#أحدث الأخبار مع #حكايةهيلانةبوابة ماسبيرو٠٣-٠٥-٢٠٢٥صحةبوابة ماسبيروفيبى صبرى: أكتب ما يرضينى ويمتعنى أولًابحثت عن قصة بديلة للحضارة «فى قصة أخرى للحياة» حاولت تصور قصة بديلة للحضارة تسود فيها قيم أمومية الطابع فيبى صبرى أدبية شابة أصدرت روايتها الأولى تحت عنوان "نذر- حكاية هيلانة ويوسف الأرمنى"، ومؤخرا صدرت روايتها الثانية "قصة أخرى للحياة"، وقد حصدت الرواية احتفاء نقديا لافتا. "فيبى" تحدثت لـ" الشارع الثقافى" عن سر اختيارها لعنوان روايتها، وكذلك علاقتهما بالفلسفة، ومدى تأثير دراستها فى كلية الصيدلة على دعمها فى الكتابة. بداية تقول "فيبى" عن عنوان الرواية: العنوان يحمـل إيجــازًا -غير عادل بطبيعته- لفكرة الرواية الأساسية؛ فهى أولًا تاريخ مختلف للعالم كان يمكن أن يقع لو تبدلت معطياته وأسبابه، ليفضى إلى حياة أخرى/ أفضل. ثانيًا، هناك دائمًا قصة أخرى للتاريخ لم تصل إلينا؛ جانب مجهول سقط سهوًا أو عمدًا، يجعل معرفتنا بالحقيقة منقوصة أغلب الوقت ورؤيتنا للماضى مضَلَّلة بدرجة أو أخرى. أردت إظهار ذلك فى الرواية عند المقارنة التلقائية بين ما رأيناه يحدث فى التاريخ البديل، وما وصل منه مدونًا إلى أبناء العصور الأحدث. المفارقة الصادمة منبه لا يفشل أبدًا للعقل. هل ساعدك عملك بالصيدلة ككاتبة؟ دراسة العلوم الصيدلانية كانت تدريبًا رائعًا على التفكير العلمى، السؤال والبحث عن الأسباب؛ لماذا وكيف وماذا لو؟ أن تكتشف كيف يعمل الجسد الإنسانى كوحدة بيولوجية تسيطر عليها التفاعلات الكيميائية، وتتأثر باضطراب نسب المواد الداخلة فى تلك التفاعلات. كان مدهشًا مثلًا أن أعرف أن اختلال بعض الموصلات الكيميائية بالمخ كافٍ للإصابة بالسكيتزوفرينيا، دون الحاجة لوجود صدمة أو عقدة سابقة. هناك مبرر علمى لكل شىء، وذلك ينسحب على حركة التاريخ واختيارات البشر وميولهم. كم من الوقت استغرق العمل على الرواية؟ وما الفارق الزمنى بين كتابتها ونشرها؟ استغرقت نحو ثلاث سنوات لأكتب الرواية. جاءتنى الفكرة مع قراءات متوسعة عن تاريخ المعتقدات الدينية والفلسفة والاقتصاد والأنثروبولوجى وعلم النفس التطورى، نجمت عن رغبة لا تقاوم فى معرفة أصول كل شىء. لماذا يؤمن الناس بما يؤمنون به؟ وما هى نقاط التحول فى مصائر الشعوب وكيف صرنا إلى ما نحن عليه اليوم؟ هل كان لابد أن يحدث كل شىء بالصورة التى حدث بها؟ أتكلم عن التوسعات الإمبريالية والوسائل القاسية التى استخدمتها، وما صاحبها من صراع على السلطة والبقاء، ميراث القهر والاستعباد الذى حكم العالم لقرون، العصور الخاملة التى ازدهر فيها الدين مدعومًا بالخرافة وتراجُع الاهتمام بالعلم، تشكل القوميات، الثمن الدموى الفادح الذى دُفع قبل إقرار ما نسميه اليوم "حقوق الإنسان"، وعلاقة كل ما سبق بوجود الرجال دائمًا على مقاعد السلطة، مع سيطرة الأديان ذات الطابع الذكوري؛ أى تقديس الهيمنة والانتصار واحتكار الحقيقة. ألح عليّ تصور قصة بديلة للحضارة؛ تسود فيها قيم أمومية الطابع، أكثر تسامحًا وعدالة، فيها رحابة تتسع لنسخ متعددة للحقيقة، ما يكسر حلقة العنف الثيوقراطى. أنهيت الرواية فى فبراير ٢٠٢٣، وأرسلتها إلى دار النشر. وبعد الموافقة عليها ومراجعتها وتصميم الغلاف، تقرر إصدارها فى معرض القاهرة الدولى للكتاب لعام ٢٠٢٤. ما دور الفلسفة فى تكوين كتابتك عمومًا وفى روايتك الأحدث تحديدًا؟ حين قرأت كتاب "ما الأدب؟" لسارتر للمرة الأولى -أثناء دراستى الجامعية- ظننت أن هذا هو أول عهدى بالفلسفة، وأن الوجودية أول ما يدخل إلى وعيى منها، لكننى كنت مخطئة بالطبع! قراءة "سجناء الطونا" أو "الغثيان" هى اطلاع على فلسفة سارتر، لا يقل فعاليةً عن قراءة أطروحاته المجردة. نحن نتعرض للفلسفة ونناقشها طوال الوقت دون أن ندرى، نطرح الأسئلة والأفكار التى راودت أفلاطون وديكارت، حتى لو لم ندرك ذلك. ملحمة جلجامش عمل فلسفى، القصص الدينى، رواية "الشحاذ" لنجيب محفوظ، "الموت فى البندقية" لتوماس مان، "وكالة عطية" لخيرى شلبى، "شتيلر" لماكس فريش، "الخلود" لكونديرا. بل إن أعمالًا كثيرة من أدب الخيال وحكايات الأطفال تحمل فى طياتها الفلسفة. لا يمكن أن يخلو الأدب الجيد من الفلسفة، مثلما يستحيل خلوه من المعنى. قد تبدو بعض الروايات أكثر صراحةً من غيرها فى تناول المباحث الفلسفية، مثل رواية "سيد هارتا" لهيرمان هسّه، وروايتى، وذلك لأن أبطالها متورطون فى سياق أسئلة كبرى تصعب معالجتها بشكل متوارٍ أو غير مباشر. وفى روايتى تحديدًا كنت بحاجة إلى استعراض الفلسفات القديمة القائمة فى زمن الأحداث، كتمهيدٍ للتطور الذى يوشك أن يقع ليغير العالم. كيف صنعت لغة "قصة أخرى للحياة" وهى فصحى تمامًا وهل تحتاج اللغة لبناء خاص مع كل عمل؟ يجب أن تتسق اللغة مع الموضوع والشخصيات، فى السرد والحوار. المفردات المستخدمة لبناء عالم ملحمى أو أسطورى تختلف عن تلك التى تبنى عالمًا واقعيًا مألوفًا. لغة الحوار الدائر بين طبيب وشاعر يعيشان فى أتيكا قبل ٢٥٠٠ سنة يجب أن تقنعك بصدورها عنهما، وهنا الفصحى لا بديل عنها، ولا يمكن أن تشبه الحوار المتبادل بين مجموعة من شباب الطبقة الوسطى فى قاهرة الحرب العالمية الثانية. حتى لو استخدمت الفصحى أيضًا، ستكون فصحى بسيطة، يسهل تخيلها ملقاة بالعامية. يمكن أن تدور بينهم الأسئلة الفلسفية ذاتها بالمناسبة، لكن درجة الوعى، المخزون اللفظى، المعرفة التراكمية، روح الدعابة، كلها عوامل فاصلة فى مصداقية النص. هذا لا يمنع أن يكون للكاتب أسلوبه الخاص فــــى بناء المشاهد وتكــوين الجمل، كما قال د. أيمن بكر فى تحليله للرواية، وهو ما يمكن تمييزه فور القراءة للكاتب نفسه مهما اختلفت عوالمه وقضاياه. لى رواية واحدة تسبق "قصة أخرى للحياة"، هى "نذر، حكاية هيلانة ويوسف الأرمنى". صدرت قبل خمسة أعوام، وهى عن مجموعة من الأصدقاء فى مطلع أربعينيات القرن العشرين، بينما العالم مشتعل بحرب لا يعرف أحد كيف ستنتهى. كيف رأى كلٌ منهم موقعه من تلك الحرب ومن العالم عمومًا؟ كيف ساهمت خلفياتهم الدينية والثقافية فى توجيه اختياراتهم المختلفة وإجابة السؤال الملح: أين النجاة، فى السعى إلى الخلاص الشخصى أم العام؟ لمن تمنح الحياة نفسها؟ وما تعريف النجاة/ الخلاص فى المقام الأول؟ كلها أسئلة أعرف أنها قد ترد أو لا ترد بعقل القارئ الواعى، وأعرف أيضًا أنها بقيت بلا إجابة، بالنسبة لى على الأقل.
بوابة ماسبيرو٠٣-٠٥-٢٠٢٥صحةبوابة ماسبيروفيبى صبرى: أكتب ما يرضينى ويمتعنى أولًابحثت عن قصة بديلة للحضارة «فى قصة أخرى للحياة» حاولت تصور قصة بديلة للحضارة تسود فيها قيم أمومية الطابع فيبى صبرى أدبية شابة أصدرت روايتها الأولى تحت عنوان "نذر- حكاية هيلانة ويوسف الأرمنى"، ومؤخرا صدرت روايتها الثانية "قصة أخرى للحياة"، وقد حصدت الرواية احتفاء نقديا لافتا. "فيبى" تحدثت لـ" الشارع الثقافى" عن سر اختيارها لعنوان روايتها، وكذلك علاقتهما بالفلسفة، ومدى تأثير دراستها فى كلية الصيدلة على دعمها فى الكتابة. بداية تقول "فيبى" عن عنوان الرواية: العنوان يحمـل إيجــازًا -غير عادل بطبيعته- لفكرة الرواية الأساسية؛ فهى أولًا تاريخ مختلف للعالم كان يمكن أن يقع لو تبدلت معطياته وأسبابه، ليفضى إلى حياة أخرى/ أفضل. ثانيًا، هناك دائمًا قصة أخرى للتاريخ لم تصل إلينا؛ جانب مجهول سقط سهوًا أو عمدًا، يجعل معرفتنا بالحقيقة منقوصة أغلب الوقت ورؤيتنا للماضى مضَلَّلة بدرجة أو أخرى. أردت إظهار ذلك فى الرواية عند المقارنة التلقائية بين ما رأيناه يحدث فى التاريخ البديل، وما وصل منه مدونًا إلى أبناء العصور الأحدث. المفارقة الصادمة منبه لا يفشل أبدًا للعقل. هل ساعدك عملك بالصيدلة ككاتبة؟ دراسة العلوم الصيدلانية كانت تدريبًا رائعًا على التفكير العلمى، السؤال والبحث عن الأسباب؛ لماذا وكيف وماذا لو؟ أن تكتشف كيف يعمل الجسد الإنسانى كوحدة بيولوجية تسيطر عليها التفاعلات الكيميائية، وتتأثر باضطراب نسب المواد الداخلة فى تلك التفاعلات. كان مدهشًا مثلًا أن أعرف أن اختلال بعض الموصلات الكيميائية بالمخ كافٍ للإصابة بالسكيتزوفرينيا، دون الحاجة لوجود صدمة أو عقدة سابقة. هناك مبرر علمى لكل شىء، وذلك ينسحب على حركة التاريخ واختيارات البشر وميولهم. كم من الوقت استغرق العمل على الرواية؟ وما الفارق الزمنى بين كتابتها ونشرها؟ استغرقت نحو ثلاث سنوات لأكتب الرواية. جاءتنى الفكرة مع قراءات متوسعة عن تاريخ المعتقدات الدينية والفلسفة والاقتصاد والأنثروبولوجى وعلم النفس التطورى، نجمت عن رغبة لا تقاوم فى معرفة أصول كل شىء. لماذا يؤمن الناس بما يؤمنون به؟ وما هى نقاط التحول فى مصائر الشعوب وكيف صرنا إلى ما نحن عليه اليوم؟ هل كان لابد أن يحدث كل شىء بالصورة التى حدث بها؟ أتكلم عن التوسعات الإمبريالية والوسائل القاسية التى استخدمتها، وما صاحبها من صراع على السلطة والبقاء، ميراث القهر والاستعباد الذى حكم العالم لقرون، العصور الخاملة التى ازدهر فيها الدين مدعومًا بالخرافة وتراجُع الاهتمام بالعلم، تشكل القوميات، الثمن الدموى الفادح الذى دُفع قبل إقرار ما نسميه اليوم "حقوق الإنسان"، وعلاقة كل ما سبق بوجود الرجال دائمًا على مقاعد السلطة، مع سيطرة الأديان ذات الطابع الذكوري؛ أى تقديس الهيمنة والانتصار واحتكار الحقيقة. ألح عليّ تصور قصة بديلة للحضارة؛ تسود فيها قيم أمومية الطابع، أكثر تسامحًا وعدالة، فيها رحابة تتسع لنسخ متعددة للحقيقة، ما يكسر حلقة العنف الثيوقراطى. أنهيت الرواية فى فبراير ٢٠٢٣، وأرسلتها إلى دار النشر. وبعد الموافقة عليها ومراجعتها وتصميم الغلاف، تقرر إصدارها فى معرض القاهرة الدولى للكتاب لعام ٢٠٢٤. ما دور الفلسفة فى تكوين كتابتك عمومًا وفى روايتك الأحدث تحديدًا؟ حين قرأت كتاب "ما الأدب؟" لسارتر للمرة الأولى -أثناء دراستى الجامعية- ظننت أن هذا هو أول عهدى بالفلسفة، وأن الوجودية أول ما يدخل إلى وعيى منها، لكننى كنت مخطئة بالطبع! قراءة "سجناء الطونا" أو "الغثيان" هى اطلاع على فلسفة سارتر، لا يقل فعاليةً عن قراءة أطروحاته المجردة. نحن نتعرض للفلسفة ونناقشها طوال الوقت دون أن ندرى، نطرح الأسئلة والأفكار التى راودت أفلاطون وديكارت، حتى لو لم ندرك ذلك. ملحمة جلجامش عمل فلسفى، القصص الدينى، رواية "الشحاذ" لنجيب محفوظ، "الموت فى البندقية" لتوماس مان، "وكالة عطية" لخيرى شلبى، "شتيلر" لماكس فريش، "الخلود" لكونديرا. بل إن أعمالًا كثيرة من أدب الخيال وحكايات الأطفال تحمل فى طياتها الفلسفة. لا يمكن أن يخلو الأدب الجيد من الفلسفة، مثلما يستحيل خلوه من المعنى. قد تبدو بعض الروايات أكثر صراحةً من غيرها فى تناول المباحث الفلسفية، مثل رواية "سيد هارتا" لهيرمان هسّه، وروايتى، وذلك لأن أبطالها متورطون فى سياق أسئلة كبرى تصعب معالجتها بشكل متوارٍ أو غير مباشر. وفى روايتى تحديدًا كنت بحاجة إلى استعراض الفلسفات القديمة القائمة فى زمن الأحداث، كتمهيدٍ للتطور الذى يوشك أن يقع ليغير العالم. كيف صنعت لغة "قصة أخرى للحياة" وهى فصحى تمامًا وهل تحتاج اللغة لبناء خاص مع كل عمل؟ يجب أن تتسق اللغة مع الموضوع والشخصيات، فى السرد والحوار. المفردات المستخدمة لبناء عالم ملحمى أو أسطورى تختلف عن تلك التى تبنى عالمًا واقعيًا مألوفًا. لغة الحوار الدائر بين طبيب وشاعر يعيشان فى أتيكا قبل ٢٥٠٠ سنة يجب أن تقنعك بصدورها عنهما، وهنا الفصحى لا بديل عنها، ولا يمكن أن تشبه الحوار المتبادل بين مجموعة من شباب الطبقة الوسطى فى قاهرة الحرب العالمية الثانية. حتى لو استخدمت الفصحى أيضًا، ستكون فصحى بسيطة، يسهل تخيلها ملقاة بالعامية. يمكن أن تدور بينهم الأسئلة الفلسفية ذاتها بالمناسبة، لكن درجة الوعى، المخزون اللفظى، المعرفة التراكمية، روح الدعابة، كلها عوامل فاصلة فى مصداقية النص. هذا لا يمنع أن يكون للكاتب أسلوبه الخاص فــــى بناء المشاهد وتكــوين الجمل، كما قال د. أيمن بكر فى تحليله للرواية، وهو ما يمكن تمييزه فور القراءة للكاتب نفسه مهما اختلفت عوالمه وقضاياه. لى رواية واحدة تسبق "قصة أخرى للحياة"، هى "نذر، حكاية هيلانة ويوسف الأرمنى". صدرت قبل خمسة أعوام، وهى عن مجموعة من الأصدقاء فى مطلع أربعينيات القرن العشرين، بينما العالم مشتعل بحرب لا يعرف أحد كيف ستنتهى. كيف رأى كلٌ منهم موقعه من تلك الحرب ومن العالم عمومًا؟ كيف ساهمت خلفياتهم الدينية والثقافية فى توجيه اختياراتهم المختلفة وإجابة السؤال الملح: أين النجاة، فى السعى إلى الخلاص الشخصى أم العام؟ لمن تمنح الحياة نفسها؟ وما تعريف النجاة/ الخلاص فى المقام الأول؟ كلها أسئلة أعرف أنها قد ترد أو لا ترد بعقل القارئ الواعى، وأعرف أيضًا أنها بقيت بلا إجابة، بالنسبة لى على الأقل.