم '. وشارك في عشرات المهرجانات الشعرية داخل العراق وخارجه، منها مهرجان المربد ومهرجان الجواهري ومهرجانات الحشد الشعبي، ومثّل العراق في مهرجانات دولية مثل مهرجان البيان في إيران ومهرجان الإسكندرية للشعر العربي. ينتمي حامد الشمري إلى مدرسة الشعر العمودي، ويُعدّ من الشعراء الذين أخلصوا للوزن والقافية دون أن يتقوقعوا في قوالب جامدة. في مجموعاته الشعرية، مثل 'نقوش على كوفية أبي جهل' و'قاطع الأحجار و'مرويات شيخ البادية'، يقدّم قصيدة متينة البناء، مشبعة بالتأمل، ثرية بالصور، تتكئ على إرث شعري عميق لكنها لا تنزلق إلى التقليد المجرد. يرى النقاد في شعره امتدادًا واعيًا للعمود العربي، ويثنون على قدرته على المواءمة بين الرؤية الفكرية واللغة الشعرية، ويشيرون إلى امتلاكه صوتًا خاصًا يتجنب النمطية، بل يتجدد في الثيمة والأسلوب مع الحفاظ على جمالية الإيقاع. في مجال الترجمة، يُعد حامد الشمري من أبرز من نقلوا الشعر العالمي إلى العربية. تميز بترجماته الشعرية التي لم تكتفِ بالنقل اللغوي، بل سعت إلى نقل روح القصيدة. نذكر من أعماله في هذا الباب: قصائد حب عالمية' (199) – خمائل' و'فراديس'، وهما مختارات شعرية عالمية. أنا أخماتوفا' (2023)، وهو كتاب يقدّم ترجمات منتقاة من الشاعرة الروسية الشهيرة. كما ترجم أعمالًا عراقية وعربية إلى اللغة الإنكليزية، من بينها 'نقوش على أسوار بابل '. . لم تمرّ مسيرته دون تقدير، فقد حصل على درع الإبداع (2012)، ودرع بغداد (2015) من منظمة الكلمة الرائدة، إضافة إلى العديد من الشهادات التقديرية التي تكرّم دوره كشاعر ومثقف ومترجم. وحامد الشمري ليس مجرد اسم في قائمة الشعراء أو المترجمين، بل هو شخصية ثقافية متعددة الوجوه، حافظ على جماليات العمود الشعري في زمن الميل إلى التفكيك، وفتح النوافذ على العالم عبر ترجمات راقية. إنه باختصار صوت أصيل من الحلة.. ونافذة مشرعة على العالم. ومن شعره هذه القصيدة الرائعة: كفاكَ صمتا فإني كدت أنفجر فهل بصدرك قلب أم به حجر أحوم حولك ظمأى الروح من كبَتٍ والحب ينثر أشلائي فأستعر قد كان ثلجك نارا في دمي اندلعت فافتح ذراعيك علي فيك أنصهر أشم ريحك عن بعد ويطربني في هدأة الليل سرا صوتك العطر ما زال قلبي كالصحراء قاحلة فاسكب رضابك حتى يهطل المطر أومئ بكفك تأتِ الروح طائعة وكل ما فيَّ منك الأمرَ ينتظر وأنت سجادتي في كل نافلة وأنت في الليلة الظلماء لي قمر أنا الأميرة إن شرفت مملكتي وقصيدته هذه تنتمي إلى شعر الغزل العاطفي، وهي مكتوبة على البحر الكامل، ويبدو من نَفَسها العاطفي أنها نُظمت بلسان أنثوي متكلم، تتوجه بالخطاب إلى محبوبٍ تترنح مشاعرها على أعتاب صمته وبروده. فهي صرخة وجدانية تمزج بين العتب والشوق والانجذاب الكلّي، إذ تبدأ بنداء صريح: ' كفاك صمتًا فإني كدت أنفجر، لتعبّر عن حالة احتقان شعوري أوشك على الانفجار، نتيجة صمت الطرف الآخر. وتزخر ابياتها بصور تشبيهية واستعارية حسية: أحوم حولك ظمأى الروح' و'الحب ينثر أشلائي' تصويران يعكسان شدة التعلق والتشتت. ثلجك نار' و'فيك أنصهر' تنقل تقلبات شعورية متضادة بين البرود والاشتعال. أنت سجادتي… وأنت قمر' فيها إسقاط ديني وعاطفي يوحي بالتقديس والانبهار. . والقصيدة لا تكتفي بالتغني بالمحبوب، بل تؤسس له هالة من السيطرة العاطفية والروحية، فهو الحاكم، وهي الأميرة، وهو القمر، وهي المشتاقة إلى النور. إنها حالة عشق كلي وانقياد إرادي.

الناقد عبد علي حسن… واعادة تشكيل الوعي السردي
الناقد عبد علي حسن… واعادة تشكيل الوعي السردي

موقع كتابات

time٢٣-٠٤-٢٠٢٥

  • موقع كتابات

الناقد عبد علي حسن… واعادة تشكيل الوعي السردي

في المشهد الثقافي العراقي، يقف عبد علي حسن بوصفه أحد أبرز النقاد الذين مزجوا بين الممارسة الثقافية الميدانية والرؤية النقدية المتعمقة، فشكل حضورًا دائمًا في المنتديات الأدبية، وترك أثرًا ملحوظًا في تطوير الذائقة النقدية والنصوص السردية على حد سواء. ولد عبد علي حسن في مدينة الحلة، محلة الكلج في الصوب الصغير، بتاريخ 19 كانون الأول 1951، ونشأ في بيئة مدينة عرفت بعمقها الثقافي وتنوعها المعرفي. وبعد اجتيازه المراحل الدراسية، التحق بمعهد المعلمين في بغداد وتخرج فيه عام 1972 بدبلوم تربية، ليبدأ بعد ذلك مشوارًا طويلًا في التعليم والعمل التربوي امتد لأكثر من ثلاثة عقود، من عام 1975 حتى 2014، تخللته مسؤوليات عديدة أبرزها إشرافه على الشؤون الأدبية والثقافية في مديرية النشاط المدرسي في بابل. لكن نشاط عبد علي حسن لم يقتصر على التعليم أو الوظيفة، بل اتسع ليشمل مشاركات نقدية وفكرية غزيرة بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث نشر دراسات ومقالات نقدية في صحف ومجلات عراقية وعربية مرموقة، من بينها 'طريق الشعب'، 'الصباح الجديد'، 'الاتحاد الثقافي'، 'الأقلام'، 'متون'، 'فنارات'، 'شرفات'، و'الرقيم'. وقد كان لهذه الكتابات أثر كبير في تثبيت موقعه بين أبرز النقاد الذين تعاملوا مع النص السردي العراقي بعين تحليلية واعية، وبتقنيات قراءة متطورة. ينتمي عبد علي حسن إلى جيل من النقاد الذين يرفضون أن تكون العلاقة بالنص علاقة تقليدية أو وصفية، بل يصرّ على أن تكون العلاقة ديناميكية، حوارية، تتكئ على تأويلات متعددة وعلى تفكيك البنى العميقة في النص. ويمكن تتبع هذه النزعة في عناوين مؤلفاته، التي تعكس انشغاله الجاد بالتحليل والتأويل: الدراما والتطبيق (2010)- تحولات النص السردي العراقي (2012)- سرد الأنثى (2015)-الشاهد والمشهود (2016)- سلطة القراءة (2020)- وهم المرجع في المتخيل السردي العراقي (2023) تتناول هذه الكتب قضايا إشكالية في النصوص السردية العراقية، وتؤشر إلى تحولات فنية وجمالية في الكتابة، خاصة في مرحلة ما بعد 2003، حيث ظهرت اتجاهات سردية جديدة تطلّب التعامل معها بأدوات نقدية غير تقليدية، وهو ما حاول عبد علي حسن تقديمه ضمن مشروع نقدي متكامل. إن ما يميز رؤيته النقدية هو اشتغاله المتواصل على 'سلطة القراءة' بوصفها فعلاً إبداعيًا موازيًا لفعل الكتابة، أي أنه لا يرى الناقد مجرد متلقٍ، بل شريكًا في إنتاج المعنى، وفاعلًا في تحويل النص من مدونة مغلقة إلى فضاء مفتوح للتأويل. ولعل هذا ما جعله يتخذ موقفًا نقديًا شجاعًا من بعض المفاهيم الراسخة، مثل 'المؤلف المرجع'، ويفكك العلاقة بين المرجعي والمتخيل في الأدب العراقي، كما في كتابه الأخير. وهو يرى أن النص النقدي هو نص إبداعي يتضمن رؤية أو وجهة نظر، وأن الناقد يتجاوز متابعة أثر الآخر انطباعًا أو تذوقًا، إلى تفعيل المنهج باتجاه تخليق رؤية نقدية عبر تحليل النص وفق ما تسمح به موجهات المنهج المتبع. حصل عبر مسيرته الثقافية على جوائز مرموقة في مجال كتابة النص المسرحي، أبرزها الجائزة الأولى من بيت الحكمة (2008)، ومن اتحاد الأدباء العراقيين (2010)، كما كانت مجموعته المسرحية الشاهد والمشهود موضوعًا لأطروحة ماجستير في جامعة البصرة عام 2015، وهو ما يدل على الحضور الأكاديمي لمنجزه الإبداعي. وعلى صعيد النشاط الثقافي، شارك في عدد من أبرز المهرجانات والمؤتمرات الأدبية في العراق، منها مهرجان المربد لأربع دورات، مؤتمر الرواية في البصرة (الدورتان الأولى والثانية)، مؤتمر القصة القصيرة جدًا في النجف 2023، مهرجان الجواهري 2019، وغيرها من الفعاليات التي كان فيها صوتًا نقديًا لافتًا، ومشاركًا نشطًا في حوارات الثقافة العراقية. ويحظى باحترام واسع بين أوساط الأدباء والباحثين، نظرًا لموسوعيته واتزانه وسعة اطلاعه، كما أن انتماءه إلى عدة هيئات ثقافية ـ كاتحاد الأدباء العراقيين، ورابطة النقاد، ونقابة الفنانين ـ عزز من تأثيره في الساحة الثقافية.

متاهة فرمان : رواية واعية بذاتها.. خضيّر فليّح الزيدي (بنات غائب )طعمة فرمان
متاهة فرمان : رواية واعية بذاتها.. خضيّر فليّح الزيدي (بنات غائب )طعمة فرمان

موقع كتابات

time١١-٠٤-٢٠٢٥

  • موقع كتابات

متاهة فرمان : رواية واعية بذاتها.. خضيّر فليّح الزيدي (بنات غائب )طعمة فرمان

الرابط بيننا هو الفعل الروائي: في 2/10/ 2015، أهداني الروائي خضير فليح الزيدي روايته(فندق كويستان) أثناء مهرجان المربد، وفي ملتقى القصة القصيرة في البصرة بتاريخ 20/ 9/ 2024 أهداني (بنات غائب طعمة فرمان)/ منشورات ميسكلياني/ ط1/ 2023/ تونس. بين الهديتين، لم نلتقِ.. اقتنيتُ رواياته التالية وقرأتها (الباب الشرقي.. الملك في بيجامته.. عمتي زهاوي.. فاليوم عشرة).. (*) الكتابة هي (آخر مقترح لعزاء الكتّاب) يعلنها الروائي خضير الزيدي، في هدب إهداء الرواية لكريمتهُ الصغرى ديمة. وهذا الكلام، ربما لا تفقهه البنت لكنه موّجه لنا من خلالها (*) مع الصفحة الأولى يعلن الروائي عن غرائبية السرد الروائي (على حائط المسجد عُلّقت لا فتة قماش سوداء، خط عليها : يشارك أبطال الرّوايات العربية أبناء عمومتهم من أبطال الرّوايات العراقية الثماني في هذا المصاب الجلل لموت مؤلفها غائب طعمة فرمان، سائلين المولى المغفرة والرحمة لروح الفقيد).. ما بين القوسين هو المهاد الثاني الذي يلجم اعتراض القارئ العادي على ما سوف يقرأ.. فالغرابة هي أهم سمات شخصية هذه الرواية. أما المهاد الأوّل فهو ثريا الرواية (بنات غائب طعمة فرمان).. فأبو سمير وهذه كنية الروائي فرمان لم تكن له ذرية.. لكن القارئ وهو يتوغل في قراءة الرواية، تسطع في ذاكرته تلك المقولة المتداولة (بنات أفكاري) ثم ينقلنا السارد من المتخيل إلى الواقعي : (والحق أنّه لا يوجد فقيد، ولا وفاة مسجّلة رسميّا . فقد أُشبع المؤلف موتاً) ويواصل السارد تقنية المزواجة بين الغرائبي والواقع وحضور المعزين من كافة الطبقات الاجتماعية ..وكل مجموعة ،تدخل مسجد الرحمة تتلو بخشوع على (روح الفقيد الحاضر بشخصه في الصف الأول)!! هذه الصورة السردية تمتلك وسيلة الإقناع حين نتعامل معها كسرديات هلوسة.. وهنا نكون مع أنظمة الوعي الجمعي بمخيلتها الغزيرة الخصوبة: (.. تناقل المُعزّون خارج المجلس أغرب الأخبار مشفوعة بالشائعات، ومنها حضور الغائب ذاته في مجلس عزائه).. (*) تعود قراءتي إلى ما قبل النص، وتحديدا إلى الهدب النصي التالي (يموت الكاتب عندما يُنسى…) وتحته توقيع باسم (غائب) هذا الهدب يكتنز شفرة يوجهها المؤلف الروائي خضيالزيدي إلى فطنة القارئ فهو ليس من المثقفين المنسيين، بل المحظورين في العراق منذ 1979.. اتذكر أنني وصلتني عبر صندوق بريدي، مجلة عربية فيها مقالة للناقد فيصل درّاج عن رواية غائب(المرتجى المؤجل)، لا وجود لمقالة الناقد، إلاّ في فهرس عناوين المقالات، وأنا ابحث متشوقا لقراءة المقال، لمست نتف الصفحات المنتزعة!!. (*) أرى أن المترجم غائب طعمة فرمان، استغل عمر وصحة ومزاج غائب طعمة فرمان . الترجمة مهنة توفر له أسباب الحياة اليومية. لكن الروائي غائب كان يتملص أحيانا من المترجم، وينزوي منفرداً في تصنيع سردية روائية جديدة من جهده. وهنا المشكلة، فالشاعر يستطيع الكتابة في كل الأمكنة، لكن الروائي لابد أن يستعين بالمكان حين يريد أن يكتب عن وطنه العراق. والخريطة الميدانية في تغير مستمر، وجسّد غائب ذلك في رواية (المخاض) فقد اصطدم كريم داود بطل الرواية، حين صعب عليه الوصول إلى بيت العائلة بعد غيبته لسنوات في المنافي.. و(كريم داود) يكاد يكون نسخة طبق الأصل من الروائي غائب طعمة فرمان.. (*) شخصيا أرى أن رواية (آلام السيد معروف) لا أقول تتطابق، بل تتجاور مع حياة الروائي ، كما أنها تختلف عن بقية رواياته، وشخصية السيد معروف بحد ذاتها تحتاج ورشة نقدية، فالشخصية الروائية هنا تجاوزت كافة شخصيات روايات فرمان عراقيا وعربيا. (*) في رواية (بنات غائب طعمة فرمان ) تكون السيادة شبه المطلقة للغرائبي.. وثمة سردية صغرى، تتضح أهميتها في القراءة الثانية للرواية وهذه السردية تنضد ضمن الإشاعات المتداولة وهي (أن كبير تجّار الشورجة السيّد المرحوم عبد الرزاق البير قدار، صاحب مصنع القطن الشهير وهو المقتول غدراً، حضر بذاته.. انتبذ مكانا بجانب المغفور له..).. كل هذه الغرائبية وظيفتها توفير المهاد الثالث، فقد (نقله السيّد جبر الشوك محامي عائلة البيرقدار إلى البنت الصغرى، كي تحضر فوراً إلى البلد، وتشهد بنفسها عودة الغائب إلى بغداد../12) هنا تنتهي المقدمة الروائية لرواية (بنات غائب طعمة فرمان) بقلم خضير فليح الزيدي. بالنسبة لي كقارئ.. في الغرائبي ينطلق الشبح محاولا أن يكون صورة طبق الأصل..( بأن وضع البلاد المتأزم على نحو سرياليّ، قادر على محو الحدود بين الخيالي والواقعي، بين المعقول واللامعقول، بين الحياة والموت../116).. في هكذا أحوالنا لا بد من حضور طيف والطيف نسخة من الروح تظهر وتختفي كنذير ومن الصعوبة مقابلته وتأكد ذلك للكاتب البائس (هاني بارت) حين يقرر مقابلة طيف أو شبح الروائي فرمان، فمن الجنون البحث عنه في بغداد الملتبسة بالتفاصيل والسيارات والستوتات(فليس سهلاً العثور على طيف الروائي الشيخ في فنادق العاصمة والشقق السكنيّة../ 103).. وهناك من يرى وهي رؤية روائيا مشتقة من (المخاض) رواية غائب طعمة فرمان، وهي رؤية (راوندي الرصافة) الغرائبية (غائب هو ذاته(نوري السائق) في رواية المخاض، إن ملامحه تنطبق على نوري السائق صاحب النظّارة../ 119).. لكن نوري سيموت في اليوم التالي. (*) النص الروائي له كينونة مزدوجة، فالروائي يلتقط شخصية ً حقيقية ً، ثم يمزجها بخبرته وتجاربه في الحياة والكتابة، والروائي صانع الكينونة السردية جديراً (بالانتماء إلى رواياته، فيعيش بين ثنايا السرد ما لم يعشه في الواقع وينال من عطايا الخيال مجداً وخلوداً/ 61) وشخوص الروايات لا يُشبهون صورهم إلاّ نادراً وروائيا يتضح الفرق أكثر، ومن أمثلة ذلك( أن سليمة الخبّازة ونوري السّائق ومعروفاً لا تُشبه صورُهم في الخيال أنفسهم في أرض المربعة../20).وهذا الفرق ينطبق على (بنات غائب طعمة فرمان) للروائي خضير فليح الزيدي، فالخيال يتغلب فيها على الواقع، فهو حين يتناول شخصية الشاعر رياض الخفاجي، وقد شغفته حبا دلال البيرقدار..(ثم قال عنها وهو تحت التراب(حلاوتها أكبر مما تحتمله النفس المبتورة وتشتهيه/ 43) !! ما بين القوسين يعترض القارئ العادي عليه، حين يقول السارد (قال عنها وهو تحت التراب).. لكن لا يحق الاعتراض فالأجواء في هذه الرواية، غرائبية من الصفحة الأولى، حين يحضر المرحوم غائب في مجلس العزاء المقام على روحه. (*) حين يقرر غائب طعمة فرمان زيارة وطنه، بعد سقوط الطاغية، علماً أن غائب قد أصبح في ذمة الله منذ 1990، وحين يكلّف المحامي جبر الشوك هاني بارت بالبحث عن غائب، يخبرنا السارد(لبث هاني يُفكر في المهمة المعروضة عليه وقد بدت له عبثيّةً، فكيف له أن يجدّ في البحث عن رجل لا وجود له في الواقع، فالخال غائب على ما يعلمه قد شبع موتا، وما من أحد ٍ يستطيع العثور عليه بين الأحياء../ 90) لكن هاني يعي جيداً أن (الموتى الرموز يُبعثون مجدداً../ 93) أما إذا كانت دلال تبحث عن الروائي غائب فالنصيحة الوحيدة كما خاطبها هاني (أنت ِ تحتاجين حفّار قبور لمهمتك ست دلال وليس لكاتب مغمور. فكيف لي أن أبحث عنه ورفات قبره تلاشى، وعظامه أصبحت رميما في إحدى مقابر موسكو/97) (*) يمكن اعتبار هذه الرواية رواية أشباح، ينفخ خضير الزيدي من روحه الروائية مستحضراً الروائي فرمان، وذلك هو الصحيح حين يخاطب، دلال البيرقدارقائلا: (أنه من الأجدى البحث عن غائب في مخطوطه، ربما يبقى مشروع البحث عنه قائماً من داخل المخطوطة، وهذا أفضل.. 145) الزيدي كتب روايته بدوافع إبداعية خالصة حين نقرأ(بنات غائب طعمة فرمان) سنكون مع غائب (*) في الفصل المعنون(عاصفة الخمسين) يخاطبنا خضير الزيدي من خلال غائب فرمان قائلا (لم تكن تلك الشخصيات من ماء، ولا عُجنت من طين، أو صُنعت بقولي: (كن).. خلقتُ شخصياتي من الصمت، من تلك اللحظة التي تجتمع فيها كل الممكنات../ 115) ثم تكون لهذه الشخصيات حريتها المتمردة حتى على المؤلف ( فقد استطاعت شخصيّات رواياتي الإفلات من ذلك البرزخ الأبيض الذي كنت اسميه ورقا ً).. (*) دلال البيرقدار هي ابنة الوجيه الثري المثقف عبد الرزاق البيرقدار، الذي عثروا على جثته في الطابق الثاني من مصنعه وكان يرتاد المصنع ليلا غائب طعمة فرمان بمعية الفنّان عزيز علي والقاصين إدمون صبري ونزار عباس وحسين مردان وعبد الأمير الحصري ويسهرون على صوت المطرب يوسف عمر.. وماهي أسباب الجريمة..؟ بعد سقوط الطاغية، المحامي جبر الشوك على ضرورة أن تكون في بغداد، بخصوص، مستقبل أملاكها، ومن أجل غوايتها بالتعجيل يخبرها المحامي بسيل من الرسائل : يخبرنا (وإن كل ما حدث هو إعلان مزيّف عن موت المؤلف، فهو حي يرزق وسيزور بغداد قريبا/ 61) (*) دلال هي الوكيل الشرعي عن أفراد العائلة وبدون توقيعها لا يُباع أي عقار من عقارات العائلة، وممثلها القانوني هو المحامي جبر الشوك، وقد جاءت من لندن إلى بغداد لهذا السبب، ودلال بنت الوجيه المثقف كبير تجار الشورجة السيد عبد الرزاق البيرقدار، ودلال عاشقة الروايات العراقية في زيارتها لبغداد عليها أن تقوم بالبحث عن عمها غائب، فهي تعتبره بمثابة عم لها من خلال تواجده مع والدها. ويخبرنا السارد( ولولا معاودتها قراءة رواياته في المهجر، كلما استبدّ بها الحنين إلى بغداد، لما حافظت على متانة علاقتها بالأمكنة البغدادية، ولما شمّت عطرها، ولا نجحت في التمسك بلهجة الرصافة الأثيرة على نفسها../ 72) ما بين القوسين يستحق المساءلة، بعد روايتيه الأولى (النخلة والجيران) و(خمسة أصوات) تغيرت ملا مح بغداد، واشتغل الروائي على الجغرافية المتغيرة للمدينة، في (المخاض) من خلال شخصية (كريم داود) العائد من الغربة، والباحث عن بيت عائلته، فلا يجد البيت بسبب تهديم الأمكنة وبناء أمكنة أخرى وشوارع مسحت الأزقة والمحلات والمباني القديمة ولهذه الأسباب لم يلتق كريم بأبويه وبقية العائلة، وكذا الحال في رواية(القربان) و(ظلال على النافذة) أن الروائي غائب طعمة فرمان، يتحدث عن أمكنة بغدادية لم يعد لها وجود.. وحتى اللهجات لم تعد على حالها فهي عرضة. يبدو من خلال كل هذا، ان المرأة المترفة دلال البيرقدار، تعاني من (تثبيت السعادة) ويتفق معنا في ذلك هاني بارت حين يقول لدلال عن زمن غائب فرمان (زمانه انتهى. علينا أن نؤمن بالكتّاب الجدد، جيل المأساة الراهنة ، إنهم يكتبون عراق اليوم.137) (*) بعد قدومها إلى العراق، وحجزَ لها المحامي جبر الشوك ،جناحا خاصاً في فندق تتوفر فيه كل متطلبات الرّاحة والسكينة وأستأجر أفراداً تابعين لشركةٍ متخصصة ٍ في حماية الشخصيات بمبلغ كبير ليضمن أمن المرأة الجامعة بين الجمال والثراء وقد أوصوها حراسها (بالتزام الصمت التام، وألا تتكلم فالكلام قد يكشف هوّيتها ويُحولها إلى صيد ثمين يتربص به المُتربصون ومن الممكن أن يسألها أحد الفضوليّين عن عشيرتها، فتتلعثم ويفتضح أمرها، وتلك مصيبة كبرى. فالسؤال عن القبيلة في هذه الأيام المنحوسة صار خطراً لا يعيه العفويّون../ 72) لا أدري بعد كل هذه المعلومات، هل من الممكن لذاكرة (دلال) أن تنزوي في بغداد الخمسينات؟! والعراق مستباح بالتفخيخ والقتل على الهوية..؟ وحين تغادر الفندق خلسة وتقصد منطقة المربعة بحثا عن العم غائب فرمان، هنا تباغتها صدمة التلقي التي واجهت كريم داود بطل رواية (المخاض)…وأثناء بحثها ستدرك حجم التغيّر العمراني في المنطقة (كثرة المخازن والمحال حوّلت المربّعة من حي سكنيّ إلى حي تجاري صرف. والنخلة ما عاد لها وجود، حتى الجيران الذين كانوا رموزاً غابوا وغاب أثرهم..) و سؤالي كقارئ: لماذا الذين يغادرون العراق يريدونه أن يبقى مثلما كان قبل أن يتركوه، وكأن على العراق أن يبقى محافظا على معالمه الراسخة في ذاكراتهم؟ وهؤلاء أنفسهم ألم تتغير أحوالهم وطبائعهم بمؤثرية البلدان التي قصدوها؟ ألا يتابعون ما جرى على العراق وأهله وبيوته، عبر وسائل الإعلام ؟ والمضحك أن دلال تريد أن تلتقي غائب فرمان بهذا المكان تحديدا، كأنها على موعد معه !! هنا تظهر سذاجة دلال.. قضيتان جاءت من أجلهما دلال إلى بغداد: بيع عقارات العائلة، و(أن تجد غائب طعمة فرمان وتسلمه ُ الأمانة/ 76) والأمانة هي مخطوطة لغائب في حوزتها. ضمن قراءتي التي ترى أن السرد مع الثلث الأخير من ص78 حتى ص87 ظهرت عليه معالم الترهل (*) الرواية مع ظهور شخصية( هاني بارت)، انعطف مسارها نحو فضاءً أوسع من العلاقة بين مصالح دلال والمحامي الداهية جبر الشوك، فتكون مهمة هاني بارت البحث عن طيف غائب إذن المهمة شبه مستحيلة كيف له (العثور على طيف الروائي في فنادق العاصمة والشقق السكنية ومناطق المربعة وشارع الرشيد، ولا سبيل للعثور عليه في عاصمة أفقية يتزايد سكانها بالانشطار الأفقي الهائل../103) تتوقف قراءتي عند مفردة (طيف) تعني رؤية غير المرئي، وتكرار هذه الرؤية، والطيف هو من بنات المخيلة، ولا تكون رؤية جماعية بل فردية، وفي حالة استطاع رؤية الطيف، فهو لا يمتلك بينة ً يقنع بها دلال والمحامي جبر الشوك، والبحث عن شبح لا تخلو من طرافة: (وإنّه من الطريف أن أبحث عن شبح../100). (*) هذه النقلة ضمن الفضاء الروائي، التي يقود القارئ فيها هاني بارت، لا تخلو من ترهل في السرد، حين يشغل القارئ بالكلام عن جمعية (بيتنا ونلعب به) من ص101 إلى ص 105.. لكن مهارة صنع السرد ستكون منشغلة بشخصية هاني والغوص فيها، للكشف عن مؤثرية دلال بجمالها وأناقتها وتمويلاتها المالية له، فحين تعطيه (2000) دولار وتعده بمثلها في حال العثور على غائب، يخاطبها هاني شكراً ست هذا المبلغ أكثر مما حلمت به طوال عمري، إني لا أعرف كيف أتصرف بهذه الثروة. تجيبه دلال: وهل تسمّي هذا المبلغ البسيط ثروة؟ يقول هاني : بل أعظم ثروة في تاريخ بارت وجمعيته../ 110) وسيكون لها تأثيرا عليه (لقد فقدت التوازن بعدما استلمت الدولارات. هذا الأمر بالذات هو مشكلتي../ 111) وصار انشغاله الفكري مضطربا ويبدو أن الإفلاس يحقق استقراره النفسي وتوازنه السّلوكي.ثم صار يبث أسئلة حول سبب اهتمام دلال بالروائي غائب : (1) لماذا تبحث دلال عن شبح رجل ميّت ؟ (2) وأي سر وراء إصرارها المفرط وغير المبرر؟ (3) وأي أمر ٍ هذا الذي من أجله تشغل فكرها، وتهمل مصالحها، وتنفق مالها؟ (4) والغريب أنّها تبدو متيقنة من وجود الروائي الميت، فمن أين لها هذا اليقين؟ بعد هذه الأسئلة تحدث نقلة نوعية في الرواية، من البحث عن شبح غائب إلى إحياء غائب، فهي في بحثها عنه تريد أن تعيد إليه أمانة ً: (مخطوط الرواية غير المكتملة) والمخطوط يعود إلى غائب (لكنّها لم تخبرهُ بأنها بطلة تلك الرواية، وبأن موضوعها هو، ما جرى لها ولأختيها بعد وفاة أبيها../131). بخصوص المخطوط: يسألها هاني (هل من الممكن أن نشتغل على تحرير الرواية/ 127) فترد عليه دلال أن مهمة التحرير أصعب من مهمة البحث عن غائب. مع المخطوط سيتوسع الفضاء الروائي ( هاني، غداً سأحتاج إليك في مهمة إضافية. سترافقني لزيارة أمكنة خاصة في بغداد كنت قد سمعتُ بها)، و كذلك تتقلص المسافة بين الفقر المدقع: هاني/ الثراء الباذخ : دلال ستصير هي (دلّو) و هاني ..(هنّو) وهناك الحفلة التنكرية: هي تمنحه نقودا ليشتري ملابس جديدة له، وهو يشترط عليها (يجب أن تتنكري لتكون الجولة آمنة وناجحة) التنكر يحتاج : عباءة عراقية، حذاء رياضي وخمار أسود. بالطريقة قامت المرأة المترفة بتدجين الصعلوك المثقف وتأنيث مشاعره وستقوم قراءتي بفهرست ذلك على لسان هاني وهو يخاطب نفسه (1) منذ اليوم لن تأكل سوى الأكل الصحي (2) أعتنِ بجسدك (3) لن تخرج بعد اليوم دون أن تتعطر (4) فلتستحم كلّ يوم إن لزم الأمر (5) لا تنس غسل أسنانك (6) أحسن اختيار ثيابك (7) تحول بارت إلى مراهق شقي ينتظر أن أن تنطق دلال حرف(الراء) كي ينتعش كيانه المتهالك (8) لم تعد الكتابة تستهويه (9) استبدل السّرد بحلم جميل يسير على قدمين (10) بعد أن عرفها، فقد أيقن أنّ الحب ينمو في صمت المشاعر ودفق العواطف (*) عنوان الرواية مزدوج المعنى (بنات غائب طعمة فرمان) والبنات هن روايات غائب فرمان والمعنى الثاني نعثر عليه في ص137 فالمخطوط الذي في حيازة دلال هو مخطوط رواية يتناول فيها غائب بصيغة روائية سيرة دلال وأختيها بعد مقتل والدهن عبد الرزاق البيرقدار، وبطلة الرواية هي دلال. وحين تخاطب دلال هاني بارت يتسع تفكيك شفرة ثريا النص الروائي المكتوب من خلال خضير الزيدي ( أنت لا تفهمني هو الأمل المتبقي لي لإحياء مخطوط بنات البيرقدار، ربما لا تعرف كم سأكون سعيدة بلقاء غائب. حلمي أن أراه وهو يُتم رواية بنات صديقه، أو بالأحرى بناته، هو الوحيد القادر على تخليد العائلة . هذا عهدٌ قطعته على نفسي منذ زمن) هنا تمتلك شفرة العنوان خصوصية المعنى(بنات غائب طعمة فرمان) هن بنات الثري المقتول عبد الرزاق .مخطوط غائب يحمل عنوان ( بنات البيرقدار). لو كان عنوان رواية خضير هو عنوان المخطوط، لكان من العناوين الصادمة، لكن العنوان الإشهاري (بنات غائب طعمة فرمان) هو الذي يشوّق القارئ، كما يتسم بالشمولية على دلال أن تعي أن مبادرة هاني في تصحيح المسار قبل فوات الأوان (البحث عن غائب في مخطوطته/ 145) والفرق بينهما كالتالي : (2) هاني يهمه غائب الكاتب والروائي وتحرير النص الأخير لغائب وللروائي فضيلة الفضائل لولا مخطوطته لما عرف السعادة إلا وهماً وهذا المخطوط(هو المنقذ الذي أخرجه من الواقع إلى الحياة. أجل دلال التي كانت لهاني هي الحياةالبيرقدار…. (*)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store