أحدث الأخبار مع #تشوهات


الجزيرة
منذ 5 أيام
- صحة
- الجزيرة
أجنة مشوهة.. هكذا يتسلل رعب الحرب إلى أرحام الأمهات في غزة
غزة- إنها الصورة الأولى للجنين الذي تحمله سارة التي تقطن قطاع غزة في أحشائها منذ 6 شهور، تلمع عيناها وهي تنظر في شاشة التصوير التلفزيوني لفحص (الألتراساوند) لتتعرف على جنس طفلها الأول وتتأكد من سلامته. وبينما تمسك الطبيبة الجهاز بيدها وتمسح به فوق بطن سارة، تبدو مرتابة ومتوترة، ثم تضع الجهاز وتخرج لتنادي الطبيب المشرف الذي أعاد الفحص ثانية. وفي حين بدا الطبيبان في حالة مستغربة ويتحدثان معا بالإنجليزية، لم تستطيع سارة تفسير المشهد، ثم تنَّهد الطبيب قبل أن يصارحها قائلا: "إرادة الله شاءت أن تحملي طفلة بلا رأس"، مما حوَّل لهفة سارة لكابوس، وراحت تهز رأسها رافضة تصديق الخبر، وتوسلت للطبيب وهي تذرف دموعها "أمانة يا دكتور لا، أمانة قل لي إنك تمزح"، ثم انهارت وهي تحتضن بطنها وتقول: "حبيبتي يا ماما والله كنت أنتظرك على نار". بلا جماجم سألت الجزيرة نت، وقد حضرت في العيادة النسائية خلال الفحص، الطبيبة عما إذا كان بالإمكان "الإجهاض في هذه الحالات؟"، فقالت "من الناحية الشرعية لا يمكننا إجهاض الحمل إذا كان الطفل حيّا بعد الأسبوع الـ16، لأن الروح تكون قد نفخت في الجنين، إلا إذا كان وجود الجنين يشكل خطرا على الأم". إعلان وتواصل الطبيبة بعد أن تخلع قفازاتها "هذه الحالة الثانية التي تصلنا اليوم للتشوه نفسه، لقد أصبح الأمر مقلقا للغاية". "أطفال بلا جماجم يولدون بوجه كالضفدع" كما يصفهم الأطباء، حيث نشرت وزارة الصحة الفلسطينية صورة الطفلة ملك القانوع التي ولدت بهذا النوع من التشوه. وتواصلت الجزيرة نت مع والدة ملك التي منعتها حالة الانهيار التي تعيشها من الحديث، فقبل ميلادها بساعات علمت أم ملك أن طفلتها بلا جمجمة، ولم يسعفها الوقت لاستيعاب الصدمة فأجرت مباشرة عملية الولادة القيصرية لطفلتها المشوهة، التي تولت الجدة مسؤولية العناية بها، بعد أن رفضت الأم حملها أو النظر إليها أو حتى تغيير ملابسها. ولا تريد الأم لقلبها أن يتعلق بابنتها التي أخبرها الأطباء أنه يفصلها عن الموت أيام، وتقول الجدة للجزيرة نت: "لم تفتح ملك عينيها، ولم تر النور أو وجه أمها، وليس بمقدورها الرضاعة، فهي بلا فك، وأسقيها الحليب عبر أنابيب موصولة في الأنف". وتعتقد الجدة أنَّ تشوه الطفلة يعود لاستنشاق أمها كمية كبيرة من الغازات المنبعثة من الفسفور الأبيض الذي ألقته إسرائيل بكثافة حيث يقطنون في شمال قطاع غزة، كما لم تتمكن الأم من إجراء الفحوصات الروتينية نظرا لخروج المشافي القريبة عن الخدمة ونزوحهم المتكرر. وفي حين أطلقت ملك صرختها الأولى لتولد على موعد مع الموت، لم يُمنح أطفال كُثر حتى فرصة الصراخ، إذ باغتهم الموت في أرحام أمهاتهم، وخطفهم قبل أن يُولدوا. غياب الرعاية ووسط خيمة النزوح في جنوب القطاع، كان الصحفي سيف السويطي يتشبث بخيط أمل وسط كل هذه المأساة، فهناك أنثى تنمو في رحم زوجته بعد طفلين ذكرين، ويقول للجزيرة نت: "كان خبر ولادتها بارقة أمل وسط كل البؤس الذي نعيشه". ومن ميدان العمل إلى الأسواق ظل سيف يجوب الأسواق بحثا عن علبة فيتامين أو طعام مغذٍّ رغم أثمانه الباهظة، ظنًّا أنه سيحمي زوجته وجنينها من وحش الحرب، لكن لا الطعام ولا الفيتامينات أوقفت الخوف والرعب الذي تسلل إلى قلب زوجته بعد كل قصف، ولا محت آثار النزوح المتكرر وقيامها بمهام تفوق قدرتها، وهي التي كانت تحاول النجاة بنفسها وجنينها في آنٍ واحد. ومع غياب الرعاية الطبية اللازمة، وازدحام المشافي بالجرحى، كانت مواعيد متابعة الحمل تؤجل لأيام وأسابيع، ومع شح الطعام والاعتماد على المعلبات وغياب المكملات والحديد، بدأ الأمل يتآكل بصمت، فرغم أن المؤشرات الطبية كانت مطمئنة بداية الحمل، فإن سيف وزوجته تلقوا قبل الولادة بيومين فقط، خبر توقف نبض الطفلة في أحشاء أمها. "أجهضناها بعد واحدة من أصعب رحلات الحمل التي خضناها"، يقول سيف متحسرا، ويتابع "ما زالت ملابس طفلتي مطوية كما هي، في انتظار من لن يأتي، كنت أتمنى سماع صوت حياة جديدة في مكان لا يعج إلا بالموت". صورة قاتمة وتكررت عمليات الإجهاض وارتفعت معدلاتها خلال الحرب على غزة بنسبة 300%، كما أن أكثر من 180 طفلا ولدوا بتشوه خلقي، حسب وزارة الصحة الفلسطينية. وكشف استشاري أمراض النساء والولادة في جمعية أصدقاء المريض في غزة، الدكتور صلاح الكحلوت، صورة قاتمة لما آلت إليه صحة النساء الحوامل وأجنتهن في ظل حرب تهاجم الأطفال حتى في بطون أمهاتهم. ويقول الكحلوت إن الانفجارات المتكررة، والغازات السامة، والمواد الكيميائية المنبعثة منها، لا تكتفي بتمزيق الأجساد فوق الأرض، بل تخترق بصمت أنسجة الجنين، لتُحدث دمارًا داخليًا في أحشاء الأمهات. وشكّل ذلك، واقعا مأساويا ارتفعت فيه أعداد الإجهاض التلقائي، والولادات المبكرة، وتكررت فيه حالات انفجار جيب المياه قبل الأوان، والتشوهات الدماغية والقلبية والكلوية والطرفية، والاستسقاء الدماغي، وتضخم مياه الرحم، وحتى غياب الجمجمة كليًا، ووجود أكياس على العمود الفقري. ويضيف الكحلوت للجزيرة نت "أصبحنا نرى أجنَّة بلا رؤوس، نكتشفها بعد الشهر الرابع، ولا يمكننا الإجهاض بسبب الخطر على حياة الأم، ولأسباب دينية أيضًا، نضطر أن نُكمل الحمل حتى نهايته المؤلمة". ولم تكن المواد الكيميائية وحدها المتهم في هذه الجريمة الصامتة يشرح الكحلوت، ويقول إن سوء التغذية الحاد، ونقص الفيتامينات الأساسية مثل حمض الفوليك والحديد، وغياب الأغذية المناسبة للحوامل، أضعفت أجساد الأمهات والمواليد على حد سواء، وأسهمت في انهيار عملية النمو الطبيعي داخل الأرحام. ويتابع: "لقد أضحت الولادة الآمنة حلمًا، فعدد كبير من الأطباء غادروا القطاع، ومن بقي يعمل فوق طاقته، كما أن الفحوصات الضرورية لمتابعة الحمل لم تعد متاحة، وإن وُجدت فلا كهرباء لحفظ المواد اللازمة لإجراء التحاليل". أسلحة محظورة ولم تجد الجزيرة نت في غزة أي خبير محلي متخصص في علم الأجنة، ولا مختبرات يمكنها فحص المواد السامة أو الإشعاعات التي قد تكون خلف موجة تشوهات المواليد المتزايدة في القطاع المحاصر. وبعد جهد مضنٍ، تواصلت الشبكة مع المختصة في علم الأجنة الطبيبة آلاء حمد التي تعمل في مشافي قطر ، لتسليط الضوء على الكارثة الصامتة التي لا تظهر في صور المجازر، لكنها تستقر في أحشاء الأمهات. تقول الطبيبة آلاء: إن استخدام أسلحة محظورة دوليًا، تحوي بداخلها مواد السارين والكلور والفوسفور الأبيض، إلى جانب المعادن الثقيلة و اليورانيوم المُنضب ، قد يُحدث تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على صحة الحوامل، بل ويهدد حياة الأجنَّة داخل الأرحام، كما أنها تُحدث طفرات في المادة الوراثية (دي إن إيه)، مما يزيد من احتمالية حدوث تشوهات خلقية لدى الأجنة أو حتى فقدان الحمل بالكامل. وتشرح أن ارتفاع معدلات الإجهاض غالبًا ما يكون نتيجة التعرض لمستويات عالية من التوتر أو المواد السامة التي تطلقها هذه الأسلحة. وحذرت الطبيبة القطرية من أن هذه المواد قد تعرقل تدفق الدم إلى المشيمة، مما يؤخر نمو الجنين داخل الرحم، أو وفاته قبل الولادة، خاصة في حالات التعرض المباشر أو المتكرر لهذه السموم. واختتمت قائلة: إن بعض الغازات الكيميائية تؤثر في تطور الدماغ والجهاز العصبي للجنين، مما يترك آثارًا عصبية قد تلازم الطفل طيلة حياته. وبينما يُولد الأطفال في غزة على موعد مع الفقد، فلا شيء أثقل من هاجس أم لا تعرف إن كانت تحمل داخلها طفلا أم ضحية أخرى للحرب.


الجزيرة
٠٨-٠٥-٢٠٢٥
- علوم
- الجزيرة
في الجزائر.. قنافذ بحر تجسد معاناة عمرها 100 مليون سنة
العثور على حفريات لقنافذ البحر لا يعد إنجازا بحد ذاته، فهي من الكائنات التي يعتاد اكتشافها في أعمال التنقيب، لكن ما يميز الاكتشاف الجزائري، الذي نُشر مؤخرا في دورية"جورنال أوف أفريكان إيرث ساينس"، هو العثور على حفريات تحمل ملامح غير معتادة، تشير إلى تعرضها لتشوهات نادرة ترصد لأول مرة، وكأن الأقدار أرادت أن تكشف بعد مرور أكثر من 100 مليون عام، عما مرت به هذه الكائنات من معاناة تسببت في اضطراب نموها الطبيعي. وصف الباحثون نوعية التشوهات التي وجدت في اثنين من قنافذ البحر التي تنتمي إلى زمن الديناصورات، ليكشفوا عن تفاصيل مذهلة حول نموها، وأسباب تلك التغيرات الغريبة التي طالت أجسامها، وهو ما يسهم ليس فقط في فهم تاريخ الكائنات البحرية القديمة، بل يسلط الضوء على تأثير العوامل البيئية في تشكيل الحياة منذ ملايين السنين، كما يقول خبير متخصص في هذا النوع من الحفريات للجزيرة نت. البداية من جبال بلزمة تعود تفاصيل الاكتشاف إلى جبال بلزمة شمال شرق الجزائر، حيث قام فريق بحثي جزائري تقوده الباحثة سناء بن منصور من قسم الجيولوجيا بجامعة باتنة، بجمع أكثر من 400 عينة من حفريات قنافذ بحر تعود للعصر الطباشيري الأعلى، وتحديدا إلى الزمن السينوماني (نحو 100 مليون سنة مضت)، وتم جمع هذه العينات من موقع "ثنية المنشار" جنوب شرق ولاية باتنة، حيث كانت هذه المنطقة جزءا من بحر دافئ قديم تغمره المياه الاستوائية. وخضعت العينات لفحص مجهري دقيق باستخدام المجهر الثنائي العدسة، وهناك، وسط هذا الكم من الحفريات، برزت عينات غريبة في تكوينها، وهي قنافذ بحر لا تشبه مثيلاتها، حيث كانت ملامحها مختلة، سواء بوجود أجزاء من أجسامها زائدة أو ناقصة، وبعضها يحمل آثار انكماش أو اعوجاج غريب في بنيتها الخارجية. وهي كائنات صغيرة مستديرة الشكل، مغطاة بأشواك صلبة تحميها من المفترسات، وتشبه شكل الكرة الصغيرة، وتتحرك ببطء على الصخور أو الرمال باستخدام أقدام أنبوبية دقيقة. ورغم مظهرها البسيط، فإن لها نظاما عصبيا فريدا، وتلعب دورا بيئيا مهما في توازن الحياة البحرية، خاصة في التحكم بنمو الطحالب والشعاب المرجانية. وتعيش هذه الحيوانات إلى الآن، والحفريات منها شائعة نسبيا، لأن هياكلها الصلبة، خاصة الجزء المعروف بـ"الصدفة" أو "الدرع"، تقاوم التحلل وتحفظ جيدا في الصخور الرسوبية. تشوهات نادرة في التماثل الخماسي وأحد أهم السمات التشريحية لقنافذ البحر وعدد من شوكيات الجلد الأخرى، هو ما يُعرف بـ"التماثل الخماسي"، وهذا يعني أن جسم الكائن مقسم إلى 5 مناطق أو أجزاء متماثلة حول مركز الجسم، وليس إلى الجانبين كما هو الحال في البشر (التماثل الثنائي). ويظهر هذا النمط من التماثل بقنفذ البحر في وجود "5 صفوف من الأقدام الأنبوبية التي تساعد في الحركة والتغذية" و "5 مناطق تُعرف بالأمبولاكرا، وهي جزء من القشرة الصلبة تُوزع فيها الأقدام "، و"5 صفوف من الأشواك المرتبة بشكل متماثل". وقد لاحظ العلماء أن هذا النظام الهندسي الدقيق، الذي طالما استرعى انتباه علماء الأحياء القديمة، كان مضطربا في حالتين من القنافذ الأحفورية التي تمت دراستها، ففي إحدى العينات، ظهر التماثل غير مكتمل، وكأن أحد الأجزاء الخمسة لم يتشكل كما ينبغي، مما أدى إلى عدم توازن في توزيع أجزاء الجسم، وبدا أن أحد الأجزاء في عينة أخرى نما بشكل زائد أو غير متماثل. وكانت التشوهات متمركزة في ما يُعرف بـ"المنطقة الأمبولاكرية"، وهي أحد المكونات الأساسية المرتبطة بالأقدام الأنبوبية والوظائف الحركية للكائن. ولم تكن هذه التشوهات نتيجة تآكل أو تلف لاحق للحفرية، بل نتجت عن خلل حدث أثناء حياة الكائن نفسه، وهذه الملاحظات لم تُسجل من قبل في سجل حفريات الجزائر أو شمال أفريقيا. ويرجح الباحثون أن تكون أسباب هذه التشوهات إما داخلية (مثل طفرات جينية نادرة)، أو خارجية (مثل تقلبات بيئية حادة أو اضطرابات في قاع البحر)، وربما تداخلت العوامل معا أثناء مراحل مبكرة من التطور الجنيني لقنافذ البحر، خاصة خلال الانتقال من طور اليرقة إلى الكائن البالغ. ويوضح الباحثون في دراستهم أن "هذه التشوهات تظهر كيف يمكن لأي اختلال طفيف في البيئة أو الشفرة الجينية أن يحدث تغيرات جذرية في البنية النهائية للكائن". وتُعد هذه أول دراسة توثق تشوهات في حفريات قنافذ بحر بالجزائر، مما يمنحها قيمة علمية خاصة على مستوى شمال أفريقيا، فهي لا تفتح فقط بابا جديدا لدراسة العوامل التي تؤثر على تطور الكائنات البحرية القديمة، بل تسهم أيضا في مقارنة سجل الحفريات بالملاحظات البيولوجية في الكائنات المعاصرة. كما يؤكد الباحثون أن مثل هذه التشوهات تسجل حاليا في قنافذ بحر حديثة تعيش في بيئات ملوثة أو مضطربة، مما يعني أن تحليل هذه الظواهر بالماضي قد يساعد في فهم تأثير التغيرات المناخية والبيئية على الكائنات الحديثة أيضا. وسبق لفرق بحثية أخرى حول العالم تسجيل تشوهات في قنافذ البحر، ولكن بأشكال أخرى، ولأسباب مختلفة غير تلك التي رصدتها الدراسة الجزائرية. وقبل نحو عام، وصف الدكتور معروف عبد الحميد، أستاذ الحفريات بجامعة عين شمس المصرية، تشوهات أثناء دراسته 40 عينة من قنافذ البحر الأحفورية، التي تعود إلى العصر الطباشيري، والتي عُثر عليها في مصر. وكانت أبرز النتائج التي توصل لها الباحث وجود تشوهات في هيكل بعض القنافذ، حيث ظهرت ثقوب غير عادية على قشرتها الصلبة، وانتفاخات في الأجسام، وتجويفات عميقة في أماكن مختلفة، بالإضافة إلى ثقوب غير طبيعية في الأجزاء المسؤولة عن التنفس، وتشير هذه الأعراض إلى أن هذه الكائنات كانت مستهدفة من طفيليات أثناء حياتها، مما تسبب في تدهور نموها الطبيعي. كما حدد الباحث 9 أنواع من التشوهات الناتجة عن نمو غير طبيعي، مع تقديم فرضيات محتملة حول العوامل البيئية والوراثية المسؤولة عنها. وإلى جانب التطفل والعوامل البيئية، كشف الباحث عن أدلة على هجمات مفترسات، حيث تم العثور على ثقوب في الهياكل الصلبة لبعض الأنواع، مما يشير إلى أن قنافذ البحر كانت عرضة للهجوم أثناء وجودها في جحورها، وهذه الهجمات كانت تترك أضرارا جزئية على الهياكل، مما يساهم في فهم سلوك المفترسات بتلك الحقبة. ويقول الدكتور عبد الحميد للجزيرة نت إن التشوهات التي نجح في رصدها، وتلك التي رصدها بعده الفريق الجزائري، توضح أن الحفريات يمكن أن تكشف الكثير عن التفاعلات البيئية القديمة قبل ملايين السنين، ويمكن أن تعطينا دروسا مفيدة لحاضرنا. ويضيف: "إذا نجحنا مثلا في إثبات أن أحد التشوهات كان لأسباب بيئية فقط، فهذا يعني أننا لو عثرنا على قنفذ بحر حديث، ووجدنا به بعض التشوهات، فقد يكون ذلك علامة لوجود مشكلة بيئية، وهو ما أثبته بالفعل باحث إسرائيلي مهتم بقنافذ البحر الحديثة ". ورصد يعقوب دافني، الباحث من جامعة القدس العبرية، نوعا غير معتاد من التشوهات في قنافذ البحر قرب محطة توليد كهرباء وتحلية مياه في خليج العقبة (إيلات) على البحر الأحمر، حيث تعاني المنطقة المحيطة بالمحطة من تلوث شديد نتيجة تصريف المياه الساخنة (الحرارية والمالحة) بالإضافة إلى معادن ثقيلة. وأظهرت الدراسة ، المنشورة قبل نحو 45 عاما، أن أكثر من 60% من القنافذ في هذه المنطقة كانت مصابة بتشوهات ملحوظة، أبرزها انتفاخ غير منتظم في الجزء العلوي من القوقعة، وكان من اللافت أن نسبة ارتفاع القنفذ إلى قطره، وصلت إلى 1.4 في بعض الحالات، مقارنة بنسبة طبيعية تبلغ حوالي 0.53 في المناطق غير الملوثة. كما أظهرت القنافذ المشوهة اتساعا في الفتحة الفموية وزيادة في حجم "فانوس أرسطو"، وهو الهيكل الفكي الداخلي المستخدم للطحن، إلى جانب نقص في عدد الصفائح بين الأذرع مقارنة بنظيراتها السليمة. ويقول الدكتور عبد الحميد: "تبرز هذه الدراسات المتعددة، سواء على القنافذ الأحفورية أو المعاصرة، أهمية هذا الكائن كمؤشر بيئي حساس للتغيرات في النظم البحرية، فمن خلال دراسة تشوهاته، يمكن للعلماء تتبع أثر العوامل البيئية والبيولوجية على الكائنات البحرية، مما يتيح لنا فهما أعمق للتفاعلات بين الكائنات وبيئاتها، وتحذيرا مبكرا من المشكلات البيئية".