أحدث الأخبار مع #خالدمحمدعلي


الأسبوع
٠٥-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الأسبوع
تفاصيل عمليات التدمير الأسود للسودان
التدمير الأسود للسودان خالد محمد علي يتساءل المراقبون حول ما حدث ويحدث الآن في السودان من عملية تدمير شاملة طالت المراكز الإعلامية والطبية والجامعات والمدارس وشبكات الكهرباء ومحطات الصرف والمياه، والجسور والكباري، ومراكز الإيواء ومخيمات النزوح، وحتى بنوك الحبوب والنباتات النادرة. الحرب في السودان غريبة لأنها لم تكن ضد الجيش السوداني وحدة ولكنها كانت ضد كل الدولة السودانية بشعبها وجيشها وتاريخها ومتاحفها وحتى كرامتها وعزتها. كل هذا حدث بيد أبناء الدعم السريع الذين ينتمون للشعب السوداني، وكأنها عملية انتقام وثأر تاريخي على الرغم من أن هذه المجموعات لم تحاربها الدولة يومًا بل هي من حاربت القبائل الإفريقية متحالفة مع الجيش والدولة السودانية. وهناك من يذهب إلى أن كل هذا الانتقام تم تنفيذه بأيدي قوى استعمارية مستغلة جهل قادة الدعم السريع لأن قادة الدعم بعقولهم المتواضعة التي لم تتجاوز شهادة الإعدادية عند حميدتي القائد وشقيقه عبد الرحيم القائد الثاني لا يمكنها أبدًا أن تصل إلى هذا التخطيط المنظم لعمليات التدمير التي شملت كل شيء بقصد تغيير الجغرافيا والتاريخ والبشر واستبدالهم بمجموعات بشرية من خارج السودان لا تنتمي لتاريخ وجغرافيا وقبائل وأعراق السودان. وحصلت الأسبوع من مصادر متعددة على تفاصيل مذهلة حول عمليات التدمير المنظم، منها: بيع النساء في الأسواق إمعانًا في كراهية وإذلال الإنسان السوداني، لجأت مليشيا الدعم لإنشاء أسواق لبيع النساء المختطفات للعمل كعبدات أو خادمات واستغلالهن جنسيًا، إضافة إلى ما سجلته المنظمات الدولية عن عمليات اغتصاب جماعي لسيدات وفتيات صغيرات، ومنهن من نجون وأدلين بشهادات مروعة حول هذا النوع من الانتقام من كرامة وعزة أبناء السودان غير المسبوق. وقد وثقت الأمم المتحدة في تقريرها الصادر عام (2024) اختطاف وبيع نساء وفتيات في دارفور ووصفته بـ«جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية»، وهو ما ذهبت إليه أيضًا هيئة مكافحة العنف ضد المرأة بالسودان، حيث سجلت وحدها مئات الحالات لاختطاف وبيع النساء وإن كان العدد الفعلي أكبر من ذلك بكثير لعدم قدرتها على الدخول إلى مناطق النزاع، وأفادت شهادات ناجيات بتعرضهن للاغتصاب الجماعي والبيع في الأسواق وإجبارهن على البقاء كعبدات جنس لأفراد الدعم السريع. تدمير مركز أبحاث عالمي والخميس الماضي، فاجأت منظمة الصحة العالمية كل العالم بتدمير الدعم السريع، مركز أبحاث المايستوما (الورم الفطري)، وهو المركز الوحيد في العالم الذي يجري أبحاثه حول هذا المرض النادر، وهو مرض مداريّ مُعدٍ يصيب خصوصا الفئات المحرومة، ويضاف تدمير هذا المركز إلى عمليات التدمير المنظم لكل المراكز الطبية والمستشفيات في السودان. ولم تكتف قوات الدعم السريع بتدمير هذا المركز، فوفقًا لمنظمة الصحة العالمية، توقفت 70% من المستشفيات والمراكز الطبية عن العمل في السودان، بينما تعرض 20% منها لأضرار جسيمة بسبب هجمات الدعم السريع واحتلالها لتلك المنشآت. وكان وزير الصحة السوداني، هيثم محمد إبراهيم، قد كشف في ديسمبر الماضي أن الحرب تسببت في أضرار فادحة للقطاع الصحي تجاوزت 11 مليار دولار، إذ خرج 250 مستشفى من أصل 750 من الخدمة نتيجة الدمار، كما أسفرت هجمات الدعم السريع عن مقتل نحو 12 ألف مدني داخل المستشفيات. واتهم الوزير قوات الدعم السريع بشن هجمات ممنهجة على المستشفيات والمؤسسات الصحية في الفاشر بإقليم دارفور، مما عطل عدداً كبيراً من المنشآت الطبية الحيوية، وأخرج أكثر من 50% من مراكز غسيل الكلى عن الخدمة، بالإضافة إلى تعرض الصندوق القومي للإمدادات الطبية للنهب، مما تسبب في خسائر بلغت نحو 500 مليون دولار. تدمير المدارس والجامعات: أدت اعتداءات الدعم السريع إلى إغلاق 90% من المدارس، ما عطل دراسة أكثر من 19 مليون طفل، وقامت بتحويل مئات المباني المدرسية إلى ثكنات عسكرية، كما أدت الاعتداءات إلى تضرر 75% من الجامعات والمعاهد (104 مؤسسات)، بما في ذلك جامعة الخرطوم التي استخدمت كثكنة عسكرية مع تخريب مكتبتها، وجامعة أفريقيا العالمية التي نهبت معداتها، وجامعة زالنجي التي دمرت بنيتها التحتية بالكامل في مواقعها المتعددة. وتعمد الدعم السريع شن 88 هجومًا عنيفًا بين أبريل 2023 وأبريل 2024 على المنشآت التعليمية، شملت مدارس في الخرطوم وأم درمان، وتحويل 67.6% من كليات الطب إلى قواعد عسكرية أو مخازن أسلحة، إلى جانب نهب 73.5% من المعدات المعملية والمكتبية في كليات الطب. وتحت وقع ضربات الدعم اضطر نحو 1.2 مليون طالب جامعي إلى النزوح داخليًا أو اللجوء إلى دول الجوار، في حين فشلت محاولات استئناف الدراسة عن بعد بسبب انقطاع الكهرباء والإنترنت، وتعطلت امتحانات الثانوية العامة لعام 2023، ما هدد مصير جيل كامل. تدمير محطات الكهرباء والمياه قامت قوات الدعم السريع بتدمير 90% من شبكات الكهرباء، حيث دمرت 7 محطات رئيسية في الخرطوم وحدها، مع نهب كوابل الكهرباء بشكل ممنهج، كما استهدفت سد مروي، الذي يوفر 40% من إنتاج الكهرباء في السودان، بخمس هجمات بالطائرات المسيرة، مما أدى إلى انقطاع التيار عن ولايات كاملة، وانخفض إنتاج الكهرباء من 3000 ميغاواط قبل الحرب إلى 1100-1200 ميغاواط فقط، مما ترك أكثر من نصف السكان بدون كهرباء.وتقدر تكلفة إعادة إعمار قطاع الكهرباء بأكثر من 10 مليارات دولار، وفقًا لتقارير رسمية. وأدت الهجمات إلى توقف تشغيل مضخات المياه بسبب انقطاع الكهرباء، مما أثر على 2.25 مليون شخص في الخرطوم وحدها، حيث انخفضت إمدادات المياه إلى 25% من طاقتها، كما تعطلت المستشفيات بسبب عدم توفر الكهرباء، مما زاد من معدلات الوفيات، خاصة في حالات الطوارئ، وأيضًا انخفض إنتاج المحاصيل بنسبة 46% بسبب عدم قدرة المزارعين على تشغيل مضخات الري. لم يكتف الدعم السريع بكل هذا الدمار، ولكنه تعمد أيضًا تدمير محطات المياه في المنارة وسوبا وبحري، حيث دمرت محطة بحري بالكامل، والتي كانت تنتج 300 ألف متر مكعب يوميًا، وأدى تدمير شبكات التوزيع ونهب المحولات إلى أزمة شرب خطيرة إذ يعاني 60% من مناطق السودان من شح حاد في مياه الشرب. تدمير مخزون السلالات النباتية النادرة تعرض بنك السلالات الزراعية المركزي في مدينة ود مدني، والذي يعد من أهم المراكز الوطنية لحفظ التنوع الوراثي للنباتات، للتخريب والنهب من قبل عناصر الدعم السريع، وكان البنك يحتفظ بعينات نادرة من البذور والمحاصيل المحلية التي تمثل جزءًا أساسيًا من الأمن الغذائي والتراث الزراعي السوداني. وتدمير هذا المخزون يعد ضربة قاسية للجهود العلمية والبيئية في البلاد، وهو لا يمثل فقط خسارة علمية، بل يهدد مستقبل الزراعة المستدامة في السودان، إذ إن هذه البذور كانت تمثل مصدرًا مهمًا لتطوير محاصيل مقاومة للجفاف والآفات، وتعتبر ركيزة أساسية للأمن الغذائي في البلاد. تدمير المتحف الوطني ومن أكبر جرائم الدعم السريع، تدمير ونهب المتحف القومي السوداني في الخرطوم بشكل ممنهج في محاولة لطمس الهوية الثقافية السودانية، خاصة أن المتحف كان يضم أكثر من 100، 000 قطعة أثرية توثق حضارات تمتد لسبعة آلاف عام، من ممالك النوبة وكوش وحتى العصور الإسلامية. وأظهرت صور ومقاطع فيديو حجم الدمار، حيث لم يتبق سوى بعض التماثيل الضخمة مثل تمثال الملك تهارقا الذي يزن سبعة أطنان، بينما تم نهب المومياوات والقطع الذهبية والأحجار الكريمة، وتحطيم خزائن العرض والغرفة المحصنة التي كانت تحتوي على مقتنيات نادرة. وأفادت تقارير بأن بعض القطع الأثرية نقلت عبر شاحنات إلى خارج البلاد، وظهرت لاحقًا محاولات لبيعها على مواقع إلكترونية مثل "إي باي". وطالت عمليات تدمير الهوية الثقافية والتاريخية أيضًا متاحف أخرى مثل متحف القصر الجمهوري، ومتحف بيت الخليفة، ومتحف الإثنوجرافيا، بالإضافة إلى دار الوثائق القومية ومكتبات وجامعات، في محاولة واضحة لمحو الذاكرة الوطنية. ويبقى أن كل هذه العمليات من التدمير المنظم لا يمكن اعتبارها نتاج حرب أهلية، وأن حجم التخريب المنظم والمتعمد يفوق ذلك الحقد الأسود الذي أظهرته عمليات التمرد على الدولة السودانية، وما حدث من خراب يمكن تفسيره فقط بأن هناك مجموعة من الاستعمار الأبيض المشحونة بالحقد والكراهية والعنصرية ضد أبناء جلدتنا من أصحاب البشرة السمراء، وهم جاءوا إلينا من أقاصي الدنيا كي يقوموا بإبادتنا، لأننا لسنا فقط لا نستحق تلك الثروات التي وهبنا الله إياها، ولكننا أيضًا لا نستحق الحياة لأن وجودنا يعكر صفوهم.


الأسبوع
١٢-٠٤-٢٠٢٥
- صحة
- الأسبوع
ضعف الثقة بالنفس والعنف المضاد.. مخاطر استخدام الضرب في تربية الأطفال
الدكتور خالد محمد علي حذر الدكتور خالد محمد علي، مسؤول القراءات والتسجيلات الطلابية بقطاع المعاهد الأزهرية، من مخاطر استخدام العنف الجسدي في تربية الأطفال، مؤكدًا أن الضرب يُؤدي إلى نتائج عكسية تظهر في العناد وضعف الثقة بالنفس، وقد تصل إلى التنمر أو العنف المضاد من الأبناء تجاه الآباء عند الكبر. وأضاف، علي في حواره لبرنامج «صباح الخير يا مصر» أن الإسلام وضع ضوابط صارمة للضرب، مشيرًا إلى أن القرآن الكريم ذكر العقاب في المرتبة الثالثة بعد الوسائل التربوية الأخرى، كما في قوله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} (النساء: 34)، موضحًا أن الضرب المقصود هنا ليس المبرح، بل التأديب غير المؤذي. واستشهد الدكتور خالد محمد علي، بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «علِّموا أولادَكُمُ الصلاةَ إذا بلَغُوا سبعًا، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشْرًا، وفرِّقُوا بينهم في المضاجِعِ »، لافتًا إلى أن الضرب المشروع هو للتأديب فقط، وليس للإهانة أو الإيذاء، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يستخدم السواك في التعنيف، وحذر من الضرب على الوجه لما له من آثار نفسية سلبية. وأوصى مسؤول القراءات والتسجيلات الطلابية بقطاع المعاهد الأزهرية، باتباع أساليب بديلة للضرب، تشمل الحوار الهادئ المتكرر لشرح الصواب والخطأ، واستخدام العقاب النفسي مثل الحرمان من المصروف أو الخروجات، مع أهمية المكافأة على السلوك الجيد، كما شدد على دور القدوة الحسنة، حيث إن رؤية الأبناء لآبائهم يلتزمون بالصلاة ويقرأون القرآن تزرع فيهم حب العبادة. وشدّد على أهمية دور الأب في التربية، حتى لو كان مشغولًا، عبر المتابعة الهاتفية أو تكريم الأبناء عند الإنجاز، قائلًا: "دور الأب ليس التواجد في البيت فقط، بل المتابعة الدائمة"، مشيرًا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُعلّم الأطفال بأسلوب الرحمة، كما في قوله للغلام عبد الله بن عباس: «يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك»، وحذر من إهمال الهوية العربية والإسلامية في التربية، داعيا إلى تعزيز الانتماء من خلال رواية قصص البطولات الوطنية وتشجيع حفظ القرآن الكريم. ووجه الدكتور خالد محمد علي، تحذيرا للآباء من التركيز على النجاح المادي مع إهمال الجانب الديني، قائلًا: «نريد طبيبًا مسلمًا ومهندسًا مسلمًا»، مؤكدًا أن الضغط العنيف قد يدفع المراهقين إلى الإلحاد أو العزوف عن الصلاة، بينما التربية المتوازنة تُنتج جيلًا سويًا.


الأسبوع
٠٧-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الأسبوع
هل ينجو العرب من الاستهداف الأمريكي الإسرائيلي؟
هل ينجو العرب من الاستهداف الأمريكي الإسرائيلي؟ تقرير يكتبه خالد محمد علي لا يمكن إغفال أن التحالف الأمريكي الإسرائيلي قد درس أوضاع العرب الرسمية والشعبية ومدى قدرتهم على المقاومة أو التصدي لمشاريع الإذلال والإبادة التي بدأت من قرابة العامين، ومقرر لها أن تستمر لسنوات قادمة. ويبدو أيضًا أن هذه الدراسات لم تقتصر على القدرات العسكرية من حيث التسليح والتدريب والعقيدة القتالية، ولكنها امتدت لتشمل الحالة النفسية والمعنوية التي وصل إليها العرب شعوبًا وحكامًا، ومدى إصابتهم بالرعب من التصدي لحروب التحالف الاستعماري قبل أن تبدأ، فيما يوصف بالهزيمة النفسية قبل بدء الحرب. وقد أسهمتِ العمليات الإجرامية الصهيونية في غزة باستخدام أنواع من القنابل تفوق زنتُها الألفَي كيلو ليصل تدميرها للمباني إلى عمق 40 مترًا تحت الأرض، في إصابة كل دوائر صنع القرار بالرعب الشديد والهزيمة والخوف من تلقي نفس المصير الذي تلقاه غزة يومًا بعد يوم. ولا يمكن اعتبار أن ما يتم في غزة هو مجرد حرب انتقامية من عملية طوفان الأقصى، ولكن الحقيقة أنها حرب تدمير لكل أمة العرب ومحاولة حقيقية للاستيلاء على ثرواتها وأرضها ومعادنها وقرارها السياسي والاقصادي والديني. ولا يبدو أيضًا أن هذا التحالف سيتوقف عند احتلال الأرض والثروات، فوفقًا للعقيدة الصهيونية سوف تتحول على الفور إلى محاولة إحلال آخرين محل سكان المنطقة، إما بإبادة مَن تبقَّى أو بتهجير العرب من أرضهم وجغرافيتهم وتاريخهم الذي عاشوا فيه عشرات الآلاف من السنين. كما أن الاستهداف لم يتوقف على المنطقة العربية وحدها، لكنه سيشمل تركيا وإيران كأولوية قصوى للتخلص تمامًا من العرب وإخراج كل مخزون الكراهية والحقد الصهيوني على سكان الشرق الأوسط باعتبار أن الله منحهم ثروات لا يستحقونها. غياب الصين وتواطؤ روسيا أظهرتِ الحرب على غزة وسوريا ولبنان واليمن والعراق وإيران عدمَ فاعلية الدور الصيني في المنطقة، وتحوُّله من لاعب أساسي وقوة عظمى يمكنها الدفاع عن القانون الدولي والأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسانية ووقف جرائم الحرب التي قامت بها إسرائيل وتخطتِ الإنسان العربي إلى المنظمات الدولية، خاصة مفوضية شئون اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» التي تم التنكيلُ بها وقتلُ موظفيها دون أي تحرك دولي لحماية هذه المنظمات المشمولة بالحماية من الأمم المتحدة والقانون الدولي. وغابت هذه القوة العسكرية الأسطورية التي ظهرت بها الصين كمنافس قوي لاحتلال عرش العالم من الولايات المتحدة الأمريكية، واختفتِ الصين وكأنها إحدى الدول الصغيرة التي لا قيمة حقيقية لها أو تأثير في الفعل الدولي. وفيما يخص روسيا فقد اتضح منذ البداية التواطؤ الروسي مع إسرائيل الذي سمح لها بضرب سوريا مئات المرات وتدمير مؤسساتها العسكرية والقيادية والمدنية دون أن تتحرك القواعد الروسية في طرطوس وحميميم لتطلق طلقة واحدة ضد الطائرات الإسرائيلية التي تمر فوق قواعدها كل يوم لتدمير مقدرات الشعب السوري. وبات واضحًا أن روسيا تضع الأمن والتفوق الإسرائيلي كأولوية قصوى تفوق أقوى حلفائها في منطقتنا العربية، وهو نظام بشار الأسد، ومن ثم فإن ما جاء تاليًا في موقفها من عمليات الإبادة الجماعية في غزة، وضرب اليمن وإيران ولبنان، ومؤخرًا احتلال الأراضي السورية، جاء طبيعيًّا ليتوافق مع الاستراتيچية الروسية التي أظهرها طوفان الأقصى، حيث انكشف أمام العرب حقيقة أن قيمتهم لا تتعدى كونهم حراسًا على ثروات وممرات دولية وليسوا كيانات بشرية وتحالفات واتفاقات دولية يجب حمايتها. ويتخوف المراقبون من تصاعد التحالف الأمريكي الروسي الذي ظهرت تطبيقاته في الأزمة الأوكرانية، حيث ضحَّى ترامب بأوكرانيا والاتحاد الأوروبي لصالح روسيا، وهو ما سيكون شديدَ الخطورة على منطقتنا العربية إذا ما اتفق الطرفان على تقسيم النفوذ والمصالح في أرض العرب بالقوة العسكرية، وتُعَد سوريا نموذجًا لهذا التحالف. انهيار النظام العالمي لا يمكن لأي مراقب سياسي أو قانوني أن يغفل أن المشروع الاستعماري الجديد في المنطقة يقوم على تدمير المنظمات الدولية التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانية 1945، وأنتجتِ الأمم المتحدة وقوانينها التي تجرِّم الاعتداء على المدنيين والأطفال والنساء والمنشآت المدنية، وتحمي حق الإنسان في الغذاء والدواء، وتحصِّن تلك المنشآت التي تبقيه على قيد الحياة. وأمام الضعف والتخاذل الذي ظهرت به القوتان العظميان روسيا والصين والتواطؤ الأوروبي الكبير مع رغبة التحالف الأمريكي الإسرائيلي، تم القضاءُ عمليًّا على دور الأمم المتحدة ومنظماتها، حيث انتُهكت كل تلك الحقوق التي اتفق العالم على حمايتها حتى لا تقوم حرب عالمية ثالثة. ولأن أمريكا وإسرائيل لا تباليان بالقدرات العربية، ولأنهما أيضًا تعلمان حدود الدور الروسي والصيني، فقد تم ارتكابُ كافة الجرائم التي يحرمها القانون الدولي في فلسطين ولبنان واليمن، وتم قتلُ موظفي الأمم المتحدة وتدميرُ مقارها في البلدان الثلاثة دون أن يكون هناك موقف عملي واحد من دول العالم ضد هذه التصرفات التي تهدد بانهيار النظام العالمي. ووفقًا لآراء المراقبين فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورفيقه بنيامين نتنياهو لا يؤمنان بالمؤسسية دوليًّا أو داخليًّا، فهما يعملان سويًّا على تفكيك المؤسسات الديمقراطية والرسمية في أمريكا وإسرائيل معًا، وبالتالي شاهدنا كيف ينسحب دونالد ترامب من المنظمات الدولية وكيف تقضي إسرائيل على تلك المنظمات ودورها في فلسطين، أي أن نظامًا جديدًا يعتمد على رأسَي دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو يحل بديلًا عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن بدأ تطبيقه في منطقتنا وسوف يتحول بالضرورة إلى التطبيق في مناطق أخرى من بؤر الصراع في العالم. مطامع ترامب مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025، عادت معه سياساته العدائية تجاه الشرق الأوسط، والتي تركز على السيطرة على ثروات المنطقة، وخاصة النفط والغاز والمعادن الاستراتيچية، فقد أعلن ترامب في خطاب تنصيبه عن نيته «حماية المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط بأي ثمن»، في إشارة واضحة إلى رغبته في تعزيز النفوذ الأمريكي على الحقول النفطية في سوريا والعراق وبقية دول المنطقة، وكذلك مناجم الذهب والفوسفات وكافة أنواع المعادن الاستراتيچية في الدول العربية. ومنذ بداية ولايته الثانية، كثف ترامب الوجود العسكري الأمريكي في شرق سوريا، حيث تتمركز القوات الأمريكية حول حقول النفط في دير الزور والرقة، بحجة «منع داعش من العودة»، بينما تقوم شركات أمريكية مثل إكسون موبيل باستخراج النفط السوري وبيعه في السوق السوداء. كما ضغطت إدارته على الحكومة العراقية لتجديد الاتفاقات التي تمنح الشركات الأمريكية امتيازات استخراج النفط في حقول كركوك والبصرة. وفي ليبيا، ضغط ترامب على كافة الأطراف للحصول على عقود جديدة لاستخراج النفط للشركات الأمريكية في مناطق مختلفة مثل الحوض النفطي الشرقي. كما أعلن عن خطط لإنشاء قواعد عسكرية جديدة في السعودية والإمارات لحماية «الممرات النفطية» في الخليج، مما يؤكد أن استراتيچيته تعتمد على القوة العسكرية لضمان الهيمنة الاقتصادية. ويرى المراقبون أن الضربات العسكرية الأمريكية غير المسبوقة للحوثيين في اليمن تأتي في إطار تثبيت النفوذ بالقوة، وإرسال رسالة رعب لدول الخليج للقبول بكافة المطالب الأمريكية قبل أن تلقى نفس مصير اليمن التي تُدمَّر بشكل يومي من قِبل الطائرات الأمريكية الأكثر فتكًا وحداثة في العالم. وتهدد هذه السياسات سيادة الدول العربية، حيث تعمل الإدارة الأمريكية على إضعاف هذه الحكومات لضمان تبعيتها لواشنطن، كما أن التنسيق الوثيق بين ترامب وإسرائيل يزيد من مخاطر الاستيلاء على الموارد في فلسطين المحتلة وبقية الدول العربية. وفي هذا الاتجاه، فإن مطامع ترامب تهدف إلى تحويل الشرق الأوسط إلى ساحة لنهب الثروات تحت ذريعة تحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة، وتنفيذًا لمشروع إسرائيل الكبرى بالقوة العسكرية. إسرائيل الكبرى أظهر تحالف اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو مع اليمين الديني المتطرف محاولةَ التعجيل بإقامة «إسرائيل الكبرى» استغلالًا للدعم الأمريكي غير المسبوق، واستغلالًا للضعف العربي المتناهي. وتقوم فكرة «إسرائيل الكبرى» على مزاعم توراتية وتاريخية تهدف إلى توسيع الحدود الإسرائيلية لتشمل الضفة الغربية وأجزاءَ من الدول العربية المجاورة، بما فيها سيناء والأردن. تشير تقارير لمنظمات حقوقية إسرائيلية مثل «بتسيلم» (2021) إلى توسّع المستوطنات الإسرائيلية بشكل يهدّد حل الدولتين ويعزز التهجير القسري للفلسطينيين، فيما يحذر باحثون دوليون، كنعوم تشومسكي في كتابه «الشرق الأوسط الجديد» (2016)، من أن هذه السياسات تزيد من حدة النزاعات الإقليمية وتدفع نحو إعادة رسم الخرائط لصالح إسرائيل. وتتجلى أبرز مظاهر هذه الخطة في ظهور خرائط «إسرائيل الكبرى» على العملات المعدنية الإسرائيلية وفي الخطابات السياسية، ما يعكس طموحًا مستمرًّا للهيمنة على الأراضي العربية من خلال عمليات عسكرية متكررة وتطويع الأنظمة الإقليمية. وعلى أرض الواقع، تُعَد هذه الخطة تهديدًا وجوديًّا للدول العربية، إذ ترمي إلى فرض هيمنة سياسية وعسكرية جديدة على المنطقة، ما يزعزع استقرارَها ويُعمِّق الانقسامات بين دولها. وتبرز أهمية مواجهة هذه المساعي بتوحيد المواقف الدبلوماسية والإقليمية، خاصةً في ظل انخراط قوى دولية -كالقوات والأساطيل الأمريكية- التي تمارس نفوذًا على الممرات البحرية في الشرق الأوسط، ما يزيد من حدة الضغوط السياسية والعسكرية على دول المنطقة. وقد انتقلت إسرائيل وأمريكا من خطة تطويع حكام عرب لتنفيذ مشروع إسرائيل الكبرى على الأرض دون قتال من خلال اتفاقات «إبراهام»، إلى تنفيذ الخطة عبر القوة العسكرية، وهو ما تقوم به فعليًّا في غزة والضفة الغربية، ولبنان وسوريا، إضافة إلى ما يطالب به علانية المستوطنون في العراق وسيناء والسعودية واليمن. الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة العربية شهدتِ الدول العربية إقامةَ العديد من القواعد العسكرية الأجنبية على أراضيها، إذ يصل عددُها الإجمالي إلى 55 قاعدة، بعضها أُقيم بموجب اتفاقات مشتركة مع الدول المضيفة، فيما ظهرت أخرى دون تفاهم واضح. ويضم الخليج وحده ما يقرب من 19 قاعدة عسكرية، تتوزع بين البحرين والعراق والكويت وعُمان والإمارات وقطر والسعودية، لتشكل بذلك منظومةً واسعةً من المواقع التي تمثل مصالح عسكرية واستراتيچية في المنطقة. ومن أبرز هذه القواعد، قاعدة موفق السلطي في الأردن، وقواعد متفرقة في سوريا أبرزها قاعدة التنف، إضافةً إلى قاعدة المحرق الجوية وقاعدة الشيخ عيسى في البحرين. أما العراق، فيضم قاعدة الأسد الجوية وقاعدة حرير المقام الجوية وقاعدة بلد.فيما توجد في الكويت قاعدة علي السالم الجوية ومعسكر عريفجان. وفي عُمان، تبرز قاعدة رافو قصيرة وقاعدة مطار مسقط الدولي وميناء دقم صلالة. وفي الإمارات قاعدة الظفرة الجوية وميناء جبل علي. بينما تشتهر قطر بقاعدة العيديد الجوية ومعسكر السيلية، والسعودية بقاعدة قرية الإسكان، وصولًا إلى جيبوتي حيث قاعدة معسكر ليمونير. وتشكل القواعد الأمريكية المنتشرة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط عنصرًا أساسيًّا في استراتيچية واشنطن لفرض نفوذها العسكري والسياسي في المنطقة. فقد أسهمت هذه القواعد في دعم عمليات الاستطلاع والهجوم، وتوفير نقاط انطلاق للعمليات العسكرية التي تؤثر بشكل مباشر على ميزان القوى في المنطقة. وتُعتبر هذه المنشآت العسكرية بمثابة رموز للقوة الأمريكية، مما يدفع الدول العربية إلى إعادة النظر في سياساتها الأمنية والدفاعية لمواجهة التدخل الأمريكي الذي يُعتبر تحديًا مباشرًا لسيادتها. بالإضافة إلى الوجود الأمريكي، لا يزال للوجود العسكري البريطاني والفرنسي في الشرق الأوسط تأثيرٌ بالغٌ على المشهد الإقليمي. فقد نشأت هذه القواعد كإرثٍ من الحقبة الاستعمارية، لكنها استمرت لتلعب دورًا هامًا في دعم العمليات العسكرية والتحالفات الأمنية مع الدول العربية. ويُنظر إلى هذا الوجود على أنه عامل يُضعف من قدرة الدول على بناء سياسات خارجية مستقلة، كما يُثير الجدل حول تأثير القوى الغربية في شؤون المنطقة. مخاطر الاعتماد على السلاح الأمريكي. تُعتبر الدول العربية من أكبر مستوردي الأسلحة في العالم، حيث تشكل الولايات المتحدة المورد الرئيسي للأسلحة المتطورة لمعظم الجيوش العربية، مثل السعودية والإمارات ومصر والأردن. ووفقًا لتقارير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، تمثل الصفقات العسكرية الأمريكية نحو 47% من إجمالي واردات الأسلحة في الشرق الأوسط بين عامَي 2017-2021، ويشكل اعتماد العرب على مصدر واحد للتسلح من أمريكا مخاطر عدة، يمكن الإشارة إليها في التالي: 1. يُستخدم التسليح الأمريكي كورقة ضغط وابتزاز سياسي للدول العربية في أحيان كثيرة مثلما فعلت عندما علَّقت صفقات أسلحة للسعودية بزعم مخالفتها لحقوق الإنسان في حرب اليمن. 2. التحكم في الأسلحة المباعة للعرب عبر ربطها بنظام تشغيل إلكتروني مما يجعل استخدامها رهنًا للإرادة الأمريكية، وهو ما يعني أن كل تلك الأسلحة يمكن أن تتحول إلى خردة سلاح إذا ما حاول العرب استخدامَها دفاعًا عن بلادهم ضد عدوان إسرائيلي أو أمريكي. 3. أفشلتِ الصفقات الأمريكية المشاريع العربية الوطنية لتصنيع السلاح باعتباره دعمًا للسيادة واستقلال القرار العربي، وهو ما أبقى العديد من الدول العربية في دائرة التبعية. 4. ومن أكبر المخاطر التي تهدد السيادة العربية عبر الشراء المفرط للأسلحة الأمريكية هو تعمد تزويد الأسلحة بأنظمة تتبع وتخزين بيانات، مما يحوِّلها إلى أدوات تجسس دائمة تهدد الأمن القومي العربي. ويبقى أن أمام العرب فرصًا كثيرة للتحرك ومواجهة المخاطر الوجودية التي يشكلها تحالف ترامب ـ نتنياهو، ومن بين تلك الأوراق التي يمكن استغلالُها الآتي: 1 - توحيد الموقف والتحرك العربي على هدف واحد هو الدفاع عن بقاء الأمة العربية في مواجهة قرار إبادتها الذي يتم تنفيذُه الآن في فلسطين ولبنان وسوريا واليمن وليبيا، مع وضع احتمالات عملية في تقديم تضحيات قاسية، ولكنها ضرورية لبقاء الجنس العربي على أرضه. 2 - إقناع الدول النفطية بأن ثرواتها أصبحتِ الخطرَ الأكبر على الأمة العربية وهي المبرر الأول لكل مخزون الكراهية والحقد والمطامع الأمريكية الإسرائيلية، ودون تحالف حقيقي مع كافة الدول العربية فإن منابع النفط ستكون قريبًا جدًّا تحت أيدي وأقدام حلفائهم المزعومين في واشنطن وتل أبيب، ومن ثم يجب العمل على إعادة إحياء سلاح النفط والغاز لاستخدامه في الدفاع عن وجود الأمة بعد أن فشل في شراء ولاء الأعداء. 3 - تعزيز التصنيع العسكري المحلي والشركات البديلة، عبر زيادة الاستثمار في الصناعات العسكرية المحلية، كما تفعل تركيا وإيران، إضافة إلى التنويع في مصادر التسليح من (روسيا، الصين، أوروبا) لتقليل التبعية لأمريكا، وتعزيز التعاون العسكري العربي المشترك لخلق قوة دفاعية مستقلة. 4 - إنهاء المشكلات مع دول الجوار وخاصة إيران وتركيا، وتشكيل تحالفات علنية معهما لحماية المنطقة من الاستهداف الاستعماري الجديد. 5 - تحويل دفة استثمار فوائض النفط إلى داخل الدول العربية لإعادة بناء القوة الشاملة للعرب بدلًا من إنفاق مئات المليارات عند العدو الأمريكي الإسرائيلي.


الأسبوع
٠٦-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الأسبوع
حمدوك وتدمير السودان
خالد محمد علي أفادت مصادر عدة أن هناك قنوات اتصال سرية فتحتها مجموعة صمود السودانية مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وقالت المصادر إن عبد الله حمدوك قائد صمود ورئيس الحكومة السابق عرض على إدارة ترامب استقبال العدد الأكبر من أبناء غزة وتوطينهم في السودان مقابل مساعدته في العودة للحكم مرة أخرى. ومن المعلوم أن إدارة ترامب قدمت عرضًا سخيًا للحكومة السودانية وقائد مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان بقبول توطين الفلسطينيين بالسودان مقابل مساعدات اقتصادية، وهو ما رفضه البرهان وصدر عن وزارة الخارجية بيان يؤكد تمسك السودان بالموقف العربي الرافض لتهجير أبناء غزة من بلادهم. وعبد الله حمدوك الذي ترأس حكومة السودان بعد إسقاط نظام الرئيس عمر البشير في عام 2019 يجيد فنون الاتصال بالمنظمات الدولية والدول الطامعة في السودان، فالرجل يتبع سياسة المقايضات، ويديرها بخبث شديد حيث يعرض دائمًا منح هذه الجهات مكاسب داخل البلاد مقابل بقائه في السلطة حتى لو كان ذلك على حساب سيادة السودان وأمنها القومي فهو أول من اعترف كذبًا بمشاركة السودان في تفجيرات السفارة الأمريكية فى العاصمة الكينية نيروبي، وقام بدفع أكثر من 300 مليون دولار تعويضات لأسر أمريكية، وهو ما ساهم في ترويج أكذوبة الإرهاب على السودان، وهو أيضًا الرجل الذي وضع السودان فعليًا تحت الوصاية الدولية عندما اقترح برنامج للسلام والديمقراطية تقوم بتنفيذه والإشراف عليه الأمم المتحدة، والتي كان رئيس بعثتها في السودان فولكر برتس مندوبًا ساميًا على البلاد خطط ونفذ مشروع الإجرام الدولي بتقسيم البلاد وإثارة الفتنة والتي كانت وراء تمرد محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي وهو التمرد الذي دمر السودان وقضى على كل إنجازاته التي صنعها بعرق ودم السودانيين منذ الاستقلال وحتى إعلان التمرد في الخامس عشر من أبريل عام 2023. ويعود حمدوك اليوم، ليكرر نفس السياسة والثقافة القائمة على بيع السودان لكل مستعمر مقابل وضعه على كرسي الحكم، وهو يحاول أن يغازل أمريكا وإسرائيل معًا بأنه الرجل الوحيد في السودان الذي يستطيع أن يقوم بتوطين أبناء غزة في السودان خاصة أن الشعب السوداني مثله مثل كل شعوب العرب والعالم الحر يرفض هذه الجريمة النكراء، ولكن حمدوك وصحبه هم قلة لا يعترف بها الشعب السوداني، وقد فشل الرجل في الوصول إلى هذا الشعب من خلال حركاته الفاشلة من قوى الحرية والتغيير إلى صمود، وبالتأكيد سوف يفشل في مشروع الخيانة في غزة.


الأسبوع
١٨-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- الأسبوع
السودان يقاوم الجوع والاغتصاب والتدمير الممنهج.. مأساة شعب تحاصره المطامع
السودان.. مأساة شعب تحاصره المطامع تقرير يكتبه - خالد محمد علي تزداد الأزمة السودانية الإنسانية تعقيدًا لتصبح الأشدَّ كارثيةً في العصر الحديث، حيث تتداخل حرب أهلية مدمرة مع: انتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان، تدمير كامل للبُنى التحتية، انتشار الأوبئة القاتلة، إضافةً إلى المجاعة التي تهدد بفناء الملايين من أبناء الشعب السوداني. ووفقًا لتقارير المنظمات الدولية فإن أكثر من 30 مليون سوداني يصارعون الموت والأمراض والجوع، من بينهم 16 مليون طفل يدفعون ثمنَ تمرد الدعم السريع وتواطؤ دول إقليمية ودولية على قتلهم وتدميرهم. ومن أشد الصور بشاعةً: الاستهداف الممنهج للقطاع الصحي، حيث تحوِّل الميليشيات المستشفيات إلى ثكنات عسكرية، واستخدام الاغتصابات الجماعية سلاحًا لإذلال الشعب، وإبادة قرى بكاملها تحت سمع العالم وبصره. وكل هذا يُبرز أن الحرب على السودان ليست مجرد تمرد ميليشيا على الدولة، وإنَّما هي تبلور انعكاسًا لمطامع دولية في ثروات السودان، وأحقاد إقليمية على هذا الشعب المتمسك بسيادته ووحدة أراضيه. ومن خلال تقارير أممية دامغة، وشهادات ميدانية صادمة، يُكشف النقاب عن أدوار خفية لدولٍ تتبارى في استغلال المأساة السودانية لنهب ثروات هذا الشعب والسيطرة على مقدراته. تورط خارجي تشهد الأزمةُ في السودان تدخلاتٍ خارجيةً مثيرةً للجدل، تُفاقِم من حِدة العنف وتعقِّد جهودَ إحلال السلام، و يحوِّل الصراع إلى ساحةٍ لتصفية الحسابات الچيوسياسية، ويعمِّق معاناة المدنيين وسط تصاعدٍ مريعٍ في أعداد الضحايا وتدمير البُنى التحتية. العنف الجنسي كسلاح حرب تحوَّل العنف الجنسي في السودان إلى أداة وحشية لإخضاع المجتمع وتفكيك نسيجه الاجتماعي، حيث وثَّقت تقارير الأمم المتحدة 1، 138 حالةَ اغتصاب في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، تشمل 36 حالة من الاسترقاق الجنسي والاحتجاز القسري، بين ضحاياها أطفال دون الخامسة. ولا يقتصر هذا العنف على كونه انتهاكًا جسديًّا، بل يُستخدم سياسيًّا لإجبار الأسر على النزوح القسري أو تسليم أبنائها للتجنيد في صفوف الميليشيات، كما كان في ولاية الجزيرة، حيث أُجبرت عائلات على تزويج بناتها قسرًا تحت تهديد السلاح. وفي جلسة مجلس الأمن، الخميس الماضي، أدانت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا هذه الممارسات، وطالبت بمحاسبة الجناة عبر آليات دولية، ودعم الناجيات عبر توفير خدمات الرعاية النفسية والملاجئ المؤقتة. إلا أن استمرار الميليشيا دون عقاب، وتراجع التمويل الدولي لبرامج الحماية، ينذران بتفاقم المعاناة في ظل صمت دولي يغذي ثقافة العنف ويعمِّق جراح الضحايا. تدمير المنظومة الصحية وانتشار الأوبئة أصبحتِ المنظومة الصحية في السودان شاهدًا على دمار ممنهج تخلِّفه الصراعات المسلحة، حيث حوَّلت قوات الدعم السريع مرافق طبية حيوية إلى ثكنات عسكرية، كـمستشفى شرق النيل ومركز قطر لغسيل الكلى، ما أدى إلى تدمير 20 ماكينة متخصصة في غسيل الكلى، وحرمان آلاف المرضى من خدمات كانت تنقذ حياتهم. ولم يقتصرِ الأمر على السلب والنهب، بل شمل تحطيم البُنى التحتية للمستشفيات، وتحويل أقسام الطوارئ إلى مقرات لوجستية، مما أفقد البلادَ قدرةً حيويةً على مواجهة الكوارث الإنسانية. وفي ظل انهيار أنظمة الصرف الصحي وتلوث مصادر المياه، تفاقمتِالأزمات الصحية لتنشأ بؤر لانتشار أوبئة كـالكوليرا والملاريا وحمى الضنك، خاصة في مناطق مثل شرق النيل، حيث تعاني السلطات من صعوبات بالغةفي جمع الجثث المتحللة من بين أنقاض المعارك، مما يهدد بتفشي الأوبئة. وتشير تقارير محلية إلى أن تراكم النفايات الطبية والمخلفات البشرية حوَّل أحياء كاملة إلى أماكن غير صالحة للعيش، مع ارتفاع حاد في معدلات الوفيات بين الأطفال وكبار السن. أمام هذا الوضع الكارثي، أطلق مسؤولون سودانيون نداءات عاجلة لإعادة تأهيل المرافق الصحية المدمَّرة، إلا أنهم يواجهون عقبات جسيمة تتمثل في:شُحِّ الموارد المالية، نقص الدعم الدولي، فضلًا عن استمرار الأعمال العدائية التي تعوق جهود الإصلاح. ورغم المحاولات الأولية لاستعادة بعض المستشفيات، مثل بدء حملات تعقيم في شرق النيل، تظل الحاجة ملحةً إلى تقديم مساعدات دولية عاجلة لإنقاذ القطاع الصحي من الانهيار التام، وحماية المدنيين من تداعياتٍ أصبحت تهدد وجودَهم ذاته. تراجع التمويل شكَّل قرار إلإدارة الأمريكية بإلغاء المساعدات الخارجية ضربةً قاصمةً لأبناء السودان الذين يعانون من ويلات الحرب، وهم في أمسِّ الحاجة لتلك المساعدات، إذ خفَّضت 83% من برامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، التي كانت بمثابة شريان حياة لملايين السودانيين، ويثير هذا القرار مخاوفَ من تعطيل برامج حيوية تعالج سوء التغذية وتوفر الرعاية الطبية الطارئة، في وقت يحتاج فيه أكثر من 30 مليون سوداني -نصفهم أطفال- إلى مساعدات عاجلة. من جهتها، حذرت منظمة اليونيسف من أن تقليص التمويل سيعطل إيصال المساعدات إلى 16 مليون طفل، بينهم 1.3 مليون يعيشون في مناطق مجاعة، و3 ملايين معرَّضون لأمراض قاتلة مثل الكوليرا والملاريا. وأكدت أن استمرار تقليص المساعدات يفاقم من «دوامة المعاناة» التي تهدد بضياع جيل كامل بسبب الجوع والعنف وانعدام الرعاية الصحية. واقترح الأمين العام لمنظمة أطباء بلا حدود اعتماد «ميثاق إنساني» مدعوم بآليات مساءلة مستقلة، لمراقبة التزام الأطراف بتسهيل وصول المساعدات، ومعاقبة مَن يعرقلها. ويركز المقترح على إنشاء نظام دولي لرصد الانتهاكات، بدلًا من التصريحات الفضفاضة التي تفتقر إلى آلية تنفيذ، مما يعيد الأمل في إنقاذ حياة الملايين عبر ضمان تدفق المساعدات دون عوائق سياسية أو عسكرية. المجاعة.. السيناريو الأسوأ حذرتِ المنظمات الدولية من وقوع مجاعة في خمس مناطق بشمال دارفور وجنوب كردفان، فيما ترشح 17 منطقة أخرى لدخول مأساة المجاعة. حيث تكشف بيانات هذه المنظمات الدولية عن انهيارٍ شبه كامل للنظام الغذائي في تلك المناطق، وسط تقاعس دولي عن تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان، الذين يعتمدون بشكل كلي على المساعدات في بقائهم على قيد الحياة. وتُظهر الأرقام الصادمة حجمَ المأساة: فـ1.3 مليون طفل دون الخامسة يعيشون حاليًّا في بؤر المجاعة المعلنة، بينما يعاني 3 ملايين طفل من سوء التغذية الحاد، الذي يهدد حياتَهم بالإعاقات الدائمة أو الموت البطيء بسبب نقص المناعة وانتشار الأوبئة. ولا تقتصر الكارثة على النقص الغذائي، بل تمتد لتفكيك البُنى الاجتماعية، حيث تجبر قوات التمرد الأسرَ على بيع ممتلكاتهم وتزويج بناتهم القاصرات لأفراد الميليشيا مقابل الطعام، أو إجبارهم على تجنيد أحد أفراد الأسرة مقابل بقاء البقية على قيد الحياة. وهذا الوضع، الذي تصنِّفه الأمم المتحدة كواحد من أسوأ أزمات الجوع منذ عقود، يتطلب، أولًا: وقف التدخل الدولي في الأزمة السودانية، ثانيًا: تقديم المساعدات الإنسانية بشكل عاجل دون ربطها بتحقيق مصالح سياسية للداعمين، وثالثًا: التجريم الصريح لأفعال الميليشيا ومحاسبتها دوليًّا وجنائيًّا على تلك الأفعال. مشاهد من المأساة نقلت وبشكل منتظم، وسائلُ الإعلام المختلفة تلك المشاهد المأساوية التي يظهر فيها الآلاف من أبناء الشعب السوداني -خاصة النساء والأطفال- وهم يهرولون من قراهم على الحدود مع تشاد تحت زخات البنادق والمدافع التي تُطلقها ميليشيا الدعم. وما بين أملٍ في النجاة وتوسُّل لأفراد الميليشيا، استقبلت رمال الحدود السودانية أنهارًا من الدموع والدماء، لتعكس هذا المشهد الجنوني من رغبة جزء من أبناء الوطن في القتل والذبح والإفناء بلا رحمة، خاصة في مواجهة المدنيين العزل. كان صوت النساء النائحات على أزواجهن الذين ذُبحوا أمامهن، أو الثكالى على أطفالهن الذين نُحروا على يد الميليشيا، أو حتى هذا المتاع القليل الذي نهبته أفراد الميليشيا، وغيرها من الصور التي تكررت في مئات القرى، ومع عشرات الآلاف من أبناء دارفور.. نقول: كان كل هذا وغيره يعكس وحشيةَ هذه الحرب، وصدمةَ وذهولَ المراقبين الذين لم يتوقعوا يومًا أن جزءًا كان ينتمي للجيش السوداني ويقوم بحماية حدوده ينقلب حاله اليوم فيرتكب كل تلك الجرائم ضد الإنسانية، والمخالفة لكل القوانين الدولية، ليس لأن المدنيين شاركوا في قتالهم، ولكن لأن المدنيين فقط ينتمون إلى عِرقيات أخرى!! إنها مأساة العنصرية والجهل والقتل بالعمالة التي اصطبغت بلونها جرائمُ الحرب الدائرة في السودان الآن. ومن دارفور إلى الخرطوم، وفيما يشبه أفلام الخيال، اختطفتِ الميليشيا الفتيات بعد ذبح أسرهن، ليتم اغتصابهن ثم بيعهن في أسواق (الجلابة) باعتبارهن عبيدًا وسبايا حروب!! إنها قمة المأساة الإنسانية التي تعيد أفعالَالبشر إلى المستوى الوحشي ما قبل الحضارة. وفي كردفان دخلتِ الميليشيا البيوتَ للقبض على الأطفال وتجنيدهم قسرًا، وبدلًا من الذهاب إلى المدارس وممارسة الطفولة لعبًا وتعلُّمًا، تم اختطافُالأطفال للقتال، وقتل المئات من الأسر التي ترفض تسليم أطفالها للقتال مع قوات التمرد، ويتم تقييد هؤلاء الأطفال بسلاسل داخل العربات المسلحة حتى لا يهربوا من الميدان. وكل هذه المشاهد لم توقظ ضميرَ العالم كي يفيق من سُباته ويهبَّ لينقذ الشعبَ السوداني ويقف ضد هذه الجرائم العلنية، التي نقلتها في معظم الأحيان هواتفُ أفراد الميليشيا أنفسِهم ولم تأتِ من الطرف الآخر في الجيش السوداني. الحل سهل ميسور لو خلصتِ النيات ويبقى أن قرار إنهاء الأزمة في السودان هو الأسهل في الصراعات الإقليمية، لأن الضغط على الأطراف الداعمة ومنع تقديم الأسلحة للميليشيا يسهم بشكل فوري في إيقاف هذه المأساة الإنسانية. ويُجمع المراقبون على أن إنهاء الأزمة يتمثل في: 1. فرض عقوبات دولية صارمة على الدول والجهات الداعمة لـقوات الدعم السريع، عبر: حظر توريد الأسلحة، تجميد أصول القادة المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان، وجوب تفعيل آليات أممية لمحاسبة الجهات الخارجية التي تخالف اتفاقيات حظر نقل الأسلحة إلى مناطق النزاع. 2. حتمية توجيه تمويل دولي مستدام لبرامج الرعاية الطبية والنفسية للفارين من ويلات الحرب خاصة النساء والأطفال، وضرورة دعم منظمات المجتمع المدني التي توثِّق هذه الانتهاكات لملاحقة المجرمين أمام المحاكم الدولية. 3. إعادة إعمار السودان بعد تدمير مدنه الرئيسية بشكل شبه كامل، مع استعجال إعادة بناء وتأهيل المنشآت الطبية والخدمية باعتبارها المقومات الأساسية لبقاء الناس على قيد الحياة، عبر تعزيز التعاون بين الحكومة السودانية والمانحين الدوليين لتمويل مشاريع إعادة الإعمار، ويشمل ذلك:إصلاح شبكات المياه الملوثة، إعادة تأسيس المستشفيات، وتوفير معدات طبية حديثة لمواجهة الأوبئة. 4. وجوب ضغط المجتمع الدولي على قوات الدعم السريع لفتح ممرات آمنة لمواد الإغاثة، مما يسمح بتدفق المساعدات، ووصولها إلى الجائعين والمحتاجين، وخاصة النازحين في مخيمات اللجوء.