أحدث الأخبار مع #بيتهوﭬ


النهار
٠٧-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- النهار
اعترافات بيتهوفن (5 من 8)
إِنه نصٌّ فرنسيٌّ للكاتب اللبناني الفرنكوفوني المحامي اسكندر نجَّار، كان صدر كتابًا في بيروت لدى منشورات L'Orient des livres. تمَّ إِطلاقُهُ ضمن "مهرجان البستان 2020" في الاحتفاليةٍ الخاصة: "أُمسيات باريس"، على "مسرح إِميل البستاني" مساءَ الأَربعاء 26 شباط/فبراير 2020 بأَداء الممثِّل الفرنسي جان فرنسوا بالمير Balmer قراءةً النص، وعبدالرحمن الباشا عزفًا على الـﭙـيانو. ومساء التاسع من آب/أغسطس 2022، تَمَّ إطلاقُ النص بالعربية على مسرح "مونو" – الأَشرفية، بأَداء الممثل بديع أَبو شقرا قراءةً النص، والفرنسي نيكولا شوڤرو Chevereau عزفًا على البيانو. وصدرَ النص العربي كتابًا لدى "منشورات سائر المشرق". سأَقتطف من تلك "الاعترافات" مقاطعَ موجزةً على 8 حلقات مختَصَرة. هنا الحلقة الخامسة. فشلي مع نساء (الجزء 2 من 2) بعد تريز برونشفيك وشقيقتها جوزفين، غازلتُ جولـيــيــتَّــا جوكياردي (نمساوية (1782-1856) درسَت الـﭙـيانو على بيتهوﭬـن سنة 1801. أَحبَّها ووضَع لها "سوناتا الـﭙـيانو رقم 14" التي اشتهرَت لاحقًا بـ"سوناتا ضوء القمر"). لم تتجاوب معه، وتزوَّجَت سنة 1803 من البارون روبرت ﭬـون غالِنْبُرغ). وهي كونتيسة صبية، ملَكية الـمِشية، زرقاويةُ العينَين، كنتُ أُلقِّنُها العزف على الـﭙـيانو. صدَّقتُ تلك العلاقة لإِعجاب جولييتّا بـي. كانت ترسُمني، وأَهدتْني يومًا رسمًا لها ما زلتُ أَحتفظ به. سحرَتْني أُنوثتُها فأَهديتُها سوناتا "الفانتازيا". لكنَّ فارق الطبقة الاجتماعية بيننا، واختبارَها مزاجيَ الغَضوبَ الذي كان يدفعني إِلى تمزيق أَو دَوْس مخطوطاتي حين لا تُـحْسِنُ عزفَها، جعلاها تُشيح عني، وتتزوَّج من الكونت غالِـنْـبُرغ، بعدما تجرَّأَتْ أَن تستدين مني خمسمئة فلورينة كي تعطيها ذاك التعِسَ التافهَ لـحاجته إِليها. الكونتيسة إِردودي وعرفتُ أَيضًا الكونتيسَّة آنَّا ماريَّا إِردُودي (نبيلةٌ هنغارية (1779-1837). تزوَّجَت سنة 1796 من الكونت ﭘـيتر ﭬـون إِردودي. أَنجبت له ثلاثة أَولاد. انفصلَت عنه سنة 1805. عاشرَت من دون زواجٍ مدرِّس أَولادها فرانز كزافير بروخْل. اِستضافَت بيتهوﭬـن في قصرها سنتَي 1808 و1809 في ﭬـيينا. أَهداها ثُلاثيَّتَين للـﭙـيانو، ومقطوعَتَين للتْشِلُّو). وهي عازفةً ممتازة ، تركَها زوجها باكرًا، وأَصابتْها إِعاقةٌ دائمة استقرَّت بعدها في كْرُوَاتيا حيث تعلَّقَت مدرِّبَها على ركوب الخيل، وكان غريب الشخصية أَوقعها في إِدمان الأَفيون. بعدها كانت إِليونور ﭬـون بْرونِنْغْ، ولقبُها "لورْشِنْ" (قد تكون أَول امراة أَحبَّها بيتهوﭬـن. وهي (1771-1841) من أُسرة ٍكانت تحنو عليه وتساعده. أَهداها سُوناتا للـﭙـيانو رقم 51. غادرَت بُونّ سنة 1792. تزوَّجَت سنة 1802 من صديق طفولته فرانز غيرهارد ويغلر). غافلتني، كما في مسرحيةٍ هزلية، وارتمَت في حضن صديقيَ الأَقرب وِغْلِر (طبيبٌ أَلـمانـيٌّ شهير، صديق بيتهوﭬـن منذ الطفولة). الشقيقتان بْرنْتانو ثم كانت الشقيقتان أَنطونيا وبيتّينا برنْتانُو. (أنطونيا مُـحسنةٌ أَلـمانية وداعمةُ فنون (1780-1869). في التداوُل أَن رسالة بيتهوﭬـن "إِلى الحبيبة الـخالدة" كتبَها لها. وهو أَهداها متتاليات "تنويعات للـﭙـيانو" وضَعها بين 1819 و1823). وبيتّينا (روائية أَلـمانية (1785-1859). كانت صديقةً لبيتهوﭬـن. تزوَّجَت سنة 1811 من الشاعر الرومنطيقي آكيم ﭬـون آرنيم وأَنجبَت له سبعة أَولاد. توفي سنة 1831، وأَبقَت على علاقتها بالشاعر غوته ونشرَت سنة 1835 كتاب "رسائل بين غوته وصبيَّة" هي التي تبادلاهُـما طيلة سنوات). كثيرات... ولا واحدة عرفتُ غيرهنَّ، وكُنَّ جميلاتٍ ساحراتٍ لا تُـحصيهِنَّ ذاكرتي. طالـما توغّلْتُ بعيدًا في اعترافاتي، وأُقِرُّ بأَنني، في 6 تـموز/يوليو 1812، كتبتُ رسالةً لاهبةً صريحةً، أُوردُ منها هنا مقطعًا مع اعتذاري على غنائيّتي الزائدة فيها: "حبيبتي الخالدة، منذ أَفتحُ عينيَّ في سريري تتهافتُ أَفكاري إِليكِ. تبدأُ مزقزِقةً فرَحًا ثم تنحسرُ حزنًا. أَرجو القَدَر أَن يكون رحيمًا بنا. لم أَعُد يمكنني أَن أَعيشَ إِلَّا معكِ باستمرارٍ أَو أنني لا أَعيش. حبُّكِ جعلَني أَسعدَ إِنسان وأَتعس إِنسان". هذه الرسالة، كأَنما يكتبُها مراهقٌ متردِّدٌ راجفٌ، لم أَجرؤْ على إِرسالـها إِلى "حبيبتي الخالدة". ولا بدَّ أَنها ستُثير استغراب مَن سيجدُها بين أَوراقي بعد موتي. سيتساءَل حتمًا لِـمَن كتبْتُها، وسوف يَغرق في التخمينات، وسيُجْري استقصاءات بلا جدوى، أَسخَر منها منذ الآن، لأَنه لن يعرف أَنني كتبتُها لِـمُوحِياتٍ كثيراتٍ أَلْـهَمْنَني ونساءٍ فشلتُ في حبِّهِنَّ. حياة فاسقة اليوم، بعد إِخفاقي وخيباتي في علاقاتٍ فاشلة، أُعلنُ أَنني شُفيتُ من آخر أَوهامي. فكما استقلْتُ من صحَّتي، كذلك استقَلْتُ من الحبّ. رحتُ أَتردَّد على الحانات، وأُعاشر بناتِ الهوى، تلك "العَمارات الـخَرِبة" اللواتي أَعرفُ أَنهنَّ لن يُعلِّلْنَني بآمالٍ كاذبة، ولن أَقع في حبِّهنّ. فأَنا موقنٌ أَنْ "من دون اتـّحاد الأَرواح، تبقى حيوانيةً نشوةُ الـحواسّ، ولا تترك لنا أَيَّ شعورٍ بالطبيعة السامية. بل لا تتركُ فينا سوى الندم". أَشْـمئزُّ مني على انزلاقي بلا رادعٍ إِلى تلك "الأَماكن الـمُوحِلة"، لكنَّ لِـجسدي حاجاتٍ لا يعرفها قلبي. وحدها باقية لي: الموسيقى أَعرف أَنْ سأَموتُ وحيدًا بلا حُبّ، كما غاليليو قبلي: هو الأَعمى وأَنا الأَصَمّ. لا عزاءَ وحيدًا لي إِلَّا الموسيقى. هي هَدْهَدَتْني، وهي أَنقَذَتْني من الانتحار. وحدَه الفنُّ خلاصي. ولن أُغادرَ هذا العالَـم قبل أَن أُطْلع مني كلَّ ما أُحسُّه يَنبُض بي. لذا تبقى الـموسيقى أَصدَقَ رفيقاتي، وأَسـماهُنَّ على الإِطلاق!


النهار
٠٣-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- النهار
اعترافات بيتهوفن (4 من 8)
إِنه نصٌّ فرنسيٌّ للكاتب اللبناني الفرنكوفوني المحامي اسكندر نجَّار، كان صدر كتابًا في بيروت لدى منشورات L'Orient des livres. تمَّ إِطلاقُهُ ضمن "مهرجان البستان 2020" في الاحتفاليةٍ الخاصة: "أُمسيات باريس"، على "مسرح إِميل البستاني" مساءَ الأَربعاء 26 شباط/فبراير 2020 بأَداء الممثِّل الفرنسي جان فرنسوا بالمير Balmer قراءةً النص، وعبدالرحمن الباشا عزفًا على الـﭙـيانو. ومساء التاسع من آب/أغسطس 2022، تَمَّ إطلاقُ النص بالعربية على مسرح "مونو" – الأَشرفية، بأَداء الممثل بديع أَبو شقرا قراءةً النص، والفرنسي نيكولا شوڤرو Chevereau عزفًا على البيانو. وصدرَ النص العربي كتابًا لدى "منشورات سائر المشرق". سأَقتطف من تلك "الاعترافات" مقاطعَ موجزةً على 8 حلقات مختَصَرة. هنا الحلقة الرابعة. فشلي مع النساء (الجزء 1 من 2) هل أَحبَبْنَني فعلًا كرجُل؟ أَم تَوَهَّمْن ذلك فيما أَحبَبْنَ موسيقاي؟ حياتي العاطفية كلُّها هدَمَتْها الـخلافات وتصرُّفاتي النَزِقة. كانت النساءُ معجَبَاتٍ بي مؤَلِّفًا، من دون أَيِّ تعلُّقٍ بي رجُلًا كنَّ ينظرن إِليه شنيعًا، متعجرفًا، متسلِّطًا، سيِّئَ الـمعاشرة. كنتُ أُحاول تغطيةَ عيوبـي بـجمال موسيقاي، وأَهديتُ مقطوعاتٍ كثيرةً إِلى فتياتٍ كنتُ أُريد اجتذابـهنّ. لكني فشِلْتُ في كل ذلك. الحاجة إِلى الحب لكلِّ فنانٍ حاجةٌ إِلى حبٍّ غامرٍ وإِحاطةِ حنان، كي يهنأَ ويُــبدع. وهكذا أَنا: أَجثو لسُلطة الـحُبّ وأُحبُّ النساء الجميلات. لدى مرور إِحداهنَّ في الشارع أَستديرُ إِليها، أَتقصَّاها بنظاراتـي غير عابئٍ بـهُزءِ صديقي فردينان (هو فردينان رايس (1784-1838) مُؤَلِّفٌ موسيقيٌّ وأُستاذُ ﭘـيانو. تلميذ بيتهوﭬـن في العزف وكان لفترةٍ سكرتـيرَه. وسنة 1838 أَصدر عنه كتابَ مذكّراتٍ جامعًا بمشاركة صديق آخَر لبيتهوﭬـن: الطبيب فرانز ويغلر). كثيرًا ما ردَّدتُ أَنْ "وحدَه الـحُبُّ يـجعل الـحياةَ أَكثرَ سعادةً"، وضرعتُ إِلى الله كي يُساعدني "أَن أَجِدَ المرأَة التي تُنصِّعُ فضائلي فيتيح لي الله أَن تكون حبيبتي". ولهذه الحاجة بي، وضعتُ موسيقى "إِلى الحبيبة النائية" على نصٍّ للشاعر آلُوْيِــيْـس إِيزيدُور جِيْتْلِسّ (هو طبيبٌ وصحافيٌ و كاتبٌ نـمساوي (1794-1858). أَصدرَ سلسلةَ قصائد بعنوانٍ واحد: "إِلى الحبيبة النائية"، وضَع بيتهوﭬـن لها موسيقى سنة 1816. لا وثيقةَ تُثبت أَن يكون الشاعرُ كتبَها خصيصًا لبيتهوﭬـن، أَو أَن يكونَ هذا الأَخير وجدها مطبوعةً في كتاب). وفي تلك المقطوعة عبَّرُت موسيقيًّا عن ضَنى الوحدة والغياب وعن انتظار مَـجيْء المرأَة المنْقذة. لكنَّ الفنَّ ليس دَربًا تلقائيةً إِلى جميع القلوب، ولا مفتاحًا صالحًا لجميع الأَبواب. لذا، وبلا خجلٍ، أَعترف أَنَّ مغامراتي العاطفية انتهت جميعها إِلى الفشل، جاعلةً مني شريدًا دائمًا من نعمة الحب. الحب المستحيل غالبًا ما كنتُ أُقاربُ امرأَةً مستحيلةً: بورجوازيةً أَو متزوِّجةً أَو الإِثنتَين معًا. كان أَصدقائي يلُومونني على تَوَرُّطي في علاقاتٍ صعبة، خصيصًا كي أَتـجنَّبَ الارتباط بالنساء. لكنهم مُـخْطئُون: فأَنا مَـجَّدتُ الـحبَّ الزوجي في أُوﭘـرا Fidelio "الـمُخْلِص" (العمل الأُوﭘــرالي الوحيد لــبيتهوﭬـن، من فصلَين. النصُّ لـــجوزف فردينان ﭬـون صُونْلايْتْنِر، كتبهُ عن حادثةٍ جرَت في السجن إِبَّان الثورة الفرنسية. وضَع بيتهوﭬـن موسيقاها سنة 1805 لكنها لم تنجح، فظلّ يعدِّل فيها حتى أَنهى صيغتها الأَخيرة سنة 1814). حاولتُ أَكثرَ من مَرةٍ أَن أَتزوَّج، لكنني فشِلْتُ في كلّ مَرَّة. طلبْتُ أَولًا للزواج تريز مالْفاتي (بارونةٌ نـمساويَّة (1792-1851) عازفةُ ﭘـيانو. يرجَّح أَن تكونَ هي التي وضَعَ لها مقطوعة "إِلى إِيليز" الشهيرة للـﭙـيانو. وُجِدَت بين مـخطوطاته بعد وفاته). كانت أَرستقراطيةً في الثامنةَ عشْرَة، تَتَلمَذَت عليَّ، لكنَّ أَهلَها رفضوا ارتباطنا بحجّة أَنني "رجلٌ مشوَّشُ الفكر". ورماني رفْضُهم من أَعلى نشْوتي إِلى هوةٍ عميقة. وكان أَن تزوَّجت تريز تزوَّجت نـمساويًّا نبيلًا في سنّي). بعدها طلبتُ للزواج الـمغنِّية ماغدالينا وِلْـمَـنّ (سوﭘـرانو أَلـمانية كانت تشكِّل مع شقيقِها ماكس وِلْمَنّ وزوجتِه فْرولِن تريبوليه ثلاثيًّا أُوﭘـراليًّا يقدِّم عروضًا في مسرح بُونّ وهناكَ عرفَها بيتهوﭬـن سنة 1794. سنة 1795 رفَضَتْ عرضَه للزواج وتزوَّجت من التينور الإِيطالي غَلـﭭـاني سنة 1799. توفيَت سنة 1801). لكنها رفضتْني بحجّة أَنني "بشِعٌ ونصف مجنون" وتزوَّجَت مغنّي أُوﭘـرا إِيطاليًّا. تريز أُخرى وشقيقتها جوزفين بعدها أَحببتُ تريز برونزويك (بارونةٌ هنغارية الأَصل (1775-1861). درسَت الـﭙـيانو على بيتهوﭬـن سنة 1799. تعلَّق بها وصارحَها بحبّه سنة 1806، ودام حبّهما سنتَين. سنة 1809 أَهداها "سوناتا الـﭙـيانو رقم 24". وعَنْوَنَـها :"إِلى تريز". أَصدَرها مطبوعةً سنة 1810 وسمّاها "سوناتا إِلى تريز"). ثم أَحببتُ شقيقتَها جوزفين (كونتيسةٌ هنغارية (1779-1821). درسَت الـﭙـيانو على بيتهوﭬـن، ولعلَّها أَكثر امرأَة تَوَلَّهَ بها. كتَب لها 15 رسالة حبّ لاهبة، كان يبدأُها دومًا بعبارة "حبيبتي الوحيدة". وإِحدى رسائله إِليها عنَوْنَـها "رسالةٌ إِلى حبيبتي الخالدة" (صدَرَت تلك الرسائل سنة 1957). تزوَّجَت من الكونْت جوزف دايْـم (1752-1804) وكان يكبرها بثلاثين عامًا. لكنَّ بيتهوﭬـن ظلَّ على علاقةٍ سرّية بها إِلى أَن تزوجَت البارون كريستوف ﭬون سْتاكِلْبُرغ (1777-1841). كان زواجها تعيسًا منذ شهره الأَول وانتهى إِلى الطلاق). كُنْتُ أُسـمِّيها "ﭘــايـــﭙـــي" وأَهدَيتُها عددًا من الـمقطوعات. قلتُ لها يومًا: "أُحبُّكِ أَكثرَ مـما تكرهيني"، فأَجابتْني: "أَتاحَت لي صداقتُكَ لذَّةً كان يمكن أَن تُتوِّج حياتي لو انك أَحبَبْـتَـني بشهوةٍ أَقلَّ. شهوتُكَ الجارفة حالت دون تـجاوُبي مع ميولك الجنسية". قالتْها لي بكل فظاظة، كأَنما الشهوةُ الجنسيةُ جريمة.