أحدث الأخبار مع #جانميشيلأباتي،


الشروق
١٢-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- الشروق
ميشال أباتي يتجاوز المنعرج
سقطت فرنسا أمام الصحفي جان ميشيل أباتي، أحد ضحايا ازدواجية المعايير، وانهارت قيم حرية الرأي والعدالة والحقيقة مجدّدا في سوق الفكر المغشوش. جان ميشال الذي يمثل صوت الحقيقة والواقعية في فضاء إعلامي موبوء عنصري يمتشق إرثا استعماريا نازيا، أقام الحجة على دعاة حرية التعبير، ومرّغ أنوفهم في وحل الادّعاءات. وفي ما يعدّ انتكاسة أخلاقية عميقة، أبعد أباتي بشكل مؤقت من إذاعة 'أر. تي. آل'، فكان القرار قبرا لما تبقى من حرية التعبير في هذا البلد، وهو المفهوم الذي يستخدم بشكل انتقائي وساخر لتبرير سرديات الكولون الجدد وشطحاتهم. ذنب أباتي أنه رجل نزيه في تشبيهه جرائم الاستعمار الفرنسي بالنازية في حصة 'صباح أر. تي. آل' واعتبر ما قام به النازيون الهتلريون في قرية 'أورادو سور غلان' الفرنسية سنة 1944، والتي أبيد فيها جميع السكان، إبادة ووحشية أخذها النازيون عن جنرالات الغزو الفرنسي الذين قاموا بما هو أفظع من ذلك. هذه الحقيقة الموجعة، لا تتوافق مع السردية اليمينية ورؤيتها للتاريخ، فكان من نتائجها حملة شعواء لتخوين الرجل ومحاصرته، في وقت يقف هذا اليمين وكل مؤسسات الدولة الفرنسية مع أراجيف صنصال، وسرديات الخيانة والعار التي يتبناها هذا المسخ، الذي يطعن في حدود الوطن ووحدة ترابه وتاريخه العريق. جون ميشال أباتي، الصّحافي الحر الذي يحمل إنسانيته في كل المحطات التي ينزل بها، صفع اليوم الصحافة الفرنسية المشحونة بخطاب الكراهية، ورمى الاستقالة في وجه العجرفة النازية.. صوّب رصاصة قاتلة إلى رأس السردية الإعلامية الفرنسية، وهو الذي اكتشف فجور فرنسا ونازيتها في الجزائر عبر البحث والتنقيب في ملفات التاريخ ووثائقه، قال الرجل في رسالة الاستقالة: 'لن أعود إلى 'أر. تي. آل' هذا قراري'، واعتبر أن العودة إلى القناة يعتبر 'اعترافا بالخطأ'. الرجل بنى موقفه من الاستعمار الفرنسي للجزائر، عبر قناعة شخصية، فهو غير مرتبط بشكل أو بآخر بما يسميه الفرنسيون 'حرب الجزائر' ولم يشارك فيها، كما لم يشارك أفراد عائلته الممتدة من قريب أو بعيد. هذه القناعة تشكّلت لدى الرجل لطبيعة الوجود الفرنسي في الجزائر بين 1830 و1962. وفي الوقت الذي يقف أباتي شامخا في وجه الكولون الجدد ويقارع رعونتهم بحجج التاريخ، يخرج في المنعرج كاتب روائي يستدفئ بكراسي الأستاذية في جامعات الجزائر المستقلة وجامعات فرنسا الاستعمارية، في رمزية شاذة. روائي لم يكتف كغيره ممن ترك أباتي بدون مساندة، لكنه وغيره قالوا له كما قالت بنو إسرائيل لموسى، عليه السلام: 'اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون'، لقد ترك الرجل يواجه اليمين الاستعماري وحده في وقت المؤازرة والشدة. الروائي الكبير الذي لم نسمع له رأيا، يعشق مثلا جاهليا يقول: 'أسمع جعجعة ولا أرى طحينا'، وجعجعته وجّهها نحو الأمير عبد القادر، في سياق يحمل الكثير من القراءات المشكّكة، ضربا على وتر الماسونية.. عاشق الطحين بالجعجعة لا ينفكّ يوجّه سهامه إلى كل ما يدفع نحو النقاشات الهامشية، ويخلق زعزعة في قيم تقدير الرموز التراثية والسياسية، في وقت يواجه ميشال أباتي آلة الدمار اليمينية المتصهينة التي تشكّك في كل شيء جزائري وتسعى إلى تقديم التاريخ الاستعماري على أنه 'إضافة للشعوب البربرية'. هكذا تكون شعرة الفصل بين معتنق الفكرة والحقيقة وصائد الجوائز الذي يوجّه سهامه للطريدة التي يدفع فيها الثمن الأغلى.


أخبارنا
١٠-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- أخبارنا
جان ميشيل أباتي يغادر نهائيًا إذاعة فرنسية عاقبته بسبب تصريحه عن استعمار الجزائر
أخبارنا : أعلن الصحافي الفرنسي المخضرم المعروف جان ميشيل أباتي، يوم الأحد 9 مارس/آذار، أنه لن يعود إلى راديو RTL، الذي يعمل معه كمحلل سياسي ضمن أحد البرامج، معتبراً أنه لم يرتكب أي خطأ في تعليقاته على الهواء، في نهاية فبراير/شباط، حيث شبّه أعمالاً ارتكبتها فرنسا في الجزائر، إبان الاستعمار، ببعض الجرائم النازية. قبل هذا الإعلان، كانت إدارة راديو RTL الفرنسية قد استبعدت الصحافي والمحلل المعروف جان ميشيل أباتي من أثيرها، ولكن بشكل مؤقت، بعد أن قال خلال إحدى الحلقات: "في كل عام في فرنسا نحيي ذكرى ما حدث في Oradour-sur-Glane (وهي قرية ذبح النازيون سكانها في ظل الاحتلال). ولكننا ارتكبنا مئات من هذه المجازر في الجزائر. فهل نحن على وعي بذلك؟'. وأتى استبعاده المؤقت لأسبوع، كنوع من العقاب، بعد الجدل الواسع الذي أثارته تصريحاته، والهجوم الذي شنّته عليه شخصيات سياسية من اليمينين المحافظ والمتشدد. كان من المفترض أن يعود هذا الأسبوع، لكنه قرر عدم العودة، من خلال رسالة طويلة على منصة "إكس' شرح فيها الأسباب وراء ذلك، حيث كتب: "قبل أسبوعين، أثارت تعليقاتي حول استعمار الجزائر جدلاً واسع النطاق. وأفادت لي إدارة الإذاعة أنهم تلقوا العديد من الاحتجاجات من المستمعين. ولمعالجة المشاعر التي أثارها ذلك، طُلب مني عدم الظهور في الأسبوع التالي، وهو ما يشير إلى أنه سيكون من دواعي الترحيب بي لمواصلة الدفاع عن وجهة نظري على الهواء'. وأضاف: "لقد فهمت وقبلت نهج إدارة RTL. وجدتها متوازنة ومحترمة تجاهي. ثم جاء يوم الإيقاف، وكان ذلك يوم الأربعاء الماضي. ومنذ ذلك الحين، وفي مواجهة ما يمكن أن نسميه بالعقاب، تغير تصوري للوضع. حتى لو تم اتخاذ القرار في إطار حوار هادئ ومتفاهم، فإن العقوبة تبقى عقوبة. إذا عدت إلى RTL، فأنا أقوم بالتحقق من ذلك، لذا فأنا أعترف بأنني ارتكبت خطأ. هذه خطوة لا أستطيع اتخاذها'. وتابع: "إنني أعلق أهمية خاصة على مسألة الوجود الفرنسي في الجزائر بين عامي 1830 و1962. وأنا شخصياً لا أهتم بهذا الموضوع. ولم يشارك لا والدي ولا أعمامي ولا أي فرد آخر من عائلتي في الحرب الجزائرية. كما أنني لا أملك أي ارتباطات أو روابط مع الفرنسيين العائدين من هذا البلد. اكتشفت هذه القصة بطريقة عادية. لقد كنت مهتماً منذ زمن طويل بظروف عودة الجنرال ديغول إلى السلطة في مايو/أيار 1958. وكانت مسألة إبقاء الجزائر داخل فرنسا تشكل جوهر الأزمة السياسية. ثم سألت نفسي ما هو هذا الوضع، وما هي طبيعة الوجود الفرنسي، وأيضًا طبيعة التعايش بين المجتمعات في هذه المنطقة'. وواصل جان ميشيل أباتي: "لقد أرعبني ما قرأته في الكتب التي كتبها مؤرخون دقيقون. استمرّت المجازر ضد المسلمين طيلة 132 عاماً من الاحتلال. وقد أدى ما يسمى بالوضع الأصلي، الذي تم تطبيقه منذ عام 1881، إلى حرمان السكان الأوائل للمنطقة من جميع الحقوق وفرضت عليهم عبوديات قديمة وغير عادلة. لقد طُردوا من أغنى الأراضي، وعاشوا في فقر مدقع. كان تعليم الأطفال ضئيلاً. كل هذا يرسم صورة غير لائقة لفرنسا في ظل القيم الإنسانية التي صنعت سمعتها في جميع أنحاء العالم'. وأضاف الصحافي: "لقد عانيت من الظلم المستمر بسبب عدم الاعتراف الرسمي من قبل المستعمر بالمعاملة المهينة التي تعرض لها هذا السكان. إن التعليقات التي أدليت بها حول هذا الموضوع منذ سنوات مرتبطة بهذا الشعور. ولهذا السبب وحده، لا أستطيع أن أقبل العقاب على تكرارها. أنا آسف على الوضع الذي نشأ. لقد أمضيت سنوات مهنية رائعة في RTL. إنه الراديو الذي يعجبني. ولكن هكذا هو الأمر'. توضيح أخير قال جان ميشيل أباتي: "لأنني رأيت في الأيام الأخيرة هؤلاء القوميين الكاذبين الذين يخافون من حقائق التاريخ. السلطة الجزائرية اليوم هي سلطة دكتاتورية. منذ عام 1962، يستحق الشعب الجزائري، مثل كل الشعوب، الحرية والعدالة. ولسوء الحظ، فقد حُرم منها لفترة طويلة. علاوة على ذلك، فإنني أنضم، كما فعلت منذ البداية، إلى المطالبات بالإفراج عن بوعلام صنصال، المسجون ظلماً في الجزائر العاصمة'. وختم قائلاً: "في يوم من الأيام، آمل أن تعترف فرنسا، بلدي، بنصيبها من اللاإنسانية في التاريخ'. يُذكر أن جان ميشيل أباتي هو شخصية معروفة في المشهد السمعي البصري الفرنسي، وله أيضًا عمود سياسي كل مساء في برنامج Quotidien الشهير، بالإضافة إلى مشاركته على أثير راديو RTL.