logo
#

أحدث الأخبار مع #جوزيفناي

جوزيف ناي... آخر حكماء أميركا
جوزيف ناي... آخر حكماء أميركا

Independent عربية

timeمنذ 4 أيام

  • سياسة
  • Independent عربية

جوزيف ناي... آخر حكماء أميركا

عن عمر يناهز الـ88 رحل قبل أيام البروفيسور جوزيف ناي، أحد أكثر علماء السياسة الأميركيين المعاصرين صدقاً وموثوقية، حنكة وتدبراً، الرجل صاحب التأثير الأكبر في سجل العلاقات الدولية، الذي وضع الأساس لمفهوم "القوة الناعمة". شكل رحيل جوزيف ناي نهاية لرحلة علمية وخدمة عامة امتدت أكثر من ستة عقود، وقد ترك رحيله حسرة واضحة لدى كبار السياسيين حول العالم، فقد أشاد وزير الخارجية الأميركي السابق أنتوني بلينكن به قائلاً "قليل من الناس أسهموا في رأس المال الفكري وفهم العالم ومكانة أميركا فيه مثل جوزيف ناي". في حين نعته صحيفة "فايننشيال تايمز" بالقول "إن رحيل البروفيسور ناي يأتي في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة تحديات متزايدة على الساحة الدولية". أما المستشار السابق للشؤون الآسيوية في البيت الأبيض، دينيس وايلدز، فقد قال "نحن نعاني نقصاً في الأشخاص الذين يفهمون الثقافة الآسيوية، وهذا سيكون له عواقب طويلة الأمد". تبدو مسيرة ناي مزيجاً من البحث الفكري السياسي النظري المعمق، ومن الممارسة السياسية على أرض الواقع في كثير من المناصب الرفيعة. حصل ناي على درجة الدكتوراه من جامعة هارفرد عام 1964، وكان أحد المحاضرين الأوائل في كلية هارفرد كينيدي. ثم شغل منصب عميد كلية كينيدي في جامعة هارفرد في الفترة ما بين 1995- 2004، وحولها إلى مركز لتدريب كبار القادة وصناع القرار في العالم. خلال مسيرته المهنية الحافلة في الأوساط الأكاديمية والخدمة الحكومية شغل أيضاً منصب نائب وزير الخارجية ورئيس مجلس الاستخبارات الوطني، ومساعد وزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي. في استطلاع حديث أوائل العام الحالي أجرته مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، صنف ناي كأكثر العلماء تأثيراً في السياسة الخارجية، ومن قبل في 2011 كانت المجلة عينها قد اختارته ضمن أفضل 100 مفكر عالمي. أحدث كتاب له الذي نشر عام 2024، هو "حياة في القرن الأميركي". من بين كتاباته الأخرى "قوة القيادة" و"مستقبل القوة" و"القيادة الرئاسية ونشأة العصر الأميركي" و"هل انتهى القرن الأميركي"، وقد وجد دوماً طريقه لكبريات الأكاديميات، فكان زميلاً للأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم والأكاديمية البريطانية والأكاديمية الأميركية للدبلوماسية، كذلك كانت له آراء واضحة في الرئيس ترمب. عن النظام العالمي في القرن الـ21 يصعب على المرء أن يختار منصة انطلاق للحديث عن البروفيسور ناي، لتعدد قراءاته الاستراتيجية، وتنوع توجهاته الفكرية، غير أن السؤال المهم الذي تطرحه كبار العقليات شرقاً وغرباً عن السيادة والريادة في القرن الحالي، ربما يكون نقطة البداية. هل القرن الـ21 هو قرن الصدام الأممي أم التعاون الدولي؟ اختلفت الرؤى، في السعي إلى إيجاد جواب، غير أن ناي رأى أن النظريات التي لدينا وتقوم على الفكرة التقليدية لتوازن القوى لا يمكن أن تساعدنا الآن في معالجة القضايا والتحديات، فعلى سبيل المثال إذا أخذنا التغيرات المناخية في العالم فإن الصين تجاوزت الولايات المتحدة في إنتاج غاز ثاني أوكسيد الكربون، وهذا يؤذي الولايات المتحدة ويؤذي باقي دول العالم والسؤال: كيف نحل هذه المشكلة؟ الإجابة والحديث دوماً لناي، ليس بالطرق التقليدية والتهديد بالحرب أو العقوبات أو المقاطعة الاقتصادية، بل تحل هذه المشكلات عبر التعاون المتبادل... هل يعني ذلك أن شكل النظام الدولي آخذ في التغير بصورة سريعة وغير نمطية، مما يعني تشكل عالم جديد، مختلف كلية عن فكرة الثنائيات الضدية التي عرفتها البشرية حتى قبل الميلاد وإلى الساعة؟ عرف عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر الدولة الحديثة بأنها مؤسسة سياسية تحتكر الاستخدام المشروع للقوة، لكن فهمنا للسلطة الشرعية يرتكز على أفكار ومعايير قابلة للتغيير، لذا ينبع النظام الشرعي من أحكام حول قوة المعايير، إضافة إلى أوصاف بسيطة حول حجم وطبيعة العنف داخل الدولة. هنا، وعندما يتعلق الأمر بالنظام العالمي، يمكننا قياس التغيرات في توزيع القوة والموارد، وكذلك في التزام المعايير التي ترسي الشرعية، كما يمكننا قياس وتيرة وشدة الصراعات العنيفة. والثابت أنه غالباً ما ينطوي التوزيع المستقر للقوة بين الدول على حروب توضح توازن القوى المتصور، لكن الآراء حول شرعية الحرب تطورت مع مرور الوقت. على سبيل المثال في أوروبا القرن الـ18، عندما أراد ملك بروسيا فريدريك الكبير الاستيلاء على مقاطعة سيليزيا من النمسا، استولى عليها ببساطة، ولكن بعد الحرب العالمية الثانية أنشأت الدول الأمم المتحدة التي عرفت حروب الدفاع عن النفس فقط بأنها شرعية، ما لم يصرح مجلس الأمن بخلاف ذلك. بعد ثمانية عقود، باتت هناك متغيرات تشارك في تشكيل النظام العالمي المعاصر، الذي قد يصبح أقوى أو أضعف بسبب التغيرات التكنولوجية التي تغير توزيع القوة العسكرية والاقتصادية، والتغيرات الاجتماعية والسياسية المحلية التي تغير السياسة الخارجية لدولة كبرى، أو القوى العابرة للحدود الوطنية، كالأفكار أو الحركات الثورية، التي قد تتجاوز سيطرة الحكومات وتغير التصورات العامة لشرعية النظام السائد. هل يعني ذلك أن معطيات القوة والقدرة على مائدة التوازنات الدولية، قد بدأت في التغير، من عند القوة الخشنة المطلقة، مروراً بالقوة الناعمة، التي كان ناي أحد أهم منظريها، إلى أنواع أخرى من القوى التكنولوجية والمعرفية، التي ستخلق عالماً جديداً، قد يكون نظامياً أو فوضوياً؟ عن رؤية ناي لفلسفة القوة الناعمة حين يذكر اسم البروفيسور ناي يطفو على سطح العقل مباشرة الحديث عن مفهوم القوة الناعمة، وكأن هذا المعلم الكبير لم يتوقف عند أي معانٍ أو مبانٍ أخرى غير هذا المفهوم. ما الذي يعنيه ناي بهذا المصطلح الذي شاع وذاع في العقود الثلاثة الماضية على وجه التحديد، لا سيما بعد سقوط الاتحاد السوفياتي؟ يذهب ناي إلى أن القوة العسكرية والقوة الاقتصادية كلتيهما أمثلة على القيادة القاسية التي يمكن استعمالها لإقناع الأخيرين بتغيير مواقفهم. فالقوة القاسية يمكنها أن تستند إلى مبدأ العصا والجزرة، لكن هناك أيضاً طريقة أخرى وغير مباشرة لاستخدام وممارسة القوة، فبإمكان دولة أن تحصل على النتائج التي تريدها في السياسة الدولية لأن الدول الأخرى تريد اللحاق بها واتباعها إعجاباً بقيمها أو تقليداً لنموذجها أو تطلعاً للوصول إلى مستوى ازدهارها ورفاهها وانفتاحها. هنا وفي هذا الاتجاه تمعن هذه الدولة أو تلك في بلورة برامج سياسية تجذب الآخرين وتجبرهم على التغيير، لا من خلال أسنة الرماح وسنابك الخيل، بل من خلال جعل الآخرين يرون ما تريد أن تريهم إياه من قوة ناعمة. هل من مثال على تلك القوة؟ يبدو أن الولايات المتحدة نفسها كانت خير مثال على نموذج القوة الناعمة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بنوع خاص، فقد قدمت للعالم الحلم الأميركي، وكشفت عن المفهومين الشهيرين الخاصين بها، القدر الواضح، والمدينة فوق جبل. نجحت الولايات المتحدة في إسقاط الاتحاد السوفياتي وتفكيكه بعد تفخيخه، لا من خلال القنابل النووية التي أسقطتها على هيروشيما وناغازاكي، وأدت إلى استسلام اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية، وإنما من خلال مشاهد زجاجة الكوكاكولا والفتاة اللعوب، الشبيهة لاحقاً بمارلين مونور، ومن خلال مأكولات "الفاست فود"، عطفاً على مجلات وإذاعات حملت عبر الأثير نسائم الحرية لأوروبا الشرقية وشعوبها، بل وصل الأمر إلى تسرب فيروس الحرية إلى داخل الجمهوريات السوفياتية نفسها. القوة الناعمة إذاً تستند إلى القدرة على وضع برنامج سياسي يرتب الأولويات بالنسبة إلى الآخرين على المستوى الشخصي، بالضبط مثل الأبوين الحكيمين اللذين يعلمان أنه إذا قاما بتربية أولادهم على القيم والمفاهيم الصحيحة، فإن قوتهم ستكون أكبر وستدوم فترة أطول مما لو كانوا اعتمدوا فقط على الضعف والتوبيخ أو قطع المصروف أو أخذ مفاتيح السيارة مثلاً. كذلك الأمر يتعلق بالمسؤولين السياسيين والمفكرين مثل أنطونيو غرامشي الذين فهموا طويلاً القوة الناجمة عن وضع جدول أعمال إضافة إلى تحديد إطار عمل لنقاش معين. وبلغة فلسفية سياسية فإن القدرة على تأسيس الأولويات كما يقول ناي تميل دائماً إلى الارتباط بمصادر القوة المعنوية كأن تكون ثقافة جذابة أيديولوجياً، أو مؤسسات فاعلة وناجزة محلياً، فإذا استطعت أن تقدم ما يلمع سيظنه الناظرون من دون أدنى شك بريقاً من الذهب. هل هناك ارتباط بين القوتين الخشنة والناعمة؟ بحسب ناي، فإنه إذا رغبت دولة بعينها أن تشرع قوتها الخشنة في عيون الآخرين، فإنها ستواجه مقاومة أقل لرغباتها إذا كانت ثقافتها وأيديولوجيتها جذابة، وساعتها سيرغب الآخرون في اتباعها بأقل مجهود ومن غير ضرورة الدخول في حروب تسيل فيها الدماء وتتعذر من بعدها المصالحة أو المسامحة. هل للقوة الناعمة حضور عالمي؟ إحدى أهم الأطروحات التي كان على ناي التعاطي معها قضية القوة الناعمة بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وهل فقدتها بالفعل، لا سيما منذ بداية الألفية الثالثة، مع الغزو الأميركي لأفغانستان ومن ثم العراق، عطفاً على الدعم الواضح الذي قدمته لما عرف باسم "ثورات الربيع العربي" بدءاً من 2011. الشاهد أن نظرة ناي للفكرة القوة الناعمة ربما تجاوزت الولايات المتحدة الأميركية، وهذا ما تناوله في محاضرة له في جامعة كامبريدج في يناير (كانون الثاني) 2022. في تلك المحاضرة تساءل بعدما لاحظ في نهاية عام 2021 أن روسيا تحشد قواتها قرب حدودها مع أوكرانيا، والصين تنقل طائرات عسكرية نفاثة قرب تايوان، فيما كوريا الشمالية تتابع برنامجها النووي، بينما مقاتلو "طالبان" عادوا ليسيروا دوريات في شوارع كابول... تساءل ناي: ماذا حدث للقوة الناعمة؟ كان التساؤل يحمل في طياته علامة استفهام عن مستقبل هذه القوة وهل بات لها بالفعل موقع أو موضع فوق الكرة الأرضية في حاضرات أيامنا. في محاضرته هذه اعترف ناي بأن القوة الناعمة ليست المصدر الوحيد أو حتى الأهم للقوة لأن آثارها تميل إلى أن تكون بطيئة وغير مباشرة، لكن تجاهلها أو إهمالها خطأ استراتيجي وتحليلي جسيم. لم تكن قوة الإمبراطورية الرومانية تعتمد على جحافلها العسكرية فحسب، بل كانت تستند أيضاً إلى جاذبية الثقافة الرومانية والقانون الروماني. على نحو مماثل كان الوجود الأميركي في أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، كما وصفه محلل نرويجي ذات مرة "إمبراطورية بالدعوة"، لم يسقط سور برلين من القذائف المدفعية، بل أزالته مطارق وجرافات بأيدي أشخاص لمستهم القوة الناعمة الغربية. ومن جديد أوضح ناي مصادر القوة الناعمة، تلك التي يتمتع بها أي بلد، وتأتي بصورة أساسية من ثلاثة مصادر: ثقافتها وقيمها السياسية، مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان عندما تدعمها، وسياساتها عندما ترى على أنها مشروعة لأنها تدور في إطار من الوعي بمصالح الآخرين. تستطيع أي حكومة أن تؤثر في الآخرين من خلال العمل كقدوة في ما يتصل بالكيفية التي تتصرف بها في الداخل، بحماية حرية الصحافة والحق في الاحتجاج على سبيل المثال، وفي المواقف الدولية بالتشاور مع الآخرين وتعزيز التعددية، ومن خلال سياستها الخارجية بالترويج للتنمية وحقوق الإنسان. في هذا السياق عقد ناي مقاربة بين القوة الناعمة الصينية ونظيرتها الأميركية، واستخدم فترة تفشي جائحة "كوفيد-19" كمثال على نجاح أو إخفاق تلك السياسة. رأى ناي أنه أثناء الجائحة حاولت الصين استخدام ما يسمى "دبلوماسية اللقاحات"، لتعزيز قوتها الناعمة، التي تضررت بسبب تعاملها المتكتم مع انتشار الفيروس في مدينة ووهان. كانت الجهود التي تبذلها حكومة بكين ترمي إلى تعزيز مبادرة الحزام والطريق التي تدعم مشاريع البنية الأساسية في كثير من أجزاء العالم، لكن استطلاعات الرأي أظهرت أن النتائج كانت مخيبة للآمال بمقاييس الجاذبية، كان أحد أهم الأسباب وراء تدني مستوى القوة الناعمة الصينية هو استخدامها الفظ القوة الصارمة في سعيها وراء سياسة خارجية قومية على نحو متزايد، وكان هذا جلياً واضحاً في عقابها الاقتصادي لأستراليا وعملياتها العسكرية على حدود الهمالايا مع الهند. أوضح ناي كيف أن الصين تواجه مشكلة في التوصل إلى معادلة القوة الذكية، فمن الصعب ممارسة دبلوماسية اللقاح ودبلوماسية المحارب الذئب أي العدوانية والاستئساد القسري على البلدان الأصغر حجماً في الوقت ذاته. هل يعني ما تقدم أن هناك تراجعاً ملحوظاً بالنسبة إلى مفهوم القوة الناعمة حول العالم؟ ربما يكون البحث عن القوة الناعمة الأميركية، من النقاط الجوهرية التي كان ولا بد لناي من أن يشاغبها في أكثر من موقع وموضع، منها ما جاء في محاضرة كامبريدج، ومنها ما هو خارج ذلك. تراجع القوة الناعمة الأميركية من الواضح أن جوزيف ناي كان له رأي واضح في علاقة السياسات الخارجية الأميركية بمعدلات قوتها الناعمة حول العالم في عقود سابقة. غير أنه توقف بصورة خاصة عند سياسات الرئيس دونالد ترمب في ولايته الأولى، التي عاصرها بأكملها، ولم يمهله القدر أن يتابع بقية المشهد في الولاية الثانية التي بدأت منذ خمسة أشهر تقريباً. بعد عام من ولايته الأولى أي في 2018 رأى ناي أن سياسات ترمب قد قوضت القوة الناعمة الأميركية. لم يبد سوى 30 في المئة من المشاركين في استطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب أخيراً في 134 دولة رأياً إيجاباً تجاه الولايات المتحدة بقيادة ترمب، وهو انخفاض بنحو 20 نقطة مئوية منذ رئاسة باراك أوباما. ووجد مركز بيو للأبحاث أن الصين بنسبة تأييد بلغت 30 في المئة قد وصلت إلى مستوى قريب من التكافؤ مع الولايات المتحدة. وأظهر مؤشر بريطاني القوة الناعمة 30 في المئة، تراجع أميركا من المركز الأول عام 2016 إلى المركز الثالث عام 2017. في ذلك الوقت رد المدافعون عن ترمب بأن القوة الناعمة لا تهم، فقد أعلن مدير موازنة ترمب، ميك مولفاني، عن موازنة القوة الصلبة، في وقت خفض فيه تمويل وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية بنسبة 30 في المئة. بالنسبة إلى مروجي "أميركا أولاً"، فإن ما يعتقده بقية العالم يأتي في المرتبة الثانية، هل هم محقون؟ الجواب هو أن القوة الناعمة تقوم على الجذب لا على الإكراه أو المال، إنها تستميل الناس ولا تكرههم على المستوى الشخصي. بعد ستة أعوام من هذه الرؤية وفي 2024 تحدث ناي مرة جديدة عن رؤيته القوة الناعمة الأميركية. ذهب ناي إلى أنه وعلى رغم أن استطلاعات الرأي الدولية أظهرت أن الولايات المتحدة عانت هي أيضاً من تراجع قوتها الناعمة أثناء فترة رئاسة دونالد ترمب، فإن من حسن الحظ أنها أكثر من مجرد الحكومة في واشنطن، فعلى النقيض من أصول القوة الصارمة مثل القوات المسلحة، فإن هناك كثيراً من موارد القوة الناعمة منفصلة عن الحكومة، ولا تستجيب لأغراضها إلا جزئياً. على سبيل المثال تلهم الأفلام الهوليوودية التي تسلط الضوء على تجمعات مستقلة أو أقليات محتجة آخرين في مختلف أنحاء العالم. وينطبق هذا أيضاً على العمل الخيري الذي تزاوله المؤسسات الأميركية وحرية الاستقصاء والتساؤل في الجامعات الأميركية. ولعله من حسن حظ الولايات المتحدة أن الشركات والجامعات والمؤسسات والكنائس وحركات الاحتجاج تعمل على تطوير قوة ناعمة من إنتاجها. في بعض الأحيان تعمل أنشطتها على تعزيز أهدافها السياسية الخارجية الرسمية، وفي أحيان أخرى تتعارض معها، غير أنه وفي كلتا الحالتين تشكل مصادر القوة الناعمة الخاصة هذه أهمية متزايدة في عصر وسائل التواصل الاجتماعي. وعند ناي أن تمرد السادس من يناير 2021، الذي شهده مبنى الكابيتول، قد تسبب في ضرر بالغ للقوة الناعمة الأميركية، لكنه رأى أنه على أولئك الذين بالغوا في تقدير الضرر أن يضعوا في حسبانهم أن انتخابات 2020 اجتذبت في الوقت عينه إقبالاً غير مسبوق على صناديق الاقتراع على رغم تفشي جائحة "كوفيد-19" في ذلك الوقت، مما أظهر أن الشعب الأميركي لا يزال قادراً على خلع "زعيم دهماء" في انتخابات حرة ونزيهة. لكن ماذا عن اليوم وبعد أن عاد قائد من وصفهم ناي بالدهماء؟ لقد عاد دونالد ترمب وبغالبية غير متوقعة من اليسار واليمين، فماذا سيكون من شأن مسار القوة الناعمة عام 2029 عندما يسلم الرئيس ترمب الراية إلى رئيس آخر، ما لم يحدث انقلاب على النظام الدستوري الأميركي، ويستطيع الرئيس ترمب أن يظل أربعة أعوام أخرى رئيساً لولاية ثالثة؟ مهما يكن من أمر الجواب، فإن قضية الدهماء والذعر والجعيدية، على حد وصف المؤرخ العربي الكبير الجبرتي، يدفعنا في طريق قراءة معمقة لما رآه ناي في شأن النظام العالمي في ظل الفوضى السيبرانية الحادثة المرتبطة بالعالم الرقمي، والتكنولوجيات المعاصرة في زمن الذكاءات الاصطناعية، وما يمكن أن تتركه من أثر في سياقات الأحداث في عالم غير منضبط... ماذا عن ذلك؟ اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) النظام العالمي والفوضى السيبرانية الثابت أنه ضمن اهتمامات البروفيسور ناي جاء تركيزه المبكر على قضية العالم السيبراني، وكيف يمكن أن ينشئ نظاماً عالمياً فوضوياً، يكون وبالاً على القاصي والداني. في عدد يناير 2022 وعبر مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، كتب ناي يقول "إنه مع هجمات فيروس الفدية على الإنترنت، والتدخل في الانتخابات، والتجسس على الشركات، والتهديدات التي تتعرض لها الشبكات الكهربائية... على وقع الطبول في عناوين الأخبار الراهنة، يبدو الأمل ضئيلاً في إرساء شيء من النظام ضمن الفوضى السيبرانية السائدة، ويسهم سيل الأخبار السيئة الذي لا يتوقف مع تقدم عالم الإنترنت كعالم خارج عن السيطرة ويزداد خطورة يوماً بعد يوم. أما الآثار القائمة المترتبة على هذه الفوضى فهي لا تنحصر في الفضاء السيبراني وحده، بل تمتد لتصيب اقتصادات العالم والجغرافيا السياسية والمجتمعات الديمقراطية والأسئلة البديهية الأولى المتعلقة بالحرب والسلم". هل كان ناي مهموماً فقط بالهجمات السيبرانية التي تتعرض لها الولايات المتحدة؟ مؤكد أنها كانت في المقدمة، لكنه وسع رؤيته إلى الإطار العالمي. بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فعلى رغم قدراتها الدفاعية والهجومية تبقى شديدة الهشاشة تجاه الهجمات السيبرانية وغيرها من عمليات التأثير، وذلك نظراً إلى أسواقها الحرة، ومجتمعها المفتوح، ويضيف "أعتقد أنها فكرة جيدة أن نفكر في الأقل بالمثل القديم عن كيف ينبغي على الأشخاص الذين يسكنون بيوتاً زجاجية ألا يرشقوا الآخرين بالحجارة". هذا ما يذكر به جيمس كلابر الذي كان يشغل منصب مدير جهاز الاستخبارات الوطني خلال شهادته أمام الكونغرس عام 2015 عن ردود فعل واشنطن على الهجمات السيبرانية. وكان كلابر يشدد عن وجه حق على أنه وعلى رغم كون الأميركيين أفضل من يرشق بالحجارة ربما، فإنهم يعيشون في بيوت كلها من زجاج، وإن الواقع يمنح الولايات المتحدة مصلحة معينة في تطوير المبادئ التي تخفف من حوافز رمي ورشق الحجارة في الفضاء السيبراني. العالم الذي يحذر من الفوضى فيه جوزيف ناي، هو عالم يختلف عن ذاك الذي يمكن ضبطه بقواعد ومعايير دبلوماسية متفق عليها، فالتفاوض على معاهدات الحد من التسلح السيبراني سيكون أمراً بالغ الصعوبة، لأن مفاهيم الحد من هذا التسلح لا يمكن التحقق منها، بيد أن الدبلوماسية في الفضاء السيبراني ليست أمراً متعذراً تماماً. يخلص ناي إلى أن عالمنا المعاصر قد بلغ حقبة جديدة من الحروب السيبرانية، ويبدو أن العالم ليس مستعداً لها، مما ربما دفعه في نهايات أيامه إلى إصدار عمل متميز يتساءل فيه عن أهمية الأخلاق، وهل لا يزال لها موقع أو موضع في سياسات اليوم، أم أنه وكما يقال "أرسطو له ماضٍ فلسفي فيما ميكافيللي له مستقبل سياسي". هل الأخلاق مهمة في السياسة؟ كان هذا هو عنوان كتاب ناي المهم الذي يشاغب فيه المسألة الأخلاقية عند الرؤساء الأميركيين من روزفلت إلى ترمب، ويطرح فيه قضية الأخلاق وهل هي مهمة في السياسة الخارجية الأميركية، أم أن الأخلاق الأميركية مجرد نفاق كما يقول أصحاب التيار السياسي الواقعي في الداخل الأميركي. يرى ناي أن الأخلاق أمر مهم بالفعل، وأن ما يحاول القيام به في هذا الكتاب هو إثبات أنه إذا تبينت وجهة نظر مفادها أن الأخلاق غير مهمة، فلن نتمكن من فهم تاريخ الأعوام الـ70 الماضية في التاريخ الأميركي. في صفحات كتابه يبين ناي أن هناك ميلاً كبيراً لدى الأميركيين للخلط ببين الأخلاق والقيم، فالأخلاق لا تعني التباهي بها، بل تعني الجمع بين النيات أو الدوافع، والوسائل التي تختارها، والنتائج المترتبة عليها في حزمة واحدة. يجب تقييم هذه الحزمة ككل، لا بمراعاة النيات فحسب، أو حتى النتائج فقط، أحياناً يظن بعضهم أن نجاح سياسة ما في تحقيق مصالح بعينها يجعلها جيدة، فيما قد يكون ذلك خطأ، ذلك أنه إذا سألت عن ماهية السياسة الخارجية الجيدة، فيجب أن تشمل ليس فقط الدوافع، بل أيضاً الوسائل والنتائج المرتبطة بها. هل من خلاصة لفكر ناي؟ مؤكد أن القيم تنتج قوة ناعمة، والسياسة الخارجية للدول الناجحة يجب أن تجمع بين القوة الصارمة والناعمة لإنتاج سياسة مشروعة.

الحرب الناعمة والاحتلال المُقنَّع
الحرب الناعمة والاحتلال المُقنَّع

أخبارنا

time٠٢-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • أخبارنا

الحرب الناعمة والاحتلال المُقنَّع

حماس سعيد عبدلي في ظل التحولات الثورية التي يشهدها العالم اليوم، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، طرأت ظواهر وأفكار جديدة تهدد النُسُق الثقافية والفكرية والسياسية للدول، بل والأمن على الصعيد العالمي، من خلال التطورات الرقمية التي أنتجت لنا حروب الجيل الخامس أو الحرب الناعمة المنذرة بتفكيك الروابط الاجتماعية وتهشيم البنية الثقافية وتمزيق اللحمة الوطنية. فهذه الحرب تعتمد على استبدال الإعلام بالدبابات، والعملاء بالجيوش، والاحتلال الفكري بالاحتلال العسكري، حيث يتم السيطرة على الذهن والوعي الجمعي للشعوب والجماعات. إذ تكرس هذه الحرب هزيمة الأفراد دون الحاجة إلى القوة العسكرية، مما يمهد الطريق لإخضاع الشعوب والدول. فمنذ القدم، مارست الدول تأثيرها ونفوذها على غيرها لتحقيق أهداف ثقافية وسياسية وعسكرية واقتصادية معينة، سواء من خلال القنصليات والسفارات، أو عبر الوسائل الثقافية والإعلامية المتنوعة. وهذا النوع من التأثير يتم على مختلف الأصعدة، سواء من قبل الأحزاب والمنظمات والكيانات السياسية، أو من قبل الشركات العابرة للقطرية. والمثير للاهتمام أنه لم تعترف أي دولة حتى الآن بممارستها هذا النوع من الحروب وانتهاجها له بشكل رسمي. كل هذه التطورات والتحولات الجيوستراتيجية تجعلنا نتساءل عن ماهية أو مفهوم هذا النوع من الحروب المختلف عن الحروب التقليدية التي عهدناها. المفهوم: يُعتبر مفهوم "الحرب الناعمة" من المفاهيم الحديثة التي ظهرت في عالم الحروب، وقد قدمه الأمريكي جوزيف ناي في كتابه "وثبة نحو القيادة" عام 1990، ثم جاء ليُعيد استخدامه في كتابه "مفارقة القوة الأميركية" عام 2002، قبل أن يطوره في كتابه الشهير "القوة الناعمة" عام 2004. ووفقًا لناي، فإن الحرب الناعمة تعني "استخدام كافة الوسائل المتاحة للتأثير على الآخرين بدون الحاجة لاستخدام القوة العسكرية". هذا التعريف يعكس التحول في المفهوم التقليدي للحروب، من اعتمادها على القوة المدمرة، إلى أساليب أكثر هدوءً وذات تأثير غير مباشر. ومن هنا نلاحظ أن مصطلح الحرب الناعمة يتناقض ظاهريًا مع تعريف الحرب التقليدي، حيث إن الحرب الكلاسيكية غالبًا ما ترتبط باستخدام الأسلحة الفتاكة ذات القدرة التدميرية الهائلة. كما أن نتائجها تكون غالبًا مصحوبة بسفك الدماء ونهب الثروات وتدمير البنية التحتية للدول، أي تحقيق سيطرة مباشرة على الدول الخاضعة. في المقابل، تشير الحرب الناعمة إلى استراتيجية تسويقية تم صياغتها من قبل الأدبيات "الإمبريالية الحديثة" التي استبدلت وسائلا أكثر جذبًا وإثارة بالأدوات العسكرية الخشنة، مثل التكنولوجيا الحديثة، الإنترنت، الإعلام، المال، الفن، الرياضة، السينما، والثقافة. هذه الوسائل الجديدة تهدف إلى التأثير على عقول الشعوب المقهورة التي تعيش تحت نير الجهل والاستبداد والفقر، خاصة وأن هذا النوع الجديد من الحروب يتقنع تحت شعارات قد تجذب بعض الشعوب، فهو يتنكر تحت شعار التنمية والعولمة والتبادل الاقتصادي والفن والسينما والتي يصعب مقاومتها عكس الحرب التقليدية التي يمكن مواجهتا أو رفضها بسهولة من قبل الشعوب نظرا لوضوح أهدافها وسهولة تبينها. وفي هذا السياق، يشير الباحث حرز الله محمد لخضر إلى أن جوهر الحرب الناعمة يكمن في الاستغناء عن الدبابات بالإعلام، والجيوش بالعملاء، والاحتلال المادي بالاحتلال الفكري. وبالتالي، تكمن قوة الحرب الناعمة في تكريس هزيمة الأفراد والجماعات في أي مكان دون الحاجة إلى استخدام القوة العسكرية. كذلك نجد أن الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو قد قدّم تعريفًا آخر للقوة الناعمة، حيث وصفها بأنها "إجبار غير مباشر وسجال عقلي وقيمي يهدف إلى التأثير على الرأي العام داخل الدولة وخارجها". من جهة أخرى، أكد وزير الدفاع الأميركي الأسبق، روبرت غيتس، في عام 2007 أمام أعضاء الكونغرس، ضرورة تعزيز القوة الناعمة الأميركية من خلال "زيادة الإنفاق على الأدوات المدنية في الأمن القومي مثل الدبلوماسية، والاتصالات الاستراتيجية، وتقديم المساعدة الأجنبية، وإعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية '. ومع مرور الوقت، شهدنا تحولًا لافتًا في استراتيجيات الحروب التقليدية، حيث تم استبدالها بما يُسمى "الحروب الصامتة"، التي تتميز بمدى ونفوذ وتأثير عالٍ جدًا. هذه الحروب تتبع منهجية دقيقة للتخطيط والإعداد، وتهدف إلى تفريغ المجتمعات من داخلها وإضعافها وصولًا إلى تغيير الأنظمة المعادية للدول التي تعتمد هذه الأنماط من الحروب. ومن بين هذه الدول، تأتي الولايات المتحدة الأميركية في صدارة الدول التي تعتمد على هذا النمط من الحروب. فالتحول الذي شهده مفهوم الحرب الناعمة بدأ بعد الحربين في أفغانستان والعراق، حيث تكبدت الولايات المتحدة تكاليف باهظة على المستويين البشري والاقتصادي. لذلك توصل جوزيف ناي مع غيره من أعضاء المؤسسة الحاكمة إلى ضرورة تفعيل القوة الناعمة، مما يمثل انتقالًا استراتيجيًا من القوة الصلبة في ميدان المعركة العسكرية إلى القوة الناعمة في مجالات التفوق التكنولوجي، والثقافي، والإعلامي، والسياسي. وقد أصبح هذا الهدف الأساس لهذه الحرب الجديدة، رغم إيمان ناي بتفوق بلاده في المعدات والقدرات العسكرية. استراتيجيات الحرب الناعمة: يرى العديد من المحللين أن خطورة الحرب الناعمة تكمن في اعتمادها على العديد من الاستراتيجيات: أولاً، تتميز هذه الحرب بسرّيتها؛ فهي لا تُعلن بشكل رسمي ولا تُظهر أهدافها التي تكمن في السيطرة على العقول وتوجيهها دون أن يشعر الأفراد بذلك. هذه السرية تساهم بشكل كبير في نجاح الحرب الناعمة لأنها تتيح لها التغلغل دون مقاومة تذكر. ثانيًا، تتسم أسلحة الحرب الناعمة بأنها غير مرفوضة في المجتمع، حيث تستخدم وسائل متعددة كالأدوات التنموية والأخلاقية والثقافية. من أبرز هذه الأسلحة الفضائيات، ومواقع الإنترنت، والهواتف المحمولة، بالإضافة إلى بعض المدارس والجامعات التي ترتبط بالغرب، وكذلك منظمات المجتمع المدني غير الحكومية التي تساهم في نشر هذه الأفكار. وأخيرًا، تقوم الحرب الناعمة على ترويج شعارات جذابة وواقعية، حيث تدعو إلى مفاهيم يرغب الناس في تحقيقها. بحيث يتم خداع الأفراد وتحفيزهم على تبني هذه الشعارات، التي تبدأ في الانتشار بين الجماهير والنخب. ومن ثمة تنتقل هذه الأفكار من خلال وسائل الإعلام مثل الفضائيات والإنترنت، لتغزو فكر النخب والناشطين، وتكتسب قبولًا واسعًا ومطلبًا عامًا، مثل شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان. أهدافها: تسعى الحرب الناعمة إلى التأثير على العقول والأفكار والقيم والأخلاق والهويات والأديان وإعادة تشكيلها وفقا لأجندات الدول التي تقوم بشن هذا النوع من الحروب، وذلك من خلال التحريف والتزييف والتجريف، دون الحاجة إلى استخدام أي سلاح مادي عنيف. وتتجلى نتائجها في إحلال الفتن الطائفية بدل الهوية الوطنية الجامعة، وتشجيع تكوين جماعات من الخونة والمتعاونين الذين يخوضون حروبا بالوكالة، بالإضافة إلى تحطيم القيم الأخلاقية لدى مختلف فئات المجتمع من شباب ونساء ورجال. من جانب آخر، تستهدف حروب الجيل الخامس المنظومة الفكرية والثقافية للأفراد والمجتمعات. ورغم أن أدوات هذه الحرب قد تبدو ناعمة، إلا أنها أشد ضراوة وفتكًا، حيث تسعى إلى اختراق الكيان المجتمعي من داخله لا من خارجه عكس الحروب التقليدية. تستخدم هذه الحروب تقنيات اتصال فائقة التأثير بهدف غسل الأدمغة وإعادة تشكيل أفكار الأفراد وسلوكهم، ما يساهم في تنميط هذه الأفكار والسلوكيات. وتأكيدا على ذلك، فقد وصف أحد الصحفيين في مقدمة برنامجه "الحرب الناعمة وطرائق الغزو الجديدة" تأثيرات هذه الحرب، خاصة على دول العالم الثالث، قائلاً إنها تؤدي إلى تهشيم الهوية الوطنية، وتفكيك البنية الفكرية والثقافية لهذه المجتمعات، كما تزرع الشكوك في قدرتها على النهوض. ونتيجة لذلك، تصبح هذه المجتمعات في موقع المغلوب الذي يخدم الغالب في مختلف الاتجاهات. كل هذه الأهداف تدفعنا للتساؤل عن الأدوات أو المطايا التي يتم استخدامها من أجل تحقيق الأهداف سابقة الذكر؟ الأدوات: تمثل وسائل الإعلام والاتصال، بالإضافة إلى الفن والسينما والرياضة، الأدوات الأساسية التي تعتمد عليها الحروب الناعمة لتحقيق أهدافها. وتتخذ هذه الحروب من الاختلافات الفكرية، الإثنيات، الطوائف، التنوع اللغوي والعرقي، والأيديولوجيات محاور للعمل على تأجيج النعرات وخلق الانقسامات بين المجتمعات. كما تهدف إلى نشر انحلال أخلاقي وزرع ثقافات مناوئة للقيم المحلية تمهيدًا لإخضاع الأجيال القادمة لرؤى القوى الإمبريالية، مما يؤدي في النهاية إلى تخريب أوطانهم وتنفيذ مخططات أعدائهم. لتنفيذ هذه الأهداف بنجاح، تتطلب الحرب الناعمة أدوات تقنية ومعرفية متقدمة، فضلاً عن جهود بشرية ضخمة في التخطيط والتحليل السياسي، إلى جانب أجهزة استخبارات متخصصة توفر المعلومات الأساسية. كما تتطلب تقنيات اتصال وإعلام قوية لتنفيذ استراتيجية دائمة التأثير. ومن أبرز أدوات هذا النوع من الحروب، الحرب النفسية أو البروباغندا التي تهدف إلى التأثير على العقول والمشاعر عبر أساليب نفسية محكمة تهدف إلى استثارة ردود فعل محددة في الطرف الآخر. إذ تُستخدم هذه الأساليب لتعزيز مواقف أو رؤى بعينها على حساب رؤى أخرى. وعلى عكس الحرب النفسية التقليدية، التي كانت تعتمد على أدوات محدودة مثل الإذاعات والجرائد، فإن الحرب الناعمة اليوم تستخدم أساليب أكثر تطورًا، مثل نشر الأخبار الزائفة وإغراء الناس بالشعارات المغرية التي تتبنى أسلوب الحياة الغربية الذي قد يتعارض مع القيم الجمعية للمجتمعات التي تستهدفها. كما لا يمكن إغفال الغزو الثقافي كأداة أخرى من أدوات الحرب الناعمة الذي يتم عبر زرع الشك في القيم والمفاهيم الاجتماعية والترويج لخطابات معينة مثل خطاب "التجديد الديني" و"مراجعة التراث" وغيرها والتي تكون مدعومة من مراكز بحثية غربية هدفها تنفيذ استراتيجيات الحرب الناعمة لحساب الدول الغربية التي تمولها. كل هذا يؤدي إلى تحول تدريجي في التقاليد والاعتقادات. وفي هذا السياق، تروج القوى المعادية لمجتمع عالمي مفتوح بلا ضوابط تحت شعار العولمة، حيث تسعى إلى تعميم النموذج الأمريكي القائم على الاستهلاك والهيمنة السياسية والثقافية. أما الإنترنت، فقد أصبحت من أبرز الجبهات في هذه الحروب، حيث يعمد إلى غزو الفكر من خلال محركات البحث التي توجه نتائجها وفقًا لأجندات محددة، مما يعكس التأثير العميق لهذه الأدوات الرقمية على الثقافة والهويات المحلية. ومع الانغماس الكبير في وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح من السهل نشر مفاهيم وأيديولوجيات تخدم مصالح القوى الكبرى. فيما يتعلق بالوسائل الإعلامية والفضائية، فقد أصبحت أداة أساسية للتضليل، بل وتحولت غرف الأخبار في القنوات إلى غرف قيادة عسكرية، حيث تستخدم الأخبار الكاذبة والدعاية الموجهة لتشويه الحقائق وتوجيه الجمهور. كما تسهم البرامج التلفزيونية والمسلسلات في تعزيز حضور النموذج الغربي. فكيف كان تأثير الحرب الناعمة على العالم العربي الإسلامي؟ تأثيرات الحرب الناعمة على العالم العربي والإسلامي: يمكن تلخيص الحرب الناعمة في الجملة الآتية "سَتَفْعَلُ ما أُريد بإرادَتِكَ"، فهي تدفع الشعوب أو الدول إلى القيام بأجندات دول أخرى وذلك بمحض ارادتها. ففي مقدمة برنامجه "الحرب الناعمة وطرائق الغزو الجديدة"، وصف أحد الصحفيين تأثيرات الحرب الناعمة على العالم الثالث بشكل دقيق، حيث أشار إلى أنها تؤدي إلى تهشيم الهوية الوطنية وتفكيك البنية الفكرية والثقافية، فضلاً عن التشكيك في قدرة المجتمعات على النهوض، مما يؤدي في النهاية إلى جعل هذه المجتمعات في خدمة الغالب، بحيث يصبح المغلوب دائماً خاضعاً للهيمنة في مختلف الاتجاهات. هذا الذي يفسر خضوع دول الجنوب أو العالم الثالث لدول الشمال باعتبارها محلا للهيمنة وهدفا لحروب الجيل الخامس. ويعتبر العالم العربي الإسلامي جزءا من دول الجنوب، وعلى مدار العقود الأخيرة، كان هذا الجزء من العالم مفتوحا لعمليات تفكيكية دقيقة ومدروسة. وقد نتجت عن هذه العمليات تهديدات طالت النظام الفكري والقيمي للمجتمعات. لكن، وقبل الحديث عن أي تدخلات خارجية، لا بد من الإشارة إلى أن السبب الرئيسي لهذا الوضع المزري يعود إلى الهشاشة الفكرية التي تعاني منها مجتمعاتنا، إضافة إلى انخفاض مستويات التعليم والبحث العلمي وانتشار الأمية والمرض والجهل، الأمر الذي يجعل العالم العربي والإسلامي من أكثر الشعوب القابلة للاستعمار على حد قول المفكر الجزائري مالك بن نبي. كما أن استحكام النظم الاستبدادية المنغلقة ساهم في جعل عناصر الهوية العربية والإسلامية عرضة للتحديات الناتجة عن العولمة و"التثاقف". هذا الوضع أسفر عن مظاهر الاغتراب الهوياتي، والاستلاب الثقافي، فضلاً عن الجمود الفكري، مما انعكس سلباً على بنية المجتمعات. وفي هذا السياق، تجلت هذه التهديدات في صورة العديد من الفتن المتجانسة التي طالت مختلف جوانب الحياة، متجاوزة في خطرها الأمن المجتمعي والفكري إلى تهديد الاستقرار السياسي. ولا يمكننا المرور دونما ذكر المثال الإيراني، إذ قامت إيران منذ اندلاع الثورة الإسلامية فيها سنة 1979 إلى اعتماد سياسة "تصدير الثروة" من خلال ترويج خطاب ولاية الفقيه وإنشاء قنوات إعلامية تروج للمشروع الإيراني في المنطقة العربية، الأمر الذي يفسر النفوذ الإيراني الآن على العديد من العواصم العربية. من جهة أخرى، فإن التوترات الإثنية التي تفاقمت بسبب التطرف الديني والإرهاب، والصراع بين الثنائيات اللغوية والعرقية (وهنا نستحضر النموذج العراقي والسوري)، والتعصب المذهبي، والتجاذبات الأيديولوجية الحادة، أصبحت تشكل تهديدا مباشرا للاستقرار الداخلي. قصارى القول، إن الحرب الناعمة تمثل أداة استراتيجية معقدة وفعّالة في الصراعات الدولية الحديثة، حيث تسعى الدول والمجموعات الكبرى إلى تحقيق أهدافها من خلال التأثير على الثقافة والسياسة والاقتصاد بدلاً من استخدام القوة العسكرية المباشرة. ومع تزايد أهمية هذه الأدوات في عصر العولمة، من الضروري أن تتبنى الدول استراتيجيات مرنة لمواكبة تحديات الحرب الناعمة واحتواء تأثيراتها. كما يجب أن تُفهم الحرب الناعمة ليس فقط كأداة تأثير سياسي، ولكن كعملية مستمرة تشكل جزءًا من الصراع الشامل في النظام الدولي. وتبقى الإشكالية الأهم هي كيفية تطوير آليات دفاعية ونوافذ مبتكرة للرد على هذه الأنماط الحديثة من الصراع بما يتلاءم مع تطورات عالم اليوم الذي يتسم بالانفتاح والترابط بين الدول والثقافات.

التفريط في القوة الناعمة
التفريط في القوة الناعمة

فيتو

time٢١-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • فيتو

التفريط في القوة الناعمة

يعرِّف جوزيف ناي الذي كان مساعدًا لوزير الدفاع الأمريكي في عهد كلينتون ورئيس مجلس المخابرات الوطني الأمريكي، القوة الناعمة بأنها 'القدرة على الحصول على ما تريد عن طريق الجاذبية بدلًا من الإرغام'.. وتناول ناي في كتابه 'القوة الناعمة.. وسيلة النجاح في السياسة الدولية' مدى تأثير الدول بالثقافة والفنون والإعلام في صناعة الأحداث الخارجية. فهل فرطت مصر في سلاح إستراتيجي ناعم احترفت استغلاله عقودًا.. الإجابة بلا خجل أو مواربة هي 'نعم'، تركت القاهرة طواعية سلاحها الذي حصلت عليه بالتاريخ والجغرافية.. وهل الدراما التي أشار الرئيس إليها هي تلك السلاح؟ الإجابة لا. فالدراما رغم أهميتها فهي مجرد مكون بسيط من هذا السلاح الذي يشمل الفنون بأنواعها والثقافة والإعلام والصحافة.. وإذا كانت القاهرة عازمة على فتح الملف فالأزمة ليست متوقفة عند حد مسلسل أو مخرج.. لقد تفشت الرداءة في المحروسة، فهناك على سبيل المثال ما يسمى أغاني المهرجان التي تحمل كلمات كافية لحبس أصحابها. التأثير الدرامي أيضًا مفعوله مرهون بموسم قصير خلال الشهر الكريم.. لكن أين المسرح والسينما الحقيقة التي كانت بمنزلة غزوة مصرية للإقليم.. وأين الصحافة التي خُنقت بحبل المصطلحات الوطنية، وتحولت إلى بيانات حكومية أشبه بصحافة الخليج في ثمانينيات القرن الماضي.. وأين الإعلام الحقيقي الذي تحول إلى مصاطب شعبية لا تملك الوجوه المتصدرة على الشاشات بحسب قربها من البلاط ما يكفي من المعلومات والرصانة. أخيرًا.. إن كنتم تريدون معالجة الأزمة فضعوا المريض تحت أشعة الرنين لفحص الجسم بالكامل، فعلاج ذراع لن يشفي الآلام في باقي الأعضاء. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

القوى الناعمة والتغيير الإيجابى
القوى الناعمة والتغيير الإيجابى

اليوم السابع

time٠٣-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • اليوم السابع

القوى الناعمة والتغيير الإيجابى

القوة الناعمة هو مصطلح يتكرر بكثرة حاليا كبديل للإقناع والتأثير بدلا من أية قوة صلبة وهو كمفهوم يرجع إلى "جوزيف ناي" أستاذ العلوم السياسية بجامعة هارفارد فـي الولايات المتحدة الأمريكية، والذي صاغه عام 1990 في كتاب له بعنوان «وثبة نحو القيادة: الطبيعة المتغيرة للقوة الأمريكية» لوصف القدرة على التأثير والإقناع، فضلًا عن الجذب والاستحواذ دون إكراه أو استخدام للقوة والتهديد، كوسيلة لتحقيق الأهداف المطلوبة. وتعتبر القوة الناعمة هي من أشهر وسائل النجاح في السياسة الدولية من خلال مصادر وأدوات القوة الناعمة التي يمكن استخدامها لتحقيق الأهداف المرجوة دون حروب أو تدمير أو صراعات أو أي من أدوات الإكراه. تعريف القوة الناعمة فهي ببساطة القدرة على الحصول على ما تريد عن طريق الجذب والإقناع، بدلًا مـن القسر والإرغام والإكراه». وفي الوقت الحالي. واكتسب مفهوم القوة الناعمة زخما كبيرا؛ إذ بات يستخدم على نطاق واسع في الشؤون السياسـية والعلاقات الدولية من قبَل المحللين والسياسيين، والدبلوماسـيين، وواضعي الاستراتيجيات طويلة المدى، ومتخصصي علم الاجتماع السياسي، والقيادات الأمنية. فهي عكس القوة الصلبة أو الخشنة بمعنى القدرة على الإقناع والتأثير في بعض الأطراف حتى تتم الاستجابة لرغبات الجهة التي تمارس القوة الناعمة. ويمكـن فـي هـذا الصدد الاستفادة من أدوات عديدة؛ منهـا: الثقافة، والفنون، والرياضة، فضلًا عن المجتمع المدني والتيارات المستقلة وغيرها. فالقوة الناعمة أن يكون للدولة قوة روحية ومعنوية من خلال ما تجسده من أفكار ومبادئ وأخلاق ومن خلال الدعم في مجالات حقوق الإنسان والإعلام وحرية التعبير والمجتمع المدني مما يؤدي بالآخرين إلى احترام هذا الأسلوب والإعجاب به ثم اتباع مصادره، والتأثر به بحيث يصبح ما تريده هو نفسه ما يريدونه. وتقوم القوة الناعمة للدولة على ثلاثة مصادر أساسية وهي ثقافتها في الأماكن التي تجذب فيها الآخرين. وقيمها السياسية عندما ترقى إليهم في الداخل والخارج. وسياستها الخارجية عندما يراها االأخرون شرعية وأخلاقية. وهناك عدة طرق لجعل الآخرين يريدون ما تريد، يمكنك إكراههم بالتهديدات، يمكنك تحفيزهم بالدافع، أو يمكنك جذبهم واستضافتهم لجعلهم يريدوا ما تريد، وهذه هي القوة الناعمة. فهي أكثر من مجرد تأثير، لأن التأثير يمكن أن يعتمد أيضًا على القوة الصلبة للتهديدات أو المدفوعات، ولكن القوة الناعمة هي أكثر من مجرد الإقناع أو القدرة على تحريك الناس بالحجة، فهي أيضًا القدرة على الجاذبية التي تقود غالبا إلى الرضا . ولها العديد من الأدوات مثل الثقافة والتعليم والمنظمات المدنية ووسائل الإعلام، الموسيقى، الفن، السينما، والرياضة... إلى آخره.. وقد تمّ استخدامها من قبل العديد من الحكومات والأطر السياسية في استراتيجيتها من أجل التأثير في سلوك الآخرين. والأسبوع الماضي شهدت أروقة قاعة سينما الهناجر في ساحة دار الأوبرا المصرية والتابعة لصندوق التنمية الثقافية بوزارة الثقافة بمصر نموذجا مميزا للحوار بين تجمع القوي الناعمة المصرية لإحداث التغيير الإيجابي الملموس من خلال عقد مؤتمر صورة مصر وبهدف نقل الصورة الحقيقية بإعتبارها مسئولية كل مصري حيث أكد المشاركون في مؤتمر صورة مصر الذي عقدته احدي مؤسسات المجتمع المدني وهي المنظمة العربية للحوار بالتعاون مع صندوق التنمية الثقافية إلي أن صورة مصر هي مسئولية كل مصري وقدم المشاركون عدد من الرسائل الهامة من اجل تقديم الصورة الحقيقية لمصر وفي مقدمتها التركيز على أدوات القوة الناعمة في الدبلوماسية الثقافية والإعلامية والتعليمية والمجتمع المدني من خلال وحسن اختيار الكفاءات التى تتحدث عن مصركما ركز المشاركون علي الاهتمام بالجانب السياحي وإحياء مشروع مسار العائلة المقدسة حيث أن صورة مصر هي حضارة وأمن امان واستقرار ودلالة على الأمان وعظمة شعب مصر مع الاهتمام بدعم السياحة من أجل تحقيق خطة الدولة للوصول ل 30 مليون سائح 2030. لتوفير العائد لتغطية نفقات الدولة في وجود خطط تنموية لاستيعاب الزيادة فى عدد السياح وتشجيع السياحة البينية بين دول الوطن العربي واستقطاب السياحة العلاجية لمصر وإنتاج دراما ومواد إعلامية مشتركة والتسويق الدولى فى الانتاج الاعلامى وأكد الحضور الي أن البداية تأتى أولا من الثقافة والإعلام لأنهما القوة الناعمة المميزة لمصر ووجه المشاركون رسالة الي الشعب المصرى بضرورة الوقوف خلف القيادة السياسية . مؤكدين ان الكنز الحقيقى لمصر هو امتلاك مجموعة كبيرة من الموهوبين المثقفين وهم من يقف مع الوطن وقيادته السياسية والمثقفين المصريين على مدى تاريخهم داعمين للقيادة السياسية وأن نشر الثقافة هو السبيل لمواجهة التحديات الحالية كذلك دعا المشاركون الي الاستدامة فى نقل الخبرات بما يتناسب مع احتياجات الشباب من الجيل الحالى وكذلك تعزيز فكر التعليم الاخضر حيث إن الدولة إتخذت خطوات كبيرة من خلال مؤتمرات المناخ العالمية بتنفيذ السياحة الخضراء واستخدام الطاقة النظيفة بشكل كبير لإظهار الوجه الحقيقى لمصر و طالب الحضور بالاهتمام بنشر الوعي لمواجهة الشائعات في الحروب النفسيةوالاهتمام بالفن والدراما والقوى الناعمة لنقل صورة مصر للخارج لنشر الوعى الحضارى والبعد عن تقديم صور سلبية مع ضرورة تدريب كل من يتعامل مع السياح لتقديم صورة مشرفة لمصر صورة مصر مسئولية كل مصرى فى الداخل والخارج من خلال الانتماء وحب الوطن وتعزيز دور الجاليات فى الرد على الشائعات عن مصر كدبلوماسية شعبية مساندة الدبلوماسية الرسمية وتدعيم التعاون مع هيئة الاستعلامات والسفارات لتوصيل معلومة موحدة حقيقية للرد على الشائعات المغلوطة وتعتبر هذه المبادرة الفريدة هي نموذج متميز لتطبيق القوة الناعمة المصرية من خلال اداء المجتمع المدني بادوات الثقافة والاعلام والتعليم في إحداث التغيير الايجابي وحشد التأييد الشعبي لدعم الدولة المصرية في معركتها في التنمية والبناء وإنه من الاولويات في المرحلة الحالية دعم خطة القيادة السياسية لكل من غزة والسودان. رسائل عديدة حملها المشاركون في هذا التجمع من القوي الناعمة المصرية والذي عكس نموذجا فريدا في كيفية استثمار ادوات القوي الناعمة لتحقيق الأثر الايجابي وتقديم الاطر البديلة المساندة للدولة في بناء الإصطفاف الوطني لدعم إستراتيجية الدولة في البناء والتنمية . وهي مبادرة تستحق توجيه التقدير والإشادة الي وزارة الثقافة المصرية وصندوق التنمية الثقافية بها علي دعمها للمبادرات المدنية الثقافيّة وتعاونها مع مؤسسات المجتمع المدني الثقافية من أجل تنظيم هذا اللقاء الذي يقدم صورة قوية لتعاون الجهات الحكومية وغير الحكومية بآليات القوة الناعمة المتمثلة في مبادرة إظهار صورة مصر المشرفة . وقد شارك في اللقاء نخبة من كبار الشخصيات ورموز الفكر وقيادات الجاليات المصرية بالخارج بالاضافة الي نخبة مرموقة من كبار الرموز الوطنية في السياسة والثقافة والتعليم والاعلام والاقتصاد والرياضة والشباب ونتمني أن تجد هذه المبادرة من تجمع القوة الناعمة إستمرار الدعم للإطار التنفيذي لبرامج المبادرة من خلال التعاون مع عدد من الجهات الحكومية وغير الحكومية من أجل تفعيل محاور الاستراتيجية التي تستهدف تقديم الصورة المصرية المشرفة التي تعيشها مصر تحت القيادة الحكيمة لفخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي وتهدف الي تصحيح صورة مصر داخليا و خارجيا و الرد علي الإفتراءات و الأكاذيب التي تروج لها بعض الأبواق الإعلامية المغرضة من خلال عدد من البرامج والمشروعات فى قطاعات مختلفة ،وتسعى المبادرة إلى تقديم صورة ايجابية لمصر واستثمار مفردات القوي الناعمة المصرية من إعلام وثقافة ومفكرين واقتصادين من أجل نقل صورة ايجابية مشرفة لمصر في الخارج والارتقاء بمستوي الاداء الاعلامي في الداخل، وكذلك تحقيق التكامل بين دوائر الحوار الثلاثة "الحوار الداخلي المصري- العربي والاقليمي والدولي" لتصدير صورة مصرية مشرفة. وهنا تأتي الدعوة الي صناع القرار و الوزراء و جهات الصلة مثل وزارات الثقافة والسياحة والخارجية والتعليم العالي والهيئات الاعلامية وجامعة الدول العربية والشراكة الأورو ومتوسطية واتحاد المصريين بالخارج والازهر والهيئات القبطية والبرلمان بحجرتيه وغيرهم الي ضرورة دعم مثل هذه المبادرات المدنية الوطنية . على اعتبار أن الأدوات الناعمة اليوم هي أساسيات العمل السياسي والاستراتيجي داخليا وخارجيا ويجب التركيز عليه في المجتمع من أجل تحقيق اليات داعمة للتغيير الايجابي وتنمية المجتمع وبناء الإنسان وتعتمد على أدوات القوة الناعمة التي تذخر بها مصرنا الغالية طوال تاريخها العريق.

القوى الناعمة والتغيير الإيجابى
القوى الناعمة والتغيير الإيجابى

مصرس

time٠٣-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • مصرس

القوى الناعمة والتغيير الإيجابى

القوة الناعمة هو مصطلح يتكرر بكثرة حاليا كبديل للإقناع والتأثير بدلا من أية قوة صلبة وهو كمفهوم يرجع إلى "جوزيف ناي" أستاذ العلوم السياسية بجامعة هارفارد في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي صاغه عام 1990 في كتاب له بعنوان «وثبة نحو القيادة: الطبيعة المتغيرة للقوة الأمريكية» لوصف القدرة على التأثير والإقناع، فضلًا عن الجذب والاستحواذ دون إكراه أو استخدام للقوة والتهديد، كوسيلة لتحقيق الأهداف المطلوبة. وتعتبر القوة الناعمة هي من أشهر وسائل النجاح في السياسة الدولية من خلال مصادر وأدوات القوة الناعمة التي يمكن استخدامها لتحقيق الأهداف المرجوة دون حروب أو تدمير أو صراعات أو أي من أدوات الإكراه.تعريف القوة الناعمةفهي ببساطة القدرة على الحصول على ما تريد عن طريق الجذب والإقناع، بدلًا من القسر والإرغام والإكراه». وفي الوقت الحالي.واكتسب مفهوم القوة الناعمة زخما كبيرا؛ إذ بات يستخدم على نطاق واسع في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية من قبَل المحللين والسياسيين، والدبلوماسيين،وواضعي الاستراتيجيات طويلة المدى، ومتخصصي علم الاجتماع السياسي، والقيادات الأمنية.فهي عكس القوة الصلبة أو الخشنةبمعنى القدرة على الإقناع والتأثير في بعض الأطراف حتى تتمالاستجابة لرغبات الجهة التي تمارس القوة الناعمة.ويمكن في هذا الصدد الاستفادة من أدوات عديدة؛ منها: الثقافة، والفنون، والرياضة، فضلًا عن المجتمع المدني والتيارات المستقلة وغيرها.فالقوة الناعمة أن يكون للدولة قوة روحية ومعنوية من خلال ما تجسده من أفكار ومبادئ وأخلاق ومن خلال الدعم في مجالات حقوق الإنسان والإعلام وحرية التعبير والمجتمع المدني مما يؤدي بالآخرين إلى احترام هذا الأسلوب والإعجاب به ثم اتباع مصادره، والتأثر به بحيث يصبح ما تريده هو نفسه ما يريدونه.وتقوم القوة الناعمة للدولة على ثلاثة مصادر أساسية وهي ثقافتها في الأماكن التي تجذب فيها الآخرين. وقيمها السياسية عندما ترقى إليهم في الداخل والخارج. وسياستها الخارجية عندما يراها االأخرون شرعية وأخلاقية.وهناك عدة طرق لجعل الآخرين يريدون ما تريد، يمكنك إكراههم بالتهديدات، يمكنك تحفيزهم بالدافع، أو يمكنك جذبهم واستضافتهم لجعلهم يريدوا ما تريد، وهذه هي القوة الناعمة. فهي أكثر من مجرد تأثير، لأن التأثير يمكن أن يعتمد أيضًا على القوة الصلبة للتهديدات أو المدفوعات، ولكن القوة الناعمة هي أكثر من مجرد الإقناع أو القدرة على تحريك الناس بالحجة، فهي أيضًا القدرة على الجاذبية التي تقود غالبا إلى الرضا .ولها العديد من الأدوات مثل الثقافة والتعليم والمنظمات المدنية ووسائل الإعلام، الموسيقى، الفن، السينما، والرياضة... إلى آخره.. وقد تمّ استخدامها من قبل العديد من الحكومات والأطر السياسية في استراتيجيتها من أجل التأثير في سلوك الآخرين.والأسبوع الماضي شهدت أروقة قاعة سينما الهناجر في ساحة دار الأوبرا المصرية والتابعة لصندوق التنمية الثقافية بوزارة الثقافة بمصر نموذجا مميزا للحوار بين تجمع القوي الناعمة المصرية لإحداث التغيير الإيجابي الملموس من خلال عقد مؤتمر صورة مصر وبهدف نقل الصورة الحقيقية بإعتبارها مسئولية كل مصري حيث أكد المشاركون في مؤتمر صورة مصر الذي عقدته احدي مؤسسات المجتمع المدني وهي المنظمة العربية للحوار بالتعاون مع صندوق التنمية الثقافية إلي أن صورة مصر هي مسئولية كل مصري وقدم المشاركون عدد من الرسائل الهامة من اجل تقديم الصورة الحقيقية لمصر وفي مقدمتها التركيز على أدوات القوة الناعمة في الدبلوماسية الثقافية والإعلامية والتعليمية والمجتمع المدني من خلال وحسن اختيار الكفاءات التى تتحدث عن مصركما ركز المشاركون علي الاهتمام بالجانب السياحي وإحياء مشروع مسار العائلة المقدسة حيث أن صورة مصر هي حضارة وأمن امان واستقرار ودلالة على الأمان وعظمة شعب مصر مع الاهتمام بدعم السياحة من أجل تحقيق خطة الدولة للوصول ل 30 مليون سائح 2030.لتوفير العائد لتغطية نفقات الدولةفي وجود خطط تنموية لاستيعاب الزيادة فى عدد السياحوتشجيع السياحة البينية بين دول الوطن العربيواستقطاب السياحة العلاجية لمصروإنتاج دراما ومواد إعلامية مشتركة والتسويق الدولى فى الانتاج الاعلامىوأكد الحضور الي أن البداية تأتى أولا من الثقافة والإعلام لأنهما القوة الناعمة المميزة لمصر ووجه المشاركون رسالة الي الشعب المصرى بضرورة الوقوف خلف القيادة السياسية .مؤكدين ان الكنز الحقيقى لمصر هو امتلاك مجموعة كبيرة من الموهوبينالمثقفين وهم من يقف مع الوطن وقيادته السياسيةوالمثقفين المصريين على مدى تاريخهم داعمين للقيادة السياسيةوأن نشر الثقافة هو السبيل لمواجهة التحديات الحاليةكذلك دعا المشاركون الي الاستدامة فى نقل الخبرات بما يتناسب مع احتياجات الشباب من الجيل الحالىوكذلك تعزيز فكر التعليم الاخضرحيث إن الدولة إتخذت خطوات كبيرة من خلال مؤتمرات المناخ العالميةبتنفيذ السياحة الخضراء واستخدام الطاقة النظيفة بشكل كبيرلإظهار الوجه الحقيقى لمصرو طالب الحضور بالاهتمام بنشر الوعي لمواجهة الشائعات في الحروب النفسيةوالاهتمام بالفن والدراما والقوى الناعمة لنقل صورة مصر للخارج لنشر الوعى الحضارى والبعد عن تقديم صور سلبيةمع ضرورة تدريب كل من يتعامل مع السياح لتقديم صورة مشرفة لمصرصورة مصر مسئولية كل مصرى فى الداخل والخارج من خلال الانتماء وحب الوطن وتعزيز دور الجاليات فى الرد على الشائعات عن مصر كدبلوماسية شعبية مساندة الدبلوماسية الرسميةوتدعيم التعاون مع هيئة الاستعلامات والسفارات لتوصيل معلومة موحدة حقيقية للرد على الشائعات المغلوطةوتعتبر هذه المبادرة الفريدة هي نموذج متميز لتطبيق القوة الناعمة المصرية من خلال اداء المجتمع المدني بادوات الثقافة والاعلام والتعليم في إحداث التغيير الايجابي وحشد التأييد الشعبي لدعم الدولة المصرية في معركتها في التنمية والبناء وإنه من الاولويات في المرحلة الحالية دعم خطة القيادة السياسية لكل من غزة والسودان.رسائل عديدة حملها المشاركون في هذا التجمع من القوي الناعمة المصرية والذي عكس نموذجا فريدا في كيفية استثمار ادوات القوي الناعمة لتحقيق الأثر الايجابي وتقديم الاطر البديلة المساندة للدولة في بناء الإصطفاف الوطني لدعم إستراتيجية الدولة في البناء والتنمية .وهي مبادرة تستحق توجيه التقدير والإشادة الي وزارة الثقافة المصرية وصندوق التنمية الثقافية بها علي دعمها للمبادرات المدنية الثقافيّة وتعاونها مع مؤسسات المجتمع المدني الثقافية من أجل تنظيم هذا اللقاء الذي يقدم صورة قوية لتعاون الجهات الحكومية وغير الحكومية بآليات القوة الناعمة المتمثلة في مبادرة إظهار صورة مصر المشرفة .وقد شارك في اللقاء نخبة من كبار الشخصيات ورموز الفكر وقيادات الجاليات المصرية بالخارج بالاضافة الي نخبة مرموقة من كبار الرموز الوطنية في السياسة والثقافة والتعليم والاعلام والاقتصاد والرياضة والشباب ونتمني أن تجد هذه المبادرة من تجمع القوة الناعمة إستمرار الدعم للإطار التنفيذي لبرامج المبادرة من خلال التعاون مع عدد من الجهات الحكومية وغير الحكومية من أجل تفعيل محاور الاستراتيجية التي تستهدف تقديم الصورة المصرية المشرفة التي تعيشها مصر تحت القيادة الحكيمة لفخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي وتهدف الي تصحيح صورة مصر داخليا و خارجيا و الرد علي الإفتراءات و الأكاذيب التي تروج لها بعض الأبواق الإعلامية المغرضة من خلال عدد من البرامج والمشروعات فى قطاعات مختلفة ،وتسعى المبادرة إلى تقديم صورة ايجابية لمصر واستثمار مفردات القوي الناعمة المصرية من إعلام وثقافة ومفكرين واقتصادين من أجل نقل صورة ايجابية مشرفة لمصر في الخارج والارتقاء بمستوي الاداء الاعلامي في الداخل، وكذلك تحقيق التكامل بين دوائر الحوار الثلاثة "الحوار الداخلي المصري- العربي والاقليمي والدولي" لتصدير صورة مصرية مشرفة.وهنا تأتي الدعوة الي صناع القرار و الوزراء و جهات الصلة مثل وزارات الثقافة والسياحة والخارجية والتعليم العالي والهيئات الاعلامية وجامعة الدول العربية والشراكة الأورو ومتوسطية واتحاد المصريين بالخارج والازهر والهيئات القبطية والبرلمان بحجرتيه وغيرهم الي ضرورة دعم مثل هذه المبادرات المدنية الوطنية .على اعتبار أن الأدوات الناعمة اليوم هي أساسيات العمل السياسي والاستراتيجي داخليا وخارجيا ويجب التركيز عليه في المجتمع من أجل تحقيق اليات داعمة للتغيير الايجابي وتنمية المجتمع وبناء الإنسان وتعتمد على أدوات القوة الناعمة التي تذخر بها مصرنا الغالية طوال تاريخها العريق.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store