logo
#

أحدث الأخبار مع #جوزيفعازار

"يوم التحرير" للرئيس ترامب: رهان محفوف بالمخاطر؟
"يوم التحرير" للرئيس ترامب: رهان محفوف بالمخاطر؟

النهار

time٠٢-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • النهار

"يوم التحرير" للرئيس ترامب: رهان محفوف بالمخاطر؟

كتب جوزيف عازار ، أستاذ في جامعة باريس دوفين – PSL، لـ"النهار": اليوم سيعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الرئيس الـ 45 والـ 47 للولايات المتحدة، أن هذا اليوم سيشكل بداية فصل جديد لأميركا، أطلق عليه اسم "يوم التحرير" (Liberation Day). سيكون هذا اليوم الذي تُفرض فيه حواجز جمركية صارمة على كل دولة، بهدف إعادة ابتكار الاقتصاد الأميركي. لكن وراء هذا التصريح يبرز تساؤل أساسي: هل تُعد هذه المقاربة الحمائية استراتيجية ناجحة حقًا، أم أنها مجرد مناورة لتحسين صورة رئيس تسببت سياساته بالفعل في زعزعة النظام العالمي؟ لا يُخفي الرئيس الأميركي شغفه بالرسوم الجمركية، إذ يعتبرها ليس فقط أداة لإعادة التوازن الاقتصادي، بل أيضًا سلاحًا دبلوماسيًا. آخر مثال على ذلك: تهديده بفرض ضرائب مشددة على النفط الروسي، تتراوح بين 25% و50%، إذا قامت موسكو بعرقلة الجهود الغربية لإنهاء الغزو في أوكرانيا. هل هو رهان محفوف بالمخاطر أم مجرد وعد؟ في وقت تتأرجح فيه الاقتصاديات العالمية بالفعل بسبب سياسات الحمائية (بل يتجاوز ذلك إلى التفكير التجاري المرتبط بالميركانتيلية)، تبقى الشكوك قائمة. يستهدف مشروع "يوم التحرير" جذور النظام التجاري العالمي القائم منذ الحرب العالمية الثانية. فبضربة واحدة، يبدو أن ترامب يسعى إلى إلغاء عقود من الاتفاقيات متعددة الأطراف القائمة على مبدأ عدم التمييز، ليحل محلها مبدأ صارم للمعاملة بالمثل، حيث تُفرض ضرائب على كل دولة وفقًا لممارساتها التجارية. للوهلة الأولى، قد يبدو هذا تراجعًا بالنسبة للاقتصاد العالمي، خصوصًا في عصر الترابط الاقتصادي الحالي. ومع ذلك، لا يغلق ترامب الباب بالكامل أمام التفاوض. فإذا حصل على تنازلات كبيرة من شركائه، فقد يُظهر بعض المرونة. التدابير المطروحة طموحة: رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات السيارات، إضافة إلى الضرائب المفروضة مسبقًا على الصلب والألمنيوم، وقائمة واسعة من المنتجات الصينية. الهدف المعلن واضح: إعادة التصنيع إلى البلاد، خلق وظائف، واستعادة التوازن التجاري. لكن في الواقع، تحمل هذه الاستراتيجية العديد من المخاطر. إذ سترتفع أسعار المنتجات للمستهلكين الأميركيين، مما قد يضعف القدرة التنافسية للشركات المحلية، كما قد يرتفع التضخم بشكل كبير. وإذا كان ترامب لا يكترث بتأثير سياسته على أسعار السلع الاستهلاكية، فمن الصعب تصديق أن الناخبين الأميركيين سيتجاهلون هذه التداعيات الاقتصادية المباشرة. ولتبرير هذه التدابير، تستشهد البيت الأبيض بمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات، وهي حجج سمحت له بالتصرف بسرعة دون انتظار موافقة الكونغرس. لكن خلف هذه المبررات تكمن أيضًا رغبة في مواجهة العجز التجاري الهائل، الذي سجل رقماً قياسياً بلغ 1.2 تريليون دولار في عام 2024. قد تعيد هذه السياسة رسم معالم التجارة العالمية. فقد تُجبر الصين، على سبيل المثال، على توجيه صادراتها نحو الاتحاد الأوروبي، مما قد يخلق ديناميكيات اقتصادية جديدة. ومن المفارقات أن ذلك قد يُسرع من انتشار التجارة الحرة، ولكن خارج الولايات المتحدة. وقد سارعت عدة دول، مثل فيتنام والاتحاد الأوروبي، إلى تعديل سياساتها التجارية لحماية نفسها من التأثيرات الجانبية لعزلة أمريكا الاقتصادية. في هذا السياق العالمي المتشرذم، يتضح أن الحمائية التي يتبعها ترامب لن تعزز الاقتصاد الأميركي فحسب، بل قد تؤدي أيضًا إلى بروز كتل تجارية جديدة، مما يعيد تشكيل التوازن الاقتصادي العالمي. ويبقى السؤال مطروحًا: هل تُعد هذه المقاربة الراديكالية استراتيجية حقيقية لاستعادة الهيمنة الاقتصادية، أم مجرد مقامرة قد تزيد من عزلة الولايات المتحدة على الساحة الدولية؟ إن "يوم التحرير" هذا ليس مجرد تغيير في السياسة الجمركية، بل قد يكون رمزًا لانفصال أعمق، ليس فقط عن الماضي التجاري للولايات المتحدة، بل عن عالم معولم يكافح لمواكبة الإيقاع الذي يفرضه ترامب في سعيه للانتقام الاقتصادي. وحتى الآن، يصعب التنبؤ بما إذا كانت هذه الاستراتيجية ستشكل نقطة تحول أم ستُعتبر، على العكس، خطأً مكلفًا. سيخبرنا الزمن بذلك. لكن الشيء المؤكد هو أن تداعيات هذه القرارات ستتجاوز حدود الولايات المتحدة بكثير.

المكسيك: بين عدم اليقين والمرونة منعطف اقتصادي حاسم
المكسيك: بين عدم اليقين والمرونة منعطف اقتصادي حاسم

النهار

time٠١-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • النهار

المكسيك: بين عدم اليقين والمرونة منعطف اقتصادي حاسم

كتب جوزيف عازار ، أستاذ في جامعة باريس دوفين – PSL، لـ"النهار": الاقتصاد المكسيكي يمر بمرحلة من الاضطرابات التي تتميز بعدم اليقين الداخلي والضغوط الخارجية. وقد اتسمت نهاية عام 2024 بنمو أقل من التوقعات، وهو اتجاه يبدو أنه مستمر في عام 2025. يشهد الاستثمار، سواء العام أو الخاص، تباطؤًا ملحوظًا، في حين تظهر علامات التراجع على الاستهلاك، الذي يعدّ محركًا أساسيًا للنمو. وعلى الرغم من أن التيسير النقدي يوفر دعمًا موقتًا، فإنه لن يكون كافيًا لتعويض الرياح المعاكسة التي يواجهها الاقتصاد. سجل الاقتصاد المكسيكي نموًا بنسبة 0.5٪ على أساس سنوي في الربع الرابع من عام 2024، بعد مراجعة التقدير الأولي البالغ 0.6٪ نحو الانخفاض. ويمثل هذا المعدل تباطؤًا واضحًا مقارنة بالزيادة البالغة 1.7٪ التي شهدها الربع السابق. بين عامي 1994 و2024، بلغ متوسط النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي للمكسيك 2.07٪، ووصل إلى ذروته عند 22.7٪ في الربع الثاني من عام 2021، بينما سجّل أدنى مستوى عند -20.3٪ في الربع الثاني من عام 2020. تظل المفاوضات التجارية الجارية مع الولايات المتحدة وكندا قضية رئيسية. فقد شهدت "الهدنة التجارية" بين هذه الدول الثلاث تطورًا جديدًا يعكس التوترات المستمرة. ورغم أن الرسوم الجمركية بنسبة 25٪ كان من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ اعتبارًا من 4 آذار (مارس)، فقد تم الإعلان عن تعليقها لمدة شهر حتى 2 نيسان (أبريل). وجاءت هذه الاستراحة نتيجة الجهود الكبيرة التي بذلتها المكسيك لتلبية مطالب واشنطن، بما في ذلك تقليص تدفقات الهجرة بشكل كبير، وتعزيز الأمن على الحدود، وتسليم تجار المخدرات، والالتزام المحتمل بالسياسة التجارية الأميركية تجاه الصين. تفاعلت الأسواق المالية بحذر مع هذه التطورات. ورغم تأثر البيزو المكسيكي بحالة عدم اليقين، فقد استعاد جزءًا من خسائره بعد الانتخابات الأميركية. وتعكس هذه الاستجابة إدراكًا بأن هذه التدابير ستكون موقتة، وأنه قد يتمّ التوصل إلى تسوية نهائية. من جانبها، تتبنّى الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم موقفًا حذرًا لكنه حازم، مستفيدة من دعم شعبيّ قوي يبلغ 85٪. وقد أفسحت تصريحاتها بشأن اتخاذ تدابير مضادة المجال لجولة جديدة من المفاوضات، مما يؤكّد الرغبة في التوصل إلى حل متوازن. مع ذلك، فإن استراتيجية دونالد ترامب، التي تتسم بتصريحات متناقضة، تزيد من صعوبة التنبؤ بمسار المفاوضات. إذ إن تراجعه في 26 شباط (فبراير) عن قراره بتمديد الهدنة قبل أن يؤكد فرض الرسوم الجمركية يبدو تكتيكًا للضغط بهدف إعادة التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة (ACEUM) لصالح الولايات المتحدة. وفي ظل هذه الضبابية، يتوقع الفاعلون الاقتصاديون سيناريو يتم فيه تشديد قواعد المحتوى المحلي وفرض رقابة أكثر صرامة على الواردات القادمة من الصين. من الناحية الاقتصادية الكلية، تظهر مؤشرات تباطؤاً في النمو المكسيكي. فقد شهد الربع الأخير من عام 2024 انكماشًا بنسبة 0.6٪ في الناتج المحلي الإجمالي، مما خفض النمو السنوي إلى 1.5٪، وهو أقل بكثير من التوقعات الأولية البالغة 2.3٪. وقد راجع بنك المكسيك (Banxico) توقعاته لعام 2025 ليقدر النمو عند 0.6٪ فقط. ويرجع هذا التباطؤ بشكل رئيسي إلى ضعف القطاع الصناعي، حيث تراجعت الإنتاجية بنسبة 2.6٪ في النصف الثاني من عام 2024، بالإضافة إلى الإرهاق الذي يعاني منه قطاع الخدمات. ومع تراجع ثقة المستهلكين والشركات بشكل تدريجي، بات الاستثمار الأجنبي المباشر يتركز على إعادة استثمار المشاريع القائمة بدلاً من إطلاق مشاريع جديدة. لا يزال سوق العمل صامدًا حتى الآن، مع معدل بطالة مستقر. لكن وتيرة خلق الوظائف تشهد تباطؤًا، كما أن الفصل التدريجي بين الأجور والتضخم، إضافة إلى تراجع تحويلات المغتربين، يضعف القوة الشرائية للأسر. في المقابل، تراجعت معدلات التضخم إلى 3.6٪ سنويًا، مما أعادها إلى النطاق المستهدف لبنك المكسيك للمرة الأولى منذ عام 2021. وقد سمح هذا الاتجاه للبنك المركزي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في شباط (فبراير)، ومن المتوقع إجراء تخفيض آخر في نهاية آذار (مارس). ومع ذلك، فإن حالة عدم اليقين التجاري قد تحدّ من قدرة البنك المركزي على المناورة. على الصعيد المالي، تبدو الأوضاع متوترة. إذ يتوقع أن يحقق الاقتصاد نموًا في الموازنة يتراوح ما بين 2 و3٪، وهي تقديرات أصبحت غير واقعية بالنظر إلى التباطؤ الاقتصادي. ومن المتوقع أن يصل العجز العام إلى 5.7٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، وهو ارتفاع ناجم عن زيادة إنفاق شركة النفط الوطنية المكسيكية (PEMEX) والبرامج الاجتماعية. وفي ظل هذه الضغوط، سيتم تخفيض الاستثمار العام إلى 0.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025. وعلى الرغم من تبني شينباوم نهجًا حذرًا في إدارة الميزانية، فإن تنفيذ إصلاح ضريبي شامل يبدو أمرًا لا مفرّ منه لتجنب خفض التصنيف الائتمانيّ للمكسيك. أما بالنسبة للحسابات الخارجية، فهي تظلّ أحد مصادر المرونة، حيث بلغ العجز في الحساب الجاري 0.3٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، وتم تعويضه بتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر. ومع ذلك، فإن الصادرات، لا سيما في قطاع السيارات، قد تتضرر بشدة نتيجة فرض التعريفات الجمركية الأميركية. فمع بلوغ إجمالي الصادرات 490 مليار دولار، منها 130 مليار دولار للقطاع الصناعي، فإن تطبيق رسوم جمركية بنسبة 25٪ قد يضيف تكلفة تتجاوز الـ 100 مليار دولار. وفي مثل هذا السيناريو، قد تساهم خسائر البيزو في تخفيف التأثير، لكنها لن تكون كافية لتعويض الخسائر بالكامل. يواجه الاقتصاد المكسيكي تحديات كبيرة. وبينما يستمر عدم اليقين، يبقى التوصل إلى اتفاق تجاري مُعدَّل مع الولايات المتحدة أمرًا ضروريًا لاستعادة الثقة وتحفيز الاستثمار. وفي الوقت الراهن، لا تزال التوقعات مشوبة بالمخاطر والحذر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store