logo
#

أحدث الأخبار مع #حنانفطراس،

قضية الشهادات المزورة في المغرب: هل نحن أمام أزمة أخلاقية أم انهيار ممنهج لمصداقية الدولة؟
قضية الشهادات المزورة في المغرب: هل نحن أمام أزمة أخلاقية أم انهيار ممنهج لمصداقية الدولة؟

المغرب الآن

timeمنذ 12 ساعات

  • سياسة
  • المغرب الآن

قضية الشهادات المزورة في المغرب: هل نحن أمام أزمة أخلاقية أم انهيار ممنهج لمصداقية الدولة؟

في لحظة فارقة من الزمن السياسي والمؤسساتي بالمغرب، تفجّرت من جديد قضية فساد لا ترتبط هذه المرة بتبديد المال العام أو خروقات تدبيرية، بل تمس صلب الدولة الحديثة: المعرفة، والاعتراف بالكفاءة، واستحقاق المناصب . فهل نحن أمام 'واقعة عرضية'، أم أن الأمر يكشف عن منظومة متآكلة للقيم الجامعية والإدارية؟ عندما تتحول الشهادة إلى سلعة… وتسقط الكفاءة خلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة بمجلس النواب، فجّرت النائبة البرلمانية حنان فطراس، عن الفريق الاشتراكي، قضية تتعلق بحصول مسؤولين حكوميين على شهادات عليا مزورة ، مهدت ـ بحسب تعبيرها ـ لصعودهم إلى 'مناصب عليا حساسة'، واستفادتهم من ألقاب وامتيازات يُحرم منها من هم أحق بها معرفياً ومهنياً . فهل يتعلق الأمر بخرق معزول أم بتجذر لاقتصاد ريعي جديد اسمه 'الاستثمار في الشهادات'؟ سؤال مشروع حين نعلم أن القضية مرتبطة بفضيحة كلية الحقوق بجامعة ابن زهر، المتهم فيها أستاذ منسق للماستر وقيادي سياسي، يُشتبه في بيعه شهادات بمقابل مالي لنافذين وأبناء أعيان. التحقيقات، التي تباشرها الفرقة الوطنية، شملت موظفين، محامين، وأبناء منتخبين ، مما يطرح علامات استفهام حول طبيعة الشبكات التي تؤمن الحماية والتمويل والتغطية لهكذا جرائم معرفية. البعد الأخلاقي: هل سقطنا في تطبيع الجريمة المعرفية؟ 'نواجه اليوم فسادًا أخطر من المالي والإداري'، تقول فطراس. والواقع أن هذه العبارة، رغم قوتها، تعكس إدراكًا بأن الفساد الذي ينخر قطاع الشهادات الجامعية لا يقتصر على الجانب الإداري، بل يهدد أخلاقيات التكوين، ومشروعية الترقي الاجتماعي ، ومصداقية الدولة. هل من المقبول أن يتم تعيين مسؤولين بشهادات لا علاقة لهم بها؟ وكيف لنا أن نؤمن بجدية الاستراتيجيات التنموية – مثل 'الجيل الأخضر' أو 'الميثاق الوطني الجديد للاستثمار' – إن كان من يقودها ارتقى إلى مركزه عبر وثائق مزورة؟ من الجامعة إلى الدولة: هل نعيد النظر في منظومة الاستحقاق؟ وفق تقارير دولية (كالبنك الدولي والمجلس الأعلى للتعليم)، يعاني التعليم العالي المغربي من إشكاليات جوهرية، أبرزها ضعف حكامة المؤسسات، وهيمنة الزبونية في الولوج إلى المناصب الأكاديمية. تقرير اليونسكو لعام 2023 حول 'الشفافية الأكاديمية' حذّر من ارتفاع وتيرة التلاعب بالمصادقات الجامعية في بعض دول المنطقة، واعتبر أن التساهل في هذه الجرائم يُجهض أي أفق لبناء اقتصاد قائم على المعرفة. في المغرب، لا تزال جامعاتنا تعاني من غياب أنظمة رقمية متقدمة لمراقبة المسارات الجامعية ومطابقة الشهادات. وفي غياب هيئة وطنية مستقلة للتدقيق الأكاديمي (على غرار France Éducation International أو NARIC الأوروبي)، تظل آلية منح الشهادات رهينة إرادة فردية أكثر من كونها ثمرة مسار أكاديمي واضح. الزمن السياسي: حين يصبح الفساد الأكاديمي تحدياً سيادياً القضية لا تنفصل عن اللحظة السياسية الراهنة. في الوقت الذي يسعى فيه المغرب إلى تعزيز موقعه كدولة صاعدة في القارة الإفريقية من خلال 'الرأسمال البشري' و'الدبلوماسية الأكاديمية'، تأتي هذه الفضيحة لتقوض هذا البناء. فهل يمكن الوثوق بدولة تصدر دبلوماسيين وإطارات عبر منظومة جامعية مخترقة؟ وما مصير اتفاقيات الاعتراف المتبادل بالشهادات مع بلدان مثل فرنسا، إسبانيا، أو دول الساحل إذا ما تكررت هذه التجاوزات؟ في العمق: هل تحتاج الدولة إلى إعادة هندسة قيمها؟ ما يطرحه الفريق الاشتراكي لا يقتصر على مساءلة سياسية، بل يضع أمامنا تحدياً قيمياً . في بيئة يغيب فيها الإحساس بالمحاسبة، ويسود فيها الإفلات من العقاب، تصبح الجريمة المعرفية – على خطورتها – مجرد وسيلة للترقي. السؤال الحقيقي: هل تملك الدولة الشجاعة لمواجهة هذا الورم؟ وهل نعيش زمن 'إصلاح منظومة القيم' فعلاً، أم مجرد ترميم للواجهة؟ في انتظار الأجوبة… هل نعيد الاعتبار للمعرفة؟ قضية الشهادات المزورة ليست نهاية مسار، بل مؤشر على أزمة عميقة في البناء المؤسساتي المغربي . فإما أن يتم التعامل معها كفرصة لإعادة هيكلة الجامعة والقضاء والإدارة، وإما أن تُطوى كغيرها، فيصبح التعليم العالي 'بازاراً' لمن يدفع، لا معبراً للكفاءة والمساواة. هل نحن بصدد لحظة مفصلية في العلاقة بين المواطن والدولة، بين الشهادة والمشروعية، بين الحلم والواقع؟ الأسابيع المقبلة ستحدد إن كان المغرب يريد فعلاً أن يكون دولة للمعرفة، أم مجرد دولة لشهادات بلا مضمون.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store