#أحدث الأخبار مع #خليل_حسينصحيفة الخليجمنذ يوم واحدسياسةصحيفة الخليجأمريكا.. والهجرة غير الشرعيةد. خليل حسين * ليست الولايات المتحدة وحدها التي تواجه معضلات في قضايا الهجرة غير الشرعية، لكنها تعتبر الأكثر تأثراً وتأثيراً بها، نظراً للعوامل والأسباب المتداخلة بتلك المشاكل. فالولايات المتحدة التي تعتبر الأكثر جذباً للهجرة الشرعية وغير الشرعية، تعاني اليوم معضلات ومشاكل حساسة متصلة بالأمن إلى جانب الاقتصاد، في وقت تعتبر المعالجات للوضع القائم، معالجات ذات طبيعة أمنية، وهي أمور تفاقم المشكلة ولا تسهم في تقويم الوضع أو أقله إنشاء بيئة قابلة للحياة تنتهي برؤى لحل مشكلة ترافقت تاريخياً مع معظم الحِقَب السياسية والاجتماعية للنظام السياسي الأمريكي. ففي لغة الأرقام، ورغم عدم دقتها بالنظر لتعدد جهات الإحصاءات وعدم القدرة على جمعها بطرق مهنية، يفوق مجموع أعداد المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة 12 مليون شخص، والمشكلة الأبرز في هذا السياق، أن مكتب الإحصاء الفيدرالي يدرج هذه الأعداد تحت بند الأشخاص المولودين خارج الولايات المتحدة، إذ أشار في إحصاء العام 2024 وجود 46 مليون شخص مقيم على الأراضي الأمريكية بصرف النظر عن وضعهم القانوني، وهم يشكلون 13 في المئة من المجموع العام للسكان، ويشكل تعداد المقيمين غير الشرعيين نسبة 22 في المئة من مجموع المولودين خارج أمريكا، ويعتبر رقماً عالياً من حيث المبدأ مقارنة بتعداد السكان. وبلغة الأرقام أيضاً، فقد قدر مركز سياسة الهجرة وجود 5.3 مليون مقيم من أصل مكسيكي، ونحو 700 ألف من السلفادور وغواتيمالا، و500 ألف لكل من الهند وهندوراس، ويشير إلى أن ربع هذه الأعداد مقيم منذ خمس سنوات، أما بخصوص وجهات الهجرة والإقامة فتتركز مؤخراً في ولاية تكساس بالنظر لموقعها الجغرافي اتصالاً بأمكنة المهاجرين كالمكسيك بشكل خاص ودول أمريكا اللاتينية الجنوبية والوسطى بشكل عام، إضافة إلى مناطق الساحل الشرقي للولايات المتحدة. وتشكّل ولايات كاليفورنيا وتكساس الوجهتين الرئيسيتين الأكثر جذباً للمهاجرين، حيث يصل التعداد في الأولى 2.6 مليون، فيما يبلغ في الثانية 2.1 مليون، حيث شكلت معضلة كبيرة مؤخراً تحاول الإدارة الأمريكية مواجهتها، إذ اعتبر الرئيس ترامب، أن أبرز أولوياته هي معالجة الهجرة غير الشرعية عبر ترحيلهم بالقوة إذا لزم الأمر، وهو ما أشعل الصدامات مؤخراً في العديد من المناطق وفي طليعتها فلوريدا، حيث استعملت القوة في المواجهات وتم استدعاء القوات الفيدرالية في عمليات المواجهة المفرطة في بعض الأحيان. إن مقاربة موضوعية لمعضلات الهجرة بشقّيها الشرعي وغير الشرعي، تبين أنها تشكل عقبة كأداء في النظم السياسية بما فيها الدول الكبرى كالولايات المتحدة، وهي بالمناسبة ظاهرة عامة وشائعة في مختلف المناطق وبخاصة في الدول التي تتمتع باقتصاديات لافتة، حيث مراكز الجذب المتصلة بالأسباب الاقتصادية والاجتماعية، عدا عن الأسباب السياسية وغيرها التي لا تشكل رقماً ذا معنى في المجموع العام، وثمة مفارقة يتحدث بها المختصون والمهتمون في هذا المجال، أنه إذا تم جمع تعداد المهاجرين في مختلف أصقاع العالم، فسيشكلون أكبر دولة، وغالبيتهم من فئات عمرية شابة نسبياً، وتتمتع بقدرات عملية واعدة إذا تم التعاطي مع الأعداد بطرق مناسبة. إلا أن ثمة أسباباً وظروفاً من الصعب تجاوزها أو استيعابها في عمليات مواجهة المعضلات، ومن بينها وضع الولايات المتحدة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تعتبر أمريكا في طليعة الدول التي تستهدف جذب المهاجرين من أصحاب المهن والاختصاصات المحددة، إضافة إلى طرحها برامج خاصة وعامة للجذب، وهي سنوية، حيث يستطيع أي فرد في العالم تقديم طلب الهجرة ليتم اختياره بطريق القرعة سنوياً، بصرف النظر عن العمر أو المؤهلات المطلوبة عادة، وهي تشكل مصدراً مهمّاً لرأب الصدع في الحياة الاقتصادية والاجتماعية الأمريكية، حيث الحاجة للاختصاصات والأيدي العاملة الماهرة، وهي أمور لا تتوانى الإدارات الأمريكية المتعاقبة المضي والعمل بها. فالتركيبة السياسية والاجتماعية والاقتصادية القائمة منذ نشأة الولايات المتحدة تعتمد على جذب المهاجرين، كوسيلة للاستمرار وتطوير النظام وبقائه في طليعة الدول المتقدمة على الصعيد العالمي، وما أكد ذلك، استيعاب واستغلال طاقات المهاجرين في عمليات البناء والتطوير. وثمة ظاهرة سلبية وقعت فيها الإدارة الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، حيث عمدت إلى التشدد القاسي في استقبال المهاجرين الجدد والتعاطي بطرق غير مرنة مع الوافدين، وكأن كل فرد مهاجر هو مشروع قنبلة موقوتة ستزرع في المجتمع الأمريكي. بالتأكيد ثمة أسباب مقلقة تجعل التعاطي الأمريكي مع هذه المشكلة أمراً معقداً ومن الصعب التخفيف منها أو تجاهلها، في وقت تتزايد أعمال العنف وحتى القتل في البيئات المهاجرة، أو التي تصنف كذلك. وعلى الرغم من وجود إحصائيات مختلفة تشير إلى أن الجرائم والعنف في المجتمعات الأمريكية المقيمة وغير المهاجرة هي أكثر من المجتمعات المهاجرة، إلا أن عدة عوامل وأسباب تعزز تلك الفرضية السلبية المتصلة بالمهاجرين ومن بينها عدم القدرة أو وجود وسائل مناسبة للاندماج الاجتماعي من جهة، وشيوع مظاهر العنصرية تجاه بعض الأعراق والقوميات، إضافة إلى عمليات المنافسة الاقتصادية والاجتماعية، جميعها تراكم حجم المشكلة وتضاعف من حجم آثارها وتداعياتها التي لا تنتهي عملياً.
صحيفة الخليجمنذ يوم واحدسياسةصحيفة الخليجأمريكا.. والهجرة غير الشرعيةد. خليل حسين * ليست الولايات المتحدة وحدها التي تواجه معضلات في قضايا الهجرة غير الشرعية، لكنها تعتبر الأكثر تأثراً وتأثيراً بها، نظراً للعوامل والأسباب المتداخلة بتلك المشاكل. فالولايات المتحدة التي تعتبر الأكثر جذباً للهجرة الشرعية وغير الشرعية، تعاني اليوم معضلات ومشاكل حساسة متصلة بالأمن إلى جانب الاقتصاد، في وقت تعتبر المعالجات للوضع القائم، معالجات ذات طبيعة أمنية، وهي أمور تفاقم المشكلة ولا تسهم في تقويم الوضع أو أقله إنشاء بيئة قابلة للحياة تنتهي برؤى لحل مشكلة ترافقت تاريخياً مع معظم الحِقَب السياسية والاجتماعية للنظام السياسي الأمريكي. ففي لغة الأرقام، ورغم عدم دقتها بالنظر لتعدد جهات الإحصاءات وعدم القدرة على جمعها بطرق مهنية، يفوق مجموع أعداد المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة 12 مليون شخص، والمشكلة الأبرز في هذا السياق، أن مكتب الإحصاء الفيدرالي يدرج هذه الأعداد تحت بند الأشخاص المولودين خارج الولايات المتحدة، إذ أشار في إحصاء العام 2024 وجود 46 مليون شخص مقيم على الأراضي الأمريكية بصرف النظر عن وضعهم القانوني، وهم يشكلون 13 في المئة من المجموع العام للسكان، ويشكل تعداد المقيمين غير الشرعيين نسبة 22 في المئة من مجموع المولودين خارج أمريكا، ويعتبر رقماً عالياً من حيث المبدأ مقارنة بتعداد السكان. وبلغة الأرقام أيضاً، فقد قدر مركز سياسة الهجرة وجود 5.3 مليون مقيم من أصل مكسيكي، ونحو 700 ألف من السلفادور وغواتيمالا، و500 ألف لكل من الهند وهندوراس، ويشير إلى أن ربع هذه الأعداد مقيم منذ خمس سنوات، أما بخصوص وجهات الهجرة والإقامة فتتركز مؤخراً في ولاية تكساس بالنظر لموقعها الجغرافي اتصالاً بأمكنة المهاجرين كالمكسيك بشكل خاص ودول أمريكا اللاتينية الجنوبية والوسطى بشكل عام، إضافة إلى مناطق الساحل الشرقي للولايات المتحدة. وتشكّل ولايات كاليفورنيا وتكساس الوجهتين الرئيسيتين الأكثر جذباً للمهاجرين، حيث يصل التعداد في الأولى 2.6 مليون، فيما يبلغ في الثانية 2.1 مليون، حيث شكلت معضلة كبيرة مؤخراً تحاول الإدارة الأمريكية مواجهتها، إذ اعتبر الرئيس ترامب، أن أبرز أولوياته هي معالجة الهجرة غير الشرعية عبر ترحيلهم بالقوة إذا لزم الأمر، وهو ما أشعل الصدامات مؤخراً في العديد من المناطق وفي طليعتها فلوريدا، حيث استعملت القوة في المواجهات وتم استدعاء القوات الفيدرالية في عمليات المواجهة المفرطة في بعض الأحيان. إن مقاربة موضوعية لمعضلات الهجرة بشقّيها الشرعي وغير الشرعي، تبين أنها تشكل عقبة كأداء في النظم السياسية بما فيها الدول الكبرى كالولايات المتحدة، وهي بالمناسبة ظاهرة عامة وشائعة في مختلف المناطق وبخاصة في الدول التي تتمتع باقتصاديات لافتة، حيث مراكز الجذب المتصلة بالأسباب الاقتصادية والاجتماعية، عدا عن الأسباب السياسية وغيرها التي لا تشكل رقماً ذا معنى في المجموع العام، وثمة مفارقة يتحدث بها المختصون والمهتمون في هذا المجال، أنه إذا تم جمع تعداد المهاجرين في مختلف أصقاع العالم، فسيشكلون أكبر دولة، وغالبيتهم من فئات عمرية شابة نسبياً، وتتمتع بقدرات عملية واعدة إذا تم التعاطي مع الأعداد بطرق مناسبة. إلا أن ثمة أسباباً وظروفاً من الصعب تجاوزها أو استيعابها في عمليات مواجهة المعضلات، ومن بينها وضع الولايات المتحدة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تعتبر أمريكا في طليعة الدول التي تستهدف جذب المهاجرين من أصحاب المهن والاختصاصات المحددة، إضافة إلى طرحها برامج خاصة وعامة للجذب، وهي سنوية، حيث يستطيع أي فرد في العالم تقديم طلب الهجرة ليتم اختياره بطريق القرعة سنوياً، بصرف النظر عن العمر أو المؤهلات المطلوبة عادة، وهي تشكل مصدراً مهمّاً لرأب الصدع في الحياة الاقتصادية والاجتماعية الأمريكية، حيث الحاجة للاختصاصات والأيدي العاملة الماهرة، وهي أمور لا تتوانى الإدارات الأمريكية المتعاقبة المضي والعمل بها. فالتركيبة السياسية والاجتماعية والاقتصادية القائمة منذ نشأة الولايات المتحدة تعتمد على جذب المهاجرين، كوسيلة للاستمرار وتطوير النظام وبقائه في طليعة الدول المتقدمة على الصعيد العالمي، وما أكد ذلك، استيعاب واستغلال طاقات المهاجرين في عمليات البناء والتطوير. وثمة ظاهرة سلبية وقعت فيها الإدارة الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، حيث عمدت إلى التشدد القاسي في استقبال المهاجرين الجدد والتعاطي بطرق غير مرنة مع الوافدين، وكأن كل فرد مهاجر هو مشروع قنبلة موقوتة ستزرع في المجتمع الأمريكي. بالتأكيد ثمة أسباب مقلقة تجعل التعاطي الأمريكي مع هذه المشكلة أمراً معقداً ومن الصعب التخفيف منها أو تجاهلها، في وقت تتزايد أعمال العنف وحتى القتل في البيئات المهاجرة، أو التي تصنف كذلك. وعلى الرغم من وجود إحصائيات مختلفة تشير إلى أن الجرائم والعنف في المجتمعات الأمريكية المقيمة وغير المهاجرة هي أكثر من المجتمعات المهاجرة، إلا أن عدة عوامل وأسباب تعزز تلك الفرضية السلبية المتصلة بالمهاجرين ومن بينها عدم القدرة أو وجود وسائل مناسبة للاندماج الاجتماعي من جهة، وشيوع مظاهر العنصرية تجاه بعض الأعراق والقوميات، إضافة إلى عمليات المنافسة الاقتصادية والاجتماعية، جميعها تراكم حجم المشكلة وتضاعف من حجم آثارها وتداعياتها التي لا تنتهي عملياً.