logo
#

أحدث الأخبار مع #خالدعياد

مبدأ الحضارة... مصر تكتب سيرة الأشجار
مبدأ الحضارة... مصر تكتب سيرة الأشجار

Independent عربية

time١١-٠٥-٢٠٢٥

  • علوم
  • Independent عربية

مبدأ الحضارة... مصر تكتب سيرة الأشجار

أشجار معمرة ونادرة تمتد جذورها في مناطق مختلفة من الشمال إلى الجنوب ويصل عمر بعضها إلى أكثر من 100 عام أصبحت جزءاً وثيقاً من طابع وتاريخ المناطق التي توجد فيها. أخيراً أعلن جهاز التنسيق الحضاري عن مشروع لإعداد أرشيف وطني للأشجار المعمرة والنادرة في مصر لتسجيلها كتراث ثقافي طبيعي باعتبارها شكلاً من أشكال التراث المادي للبلاد. كان رئيس جهاز التنسيق الحضاري، محمد أبو سعدة، أوضح في بيان صحافي أن المشروع يهدف إلى إعداد سجل وطني شامل للأشجار المعمرة والنادرة في مختلف أنحاء الجمهورية، توثيقاً للتراث المصري الطبيعي والثقافي الذي يمتد قروناً، مؤكداً أهمية هذه الأشجار كرموز بيئية وتاريخية وثقافية، وذلك في إطار دور الجهاز القومي للتنسيق الحضاري في الحفاظ على الهوية البصرية وتحسين الفراغ العام. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأوضح أن الجهاز أعد دليلاً إرشادياً للحفاظ على الأشجار والحدائق التراثية التي حُصرت وسُجلت على قوائم الحصر ووضع لها أسس ومعايير للتعامل معها وعددها 13 حديقة تراثية على مستوى الجمهورية، مؤكداً أن المشروع يتجاوز مرحلة التوثيق إلى تعزيز الحماية القانونية للأشجار من خلال مقترحات تشريعية ومبادرات مجتمعية مثل برنامج "حارس الشجرة"، ودمج الأشجار في المسارات البيئية والثقافية بما يعزز من قيمتها الرمزية ويدعم استدامتها. كما شدد على أهمية المشاركة المجتمعية في هذا المشروع باعتبارها عنصراً أساساً لضمان استدامة حماية هذه الأشجار والحفاظ عليها للأجيال القادمة. توثيق ثقافي وتاريخي أهداف المشروع العامة التي أُعلن عنها من بينها وضع معايير دقيقة لتصنيف الأشجار، وتنفيذ حصر ميداني باستخدام نظم المعلومات الجغرافية (GIS)، إلى جانب التوثيق الثقافي والتاريخي، وإنشاء قاعدة بيانات رقمية وتطبيق إلكتروني وخريطة تفاعلية تسهل الوصول إلى المعلومات، ويعد المشروع خطوة وطنية مهمة للحفاظ على التراث الطبيعي المصري وضمان نقله للأجيال القادمة. تعليقاً على هذا المشروع يقول الأستاذ بمركز البحوث الزراعية خالد عياد "منذ أعوام كثيرة كانت الأشجار في الحدائق النباتية الشهيرة توضع عليها لافتة تشرح طبيعة الشجرة وبعض المعلومات عنها، فهذه الحدائق إلى جانب دورها كمتنزهات هي صروح علمية، ويمكن للمهتمين بالنباتات عموماً التعرف إلى كثير من المعلومات عن أجناس وعائلات وأنواع الأشجار، وحالياً من يتوجه للحدائق لا يستطيع الحصول على أية معلومة عن النباتات، أدي هذا إلى انعدام الثقافة النباتية عند الناس وعدم معرفتهم بأبسط المعلومات عنها، التوثيق شيء مهم ولا خلاف على ذلك، لكن على القدر نفسه من الأهمية تأتي توعية الناس بأهمية النباتات منذ الصغر، فلماذا لا يوجد مرشد زراعي في مثل هذه الحدائق يمكن أن يصحب الأطفال في الرحلات المدرسية ويشرح لهم بعض المعلومات المبسطة عن النباتات النادرة في هذه الحدائق؟". ويستكمل "في مصر أنواع متعددة من الأشجار النادرة، من أشهرها شجرة التين البنغالي التي يوجد منها ست أشجار في مناطق مختلفة من البلاد مثل القاهرة والإسماعيلية وغيرهما، وهناك أنواع كثيرة من الأشجار النادرة بعضها تستمر زراعته في مصر منذ عهد مصر القديمة. الحفاظ على الأشجار سواء المعمرة أو الحديثة وحمايتها بجميع السبل هو أمر شديد الأهمية بخاصة بعد ما فقد من أشجار في الفترة الأخيرة، ولكن ذلك يحتاج إلى جهود من الجهات المعنية، وإلى وعي من عموم الناس بدرجة لا تقل في الأهمية". الحدائق التراثية في مصر طفرة كبرى شهدتها مصر في إنشاء الحدائق منذ نحو 150 عاماً خلال عهد الخديوي إسماعيل، فخلال هذه الحقبة تم بناء القاهرة الحديثة، ومن ضمن ذلك إنشاء عدد من الحدائق الكبرى على أحدث طرز هذه الفترة، من بينها حديقتا الحيوان والأورمان بمنطقة الجيزة (وهما مغلقتان في الفترة الحالية لخضوعهما لمشروع تطوير)، وتضم كل منهما مجموعات نادرة من الأشجار المتنوعة التي جلبها الخديوي من جميع أنحاء العالم، وكذلك حديقة الزهرية بمنطقة الزمالك، التي تخضع هي الأخرى لمشروع تطوير مثير للجدل بسبب وجود إنشاءات داخل الحديقة يعتقد البعض أنها ستغير من طابعها وطرازها، وأنشأ إسماعيل أيضاً حديقة الأسماك الواقعة بمنطقة الزمالك وهي واحدة من أشهر حدائق القاهرة. حالياً تضم مصر 13 حديقة تراثية موزعة على مناطق متفرقة من البلاد، إلى جانب الحدائق السابقة ثمة مجموعة أخرى من بينها حديقة أنطونيادس بالإسكندرية، وحديقة النباتات بأسوان، والقناطر الخيرية، وحديقة الأزبكية بالقاهرة، وقد روعي الاهتمام بإنشاء الحدائق في هذه الفترة باعتبار أنها جزء رئيس من تصميم المدن الحديثة، فإلى جانب كونها متنزهات عامة فإن لها تأثيراً كبيراً في نقاء الجو وجودة الحياة في المدينة، وفي هذه المرحلة كان عدد الحدائق والغطاء الشجري متناسباً مع طبيعة حجم القاهرة التي لم تكن قد امتدت وأصبحت بكل هذه المساحة. أستاذ الدراسات البيئية بجامعة عين شمس عبدالمسيح سمعان، يقول إن "الأشجار هي الرئة الطبيعية للحياة، وهي إحدى وسائل مقاومة تداعيات تغير المناخ في أي مجتمع، وفي مصر ثروتنا النباتية متنوعة وغنية ولكننا نحتاج إلى تعريف الناس وتثقيفهم بها، فإلي جانب هذا المشروع لتوثيق الأشجار التراثية والنادرة ماذا يمنع أن تُوضع لوحة إرشادية على الأشجار العادية تتضمن بعض المعلومات عن الشجرة، مثل نوعها وكيفية العناية بها وتاريخ زراعتها لربط الناس بالبيئة وخلق نوع من التفاعل بينهما، وهو المنهج نفسه الذي تبنته مشروعات التشجير في مصر مثل مبادرة زراعة 100 مليون شجرة التي كان الناس جزءاً منها وزرعوا بأنفسهم الأشجار وتولوا رعايتها"، ويضيف "هناك أشجار شهيرة ونادرة في مصر أصبحت مزاراً في ذاتها، مثل الشجرة الشهيرة بمنطقة الزمالك أمام برج القاهرة، ومثل شجرة مريم في المطرية، وعديد من الأشجار في كل المحافظات، فهذه الأشجار أصبحت جزءاً من معالم المكان والمنطقة التي توجد فيها، ووجود مشروع يوثق جميع الأشجار النادرة في البلاد هو أمر شديد الأهمية باعتبار أنه سيلقي الضوء عليها ويعرف الناس بأهميتها ومن ثم يدفعهم إلى المحافظة عليها". القانون وحماية الأشجار ينص الدستور المصري في مادته الـ45 على أن الدولة "تكفل حماية وتنمية المساحة الخضراء في الحضر"، وتجرم المادة 367 من قانون العقوبات قطع أو إتلاف المزروعات واقتلاع الأشجار، كذلك يجرم قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 قطع أو إتلاف النباتات والأشجار وتدمير الموائل الطبيعية، وينص قانون الموارد المائية والري على أنه لا يجوز التصرف في الأشجار والنخيل التي زرعت أو تزرع في الأماكن العامة ذات الصلة بالموارد المائية والري بقطعها أو قلعها إلا بترخيص من الإدارة العامة المتخصصة. على رغم كل تلك القوانين التي تجرم قطع الأشجار وإتلاف المزروعات، لا يوجد نص صريح متعلق بالأشجار التراثية ذات القيمة الفريدة التي يزيد عمر بعضها على 150 عاماً ولها قيمة تاريخية إلى جانب قيمتها كجزء من الغطاء الشجري للبلاد. في الأعوام الأخيرة تعرضت مجموعات كبيرة من الأشجار للاقتلاع في مواقع متفرقة من البلاد كنتيجة لوجودها في مسارات تعارضت مع مشروعات لمد الطرق وتوسعتها، أثار هذا اعتراض قطاعات كبيرة من الناس ووصل الأمر إلى تقديم طلبات إحاطة في البرلمان. تقول النائبة سميرة الجزار "لدينا في مصر ثروة نباتية كبيرة لها قيمة وتاريخ طويل، وينبغي أن تبذل كل الجهود لحمايتها والحفاظ عليها، قدمت سابقاً أكثر من طلب إحاطة للبرلمان بخصوص موضوعات تتعلق بقطع الأشجار الذي أثيرت حوله سجالات متعددة في الفترة الأخيرة، ووجهت سؤالاً إلى أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، والمسؤولين عن الجهاز القومي للتنسيق الحضاري: كيف تقومون حالياً بإعداد أرشيف وطني للأشجار المعمرة والنادرة في مصر لتسجيلها كتراث ثقافي طبيعي في وقت يعاني سكان الزمالك بسبب غلق حدائق تراثية تمهيداً لتحويلها إلى سلسلة مقاه تجارية؟"، وتضيف "أهمية هذه الأشجار ليست فقط لأنها تاريخية منذ أيام الخديوي أو أنها تراث ثقافي فحسب، ولكنها تخص أهالي الحي والمواطنين الذين تقدموا بكثير من الشكاوى من دون سماعهم، ولا يحق لأية جهة الاستيلاء عليها إذ يعد ذلك أيضاً انتهاكاً للقانون، فإذا كانت الحكومة حريصة على حماية الأشجار التراثية فيجب أن يتم ذلك لجميع الأشجار بحيث لا يكون هناك تناقض بين هدم الأمس وإعداد أرشيف اليوم". نصيب الفرد من الأخضر في الأعوام الأخيرة، وطبقاً لتقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن نصيب الفرد من المساحات الخضراء كان حتى عام 2020 يبلغ 17 سنتيمتراً فحسب، وهو رقم محدود للغاية بخاصة مع ما ذكرته منظمة الصحة العالمية من أن تلوث الهواء في القاهرة يتجاوز المعدلات العالمية بنحو 15 ضعفاً. في وقت قُطع كثير من الأشجار المتقاطعة مع مشروعات التطوير كانت هناك مبادرات عدة لزراعة الأشجار، على رأسها مبادرة "100 مليون شجرة" التي تهدف إلى زراعة مساحة إجمالية (6600 فدان) على مستوى الجمهورية في 9900 موقع بهدف مضاعفة نصيب الفرد من المساحات الخضراء وتحسين نوعية الهواء وخفض غازات الاحتباس الحراري، في الوقت نفسه جار العمل في إنشاء حدائق جديدة مثل تلال الفسطاط، التي يقال إنها ستكون الأكبر في الشرق الأوسط، وستمتد على مساحة 500 فدان أي نحو ثلاثة أضعاف مساحات حدائق "الأزهر" و"الحيوان" و"الأورمان" مجتمعة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store