
لماذا ركز حفل الأوسكار على بوند وترك لينش على الهامش
سادت همسات محتارة عبر منصات التواصل الاجتماعي خلال حفل الأوسكار ليلة الأحد الماضي، بينما بدأت مارغريت كوالي تؤرجح ساقها عالياً على أنغام موسيقى أفلام جيمس بوند، قبل أن تظهر المغنيات ليزا ودوجا كات وراي ليؤدين أغنيات "عِش ودع غيرك يموت" و"الألماس يبقى إلى الأبد" و"سكايفول". هل مات جيمس بوند... نهائياً هذه المرة؟
الأنباء عن وقوع العميل 007 في قبضة شبكة أمازون لا تبشر بمستقبل مشرق للجاسوس الأسطوري، إلا إذا كنتم متحمسين لفكرة إنتاج مسلسل مستمد من سلسلة الأفلام عن شخصية "أم الشابة". لكن مديحاً يمتد لعشر دقائق كاملة بدا مبالغاً فيه بعض الشيء.
يبدو أن حفلات الأوسكار تعاني من ارتباط مزمن بتكريم سلسلة أفلام بوند، فقد سبق "الاحتفاء" بها على خشبة المسرح خلال حفلي عامي 2013 و2022. لكن هذا العام، أكثر من أي وقت مضى، كانت هناك شخصيات أخرى تستحق أن تُمنح مزيداً من وقت الحفل الذي نشاهده على شاشاتنا.
كان حجم فقدان المواهب خلال العام الماضي مؤلماً بشكل خاص. وفاة جين هاكمان، في فبراير (شباط) الماضي، أحدث صدمة. وعند افتتاح فقرة "في الذاكرة" السنوية، تحدث مورغان فريمان، الذي شارك هاكمان بطولة فيملي "غير المغفور له" Unforgiven و"تحت الاشتباه" Under Suspicion، بكلمات مؤثرة عن صديقه، ذلك الممثل الذي تعامل مع فنه بصدق لا يتزعزع، واحتضن الجانب القاسي لشخصياته ليكشف عن روح متألقة بداخلها.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كادت الدموع تنهمر من عيني. كانت خسارة هاكمان صعبة جداً بلا شك، لكن هذه السنة شهدت أيضاً وفاة الفنان الأكثر تأثيراً في حياتي، وفي حياة عديد ممن أعرفهم: المخرج ديفيد لينش، الذي كان يحول الأحلام إلى واقع على الشاشة. لم يكن لينش مجرد مخرج، بل كشف لنا الإمكانيات اللامحدودة للسينما كوسيلة للتعبير، كما كشف لنا عن عوالم مخفية داخل أنفسنا، عن الضوء الذي ينبثق من الظلام الدامس، وعن الحب الذي يعيش في أعماق الشر وبين براثنه.
بين الحضور، جلست إيزابيلا روسيليني، نجمة فيلمي "مخمل أزرق" Blue Velvet و"قلب جامح" Wild at Heart، والشريكة السابقة لديفيد لينش. كانت حاضرة بسبب ترشيحها لجائزة أفضل ممثلة مساعدة عن فيلم "الملتقى" Conclave، وقد ارتدت فستاناً من المخمل الأزرق تكريماً لـ لينش، وأحضرت معها ضيفتها لورا ديرن، واحدة من أبرز المتعاونين مع لينش، التي شاركتها البطولة في فيلمي "مخمل أزرق" و"قلب جامح" وكذلك في فيلم "إمبراطورية الداخل" Inland Empire ومسلسل "توين بيكس: العودة" Twin Peaks: The Return.
قلت لنفسي: ها هي اللحظة، ستصعدان إلى المسرح وتتحدثان عن هذا الفنان العظيم، بأسلوب محب ورحيم، كما يفعل من يعرفونه. ربما تعود ليزا أو دوجا كات أو راي لتقديم أغنية "في الأحلام" التي غناها روي أوربيسون في فيلم "مخمل أزرق". ربما سيحولون المسرح إلى الغرفة الحمراء الشهيرة في سلسلة "توين بيكس". ألن يكون ذلك رائعاً؟ لكن بدلاً من ذلك، عرض مونتاج فقرة "في الذاكرة" على أنغام "قداس الموت" لـ موزار، ولم يحصل لينش إلا على... 10 ثوانٍ من وقت العرض. ألم يكن ما حدث ظلماً؟ لقد بدا كذلك بالفعل.
لم يحصل لينش طوال حياته على جائزة أوسكار في الفئات التنافسية. تم ترشيحه أربع مرات، وحصل على جائزة الأكاديمية الفخرية عام 2019. كان خطابه ملاحظة شكر قصيرة، أتبعها بهذه الكلمات التي وجهها إلى تمثال الأوسكار الجديد الذي كان يحمله بيده: "لديك وجه مثير للاهتمام، تصبحون على خير". هذه هي آلية عمل الصناعة. الجوائز هي أساساً لأولئك الذين يلتزمون بالقواعد ويلعبون ضمن حدودها، وليس لأولئك الذين يتجاهلونها ويبتكرون أشكالاً جديدة.
لكن لا يمكن إنكار تأثير لينش على الأفلام التي تم الاحتفاء بها في ليلة الأوسكار، سواء كان ذلك في التفاصيل الصغيرة أو الكبيرة. فطريقة تصويره للحياة العادية كحكاية خرافية (ماذا عن قصة فيلم "أنورا" Anora المنسوجة على غرار حكاية سندريلا؟)، وطريقة تجسيده للخطايا البدائية في قلب أميركا (هل تذكرتم اللمسات السريالية في فيلم "الوحشي" The Brutalist؟)، إضافة إلى الطريقة التي حول فيها رواية فرانك هربرت "كُثيب" Dune إلى السينما (هل قال أحدكم "كُثيب: الجزء الثاني"؟) كانت روح لينش حاضرة في تلك القاعة. ولذلك، كان من المؤلم أن يلقى إرثه مجرد تلميح بسيط من التقدير في حفل كان يركز في جوهره على كرامة الفن والحرفة.
أما شون بيكر، وأثناء استلامه جائزة أفضل مخرج عن فيلم "أنورا" الذي فاز بأربع جوائز أخرى، فقد أطلق دعوة حماسية للحفاظ على دور السينما، قائلاً إنها "تجربة جماعية لا يمكنك الحصول عليها في المنزل". وقد فعل مقدم الحفل كونان أوبراين الشيء نفسه، لكن بطريقة فكاهية، حيث قدم مشهداً تخيلياً في إطار كوميدي يدعي فيه ابتكار مفهوم جديد للبث المباشر، يُعرض في مكان واحد بحيث لا تحتاج إلى حمل الشاشة ("فالمبنى هو الذي يحملها!"). واحد من أفضل اختيارات تلك الليلة كان رؤية نجوم الأفلام المرشحة في الفئات التي عادة ما يتم تجاهلها مثل أفضل تصميم أزياء وأفضل تصوير سينمائي، وهم يصعدون إلى المسرح ليقدموا تكريماً مباشراً للحرفيين الذين يقفون وراء هذه الأعمال.
شهد الحفل عديداً من الانتصارات التي بدت وكأنها تدافع عن الإبداع الفردي على حساب القوة المؤسساتية - فلم يقتصر الأمر على كونها ليلة مميزة للأفلام المستقلة، حيث فاز فيلم "أنورا" بخمس جوائز، بل كان أيضاً ليلة مميزة لفيلم "تدفق" Flow من لاتفيا. هذا الفيلم، الذي أخرجه غينتس زيلبالوديس باستخدام برنامج "بليندر" Blender المجاني ومفتوح المصدر، والذي يركز على قصة قطة، فاز بجائزة أفضل فيلم رسوم متحركة متفوقاً بذلك على الجزء الثاني من فيلم "قلباً وقالباً" Inside Out 2 الذي أنتجته ديزني، و"الروبوت البري" The Wild Robot من إنتاج دريم ووركس. في حين أن أقوى انتصار في تلك الليلة كان لوثائقي "لا أرض أخرى" No Other Land، الذي يسلط الضوء على تدمير القرى الفلسطينية في الضفة الغربية على يد القوات الإسرائيلية المحتلة، والذي فاز بالجائزة على رغم أنه لم يجد بعد جهة تتولى توزيعه في الولايات المتحدة.
ومع ذلك، يجب أن نأخذ في الحسبان أن شبكة "أي بي سي" المملوكة لشركة ديزني هي التي تقوم بإنتاج حفل الأوسكار، وهو ما يفسر ظهور شخصية "ديدبول" الراقصة في الحفل، على رغم أن فيلم "ديدبول وولفرين" Deadpool & Wolverine لم يتلق أي ترشيح على الإطلاق. كذلك يمكن أن يسهم هذا في تفسير التكريم المطول الذي حظيت به أفلام بوند. بالطبع، ستفضل ديزني أن تضع القيمة المالية لشخصية بوند، التي تجذب الجماهير وتشهد على قوة العلامات التجارية، في المقام الأول على حساب الأشياء البسيطة مثل المعنى أو العاطفة.
صحيح أن لينش عمل ضمن التيار السائد، لكنه لم يتكيف معه بشكل مريح. ومن هنا، سيظل رمزاً لكل مخرج من أمثال شون بيكر، وبرادي كوربيت، وكورالي فارجا - على سبيل المثال لا الحصر - من بين المخرجين الذين رُشحوا هذا العام لجائزة أفضل فيلم، والذين يواصلون النضال من أجل خلق فن شخصي في منظومة أصبحت أكثر عدائية. ربما أخفقت الأكاديمية في تكريم لينش، لكن انتصاره النهائي يكمن في كل كلمة أو خطاب يطالب بالصدق في الفن، وبالفن في الصدق.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 12 ساعات
- Independent عربية
الصديق حاج أحمد يؤسس مشروعا سرديا للفضاء الصحراوي
برز الروائي الجزائري الصديق حاج أحمد المعروف بالزيواني عام 2013 ككاتب قادم من عمق الجنوب الجزائري، وتحديداً من مدينة أدرار الصحراوية. وقدم نفسه إلى القراء بروايته الأولى "مملكة الزيوان" مستلهماً تفاصيلها من الحياة الصحراوية التي تختلف عن الحياة في الجبال أو الساحل، ففي الجنوب تفرض الظروف المناخية والجغرافية أسلوباً معيشياً خاصاً انعكس في تصويره للبيئة بتفاصيلها، كالواحات والعادات والقصور الطينية وتغيرها مع مرور الزمن. أما في روايته الثانية "كاماراد"، فتناول الزيواني موضوع الهجرة غير الشرعية والحلم الأفريقي بعبور البحر نحو الضفة الأوروبية، عبر حكاية مامادو الذي التقى مخرجاً فرنسياً على ضفاف نهر النيجر ليقص عليه رحلته الطويلة من النيجر إلى الجزائر قبل أن تنتهي المحاولة بالفشل في المغرب. وفي روايته الثالثة "منا" التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية، عاد حاج أحمد للكتابة عن الوجه القاسي للصحراء ولعنة الجفاف التي عاناها الطوارق في جنوب الجزائر وشمال مالي. أما أحدث أعماله رواية "الطانفا"، فتروي حكاية تاجر طموح ينجح في الاستيراد من النيجر ويتزوج من موريتانية تغير مسار حياته. وما يلفت القارئ في تجربة الصديق حاج أحمد أن الثيمات والقضايا قد تختلف وتتنوع من رواية إلى أخرى إلا أنها تتقاطع كلها في الفضاء الصحراوي الأفريقي، الذي يمثل المكان الدائم لكل شخصياته الروائية، وهو الكاتب الشغوف بالصحراء، فعلى رغم رحلاته المتعددة بين أوروبا وآسيا فإنه يعود دوماً للانطلاق من أرض أفريقيا مؤسساً لمشاريعه السردية. يقول الكاتب ابن الجنوب عن رحلته مع القراءة وكيف كان يتلقى أعمالاً أدبية تنتمي إلى بيئة مختلفة عن بيئته الصحراوية، إن "الكاتب يولد على دين بيئته كما يقال، طبعاً الاغتراب القرائي، بدأ معي منذ أن دخلت المدرسة الابتدائية، وأنا في تلك القرية النائية المرمية بين رمال الصحراء، حيث كان يأتينا نص البحر ومشهد الثلج وعلو العمارات وغيرها من الصور المشفوعة بنصوص القراءة، غامضاً وأحياناً مضبباً، ولم تكن تلك الحكايات الواصلة إلينا حول زرقة البحر واتساع امتداده وبياض الثلج تكفي لتشكل صورة ذهنية حقيقية عن هذا العالم أو ذاك، إذ كانت هذه القطيعة الفيزيقية غير المقصودة ماثلة أكثر في تعابيرنا الكتابية المرتبطة أساساً بعالمنا القروي، وعدم اقتناعنا بإدراج الذهاب إلى البحر خلال العطلة الصيفية ضمن درس التعبير الكتابي الخاص بموضوع العودة إلى المدرسة. ولم نكن في البداية مدفوعين لقراءة أعمال تشبهنا بمفهوم الوعي القرائي، إنما كنا نجد أنفسنا واعين ومدركين للأشياء المقروءة أو التي يطلب منا الكتابة حولها". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) "مملكة الزيوان" هي الرواية الأولى لحاج أحمد وكانت مدينة أدرار بطلتها، ويقال إن الكاتب غالباً ما يكشف عن نفسه في عمله الأول لأنه يكتبه ببراءة قبل أن يتعلم التحايل والتخييل والكذب الروائي على القراء، حول ذلك يقول "استلهمت من طفولتي وفضاءات القصر الطيني كثيراً، إذ إن النص الأول عادة يتكئ فيه الكاتب على ذاته، ولعل أهم ما في النص الأول أن يبرهن الكاتب على أنه مشروع كاتب، ويستوفي مكونات النص حتى يمكن تجنيسه ضمن جنس الرواية". في رواية "كاماراد" الصادرة عن دار فضاءات تناول حاج أحمد موضوع الهجرة غير الشرعية، وسبق كتابتها زيارة قام بها إلى النيجر عام 2014 يذكر الروائي الجزائري أن موضوع الهجرة تولد لديه من خلال مشاهداته اليومية للمهاجرين الأفارقة بولايته أدرار، وتسمرهم عند مفترق الطرقات، بحثاً عن العمل، لأجل التزود بزاد إكمال الطريق نحو الفردوس، إذ كانت ولايته بالنسبة إليهم نقطة عبور واستراحة. ويضيف "طبعاً هذا المشهد اليومي المتكرر، عمَّق هذا الوعي بضرورة الكتابة حول هذا الموضوع الراهن والمثير، فضلاً عن أن مناخات وعوالم أفريقيا جنوب الصحراء وجدتها غائبة في مدونة الرواية الجزائرية والعربية، مما حمسني أكثر لأن أحرث سردياتي في تلك المناطق المجهولة". وتابع "الزيارة كانت مفيدة جداً، فالروائي يقرأ ويسمع ويشاهد كل ما يتصل بموضوعه، ثم يحاول هدمه وإعادة بنائه وفق متخيله، ثمة نقطة أخرى في غاية الأهمية وهي أن وقوف الكاتب على فضاءات المكان يجعله متحرراً أكثر، فالصورة الملتقطة أو الزاوية المكتوب عنها تبقى وجهة نظر مصورها وكاتبها، بينما وقوف الكاتب بنفسه قد يمنحه زوايا وتفاصيل صغيرة جداً لم يلتفت إليها مصور الصور أو كاتب المقال، وإن كان على أية حال ليس فرضاً زيارة المكان، لكني أشدد على حيوية ذلك". وأكمل "المواقف التي وقفت عليها وظلت محفورة بذاكرتي عن زيارة النيجر وصحاريه، مشاهد الفقر والبؤس التي يحياها الإنسان النيجيري واقتناعه بقسمته في الحياة، إذ تجد داخل العاصمة نيامي فيللا فارهة وبجوارها أكواخ هشة وهي مفارقة عجيبة في تلك المجتمعات، كما أن بيع المواد الغذائية بالغرام حال لافتة أيضاً داخل الأسواق، وهو مشهد معدوم أو يكاد في شمال أفريقيا". روايته الثالثة "منا" تناولت أزمة الجفاف القاسية التي شهدها شمال مالي عام 1973، وعن ظروف كتابتها يقول إنه "خلال إعدادي لرسالة الماجستير بجامعة الجزائر قبل عقدين، تناولت شخصية لغوية وأدبية بالأزواد وتطلب مني الأمر زيارة تلك الصحارى، وإن كانت الزيارة بحثية غير أن حديث الشيوخ والعجائز عن أحداث جفاف 1973 كان موجعاً، مما ولد عندي تأملات اختزنتها إلى حين. كما أن الشتات الذي وقع بعد الجفاف، والهجرات نحو ليبيا وما تلاه من أزمة الأزواد الراهنة بسبب ذلك جعلني أستطعم هذه الثيمة وأكتب عنها". وعن زياراته لمالي والنيجر، يقول حاج أحمد "قصتي مع دول الساحل مردها إلى زيارتي الأولى عام 2004 عندما ذهبت في رحلة علمية لنبش وجمع ما تناثر من أدب وحياة أحد أعلام صحراء مالي، وهو الشيخ محمد بن بادي الكنتي الذي كان محور دراستي في الماجستير بجامعة الجزائر فاكتشفت فضاء جديداً مكتنزاً بالأحداث، لكن ذلك لم يكن في بالي أني سأصبح يوماً روائياً وأوظفه في تأسيس نصوصي، إنما ظل مركوناً في سراديب الذاكرة حتى جاءت الفرصة فاستدعيت ذلك مع زيارتي التي تكررت لتلك الربوع، مما جعلني أكثر وعياً بتلك الفضاءات وما تكتنزه من قضايا وثقافات وحكايا". وتابع "ثمة أشياء أخرى ذات صلة، فمنطقتنا التاريخية توات أو أدرار كانت محور طرق القوافل التجارية بين شمال أفريقيا وجنوبها، ونعم هناك بلدان أفريقية مثل كينيا وإثيوبيا ومدغشقر أتطلع لزيارتها ومحاولة اكتشافها، وإن كانت الرواية المقبلة تظل تسير في هذا المشروع، وهي رواية تاريخية حول الشيخ المغيلي وعلاقته بأفريقيا، ووضعت إشارات في رواية 'الطانفا' حتى نظهر فضل ثقافتنا الجزائرية على أفريقيا". يتخيل حاج أحمد نفسه بعد 20 عاماً كما هو الآن "بسيط"، ويتمنى أن "يظل ذلك الدرويش الزيواني يسكنني وأظل في مزرعتي، وأقرأ وأكتب... ربما بعد التقاعد إن طال العمر، سأجعل الربيع والصيف بمدينة بني صاف الساحلية، بمسكني الخاص هناك، وأعود خريفاً وشتاء إلى وكري هنا. ربما أكون نشرت 30 كتاباً، أما الكتابة فستظل إلى اللحظة الأخيرة".


عكاظ
منذ 2 أيام
- عكاظ
لابوبو.. الدمية الغريبة التي غزت موضة المشاهير
/*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;} دمية «لابوبو» تحولت من شخصية خيالية إلى ظاهرة عالمية في عالم الموضة، حيث أصبحت أيقونة مميزة تزين حقائب المشاهير وتثير اهتمام عشاق المقتنيات الفريدة.  «لابوبو» هي شخصية ابتكرها الفنان كاسينغ لونغ من هونغ كونغ عام 2015، مستلهمًا تصميمها من الأساطير الإسكندنافية. ظهرت لأول مرة في سلسلة كتب مصورة بعنوان «The Monsters»، وتميزت بملامح تجمع بين اللطف والغرابة، مثل الأذنان الطويلتان والابتسامة الواسعة. وشهدت دمية «لابوبو» رواجًا واسعًا بين العديد من المشاهير حول العالم، مما ساهم في تعزيز مكانتها كظاهرة في عالم الموضة. من بين هؤلاء النجوم، كانت ليزا، عضو فرقة بلاكبينك، من أوائل من ساهموا في انتشار الدمية بعد أن شاركت صورة لها مع لابوبو على حسابها في إنستغرام، مما مثل نقطة تحول كبيرة في شهرة الدمية. كما ظهرت بيلي إيليش في عدة مناسبات تحمل إكسسوارات وأزياء مستوحاة من تصميم لابوبو، معبرة عن إعجابها بالشخصية الفريدة للدمية. وفي مهرجان كان السينمائي لعام 2025، تم رصد بيونسيه وهي تحمل نسخة مميزة من لابوبو، ما ساهم في رفع مكانة الدمية ضمن الوسط الفني. أخبار ذات صلة بالإضافة إلى ذلك، اعتمدت كيندال جينر لابوبو في جلسات تصوير وعروض أزياء، مما ساعد على دمج الدمية في ثقافة الموضة الراقية. كما ظهر جوستين بيبر في مناسبات متعددة مع إكسسوارات تحمل طابع لابوبو، مما عزز من انتشارها بين الشباب. يرى الكثير من المشاهير أن دمية لابوبو تمثل تمردًا على معايير الموضة التقليدية، وتضيف لمسة من التفرد والمرح إلى إطلالاتهم، مما جعلها رمزًا للموضة العصرية والجرأة في التعبير عن الذات.


Independent عربية
منذ 2 أيام
- Independent عربية
ميكولاس تشورليونيس... فنان ليتوانيا الأعظم الذي رسم الكون قبل اكتشافه
داخل قاعة دافئة، تتوسطها مجموعة من الكراسي الدوارة، يجلس الحضور وهم يرتدون نظارات الواقع الافتراضي. بعد لحظات قليلة سيسبرون عالماً خيالياً جميلاً تملؤه كائنات غريبة ويعيش فيه المشاركون مشاهدات خيالية، لكنها واقعية جداً تواكبها موسيقى مستوحاة من الأجواء السوريالية هذه. لم تكن جلسة الواقع الافتراضي هذه سوى تجربة فنية مبتكرة، مستوحاة بالكامل من أعمال ميكولاس تشورليونيس الفنية والموسيقية، ذلك الفنان النابغة الذي تحتفل ليتوانيا طوال العام الحالي بمرور 150 سنة على ميلاده، والذي جمع بين الألوان والأصوات، بين الفن والموسيقى، فابتكر عوالم كاملة من الخيال. ليس من المبالغة القول إن قلة من الأمم تفتخر بأحد أبنائها العباقرة كما تفخر ليتوانيا بـتشورليونيس – رمز نهضتها الثقافية الحديثة، وأحد أبرز فناني أوروبا في مطلع القرن الـ20. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ولد تشورليونيس عام 1875 في فارينا، التي تقع اليوم في جنوب شرقي ليتوانيا، في زمن كانت فيه البلاد ترزح تحت الحكم القيصري الروسي. وعلى رغم أن لغته الأم كانت البولندية، كما كان الحال لدى معظم سكان المدن في المقاطعات الليتوانية – البولندية، إلا أن أعماله، التي نهلت من روح الطبيعة الليتوانية، شكلت دليلاً واضحاً على هويته وانحيازه الفني والثقافي لوطنه. النهضة الليتوانية اعتبر تشورليونيس نفسه ليتوانياً بلا مواربة، فجسدت أعماله الموسيقية والتشكيلية ملامح الطبيعة المحلية، وتغنت بتفاصيلها. كما كان له دور بارز في النهضة الثقافية مطلع القرن الـ20، إذ تبنى الأغاني الشعبية الليتوانية، وأعاد تقديمها في قوالب موسيقية حديثة، ما جعل من فنه صوتاً وطنياً بامتياز. وعلى رغم عدم إلمامه باللغة الليتوانية في شبابه، فإنه حرص على تعلمها لاحقاً بمساعدة زوجته صوفيا. فتجربة تشورليونيس في التماهي ثقافياً مع البولنديين، إلى جانب ما تعرض له من تمييز كليتواني في كل من وارسو ولايبزيغ، أدتا إلى تنمية حس بالعدالة الاجتماعية لديه فيما يخص حقوق الليتوانيين. فأسس جوقة لـ"جمعية وارسو الليتوانية للمنفعة المتبادلة"، كما أصبح نائب رئيس "جمعية الفن الليتوانية" عام 1907. لعب تشورليونيس دوراً فاعلاً في تأسيس مجموعات تعنى بتعزيز الثقافة والمصالح الوطنية الليتوانية، وكان من أبرز من أسهموا في دفع الحركة الثقافية الوطنية قدماً رغم أنه لم يعش ليرى استقلال بلاده عام 1918. تمازج الموسيقى والرسومات من أبرز ما يميز تجربة تشورليونيس الفنية ظاهرة نادرة تعرف بـ"التزامن الحسي" Synaesthesia وهي ظاهرة إدراكية يؤدي فيها تحفيز مسلك حسي أو إدراكي واحد إلى تجارب لا إرادية في مسلك حسي أو إدراكي ثانٍ. بكلام آخر كان يسمع الألوان ويرى الأصوات، ما ساعده على ابتكار أعمال فنية متعددة الحواس وغنية بالطبقات وتعبر في آنٍ واحدٍ عن الموسيقى والرسم وتنبض بالحياة من كل الجهات. ويقول الباحث في مجال الفنون ديلان مكنيل في هذا الصدد، "كان واضحاً أن القصد من أعماله الفنية والموسيقية أن تعرض بصورة متزامنة للجمهور من خلال 'الحس المتزامن'". ففي عام 1909 في سانت بطرسبورغ قدم تشورليونيس مؤلفته السيمفونية "البحر" مصحوبة بعرض مجموعة من لوحاته الفنية بعنوان "سوناتا البحر". ويضيف مكنيل "يعد هذا العرض من أبرز تعبيرات 'الحس المتزامن'، حيث يدمج الفن في مجال الموسيقى والموسيقى في الفن". إنتاج غزير في وقت قصير استكشفت مؤلفات تشورليونيس الأساطير، والطبيعة، والعالم الروحاني، والكون. وتضم أعماله التشكيلية مجموعات متنوعة، من أبرزها "سوناتا"، و"الأبراج الفلكية"، و"خلق الكون" وهي واحدة من أكثر مجموعاته إدهاشاً، إذ تتألف من 13 لوحة تصور رؤيته لقصة الخلق، وتدمج عناصر أسطورية وتفسيرات صوفية خاصة به، وتحوي تشكيلات تشبه سدماً دوامة ونجوماً متوهجة تماثل بصورة غريبة صوراً من أطراف الكون التقطت بعد قرن من الزمن. كتب تشورليونيس في إحدى رسائله عن هذه المجموعة من اللوحات "أعتزم مواصلة رسمها حتى آخر أيامي... هذه صورة إبداعية لعالم مختلف عن عالمنا، وليس وفقاً للكتاب المقدس. عالم آخر - عالم خيالي". كما أبدع تشورليونيس سبع مجموعات "سوناتا" وهي رسومات فنية استوحت كل منها من حركة أو شعور محدد، تحمل عناوين مثل "سوناتا الشمس"، و"سوناتا الربيع"، و"سوناتا البحر". تظهر هذه المجموعات قدرته الفريدة على ترجمة المبادئ الموسيقية إلى أشكال بصرية. 7 أعمال ميكولاس تشورليونيس الفنية أعمال ميكولاس تشورليونيس الفنية 1/7 سوناتا رقم 6 (سوناتا النجوم). أليغرو (1908) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) سوناتا رقم 6 (سوناتا النجوم). أليغرو (1908) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) 2/7 مقبرة البلدة (1909) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) مقبرة البلدة (1909) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) 3/7 سوناتا رقم 7 (سوناتا الأهرام). أليغرو (1908) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) سوناتا رقم 7 (سوناتا الأهرام). أليغرو (1908) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) 4/7 الشمس تعبر برج القوس من سلسلة الأبراج الفلكية (1906-1907) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) الشمس تعبر برج القوس من سلسلة الأبراج الفلكية (1906-1907) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) 5/7 الصداقة (1906-1907) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) الصداقة (1906-1907) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) 6/7 الجنة (1909) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) الجنة (1909) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) 7/7 حكاية خرافية عن الملوك (1909) (الموقع الإلكتروني لمتحف تشورليونيس) وتعدان السوناتا الخامسة والسادسة (البحر والنجوم على التوالي) أسمى إنجازات تشورليونيس في سعيه لتجسيد البنية الموسيقية للفوغا والسوناتا. فهذه السلسلة، التي تصور أمواج بحر البلطيق والكثبان الرملية التي تنمو عليها أشجار الصنوبر، تمنح المشاهد انطباعاً فورياً، إذ إن الأيام السعيدة التي قضاها مع خطيبته المحبوبة على شاطئ البحر قد أضفت على السوناتا ألواناً مبهجة وإيقاعات باعثة على الانتشاء. وإضافة إلى ما أنجز من تحديث للفلكلور الليتواني، ضم الإنتاج الموسيقي لـتشورليونيس أكثر من 200 مؤلفة للبيانو ومقطوعاًت للأوركسترا أهمها، "في الغابة"، و"البحر". النهاية المبكرة كان تشورليونيس، بوصفه شخصية استثنائية، ذا تأثير قوي من حوله. تكتب شقيقته يدفيغا في مذكراتها أن صديقه المقرب فلودزيميج مورافسكي، شقيق الملحن البولندي أوغينيوش مورافسكي - دومبروفا كان يقول عنه "كنا نشعر جميعنا أن بيننا شخص غير عادي، يتميز ليس فقط بذكاء حاد، بل بقوة أخلاقية هائلة". وجاء أيضاً في مذكراتها أن أكثر ما كان يزعجه هو أن يطلب منه "شرح" محتوى إحدى لوحاته. كان يستاء ويقول: "لماذا لا يتمعنون بالنظر؟ لماذا لا يجهدون أنفسهم؟ فكل شخص يرى الأعمال الفنية ويفسرها بصورة مختلفة". منذ عام 1909، وخلال إقامته في سانت بطرسبورغ، أنهك تشورليونيس نفسه بالعمل في محاولة للخروج من وضعه المالي الصعب هو وزوجته. لكن صحته تدهورت بشدة، فغادر المدينة وانتقل إلى منتجع صحي في بولندا. لكنه، ككثير من العباقرة، لم يعمر طويلاً. ففي أبريل (نيسان) 1911، وأثناء فترة تعافيه، أصيب بالتهاب رئوي خلال إحدى نزهاته، وتوفي قبل أن يبلغ الـ36 من عمره. رغم قصر حياته، ترك تشورليونيس إرثاً غنياً من نحو 300 لوحة فنية ونحو 400 مؤلف موسيقي، وقدم مساهمة مهمة في تيارات "الرمزية" وفن "آرت نوفو"، وكان من ممثلي الحقبة المعروفة بـ"نهاية القرن" fin de siècle. ويعد من بين رواد الفن التجريدي في أوروبا.