أحدث الأخبار مع #ثورة_التحرير


روسيا اليوم
منذ 2 أيام
- سياسة
- روسيا اليوم
بمناسبة "الذكرى الـ 69 ليوم الطالب".. الرئيس الجزائري يؤكد على أهمية الجامعة في بناء الدولة الجديدة
وحيّا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الطالبات والطلبة الجزائريين، مشيدا "بطموحهم في المساهمة في بناء جزائر قوية ومنتصرة، مستلهمين من تضحيات جيل طلبة 1956 الذين التحقوا بصفوف الكفاح المسلح استجابة لنداء الحرية". وحسب بيان الرئاسة الجزائرية جاء في نص رسالة الرئيس عبد المجيد تبون للطلبة: "يسعدني في هذا اليوم الذي يحتفي فيه بناتنا وأبناؤنا الطلبة باليوم الوطني للطالب، أن أحيي الشباب الجزائري الذي يؤم مدرجات الجامعات، ساعيا إلى النجاح بطموح التواقين إلى المساهمة في بناء جزائر قوية ومنتصرة، متأسيا بالرواد السابقين. ومستذكرا - في هذه المناسبة – جيلا متشبعا بالروح الوطنية، آثر في 19 مايو 1956. في خضم ثورة التحرير المجيدة مغادرة رحاب الجامعة، والالتحاق بجبهة الكفاح المسلح، مؤكدا بتلك الهبة التاريخية أن الشعب الجزائري حر ومصمم على البقاء حرا، وأن لا شيء أولى من الاستجابة لنداء الحرية في بيان أول نوفمبر الخالد". وأضاف الرئيس الجزائري: "إنكم – بناتي وأبنائي الطلبة – لتدركون تمام الإدراك أن بلدكم العظيم بتاريخه المجيد. واجه غداة الاستقلال أوضاعا قاسية وتحديات جمة لتدارك التأخر الفادح الذي كرسه الاستعمار البغيض في مجال التربية والتعليم. بسياسة التجهيل والحرمان، ومحاولات طمس الشخصية والهوية الوطنية". وأكد أن "الجزائر تمكنت بإرادة الوطنيين من تجاوز تلك الأوضاع الصعبة وبناء منظومة جامعية وطنية مشرفة. بتأطير بيداغوجي متكامل، وبهياكل ومنشآت تغطي كل أنحاء الوطن، تستجيب لمتطلبات الجامعيات والجامعيين. كما تتوفر على شروط التحصيل العلمي والمعرفي في مناخ يليق بهذا الجيل الواعد. وهو ما تعكسه أعداد المتخرجين من المعاهد والجامعات، والأرصدة المالية المسخرة، والطاقات البشرية المعبأة، لتجعل من الجامعة الجزائرية في الجزائر الجديدة المنتصرة. قاطرة أساسية في توجه البلاد نحو تطوير وتنويع النشاط الاقتصادي". كما أشار الرئيس الجزائري إلى حرص الدولة على المزيد من الدفع بالجامعة الجزائرية ومنظومة التكوين بمختلف المستويات والتخصصات. والارتباط بالواقع الاقتصادي، ومسارات التحول نحو اقتصاد المعرفة. ووضع الآليات الكفيلة بإدماج الشباب الجامعي وخريجي معاهد التكوين في حركية هذه التحولات الحتمية نحو إقتصاد متفتح ومتنوع وتنافسي، لا سيما من خلال تسهيل ومرافقة إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة". معربا عن "اعتزازه الكبير بما يحققه المتفوقون النوابغ في الجامعات، من ريادة وتألق في الابتكار والإبداع، ومواكبة أرقى وأدق التكنولوجيات في العالم". وهنأ الرئيس الجزائري "الطالبات والطلبة، بنات جزائر اليوم وحاملي راية أسلافهم من معدن الشهيدين عمارة رشيد وطالب عبد الرحمن وغيرهما من أولئك الذين سجلوا أسماءهم خالدة في صفحات مجد الجزائر وعزتها".المصدر: RT + وسائل إعلام جزائرية دعا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى إصلاح الجامعة العربية، موضحا أنها "تأسست في زمن غير زماننا هذا، وفي سياق غير سياقنا هذا، وفي محيط غير محيطنا هذا". دعت لجنة بالبرلمان الجزائري حكومة البلاد إلى بناء ملاجئ لحماية المواطنين، بما يتماشى مع ترتيبات يجري الإعداد لها منذ شهر تتعلق بـ"قانون التعبئة العامة". وصف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، اعتماد اللغة الإنجليزية بدلا من الفرنسية في تدريس تخصص الطب بالجامعات الجزائرية بالقرار "الصائب".


الشرق الأوسط
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الشرق الأوسط
الجزائر تحيي ذكرى جرح مفتوح في تاريخها مع فرنسا
يبدو أن مطلب الجزائر من فرنسا بالاعتراف الصريح بأنها ارتكبت «جريمة ضد الإنسانية» خلال فترة الاستعمار، التي استمرت 132 سنة (1830 –1962)، بات بعيد المنال، بعد أن وصلت العلاقات بين البلدين إلى مستوى غير مسبوق من التوتر، نتيجة تداخل ملفات الذاكرة مع قضايا أخرى كالهجرة ونزاع الصحراء. وتحيي الجزائر هذه الأيام الذكرى الـ80 لمجازر 8 مايو (أيار) 1945، التي راح ضحيتها نحو 45 ألف جزائري في مدن الشرق، على أيدي رجال الشرطة الفرنسية ضد متظاهرين طالبوا بالاستقلال، مقابلاً لمساعدة أبنائهم فرنسا والحلفاء في الانتصار على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية، من خلال الانخراط في هذه الحرب ضمن الجيش الفرنسي. الاحتفالات في ولاية بومرداس شرق العاصمة (حساب الولاية) وكانت السلطات الاستعمارية شجعت شباب الجزائر على التجنيد في مقابل منح بلادهم الاستقلال إن تم دحر ألمانيا هتلر. ومن أهم مطالب تلك المظاهرات التي جرت في سطيف وقالمة وخراطة، كان تذكير فرنسا بهذا الوعد. غير أن قواتها الأمنية جابهت المتظاهرين بالنار والاعتقال، فقد كانت هذه الأحداث منعطفاً حاسماً في تاريخ النضال الوطني، مهَّد لاندلاع «ثورة التحرير» عام 1954 التي انتهت باستقلال الجزائر. وقال رجل الثورة الراحل حسين آيت أحمد: «إن أول نوفمبر (تشرين الثاني) 1954 (اليوم الذي اندلعت فيه حرب التحرير) بدأ في الثامن من مايو 1954»، وهو يوم المظاهرات التي يعدّها المؤرخون محطة فارقة في حسم علاقة الجزائريين مع الاستعمار. وتم استحضار هذه الأحداث في محافظات البلاد، بواسطة أنشطة أقرتها وزارة المجاهدين، تمثلت أساساً في وضع أكاليل من الزهور على النُصب التذكارية، لا سيما في المدن التي شهدت المجازر، إلى جانب الوقوف دقيقة صمت ترحّماً على أرواح الشهداء. ورافقت هذه المراسم الرسمية عروض فنية وفولكلورية، تتضمن مسرحيات تمثل أحداث المجازر أو الحياة اليومية خلال تلك الحقبة، كما قدمت أناشيد وطنية ومقاطع شعرية تمجد تضحيات الشعب الجزائري ومقاومته للاستعمار. الملصق الرسمي للاحتفالات كما نظمت معارض وثائقية وتاريخية تضم صوراً وشهادات ووثائق تؤرخ لتلك الأحداث، إلى جانب عرض مجسمات تحاكي المظاهرات الشعبية أو مشاهد القمع الفرنسي. وما ميَّز الاحتفالات هذا العام، حضور وفد برلماني فرنسي بعض فعالياتها. وقد أكد أعضاؤه في تصريحات للصحافة الفرنسية أن تواجدهم في الجزائر في هذه الذكرى «بمثابة اعتراف قطاع من السياسيين الفرنسيين، بمسؤولية دولتهم عن مذابح 8 مايو 1945». وتمر العلاقات بين البلدين منذ الصيف الماضي بتوترات غير مسبوقة، كان آخر فصولها تبادل طرد دبلوماسيين في مؤشر على قطيعة شبه تامة. وأكد وزير الداخلية إبراهيم مراد في تصريحات، الخميس، بمناسبة الاحتفالات، «أن أحداث 8 مايو 1945 تمثل ذاكرة وطن وتضحيات شهداء، لا يمكن أن ننسى هذه الذكرى». مشيراً إلى أن الطيف السياسي الجزائري في تلك المرحلة، «أيقن أن لا حلَّ آخر أمامه إلا حمل السلاح في وجه المستعمر». كما قال إن الجزائريين «لا يمكن أن ينسوا ما جرى في الثامن من مايو، فقد كانت هذه الأحداث وصمة عار لفرنسا التي تنكر أنها لم ترتكب جريمة ضد الإنسان في الجزائر». ولفت مراد إلى «وجود الكثير من المؤرخين في فرنسا يؤكدون في كتاباتهم أنها اقترفت جرائم في الجزائر»، معبّراً بثقة: «ستعترف فرنسا حتماً بأنها ارتكبت جرائم في الجزائر». الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة مجموعة الـ7 بإيطاليا في 13 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية) ونشرت الرئاسة، الأربعاء، خطاباً للرئيس عبد المجيد تبون بهذه المناسبة، أكد فيه أن «مجازر الثامن من مايو كانت انتفاضة شعبية فاصلة، اقتربت بنضالات الحركة الوطنية إلى لحظة تاريخية حاسمة تمثلت في التحوّل إلى جبهة الكفاح المسلح. ففي هذا اليوم الوطني، يقف الجزائريون عند هذه الذكرى التي تبرز حجم المعاناة وقساوتها التي تكبّدها شعب مقاوم، لدفع العدوان عن أرضه». والمعروف أن الجزائر وفرنسا أطلقتا عام 2023، «لجنتين لمصالحة الذاكرتين»، تضم كل واحدة خمسة باحثين أكاديميين في التاريخ من البلدين، مهمتهم إحداث توافق في الرؤية بخصوص «الحقيقة التاريخية»، وذلك بغرض التوصل إلى مساحة مشتركة تسمح بتجاوز الخلاف حول «الذاكرة وأوجاع الاستعمار». غير أن الخلافات الحالية أوقفت عمل هؤلاء بعد أن كانوا حققوا خطوات إيجابية في المشروع، وفق تصريحات لهم. وتتمثل مطالب الجزائر في «قضية الذاكرة»، في «اعتراف صريح من فرنسا بأن احتلالها الجزائر كان جريمة»، وأن يتبع ذلك تقديم الاعتذار. وكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قد حسم هذا الجل مطلع 2023، عندما قال في مقابلة صحافية: «لست مضطراً إلى طلب الصفح، هذا ليس الهدف. الكلمة ستقطع كلّ الروابط (...) إن أسوأ ما يمكن أن يحصل هو أن نقول (نحن نعتذر وكلّ منّا يذهب في سبيله)». كما قال: «الاشتغال على الذاكرة والتاريخ ليس جردة حساب، إنّه عكس ذلك تماماً. إنه يعني الاعتراف بأن في طيات ذلك، أموراً لا توصف، ولا تُفهم ولا تُبرهَن، وربما لا تُغتفر».


BBC عربية
٠٨-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- BBC عربية
8 مايو 1945: "مجازر الجزائريين التي ترفض فرنسا تحمّل مسؤوليتها"
في الثامن من مايو/أيار من كل عام، تتذكر أغلب شعوب العالم انتصار الحلفاء على النازية الألمانية، في الحرب العالمية الثانية. وتحيي الدول العظمى ذكرى إنزال نورماندي، وتحرير فرنسا، باستسلام الرايخ الثالث، بعد انتحار زعيمه أدولف هتلر. ولكن الجزائريين لهم تاريخ مختلف في هذا اليوم. ذاكرتهم تسترجع صور "مجازر" سطيف، وقالمة وخراطة. المدن الجزائرية، التي شهدت حملة قمع وتقتيل واسعة، شنتها قوات الاحتلال الفرنسي، على المدنيين. وراح ضحيتها عشرات الآلاف، من النساء والرجال والأطفال. فبينما كانت فرنسا تحتفل بالنصر والتحرير في باريس، كانت قواتها، في الجانب الأخر من البحر المتوسط، تقتل الجزائريين في بلادهم. متظاهرون سلميون خرجوا إلى الشوارع يحتفلون، هم أيضا، بالنصر على النازية، ويطالبون بالحرية، التي وعدتهم بها فرنسا وحلفاؤها. تذكر كتب التاريخ أن ثورة التحرير الجزائرية اندلعت في أول نوفمبر/تشرين الثاني 1954. لكن كثيرا من المؤرخين يعتقدون أن بذورها زرعت يوم 8 مايو/أيار 1945. إنها "المجازر" التي أشعلت فتيل ثورة الجزائريين الأخيرة على الاحتلال الفرنسي. هذا ما عبّر عنه المؤرخ الجزائري، محمد حربي، في مقال نشره في 2005 بصحيفة لوموند دبلوماتيك، يقول فيه إن: "حرب الجزائر بدأت في سطيف يوم 8 مايو 1945". ويرى حربي أن هذه "المجازر" قطعت كل أمل في الحوار والتفاهم مع فرنسا. وتتفق معه المؤرخة الفرنسية، آن ري غولدزيغر، إذ أن ما وقع في سطيف وقالمة وخراطة، يوم 8 مايو أيار 1945، "أغلق بوحشية وعنف منطقع النظير، آخر باب كان ربما سيؤدي إلى تطور سلمي للعلاقة بين الفرنسيين والجزائريين". كيف تطورت الأحداث؟ خرج الجزائريون في مسيرات، نظمتها النقابات، في المدن الكبرى، احتفالا بعيد العمال في أول مايو. ورفعوا شعارات تطالب بالحرية والسيادة على أرضهم. وتعرض المتظاهرون لإطلاق نار في العاصمة أدى إلى مقتل اثنين. وقتل واحد آخر في وهران، غربي البلاد. وبعدما ذاعت أخبار استسلام ألمانيا النازية، يوم 7 مايو/أيار، حدثت مناوشات وصدامات في الجزائر بين الأوروبيين، الذين خرجوا إلى الشوارع يهتفون "يحيا ديغول"، قائد المقاومة الفرنسية، والجزائريين الذين ردوا عليهم بشعار "يحيا مصالي"، زعيم الحركة الوطنية الجزائرية. وتعززت ثقة الجزائريين في مطالبهم، بعد التضحيات التي قدموها في الحرب العالمية الثانية. وشجعتهم وعود ميثاق الأطلسي، الذي نص على تمكين الشعوب المحتلة من حقها في تقرير مصيرها، واحترام سيادتها، بعد دحر النازية الألمانية في أوروبا. وكان ميثاق الأطلسي، الذي أعلنه الرئيس الأمريكي آنذاك، هاري ترومان، ورئيس الوزراء البريطاني، ونستون تشرتشل، في أغسطس/آب 1941، مبعث قلق لفرنسا. إذ شعرت سلطات الاحتلال بأنه تحريض لشعوب المستعمرات على التمرد. واهتزت صورة القوة الاستعمارية الجبارة، التي كانت تظهر بها فرنسا في العالم، بعد هزيمة جيوشها أمام القوات النازية، واستسلام باريس للسيطرة الألمانية. وأصبح الجزائريون يرون بلادهم محتلة من بلاد منهزمة، هي نفسها خاضعة للاحتلال. وفي يوم 8 مايو/أيار 1945، نظم الجزائريون، بمدينة سطيف احتفالا بنهاية الحرب العالمية، وبالنصر على النازية الألمانية. ورفعوا شعارات يطالبون فيها فرنسا بالإفراج عن زعيم حزب الشعب الجزائري مصالي الحاج، وبحقهم في الحرية والسيادة على أرضهم. وفي وسط المتظاهرين رفع الشاب، بوزيد عسال، من الكشافة الإسلامية، علم حزب الشعب الجزائري، الذي أصبح فيما بعد علم الدولة الجزائرية. وأطلق عليه شرطي فرنسي النار، فأرداه قتيلاً. أشعل مقتل الشاب بوزيد، البالغ من العمر 22 عاما، غضب الجزائريين، فاشتبكوا مع أجهزة الأمن، ومع المستوطنين الأوروبيين، بالخناجر والعصي، والأسلحة التقليدية. وتوسعت الاشتباكات إلى مدن قالمة وخراطة، والقرى والمداشر المجاورة. وفي اليوم الأول من الاضطرابات، استدعى الحاكم العام للجزائر، إيف شاتينيو، القوات المسلحة، بقيادة الجنرال ريمون دوفال، "لسحق المتمردين" في المناطق الريفية. وكلف الشرطة وأجهزة الأمن الأخرى بقمع "أعمال الشغب" في مدن سطيف وقالمة وخراطة. "حرب حقيقية على المدنيين" ويذكر مؤرخون فرنسيون، من بينهم جون شارل جوفري، وجون بيير بيريلو، وآني ري غولدزيغر في كتبهم عن "مجازر" 8 مايو/أيار 1945 أن "قوات الاحتلال الفرنسي تصرفت كأنها في حرب حقيقية مع الأهالي العزل أو الذين يحملون العصي والخناجر". واستعمل الجيش الفرنسي أسلحته البرية والبحرية والجوية لسحق "المتمردين" الجزائريين. فألقت طائرات بي 29، في 39 طلعة، 30 طناً من القنابل ما بين 9 و19 مايو/أيار. أما طائرات أي 24، التي تحلق على علو منخفض، فألقت 3 أطنان من القنابل في 39 طلعة، على القرى والتجمعات السكنية، في الأرياف والمناطق الجبلية. وفي 10 و11 مايو/أيار، أطلقت السفينة الطرادة، دوغوي تروان، في رأس أوقاس، شرقي الجزائر، نيرانها 10 مرات على المناطق السكنية القريبة. وتحصي الوثائق والشهادات، التي جمعها مؤرخون، استعمال المدفعية الثقيلة، بإطلاق 858 قذيفة على القرى والمداشر. وفي المناطق الحضرية، يذكر مؤرخون أن نائب حاكم قسنطينة، أندري أشياري، شكل مليشيا من الأوروبيين لملاحقة "العرب" في الشوارع وقتلهم، أينما وجدوا. ولم يسلم من رصاص المليشيا ودوريات الجيش إلا من كان يحمل شارة على ذراعه تمنحها إدارة الاحتلال. وأنشأ أشياري تنظيماً "غير قانوني" للمسلحين الأوروبيين، أطلق عليه اسم "مجلس المليشيا". وشكل أيضاً "محكمة عرفية"، تسمى "لجنة الإنقاذ العامة"، مهمتها إصدار أحكام بالإعدام على الجزائريين. وأعدم العشرات بناء على هذا الأحكام "العرفية". "مراسم الاستسلام" وبعد انتهاء العمليات العسكرية يوم 22 مايو/أيار 1945، نظمت سلطات الاحتلال الفرنسي مراسم "استسلام" للجزائريين في منطقة مالبو، على بعد 36 كيلومتراً من ولاية بجاية، شرقي الجزائر. وجمع الجنود الفرنسيون آلاف السكان المنتشرين في القرى الجبلية المتناثر في المنطقة، بينهم أطفال ونساء حوامل، وشيوخ عجزة، في شاطئ تاخلاويط، "ليتوسلوا المغفرة والرحمة" من السلطات الفرنسية. ووقف الجنرال، هونري مارتين، قائد القوات الفرنسية في شمال أفريقيا، على تلة فوق الأهالي المكدسين في الأسفل، ليعلن القضاء على "المتمردين"، ونهاية "أعمال الشغب". وأجبر الأهالي الجزائريين على الاستماع إلى خطابه، وهم جاثون على ركبهم. تذكر المصادر الفرنسية الرسمية عدد القتلى الأوروبيين، بأسمائهم ومهنهم وظروف قتلهم. فعددهم 102، منهم 86 مدنيون، و16 عسكريون. ولكنها تختلف بشأن عدد القتلى الجزائريين. ويجمع أغلب المؤرخين الفرنسيين على أنهم عشرات الآلاف. وتقدر المصادر الاستخباراتية الأمريكية عدد الضحايا الجزائريين بحوالي 30 ألفا. أما الجزائريون فيؤكدون أن 45 ألف جزائري قتلوا في "مجازر" 8 مايو 1945، في سطيف وقالمة وخراطة، على يد قوات الاحتلال الفرنسي ومليشيا الأوروبيين، المرتبطة بها. ويرى مؤرخون مثل جون بيير بيرولو أن العدد الحقيقي قد يكون أعلى، لأن الجزائريين في الأرياف والمناطق الجبلية لا يبلغون عن مقتل ذويهم للسلطات الفرنسية. وسجلات إحصائهم في الإدارة الاستعمارية غير دقيقة. وتحدثت الشهادات التي جمعها المؤرخون عن لجوء قوات الاحتلال الفرنسية إلى حرق الجثث ودفنها في مقابر جماعية، في المناطق النائية والمعزولة. ولم تنشر فرنسا أي نتيجة رسمية للتحقيقات، التي أعلنت عنها وقتها. إنكار وصمت وعندما وصلت أخبار سطيف وقالمة وخراطة إلى رئيس الحكومة الفرنسية المؤقتة، الجنرال شارل ديغول، كتب برقية إلى حاكمه العام في الجزائر، إيف شاتينيو، جاء فيها: "بلغوا عائلات ضحايا اعتداءات سطيف تضامن الجنرال ديغول، وتضامن جميع أعضاء الحكومة معهم". فهذا تضامن مع عائلات الضحايا الأوروبيين وحدهم. أما الجزائريون فتوعدهم ديغول في تعليماته إلى شاتينيو بالعقاب والقمع، قائلا: "عليكم أن تؤكدوا على أن فرنسا المنتصرة لن تسمح بالمساس، بأي شكل من الأشكال، بالسيادة الفرنسية على الجزائر". وتضيف البرقية: "عليكم أن تتخذوا أي إجراء ضروري لقمع أي عمل معاد لفرنسا، يصدر عن هذه القلة من المشوشين". و"عليكم أن تؤكدوا لهم أن ثقة فرنسا كاملة في جماهير الفرنسيين المسلمين في الجزائر". ويذكر المؤرخ الفرنسي، بنجامين ستورا، في مقابلة مع قناة فرانس 24، باستغراب كيف أن فرنسا أنكرت "مجازر" 8 مايو 1945 تماماً. فلم يتحدث عنها أحد. لا في الحكومة ولا في المعارضة. وسكت عنها المثقفون والعلماء والحقوقيون، كأنها لم تحدث. والأغرب من ذلك أن ألبير كامو، الذي ولد في الجزائر ونشأ فيها، تحاشى استعمال كلمة "المجازر"، وهو يكتب في صحيفته "المعركة" عما جرى في سطيف وقالمة وخراطة. واكتفى بالحديث عن الوضع "الخطير"، وعن معاناة الجزائريين والأوروبيين على حد سواء. ولم يسمع أحد صوت رجال ونساء المقاومة الفرنسية، المنتصرة لتوها على النازية الألمانية. فلم تحركها مبادئ الحرية وحق الشعوب في تقرير مصيرها. ولا يزال السؤال محيرا للباحثين والمؤرخين. كيف لمن قاوم الاحتلال في أوروبا أن يسكت عن مجازره في الضفة الأخرى من البحر المتوسط؟ واتفقت وسائل الإعلام الفرنسية، في اليمين واليسار، على اتهام الجزائريين بالاعتداء على الأوروبيين. فكتبت صحيفة فرانس سوار على صفحتها الأولى ليوم 14 مايو/أيار 1945: "المشوش فرحات عباس هو الذي أثار الاضطرابات في الجزائر". واكتفت صحيفة لوموند بنشر بيانات الحكومة الفرنسية. ثم نشرت تقريرا بعنوان: " أعمال شغب دامية في سطيف"، تحدثت فيه عن "الدور الأمريكي المشبوه". أما الحزب الشيوعي فاتهم، في صحيفته "لومانيتي" المتظاهرين الجزائريين بأنهم "فاشيون أفسدوا يوم الانتصار". وفي وسائل الإعلام الغربية، نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا يوم 13 مايو 1945 بعنوان: "عرب يقتلون 50 في الجزائر. أوروبيون يتعرضون للقتل في يوم الانتصار". واستندت الصحيفة في تقريرها إلى برقية من وكالة أسوشيد برس. الاعتراف بعد 60 عاماً واستمر إنكار فرنسا لـ"مجازر" 8 مايو 1945 في الجزائر ستين سنة كاملة. وفي 2005، فاجأ السفير الفرنسي، هوبير كولين دي فيرديير، الجزائريين عندما أعلن، من مدينة سطيف، اعتراف بلاده "بالمجازر"، واصفا إياها بأنها "مأساة لا تغتفر". وفي زيارة رسمية للجزائر في 2012، وصف الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، لأول مرة، الاحتلال الفرنسي للجزائر، بأنه "نظام ظالم ووحشي". وتحدث عن معاناة الشعب الجزائري من "مجازر الاحتلال"، من بينها "مجازر سطيف، 8 مايو 1945". ولكن الدولة الفرنسية ترفض إلى اليوم، وبعد 80 سنة، تحمل مسؤولية هذه المجازر، على الرغم من الاعتراف بوقوعها منذ 20 عاما. وفي 2015، تشكلت في فرنسا لجنة من الجامعيين والحقوقيين تطالب بالاعتراف بمجازر 8 مايو 1945 بأنها جرائم دولة وجرائم ضد الإنسانية. وذكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارته للجزائر، في 2022، أن 175 ألف جزائري قاتلوا دفاعاً عن فرنسا في الحرب العالمية الأولى. 26 ألفا منهم قتلوا أو اختفوا. وفي الحرب العالمية الثانية، جندت فرنسا 150 ألف جزائري. قتل منهم 16 ألفاً، في المعارك ضد النازية الألمانية. "الجزائريون الذين حرروا فرنسا" يرى الكثير من الباحثين في شؤون الاستعمار الفرنسي أن التاريخ الرسمي لم ينصف الجزائريين، الذي شاركوا في جميع حروب فرنسا. وجندت سلطات الاحتلال عشرات الآلاف منهم منذ عام 1830، مروراً بالحرب العالمية الأولى 1914-1918، والحرب العالمية الثانية 1939-1945. وكان أغلب المجندين شباباً أميين من الأرياف والمناطق الأكثر حرماناً. التحقوا بالجيش الفرنسي إما مجبرين بقوانين التجنيد الاستعمارية، أو مضطرين بسبب الفقر والفاقة. ولم يسجل دورهم البارز وتضحياتهم الجسيمة في التاريخ الرسمي الفرنسي، بما يستحقون. واعترافاً بدور الرماة الجزائريين وتضحياتهم من أجل تحرير فرنسا، قرر مجلس بلدية مرسيليا، في عام 2022، إطلاق اسم يطل معركة نوتردام دي لاغارد الجزائري، أحمد ليتيم، على مدرسة ابتدائية في المدينة. وقتل ليتيم في المعركة التي أدت إلى تحرير مرسيليا في 1944. وكانت المقاومة الفرنسية، التي بدأها، غاستون لوفير، في مرسيليا يوم 21 أغسطس/آب عاجزة أمام القوات الألمانية المحتلة، لقلة عددها وعتادها. وبعد يومين اجتازت الفرقة الثالثة للرماة الجزائريين التلال المحيطة بالمدينة، ودخل مقاتلوها في حرب شوارع مع الجنود النازيين. وانضم إليها فيلق الرماة السابع. ودارت معارك ضارية لمدة ثلاثة أيام، بالسلاح الخفيف أحيانا، وبالخناجر، رجلا لرجل، أحيانا أخرى. وسيطر الرماة الجزائريون، في 27 أغسطس آب ليلا، على الميناء ثم على المدينة كاملة. واستسلم الجنرال، هانس شافر، ومعه 11 ألف جندي ألماني من قواته. ولكن الثمن كان غاليا. 1800 قتيل وجريح في أسبوع واحد، من بينهم أحمد ليتيم. وكان العريف الشاب، القادم من مدينة الجلفة ـ بالجنوب الجزائري، يقاتل في الجبهة الإيطالية، منذ 1943، قبل أن يستدعى مع فيلقه لتحرير مرسيليا. من يتحمل مسؤولية المجازر؟ وتجدد اليوم لجنة الاعتراف بجرائم الدولة في 1945 بالجزائر مطالبها إلى السلطات الفرنسية بتحمل مسؤولية المجازر، التي وقعت في سطيف وقالمة وخراطة بالجزائر. ويقول الأكاديمي الفرنسي، أوليفيي لوكور غراند ميزون، في بيان للجنة: "يستحيل علينا أن نحتفل بالذكرى الثمانين للانتصار على النازية، دون أن ننتشل من النسيان ما حدث في الجزائر، في هذا اليوم، وفي الأيام التالية له".


أخبار اليوم الجزائرية
٠٦-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- أخبار اليوم الجزائرية
السلطان يترحّم على شهداء الجزائر
السلطان يترحّم على شهداء الجزائر ترحم السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان الشقيقة أمس الاثنين بمقام الشهيد (الجزائر العاصمة) على أرواح شهداء الثورة التحريرية المجيدة. وقام السلطان هيثم بن طارق بوضع إكليل من الزهور أمام النصب التذكاري المخلد لشهداء ثورة أول نوفمبر الخالدة وقرأ فاتحة الكتاب ترحما على أرواحهم الطاهرة. يذكر أن سلطان عمان كان قد شرع يوم الأحد في زيارة دولة إلى الجزائر دامت يومين انتهت أمسية الإثنين. حقوق النشر © 2024 أخبار اليوم الجزائرية . ة