
ميشال أباتي يتجاوز المنعرج
سقطت فرنسا أمام الصحفي جان ميشيل أباتي، أحد ضحايا ازدواجية المعايير، وانهارت قيم حرية الرأي والعدالة والحقيقة مجدّدا في سوق الفكر المغشوش. جان ميشال الذي يمثل صوت الحقيقة والواقعية في فضاء إعلامي موبوء عنصري يمتشق إرثا استعماريا نازيا، أقام الحجة على دعاة حرية التعبير، ومرّغ أنوفهم في وحل الادّعاءات.
وفي ما يعدّ انتكاسة أخلاقية عميقة، أبعد أباتي بشكل مؤقت من إذاعة 'أر. تي. آل'، فكان القرار قبرا لما تبقى من حرية التعبير في هذا البلد، وهو المفهوم الذي يستخدم بشكل انتقائي وساخر لتبرير سرديات الكولون الجدد وشطحاتهم.
ذنب أباتي أنه رجل نزيه في تشبيهه جرائم الاستعمار الفرنسي بالنازية في حصة 'صباح أر. تي. آل' واعتبر ما قام به النازيون الهتلريون في قرية 'أورادو سور غلان' الفرنسية سنة 1944، والتي أبيد فيها جميع السكان، إبادة ووحشية أخذها النازيون عن جنرالات الغزو الفرنسي الذين قاموا بما هو أفظع من ذلك.
هذه الحقيقة الموجعة، لا تتوافق مع السردية اليمينية ورؤيتها للتاريخ، فكان من نتائجها حملة شعواء لتخوين الرجل ومحاصرته، في وقت يقف هذا اليمين وكل مؤسسات الدولة الفرنسية مع أراجيف صنصال، وسرديات الخيانة والعار التي يتبناها هذا المسخ، الذي يطعن في حدود الوطن ووحدة ترابه وتاريخه العريق.
جون ميشال أباتي، الصّحافي الحر الذي يحمل إنسانيته في كل المحطات التي ينزل بها، صفع اليوم الصحافة الفرنسية المشحونة بخطاب الكراهية، ورمى الاستقالة في وجه العجرفة النازية.. صوّب رصاصة قاتلة إلى رأس السردية الإعلامية الفرنسية، وهو الذي اكتشف فجور فرنسا ونازيتها في الجزائر عبر البحث والتنقيب في ملفات التاريخ ووثائقه، قال الرجل في رسالة الاستقالة: 'لن أعود إلى 'أر. تي. آل' هذا قراري'، واعتبر أن العودة إلى القناة يعتبر 'اعترافا بالخطأ'.
الرجل بنى موقفه من الاستعمار الفرنسي للجزائر، عبر قناعة شخصية، فهو غير مرتبط بشكل أو بآخر بما يسميه الفرنسيون 'حرب الجزائر' ولم يشارك فيها، كما لم يشارك أفراد عائلته الممتدة من قريب أو بعيد. هذه القناعة تشكّلت لدى الرجل لطبيعة الوجود الفرنسي في الجزائر بين 1830 و1962.
وفي الوقت الذي يقف أباتي شامخا في وجه الكولون الجدد ويقارع رعونتهم بحجج التاريخ، يخرج في المنعرج كاتب روائي يستدفئ بكراسي الأستاذية في جامعات الجزائر المستقلة وجامعات فرنسا الاستعمارية، في رمزية شاذة. روائي لم يكتف كغيره ممن ترك أباتي بدون مساندة، لكنه وغيره قالوا له كما قالت بنو إسرائيل لموسى، عليه السلام: 'اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون'، لقد ترك الرجل يواجه اليمين الاستعماري وحده في وقت المؤازرة والشدة.
الروائي الكبير الذي لم نسمع له رأيا، يعشق مثلا جاهليا يقول: 'أسمع جعجعة ولا أرى طحينا'، وجعجعته وجّهها نحو الأمير عبد القادر، في سياق يحمل الكثير من القراءات المشكّكة، ضربا على وتر الماسونية.. عاشق الطحين بالجعجعة لا ينفكّ يوجّه سهامه إلى كل ما يدفع نحو النقاشات الهامشية، ويخلق زعزعة في قيم تقدير الرموز التراثية والسياسية، في وقت يواجه ميشال أباتي آلة الدمار اليمينية المتصهينة التي تشكّك في كل شيء جزائري وتسعى إلى تقديم التاريخ الاستعماري على أنه 'إضافة للشعوب البربرية'. هكذا تكون شعرة الفصل بين معتنق الفكرة والحقيقة وصائد الجوائز الذي يوجّه سهامه للطريدة التي يدفع فيها الثمن الأغلى.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

جزايرس
منذ 6 أيام
- جزايرس
وسائل الإعلام السلوفينية تسلط الضوء على "الأهمية الاستراتيجية" لزيارة رئيس الجمهورية
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص. وبهذا الصدد, أعد الموقع الرسمي لإذاعة وتلفزيون سلوفينيا "أر. تي. في. سلو" ملفا متكاملا بذات المناسبة, استعرض من خلاله الأبعاد السياسية والاقتصادية والثقافية لهذه الزيارة الهامة. وفي مقال خصصه للعقد الموقع بين شركتي "سوناطراك" و"جيوبلين" السلوفينية, الخاص بتمديد عقد توريد الغاز الطبيعي, نوه الموقع بالآثار الإيجابية لهذا الاتفاق الذي "سيلبي احتياجات سلوفينيا المتزايدة من الطاقة", مؤكدا أنه "من خلال تمديد العقد, نجحت سلوفينيا في ضمان إمدادات الغاز دون انقطاع في السنوات المقبلة". ونقل الموقع بيانا أصدرته الشركة السلوفينية "جيوبلين" بذات المناسبة, أكدت فيه أنه "بموجب هذا العقد, تعزز الشركتان جيوبلين وسوناطراك علاقاتهما في مجال الطاقة وتؤكدان رغبتهما في البحث عن فرص شراكة جديدة في المستقبل", مضيفا أن هذا العقد "مهم بالنسبة لسوناطراك التي ستعزز حضورها في سوق الطاقة السلوفينية وتستجيب في الوقت نفسه للطلب المتزايد على الغاز الطبيعي في السوق الأوروبية".كما نقل الموقع أيضا التصريح الذي أدلى به الوزير الأول السلوفيني, السيد روبرت غولوب, عقب مراسم التوقيع على عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين البلدين, والذي أكد فيه أن هذا الاتفاق "يفتح فرصا عديدة لتعزيز التعاون أكثر".وأضاف أن البلدين اتفقا بمناسبة زيارة رئيس الجمهورية, على "العمل على تعميق التعاون في عدة مجالات مثل التعليم والبحث والموارد المائية, إلى جانب تكنولوجيا الفضاء والبنية التحتية والبيئة".ومن جهة أخرى, تطرق موقع "أر. تي. في. سلو" إلى قضايا السياسة الخارجية, منوها بتطابق وجهات النظر بين البلدين حول أبرز القضايا ذات الاهتمام المشترك, كما أشاد بتعاون البلدين على مستوى مجلس الأمن, انطلاقا من كونهما عضوين غير دائمين به. وبشأن التعاون الشرطي بين البلدين, نقل الموقع تصريحات الوزير الأول السلوفيني الذي اعتبر أن الاتفاقية الموقعة بين البلدين بهذا الخصوص "يمكن أن تكون بمثابة نموذج لدول أوروبية أخرى حول كيفية التعامل مع قضية مهمة مثل الهجرة غير الشرعية في البحر الأبيض المتوسط". وبشأن مذكرة التعاون الموقعة بين مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري ووكالة تطوير الأعمال السلوفينية "سبيريت" بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي, نشر الموقع تصريحات مديرة هذه الوكالة, السيدة تامارا زاجيك بالازيتش, التي أعربت عن قناعتها بأن "الشراكة بين الوكالتين ستعمل على تنمية التجارة وربط الشركات الرئيسية بين البلدين". بدورها, سلطت صحيفة "فيشر" التي تعد أقدم يومية سلوفينية, الضوء على "الأهمية الاستراتيجية" التي تكتسيها زيارة رئيس الجمهورية إلى هذا البلد "برفقة وفد كبير من رجال الأعمال, يضم أزيد من 70 عضوا". وبعنوان "سلوفينيا والجزائر تواصلان تحالفهما في مجال الغاز", استعرضت الصحفية في مقال مطول الآفاق الواسعة التي يفتحها تمديد عقد توريد الغاز بين البلدين, كما تطرقت بالتفصيل إلى المسائل التقنية المتعلقة بهذا الاتفاق وآثاره المباشرة على تطوير الصناعات في هذا البلد. كما تحدثت أيضا عن أهمية الغاز الطبيعي الجزائري بالنسبة لسلوفينيا والاتحاد الأوروبي و"دوره المستقبلي في تأمين حاجيات دول القارة من الطاقة", مع إبراز "آفاق التعاون بين البلدين في مجلس الأمن الدولي", من جهة أخرى.أما وكالة الأنباء السلوفينية, فقد أبرزت أهم نقاط التوافق التي ركز عليها الرئيسان, السيد عبد المجيد تبون, والسيدة ناتاشا بيرتس موسار, بمناسبة هذه الزيارة, وفي مقدمتها ضرورة تعزيز التعاون في شتى المجالات, على غرار الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والشرطة, وكذا الزراعة وتكنولوجيا الإعلام والاتصال وتكنولوجيا التحكم في المياه وتكنولوجيا الفضاء. ونقلت الوكالة الأجواء الإيجابية التي تميزت بها أشغال منتدى رجال الأعمال الجزائري-السلوفيني, الذي سمح لرجال أعمال البلدين "باستكشاف فرص التعاون بشكل أعمق". من جانبها, ركزت الصحيفة الالكترونية "سلوفينيا تايمز" على مذكرة التفاهم التي وقعها البلدان بشأن المشاورات السياسية المنتظمة بين وزيري الخارجية, وكذا مذكرة التفاهم بشأن التعاون الشرطي في مكافحة الجريمة العابرة للحدود وإدارة الهجرة, مبرزة الأهمية التي تكتسيها هاتان المذكرتان اللتان تعتبران "أساسا لتعميق التعاون", مثلما ذكره الوزير الأول السلوفيني. وتطرقت الصحيفة أيضا إلى أهم القضايا الدولية التي ناقشها الرئيسان, مشيرة إلى أن قائدي البلدين اتفقا على تعزيز التعاون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. أما بشأن قضية الصحراء الغربية, نقلت الصحيفة تصريحات الرئيسة السلوفينية التي أكدت من خلالها أن بلادها تدعو إلى "حل عادل ودائم تحت رعاية الأمم المتحدة".


النهار
منذ 6 أيام
- النهار
وسائل الإعلام السلوفينية: زيارة الرئيس تبون تكتسي أهمية استراتيجية
أبرزت وسائل الإعلام السلوفينية، 'الأهمية الاستراتيجية' التي تكتسيها زيارة الدولة التي يقوم بها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، إلى هذا البلد الصديق. بدعوة من نظيرته السلوفينية، ناتاشا بيرتس موسار. وبهذا الصدد، أعد الموقع الرسمي لإذاعة وتلفزيون سلوفينيا 'أر. تي. في. سلو' ملفا متكاملا بذات المناسبة. استعرض من خلاله الأبعاد السياسية والاقتصادية والثقافية لهذه الزيارة الهامة. وفي مقال خصصه للعقد الموقع بين شركتي 'سوناطراك' و'جيوبلين' السلوفينية، الخاص بتمديد عقد توريد الغاز الطبيعي. نوه الموقع بالآثار الإيجابية لهذا الاتفاق الذي 'سيلبي احتياجات سلوفينيا المتزايدة من الطاقة'. مؤكدا أنه 'من خلال تمديد العقد، نجحت سلوفينيا في ضمان إمدادات الغاز دون انقطاع في السنوات المقبلة'. ونقل الموقع بيانا أصدرته الشركة السلوفينية 'جيوبلين' بذات المناسبة، أكدت فيه أنه 'بموجب هذا العقد. تعزز الشركتان جيوبلين وسوناطراك علاقاتهما في مجال الطاقة وتؤكدان رغبتهما في البحث عن فرص شراكة جديدة في المستقبل'. مضيفا أن هذا العقد 'مهم بالنسبة لسوناطراك التي ستعزز حضورها في سوق الطاقة السلوفينية وتستجيب في الوقت نفسه للطلب المتزايد على الغاز الطبيعي في السوق الأوروبية'. كما نقل الموقع أيضا التصريح الذي أدلى به الوزير الأول السلوفيني. روبرت غولوب، عقب مراسم التوقيع على عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين البلدين. والذي أكد فيه أن هذا الاتفاق 'يفتح فرصا عديدة لتعزيز التعاون أكثر'. وأضاف أن البلدين اتفقا بمناسبة زيارة رئيس الجمهورية،على 'العمل على تعميق التعاون في عدة مجالات. مثل التعليم والبحث والموارد المائية. إلى جانب تكنولوجيا الفضاء والبنية التحتية والبيئة'. ومن جهة أخرى، تطرق موقع 'أر. تي. في. سلو' إلى قضايا السياسة الخارجية، منوها بتطابق وجهات النظر بين البلدين حول أبرز القضايا ذات الاهتمام المشترك. كما أشاد بتعاون البلدين على مستوى مجلس الأمن. انطلاقا من كونهما عضوين غير دائمين به. وبشأن التعاون الشرطي بين البلدين،نقل الموقع تصريحات الوزير الأول السلوفيني الذي اعتبر أن الاتفاقية الموقعة بين البلدين بهذا الخصوص. 'يمكن أن تكون بمثابة نموذج لدول أوروبية أخرى حول كيفية التعامل مع قضية مهمة مثل الهجرة غير الشرعية. في البحر الأبيض المتوسط'. وبشأن مذكرة التعاون الموقعة بين مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري ووكالة تطوير الأعمال السلوفينية 'سبيريت'. بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي. نشر الموقع تصريحات مديرة هذه الوكالة، تامارا زاجيك بالازيتش. التي أعربت عن قناعتها بأن 'الشراكة بين الوكالتين. ستعمل على تنمية التجارة وربط الشركات الرئيسية بين البلدين'. بدورها، سلطت صحيفة 'فيشر' التي تعد أقدم يومية سلوفينية، الضوء على 'الأهمية الاستراتيجية'. التي تكتسيها زيارة رئيس الجمهورية إلى هذا البلد '.برفقة وفد كبير من رجال الأعمال، يضم أزيد من 70 عضوا'. وبعنوان 'سلوفينيا والجزائر تواصلان تحالفهما في مجال الغاز'، استعرضت الصحفية في مقال مطول الآفاق الواسعة التي يفتحها تمديد عقد توريد الغاز بين البلدين. كما تطرقت بالتفصيل إلى المسائل التقنية المتعلقة بهذا الاتفاق وآثاره المباشرة على تطوير الصناعات في هذا البلد.كما تحدثت أيضا عن أهمية الغاز الطبيعي الجزائري بالنسبة لسلوفينيا والاتحاد الأوروبي. و'دوره المستقبلي في تأمين حاجيات دول القارة من الطاقة'. مع إبراز 'آفاق التعاون بين البلدين في مجلس الأمن الدولي'،من جهة أخرى. أما وكالة الأنباء السلوفينية، فقد أبرزت أهم نقاط التوافق التي ركز عليها الرئيسان، عبد المجيد تبون. وناتاشا بيرتس موسار، بمناسبة هذه الزيارة، وفي مقدمتها ضرورة تعزيز التعاون في شتى المجالات. على غرار الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والشرطة، وكذا الزراعة وتكنولوجيا الإعلام والاتصال وتكنولوجيا التحكم في المياه وتكنولوجيا الفضاء.


الخبر
١٧-٠٤-٢٠٢٥
- الخبر
"بناء الجسور" يواجه "روتايو الاستعماري"
أنعشت زيارة وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو إلى الجزائر، في السادس أفريل الجاري، الأمل في صحوة في العلاقات الجزائرية - الفرنسية، ومحاولة إعادة "بناء الجسور" وإصلاح عقود من الازدراء الدبلوماسي، وذلك رغم كل الالتزامات والتعهدات المعلنة من طرف بارو بقصر المرادية الرئاسي، ببناء علاقة قائمة على الندية بين البلدين، خالية من تلك النظرة الأبوية التي سممت العلاقة بين الضفتين لزمن طويل. لكن الشيطان الفرنسي القديم كان بالمرصاد، مثلما حدث في فترات سابقة، ذلك الانعكاس النيوكولونيالي الذي يواصل الاختباء خلف شعارات الجمهورية. إذ لم تمر سوى أيام معدودة حتى تعرض بصيص الأمل الخافت للتحطيم، بواسطة إعادة وزير الداخلية، برونو روتايو، المهووس بالوصول إلى زعامة التيار الجمهوري اليميني، تدوير أسطوانة الأوامر بمغادرة الأراضي الفرنسية الصادرة بحق عشرات المهاجرين المقيمين بفرنسا منذ سنوات، مصرا بذلك على استخدامها ورقة من أجل تصفية الحسابات السياسية، في حين أن طلبات تسليم جزائريين أدينوا بارتكاب جرائم تُرفض في فرنسا باسم "استقلالية العدالة الفرنسية !" ومثلما جرت عليه العادة، يجري تصوير الجزائر كعدو، عبر توظيف مجاهيل بشرية أحدها المطلوب للعدالة الجزائرية أمير بوخرص المكنى بـ"أمير دي. زاد"، وهو مجرم ومهرب مخدرات، ويتم الاستدلال به لتبرير توقيف موظف قنصلي جزائري تعرض للإيقاف في الشارع وكأنه لص حقير، في قضية ملفقة ناجمة عن مؤامرة محبوكة من طرف وزارة الداخلية الفرنسية. وجاء رد الفعل الجزائري حازماً، ومباشراً، ولاذعاً. وكسرت وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية الصمت ببيان واضح ودقيق، موجها بأصابع الاتهام إلى برونو روتايو، الذي لا يفوت أي فرصة لإحياء جراح الماضي الاستعماري، وتحريك سكين الحقد الدفين فيها. وردا على ذلك قررت الجزائر طرد 12 عنصر أمن فرنسيا يعملون تحت سلطة وزارة الداخلية، وهو القرار الذي يحمل رمزية سياسية قوية، ورسالة واضحة تؤكد على أن الجزائر لم تعد مستعدة لتحمل استفزازات دولة فرنسية لا تزال عاجزة عن التخلص من ردود فعلها الاستعمارية، وتؤكد أيضا على أن سيادة الجزائر غير قابلة للمساومة أو التفاوض أو الرضوخ، لاسيما أمام وزير يعاني من جنون العظمة، ويفتش في التاريخ ويتحسر على أيام الاستعمار. وفي ظهور إعلامي جديد على شاشة قناة "تي. أف. 1"، واصل روتايو الإصرار على الخطيئة الاستعمارية التي تطارده بل وتبجيلها عندما تحدث عن والده، قائلا: "والدي حارب في الجزائر وذلك يثير فيّ شعورا عميقا بالامتنان"، وهو بذلك يجهر وبلا أدنى مواربة بتمجيد وقح ومقزز للاستعمار ولجيش الاحتلال، الحافل سجله بالمجازر والمحارق من 1830 إلى 1962. وفي مقطع آخر من المقابلة التلفزيونية، حاول روتايو الاستدراك، محملا الشهداء والمجاهدين الجزائريين مسؤولية جرائم حرب في مسعى مفضوح لمساواتهم بمجرمي جيش الاستعمار الفرنسي وبين المقاومين والمعذبين، بين الوطنيين أصحاب الأرض والجلادين الغزاة. إن جرائم الحرب التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية في الجزائر وراح ضحيتها ملايين الشهداء ليست مجرد هفوة.. إنها جرائم ضد الإنسانية باعتراف الكثير من المؤرخين وفي مقدمتهم الفرنسيون أنفسهم. إنها الإبادة الجماعية، وسياسة الأرض المحروقة التي أدت إلى حرق آلاف المداشر والقرى، والتعذيب والاغتصاب الممنهج، والمقابر الجماعية، والصعق الكهربائي لأجساد المعتقلين والمعتقلات، وغيرها من الجرائم التي يحاول روتايو التقليل من شأنها والتي اعترف بها معظم الفرنسيين. إن روتايو يجسد فرنسا المتغطرسة، العاجزة عن مواجهة والنظر إلى ماضيها الملطخ بدماء الجزائريين والشعوب الإفريقية.. فهو يستغل الجزائر لإخفاء إخفاقاته السياسية، ويتملق بعدوانيته ضد كل ما هو جزائري، لشريحة من الناخبين الفرنسيين الحاقدين المتشبثين بأوهام فرنسا الاستعمارية، ويتجاهل جزائر 2025، التي لا ولن ترضخ وستظل شامخة، ولن تسمح بعد اليوم بأن تمس كرامتها بمواقف وخطاب الكراهية الصادر عن أولئك الذين يرفضون التوبة من منطق الاستعمار.