#أحدث الأخبار مع #جبهةنمورالتاميلالاتحاد١٩-٠٤-٢٠٢٥سياسةالاتحادالهند وأفق التعاون مع سريلانكاالهند وأفق التعاون مع سريلانكا شهدت علاقات الهند مع سريلانكا تقلبات عديدة، لكنها اتسمت بالاستقرار في الآونة الأخيرة. وتسعى الدولتان إلى تعزيز وتوسيع نطاق هذه العلاقة. وفي منطقة جنوب آسيا، حيث تشهد دول الجوار الهندي حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، برزت سريلانكا كركيزة قوية. وقام رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بزيارة إلى سريلانكا استمرت يومين خلال الشهر الجاري، ووقع البلدان خلال الزيارة على سبع مذكرات تفاهم في قطاعات متنوعة، شملت الدفاع والطاقة والبنية التحتية الرقمية والصحة والتجارة. ويعكس اتساع نطاق هذه الاتفاقيات رغبة البلدين في تعميق تعاونهما. إلا أن اتفاقية التعاون الدفاعي تكتسب أهمية خاصة، فهي اتفاقية تتطلع إلى المستقبل، وتطوي صفحةً حساسة من تاريخ البلدين المشترك، حيث إنها جاءت بعد أربعة عقود من نشر قوة حفظ السلام الهندية في سريلانكا، وهي خطوة أثارت جدلاً واسعاً. وقد نُشرت القوة للإشراف على اتفاقية السلام الهندية السريلانكية، التي وُقّعت في يوليو 1987. وفي ذلك الحين، كان أعضاء جبهة نمور التاميل يقاتلون ضد الحكومة السريلانكية من أجل إنشاء دولة مستقلة منفصلة للتاميل في مقاطعة سريلانكا الشمالية حيث يشكلون أغلبية ساحقة. وانهارت اتفاقية السلام بقرار نمور التاميل عدم المضي قدماً في حل تفاوضي، مما أدى إلى انخراط الجيش الهندي في الحرب الأهلية السريلانكية. وقُتل حوالي 1200 جندي هندي وجُرح حوالي 3000 في الصراع الذي أثار جدلاً واسعاً في الهند. انسحبت القوات الهندية دون تحقيق السلام في سريلانكا، وقد استمرت تداعيات هذا الإجراء تؤرق الهند، بل وأدت لاحقاً إلى اغتيال رئيس الوزراء السابق راجيف غاندي بسبب قراره إرسال قوات هندية إلى سريلانكا. ورغم أن العلاقات الدفاعية بين الهند وسريلانكا استمرت في التطور ببطء خلال العقود الثلاثة الماضية، إلا أن اتفاقية الدفاع الموقعة مؤخراً تُمثّل بداية فصل جديد في العلاقات الدفاعية المشتركة بين البلدين. وتعد هذه الاتفاقية أول اتفاقية رسمية بين البلدين لتعزيز التعاون الدفاعي بين الهند وسريلانكا، وتضع المبادرات القائمة في إطار أكثر تنظيماً، ما يمهّد الطريق أمام تدريبات عسكرية مشتركة وتعاون محتمل في مجال الصناعات الدفاعية. وقد صرح وزير دفاع سريلانكا بأن الأنشطة المُدرجة في الاتفاقية ستكون مواكبة لأفضل الممارسات الدولية، ولن تتعارض مع السياسات الوطنية لأي من البلدين. وتُمثل مذكرة التفاهم هذه اتفاقية شاملة تُساعد سريلانكا على بناء القدرات في مختلف مجالات الدفاع، وتُسهم في تقديم المساعدات الإنسانية وعمليات الإغاثة في حالات الكوارث. ويعني ذلك أيضاً زيادة زيارات السفن الحربية لكلا البلدين إلى الموانئ، واستكشاف آفاق التعاون في قطاع الدفاع، وهو ما يُعزز الشراكة الدفاعية بين الجانبين. وتُعقد الهند وسريلانكا حواراً دفاعياً سنوياً على مستوى وزيري الدفاع لمراجعة التعاون الثنائي، كما تُجريان تدريبات عسكرية وبحرية سنوياً. في عام 2024، تم تدشين مركز تنسيق الإنقاذ البحري بمنحة قدمتها الهند، كما تُوفر الهند تدريبات للجنود السريلانكيين. وتؤكد اتفاقية الدفاع مكانة الهند كمزود رئيسي للأمن في منطقة المحيط الهندي، وذلك بفضل قدراتها العسكرية والبحرية. ولطالما كان المحيط الهندي منطقة النفوذ الرئيسية للبحرية الهندية، وقد أتاحت قدرات الهند لها تنفيذ العديد من مهام الإنقاذ ومكافحة القرصنة في المياه بشكل سريع. وتأتي اتفاقية الدفاع أيضاً في سياق تقديم الهند المساعدة لسريلانكا في وقت تمر فيه بضائقة اقتصادية حادة، حيث ساعدت الهند سريلانكا خلال أسوأ فترة لها في تاريخها، فقد مرت بأزمة حادة في عام 2022 مع انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، إلى جانب أزمة سياسية مع فرار الرئيس السريلانكي بعد احتجاجات شعبية حاشدة. وانخفضت احتياطيات النقد الأجنبي في سريلانكا إلى أقل من 50 مليون دولار، مما أدى إلى شلل الواردات الأساسية من الغذاء والوقود. وقد نجمت الأزمة الاقتصادية عن سوء الإدارة الاقتصادية، إلى جانب جائحة كوفيد-19 التي شلت اقتصاد البلاد، حيث تأثرت السياحة بسبب اضطراب حركة السفر الدولية. وزاد من تفاقم الوضع ارتفاع أسعار النفط العام الماضي مما أدى إلى انهيار العملة بأكثر من 40%. ورغم أن سريلانكا شهدت استقراراً منذ ذلك الحين مع عودة النمو في عام 2024، إلا أنها لا تزال تواجه تحديات. وقد أسفرت الأزمة عن تقارب كبير في العلاقات بين سريلانكا والهند، التي أثبتت أنها شريك يمكن الاعتماد عليه. وخلال زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، جددت سريلانكا التزامها بضمان عدم استخدام أراضيها في أي أمر يمس مصالح الهند. مما يدل على أن العلاقات بين سريلانكا والهند أصبحت متينة في ظل الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي تعاني منها منطقة جنوب آسيا. *رئيس مركز الدراسات الإسلامية في نيودلهي.
الاتحاد١٩-٠٤-٢٠٢٥سياسةالاتحادالهند وأفق التعاون مع سريلانكاالهند وأفق التعاون مع سريلانكا شهدت علاقات الهند مع سريلانكا تقلبات عديدة، لكنها اتسمت بالاستقرار في الآونة الأخيرة. وتسعى الدولتان إلى تعزيز وتوسيع نطاق هذه العلاقة. وفي منطقة جنوب آسيا، حيث تشهد دول الجوار الهندي حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، برزت سريلانكا كركيزة قوية. وقام رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بزيارة إلى سريلانكا استمرت يومين خلال الشهر الجاري، ووقع البلدان خلال الزيارة على سبع مذكرات تفاهم في قطاعات متنوعة، شملت الدفاع والطاقة والبنية التحتية الرقمية والصحة والتجارة. ويعكس اتساع نطاق هذه الاتفاقيات رغبة البلدين في تعميق تعاونهما. إلا أن اتفاقية التعاون الدفاعي تكتسب أهمية خاصة، فهي اتفاقية تتطلع إلى المستقبل، وتطوي صفحةً حساسة من تاريخ البلدين المشترك، حيث إنها جاءت بعد أربعة عقود من نشر قوة حفظ السلام الهندية في سريلانكا، وهي خطوة أثارت جدلاً واسعاً. وقد نُشرت القوة للإشراف على اتفاقية السلام الهندية السريلانكية، التي وُقّعت في يوليو 1987. وفي ذلك الحين، كان أعضاء جبهة نمور التاميل يقاتلون ضد الحكومة السريلانكية من أجل إنشاء دولة مستقلة منفصلة للتاميل في مقاطعة سريلانكا الشمالية حيث يشكلون أغلبية ساحقة. وانهارت اتفاقية السلام بقرار نمور التاميل عدم المضي قدماً في حل تفاوضي، مما أدى إلى انخراط الجيش الهندي في الحرب الأهلية السريلانكية. وقُتل حوالي 1200 جندي هندي وجُرح حوالي 3000 في الصراع الذي أثار جدلاً واسعاً في الهند. انسحبت القوات الهندية دون تحقيق السلام في سريلانكا، وقد استمرت تداعيات هذا الإجراء تؤرق الهند، بل وأدت لاحقاً إلى اغتيال رئيس الوزراء السابق راجيف غاندي بسبب قراره إرسال قوات هندية إلى سريلانكا. ورغم أن العلاقات الدفاعية بين الهند وسريلانكا استمرت في التطور ببطء خلال العقود الثلاثة الماضية، إلا أن اتفاقية الدفاع الموقعة مؤخراً تُمثّل بداية فصل جديد في العلاقات الدفاعية المشتركة بين البلدين. وتعد هذه الاتفاقية أول اتفاقية رسمية بين البلدين لتعزيز التعاون الدفاعي بين الهند وسريلانكا، وتضع المبادرات القائمة في إطار أكثر تنظيماً، ما يمهّد الطريق أمام تدريبات عسكرية مشتركة وتعاون محتمل في مجال الصناعات الدفاعية. وقد صرح وزير دفاع سريلانكا بأن الأنشطة المُدرجة في الاتفاقية ستكون مواكبة لأفضل الممارسات الدولية، ولن تتعارض مع السياسات الوطنية لأي من البلدين. وتُمثل مذكرة التفاهم هذه اتفاقية شاملة تُساعد سريلانكا على بناء القدرات في مختلف مجالات الدفاع، وتُسهم في تقديم المساعدات الإنسانية وعمليات الإغاثة في حالات الكوارث. ويعني ذلك أيضاً زيادة زيارات السفن الحربية لكلا البلدين إلى الموانئ، واستكشاف آفاق التعاون في قطاع الدفاع، وهو ما يُعزز الشراكة الدفاعية بين الجانبين. وتُعقد الهند وسريلانكا حواراً دفاعياً سنوياً على مستوى وزيري الدفاع لمراجعة التعاون الثنائي، كما تُجريان تدريبات عسكرية وبحرية سنوياً. في عام 2024، تم تدشين مركز تنسيق الإنقاذ البحري بمنحة قدمتها الهند، كما تُوفر الهند تدريبات للجنود السريلانكيين. وتؤكد اتفاقية الدفاع مكانة الهند كمزود رئيسي للأمن في منطقة المحيط الهندي، وذلك بفضل قدراتها العسكرية والبحرية. ولطالما كان المحيط الهندي منطقة النفوذ الرئيسية للبحرية الهندية، وقد أتاحت قدرات الهند لها تنفيذ العديد من مهام الإنقاذ ومكافحة القرصنة في المياه بشكل سريع. وتأتي اتفاقية الدفاع أيضاً في سياق تقديم الهند المساعدة لسريلانكا في وقت تمر فيه بضائقة اقتصادية حادة، حيث ساعدت الهند سريلانكا خلال أسوأ فترة لها في تاريخها، فقد مرت بأزمة حادة في عام 2022 مع انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، إلى جانب أزمة سياسية مع فرار الرئيس السريلانكي بعد احتجاجات شعبية حاشدة. وانخفضت احتياطيات النقد الأجنبي في سريلانكا إلى أقل من 50 مليون دولار، مما أدى إلى شلل الواردات الأساسية من الغذاء والوقود. وقد نجمت الأزمة الاقتصادية عن سوء الإدارة الاقتصادية، إلى جانب جائحة كوفيد-19 التي شلت اقتصاد البلاد، حيث تأثرت السياحة بسبب اضطراب حركة السفر الدولية. وزاد من تفاقم الوضع ارتفاع أسعار النفط العام الماضي مما أدى إلى انهيار العملة بأكثر من 40%. ورغم أن سريلانكا شهدت استقراراً منذ ذلك الحين مع عودة النمو في عام 2024، إلا أنها لا تزال تواجه تحديات. وقد أسفرت الأزمة عن تقارب كبير في العلاقات بين سريلانكا والهند، التي أثبتت أنها شريك يمكن الاعتماد عليه. وخلال زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، جددت سريلانكا التزامها بضمان عدم استخدام أراضيها في أي أمر يمس مصالح الهند. مما يدل على أن العلاقات بين سريلانكا والهند أصبحت متينة في ظل الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي تعاني منها منطقة جنوب آسيا. *رئيس مركز الدراسات الإسلامية في نيودلهي.