أحدث الأخبار مع #حسنأوريد،


الجزيرة
٢٣-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الجزيرة
"فخّ الهويّات".. حسن أوريد يحذّر من تحول الهويات لسلاح إقصاء مجتمعي
صدر حديثًا كتاب "فخّ الهويّات" للكاتب والمفكر المغربي حسن أوريد، الذي يُسلّط الضوء فيه على المخاطر الكامنة خلف تصاعد خطاب الهوية، عندما يتحوّل من دعوة للاعتراف إلى وسيلة لإقصاء الآخر، ثم استعدائه وشيطنته، مما يؤدي إلى ردود فعل مضادة وهويات متقابلة، قد تنتهي بما يصفه الكاتب بـ"أنكر الداء": انفراط العقد الاجتماعي. في 200 صفحة، يتناول الدكتور أوريد هذه الإشكالية المعقدة التي باتت تفرض نفسها في العالم العربي والغربي على حد سواء. يرى أن خطاب الهوية، الذي ظهر بقوة بعد تراجع السردية الشيوعية، حلّ محل مفاهيم الطبقة، وأخذت الثقافة مكان الاقتصاد، ليولد بذلك "طلب هويّاتي" يعبّر عن رغبة دفينة في الاعتراف. لكن هذا الطلب سرعان ما انحرف عن مساره، فتحوّل إلى عامل تهديد مباشر لأسس التعايش، ولتماسك الدولة والمجتمع. يؤكد أوريد أن الحل يكمن في تحديد الإطار السليم الذي يمكن للهويات أن تنشط فيه، دون أن تمسّ بالعيش المشترك. ويشدّد على أن المواطنة هي الحصن والملاذ، وأن "على القانون الأسمى أن يكون حضن المواطنة وحصنها"، باعتبارها الرابط الجامع الوحيد في المجتمعات الحديثة. الكتاب يتوغّل في أسئلة مركزية تلامس الواقع اليومي والراهن السياسي: كيف نوفّق بين مطلب الهوية ومتطلبات المواطنة؟ كيف أن نزاوج بين الخصوصية والعالمية؟ وهل يمكن تحقيق عدالة رمزية لا تزدري أي مكون اجتماعي؟ ويتناول أوريد احتدام خطابات الهوية في الغرب، خاصة في علاقات التوتر بين "الأصليين" والمهاجرين، وخصوصًا المسلمين منهم، حيث تغدو قضايا الهوية مظهرًا مرئيًا لأزمات أعمق وأكثر تعقيدًا. فخّ الهويّات هو محاولة فكرية لفهم خطاب الهوية، في مشروعيته وانحرافاته، في العالم العربي والغربي على حد سواء. ويتناول قضايا ذات بعد كوني مثل الإسلاموفوبيا، وعودة النزعات العرقية، والمجتمعات الأرخبيليّة، وفكرة "الاستبدال الكبير"، بالإضافة إلى خطاب ما بعد الاستعمار، والعدو الحميم، وكبش الفداء الضروريّ. وللحديث عن الكتاب الغني بأسئلته وهواجسه الإنسانية في زمن تتنازع فيه الهويات وتتشظى المجتمعات، تحدثنا مع المؤلف وكان هذا الحوار القصير: كيف يمكن لمفهوم المواطنة أن يشكل إطارا فعالا لتحقيق العيش المشترك في ظل تنوع الهويات؟ الإشكال لا يكمن في الهوية بحد ذاتها، بل في الكيفية التي نتعامل بها معها، إذ يفترض أن تكون الهوية استجابة لمطلب الاعتراف، سواء لجماعة أو فئة أو أقلية، على أن تقوم في الوقت نفسه على احترام الكرامة الإنسانية. غير أن المشكلة تظهر عندما تتحول الهوية إلى أداة لاستعداء الآخر، فتهدد بذلك أسس العيش المشترك. ومن هنا، لا يكفي البحث عن التوفيق بين الهوية والعيش المشترك، بل يجب تجاوز هذا الإشكال نحو تصور أوسع. فالعيش المشترك، في غياب إطار ناظم، يظل مجرد أمان أو مشاهدات سطحية لا تفضي إلى حلول. والإطار القادر فعلا على احتضان الهوية وتحقيق العيش المشترك هو مفهوم المواطنة، إذ يشكل أساسا عمليا لترسيخ القبول بالآخر وتنظيم التنوع ضمن عقد جامع، بينما التوقف عند مجرد شعار "العيش المشترك" دون آليات واضحة لا يفضي إلى نتائج ملموسة. لا يمكن إنكار أن الهويات أصبحت واقعا لا يمكن القفز عليه. ومع ذلك، يجب أن نعترف، انطلاقا من تجارب متعددة ومآلاتها سواء في الغرب أو خارجه، أن خطابات الهوية قد بلغت مرحلة المأزق. فإذا تأملنا، على سبيل المثال، تجربة التنوع الثقافي التي كانت كندا من أوائل من تبناها، ولاحقا أصبحت نموذجا يحتذى به في بعض الدول الغربية، سنلاحظ أن هذا التنوع، رغم محاولات التلطيف بما يعرف هناك بـ"الالتآم المعقول" أو بالأدق "التكيف المعقول"، أدى في المحصلة إلى نوع من الطائفية والانغلاق. الشيء نفسه نلاحظه في الغرب بشكل أوسع، حيث آل مشروع التنوع الثقافي إلى الانكفاء داخل الهويات والانغلاق عليها بدل الانفتاح والتفاعل. ونجد مثالا آخر في الولايات المتحدة، فيما يعرف بـ"التوليفة الهوياتية"، والتي برزت بداية في سياق نضالات الحركات السوداء، كأداة لتجاوز إشكالات القوانين التي لم تكن كافية لتغيير واقع التمييز. لكن هذه التوليفة، رغم نواياها، أفضت إلى ردود فعل مضادة، وأسهمت في تشظي الهوية الجماعية، بل وأحيانا في إعادة إنتاج التهميش داخل فئات المحرومين أنفسهم. وبالتالي، يمكن القول إنه سواء في الغرب أو خارجه، فإن الأدوات التي طرحت سابقا لإدارة التنوع وضبط الهويات قد وصلت إلى طريق مسدود، وأسهمت -عن قصد أو غير قصد- في تكريس الوضع القائم بدل تغييره. لماذا تُعد تداعيات الحركات الهوياتية في العالم العربي أكثر خطورة مقارنة بنظيراتها في الغرب؟ فإن قضايا الهوية قد طرحت وما زالت تطرح، لكن طبيعتها تختلف بشكل واضح عن نظيرتها في الغرب. ففي حين أن خطابات الهوية في السياق الغربي قد تؤدي، في أقصى حالاتها، إلى توترات أو نزعات انفصالية -كما يطلق عليها في فرنسا مثلا مصطلح "الانفصالية"- فإن الأمر في العالم العربي يحمل طابعا أكثر تعقيدا وخطورة. فهنا، انقسام الهويات لا يقتصر على التوتر السياسي أو الثقافي، بل قد يهدد مباشرة العقد الاجتماعي الذي تقوم عليه الدولة والمجتمع. وقد شهدنا في حالات متعددة أن جماعات تستند إلى هوية خاصة -سواء كانت عقائدية أو لغوية- لجأت إلى التسلح، وتحولت إلى مليشيات وقوى مسلحة باتت تهدد كيان الدولة ذاته، وتمس بشكل مباشر تماسك المجتمعات. ومن هنا، فإن الحركات الهوياتية في العالم العربي، حينما تنفلت من الضوابط وتتخذ منحى انفصاليا أو صداميا، تكتسب طابعا أكثر خطورة من نظيراتها في الغرب، إذ يمكن أن تنزلق بالأوضاع إلى احتراب أهلي ومواجهات تهدد الاستقرار والوجود الوطني برمته. كيف يسهم هذا الكتاب في فتح حوار مشترك حول قضايا الهوية بين المجتمعات الغربية والعربية، وما الذي يميزه عن غيره من الكتب في هذا السياق؟ يمكن القول إنني، في مجمل ما أكتبه، أنطلق من فكرة أساسية مفادها أن القضايا المطروحة في الغرب تتقاطع وتتداخل بدرجات مختلفة مع تلك التي تطرح في مجتمعاتنا. ولذا، فإن فهمنا العميق لقضايانا يتطلب النظر إلى الغرب وتحليل ما يدور فيه، كما يمكن للغرب، في المقابل، أن يدرك أبعادا من إشكالاته الخاصة من خلال دراسة مجتمعاتنا. فقضايا مثل الهوية، على الرغم من اعتبارها أحيانا قضايا عرضية أو "عابرة"، هي في الواقع ذات طبيعة متشابكة ومعقدة، ومن بين هذه القضايا نذكر الإسلاموفوبيا والهجرة، اللتين تنظر إليهما من زوايا مختلفة، لكنهما تؤثران بعمق في مجتمعاتنا كما تؤثران في المجتمعات الغربية. وقد شكل هذا الكتاب فرصة مناسبة للتوقف عند واقع الأقليات المسلمة في الغرب، حيث تطرح قضية الهوية هناك بشكل حاد ومختلف، وغالبا ما ينظر إليها كسبب في الإشكالات، في حين أنها في الواقع نتيجة لسياقات سياسية وثقافية معقدة. وعلى كل حال، آمل أن يشكل هذا الكتاب فرصة حقيقية لفتح باب الحوار، فهو لا يمثل نهاية أو خلاصة نهائية، بل هو مجرد بداية لنقاش عميق ومستفيض. الغاية منه ليست فرض أجوبة، بل تحفيز التفكير الجماعي بما يمكن أن يشكل قواسم مشتركة تجمعنا، بدل الاستغراق في ما يفرقنا.


الدستور
١٥-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الدستور
"فخ الهويات".. حسن أوريد يحذر من تحول الهوية إلى أداة لإقصاء الآخر
صدر حديثًا، بالتعاون بين "دار نوفل" دمغة الناشر "هاشيت أنطوان"، ودار "الفاضل للنشر"، كتاب "فخ الهويات" للكاتب والسياسي المغربي حسن أوريد. حسن أوريد يحذّر من تحوّل خطاب الهوية إلى أداة لإقصاء الآخر في كتابه الأحدث، "فخ الهويات"، يحذّر المفكر المغربي حسن أوريد، من تحوّل خطاب الهوية إلى أداة لإقصاء الآخر، ثم استعدائه، أو ما يُعرف بالشيطنة، ما يثير ردود فعل هويات أخرى، ومن ثم تضارب الهويات، وتقابلها، وصولًا إلى "أنكر الداء" أو الأسوأ: انفراط العقد الاجتماعي. ويشدد المفكّر المغربي، في كتابه "فخ الهويات"، الذي يقع في 200 صفحة، على ضرورة تحديد المجال الذي يمكن أن تنشط فيه الهويّات والذي لا ينبغي أن يسيء للعيش المشترك. ويخلص إلى أن "على القانون الأسمى أن يكون حضن المواطنة وحصنها" باعتبار أن "الجامع المشترك في المجتمعات الحديثة، هو المواطنة". وبحسب الناشر في الكلمة التي حملها الغلاف الخلفي للكتاب: "فخ الهويات – منذ انهيار السرديّة الشيوعيّة، حلّتْ الهويّة محلّ الطبقة، والثقافة محلّ الاقتصاد، وعرف العالم طلبًا هويّاتيًّا يُلبّي الرغبة في الاعتراف، لكنّ هذا الطلب ما لبث أن عرف زَيْغًا اختلفت أشكاله، أفضى في الغالب إلى إضعاف سبيكة المجتمعات، وتهديد العيش المشترك، وخلخلة الدولة، ما كان يُراد أن يكون حلًّا، أضحى مُشكِلًا. كيف التوفيق بين الطلب الهويّاتيّ، ومقتضى المواطَنة؟ كيف التأليف ما بين الخصوصيّة والعالميّة؟ وكيف يمكن تحقيق توزيعٍ عادل للرموز، دون الازدراء بأيّ مكوّنٍ من مكوّنات المجتمع؟، تطفح المجتمعات الغربيّة باحتدام خطابات الهويّة، بين الأصليّين والوافدين من مهاجرين مسلمين، ويغدو مشكل الهويّة الجانب المرئيَّ لمشاكل معقّدة، تُخفي أكثر ممّا تُبدي. هذا الكتاب محاولةٌ لفهم خطاب الهويّة، مشروعيّته وزَيْغه، والفخّ الذي يَؤول إليه، في الغرب والعالم العربيّ، على السواء، هو سَبْحٌ في قضايا ذات بعدٍ كونيّ، كالإسلاموفوبيا، وعودة العرقيّة في العالم، المجتمع الأرخبيلي، والاستبدال الكبير، وخطاب نقض الاستعمار، وقبل كلّ هذا، العدوّ الحميم، وكبش الفداء الضروريّ. عسى أن تُسعف قراءته في الإحاطة بأسئلةٍ حارقة تتوزّع العالم!". لمحة عن المفكر المغربي حسن أوريد تجدر الإشارة إلي أن، حسن أوريد، كاتب وروائي مغربي حاز في العام 2015 على جائزة بوشكين للآداب لرصيده الأدبي، ومن ضمنه: «رَواء مكّة»، «رباط التنبي»، «ربيع قرطبة»، «الموريسكي»، «سيرة حمار». كما حقّقت كتبه الفكرية انتشارًا واسعًا، ومن ضمنها «عالم بلا معالم» و«أفول الغرب» و«إغراء الشعبوية في العالم العربي».