logo
الواقعية هي الحل

الواقعية هي الحل

البيان٠٨-٠٥-٢٠٢٥

في العصر الحالي، وفي ظل الظروف العالمية والإقليمية التي تسير من حرب إلى أخرى، ومن بؤرة صراع إلى المزيد من البؤر، ومن تصاعد وتطور وانتشار الحروب غير التقليدية، أي تلك التي لا تعتمد على الدبابة والمدفع والطائرة العسكرية أدوات لها، يتضاءل عدد الدول التي تثبت أنها قادرة فعلاً لا قولاً على الاحتفاظ بأداءات قوية داخلياً، ووجوداً مؤثراً خارجياً.
في المدرسة، ترى جيلنا على مقولة «يد تبني ويد تحمل السلاح». تظل المقولة سارية المفعول، وإن تغيرت قواعد البناء، ومعها أيضاً تعريفات السلاح ومواصفاته.
البناء لم يعد طوباً وخرسانة وحديداً فقط، والسلاح لم يعد ذخائر ومقاتلات ومقذوفات فقط. أضيف لما سبق البناء في التعليم والبحث والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ومواكبة العصر واستباقه إن أمكن، وكذلك سلاح الهمة المعرفية، والدبلوماسية المرنة، وترسيخ موطئ قدم وحبذا قدمين في عالم المال والأعمال والمشروعات الكبرى، وتقفي أثر الفرص أينما كانت.
المحافظة على هذا التوازن بين الانتماء لعالم وقع جزء غير قليل منه في فخ الصراعات والحروب الملتهبة، وفي الوقت نفسه الالتفات لعمليات البناء الداخلية، سواء البشر أو الحجر، أمر بالغ الصعوبة، لكن ليس مستحيلاً.
البعض في منطقتنا العامرة بالصراعات وقع في فخ السعي وراء الموت والفناء والدمار، ولم يكتفِ بذلك، بل عمل واجتهد على مدار عقود ليجعل من هذا الفخ أسلوب حياة، وأخذ في ترويج ثقافة الموت باعتبارها الغاية من الدنيا بين الملايين. ولم يكتفِ هذا البعض بذلك، بل روج لفكرة شيطانية مفادها أن من يهتم بدنياه، ويعمل من أجل حاضره ومستقبله، ويعتني بالبشرية هو خارج عن الملة.
الأحداث والحوادث المتسارعة في منطقتنا منذ تفجر ما يعرف بـ«الربيع العربي»، وما تبعه من انكشافات لتيارات الإسلام السياسي، ومعها العديد من الجماعات والإيديولوجيات السياسية التي أخذت في فقدان أرضيتها الشعبية بعد ما تأكد خلو جعباتها من كل ما من شأنه أن يسهم في لحاق الشعوب بركب الحضارة الذي فاتها، ما زالت تلقي الضوء على ما نفتقد.
نظرة موضوعية سريعة إلى دول المنطقة العربية، ومن يقف أين، ومن يمضي قدماً في اتجاه المستقبل، ومن يصر على السير عكس التيار، ومن يحاول جذب الآخرين معه نحو حافة الهاوية، تكفي لنفهم الكثير.
نظام عالمي جديد يتشكل حولنا بكل تأكيد. لا نتفق على كل مكوناته، ولا يعجبنا جميع مكوناته، ولكن أن نكون جزءاً منه ونستعد له ونتفاعل معه، ونعمل على تعديله من الداخل لما يضمن صالحنا، أفضل من أن نرفع راية المعارضة والممانعة ورفض المشاركة.
المسألة ببساطة هي إن نظاماً جديداً يتشكل، وسيتشكل بنا أو من دوننا. البعض يظن أن المشاركة تعني التبعية، أو أنها تعكس ضعفاً أو هواناً. الحقيقة أن المشاركة تعني قوة، وتضمن دوراً فاعلاً.
وإذا تركنا جانباً ما يثار حول النظام العالمي الجديد، ونظرية المؤامرة الكبرى، وأن عصابة من النخب الدولية تجتمع في غرفة مغلقة لتلحق الخراب والدمار بالعالم وتهيمن عليه، فسيتبقى لنا أسس وقواعد جديدة يجري وضعها وتشكيلها وينبغي أن نكون مشاركين فيها.
النظام الجديد خليط من السياسة والاقتصاد والمال والمصالح الاستراتيجية والجيوسياسية والمنصات الرقمية والذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية، جنباً إلى جنب مع إعادة ترتيب الدول وتحالفاتها ومصالحها على هرم القوة.
من يختار أن يسمو على الخلافات، ويعتبر القمة هدفاً له والعمل والعلم والبناء الطريق الوحيد نحو المستقبل، حر في اختياره كذلك. ومن يختار الغرق في صراعات طائفية، أو يمسك بتلابيب القاع متجاهلاً القمة، أو يعتبر الحنجورية طريقاً موازياً نحو المستقبل، حر كذلك فيما يفعل، شرط ألا يجبر الآخرين على اللحاق به في القاع، أو يبقيهم قسراً معه.
العالم كله في مفترق طرق اليوم، والعالم العربي ليس استثناء. الانكشافات التي نجمت عن أحداث ما يسمى بـ«الربيع العربي» صارت حقيقة لا تخطئها عين. ولحقت بها انكشافات عدة لا تقل عنها أهمية، في أعقاب ما جرى في أكتوبر 2023.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

طلاب تايوان "قلقون" بعد منعهم من الالتحاق بجامعة هارفارد
طلاب تايوان "قلقون" بعد منعهم من الالتحاق بجامعة هارفارد

البيان

timeمنذ ساعة واحدة

  • البيان

طلاب تايوان "قلقون" بعد منعهم من الالتحاق بجامعة هارفارد

تهيأت الطالبة التايوانية يو-سوان لين بعد حصولها على خطاب القبول للالتحاق بجامعة أحلامها،هارفارد، في سبتمبر المقبل. وأوضحت لين لرويترز من شقتها في تايبه أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منع جامعة هارفارد من قبول طلاب أجانب أثار قلقها وانتابها شعور بالعجز. وأردفت قائلة "الطريق نحو حلمي أصبح أكثر وعورة مما توقعت. هناك الكثير من الضبابية". وأضافت "ظننت أنني قادرة على تقبل كل التغييرات التي مررنا بها خلال نصف العام الماضي، لكن هذا القرار يستهدف الطلاب الدوليين على وجه التحديد، لذلك شعرت وكأنني تلقيت صفعة مفاجئة ولهذا يساورني القلق". ويمثل هذا القرار تصعيدا كبيرا في حملة إدارة ترامب ضد جامعة هارفارد، وهي واحدة من أهم الجامعات الأمريكية المرموقة. ووصفت جامعة هارفارد ذلك القرار بأنه "انتهاك صارخ" للدستور الأمريكي والقوانين الأخرى. وأوقفت قاضية أمريكية القرار الإداري مؤقتا، إلا أن ذلك لم يخفف من قلق لين التي لم تتسلم تأشيرتها حتى الآن. ونقلت وكالة الأنباء المركزية الرسمية في تايوان عن وزارة التعليم التايوانية توقعها بتأثر 52 طالباً تايوانياً بالإجراء الذي اتخذه ترامب.

جنوب لبنان.. انتخابات تحت النار
جنوب لبنان.. انتخابات تحت النار

البيان

timeمنذ 3 ساعات

  • البيان

جنوب لبنان.. انتخابات تحت النار

ذلك أن الطيران الإسرائيلي أعاد في الساعات الماضية غاراته، ما دفع لبنان الرسمي إلى تكثيف اتصالاته مع رعاة وقف النار، لحماية الناخبين. وتحت وطأة واقع تدميري، تركته آلة الحرب الإسرائيلية على الكثير من المناطق الجنوبية، ووسط السِباق المحفوف بالمحاذير. والذي يشهده لبنان في مرحلته الانتقالية منذ بداية العهد الجديد وتشكيل الحكومة الجديدة، اختتمت محافظتا الجنوب والنبطية، أمس، الانتخابات البلدية والاختيارية التي أُجريت الشهر الجاري على 4 جولات. علماً أن معارك هذه الانتخابات لا تقلّ ضراوة عن «البلدية»، وخصوصاً أنها تأتي تتمّة لمعارك موازين القوى، إمّا لاسترجاعها أو لتثبيتها. وثمّة إجماع على أن إنجاز هذه الانتخابات يُسجّل للعهد الجديد الذي التزم مساراً لا يتوقف بعد تكوين السلطة والتعيينات وإتمام الاستحقاقات الانتخابية. كما أن ثمّة إجماعاً على أن الجميع أخذ من هذه الانتخابات «بروفا» للانتخابات النيابية في مايو من السنة المقبلة، وعلى أن البلديات ستكون الرافعة الأساسية للاستحقاق النيابي المقبل.

الرئاسة السورية تنشر تفاصيل لقاء الشرع والمبعوث الأميركي
الرئاسة السورية تنشر تفاصيل لقاء الشرع والمبعوث الأميركي

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 3 ساعات

  • سكاي نيوز عربية

الرئاسة السورية تنشر تفاصيل لقاء الشرع والمبعوث الأميركي

وقال بيان الرئاسة إن الشرع ومعه وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، التقيا باراك "في إطار جهود الحكومة السورية الجديدة لإعادة بناء العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة". وركز اللقاء على "بحث عدد من الملفات الحيوية، كان أبرزها متابعة تنفيذ رفع العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا". وأكد الشرع أن العقوبات لا تزال تشكل عبئا كبيرا على الشعب السوري، وتعيق جهود التعافي الاقتصادي. وأشار مبعوث واشنطن إلى أن بلاده بدأت بالفعل إجراءات تخفيف العقوبات، تنفيذا لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، وأن "العملية مستمرة حتى الوصول إلى الرفع الكامل والشامل لها". كما ناقش الطرفان، وفقا للبيان، سبل دعم الاستثمار الأجنبي في سوريا، لا سيما في قطاعي الطاقة والبنية التحتية، وأبدى الجانب السوري استعداده لتقديم التسهيلات اللازمة لجذب المستثمرين، والمساهمة في جهود إعادة الإعمار، مع ضمان بيئة مستقرة وآمنة. وشدد الشرع على "رفض أي محاولات لتقسيم البلاد"، مؤكدا تمسك الحكومة بوحدة وسيادة الأراضي السورية، كما تم التأكيد على "أهمية تطبيق اتفاق فصل القوات لعام 1974 بين سوريا و إسرائيل لضمان الاستقرار في الجنوب السوري". وتطرق الجانبان إلى ملف الأسلحة الكيميائية، حيث "اتفقا على ضرورة التخلص الكامل منها بالتعاون مع المجتمع الدولي، ووفقا للاتفاقات الدولية ذات الصلة". كذلك ناقش اللقاء "سبل التعاون الأمني المشترك لمواجهة التحديات الإقليمية، بما في ذلك مكافحة الإرهاب وضبط الحدود وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة". وأكدا على ضرورة "تطبيق اتفاق شامل مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، يضمن عودة سيادة الحكومة السورية على كامل الأراضي السورية، مع بحث آليات دمج هذه القوات ضمن مؤسسات الدولة، بما يسهم في وحدة القرار والسيادة الوطنية".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store