#أحدث الأخبار مع #حسنعماد،Independent عربية٢٤-٠٤-٢٠٢٥ترفيهIndependent عربيةهل انتهى عصر الإعلام الدولي التقليدي؟منذ عشرات الأعوام كان مشهد الالتفاف حول أجهزة الراديو لسماع الأخبار التي تبثها الإذاعات الدولية شائعاً ومألوفاً، بخاصة في أوقات الحروب والأزمات الكبرى، لما تميزت به أخبارها من صدقية وثقة. ولاحقاً، تحول المشهد إلى الاجتماع أمام شاشات التلفزيون مع دخول العالم عصر القنوات الفضائية، الذي شكل طفرة كبرى في حينها، وحول وجهة الجماهير من الاستماع إلى المشاهدة. في العقد الأخير ومع الانتشار غير المسبوق للهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، التي زاحمت الإعلام التقليدي، ووفرت سيولة كبيرة من إتاحة المعلومات بشكل لحظي لا تحكمه أي قيود، حدثت تغيرات في المشهد الإعلامي الدولي، أبرزها تقليص وغلق كثير من المحطات والقنوات التي كانت تمثل النماذج الأشهر عند الحديث عن الإعلام الدولي. وشهد عام 2023 إغلاق واحدة من أشهر الإذاعات الدولية في العالم، وهي "بي بي سي" العربية التي أنهت بثها الذي استمر 85 عاماً بنفس العبارة الشهيرة التي بدأت بها إرسالها "هنا لندن: هيئة الإذاعة البريطانية"، وفي الآونة الأخيرة أغلقت الولايات المتحدة قناة "الحرة" و"إذاعة صوت أميركا" ومنصات رقمية متعددة بدعوى تقليل النفقات، وخلال الأعوام السابقة حدث تقليص لكثير من المحطات والقنوات الدولية في العالم كله لأسباب تختلف من حال إلى أخرى. وفي مقابل حال التقليص والإغلاقات لكثير من مؤسسات الإعلام الدولي كان هناك نمو وانتشار مطرد للمنصات الرقمية والاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي بوصفها وسيلة فعالة وسريعة الانتشار لمخاطبة الشعوب ونشر الأفكار، مما يطرح تساؤلاً هل ستشهد الأعوام المقبلة تغيراً شاملاً في المشهد الإعلامي، وهل سينتهي عصر الإعلام الدولي التقليدي لمصلحة الرقمي؟ مخاطبة الشعوب عبر وسائل التواصل يقول أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة حسن عماد، "الإعلام الدولي بمفهومه العام لن يتراجع، لكنه سينتهج أساليب جديدة تتوافق مع متطلبات العصر. وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت مستخدمة بصورة أكبر من وسائل الإعلام التقليدية، مثل محطات الراديو وقنوات التلفزيون، لدينا تراجع في دور الإعلام التقليدي سواء على المستوى الدولي أو المحلي، وعلى مدار الأعوام كان هناك نماذج ناجحة في الإعلام الدولي حظيت بصدقية كبيرة في العالم العربي، وفي أوقات وأحداث بعينها كانت مصدر رئيساً للمعلومات في كثير من الدول العربية، وكذلك قنوات تلفزيونية دولية أطلقت وحققت نجاحاً كبيراً، وأخرى لم تنجح في تحقيق أهدافها، فكان الغلق مصيرها". ويضيف، "الإعلام الدولي هو إحدى أهم الوسائل التي يعتمد عليها في الحروب بأساليب مختلفة تتناسب مع طبيعة العصر، فكان له دور كبير في الحرب العالمية باستخدام الوسائل المتاحة وقتها واستمر دوره مع تطورها فمن الإذاعات لقنوات التلفزيون وصولاً إلى الوضع الحالي الذي يشهد طفرة في الإعلام الرقمي، دور الإعلام لا يتراجع إنما يطوع بالشكل والصورة المناسبتين مع طبيعة العصر". ويأتي تقليص دور الإعلام الدولي بصورته التقليدية في وقت تشتعل فيه الأزمات في العالم كله، وتدار فيه الحروب بأساليب مختلفة، وتسيطر عليه حرب المعلومات والتأثير في العقول، فالإعلام أصبح ليس فقط ناقلاً للمعلومة أو الخبر، لكنه تحول إلى أداة تروج أحياناً روايات خطأ وسرديات مضللة كثيراً مما ينتج منها خلق حال من الوعي الزائف بحدث ما أو قضية بعينها، والتسويق السياسي لقرار تنتهجه دولة معينة تجاه أخرى. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) المتخصص في مجال العلوم السياسية إكرام بدر الدين يقول، "الحروب الحديثة أصبحت لا تعتمد فقط على الصدامات المسلحة بين الجيوش النظامية، لكنها تعتمد على نشر الأفكار المدسوسة والمغلوطة والإشاعات، والعمل على أن تأتي الهزيمة من داخل المجتمعات، وهو ما يطلق عليه التآكل الذاتي، ويعتمد هذا على نشر الأخبار المضللة والتشكيك في الداخل بهدف إضعاف المجتمع وخلق فجوة بين الشعب والمؤسسات والقيادة فينهار المجتمع وتسهل هزيمته، وهذا النوع يطلق عليه حروب الجيل الرابع والخامس، وهو أسهل وأقل في الكلفة من المواجهات العسكرية المسلحة، والعبرة هنا ليست بالوسيلة فالأفكار ستنشر سواء من طريق الإعلام التقليدي أو من طريق المنصات الرقمية التي أصبحت أكثر فاعلية وانتشاراً". ويوضح بدر الدين، "العلاقة بين السياسة والإعلام متبادلة والتأثير متبادل، فالإعلام يعتمد على الأخبار السياسية، والسياسيون يعتمدون على وسائل الإعلام، لنشر توجهاتهم وأفكارهم وأهدافهم سواء على المستوى المحلي أو الدولي، وتظهر الأزمة عندما يساء استخدام وسائل الإعلام سواء لخدمة أغراض سياسية معينة بنشر أخبار مغلوطة أو إخفاء جوانب من الحقيقة أو طمسها كاملة والمثال الأبرز على ذلك حالياً هو المجازر التي تحدث في غزة وتغطيات كثير من وسائل الإعلام الدولية لها بما يتناسب مع توجهاتها". الإعلام أياً كان نوعه يستهدف جمهوراً معيناً يتوجه إليه ويصمم رسائله بالشكل والطريقة التي تتناسب مع طبيعة هذا الجمهور، وحالياً فإن الأجيال الجديدة هي المستهدفة بشكل رئيس عند الحديث عن الإعلام الدولي. أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة نشوة عقل تقول، "الشباب يمثلون الغالبية الساحقة في العالم العربي، وهم من يستهدفهم الإعلام الدولي، ومن ثم سيعتمد على الوسيلة الأكثر فاعلية للوصول إليهم، وهي وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية بكل صورها، وهذا لا ينطبق فقط على المجال السياسي، إنما صناعة الترفيه أيضاً اعتمدت هذا النهج الذي أصبح عنوان المرحلة، الإعلام الرقمي سيطغى على التقليدي، لكنه لن يقضي عليه تماماً إنما سيجري دمجه واختزاله في منافذ محدودة تمثل الصوت الرسمي للدولة، فهناك توجه عام لتقليص الإعلام الحكومي بكل صوره، سواء كانت محلية أو دولية". وتستكمل، "الظروف التي أدت إلى غلق جانب من محطات وقنوات الإعلام الدولي جاءت بعض منها استجابة لاستخدامات الجمهور للمنصات الرقمية التي أصبحت في المرتبة الأولى، فالبث الرقمي حالياً يحقق انتشاراً أكبر، ويحتاج إلى عدد عاملين أقل، ولا يتطلب جوانب لوجيستية كبيرة، وهو ما فعلته (بي بي سي) على سبيل المثال، التي كانت من أوائل وسائل الإعلام التي وظفت التكنولوجيا الرقمية، ولا يزال تأثيرها كبيراً، لكن بوسيلة مختلفة، أما في حال قناة الحرة فالوضع يختلف فإغلاقها جاء ضمن سياسة عامة ينتهجها ترمب لتقليل النفقات باتخاذ إجراءات صادمة في كل المجالات لا الإعلام فقط، مع مراعاة أن القناة بالفعل لم تحقق الأهداف التي أطلقت من أجلها إبان حرب العراق". مستقبل المشهد الإعلامي لا يتعلق التغير في المشهد الإعلامي الدولي بطبيعة الوسيلة فحسب، إنما بطبيعة الأشخاص الذين يقومون بأدوار مختلفة داخل هذه الوسيلة، إضافة إلى الترقب الذي يشهده العالم كله من التطورات المتسارعة للذكاء الاصطناعي الذي بالقطع سيكون له تأثير كبير في مجالات الإعلام كافة، من بينها الإعلام الدولي بكل صوره. في يناير (كانون الثاني) الماضي جرى الإعلان أن إدارة الرئيس ترمب ستسمح لبعض مؤثري السوشيال ميديا بتغطية نشاطات البيت الأبيض، باعتبار أن هذا يمثل جزءاً من النهج الإعلامي الثوري الذي يتبناه الرئيس ترمب بحسب ما قيل وقتها، يأتي هذا ضمن سياق كبير من بينه أنه أجرى حوارات مع بعض مقدمي البودكاست المشهورين على وسائل التواصل الاجتماعي. يثير هذا تساؤلاً عن طبيعة مقدم الرسالة في الفترة المقبلة والتغيرات التي ستطرأ عليها هي الأخرى فهل سيتراجع دور الصحافي أو المراسل التقليدي لمصلحة نجوم السوشيال ميديا الأكثر انتشاراً عبر صفحاتهم، الذين تتمثل نقطة قوتهم في آلاف أو ملايين المتابعين. في الوقت نفسه شاهدنا كثيراً من المؤثرين العرب في الفترة الأخيرة بالتواكب مع الحرب على غزة أصبحوا هم مصدر الأخبار، بخاصة من يتحدث منهم الإنجليزية، ويستطيع أن يوجه رسائل للعالم، فصفة الدولية سابقاً كانت تمنح للمحطات أو القنوات العابرة للقارات عبر البث أو الإرسال أما في الوقت الحالي فكل ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي يكتسب صفة الدولية، ويمكن الوصول إليه من أي مكان في العالم في نفس اللحظة فيثير هذا تساؤلاً عماذا يكسب الإعلام صفة الدولي في هذا العصر؟ استشاري تكنولوجيا الإعلام والتحول الرقمي أحمد عصمت، يقول "الإعلام الدولي يأخذ هذه الصفة من عوامل عدة من بينها الإنفاق، والتأثير، والعاملون، والتغيرات السياسية في أي دولة يتبعها تغيرات إعلامية، وأحياناً كانت تظهر قنوات إعلامية لخدمة غرض محدد، ومن ثم تنتهي بانتهاء هذا الغرض والأمثلة على ذلك كثيرة في العالم كله، فالإعلام الدولي يكون لخدمة أهداف محددة للدولة التي تطلق الإذاعة أو القناة أو الموقع الإلكتروني، في الوقت الحالي التغير في الإعلام متسارع، وسيكون هناك اختلاف كبير في الأعوام المقبلة، وسيكون هناك دور كبير للإعلام المحلي، المؤسسات الضخمة أصبحت عبئاً كبيراً على الدول، وسيقل عددها بصورة كبيرة مستقبلاً، ولن يبقى إلا من يفصل بين الملكية والإدارة، بصورة عامة يمكن القول إنه انتهى عصر الإعلام الذي لا يجني أموالاً، سيبقى فقط عدد محدود من القنوات الإعلامية للخدمة العامة وغير ذلك ستكون مشروعات تهدف للربح". ويضيف "التغيرات الديموغرافية واختلاف التركيبة السكانية لها عامل كبير في تراجع دور الإعلام الدولي التقليدي، فالأجيال الجديدة استخداماتها للإعلام تختلف تماماً عن سابقاتها، وأدى هذا إلى ظهور وظائف جديدة في المؤسسات الإعلامية معنية بتحليل البيانات والتعرف على أنماط المشاهدين، وحتى فكرة الاعتماد على المؤثرين للقيام بدور الصحافيين التي أخذت في الانتشار أخيراً ستتراجع. الفترة المقبلة ستشهد تغيراً شاملاً في شكل الإعلام ليس فقط الدولي، بل بما في ذلك الإعلام الرقمي مع تصاعد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي".
Independent عربية٢٤-٠٤-٢٠٢٥ترفيهIndependent عربيةهل انتهى عصر الإعلام الدولي التقليدي؟منذ عشرات الأعوام كان مشهد الالتفاف حول أجهزة الراديو لسماع الأخبار التي تبثها الإذاعات الدولية شائعاً ومألوفاً، بخاصة في أوقات الحروب والأزمات الكبرى، لما تميزت به أخبارها من صدقية وثقة. ولاحقاً، تحول المشهد إلى الاجتماع أمام شاشات التلفزيون مع دخول العالم عصر القنوات الفضائية، الذي شكل طفرة كبرى في حينها، وحول وجهة الجماهير من الاستماع إلى المشاهدة. في العقد الأخير ومع الانتشار غير المسبوق للهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، التي زاحمت الإعلام التقليدي، ووفرت سيولة كبيرة من إتاحة المعلومات بشكل لحظي لا تحكمه أي قيود، حدثت تغيرات في المشهد الإعلامي الدولي، أبرزها تقليص وغلق كثير من المحطات والقنوات التي كانت تمثل النماذج الأشهر عند الحديث عن الإعلام الدولي. وشهد عام 2023 إغلاق واحدة من أشهر الإذاعات الدولية في العالم، وهي "بي بي سي" العربية التي أنهت بثها الذي استمر 85 عاماً بنفس العبارة الشهيرة التي بدأت بها إرسالها "هنا لندن: هيئة الإذاعة البريطانية"، وفي الآونة الأخيرة أغلقت الولايات المتحدة قناة "الحرة" و"إذاعة صوت أميركا" ومنصات رقمية متعددة بدعوى تقليل النفقات، وخلال الأعوام السابقة حدث تقليص لكثير من المحطات والقنوات الدولية في العالم كله لأسباب تختلف من حال إلى أخرى. وفي مقابل حال التقليص والإغلاقات لكثير من مؤسسات الإعلام الدولي كان هناك نمو وانتشار مطرد للمنصات الرقمية والاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي بوصفها وسيلة فعالة وسريعة الانتشار لمخاطبة الشعوب ونشر الأفكار، مما يطرح تساؤلاً هل ستشهد الأعوام المقبلة تغيراً شاملاً في المشهد الإعلامي، وهل سينتهي عصر الإعلام الدولي التقليدي لمصلحة الرقمي؟ مخاطبة الشعوب عبر وسائل التواصل يقول أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة حسن عماد، "الإعلام الدولي بمفهومه العام لن يتراجع، لكنه سينتهج أساليب جديدة تتوافق مع متطلبات العصر. وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت مستخدمة بصورة أكبر من وسائل الإعلام التقليدية، مثل محطات الراديو وقنوات التلفزيون، لدينا تراجع في دور الإعلام التقليدي سواء على المستوى الدولي أو المحلي، وعلى مدار الأعوام كان هناك نماذج ناجحة في الإعلام الدولي حظيت بصدقية كبيرة في العالم العربي، وفي أوقات وأحداث بعينها كانت مصدر رئيساً للمعلومات في كثير من الدول العربية، وكذلك قنوات تلفزيونية دولية أطلقت وحققت نجاحاً كبيراً، وأخرى لم تنجح في تحقيق أهدافها، فكان الغلق مصيرها". ويضيف، "الإعلام الدولي هو إحدى أهم الوسائل التي يعتمد عليها في الحروب بأساليب مختلفة تتناسب مع طبيعة العصر، فكان له دور كبير في الحرب العالمية باستخدام الوسائل المتاحة وقتها واستمر دوره مع تطورها فمن الإذاعات لقنوات التلفزيون وصولاً إلى الوضع الحالي الذي يشهد طفرة في الإعلام الرقمي، دور الإعلام لا يتراجع إنما يطوع بالشكل والصورة المناسبتين مع طبيعة العصر". ويأتي تقليص دور الإعلام الدولي بصورته التقليدية في وقت تشتعل فيه الأزمات في العالم كله، وتدار فيه الحروب بأساليب مختلفة، وتسيطر عليه حرب المعلومات والتأثير في العقول، فالإعلام أصبح ليس فقط ناقلاً للمعلومة أو الخبر، لكنه تحول إلى أداة تروج أحياناً روايات خطأ وسرديات مضللة كثيراً مما ينتج منها خلق حال من الوعي الزائف بحدث ما أو قضية بعينها، والتسويق السياسي لقرار تنتهجه دولة معينة تجاه أخرى. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) المتخصص في مجال العلوم السياسية إكرام بدر الدين يقول، "الحروب الحديثة أصبحت لا تعتمد فقط على الصدامات المسلحة بين الجيوش النظامية، لكنها تعتمد على نشر الأفكار المدسوسة والمغلوطة والإشاعات، والعمل على أن تأتي الهزيمة من داخل المجتمعات، وهو ما يطلق عليه التآكل الذاتي، ويعتمد هذا على نشر الأخبار المضللة والتشكيك في الداخل بهدف إضعاف المجتمع وخلق فجوة بين الشعب والمؤسسات والقيادة فينهار المجتمع وتسهل هزيمته، وهذا النوع يطلق عليه حروب الجيل الرابع والخامس، وهو أسهل وأقل في الكلفة من المواجهات العسكرية المسلحة، والعبرة هنا ليست بالوسيلة فالأفكار ستنشر سواء من طريق الإعلام التقليدي أو من طريق المنصات الرقمية التي أصبحت أكثر فاعلية وانتشاراً". ويوضح بدر الدين، "العلاقة بين السياسة والإعلام متبادلة والتأثير متبادل، فالإعلام يعتمد على الأخبار السياسية، والسياسيون يعتمدون على وسائل الإعلام، لنشر توجهاتهم وأفكارهم وأهدافهم سواء على المستوى المحلي أو الدولي، وتظهر الأزمة عندما يساء استخدام وسائل الإعلام سواء لخدمة أغراض سياسية معينة بنشر أخبار مغلوطة أو إخفاء جوانب من الحقيقة أو طمسها كاملة والمثال الأبرز على ذلك حالياً هو المجازر التي تحدث في غزة وتغطيات كثير من وسائل الإعلام الدولية لها بما يتناسب مع توجهاتها". الإعلام أياً كان نوعه يستهدف جمهوراً معيناً يتوجه إليه ويصمم رسائله بالشكل والطريقة التي تتناسب مع طبيعة هذا الجمهور، وحالياً فإن الأجيال الجديدة هي المستهدفة بشكل رئيس عند الحديث عن الإعلام الدولي. أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة نشوة عقل تقول، "الشباب يمثلون الغالبية الساحقة في العالم العربي، وهم من يستهدفهم الإعلام الدولي، ومن ثم سيعتمد على الوسيلة الأكثر فاعلية للوصول إليهم، وهي وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية بكل صورها، وهذا لا ينطبق فقط على المجال السياسي، إنما صناعة الترفيه أيضاً اعتمدت هذا النهج الذي أصبح عنوان المرحلة، الإعلام الرقمي سيطغى على التقليدي، لكنه لن يقضي عليه تماماً إنما سيجري دمجه واختزاله في منافذ محدودة تمثل الصوت الرسمي للدولة، فهناك توجه عام لتقليص الإعلام الحكومي بكل صوره، سواء كانت محلية أو دولية". وتستكمل، "الظروف التي أدت إلى غلق جانب من محطات وقنوات الإعلام الدولي جاءت بعض منها استجابة لاستخدامات الجمهور للمنصات الرقمية التي أصبحت في المرتبة الأولى، فالبث الرقمي حالياً يحقق انتشاراً أكبر، ويحتاج إلى عدد عاملين أقل، ولا يتطلب جوانب لوجيستية كبيرة، وهو ما فعلته (بي بي سي) على سبيل المثال، التي كانت من أوائل وسائل الإعلام التي وظفت التكنولوجيا الرقمية، ولا يزال تأثيرها كبيراً، لكن بوسيلة مختلفة، أما في حال قناة الحرة فالوضع يختلف فإغلاقها جاء ضمن سياسة عامة ينتهجها ترمب لتقليل النفقات باتخاذ إجراءات صادمة في كل المجالات لا الإعلام فقط، مع مراعاة أن القناة بالفعل لم تحقق الأهداف التي أطلقت من أجلها إبان حرب العراق". مستقبل المشهد الإعلامي لا يتعلق التغير في المشهد الإعلامي الدولي بطبيعة الوسيلة فحسب، إنما بطبيعة الأشخاص الذين يقومون بأدوار مختلفة داخل هذه الوسيلة، إضافة إلى الترقب الذي يشهده العالم كله من التطورات المتسارعة للذكاء الاصطناعي الذي بالقطع سيكون له تأثير كبير في مجالات الإعلام كافة، من بينها الإعلام الدولي بكل صوره. في يناير (كانون الثاني) الماضي جرى الإعلان أن إدارة الرئيس ترمب ستسمح لبعض مؤثري السوشيال ميديا بتغطية نشاطات البيت الأبيض، باعتبار أن هذا يمثل جزءاً من النهج الإعلامي الثوري الذي يتبناه الرئيس ترمب بحسب ما قيل وقتها، يأتي هذا ضمن سياق كبير من بينه أنه أجرى حوارات مع بعض مقدمي البودكاست المشهورين على وسائل التواصل الاجتماعي. يثير هذا تساؤلاً عن طبيعة مقدم الرسالة في الفترة المقبلة والتغيرات التي ستطرأ عليها هي الأخرى فهل سيتراجع دور الصحافي أو المراسل التقليدي لمصلحة نجوم السوشيال ميديا الأكثر انتشاراً عبر صفحاتهم، الذين تتمثل نقطة قوتهم في آلاف أو ملايين المتابعين. في الوقت نفسه شاهدنا كثيراً من المؤثرين العرب في الفترة الأخيرة بالتواكب مع الحرب على غزة أصبحوا هم مصدر الأخبار، بخاصة من يتحدث منهم الإنجليزية، ويستطيع أن يوجه رسائل للعالم، فصفة الدولية سابقاً كانت تمنح للمحطات أو القنوات العابرة للقارات عبر البث أو الإرسال أما في الوقت الحالي فكل ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي يكتسب صفة الدولية، ويمكن الوصول إليه من أي مكان في العالم في نفس اللحظة فيثير هذا تساؤلاً عماذا يكسب الإعلام صفة الدولي في هذا العصر؟ استشاري تكنولوجيا الإعلام والتحول الرقمي أحمد عصمت، يقول "الإعلام الدولي يأخذ هذه الصفة من عوامل عدة من بينها الإنفاق، والتأثير، والعاملون، والتغيرات السياسية في أي دولة يتبعها تغيرات إعلامية، وأحياناً كانت تظهر قنوات إعلامية لخدمة غرض محدد، ومن ثم تنتهي بانتهاء هذا الغرض والأمثلة على ذلك كثيرة في العالم كله، فالإعلام الدولي يكون لخدمة أهداف محددة للدولة التي تطلق الإذاعة أو القناة أو الموقع الإلكتروني، في الوقت الحالي التغير في الإعلام متسارع، وسيكون هناك اختلاف كبير في الأعوام المقبلة، وسيكون هناك دور كبير للإعلام المحلي، المؤسسات الضخمة أصبحت عبئاً كبيراً على الدول، وسيقل عددها بصورة كبيرة مستقبلاً، ولن يبقى إلا من يفصل بين الملكية والإدارة، بصورة عامة يمكن القول إنه انتهى عصر الإعلام الذي لا يجني أموالاً، سيبقى فقط عدد محدود من القنوات الإعلامية للخدمة العامة وغير ذلك ستكون مشروعات تهدف للربح". ويضيف "التغيرات الديموغرافية واختلاف التركيبة السكانية لها عامل كبير في تراجع دور الإعلام الدولي التقليدي، فالأجيال الجديدة استخداماتها للإعلام تختلف تماماً عن سابقاتها، وأدى هذا إلى ظهور وظائف جديدة في المؤسسات الإعلامية معنية بتحليل البيانات والتعرف على أنماط المشاهدين، وحتى فكرة الاعتماد على المؤثرين للقيام بدور الصحافيين التي أخذت في الانتشار أخيراً ستتراجع. الفترة المقبلة ستشهد تغيراً شاملاً في شكل الإعلام ليس فقط الدولي، بل بما في ذلك الإعلام الرقمي مع تصاعد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي".