أحدث الأخبار مع #توينبيكس


العربي الجديد
منذ 4 أيام
- ترفيه
- العربي الجديد
"العميل السري" للبرازيلي فيليو: سينما مقاومة الاستبداد
ينطلق "العميل السري" للبرازيلي كليبير موندونسا فيليو ـ الفائز بجائزتي السعفة الذهبية وأفضل ممثل (فاغنر مورا)، إضافة إلى جائزة "فيبريتسي" ـ في الدورة الـ78 (13 ـ 24 مايو/أيار 2025) لمهرجان "كانّ" ، من مشهد رجل في أربعينياته (مورا) يلج بسيارته "الخنفساء" الصفراء إلى محطة وقود شبه مهجورة، في ضاحية "ريسيفي" بمنطقة "نورديستي" (شمال شرق البرازيل)، فيُفاجأ بجثة رجل مجهول، مُضرّجة بالدم ومغطاة بورق كرتوني، غير بعيد عن المحطة. تجذب الجثة، التي بدأت تتعفّن، كلاباً ضالة، يقرنها انتقال بديع بين سلالم اللقطات بسيارة رجال شرطة تمرّ بالقرب من المحطة، في مثل بارز على أنّ مونتاج إدواردو سيريانو وماتيوس فارياس من أهم نقاط قوّة الفيلم. يُضاف حقل ذرة في الخلفية، لتدلّ تفاصيل هذه اللوحة الافتتاحية على أننا إزاء فيلم بوليسي، والجثة المهملة تُذكّر بديفيد لينش، الذي نسج مسلسل "توين بيكس" من جثة لورا بالمر، المغلّفة بغطاء بلاستيكي، على شاطئ البحر. لكن المخرج لا يفتأ يشوّش على مفاتيح النوع، ليذهب في منحى لا اعتيادي وغير متوقع، وفق "موتيف" يتكرّر طيلة الفيلم، وفق نزعة سينما شاملة، تمزج أنواعاً عدّة بتحكّم وإيقاع سَلِسين للغاية، وتنسج طرحاً شديد الكثافة لتقول، ككلّ أفلام المؤلف الكبيرة، الكثير عن العالم المعقّد الذي نعيش فيه، انطلاقاً من موشور البرازيل، بصفتها بلداً كبيراً ومُعذّباً كان ولا يزال يشكل ساحة صراع رئيسية بين منحى التحرر والديمقراطية، وقوى الرجعية التي لا تفتأ تنبعث بأقنعة جديدة كلّ مرة (الديكتاتورية العسكرية، اليمين المتطرّف ... إلخ). فلا مارسيلو العائد إلى ريسيفي لرؤية طفله وبدء حياة جديدة مُهتمّ بالجثة، بل يحاول أنْ يتراجع عن التزوّد بالبنزين ما إنْ يلمحها، لولا إصرار العامل على عودته. ولا الشرطيان، اللذان يتوقّفان لمراقبة أوراق السائق المجهول (لكنّ هدفهما الحقيقي سلبه مالاً)، جاءا ليحقّقا في جريمة القتل، رغم علمهما بها منذ أيام. لا شيء يهمّ في فترة الكارنفال المستبدّة بالمدينة سوى الرقص المحموم على نغمات الموسيقى وفق تقليد برازيلي عريق، تتوقّف من أجله عقارب الساعة، وينطلق له عدّاد إحصاء الموتى الذين يتساقطون ضحايا حوادث عنف متجذّر، يبدو كوجه مقابل للفساد المستشري في جهاز شرطة محلية، لا يتأخر مارسيلو في اكتشاف أساليبه الملتوية، الأقرب إلى عمل العصابات المنظّمة ، منذ اليوم الأول في عمله الجديد بمركز تسجيل البطاقة الوطنية. يتقدّم الحكي في ثلاث فترات زمنية: الحبكة الرئيسية (نهاية سبعينيات القرن الـ20)، والحاضر المقتصر على فتاتين تشتغلان في تفريغ تسجيلات صوت مارسيلو، وشذرات من حياته السابقة مع زوجته المتوفاة أثناء اشتغاله مدرّساً جامعياً، يُكتَشف فيها أنّ اسمه الحقيقي أرماندو. يلتقي مارسيلو حماه، الذي تكفّل بتربية ابنه فرناندو ويعمل مسؤولاً عن العرض بصالة سينما، فتغدو الأخيرة نقطة لقاء سرية بصحافيّين مسؤولين عن تسجيل شهادة مارسيلو. خيط حكي بالغ الابتكار والدلالة عن دور الفن السابع في توثيق انتهاكات حقوق الانسان، وإخراجها إلى النور. لا يتوقف توظيف فيليو حسّه السينفيلي هنا، بل يمتد إلى التلميح بالتشابه اللافت للانتباه مع ميكانيزمات هيمنة السينما الهوليوودية، عبر بورنوغرافيا العنف وأساليب القمع الديكتاتوري. سينما ودراما التحديثات الحية "الرحيل يوماً" يفتتح "كانّ الـ78": تجربة روائية ذات عناصر متوازنة يتعلق الأمر بتأثير Jaws، المعروض في قاعات المدينة، على الحشود، إلى درجة استغلال أجواء البارانويا المستولية على العقول من الصحافة الصفراء، التي تفضّل نشر قصص مُختَلَقة تهاجم المثليين المختبئين في زقاق مظلم بحثاً عن المتعة، بدل أنْ تقوم بعملها في فضح تواطؤ الشرطة المتورّطة في التسلّل إلى المشرحة، وتعويض قدم إنسان عثر عليها في سمك قرش بقدم بقرة، لطمس آثار جرائم الاغتيال والتمثيل بجثث الضحايا. خبرٌ يستعير فيليو أجواء أفلام الرعب من فئة "ب" لتخيّله، بينما يقرأ أحدهم الخبر على مسامع مارسيلو وجيرانه، في مشهد جريء شكلياً، ما كان ليمرّ بالسلاسة نفسها لولا سحر السينفيليا الذي يفتح كلّ الأبواب. ينبعث ماضي أرماندو ليقضّ حاضره، حين يرسل مديره السابق في الجامعة قاتلين مأجورين في إثره، انتقاماً من وقوفه في وجه مخططات تسليع الجامعة، وتبضيع مشاريع البحث. ألا يُرى في هذا صدى ممارسات الحكومات اليمينية في العالم، وأولها إدارة دونالد ترامب، وسعيها إلى تطهير الدراسات العليا من كلّ نزوع إلى نقد الهيمنة ومقاومة مدّ التحكّم؟ تحمل حبكة محاولة اغتيال مارسيلو الفيلم إلى إيقاع ثريلر يشدّ الأنفاس، ويفصح عن تمكّن كبير لفيليو في مفاتيح النوع، لكنّه ينزاح عنها مرة أخرى تاركاً مآل مارسيلو خارج حقل الحكي، ولا ينبئنا به إلاّ في النهاية. كلاب ضالة، و أسماك قرش مبقورة البطن، وأقدام أبقار، وقطّ بثلاث عيون: الحيوانية في "العميل السري" تمثّل رافداً أساسياً لتغذية جو غرائبي، يرنو إلى تمثّل عبثية أساليب قمع وسادية سلطة، تسعى إلى أنْ تنزع عن ضحاياها كلّ معاني الإنسانية. التطبيع مع القتل وطمس آثاره من جهة (تجاوز عدد الموتى في فترة الكارنفال 90 فرداً)، وتوثيق الجرائم وفضحها من جهة أخرى، توجّهان يحرّكان الحكي. إنّها ثنائية الصراع الأزلي بين قوى الطمس والنسيان، وغريمتها التي تجهد في توثيق الجرائم وحفظها في ذاكرة الأوطان، التي لا تزال مستمرة في أشكال مختلفة إلى اليوم. في مشهد، تسأل الشابة فلافيا (لورا لوفيزي) زميلتها المشتغلة معها على تفريغ التسجيلات، في فترة استراحتهما، إنْ أجرت بحثاً عن الأشخاص المذكورة أسماؤهم، فتجيبها من دون أنْ تتوقف عن مشاهدة وثائقي حيواني على حاسوبها: "حاولت فقط على النّت من دون أنْ أجد لهم أثراً. إنهم يعودون إلى فترة ما قبل غوغل". كأنّ في ذلك غمزة إلى أنّ اقتصار الجيل الجديد على الإنترنت و ذاكرته القاصرة وغير الموثوقة مصدراً وحيداً للمعلومة أصبح بحدّ ذاته سلاحاً قوياً للديكتاتوريات القمعية. وحدهم "غريبو الأطوار" كفلافيا لا يزالون يتحملون عناء البحث في العالم "الواقعي". تعثر فلافيا على فرناندو، ابن مارسيلو الوحيد الذي غدا كهلاً يشتغل طبيباً في مركز تحاقن الدم، وتسلمه نسخة من تسجيلات والده. لكنه يبدو غير متحمّس للاستماع إليها، مُسرّاً لها أنّ والده الحقيقي هو جدّه الذي ربّاه. يرافقها إلى الخارج ليخبرها قبل توديعها، بينما تتراجع الكاميرا لتكشف عن لقطة عامة ومهيبة للمبنى: الأرض التي أُنشئ عليها مركز تحاقن الدم كانت تضم صالة سينما. مشهد ختام بديع يلخّص طرح "العميل السري" برمّته باستعارة بالغة الدلالة.


الأسبوع
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- الأسبوع
عقب وفاته.. من هو المخرج الأمريكي الشهير جيمس فولي؟
جيمس فولي أحمد خالد توفي جيمس فولي، المخرج المخضرم والمعروف بفيلم "جلينجاري جلين روس"، عن عمر ناهز 71 عامًا، وذلك بعد معركة استمرت لمدة عام مع سرطان المخ، حسبما قال ممثله تايلور لومكس يوم الجمعة. من هو المخرج الأمريكي الشهير جيمس فولي؟ وُلِد فولي في 28 ديسمبر 1953 في بروكلين، ودرس السينما في كلية الدراسات العليا بجامعة جنوب كاليفورنيا، وخلال مسيرته الفنية الطويلة والمتنوعة، أخرج فولي فيديوهات موسيقية لمادونا، و12 حلقة من مسلسل "هاوس أوف كاردز"، والجزئين الثاني والثالث من سلسلة "خمسون ظلًا من الرمادي"، إلا أن فيلمه المقتبس عام 1992 من مسرحية ديفيد ماميت الفظة الحائزة على جائزة بوليتزر هو الذي تفوق على غيره. على الرغم من أنه لم يحقق نجاحًا كبيرًا في ذلك الوقت. كما أن فيلم "جلينجاري جلين روس" شق طريقه إلى الثقافة وأصبح من الأفلام المفضلة لدى الجمهور، وخاصةً مونولوج أليك بالدوين "دائمًا ما يكون الختام". تبعه بفيلم دراما الجريمة "أت كلوز رينج" لشون بن، والكوميديا الغريبة "من تلك الفتاة" لمادونا وجريفين دان، وفيلم الإثارة "بعد الظلام يا حبيبتي" من إخراج جيسون باتريك. أدرج الناقد روجر إيبرت فيلم "بعد الظلام، يا حبيبتي" ضمن قائمة أفلامه الرائعة، واصفًا إياه بأنه "من أنقى أفلام النوار الحديثة وأكثرها جرأةً" على الرغم من أنه "كاد أن يُنسى". كما أخرج العديد من الفيديوهات الموسيقية لمادونا، بما في ذلك "بابا لا توعظ" و"عش لتخبر" و"من تلك الفتاة"، بالإضافة إلى حلقة من مسلسل "توين بيكس". وقام فولي بتكييف رواية جون جريشام، وعمل مع جين هاكمان في فيلم "الغرفة"، وصنع فيلم الإثارة والرعب "الخوف" من بطولة ريس ويذرسبون ومارك والبيرغ، والذي تدور أحداثه حول قصة حب مراهقة تتحول إلى رعب، بالإضافة إلى فيلم الإثارة النفسية "الغريب المثالي" من بطولة هالي بيري وبروس ويليس، والذي صدر عام ٢٠٠٧، والذي لاقى استهجانًا واسعًا. وبعد عقد من الزمن، أُسندت إليه مهمة إخراج الجزء الثاني من سلسلة "خمسون ظلًا للرمادي"، وهما "خمسون ظلًا أغمق" و"خمسون ظلًا حرًا". يشار إلى أن فولي لم يكن مخرجًا يسهل تعريفه، ولكن ذلك كان عمدًا. في عام ٢٠١٧، صرّح لصحيفة هوليوود ريبورتر بأنه لا يرغب في تكرار نفسه.


Independent عربية
١٤-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- Independent عربية
لماذا ركز حفل الأوسكار على بوند وترك لينش على الهامش
سادت همسات محتارة عبر منصات التواصل الاجتماعي خلال حفل الأوسكار ليلة الأحد الماضي، بينما بدأت مارغريت كوالي تؤرجح ساقها عالياً على أنغام موسيقى أفلام جيمس بوند، قبل أن تظهر المغنيات ليزا ودوجا كات وراي ليؤدين أغنيات "عِش ودع غيرك يموت" و"الألماس يبقى إلى الأبد" و"سكايفول". هل مات جيمس بوند... نهائياً هذه المرة؟ الأنباء عن وقوع العميل 007 في قبضة شبكة أمازون لا تبشر بمستقبل مشرق للجاسوس الأسطوري، إلا إذا كنتم متحمسين لفكرة إنتاج مسلسل مستمد من سلسلة الأفلام عن شخصية "أم الشابة". لكن مديحاً يمتد لعشر دقائق كاملة بدا مبالغاً فيه بعض الشيء. يبدو أن حفلات الأوسكار تعاني من ارتباط مزمن بتكريم سلسلة أفلام بوند، فقد سبق "الاحتفاء" بها على خشبة المسرح خلال حفلي عامي 2013 و2022. لكن هذا العام، أكثر من أي وقت مضى، كانت هناك شخصيات أخرى تستحق أن تُمنح مزيداً من وقت الحفل الذي نشاهده على شاشاتنا. كان حجم فقدان المواهب خلال العام الماضي مؤلماً بشكل خاص. وفاة جين هاكمان، في فبراير (شباط) الماضي، أحدث صدمة. وعند افتتاح فقرة "في الذاكرة" السنوية، تحدث مورغان فريمان، الذي شارك هاكمان بطولة فيملي "غير المغفور له" Unforgiven و"تحت الاشتباه" Under Suspicion، بكلمات مؤثرة عن صديقه، ذلك الممثل الذي تعامل مع فنه بصدق لا يتزعزع، واحتضن الجانب القاسي لشخصياته ليكشف عن روح متألقة بداخلها. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) كادت الدموع تنهمر من عيني. كانت خسارة هاكمان صعبة جداً بلا شك، لكن هذه السنة شهدت أيضاً وفاة الفنان الأكثر تأثيراً في حياتي، وفي حياة عديد ممن أعرفهم: المخرج ديفيد لينش، الذي كان يحول الأحلام إلى واقع على الشاشة. لم يكن لينش مجرد مخرج، بل كشف لنا الإمكانيات اللامحدودة للسينما كوسيلة للتعبير، كما كشف لنا عن عوالم مخفية داخل أنفسنا، عن الضوء الذي ينبثق من الظلام الدامس، وعن الحب الذي يعيش في أعماق الشر وبين براثنه. بين الحضور، جلست إيزابيلا روسيليني، نجمة فيلمي "مخمل أزرق" Blue Velvet و"قلب جامح" Wild at Heart، والشريكة السابقة لديفيد لينش. كانت حاضرة بسبب ترشيحها لجائزة أفضل ممثلة مساعدة عن فيلم "الملتقى" Conclave، وقد ارتدت فستاناً من المخمل الأزرق تكريماً لـ لينش، وأحضرت معها ضيفتها لورا ديرن، واحدة من أبرز المتعاونين مع لينش، التي شاركتها البطولة في فيلمي "مخمل أزرق" و"قلب جامح" وكذلك في فيلم "إمبراطورية الداخل" Inland Empire ومسلسل "توين بيكس: العودة" Twin Peaks: The Return. قلت لنفسي: ها هي اللحظة، ستصعدان إلى المسرح وتتحدثان عن هذا الفنان العظيم، بأسلوب محب ورحيم، كما يفعل من يعرفونه. ربما تعود ليزا أو دوجا كات أو راي لتقديم أغنية "في الأحلام" التي غناها روي أوربيسون في فيلم "مخمل أزرق". ربما سيحولون المسرح إلى الغرفة الحمراء الشهيرة في سلسلة "توين بيكس". ألن يكون ذلك رائعاً؟ لكن بدلاً من ذلك، عرض مونتاج فقرة "في الذاكرة" على أنغام "قداس الموت" لـ موزار، ولم يحصل لينش إلا على... 10 ثوانٍ من وقت العرض. ألم يكن ما حدث ظلماً؟ لقد بدا كذلك بالفعل. لم يحصل لينش طوال حياته على جائزة أوسكار في الفئات التنافسية. تم ترشيحه أربع مرات، وحصل على جائزة الأكاديمية الفخرية عام 2019. كان خطابه ملاحظة شكر قصيرة، أتبعها بهذه الكلمات التي وجهها إلى تمثال الأوسكار الجديد الذي كان يحمله بيده: "لديك وجه مثير للاهتمام، تصبحون على خير". هذه هي آلية عمل الصناعة. الجوائز هي أساساً لأولئك الذين يلتزمون بالقواعد ويلعبون ضمن حدودها، وليس لأولئك الذين يتجاهلونها ويبتكرون أشكالاً جديدة. لكن لا يمكن إنكار تأثير لينش على الأفلام التي تم الاحتفاء بها في ليلة الأوسكار، سواء كان ذلك في التفاصيل الصغيرة أو الكبيرة. فطريقة تصويره للحياة العادية كحكاية خرافية (ماذا عن قصة فيلم "أنورا" Anora المنسوجة على غرار حكاية سندريلا؟)، وطريقة تجسيده للخطايا البدائية في قلب أميركا (هل تذكرتم اللمسات السريالية في فيلم "الوحشي" The Brutalist؟)، إضافة إلى الطريقة التي حول فيها رواية فرانك هربرت "كُثيب" Dune إلى السينما (هل قال أحدكم "كُثيب: الجزء الثاني"؟) كانت روح لينش حاضرة في تلك القاعة. ولذلك، كان من المؤلم أن يلقى إرثه مجرد تلميح بسيط من التقدير في حفل كان يركز في جوهره على كرامة الفن والحرفة. أما شون بيكر، وأثناء استلامه جائزة أفضل مخرج عن فيلم "أنورا" الذي فاز بأربع جوائز أخرى، فقد أطلق دعوة حماسية للحفاظ على دور السينما، قائلاً إنها "تجربة جماعية لا يمكنك الحصول عليها في المنزل". وقد فعل مقدم الحفل كونان أوبراين الشيء نفسه، لكن بطريقة فكاهية، حيث قدم مشهداً تخيلياً في إطار كوميدي يدعي فيه ابتكار مفهوم جديد للبث المباشر، يُعرض في مكان واحد بحيث لا تحتاج إلى حمل الشاشة ("فالمبنى هو الذي يحملها!"). واحد من أفضل اختيارات تلك الليلة كان رؤية نجوم الأفلام المرشحة في الفئات التي عادة ما يتم تجاهلها مثل أفضل تصميم أزياء وأفضل تصوير سينمائي، وهم يصعدون إلى المسرح ليقدموا تكريماً مباشراً للحرفيين الذين يقفون وراء هذه الأعمال. شهد الحفل عديداً من الانتصارات التي بدت وكأنها تدافع عن الإبداع الفردي على حساب القوة المؤسساتية - فلم يقتصر الأمر على كونها ليلة مميزة للأفلام المستقلة، حيث فاز فيلم "أنورا" بخمس جوائز، بل كان أيضاً ليلة مميزة لفيلم "تدفق" Flow من لاتفيا. هذا الفيلم، الذي أخرجه غينتس زيلبالوديس باستخدام برنامج "بليندر" Blender المجاني ومفتوح المصدر، والذي يركز على قصة قطة، فاز بجائزة أفضل فيلم رسوم متحركة متفوقاً بذلك على الجزء الثاني من فيلم "قلباً وقالباً" Inside Out 2 الذي أنتجته ديزني، و"الروبوت البري" The Wild Robot من إنتاج دريم ووركس. في حين أن أقوى انتصار في تلك الليلة كان لوثائقي "لا أرض أخرى" No Other Land، الذي يسلط الضوء على تدمير القرى الفلسطينية في الضفة الغربية على يد القوات الإسرائيلية المحتلة، والذي فاز بالجائزة على رغم أنه لم يجد بعد جهة تتولى توزيعه في الولايات المتحدة. ومع ذلك، يجب أن نأخذ في الحسبان أن شبكة "أي بي سي" المملوكة لشركة ديزني هي التي تقوم بإنتاج حفل الأوسكار، وهو ما يفسر ظهور شخصية "ديدبول" الراقصة في الحفل، على رغم أن فيلم "ديدبول وولفرين" Deadpool & Wolverine لم يتلق أي ترشيح على الإطلاق. كذلك يمكن أن يسهم هذا في تفسير التكريم المطول الذي حظيت به أفلام بوند. بالطبع، ستفضل ديزني أن تضع القيمة المالية لشخصية بوند، التي تجذب الجماهير وتشهد على قوة العلامات التجارية، في المقام الأول على حساب الأشياء البسيطة مثل المعنى أو العاطفة. صحيح أن لينش عمل ضمن التيار السائد، لكنه لم يتكيف معه بشكل مريح. ومن هنا، سيظل رمزاً لكل مخرج من أمثال شون بيكر، وبرادي كوربيت، وكورالي فارجا - على سبيل المثال لا الحصر - من بين المخرجين الذين رُشحوا هذا العام لجائزة أفضل فيلم، والذين يواصلون النضال من أجل خلق فن شخصي في منظومة أصبحت أكثر عدائية. ربما أخفقت الأكاديمية في تكريم لينش، لكن انتصاره النهائي يكمن في كل كلمة أو خطاب يطالب بالصدق في الفن، وبالفن في الصدق.