أحدث الأخبار مع #بيرغوليو


الغد
منذ يوم واحد
- سياسة
- الغد
من هو البابا فرنسيس؟ وكيف غيّر مسار الكنيسة الكاثوليكية بإصلاحات جريئة؟
أعلن الفاتيكان وفاة البابا فرنسيس يوم الاثنين الموافق 21 أبريل نيسان 2025، عن عمر يناهز 88 عاماً، في مقر إقامته في دار القديسة مارتا بالفاتيكان. اضافة اعلان فمن هو البابا فرنسيس؟ شهدت حبرية البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، عدداً من القضايا غير المسبوقة خلال سعيه المتواصل من أجل إجراء إصلاحات داخل الكنيسة الكاثوليكية، والحفاظ في ذات الوقت على مكانته بين المؤمنين المحافظين. كان البابا فرنسيس أول بابا يأتي من الأمريكتين أو من النصف الجنوبي للكرة الأرضية، في سابقة لم تتكرر منذ أن أُسدل الستار على عهد البابا غريغوريوس الثالث، ذو الأصول السورية، عام 741 ميلادياً. كما كان أول بابا ينتمي إلى الرهبنة اليسوعية على كرسي القديس بطرس، رغم نظرة روما إلى أبناء هذه الرهبنة بعين الحذر والتوجس عبر العصور. وفي سابقة لم تشهدها الكنيسة منذ نحو ستة قرون، تنحى البابا بنديكتوس السادس عشر، سلف البابا فرنسيس، عن حبريته طوعاً، بيد أن "حدائق الفاتيكان" ظلت ملتقى البابوين على مدار نحو 10 سنوات. كان الكاردينال بيرغوليو، البابا فرنسيس فيما بعد، القادم من الأرجنتين، قد بلغ العقد السابع من عمره، حينما اعتلى الكرسي الرسولي في عام 2013، وسط توقعات العديد من الكاثوليك وقتها بأن الحبر الأعظم الجديد سيكون رجلاً أصغر سناً. قدّم بيرغوليو نفسه على أنه مرشح توافقي، مستقطباً المحافظين بتمسكه بالآراء التقليدية في القضايا الجنسية من جهة، والإصلاحيين برؤيته المنفتحة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية من جهة أخرى. كما عُلِّقَت عليه الآمال كي تُضفي خلفيته غير التقليدية روحاً جديدة على الفاتيكان، تبعث فيه الحيوية وتجدد رسالته المقدسة. بيد أن رياح الإصلاح التي حملها البابا فرنسيس واجهت تيارات اتسمت بالمقاومة داخل أروقة الفاتيكان البيروقراطية، فيما احتفظ سلفه، الذي توفي في عام 2022، بشعبيته بين المحافظين. "تصميم على التفرّد والاختلاف" أظهر البابا فرنسيس، منذ أن تبوأ كرسي البابوية، إصراراً على انتهاج أسلوب مغاير، استهله باستقبال كرادلة الكنيسة بطريقة غير رسمية، واقفاً بين الحاضرين، متخلياً عن الجلوس على الكرسي البابوي. وفي الثالث عشر من مارس/آذار عام 2013، ظهر البابا فرنسيس من الشرفة المطلّة على ساحة القديس بطرس، متشحاً باللون الأبيض في تواضع وبساطة، واختار اسماً جديداً هو فرنسيس، تيمناً بالقديس فرنسيس الأسيزي، الواعظ الشهير ومحب الحيوانات في القرن الثالث عشر الميلادي. آثر البابا فرنسيس التواضع على الفخامة ومظاهر البذخ، متخلياً عن استخدام عربات الليموزين البابوية، وحرصه على مشاركة الكرادلة في رحلاتهم بالحافلة. رسم البابا فرنسيس درباً أخلاقياً لرعيته من مؤمني الكنيسة الكاثوليكية، التي تضم نحو 1.2 مليار مؤمن، قائلاً: "آه، كم أودّ أن تكون الكنيسة فقيرة ومن أجل الفقراء". وُلِد خورخي ماريو بيرغوليو في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس في 17 ديسمبر/كانون الأول عام 1936، وكان الابن البكر بين خمسة أبناء، فر والداه من وطنهما إيطاليا هرباً من ويلات الفاشية. كان بيرغوليو شغوفاً برقص التانغو، كما كان مشجعاً لنادي كرة القدم المحلي، سان لورينزو. وكادت نوبة التهاب رئوي حادة أن تودي بحياته، لولا نجاته بأعجوبة في أعقاب جراحة لاستئصال جزء من رئته، الأمر الذي جعله عرضة لمخاطر العدوى طيلة حياته. وفي سنوات شيخوخته، عانى من آلام مزمنة في ركبته اليمنى، واعتبر هذه الآلام "إماتة للجسد". عمل بيرغوليو في شبابه كحارس ملهى ليلي وعامل نظافة، قبل أن يُكمل دراسته لاحقاً في مجال الكيمياء. كما عمل في أحد المصانع المحلية مع إستير باليسترينو، التي كانت ناشطة مناهضة للحكم العسكري في الأرجنتين، وتعرضت للتعذيب، وظل مصير جثتها مجهولاً. انضم بيرغوليو إلى الرهبنة اليسوعية، ودرس الفلسفة، ثم اتجه إلى تدريس الأدب وعلم النفس، وبعد عشر سنوات من سيامته في الكهنوت، ارتقى سريعاً في سلّم الرهبنة حتى تبوأ منصب الرئيس الإقليمي للرهبنة اليسوعية في الأرجنتين عام 1973. "اتهامات وانتقادات" رأى البعض أن بيرغوليو لم يبذل جهداً كافياً لمعارضة الجنرالات الذين حكموا الأرجنتين بقبضة عسكرية شديدة. واتُهم بالتواطؤ في حادثة اختطاف عسكري لاثنين من القساوسة إبان ما يعرف باسم "الحرب القذرة" في الأرجنتين، وهي فترة امتدت من عام 1976 إلى 1983، شهدت تعرض آلاف الأشخاص للتعذيب أو القتل أو الاختفاء القسري. ورغم أن القسّين تعرّضا للتعذيب، إلا أنهما وُجدا لاحقاً على قيد الحياة، ولكن في حالة إعياء شديدة، تحت تأثير تخدير، ونصف عاريين. كما وُجّهت لبيرغوليو اتهامات بالتقاعس عن إبلاغ السلطات بأن الكنيسة كانت تشجع عمل القسّين في الأحياء الفقيرة، الأمر الذي كان سيعني تركهما تحت رحمة فرق الموت، إن صحت تلك المعلومات، بيد أنه نفى الاتهامات بشكل قاطع، مشدداً على أنه بذل جهوداً سرّية لإنقاذهما. وعندما سُئل عن سبب صمته، قيل إنه أجاب وقتها بأن الأمر كان بالغ الصعوبة، والحقيقة أنه، في عمر السادسة والثلاثين، وجد نفسه وسط فوضى كانت ستُمتحن فيها حكمة أشد القادة خبرة، لكنه لم يتوان عن مساعدة الكثيرين ممن سعوا إلى الفرار خارج البلاد. لم يكن بيرغوليو على وفاق دائم مع زملائه اليسوعيين، الذين رأى بعضهم أنه لم يُبد اهتماما كافيا بـ "لاهوت التحرير"، وهو تيار فكري يجمع بين الفكر المسيحي وعلم الاجتماع الماركسي الرامي إلى مقاومة الظلم. أما هو، فقد فضّل اتباع نهج أكثر هدوءاً يستند إلى الدعم الرعوي. "البابا المتواضع" رُسم بيرغوليو في رتبة أسقف معاون لمدينة بوينس آيرس عام 1992، ثم تولّى رتبة رئيس الأساقفة. ومنحه البابا يوحنا بولس الثاني رتبة كاردينال في عام 2001، وتولى مهام في الإدارة الكنسية، المعروفة باسم "الكوريا الرومانية". حرص بيرغوليو على ترسيخ صورة الرجل المتواضع، مبتعداً عن مظاهر البذخ التي تصاحب المناصب الكنسية الرفيعة، وكان يختار السفر في الدرجة الاقتصادية غالباً، وفضّل ارتداء ثوب الكهنوت الأسود، بدلا من الألوان القرمزية والأرجوانية التي ترمز إلى رتبته داخل الكنيسة. دأب البابا فرنسيس في عظاته على الدفاع بشدة عن العدالة الاجتماعية، منتقداً الحكومات التي تتقاعس عن الاهتمام بالفئات الأشد فقراً في المجتمع. وقال يوما ما: "نعيش في أكثر مناطق العالم تفاوتاً، شهدنا أعظم معدلات النمو، لكننا لم نحقق سوى أدنى حد من تقليص البؤس". سعى البابا فرنسيس، بوصفه الحبر الأعظم بجديّة، إلى معالجة الانقسام الذي استمر ألف عام بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية الشرقية. وفي اعتراف بهذه الجهود، شهد بطريرك القسطنطينية، لأول مرة منذ الانقسام الكبير عام 1054، مراسم تنصيب أسقف روما الجديد. كما تعاون البابا مع طوائف الأنجليكان واللوثريين والميثوديين، ونجح في إقناع رئيسي إسرائيل وفلسطين بالمشاركة معه في صلاة من أجل إحلال السلام. وشدد البابا فرنسيس في عظة ألقاها، في أعقاب هجمات كان نفذها مسلحون مسلمون، على أنه ليس من الإنصاف وصم الإسلام بالعنف، وأضاف: "إن كنت سأتحدث عن العنف الإسلامي، فلابد أن أتحدث أيضاً عن العنف الكاثوليكي". وعلى الصعيد السياسي، أظهر دعمه لمطالبة الحكومة الأرجنتينية بجزر فوكلاند، وقال في مناسبة دينية: "نأتي اليوم لنرفع صلواتنا من أجل الذين سقطوا، أبناء الوطن الذين خرجوا دفاعاً عن أرضهم، والمطالبة بما هو حق لهم". وبحكم كونه متحدّثاً باللغة الإسبانية، ومن أصول أمريكية لاتينية، نهض البابا بدور جوهري في وساطة دبلوماسية عندما بدأت الحكومة الأمريكية خطواتها نحو تحقيق تقارب تاريخي مع كوبا، وهو دور دبلوماسي بارز من الصعب تخيّل بابا أوروبي يؤدي مثله. "التقليدي المحافظ" كان البابا فرنسيس متمسكاً بالتقاليد الكاثوليكية في كثير من تعاليم الكنيسة. ووفقاً للمونسنيور أوزفالدو موستو، الذي زامله في المعهد الديني، كان البابا "صارماً جدا، مثل البابا يوحنا بولس الثاني، فيما يخص قضايا القتل الرحيم، وعقوبة الإعدام، والإجهاض، وحق الحياة، وحقوق الإنسان، والكهنوت المتبتل". وأكد البابا فرنسيس أن الكنيسة يجب أن ترحب بالجميع، بغض النظر عن ميولهم الجنسية، لكنه شدد على أن تبني الأزواج المثليين للأطفال يعد شكلاً من أشكال التمييز. وفيما أبدى البابا بعض المرونة بكلمات طيبة تؤيد شكلا من أشكال الاتحادات المدنية للأزواج المثليين، رفض في ذات الوقت تسمية ذلك بـ "الزواج"، معتبراً أنه "محاولة للنيل من مخطط الله". وعقب توليه الكرسي الرسولي في عام 2013، شارك في مسيرة مناهضة للإجهاض في روما، مشدداً على ضرورة حماية حق الأجنّة في الحياة "منذ بداية الحمل". كما ناشد أطباء النساء والتوليد بالاحتكام إلى ضمائرهم، ووجّه رسالة إلى إيرلندا، التي كانت تجري وقتها استفتاءً بشأن هذه القضية، طالبا من شعبهاً الحفاظ على حقوق الضعفاء. ورفض بشكل قاطع فكرة سيامة النساء، مشدداً على أن البابا يوحنا بولس الثاني حسم الأمر نهائياً. وعلى الرغم من أنه أبدى بعض الانفتاح على فكرة استخدام وسائل منع الحمل للوقاية من الأمراض، إلا أنه أيد تعاليم البابا بولس السادس، الذي حذّر من أن هذه الوسائل قد تسهم في اختزال دور المرأة إلى مجرد أداة لمتعة الرجل. وفي عام 2015، قال البابا فرنسيس أمام حشد في الفلبين إن استخدام وسائل منع الحمل يعدّ "تدميراً للأسرة من خلال حرمانها من الأبناء"، ولم يكن مجرد عدم انجاب الأطفال هو ما اعتبره مضراً، بل تعمّد عدم الإنجاب. "التصدي لقضية الاعتداء على الأطفال" واجه البابا فرنسيس خلال حبريته تحدياً صعباً من جهتين: من الذين تعالت أصواتهم تتهمه بعدم التصدي بحزم لقضية الاعتداء على الأطفال، ومن رفض المحافظين الذين رأوا في طريقته تمييعاً للإيمان، كما كانت مسألة منح المطلقين المتزوجين مجدداً الحق في تناول القربان المقدس من بين أكثر القرارات إثارة للجدل. ودأب المحافظون على استغلال قضية الاعتداءات على الأطفال أداة في حملتهم الطويلة. وفي أغسطس/آب عام 2018، أصدر رئيس الأساقفة كارلو ماريا فيغانو، السفير الرسولي السابق لدى الولايات المتحدة، إعلاناً مكوّناً من 11 صفحة، تحدّث فيه عن مجموعة التحذيرات التي وُجهت للفاتيكان بخصوص سلوك الكاردينال السابق، توماس مكاريك. كان مكاريك قد اتُهم بالاعتداء المتكرر على البالغين والقُصّر، وقال رئيس الأساقفة فيغانو إن البابا عيّنه "مستشاراً موثوقاً به" على الرغم من معرفته بفساده الكبير، وأضاف فيغانو أن الحل الأمثل في نظره هو تنحي البابا فرنسيس. وادعى رئيس الأساقفة أن "هذه الشبكات المثلية تعمل في الخفاء، وتمارس الخداع بقوة أذرع الأخطبوط، وهي بصدد خنق الكنيسة برمتها". وهدد الخلاف الناجم عن ذلك بإغراق الكنيسة في أزمة كبرى، وفي فبراير/شباط 2019، جرى تجريد مكاريك من الرتبة الكهنوتية عقب تحقيق أجرته سلطات الفاتيكان. وخلال تفشي جائحة كوفيد، ألغى البابا فرنسيس لقاءاته الدورية في ساحة القديس بطرس حفاظاً على الصحة العامة، وتفادياً لانتشار الفيروس، في خطوة تعكس نموذجاً بارزا للقيادة الأخلاقية، شدد على أن الحصول على اللقاح يشكل واجباً عالمياً. وفي عام 2022، أصبح أول بابا منذ ما يزيد على قرن يترأس مراسم جنازة سلفه، وذلك عقب وفاة البابا بنديكت السادس عشر عن عمر ناهز 95 عاماً. في تلك الفترة المرحلة، بدأت مشكلاته الصحية تتفاقم، مما استدعى خضوعه عدة مرات للعلاج في المستشفى، وعلى الرغم من ذلك، ظل البابا فرنسيس عازماً على مواصلة مساعيه لترسيخ السلام العالمي وتعزيز الحوار بين الأديان. وفي عام 2023، زار البابا فرنسيس جنوب السودان، وناشد القادة من أجل إنهاء الصراع. كما دعا إلى إنهاء "الحرب العبثية والشرسة" في أوكرانيا، بيد أن تصريحاته أثارت خيبة أمل الأوكرانيين، إذ بدت وكأنها تتبنى السرديّة الروسية التي تزعم أن الغزو كان رد فعل على استفزازات سابقة. وبعد عام، بدأ رحلة طموحة شملت أربع دول وقارتين، كان من بينها محطات في إندونيسيا وبابوا غينيا الجديدة وسنغافورة. اعتلى خورخي ماريو بيرغوليو كرسي البابوية عازماً على إحداث تغيير داخل الكنيسة. وقد يرى البعض أن الكنيسة كانت بحاجة إلى بابا أكثر تحرراً، فيما يردد المعارضون ما اعتبروه تراخياً في تصديه لقضايا الاعتداءات الجنسية داخل الكنيسة. إلا أنه، بلا شك، أحدث تغييراً ملموساً. عيّن البابا فرنسيس ما يربو على 140 كاردينالاً من دول غير أوروبية، وسوف يترك لمن يخلفه كنيسة تتمتع برؤية عالمية أوسع بكثير مما كانت عليه عندما تولى مهامه. ولإعطاء مثال على ذلك، كان البابا فرنسيس يجنح إلى البساطة، ولم يسكن في القصر الرسولي بالفاتيكان، الذي يضم كنيسة سيستين، بل فضّل الإقامة في المبنى الحديث (الذي بناه البابا يوحنا بولس الثاني كدار للضيافة). كان البابا فرنسيس يؤمن بأن السعي وراء مظاهر البذخ ضرب من الغرور، وقال ذات مرة: "أنظر إلى الطاووس، يبدو جميلاً من الأمام، لكن إذا نظرت إليه من الخلف، ستدرك الحقيقة". سعى البابا إلى إحداث تغيير في المؤسسة ذاتها، من خلال تعزيز مهمة الكنيسة التاريخية عبر تجاوز النزاعات الداخلية، والتركيز على الفقراء، وإعادة الكنيسة إلى الشعب. وعقب اختياره بابا الفاتيكان، قال: "علينا أن نحذر من مرض روحي يصيب الكنيسة عندما تنغلق على ذاتها". وأضاف: "لو كان عليّ أن أختار بين كنيسة جريحة تخرج إلى العالم، وكنيسة مريضة منغلقة على ذاتها، لاخترت الأولى".


المركزية
٢١-٠٤-٢٠٢٥
- صحة
- المركزية
عمل حارساً وأحبّ الـ"تانغو" وعارضت والدته دعوته الكهنوتية... "بابا الشعب رقم 266" هذه خطة الله
أعلن الفاتيكان اليوم الاثنين عن وفاة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، عن عمر يناهز 88 عامًا. البابا فرنسيس، واسمه الأصلي خورخي ماريو بيرغوليو، تولى منصب البابوية في آذار 2013، ليكون أول بابا من أميركا اللاتينية. وأمس خلال قداس عيد الفصح في ساحة القديس بطرس، ظهر البابا فرنسيس على شرفة كاتدرائية القديس بطرس ملقياً بركاته التقليدية إلى المدينة والعالم. سيرة ذاتية في 13 آذار / مارس 2025، أكمل البابا فرنسيس العام الـ12 من حبريته، ولكن من داخل غرفته في مستشفى جيميلي في روما لا من الفاتيكان أمام المصلّين. شاء قدر خورخي ماريو بيرغوليو، اسمه الحقيقي، رأس الكنيسة الكاثوليكية، أن يصلّي ويتضرّع للعذراء مريم متمسّكاً بإيمانه على سريره، يسمع في قلبه صلوات المؤمنين لشفائه فتُنير شموعهم درب مرضه وعلاجه التي سلكها نهار الجمعة 14 شباط/فبراير 2025. على سريره، يمر في ذهن البابا شريط ذكريات ولحظات من شبابه عندما كان في عمر الـ21 عام 1957، ويدرس في معهد إعداد الكهنة، يوم صارع الموت قبل أن يضّطر الأطباء إلى استئصال جزء كبير من إحدى رئتيه بسبب التهاب بعد إصابته بعدوى خطيرة. من حيّ أرجنتيني... يوم 17 كانون الأول 1936، في حي فلوريس في بوينس آيرس في الأرجنتين، استقبلت عائلة ماريو خوسيه بيرغوليو وريجينا ماريا سيفوري ابنها خورخي وهو الأكبر بين 5 أولاد. والده مهاجر إيطالي كان يعمل موظّفاً في سكك الحديد غادرت عائلته إيطاليا عام 1929 هرباً من حكم بينيتو موسوليني. ووالدته ربّة منزل وُلدت في بوينس آيرس لعائلة من أصول إيطالية شمالية. عاش بيرغوليو أسلوب حياة متواضعاً، وقد كان واعياً اجتماعياً منذ صغره بسبب بيئته وتربيته. فقد نقل والداه قيماً جيّدة عدّة لعائلتهما الصغيرة كتنظيف أطباقهم بعد العشاء وتجنّب إهدار الطعام. تأثّر الشاب الأرجنتيني برئيس البلاد وزوجته في ذلك الوقت خوان وإيفا بيرون، إذ ساهمت "البيرونية" (حركة سياسية) في غالبية الإصلاحات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي شهدها وطنه. إلى جانب ذلك، أخذت الموجة الثقافية حيّزاً خاصّاً في حياة خورخي الصبي، فأحبّ الأدب ومشاهدة المسرحيات المحلّية في مدينته. كان بيرغوليو عالماً بالفطرة ويحبّ الدراسة دائماً. ونتيجة لذلك، كان مهتمّاً بمجموعة واسعة من المواضيع من الفلسفة وعلم النفس إلى العلوم الطبيعية. في سيرته الذاتية التي نقلت أجزاء منها جريدة "كوريري ديلا سيرا" الإيطالية، تحدّث البابا فرنسيس عن طفولته وبشكل خاص عن جدّته روزا والدة أبيه والتي كان لها دور كبير في تنشئته، وعن طفولته أيضاً في العاصمة الأرجنتينية وكيف كان والداه يصطحبانه مع إخوته لمشاهدة الأفلام الإيطالية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. دراسياً، تلقّى بيرغوليو تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارس بيونس آيرس ليلتحق بعدها بمدرسة تقنية فنيّة ويتخرّج منها بشهادة فني كيميائي. الدعوة واعتراف... 21 أيلول 1952، كان يوم غير عادي لخورخي، فيه اكتشف المراهق الأرجنتيني (16 عاماً) دعوته إلى الكهنوت بعد ذهابه إلى الاعتراف في يوم عيد الطلاب في الأرجنتين وعيد القديس متى. سرد البابا تفاصيل ذلك النهار: "قبل ذهابي إلى الحفلة، مرّرت إلى الكنيسة ووجدت كاهناً لم أكن أعرفه وشعرت بالحاجة إلى الاعتراف. كانت هذه بالنسبة لي تجربة لقاء، وجدت شخصاً كان ينتظرني". كان ذلك في كنيسة سان خوسيه دي فلوريس. وتابع: "لا أعرف ماذا حدث، لا أتذكّر، لا أعرف لماذا كان ذلك الكاهن الذي لم أكن أعرفه، ولا أعرف لماذا شعرت بتلك الرغبة في الذهاب إلى الاعتراف، لكن الحقيقة أنّ شخصاً ما كان ينتظرني. كان ينتظرني منذ وقت طويل. وبعد الاعتراف شعرت أن شيئاً ما قد تغيّر". بعد ذلك الاعتراف، لفت إلى أنّه لم يعد هو نفسه قائلاً: "قد سمعت شيئاً مثل صوت، نداء: كنت مقتنعاً بأنّني يجب أن أكون كاهناً". في مقابلة مع صحيفة إسبانية نُشرت في 12 آب 2015، كشف ابن شقيق البابا فرنسيس، خوسيه إغناسيو بيرغوليو، عن أن والدة البابا عارضت بداية دعوته الكهنوتية، وقال: "لأقول الحقيقة، كان عمّي قد وعد جدّتي بأنّه سيبدأ دراسته في الطب لكنّه في النهاية اختار شفاء النفوس... ذهبت ريجينا إلى غرفة عمّي، ولدهشتها الكبيرة، اكتشفت أنّه يتبع دورة للدخول إلى المدرسة اللاهوتية. كانت هناك كتب باللغة اللاتينية، في اللاهوت. فصرخت خورخي، لقد كذبت عليّ فردّ قائلاً: لا، أمّي، أنا أدرس الطب للأرواح". بمرور الوقت، قبلت الأم اختياره بل وطلبت منه مباركته عندما سيمَ كاهناً. وعن هذه الدعوة، لفت خوسيه بيرغوليو إلى أن عمّه كان يفكّر في إعلان حبّه لشابة عندما اختبر دعوته إلى الكهنوت"، مضيفاً: "في أحد أيّام الربيع كان من المقرّر أن يذهب في نزهة مع الأصدقاء. وفي ذلك اليوم نفسه كان يفكّر في إعلان حّبه لفتاة كان يحبّها كثيراً، لكنّه مرّ أمام الكنيسة وغيّر قراره. دخل ليصلّي وذهب للاعتراف واكتشف أن حبّه الحقيقي كان لله". رحلة الكهنوت... مع مباركة والدته وصلاتها، انضمّ بيرغوليو إلى الرهبنة اليسوعية (22 عاماً) عام 1958. هي جماعة تابعة للكنيسة الكاثوليكية تأسّست في أوروبا في القرن السادس عشر. دخل المعهد الإكليريكي فيلاديفوتو، درس العلوم الإنسانية واللاهوتية في تشيلي، وفي 12 آذار 1960 أشهر نذوره الرهبانية فأصبح عضواً رسمياً عاملاً في الرهبنة. من عام 1964 إلى عام 1965، درَّس خورخي الأدب وعلم النفس في كلية الحبل بلا دنس في "سانتا في"، ثم بعد عام واحد، درَّس المواد نفسها في كلية السلفاتوري في بوينس آيرس. رُسم كاهناً في 13 كانون الأول عام 1969 من قبل رئيس الأساقفة رامون خوسيه كاستيلانو. وبعد رسامته، عمل بيرغوليو كاهناً رعوياً في أحياء عدّة في بوينس آيرس بالإضافة إلى مدرّس ومرشد روحي. من عام 1973 إلى عام 1979، كان الأب بيرغوليو رئيساً إقليمياً لليسوعيين في الأرجنتين. تابع الأب اليسوعي تعليمه، فدرس الفلسفة واللاهوت في كلية سان خوسيه في سان ميغيل في بيونس آيرس. وعُيّن عميداً للكلية من 1980 إلى 1986. في 3 حزيران 1997، عُيّن مساعداً لرئيس أساقفة بوينس آيرس كارلوس كاردينال سامور. وأصبح رئيس أساقفتها في 28 شباط/فبراير عام 1998. مع هذه المسيرة، تميّز الأب اليسوعي النشيط بحبّه للفقر والفقراء، وقال ذات مرّة: "شعبي فقير وأنا واحد منهم". اكتفى بالعيش في شقّة صغيرة بدلاً من مقر رئاسة الأساقفة الفخم، وتخلّى عن سيارة الليموزين مع السائق الشخصي واستخدم وسائل النقل العام. ولم يتوقّف عن الدراسة، إذ في عام 1986 حصل على درجة الدكتوراه في اللاهوت في فرايبورغ في ألمانيا. عيّنه البابا يوحنا بولس الثاني كاردينالاً في 21 شباط/فبراير عام 2001. البابا رقم 266 في 11 شباط/فبراير 2013، فاجأ البابا الراحل بنديكتوس السادس عشر الكنيسة والعالم باستقالته ما استدعى انتخاب بابا جديد. ليل 13 آذار/مارس، خرج الدخان الأبيض معلناً البابا رقم 266: الكاردينال خورخي ماريو بيرغوليو(76 عاماً). انتُخب بأغلبية 115 كاردينالاً في اليوم الثاني والتصويت الخامس لمجمع الكرادلة. هو أول يسوعي يقود الكنيسة الكاثوليكية، وأول بابا من أميركا اللاتينية وأول بابا من الأميركتين، وأول بابا غير أوروبي منذ 1277 عاماً، وتحديداً منذ البابا غريغوري الثالث من سوريا الذي توفّي عام 741. في مقابلة ابن شقيقه مع الصحيفة الإسبانية، ذكر أن عمّه "لم يكن يريد أن يصبح بابا"، وقال: "مثل كل يسوعي، كان ولا يزال شخصاً منفصلاً، ثم شعر بارتباط شديد ببوينس آيرس". وأضاف: "عندما سُئل عّما إذا كان يرغب في أن يصبح بابا، أجاب بالطبع لا. ولكن في لحظة الانتخاب لم يكن هناك خيار: كان عليه أن يقبل. كان يعلم أن هذه هي خطّة الله". اسم فرنسيس... "بابا الشعب والفقراء" فور انتخابه وفي أولى قراراته، رفض البابا الجديد ارتداء الـ"موفِّيتا" المصنوعة من القماش المخمل الأحمر والصليب الذهبي وزوج الأحذية الحمراء المجهّزة له بل احتفظ بصليبه الفضي وحذائه الأسود، متّخذاً اسم فرنسيس. في أول لقاء إعلامي له، شرح البابا اختياره لاسمه تيمّناً بالقديس فرنسيس الأسيزي، فقال: "الرجل الذي يمنحنا روح السلام هذه، الرجل الفقير. أريد كنيسة فقيرة ومن أجل الفقراء. القديس فرنسيس جلب للمسيحية فكرة الفقر ضدّ ترف وكبرياء وغرور السلطات المدنية والكنسية في ذلك الوقت. لقد غيّر التاريخ". ولفت إلى أنّه عندما أصبح واضحاً خلال التصويت على انتخابه، عانقه الكاردينال البرازيلي كلاوديو هوميس قائلاً له: لا تنسَ الفقراء"، ما جعله يفكّر في هذا القديس. لشدّة تأثّره بالقديس فرنسيس، تخلّى البابا عن الشقّة الواسعة التي كان يستخدمها أسلافه مقابل جناح صغير في دار الضيافة في الفاتيكان، وهو عبارة عن شقّة من غرفتين، متجاهلاً المقر الصيفي البابوي الفخم في كاستل غاندولفو. وفي ليلة انتخابه، استقلّ الحافلة مع الكرادلة إلى الفندق الذي يقيم فيه بدلاً من أن يركبوا معه في السيارة البابوية. وصباح 14 آذار/مارس، خرج البابا من الفاتيكان في موكب من السيارات التي لا تحمل علامات مميّزة للصلاة في إحدى الكنائس. وفي طريق عودته، أصرّ على تسوية فاتورته في فندق لرجال الدين وسط روما. ما نعرفه... ولا نعرفه عن فرنسيس! -عن تفاصيل دفنه... تميّز البابا فرنسيس بتواضعه، وقد اكتسب شعبية كبيرة عند الكبار والصغار. ومنذ سيامته كاهناً إلى تسلّمه كرسي بطرس، كانت بساطته المفتاح إلى قلب المؤمنين والعالم. طيلة سنواته الـ88، مرّ "بابا الشعب" بمواقف ومحطّات ستكشف شخصيّة هذا الرجل، وجوانبه المعروفة والمخفيّة. مع استمرار وجوده في المستشفى، ولا أحد قادر على التدخّل بمشيئة الله، يعود إلى الواجهة تخلّي البابا عن عُرف استمر لقرون بدفن الباباوات في 3 توابيت متشابكة مصنوعة من خشب السرو والرصاص والبلوط.، إذ سيُدفن بدلاً من ذلك في تابوت خشبي واحد مبطّن بالزنك. ولن يوضع البابا بعد رحيله فوق منصّة مرتفعة، تعرف بـ"كاتافالك"، في كاتدرائية القديس بطرس ليتمكّن الزوار من وداعه في روما، إلا أنّ جثمانه سيظل داخل التابوت من دون الغطاء. وعلى عكس العديد من الباباوات أيضاً، والموجودة توابيتهم في سراديب الفاتيكان في الكهوف تحت كنيسة القديس بطرس، كشف البابا فرنسيس بنفسه عن أنّه قام بإعداد قبره في كنيسة القديسة مريم الكبرى في روما، ليكون أول بابا يُدفن خارج الفاتيكان منذ أكثر من قرن. -كاد أن يصبح بابا عام 2005... بعد وفاة البابا القدّيس يوحنا بولس الثاني، ورد أن الكاردينال خورخي بيرغوليو (البابا فرنسيس) حصل على ثاني أكبر عدد من الأصوات في المجمّع البابوي لكن البابا بنديكتوس السادس عشر كان هو الفائز. -8 لغات... برز حبّ البابا فرنسيس للعلم والأدب فهو يتحدّث 8 لغات: الإسبانية (اللغة الأم) والإيطالية والفرنسية والألمانية والبرتغالية واللاتينية والأوكرانية والبيدمونتية، وهي لهجة معروفة في الجزء الشمالي الغربي من إيطاليا. حتّى أن البابا ذهب للعيش في أيرلندا لمدّة من كانون الثاني/يناير عام 1980 لتعلّم اللغة الإنكليزية عندما كان يبلغ من العمر 43 عاماً. - طبقه المفضّل... الـ"Bagna Cauda"، وهو طبق بييمونتي (منطقة في شمال غرب إيطاليا) تقليدي محضّر من الأنشوا والزيت والثوم. ويحب البابا فرنسيس أيضاً طهي وجباته بنفسه متى استطاع، وهو خبير في طهي الطبق الإسباني المعروف الـ"بايلا". -رقصة الـ"تانغو" وصديقة... قبل سيامته كاهناً وفي فترة شبابه، كان خورخي يستمتع برقصة الـ"تانغو"، وكان يحب أيضاً رقصة الـ"ميلونغا". وحتّى أنّه كان لديه صديقة وكان يحب الخروج للرقص معها. -وظائف بيرغوليو... كأي شاب، عمل خورخي بيرغوليو في وظائف عدّة لكسب المال. وظيفة الأولى كانت تنظيف أرضيات شركة الجوارب التي كان يعمل فيها والده في بوينس آيرس. وعمل كفنّي كيميائي في قسم الأغذية في مختبر هيكيثير باخمان. وفي عام 2013، أعلن أنّه عمل حارساً في ملهى ليلي وبواباً. -فريق كرة القدم المفضّل... يواصل البابا فرنسيس تشجيع فريق "سان لورينزو دي ألماغرو" من بوينس آيرس، إذ يتابع آخر أخباره بفضل حارس سويسري يطلعه عليها كل أسبوع. -فيلمه المفضّل... "لا سترادا" للمخرج فيديريكو فيليني، الحائز على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي عام 1957. -لا يشاهد التلفاز... كشف البابا فرنسيس عن أنّه لم يشاهد التلفاز منذ 15 تموز/يوليو 1990، عندما وعد مريم العذراء على جبل الكرمل بأنّه لن يفعل ذلك بعد الآن، وقال: "شعرت أن الله يطلب مني أن أفعل ذلك". -بابا "متخفّي"... عام 2013، خرج البابا فرنسيس ليلاً مرتدياً زيّ كاهن لإعطاء الصدقات ومساعدة الفقراء في شوارع روما. كان البابا يتسلّل خارج الفاتيكان من وقت لآخر. ذات مرّة، زار طبيب عيون شخصياً. وأثناء جائحة كورونا عام 2022، زار متجر لشراء أسطوانات يوهان باخ وفولفغانغ موزارت. -سيارة وحقيبة وسوداء... لا يحبّ البابا فرنسيس السيارات البابوية المقاومة للرصاص معتبراً أنّها "علب السردين". إلى ذلك، وفي أول رحلة خارجية له إلى البرازيل، لفت البابا انتباه العالم بحمله لحقيبته الخاصّة. وعندما سُئل عن محتوياتها، أوضح أنّها تحتوي على كتاب الصلوات، كتاب عن حياة القدّيسين وشفرته الخاصّة للحلاقة. -شخصيّة العام... اختير فرنسيس كشخصيّة العام من قبل مجلة "تايم" عام 2013. وهو البابا الوحيد الذي ظهر على الإطلاق في مجلة "رولينغ ستون" عام 2014. -ألبوم... في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، أصدر البابا فرنسيس ألبوم روك بعنوان "Wake Up"، أنتجه القسّ الإيطالي الأب جوليو نيروني. ويشمل الألبوم الذي يضم 11 أغنية مقتطفات من عظات وكلمات مهمّة ألقاها البابا فرنسيس باللغات الإسبانية والإيطالية والإنكليزية والبرتغالية مركّبة على خلفية من الموسيقى مختلفة الأنماط. -محاولتا اغتيال... كشف البابا فرنسيس عن إحباط محاولتين لاغتياله خلال زيارته إلى العراق عام 2021. وقال إنّه تلقّى تحذيراً من تقرير صادر عن أجهزة الأمن البريطانية يفيد بأنّ شابّة تحمل متفجّرات كانت في طريقها إلى الموصل لتفجير نفسها أثناء زيارته. وأضاف أنّه قيل له إنّ شاحنة "غادرت بسرعة عالية بالنية نفسها". -أول زيارة لدولة خليجية... في 3 شباط/فبراير 2019، حط البابا فرانسيس في دولة الإمارات العربية المتّحدة ما جعله أول بابا يزور دولة خليجية عربية. وفي 5 شباط/فبراير، أصبح فرنسيس أول بابا يحتفل بالقداس في شبه الجزيرة العربية، تحديداً في أبو ظبي. وقد وقّع خلال الزيارة على بيان مشترك بشأن الأخوة الإنسانية مع شيخ الأزهر أحمد الطيب. -علاج نفسي... روى البابا بنفسه أنّه عندما كان في سن الـ42، ذهب للعلاج لمدّة 6 أشهر مع طبيبة نفسية يهودية. وقال: "كانت جيّدة جدّاً ومهنية للغاية". -يوم صعب آخر... في سن الـ44، عانى الأب خورخي من التهاب المرارة، وخضع لعملية جراحية عام 1980 على يد الجراح الأرجنتيني خوان كارلوس بارودي، فأنقذ حياته، وقال البابا عن ذلك النهار: "شعرت وكأنّني أموت". عام 2014، بعد 34 عاماً، عقد الرجلان اجتماعاً خاصّاً في الفاتيكان. -ديكتاتورية واتّهامات... تطرّق البابا عن فترة الحكم الدكتاتوري في الأرجنتين في كتاب "الحياة، قصّتي في التاريخ" وكيف ساعد بعض الإكليركيين في الإفلات من اعتقالهم من قِبل السلطات العسكرية في ظل دكتاتورية خورخي فيديلا (1976-1981)، وهي الفترة التي تُعرف في تاريخ الأرجنتين بـ"الحرب القذرة". وأشار إلى الاتّهامات غير الصحيحة التي وُجّهت إليه بالتعاون مع الحكم العسكري. ويتحدّث عن إرساله إلى قرطبة عقاباً له حين كان مسؤولاً عن اليسوعيين الشبّان، ووصف وجوده هناك بـ"فترة تطهّر". وقال أدولفو بيريز إسكيفيل، الناشط الحقوقي الحائز على جائزة نوبل للسلام والذي تعرّض للسجن والتعذيب على يد النظام آنذالك، لـ"بي بي سي نيوز": "كان هناك بعض الأساقفة الذين كانوا متواطئين مع الجيش لكن بيرغوليو ليس واحداً منهم". -صداقة... "الصداقة شيء مقدّس للغاية"، هي عبارة البابا والتي طبّقها فحافظ على عدد من أصدقاء الماضي رغم تسلّمه الكرسي الرسولي. البابا فرنسيس... قرارات ومواقف للتاريخ قبل البابوية، كان لعظات الأب اليسوعي تأثير في الأرجنتين، إذ شدّد على الإدماج الاجتماعي، منتقداً بشكل غير مباشر الحكومات التي لا تولي اهتماماً للأشخاص الذين يعيشون على هامش المجتمع. وعلى رأس الكنيسة الكاثوليكية، هاجم البابا فرنسيس غياب العدالة الاقتصادية، داعياً إلى انتهاج أساليب جديدة للتفكير بما يتعلّق بالفقر والرفاهية والتوظيف والمجتمع. في مواقفه الأكثر جدلية، رأى أن الكنيسة يجب أن تعتذر للمثليين بدلاً من إدانتهم. وقال في حزيران/يونيو 2013: "إذا كان الشخص مثلياً ويبحث عن الله ولديه إرادة حسنة، فمن أنا لأحكم عليه"، ما يعكس التسامح والرحمة والانفتاح لدى بابا الفاتيكان. في مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس"، اعتبر أن القوانين التي تجرّم المثلية الجنسية ظالمة وينبغي على الأساقفة الكاثوليك الترحيب بالمثليين في الكنيسة بدلاً من تهميشهم، قائلاً: "نحن جميعاً أبناء الله". وأجرأ القرارات، في كانون الأول/ديسمبر 2023، وافق رسمياً على مباركة الأزواج من الجنس نفسه بوثيقة رسمية صادرة عن الفاتيكان، مشدّدة على أن هذه المباركات تهدف إلى إظهار محبّة الله ورحمته للأفراد، من دون الاعتراف بالزواج كسر مقدّس. وقد عارض البابا فرنسيس مبدأ تبنّى المثليين للأطفال مشيراً إلى أن الأطفال بحاجة إلى الأب والأم بشكل تقليدي لكي ينشأوا في بيئة مستقرّة ومتوازنة. في مواقفه أيضاً، دعم قضية المهاجرين ومساندتهم وقارن مراكز احتجازهم بمعسكرات الاعتقال. وكان جزء مهم من بابوية فرنسيس هو تقديم اعتذارات علنية للناجين من الاعتداءات الجنسية التي ارتكبها رجال الدين في الكنيسة. إلى ذلك، شجّع البابا فرنسيس مشاركة أكبر للمرأة في الكنيسة، إلّا أنّه لم يدعم سيامتها للكهنوت. وقد أشاد بمساهمات الراهبات والعلمانيّات، معترفاً بدورهن الحيوي في رسالة الكنيسة. في 11 كانون الثاني/يناير 2021، سمح البابا فرنسيس للأساقفة بتثبيت النساء في خدمتَي المساعد والمبشّر. وفي شباط/فبراير 2021، عيّن البابا عضو راهبات الإرساليات في فرنسا ناتالي بيكوارت كأوّل أمينة مشاركة لسينودس الأساقفة. وأصبحت القاضية الإيطالية كاتيا سوماريا أول امرأة في محكمة الاستئناف في الفاتيكان. في 26 نيسان/أبريل 2023، أعلن البابا أنّه سيُسمح لـ35 امرأة بالتصويت في الجمعية العامّة العادية السادسة عشرة لسينودس الأساقفة (أي ما يزيد قليلاً عن 10% من مجموع المصوّتين)، وهي المرّة الأولى التي يُسمح فيها للنساء بالتصويت في أي سينودس كاثوليكي للأساقفة. في أيلول/سبتمبر 2015، أعلن البابا أنه سيُسمح للكهنة في جميع أنحاء العالم بمسامحة "خطيئة الإجهاض" خلال "سنة الرحمة"، الذي بدأ في أوائل كانون الأول/ديسمبر 2015. ولكن رغم منحه سلطة الغفران، لا يزال يعارض الإجهاض بشدة، معتبراً إيّاه جريمة ضد الحياة. في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، مع نهاية "سنة الرحمة"، قرّر البابا تمديد قراره إلى أجل غير مسمّى. كانت الشفافية المالية والمساءلة من المحاور الرئيسية لإصلاحات البابا فرنسيس، فأشرف على إعادة هيكلة بنك الفاتيكان، الذي واجه العديد من الفضائح. وأشرف على إصلاحات عدّة تهدف إلى تحسين الحكم داخل أروقة الفاتيكان.


النهار
٢١-٠٤-٢٠٢٥
- صحة
- النهار
عمل حارساً وأحبّ الـ"تانغو" وعارضت والدته دعوته الكهنوتية... "بابا الشعب رقم 266" هذه خطة الله
أعلن الفاتيكان اليوم الاثنين عن وفاة البابا فرنسيس، رأس الكنيسة الكاثوليكية، عن عمر يناهز 88 عاما ً. البابا فرنسيس، واسمه الأصلي خورخي ماريو بيرغوليو، انتخب في آذار / مارس 2013، ليكون أول حبر أعظم من أميركا اللاتينية. و أمس خلال قداس عيد الفصح في ساحة القديس بطرس ، ظهر البابا فرنسيس على شرفة كاتدرائية القديس بطرس ملقياً بركاته التقليدية على المدينة والعالم. سيرة ذاتية في 13 آذار / مارس 2025، أكمل البابا فرنسيس العام الـ12 من حبريته، ولكن من داخل غرفته في مستشفى جيميلي في روما لا من الفاتيكان أمام المصلّين. شاء قدر خورخي ماريو بيرغوليو، اسمه الحقيقي، رأس الكنيسة الكاثوليكية، أن يصلّي ويتضرّع للعذراء مريم متمسّكاً بإيمانه على سريره، يسمع في قلبه صلوات المؤمنين لشفائه فتُنير شموعهم درب مرضه وعلاجه التي سلكها نهار الجمعة 14 شباط/فبراير 2025. على سريره، يمر في ذهن البابا شريط ذكريات ولحظات من شبابه عندما كان في عمر الـ21 عام 1957، ويدرس في معهد إعداد الكهنة، يوم صارع الموت قبل أن يضّطر الأطباء إلى استئصال جزء كبير من إحدى رئتيه بسبب التهاب بعد إصابته بعدوى خطيرة. من حيّ أرجنتيني... يوم 17 كانون الأول/ديسمبر 1936، في حي فلوريس في بوينس آيرس في الأرجنتين، استقبلت عائلة ماريو خوسيه بيرغوليو وريجينا ماريا سيفوري ابنها خورخي وهو الأكبر بين 5 أولاد. والده مهاجر إيطالي كان يعمل موظّفاً في السكك الحديد غادرت عائلته إيطاليا عام 1929 هرباً من حكم بينيتو موسوليني. ووالدته ربّة منزل وُلدت في بوينس آيرس لعائلة من أصول إيطالية شمالية. عاش بيرغوليو أسلوب حياة متواضعاً، وقد كان واعياً اجتماعياً منذ صغره بسبب بيئته وتربيته. فقد نقل والداه قيماً جيّدة عدّة الى عائلتهما الصغيرة كتنظيف أطباقهم بعد العشاء وتجنّب إهدار الطعام. تأثّر الشاب الأرجنتيني برئيس البلاد وزوجته في ذلك الوقت خوان وإيفا بيرون، إذ ساهمت "البيرونية" (حركة سياسية) في غالبية الإصلاحات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي شهدها وطنه. إلى جانب ذلك، أخذت الموجة الثقافية حيّزاً خاصّاً في حياة خورخي الصبي، فأحبّ الأدب ومشاهدة المسرحيات المحلّية في مدينته. كان بيرغوليو عالماً بالفطرة ويحبّ الدراسة دائماً. ونتيجة لذلك، كان مهتمّاً بمجموعة واسعة من المواضيع من الفلسفة وعلم النفس إلى العلوم الطبيعية. في سيرته الذاتية التي نقلت أجزاء منها جريدة "كوريري ديلا سيرا" الإيطالية، تحدّث البابا فرنسيس عن طفولته وبشكل خاص عن جدّته روزا والدة أبيه والتي كان لها دور كبير في تنشئته، وعن طفولته أيضاً في العاصمة الأرجنتينية وكيف كان والداه يصطحبانه مع إخوته لمشاهدة الأفلام الإيطالية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. دراسياً، تلقّى بيرغوليو تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارس بيونس آيرس، ليلتحق بعدها بمدرسة تقنية فنيّة ويتخرّج منها بشهادة فني كيميائي. الدعوة والاعتراف... 21 أيلول/سبتمبر 1952، كان يوماً غير عادي لخورخي، فيه اكتشف المراهق الأرجنتيني (16 عاماً) دعوته إلى الكهنوت بعد ذهابه إلى الاعتراف في يوم عيد الطلاب في الأرجنتين وعيد القديس متى. سرد البابا تفاصيل ذلك النهار: "قبل ذهابي إلى الحفلة، مرّرت على الكنيسة ووجدت كاهناً لم أكن أعرفه وشعرت بالحاجة إلى الاعتراف. كانت هذه بالنسبة إلي تجربة لقاء، وجدت شخصاً كان ينتظرني". كان ذلك في كنيسة سان خوسيه دي فلوريس. وتابع: "لا أعرف ماذا حدث، لا أتذكّر، لا أعرف لماذا كان ذلك الكاهن الذي لم أكن أعرفه، ولا أعرف لماذا شعرت بتلك الرغبة في الذهاب إلى الاعتراف، لكن الحقيقة أنّ شخصاً ما كان ينتظرني. كان ينتظرني منذ وقت طويل. وبعد الاعتراف شعرت أن شيئاً ما قد تغيّر". بعد ذلك الاعتراف، لفت إلى أنّه لم يعد هو نفسه قائلاً: "قد سمعت شيئاً مثل صوت، نداء: كنت مقتنعاً بأنّني يجب أن أكون كاهناً". في مقابلة مع صحيفة إسبانية نُشرت في 12 آب/أغسطس 2015، كشف ابن شقيق البابا فرنسيس، خوسيه إغناسيو بيرغوليو، أن والدة البابا عارضت بداية دعوته الكهنوتية، وقال: "لأقول الحقيقة، كان عمّي قد وعد جدّتي بأنّه سيبدأ بدراسته في الطب لكنّه في النهاية اختار شفاء النفوس... ذهبت ريجينا إلى غرفة عمّي، ولدهشتها الكبيرة، اكتشفت أنّه يتبع دورة للدخول إلى المدرسة اللاهوتية. كانت هناك كتب باللغة اللاتينية، في اللاهوت. فصرخت خورخي، لقد كذبت عليّ فردّ قائلاً: لا، أمّي، أنا أدرس الطب للأرواح". بمرور الوقت، قبلت الأم اختياره بل طلبت منه مباركتها عندما سيمَ كاهناً. وعن هذه الدعوة، لفت خوسيه بيرغوليو إلى أن عمّه كان يفكّر في إعلان حبّه لشابة عندما اختبر دعوته إلى الكهنوت"، مضيفاً: "في أحد أيّام الربيع كان من المقرّر أن يذهب في نزهة مع الأصدقاء. وفي ذلك اليوم نفسه كان يفكّر في إعلان حّبه لفتاة كان يحبّها كثيراً، لكنّه مرّ أمام الكنيسة وغيّر قراره. دخل ليصلّي وذهب للاعتراف واكتشف أن حبّه الحقيقي كان لله". رحلة الكهنوت... مع مباركة والدته وصلاتها، انضمّ بيرغوليو إلى الرهبنة اليسوعية (22 عاماً) عام 1958. هي جماعة تابعة للكنيسة الكاثوليكية تأسّست في أوروبا في القرن السادس عشر. دخل المعهد الإكليريكي فيلاديفوتو، درس العلوم الإنسانية واللاهوتية في تشيلي، وفي 12 آذار/مارس 1960 أشهر نذوره الرهبانية فأصبح عضواً رسمياً عاملاً في الرهبنة. من عام 1964 إلى عام 1965، درَّس خورخي الأدب وعلم النفس في كلية الحبل بلا دنس في "سانتا في"، ثم بعد عام، درَّس المواد نفسها في كلية السلفاتوري في بوينس آيرس. رُسم كاهناً في 13 كانون الأول/ديسمبر عام 1969 على يد رئيس الأساقفة رامون خوسيه كاستيلانو. وبعد رسامته، عمل كاهناً رعوياً في أحياء عدّة في بوينس آيرس بالإضافة إلى مدرّس ومرشد روحي. من عام 1973 إلى عام 1979، كان الأب بيرغوليو رئيساً إقليمياً لليسوعيين في الأرجنتين. تابع الأب اليسوعي تعليمه، فدرس الفلسفة واللاهوت في كلية سان خوسيه في سان ميغيل في بيونس آيرس. وعُيّن عميداً للكلية من 1980 إلى 1986. في 3 حزيران/يونيو 1997، عُيّن مساعداً لرئيس أساقفة بوينس آيرس كارلوس كاردينال سامور. وأصبح رئيس أساقفتها في 28 شباط/فبراير عام 1998. مع هذه المسيرة، تميّز الأب اليسوعي النشيط بحبّه للفقر والفقراء، وقال ذات مرّة: "شعبي فقير وأنا واحد منهم". اكتفى بالعيش في شقّة صغيرة بدلاً من مقر رئاسة الأساقفة الفخم، وتخلّى عن سيارة الليموزين مع السائق الشخصي واستخدم وسائل النقل العام. ولم يتوقّف عن الدراسة، إذ في عام 1986 حصل على درجة الدكتوراه في اللاهوت في فرايبورغ في ألمانيا. عيّنه البابا يوحنا بولس الثاني كاردينالاً في 21 شباط/فبراير عام 2001. البابا الرقم 266 في 11 شباط/فبراير 2013، فاجأ البابا الراحل بنديكتوس السادس عشر الكنيسة والعالم باستقالته ما استدعى انتخاب بابا جديد. ليل 13 آذار/مارس، خرج الدخان الأبيض معلناً البابا الرقم 266: الكاردينال خورخي ماريو بيرغوليو (76 عاماً). انتُخب بغالبية 115 كاردينالاً في اليوم الثاني والتصويت الخامس لمجمع الكرادلة. هو أول يسوعي يقود الكنيسة الكاثوليكية، وأول بابا من أميركا اللاتينية وأول بابا من الأميركتين، وأول بابا غير أوروبي منذ 1277 عاماً، وتحديداً منذ البابا غريغوري الثالث من سوريا الذي توفّي عام 741. في مقابلة ابن شقيقه مع الصحيفة الإسبانية، ذكر أن عمّه "لم يكن يريد أن يصبح بابا"، وقال: "مثل كل يسوعي، كان ولا يزال شخصاً منفصلاً، ثم شعر بارتباط شديد ببوينس آيرس". وأضاف: "عندما سُئل عّما إذا كان يرغب في أن يصبح بابا، أجاب بالطبع لا. ولكن في لحظة الانتخاب لم يكن هناك خيار: كان عليه أن يقبل. كان يعلم أن هذه هي خطّة الله". اسم فرنسيس... "بابا الشعب والفقراء" فور انتخابه وفي أولى قراراته، رفض البابا الجديد ارتداء الـ"موفِّيتا" المصنوعة من القماش المخمل الأحمر والصليب الذهبي وزوج الأحذية الحمراء المجهّزة له بل احتفظ بصليبه الفضي وحذائه الأسود، متّخذاً اسم فرنسيس. في أول لقاء إعلامي له، شرح اختياره لاسمه تيمّناً بالقديس فرنسيس الأسيزي، فقال: "الرجل الذي يمنحنا روح السلام هذه، الرجل الفقير. أريد كنيسة فقيرة ومن أجل الفقراء. القديس فرنسيس جلب للمسيحية فكرة الفقر ضدّ ترف السلطات المدنية والكنسية وكبريائها وغرورها في ذلك الوقت. لقد غيّر التاريخ". ولفت إلى أنّه عندما أصبح واضحاً خلال التصويت لانتخابه، عانقه الكاردينال البرازيلي كلاوديو هوميس قائلاً له: لا تنسَ الفقراء"، ما جعله يفكّر في هذا القديس. لشدّة تأثّره بالقديس فرنسيس، تخلّى البابا عن الشقّة الواسعة التي كان يستخدمها أسلافه في مقابل جناح صغير في دار الضيافة في الفاتيكان، وهو عبارة عن شقّة من غرفتين، متجاهلاً المقر الصيفي البابوي الفخم في كاستل غاندولفو. وفي ليلة انتخابه، استقلّ الحافلة مع الكرادلة إلى الفندق الذي يقيم فيه بدلاً من أن يركبوا معه في السيارة البابوية. وصباح 14 آذار/مارس، خرج البابا من الفاتيكان في موكب من السيارات التي لا تحمل علامات مميّزة للصلاة في إحدى الكنائس. وفي طريق عودته، أصرّ على تسوية فاتورته في فندق لرجال الدين وسط روما. ما نعرفه... ولا نعرفه عن فرنسيس! -عن تفاصيل دفنه... تميّز البابا فرنسيس بتواضعه، وقد اكتسب شعبية كبيرة عند الكبار والصغار. ومنذ سيامته كاهناً إلى تسلّمه كرسي بطرس، كانت بساطته المفتاح إلى قلب المؤمنين والعالم. طيلة سنواته الـ88، مرّ "بابا الشعب" بمواقف ومحطّات ستكشف شخصيّة هذا الرجل، وجوانبه المعروفة والمخفيّة. مع استمرار وجوده في المستشفى، ولا أحد قادر على التدخّل بمشيئة الله، يعود إلى الواجهة تخلّي البابا عن عُرف استمر لقرون بدفن الباباوات في 3 توابيت متشابكة مصنوعة من خشب السرو والرصاص والبلوط.، إذ سيُدفن بدلاً من ذلك في تابوت خشبي واحد مبطّن بالزنك. ولن يوضع البابا بعد رحيله فوق منصّة مرتفعة، تعرف بـ"كاتافالك"، في كاتدرائية القديس بطرس ليتمكّن الزوار من وداعه في روما، إلا أنّ جثمانه سيظل داخل التابوت من دون الغطاء. وعلى عكس العديد من الباباوات أيضاً، والموجودة توابيتهم في سراديب الفاتيكان في الكهوف تحت كنيسة القديس بطرس، كشف البابا فرنسيس بنفسه عن أنّه قام بإعداد قبره في كنيسة القديسة مريم الكبرى في روما، ليكون أول بابا يُدفن خارج الفاتيكان منذ أكثر من قرن. -كاد أن يصبح بابا عام 2005... بعد وفاة البابا القدّيس يوحنا بولس الثاني، ورد أن الكاردينال خورخي بيرغوليو (البابا فرنسيس) حصل على ثاني أكبر عدد من الأصوات في المجمّع البابوي لكن البابا بنديكتوس السادس عشر كان هو الفائز. -8 لغات... برز حبّ البابا فرنسيس للعلم والأدب فهو يتحدّث 8 لغات: الإسبانية (اللغة الأم) والإيطالية والفرنسية والألمانية والبرتغالية واللاتينية والأوكرانية والبيدمونتية، وهي لهجة معروفة في الجزء الشمالي الغربي من إيطاليا. حتّى أن البابا ذهب للعيش في أيرلندا لمدّة من كانون الثاني/يناير عام 1980 لتعلّم اللغة الإنكليزية عندما كان يبلغ من العمر 43 عاماً. - طبقه المفضّل... الـ"Bagna Cauda"، وهو طبق بييمونتي (منطقة في شمال غرب إيطاليا) تقليدي محضّر من الأنشوا والزيت والثوم. ويحب البابا فرنسيس أيضاً طهي وجباته بنفسه متى استطاع، وهو خبير في طهي الطبق الإسباني المعروف الـ"بايلا". -رقصة الـ"تانغو" وصديقة... قبل سيامته كاهناً وفي فترة شبابه، كان خورخي يستمتع برقصة الـ"تانغو"، وكان يحب أيضاً رقصة الـ"ميلونغا". وحتّى أنّه كان لديه صديقة وكان يحب الخروج للرقص معها. -وظائف بيرغوليو... كأي شاب، عمل خورخي بيرغوليو في وظائف عدّة لكسب المال. وظيفة الأولى كانت تنظيف أرضيات شركة الجوارب التي كان يعمل فيها والده في بوينس آيرس. وعمل كفنّي كيميائي في قسم الأغذية في مختبر هيكيثير باخمان. وفي عام 2013، أعلن أنّه عمل حارساً في ملهى ليلي وبواباً. -فريق كرة القدم المفضّل... يواصل البابا فرنسيس تشجيع فريق "سان لورينزو دي ألماغرو" من بوينس آيرس، إذ يتابع آخر أخباره بفضل حارس سويسري يطلعه عليها كل أسبوع. -فيلمه المفضّل... "لا سترادا" للمخرج فيديريكو فيليني، الحائز على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي عام 1957. -لا يشاهد التلفاز... كشف البابا فرنسيس عن أنّه لم يشاهد التلفاز منذ 15 تموز/يوليو 1990، عندما وعد مريم العذراء على جبل الكرمل بأنّه لن يفعل ذلك بعد الآن، وقال: "شعرت أن الله يطلب مني أن أفعل ذلك". -بابا "متخفّي"... عام 2013، خرج البابا فرنسيس ليلاً مرتدياً زيّ كاهن لإعطاء الصدقات ومساعدة الفقراء في شوارع روما. كان البابا يتسلّل خارج الفاتيكان من وقت لآخر. ذات مرّة، زار طبيب عيون شخصياً. وأثناء جائحة كورونا عام 2022، زار متجر لشراء أسطوانات يوهان باخ وفولفغانغ موزارت. -سيارة وحقيبة وسوداء... لا يحبّ البابا فرنسيس السيارات البابوية المقاومة للرصاص معتبراً أنّها "علب السردين". إلى ذلك، وفي أول رحلة خارجية له إلى البرازيل، لفت البابا انتباه العالم بحمله لحقيبته الخاصّة. وعندما سُئل عن محتوياتها، أوضح أنّها تحتوي على كتاب الصلوات، كتاب عن حياة القدّيسين وشفرته الخاصّة للحلاقة. -شخصيّة العام... اختير فرنسيس كشخصيّة العام من قبل مجلة "تايم" عام 2013. وهو البابا الوحيد الذي ظهر على الإطلاق في مجلة "رولينغ ستون" عام 2014. -ألبوم... في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، أصدر البابا فرنسيس ألبوم روك بعنوان "Wake Up"، أنتجه القسّ الإيطالي الأب جوليو نيروني. ويشمل الألبوم الذي يضم 11 أغنية مقتطفات من عظات وكلمات مهمّة ألقاها البابا فرنسيس باللغات الإسبانية والإيطالية والإنكليزية والبرتغالية مركّبة على خلفية من الموسيقى مختلفة الأنماط. -محاولتا اغتيال... كشف البابا فرنسيس عن إحباط محاولتين لاغتياله خلال زيارته إلى العراق عام 2021. وقال إنّه تلقّى تحذيراً من تقرير صادر عن أجهزة الأمن البريطانية يفيد بأنّ شابّة تحمل متفجّرات كانت في طريقها إلى الموصل لتفجير نفسها أثناء زيارته. وأضاف أنّه قيل له إنّ شاحنة "غادرت بسرعة عالية بالنية نفسها". -أول زيارة لدولة خليجية... في 3 شباط/فبراير 2019، حط البابا فرانسيس في دولة الإمارات العربية المتّحدة ما جعله أول بابا يزور دولة خليجية عربية. وفي 5 شباط/فبراير، أصبح فرنسيس أول بابا يحتفل بالقداس في شبه الجزيرة العربية، تحديداً في أبو ظبي. وقد وقّع خلال الزيارة على بيان مشترك بشأن الأخوة الإنسانية مع شيخ الأزهر أحمد الطيب. -علاج نفسي... روى البابا بنفسه أنّه عندما كان في سن الـ42، ذهب للعلاج لمدّة 6 أشهر مع طبيبة نفسية يهودية. وقال: "كانت جيّدة جدّاً ومهنية للغاية". -يوم صعب آخر... في سن الـ44، عانى الأب خورخي من التهاب المرارة، وخضع لعملية جراحية عام 1980 على يد الجراح الأرجنتيني خوان كارلوس بارودي، فأنقذ حياته، وقال البابا عن ذلك النهار: "شعرت وكأنّني أموت". عام 2014، بعد 34 عاماً، عقد الرجلان اجتماعاً خاصّاً في الفاتيكان. -ديكتاتورية واتّهامات... تطرّق البابا عن فترة الحكم الدكتاتوري في الأرجنتين في كتاب "الحياة، قصّتي في التاريخ" وكيف ساعد بعض الإكليركيين في الإفلات من اعتقالهم من قِبل السلطات العسكرية في ظل دكتاتورية خورخي فيديلا (1976-1981)، وهي الفترة التي تُعرف في تاريخ الأرجنتين بـ"الحرب القذرة". وأشار إلى الاتّهامات غير الصحيحة التي وُجّهت إليه بالتعاون مع الحكم العسكري. ويتحدّث عن إرساله إلى قرطبة عقاباً له حين كان مسؤولاً عن اليسوعيين الشبّان، ووصف وجوده هناك بـ"فترة تطهّر". وقال أدولفو بيريز إسكيفيل، الناشط الحقوقي الحائز على جائزة نوبل للسلام والذي تعرّض للسجن والتعذيب على يد النظام آنذالك، لـ"بي بي سي نيوز": "كان هناك بعض الأساقفة الذين كانوا متواطئين مع الجيش لكن بيرغوليو ليس واحداً منهم". -صداقة... "الصداقة شيء مقدّس للغاية"، هي عبارة البابا والتي طبّقها فحافظ على عدد من أصدقاء الماضي رغم تسلّمه الكرسي الرسولي. البابا فرنسيس... قرارات ومواقف للتاريخ قبل البابوية، كان لعظات الأب اليسوعي تأثير في الأرجنتين، إذ شدّد على الإدماج الاجتماعي، منتقداً بشكل غير مباشر الحكومات التي لا تولي اهتماماً للأشخاص الذين يعيشون على هامش المجتمع. وعلى رأس الكنيسة الكاثوليكية، هاجم البابا فرنسيس غياب العدالة الاقتصادية، داعياً إلى انتهاج أساليب جديدة للتفكير بما يتعلّق بالفقر والرفاهية والتوظيف والمجتمع. في مواقفه الأكثر جدلية، رأى أن الكنيسة يجب أن تعتذر للمثليين بدلاً من إدانتهم. وقال في حزيران/يونيو 2013: "إذا كان الشخص مثلياً ويبحث عن الله ولديه إرادة حسنة، فمن أنا لأحكم عليه"، ما يعكس التسامح والرحمة والانفتاح لدى بابا الفاتيكان. في مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس"، اعتبر أن القوانين التي تجرّم المثلية الجنسية ظالمة وينبغي على الأساقفة الكاثوليك الترحيب بالمثليين في الكنيسة بدلاً من تهميشهم، قائلاً: "نحن جميعاً أبناء الله". وأجرأ القرارات، في كانون الأول/ديسمبر 2023، وافق رسمياً على مباركة الأزواج من الجنس نفسه بوثيقة رسمية صادرة عن الفاتيكان، مشدّدة على أن هذه المباركات تهدف إلى إظهار محبّة الله ورحمته للأفراد، من دون الاعتراف بالزواج كسر مقدّس. وقد عارض البابا فرنسيس مبدأ تبنّى المثليين للأطفال مشيراً إلى أن الأطفال بحاجة إلى الأب والأم بشكل تقليدي لكي ينشأوا في بيئة مستقرّة ومتوازنة. في مواقفه أيضاً، دعم قضية المهاجرين ومساندتهم وقارن مراكز احتجازهم بمعسكرات الاعتقال. وكان جزء مهم من بابوية فرنسيس هو تقديم اعتذارات علنية للناجين من الاعتداءات الجنسية التي ارتكبها رجال الدين في الكنيسة. إلى ذلك، شجّع البابا فرنسيس مشاركة أكبر للمرأة في الكنيسة، إلّا أنّه لم يدعم سيامتها للكهنوت. وقد أشاد بمساهمات الراهبات والعلمانيّات، معترفاً بدورهن الحيوي في رسالة الكنيسة. في 11 كانون الثاني/يناير 2021، سمح البابا فرنسيس للأساقفة بتثبيت النساء في خدمتَي المساعد والمبشّر. وفي شباط/فبراير 2021، عيّن البابا عضو راهبات الإرساليات في فرنسا ناتالي بيكوارت كأوّل أمينة مشاركة لسينودس الأساقفة. وأصبحت القاضية الإيطالية كاتيا سوماريا أول امرأة في محكمة الاستئناف في الفاتيكان. في 26 نيسان/أبريل 2023، أعلن البابا أنّه سيُسمح لـ35 امرأة بالتصويت في الجمعية العامّة العادية السادسة عشرة لسينودس الأساقفة (أي ما يزيد قليلاً عن 10% من مجموع المصوّتين)، وهي المرّة الأولى التي يُسمح فيها للنساء بالتصويت في أي سينودس كاثوليكي للأساقفة. في أيلول/سبتمبر 2015، أعلن البابا أنه سيُسمح للكهنة في جميع أنحاء العالم بمسامحة "خطيئة الإجهاض" خلال "سنة الرحمة"، الذي بدأ في أوائل كانون الأول/ديسمبر 2015. ولكن رغم منحه سلطة الغفران، لا يزال يعارض الإجهاض بشدة، معتبراً إيّاه جريمة ضد الحياة. في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، مع نهاية "سنة الرحمة"، قرّر البابا تمديد قراره إلى أجل غير مسمّى. كانت الشفافية المالية والمساءلة من المحاور الرئيسية لإصلاحات البابا فرنسيس، فأشرف على إعادة هيكلة بنك الفاتيكان، الذي واجه العديد من الفضائح. وأشرف على إصلاحات عدّة تهدف إلى تحسين الحكم داخل أروقة الفاتيكان.


روسيا اليوم
٢١-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- روسيا اليوم
محطات كسر فيها البابا فرانسيس القواعد والصور النمطية (فيديو وصور)
منذ توليه منصب البابوية في مارس 2013، أصبح الأرجنتيني خورخي بيرغوليو، المعروف باسم البابا فرانسيس، بطلا للعديد من اللحظات العاطفية والمدهشة في المنصب الذي شغله حتى وفاته، وذلك بفضل شخصيته التي دفعته في كثير من الأحيان إلى كسر البروتوكول. كانت كلماته وإيماءاته على رأس الفاتيكان محط حديث الكثيرين، خاصة بسبب منهجه المباشر في لقاءات مع المؤمنين وكذلك مع شخصيات عالمية مشهورة. بعيدا عن كل البهرجة والتباهي، أسقط بيرغوليو مؤسسة كانت في السنوات الثماني السابقة قد شابتها المشاكل والفضائح. كما ألقى خطابات كان لها معنى مبتكر في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، خاصةً بسبب إخلاصه وقربه من الفقراء والمرضى، ونقده للاستهلاكية والرأسمالية، ورسائله إلى مجتمع الميم*، وشكوكه حول سلوك أعضاء الكنيسة نفسها. أقرب إلى الناس بعض أكثر لحظات البابا الراحل تأثيرا وتميزا حدثت خلال أول رحلة له خارج روما. في ريو دي جانيرو (البرازيل)، قام البابا الأعلى بتنظيم اليوم العالمي للشباب في يوليو من ذلك العام الأول من بابويته. هناك، بينما كانت سيارة البابا تمر متجهة إلى قصر رئيس الأساقفة في ريو، ظهر طفل من بين الحشود. سمح رجال الأمن له بالاقتراب من البابا، الذي عانقه بينما كان الصبي يبكي من شدة التأثر. قال الصبي البالغ من العمر 9 سنوات، والذي تم التعرف عليه لاحقًا باسم ناثان دي بريتو: "قداستك، أريد أن أكون كاهنًا للمسيح، ممثلًا للمسيح". دي بريتو هو الآن مرشح في نظام الإخوة الأصغر سناً في روندونوبوليس في ماتو غروسو دو سول. 📸Nathan de Brito o menino que abraçou o Papa na JMJ Rio, entrou para a vida religiosa. Em 2013 Nathan tinha 9 anos de idade, na época a foto do menino com o Papa ficou famosa em todo o mundo. في نوفمبر 2013، خلال استقبال في ساحة القديس بطرس، طلب فرانسيس، الذي كان يتنقل في المكان بسيارة البابا المفتوحة للاقتراب من الناس، إيقاف السيارة ليعانق رجلا يعاني من الورم العصبي الليفي - وهو مرض وراثي يسبب تشوهات جلدية شديدة وأوراما في الأنسجة العصبية وتشوهات خطيرة. رغم أن المرض غير معدي، فإن مظهر المرضى يجعلهم ضحايا لكل أنواع النبذ. من خلال هذه الإيماءات، أعرب البابا عن التضامن والفهم. شيء مشابه حدث عندما قرر إرسال 200 دولار لسيدة تبلغ من العمر 80 عامًا كتعويض عن الضرر بعد أن كتبت له رسالة تحكي فيها كيف تعرضت للسرقة في مدينة إيطالية قرب البندقية بينما كانت ترافق زوجها المريض إلى المستشفى. خارج القواعد أيضا في السنة الأولى من بابويته، ترك البابا الجميع في حيرة، بما في ذلك حراس الحرس السويسري البابوي الذين يحمون الكرسي الرسولي. بارتكابه فعلا آخر خارج البروتوكول، قدم كرسيًا لأحد الضباط وأحضر له ساندويتش، مع علمه بأنه وقف طوال الليل. طلب بيرغوليو من الحارس الجلوس، لكنه رفض لأنه كان ملتزما بالقواعد. أجاب زعيم الكاثوليك: "القواعد؟ أنا البابا وأطلب منك الجلوس". أطاع الحارس وجلس ليأكل. قال البابا: "بالعافية، أخي"، وفقا لتقارير الصحافة. انتشرت صورة بيرغوليو وهو يغسل ويقبل أقدام السجناء خلال فترة بابويته. زار فرانسيس مراكز احتجاز للرجال والنساء والقصر. كما فعل الشيء نفسه مع اللاجئين المسلمين وأتباع الديانات الأخرى. El papa lava los pies de 12 reclusas en la celebración de la Misa de La Última Cena del Señor حدثت إيماءة أخرى لا تُنسى في عام 2017، عندما دعا اليسوعي الأرجنتيني الأمهات إلى إرضاع أطفالهن "بدون خوف" خلال حفل تعميد في كنيسة سيستينا بالفاتيكان. عمد البابا 28 رضيعا: 15 ولدا و13 بنتا، معظمهم أطفال موظفي الكرسي الرسولي. في لحظة ما، بدأ بعضهم في البكاء. قال فرانسيس مازحا بالإيطالية: "الحفل قد بدأ بالفعل". وأضاف: "بما أن الحفل طويل قليلا، قد يبكي بعضهم من الجوع. إذا حدث ذلك، أيها الأمهات، أرضعنهم دون خوف، كما كانت العادة عندما أرضعت السيدة العذراء يسوع". ترك رئيس أساقفة بوينس آيرس السابق صورة أخرى مؤثرة خلال استقبال عام في عام 2021، عندما قبل يد ناجية من معسكر الموت في أوشفيتز، في المكان نفسه الذي وشم فيه النازيون رقم الترحيل على جسدها. الجنستحدث البابا أيضا بصراحة عن القضايا الجنسية ومواضيع أخرى محظورة في الكنيسة الكاثوليكية التقليدية. في يوليو 2023، رد على رسالة شخص متحول جنسيا شكك في إيمانه بسبب هويته الجنسية. كتب البابا: "الله يحبنا كما نحن"، ردا على جيوني، الشابة البرتغالية التي كانت تبلغ من العمر 20 عاما آنذاك. وأضاف: "الرب دائما معنا، دامًا. حتى لو كنا خطاة، فهو يقترب لمساعدتنا". كما نصح جيوني والشباب الآخرين "بعدم الاستسلام" و"مواصلة المضي قدمًا". كما تجرأ على القول لمجموعة من 10 شباب إن الجنس هو "واحدة من أجمل الأشياء" التي منحها الله للإنسان. قال الزعيم الديني قبل عامين في فيلم وثائقي من إنتاج Disney+: "التعبير الجنسي مصدر للثراء". وأضاف: "كل ما يشوه التعبير الجنسي الحقيقي يحط من قدرك ويستنزف هذا الثراء"، في إشارة إلى العادة السرية والإباحية. في أغسطس 2021، ارتكب خورخي بيرغوليو فعلا آخر غير متوقع يخالف قواعد الكرسي الرسولي: قرر الرد على مكالمة هاتف محمول رغم وجوده بين جمهور كبير وأمام المصلين الحاضرين في الحدث. El papa Francisco atendió una llamada telefónica durante una audiencia general sostenida este miércoles en el Aula Pablo VI del Vaticano, sorprendiendo a los feligreses que asistían al evento ➡ المصدر: RT أفادت وكالة "رويترز" بأن هناك عددا من الكرادلة الذين يتم تداول أسمائهم كمرشحين محتملين لخلافة البابا فرنسيس الذي أعلن الفاتيكان وفاته اليوم الاثنين عن عمر ناهز 88 عاما. شهدت الاتصالات بين الكنيسة الأرثوذكسية الروسية والكنيسة الكاثوليكية الرومانية تطورا نشطا على جميع المستويات في السنوات الأخيرة، ولعبت شخصية البابا فرنسيس دورا هاما في كل ذلك. يحدد الدستور الرسولي Universi Dominici Gregis الإجراءات الواجب اتباعها بعد وفاة البابا، بما في ذلك مراسم الجنازة وعملية انتخاب خليفته. توفي البابا فرنسيس، الأسقف الأرجنتيني الذي أحدث ثورة في الكنيسة الكاثوليكية، بعد أن عانى من عدة مشاكل صحية بسبب تداعيات آلام الركبة والظهر، وكان يتنقل على كرسي متحرك. ظهر البابا فرنسيس أمس الأحد من شرفة كاتدرائية القديس بطرس، في ظهور مفاجئ له في عيد الفصح، والذي كان آخر ظهور له قبل وفاته صباح اليوم الاثنين. أعلن الفاتيكان اليوم الاثنين، وفاة البابا فرنسيس عن عمر ناهز الـ88 عاما، وذلك بعد معاناة من مشاكل صحية.


الوسط
٢١-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الوسط
من أمريكا اللاتينية إلى الفاتيكان: من هو البابا فرنسيس؟ وكيف غيّر مسار الكنيسة الكاثوليكية بإصلاحات جريئة؟
EPA أعلن الفاتيكان وفاة البابا فرنسيس يوم الاثنين الموافق 21 أبريل نيسان 2025، عن عمر يناهز 88 عاماً، في مقر إقامته في دار القديسة مارتا بالفاتيكان. فمن هو البابا فرنسيس؟ شهدت حبرية البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، عدداً من القضايا غير المسبوقة خلال سعيه المتواصل من أجل إجراء إصلاحات داخل الكنيسة الكاثوليكية، والحفاظ في ذات الوقت على مكانته بين المؤمنين المحافظين. كان البابا فرنسيس أول بابا يأتي من الأمريكتين أو من النصف الجنوبي للكرة الأرضية، في سابقة لم تتكرر منذ أن أُسدل الستار على عهد البابا غريغوريوس الثالث، ذو الأصول السورية، عام 741 ميلادياً. كما كان أول بابا ينتمي إلى الرهبنة اليسوعية على كرسي القديس بطرس، رغم نظرة روما إلى أبناء هذه الرهبنة بعين الحذر والتوجس عبر العصور. وفي سابقة لم تشهدها الكنيسة منذ نحو ستة قرون، تنحى البابا بنديكتوس السادس عشر، سلف البابا فرنسيس، عن حبريته طوعاً، بيد أن "حدائق الفاتيكان" ظلت ملتقى البابوين على مدار نحو 10 سنوات. كان الكاردينال بيرغوليو، البابا فرنسيس فيما بعد، القادم من الأرجنتين، قد بلغ العقد السابع من عمره، حينما اعتلى الكرسي الرسولي في عام 2013، وسط توقعات العديد من الكاثوليك وقتها بأن الحبر الأعظم الجديد سيكون رجلاً أصغر سناً. قدّم بيرغوليو نفسه على أنه مرشح توافقي، مستقطباً المحافظين بتمسكه بالآراء التقليدية في القضايا الجنسية من جهة، والإصلاحيين برؤيته المنفتحة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية من جهة أخرى. كما عُلِّقَت عليه الآمال كي تُضفي خلفيته غير التقليدية روحاً جديدة على الفاتيكان، تبعث فيه الحيوية وتجدد رسالته المقدسة. بيد أن رياح الإصلاح التي حملها البابا فرنسيس واجهت تيارات اتسمت بالمقاومة داخل أروقة الفاتيكان البيروقراطية، فيما احتفظ سلفه، الذي توفي في عام 2022، بشعبيته بين المحافظين. "تصميم على التفرّد والاختلاف" Getty Images أظهر البابا فرنسيس، منذ أن تبوأ كرسي البابوية، إصراراً على انتهاج أسلوب مغاير، استهله باستقبال كرادلة الكنيسة بطريقة غير رسمية، واقفاً بين الحاضرين، متخلياً عن الجلوس على الكرسي البابوي. وفي الثالث عشر من مارس/آذار عام 2013، ظهر البابا فرنسيس من الشرفة المطلّة على ساحة القديس بطرس، متشحاً باللون الأبيض في تواضع وبساطة، واختار اسماً جديداً هو فرنسيس، تيمناً بالقديس فرنسيس الأسيزي، الواعظ الشهير ومحب الحيوانات في القرن الثالث عشر الميلادي. آثر البابا فرنسيس التواضع على الفخامة ومظاهر البذخ، متخلياً عن استخدام عربات الليموزين البابوية، وحرصه على مشاركة الكرادلة في رحلاتهم بالحافلة. رسم البابا فرنسيس درباً أخلاقياً لرعيته من مؤمني الكنيسة الكاثوليكية، التي تضم نحو 1.2 مليار مؤمن، قائلاً: "آه، كم أودّ أن تكون الكنيسة فقيرة ومن أجل الفقراء". Getty Images وُلِد خورخي ماريو بيرغوليو في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس في 17 ديسمبر/كانون الأول عام 1936، وكان الابن البكر بين خمسة أبناء، فر والداه من وطنهما إيطاليا هرباً من ويلات الفاشية. كان بيرغوليو شغوفاً برقص التانغو، كما كان مشجعاً لنادي كرة القدم المحلي، سان لورينزو. وكادت نوبة التهاب رئوي حادة أن تودي بحياته، لولا نجاته بأعجوبة في أعقاب جراحة لاستئصال جزء من رئته، الأمر الذي جعله عرضة لمخاطر العدوى طيلة حياته. وفي سنوات شيخوخته، عانى من آلام مزمنة في ركبته اليمنى، واعتبر هذه الآلام "إماتة للجسد". عمل بيرغوليو في شبابه كحارس ملهى ليلي وعامل نظافة، قبل أن يُكمل دراسته لاحقاً في مجال الكيمياء. كما عمل في أحد المصانع المحلية مع إستير باليسترينو، التي كانت ناشطة مناهضة للحكم العسكري في الأرجنتين، وتعرضت للتعذيب، وظل مصير جثتها مجهولاً. انضم بيرغوليو إلى الرهبنة اليسوعية، ودرس الفلسفة، ثم اتجه إلى تدريس الأدب وعلم النفس، وبعد عشر سنوات من سيامته في الكهنوت، ارتقى سريعاً في سلّم الرهبنة حتى تبوأ منصب الرئيس الإقليمي للرهبنة اليسوعية في الأرجنتين عام 1973. "اتهامات وانتقادات" Getty Images كان البابا فرانسيس من مشجعي فريق سان لورينزو لكرة القدم المحلي في بوينس آيرس طيلة حياته رأى البعض أن بيرغوليو لم يبذل جهداً كافياً لمعارضة الجنرالات الذين حكموا الأرجنتين بقبضة عسكرية شديدة. واتُهم بالتواطؤ في حادثة اختطاف عسكري لاثنين من القساوسة إبان ما يعرف باسم "الحرب القذرة" في الأرجنتين، وهي فترة امتدت من عام 1976 إلى 1983، شهدت تعرض آلاف الأشخاص للتعذيب أو القتل أو الاختفاء القسري. ورغم أن القسّين تعرّضا للتعذيب، إلا أنهما وُجدا لاحقاً على قيد الحياة، ولكن في حالة إعياء شديدة، تحت تأثير تخدير، ونصف عاريين. كما وُجّهت لبيرغوليو اتهامات بالتقاعس عن إبلاغ السلطات بأن الكنيسة كانت تشجع عمل القسّين في الأحياء الفقيرة، الأمر الذي كان سيعني تركهما تحت رحمة فرق الموت، إن صحت تلك المعلومات، بيد أنه نفى الاتهامات بشكل قاطع، مشدداً على أنه بذل جهوداً سرّية لإنقاذهما. وعندما سُئل عن سبب صمته، قيل إنه أجاب وقتها بأن الأمر كان بالغ الصعوبة، والحقيقة أنه، في عمر السادسة والثلاثين، وجد نفسه وسط فوضى كانت ستُمتحن فيها حكمة أشد القادة خبرة، لكنه لم يتوان عن مساعدة الكثيرين ممن سعوا إلى الفرار خارج البلاد. لم يكن بيرغوليو على وفاق دائم مع زملائه اليسوعيين، الذين رأى بعضهم أنه لم يُبد اهتماما كافيا بـ "لاهوت التحرير"، وهو تيار فكري يجمع بين الفكر المسيحي وعلم الاجتماع الماركسي الرامي إلى مقاومة الظلم. أما هو، فقد فضّل اتباع نهج أكثر هدوءاً يستند إلى الدعم الرعوي. "البابا المتواضع" Getty Images منح البابا يوحنا بولس الثاني خورخي ماريو بيرغوليو رتبة رئيس أساقفة بوينس آيرس في عام 1998 رُسم بيرغوليو في رتبة أسقف معاون لمدينة بوينس آيرس عام 1992، ثم تولّى رتبة رئيس الأساقفة. ومنحه البابا يوحنا بولس الثاني رتبة كاردينال في عام 2001، وتولى مهام في الإدارة الكنسية، المعروفة باسم "الكوريا الرومانية". حرص بيرغوليو على ترسيخ صورة الرجل المتواضع، مبتعداً عن مظاهر البذخ التي تصاحب المناصب الكنسية الرفيعة، وكان يختار السفر في الدرجة الاقتصادية غالباً، وفضّل ارتداء ثوب الكهنوت الأسود، بدلا من الألوان القرمزية والأرجوانية التي ترمز إلى رتبته داخل الكنيسة. دأب البابا فرنسيس في عظاته على الدفاع بشدة عن العدالة الاجتماعية، منتقداً الحكومات التي تتقاعس عن الاهتمام بالفئات الأشد فقراً في المجتمع. وقال يوما ما: "نعيش في أكثر مناطق العالم تفاوتاً، شهدنا أعظم معدلات النمو، لكننا لم نحقق سوى أدنى حد من تقليص البؤس". سعى البابا فرنسيس، بوصفه الحبر الأعظم بجديّة، إلى معالجة الانقسام الذي استمر ألف عام بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية الشرقية. وفي اعتراف بهذه الجهود، شهد بطريرك القسطنطينية، لأول مرة منذ الانقسام الكبير عام 1054، مراسم تنصيب أسقف روما الجديد. Reuters جمع البابا فرنسيس الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز (يسار) ونظيره الفلسطيني محمود عباس من في صلاة من أجل السلام عام 2014 كما تعاون البابا مع طوائف الأنجليكان واللوثريين والميثوديين، ونجح في إقناع رئيسي إسرائيل وفلسطين بالمشاركة معه في صلاة من أجل إحلال السلام. وشدد البابا فرنسيس في عظة ألقاها، في أعقاب هجمات كان نفذها مسلحون مسلمون، على أنه ليس من الإنصاف وصم الإسلام بالعنف، وأضاف: "إن كنت سأتحدث عن العنف الإسلامي، فلابد أن أتحدث أيضاً عن العنف الكاثوليكي". وعلى الصعيد السياسي، أظهر دعمه لمطالبة الحكومة الأرجنتينية بجزر فوكلاند، وقال في مناسبة دينية: "نأتي اليوم لنرفع صلواتنا من أجل الذين سقطوا، أبناء الوطن الذين خرجوا دفاعاً عن أرضهم، والمطالبة بما هو حق لهم". وبحكم كونه متحدّثاً باللغة الإسبانية، ومن أصول أمريكية لاتينية، نهض البابا بدور جوهري في وساطة دبلوماسية عندما بدأت الحكومة الأمريكية خطواتها نحو تحقيق تقارب تاريخي مع كوبا، وهو دور دبلوماسي بارز من الصعب تخيّل بابا أوروبي يؤدي مثله. "التقليدي المحافظ" Reuters البابا فرنسيس يلتقي الرئيس السابق لكوبا فيدل كاسترو خلال زيارته إلى هافانا في عام 2015 كان البابا فرنسيس متمسكاً بالتقاليد الكاثوليكية في كثير من تعاليم الكنيسة. ووفقاً للمونسنيور أوزفالدو موستو، الذي زامله في المعهد الديني، كان البابا "صارماً جدا، مثل البابا يوحنا بولس الثاني، فيما يخص قضايا القتل الرحيم، وعقوبة الإعدام، والإجهاض، وحق الحياة، وحقوق الإنسان، والكهنوت المتبتل". وأكد البابا فرنسيس أن الكنيسة يجب أن ترحب بالجميع، بغض النظر عن ميولهم الجنسية، لكنه شدد على أن تبني الأزواج المثليين للأطفال يعد شكلاً من أشكال التمييز. وفيما أبدى البابا بعض المرونة بكلمات طيبة تؤيد شكلا من أشكال الاتحادات المدنية للأزواج المثليين، رفض في ذات الوقت تسمية ذلك بـ "الزواج"، معتبراً أنه "محاولة للنيل من مخطط الله". وعقب توليه الكرسي الرسولي في عام 2013، شارك في مسيرة مناهضة للإجهاض في روما، مشدداً على ضرورة حماية حق الأجنّة في الحياة "منذ بداية الحمل". كما ناشد أطباء النساء والتوليد بالاحتكام إلى ضمائرهم، ووجّه رسالة إلى إيرلندا، التي كانت تجري وقتها استفتاءً بشأن هذه القضية، طالبا من شعبهاً الحفاظ على حقوق الضعفاء. ورفض بشكل قاطع فكرة سيامة النساء، مشدداً على أن البابا يوحنا بولس الثاني حسم الأمر نهائياً. وعلى الرغم من أنه أبدى بعض الانفتاح على فكرة استخدام وسائل منع الحمل للوقاية من الأمراض، إلا أنه أيد تعاليم البابا بولس السادس، الذي حذّر من أن هذه الوسائل قد تسهم في اختزال دور المرأة إلى مجرد أداة لمتعة الرجل. وفي عام 2015، قال البابا فرنسيس أمام حشد في الفلبين إن استخدام وسائل منع الحمل يعدّ "تدميراً للأسرة من خلال حرمانها من الأبناء"، ولم يكن مجرد عدم انجاب الأطفال هو ما اعتبره مضراً، بل تعمّد عدم الإنجاب. "التصدي لقضية الاعتداء على الأطفال" Getty Images البابا فرنسيس يرتدي سترة صفراء للوقاية من الأمطار الغزيرة، ويلوح لحشود في مانيلا خلال زيارة إلى الفلبين واجه البابا فرنسيس خلال حبريته تحدياً صعباً من جهتين: من الذين تعالت أصواتهم تتهمه بعدم التصدي بحزم لقضية الاعتداء على الأطفال، ومن رفض المحافظين الذين رأوا في طريقته تمييعاً للإيمان، كما كانت مسألة منح المطلقين المتزوجين مجدداً الحق في تناول القربان المقدس من بين أكثر القرارات إثارة للجدل. ودأب المحافظون على استغلال قضية الاعتداءات على الأطفال أداة في حملتهم الطويلة. وفي أغسطس/آب عام 2018، أصدر رئيس الأساقفة كارلو ماريا فيغانو، السفير الرسولي السابق لدى الولايات المتحدة، إعلاناً مكوّناً من 11 صفحة، تحدّث فيه عن مجموعة التحذيرات التي وُجهت للفاتيكان بخصوص سلوك الكاردينال السابق، توماس مكاريك. كان مكاريك قد اتُهم بالاعتداء المتكرر على البالغين والقُصّر، وقال رئيس الأساقفة فيغانو إن البابا عيّنه "مستشاراً موثوقاً به" على الرغم من معرفته بفساده الكبير، وأضاف فيغانو أن الحل الأمثل في نظره هو تنحي البابا فرنسيس. وادعى رئيس الأساقفة أن "هذه الشبكات المثلية تعمل في الخفاء، وتمارس الخداع بقوة أذرع الأخطبوط، وهي بصدد خنق الكنيسة برمتها". وهدد الخلاف الناجم عن ذلك بإغراق الكنيسة في أزمة كبرى، وفي فبراير/شباط 2019، جرى تجريد مكاريك من الرتبة الكهنوتية عقب تحقيق أجرته سلطات الفاتيكان. Getty Images البابا فرنسيس أثناء لقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في عام 2023 وخلال تفشي جائحة كوفيد، ألغى البابا فرنسيس لقاءاته الدورية في ساحة القديس بطرس حفاظاً على الصحة العامة، وتفادياً لانتشار الفيروس، في خطوة تعكس نموذجاً بارزا للقيادة الأخلاقية، شدد على أن الحصول على اللقاح يشكل واجباً عالمياً. وفي عام 2022، أصبح أول بابا منذ ما يزيد على قرن يترأس مراسم جنازة سلفه، وذلك عقب وفاة البابا بنديكت السادس عشر عن عمر ناهز 95 عاماً. في تلك الفترة المرحلة، بدأت مشكلاته الصحية تتفاقم، مما استدعى خضوعه عدة مرات للعلاج في المستشفى، وعلى الرغم من ذلك، ظل البابا فرنسيس عازماً على مواصلة مساعيه لترسيخ السلام العالمي وتعزيز الحوار بين الأديان. وفي عام 2023، زار البابا فرنسيس جنوب السودان، وناشد القادة من أجل إنهاء الصراع. كما دعا إلى إنهاء "الحرب العبثية والشرسة" في أوكرانيا، بيد أن تصريحاته أثارت خيبة أمل الأوكرانيين، إذ بدت وكأنها تتبنى السرديّة الروسية التي تزعم أن الغزو كان رد فعل على استفزازات سابقة. وبعد عام، بدأ رحلة طموحة شملت أربع دول وقارتين، كان من بينها محطات في إندونيسيا وبابوا غينيا الجديدة وسنغافورة. Getty Images البابا فرنسيس يلتقط صورة مع مجسّم لحمامة السلام خلال زيارته للمكسيك اعتلى خورخي ماريو بيرغوليو كرسي البابوية عازماً على إحداث تغيير داخل الكنيسة. وقد يرى البعض أن الكنيسة كانت بحاجة إلى بابا أكثر تحرراً، فيما يردد المعارضون ما اعتبروه تراخياً في تصديه لقضايا الاعتداءات الجنسية داخل الكنيسة. إلا أنه، بلا شك، أحدث تغييراً ملموساً. عيّن البابا فرنسيس ما يربو على 140 كاردينالاً من دول غير أوروبية، وسوف يترك لمن يخلفه كنيسة تتمتع برؤية عالمية أوسع بكثير مما كانت عليه عندما تولى مهامه. ولإعطاء مثال على ذلك، كان البابا فرنسيس يجنح إلى البساطة، ولم يسكن في القصر الرسولي بالفاتيكان، الذي يضم كنيسة سيستين، بل فضّل الإقامة في المبنى الحديث (الذي بناه البابا يوحنا بولس الثاني كدار للضيافة). كان البابا فرنسيس يؤمن بأن السعي وراء مظاهر البذخ ضرب من الغرور، وقال ذات مرة: "أنظر إلى الطاووس، يبدو جميلاً من الأمام، لكن إذا نظرت إليه من الخلف، ستدرك الحقيقة". سعى البابا إلى إحداث تغيير في المؤسسة ذاتها، من خلال تعزيز مهمة الكنيسة التاريخية عبر تجاوز النزاعات الداخلية، والتركيز على الفقراء، وإعادة الكنيسة إلى الشعب. وعقب اختياره بابا الفاتيكان، قال: "علينا أن نحذر من مرض روحي يصيب الكنيسة عندما تنغلق على ذاتها". وأضاف: "لو كان عليّ أن أختار بين كنيسة جريحة تخرج إلى العالم، وكنيسة مريضة منغلقة على ذاتها، لاخترت الأولى".