أحدث الأخبار مع #ثقافة_الموت


الشرق الأوسط
منذ 2 أيام
- الشرق الأوسط
عودة جرائم قتل الأقارب في مناطق سيطرة الحوثيين
شهدت مناطق تحت سيطرة الجماعة الحوثية في اليمن عودة جرائم قتل الأقارب التي تنفّذها عناصر ممن جرى استقطابهم خلال فترات سابقة للالتحاق بمعسكرات الحوثي الصيفية. وسجلت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء ومحافظة إب في غضون يومَيْن وقوع ثلاث حوادث قتل ضد أقارب ارتكبتها عناصر حوثية، بينهم صغار في السن أخضعتهم الجماعة قسرياً لتلقي الأفكار التي تكرّس لثقافة الموت وتمجّد زعيم الحوثيين وسلالته على حساب قيم المجتمع المتوارثة. وتمثّل آخر هذه الحوادث في إقدام مراهق يُدعى محمد عبد الله حسان (15 عاماً) على ذبح والده باستخدام سلاح أبيض (الجنبية) في مديرية التحرير بصنعاء، عقب عودته من معسكر حوثي صيفي. وأفادت مصادر محلية بأن الجاني كان قد جرى استدراجه قبل فترة من قِبل أحد مشرفي الجماعة الحوثية إلى مركز صيفي دون معرفة أسرته. مسلحون حوثيون على متن عربة في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ) وذكرت المصادر أن الجاني دخل في ملاسنة حادة مع والدَيْه لدى عودته المفاجئة للمنزل وهو يعاني من حالة نفسية حرجة، وأنه جرى توبيخه بسبب غيابه والتحاقه بمعسكر صيفي تابع للجماعة دون علم العائلة، وهو ما دفعه إلى ارتكاب جريمة قتل والده. وأثارت تلك الواقعة المخاوف لدى الكثير من الأسر والآباء في صنعاء، الذين ألقوا باللوم على المراكز الحوثية الصيفية التي تواصل استهداف عقول الأطفال والمراهقين بإرغامهم على تلقي تعبئة متطرفة تزيد من حدة العنف الاجتماعي والتفكك الأسري. تزامنت الحادثة مع وقوع أخرى مشابهة، تمثّلت في إقدام عنصر حوثي، يُدعى بسام محمد السادة، على قتل والده المُسن (75 عاماً) بعدة طلقات نارية في إحدى قرى مديرية السياني جنوب محافظة إب. ووقعت الجريمة إثر خلاف أسرى نشب بين الجاني وعائلته، حيث كان قد جرى إرغامه على تلقي دورات تعبوية مكثفة بمركز حوثي صيفي في قرية الجرافة بالمديرية ذاتها. وحسب المصادر، فقد سبق للعنصر الحوثي أن اعتدى في وقت سابق على والده ومنعه لمرات عدة من دخول المنزل. الحوثيون جنّدوا آلاف المراهقين ضمن حملاتهم لحشد المقاتلين بزعم نصرة غزة (إكس) وسبق تلك الحادثة إقدام عنصر حوثي آخر، يُدعى أسامة عمر عبد الله الشرماني، على قتل خاله، شقيق والدته، بدسّ السم في وجبة طعامه حتى أُصيب بالتسمم الحاد وفارق على أثرها الحياة في إحدى القرى التابعة لعزلة السارة بمديرية العدين غرب إب. وذكر مصدر محلي أن الجاني، وهو خريج سابق من دورة حوثية تعبوية، أقدم على دسّ كمية من السم لقتل خاله، بعد نشوب خلاف بينهما دام نحو أسبوع. وبينما غابت أجهزة أمن الجماعة الحوثية عن هذه الحادثة، مثل غيرها من الجرائم التي تشهدها إب وأغلب مديرياتها، أفاد المصدر بتمكن الجاني من الهرب عقب ارتكابه الجريمة. كانت الحكومة اليمنية قد حذّرت في مطلع مارس (آذار) الماضي من خطورة الانخراط في جبهات القتال الحوثية، ومن الالتحاق بما تُسمّى «المعسكرات الصيفية» و«الدورات الثقافية»؛ لما لها من تأثيرات مباشرة على الأطفال والنشء الذين يتحول الكثير منهم فيما بعد إلى قتلة بلا رحمة. وتحدّث وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمر الإرياني، عن وجود إحصاءات صادمة للحوادث الدامية التي ارتكبتها عناصر حوثية ضد أقاربهم. وأكد الوزير اليمني أن هذا النهج يعكس تجذر العنف في الفكر الحوثي، وهو ما أدى إلى تزايد معدلات القتل داخل الأسر والمجتمع اليمني. ورأى أن هذه الجرائم لا تُعدّ مجرد حوادث فردية، بل هي نتيجة مباشرة لمنهجية الجماعة في نشر العنف والتطرف، وتحريض الأتباع على استهداف أقربائهم باسم ولائهم المطلق لها. الانتهاكات الحوثية تتنوع بين القتل والاختطافات والتجنيد القسري (رويترز) وكشف الإرياني عن إحصائيات صادمة لجرائم قتل الأقارب التي نفّذتها عناصر حوثية منذ مطلع عام 2020، حيث تم تسجيل 44 جريمة، من بينها مقتل 11 أباً على أيدي أبنائهم، و9 أطفال قُتلوا على يد آبائهم، بالإضافة إلى 5 زوجات قُتلن بأيدي أزواجهن، و4 أشقاء وشقيقات لقوا حتفهم بيد ذويهم، فضلاً عن 10 إصابات خطيرة، منها محاولة قتل لأحد الآباء نجا منها بأعجوبة. وأشار الوزير إلى أن ما يتم توثيقه عبر وسائل الإعلام لا يعكس بالضرورة الحجم الحقيقي لهذه الظاهرة، حيث تفرض الجماعة الحوثية تعتيماً إعلامياً شاملاً، وتقمع الصحافيين والنشطاء لمنع كشف هذه الجرائم، مما يجعل العدد الفعلي للضحايا أعلى بكثير مما يُعلن.


البيان
٠٨-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- البيان
الواقعية هي الحل
في العصر الحالي، وفي ظل الظروف العالمية والإقليمية التي تسير من حرب إلى أخرى، ومن بؤرة صراع إلى المزيد من البؤر، ومن تصاعد وتطور وانتشار الحروب غير التقليدية، أي تلك التي لا تعتمد على الدبابة والمدفع والطائرة العسكرية أدوات لها، يتضاءل عدد الدول التي تثبت أنها قادرة فعلاً لا قولاً على الاحتفاظ بأداءات قوية داخلياً، ووجوداً مؤثراً خارجياً. في المدرسة، ترى جيلنا على مقولة «يد تبني ويد تحمل السلاح». تظل المقولة سارية المفعول، وإن تغيرت قواعد البناء، ومعها أيضاً تعريفات السلاح ومواصفاته. البناء لم يعد طوباً وخرسانة وحديداً فقط، والسلاح لم يعد ذخائر ومقاتلات ومقذوفات فقط. أضيف لما سبق البناء في التعليم والبحث والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ومواكبة العصر واستباقه إن أمكن، وكذلك سلاح الهمة المعرفية، والدبلوماسية المرنة، وترسيخ موطئ قدم وحبذا قدمين في عالم المال والأعمال والمشروعات الكبرى، وتقفي أثر الفرص أينما كانت. المحافظة على هذا التوازن بين الانتماء لعالم وقع جزء غير قليل منه في فخ الصراعات والحروب الملتهبة، وفي الوقت نفسه الالتفات لعمليات البناء الداخلية، سواء البشر أو الحجر، أمر بالغ الصعوبة، لكن ليس مستحيلاً. البعض في منطقتنا العامرة بالصراعات وقع في فخ السعي وراء الموت والفناء والدمار، ولم يكتفِ بذلك، بل عمل واجتهد على مدار عقود ليجعل من هذا الفخ أسلوب حياة، وأخذ في ترويج ثقافة الموت باعتبارها الغاية من الدنيا بين الملايين. ولم يكتفِ هذا البعض بذلك، بل روج لفكرة شيطانية مفادها أن من يهتم بدنياه، ويعمل من أجل حاضره ومستقبله، ويعتني بالبشرية هو خارج عن الملة. الأحداث والحوادث المتسارعة في منطقتنا منذ تفجر ما يعرف بـ«الربيع العربي»، وما تبعه من انكشافات لتيارات الإسلام السياسي، ومعها العديد من الجماعات والإيديولوجيات السياسية التي أخذت في فقدان أرضيتها الشعبية بعد ما تأكد خلو جعباتها من كل ما من شأنه أن يسهم في لحاق الشعوب بركب الحضارة الذي فاتها، ما زالت تلقي الضوء على ما نفتقد. نظرة موضوعية سريعة إلى دول المنطقة العربية، ومن يقف أين، ومن يمضي قدماً في اتجاه المستقبل، ومن يصر على السير عكس التيار، ومن يحاول جذب الآخرين معه نحو حافة الهاوية، تكفي لنفهم الكثير. نظام عالمي جديد يتشكل حولنا بكل تأكيد. لا نتفق على كل مكوناته، ولا يعجبنا جميع مكوناته، ولكن أن نكون جزءاً منه ونستعد له ونتفاعل معه، ونعمل على تعديله من الداخل لما يضمن صالحنا، أفضل من أن نرفع راية المعارضة والممانعة ورفض المشاركة. المسألة ببساطة هي إن نظاماً جديداً يتشكل، وسيتشكل بنا أو من دوننا. البعض يظن أن المشاركة تعني التبعية، أو أنها تعكس ضعفاً أو هواناً. الحقيقة أن المشاركة تعني قوة، وتضمن دوراً فاعلاً. وإذا تركنا جانباً ما يثار حول النظام العالمي الجديد، ونظرية المؤامرة الكبرى، وأن عصابة من النخب الدولية تجتمع في غرفة مغلقة لتلحق الخراب والدمار بالعالم وتهيمن عليه، فسيتبقى لنا أسس وقواعد جديدة يجري وضعها وتشكيلها وينبغي أن نكون مشاركين فيها. النظام الجديد خليط من السياسة والاقتصاد والمال والمصالح الاستراتيجية والجيوسياسية والمنصات الرقمية والذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية، جنباً إلى جنب مع إعادة ترتيب الدول وتحالفاتها ومصالحها على هرم القوة. من يختار أن يسمو على الخلافات، ويعتبر القمة هدفاً له والعمل والعلم والبناء الطريق الوحيد نحو المستقبل، حر في اختياره كذلك. ومن يختار الغرق في صراعات طائفية، أو يمسك بتلابيب القاع متجاهلاً القمة، أو يعتبر الحنجورية طريقاً موازياً نحو المستقبل، حر كذلك فيما يفعل، شرط ألا يجبر الآخرين على اللحاق به في القاع، أو يبقيهم قسراً معه. العالم كله في مفترق طرق اليوم، والعالم العربي ليس استثناء. الانكشافات التي نجمت عن أحداث ما يسمى بـ«الربيع العربي» صارت حقيقة لا تخطئها عين. ولحقت بها انكشافات عدة لا تقل عنها أهمية، في أعقاب ما جرى في أكتوبر 2023.