logo
أمريكا.. والهجرة غير الشرعية

أمريكا.. والهجرة غير الشرعية

صحيفة الخليجمنذ 18 ساعات

د. خليل حسين *
ليست الولايات المتحدة وحدها التي تواجه معضلات في قضايا الهجرة غير الشرعية، لكنها تعتبر الأكثر تأثراً وتأثيراً بها، نظراً للعوامل والأسباب المتداخلة بتلك المشاكل. فالولايات المتحدة التي تعتبر الأكثر جذباً للهجرة الشرعية وغير الشرعية، تعاني اليوم معضلات ومشاكل حساسة متصلة بالأمن إلى جانب الاقتصاد، في وقت تعتبر المعالجات للوضع القائم، معالجات ذات طبيعة أمنية، وهي أمور تفاقم المشكلة ولا تسهم في تقويم الوضع أو أقله إنشاء بيئة قابلة للحياة تنتهي برؤى لحل مشكلة ترافقت تاريخياً مع معظم الحِقَب السياسية والاجتماعية للنظام السياسي الأمريكي.
ففي لغة الأرقام، ورغم عدم دقتها بالنظر لتعدد جهات الإحصاءات وعدم القدرة على جمعها بطرق مهنية، يفوق مجموع أعداد المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة 12 مليون شخص، والمشكلة الأبرز في هذا السياق، أن مكتب الإحصاء الفيدرالي يدرج هذه الأعداد تحت بند الأشخاص المولودين خارج الولايات المتحدة، إذ أشار في إحصاء العام 2024 وجود 46 مليون شخص مقيم على الأراضي الأمريكية بصرف النظر عن وضعهم القانوني، وهم يشكلون 13 في المئة من المجموع العام للسكان، ويشكل تعداد المقيمين غير الشرعيين نسبة 22 في المئة من مجموع المولودين خارج أمريكا، ويعتبر رقماً عالياً من حيث المبدأ مقارنة بتعداد السكان.
وبلغة الأرقام أيضاً، فقد قدر مركز سياسة الهجرة وجود 5.3 مليون مقيم من أصل مكسيكي، ونحو 700 ألف من السلفادور وغواتيمالا، و500 ألف لكل من الهند وهندوراس، ويشير إلى أن ربع هذه الأعداد مقيم منذ خمس سنوات، أما بخصوص وجهات الهجرة والإقامة فتتركز مؤخراً في ولاية تكساس بالنظر لموقعها الجغرافي اتصالاً بأمكنة المهاجرين كالمكسيك بشكل خاص ودول أمريكا اللاتينية الجنوبية والوسطى بشكل عام، إضافة إلى مناطق الساحل الشرقي للولايات المتحدة. وتشكّل ولايات كاليفورنيا وتكساس الوجهتين الرئيسيتين الأكثر جذباً للمهاجرين، حيث يصل التعداد في الأولى 2.6 مليون، فيما يبلغ في الثانية 2.1 مليون، حيث شكلت معضلة كبيرة مؤخراً تحاول الإدارة الأمريكية مواجهتها، إذ اعتبر الرئيس ترامب، أن أبرز أولوياته هي معالجة الهجرة غير الشرعية عبر ترحيلهم بالقوة إذا لزم الأمر، وهو ما أشعل الصدامات مؤخراً في العديد من المناطق وفي طليعتها فلوريدا، حيث استعملت القوة في المواجهات وتم استدعاء القوات الفيدرالية في عمليات المواجهة المفرطة في بعض الأحيان.
إن مقاربة موضوعية لمعضلات الهجرة بشقّيها الشرعي وغير الشرعي، تبين أنها تشكل عقبة كأداء في النظم السياسية بما فيها الدول الكبرى كالولايات المتحدة، وهي بالمناسبة ظاهرة عامة وشائعة في مختلف المناطق وبخاصة في الدول التي تتمتع باقتصاديات لافتة، حيث مراكز الجذب المتصلة بالأسباب الاقتصادية والاجتماعية، عدا عن الأسباب السياسية وغيرها التي لا تشكل رقماً ذا معنى في المجموع العام، وثمة مفارقة يتحدث بها المختصون والمهتمون في هذا المجال، أنه إذا تم جمع تعداد المهاجرين في مختلف أصقاع العالم، فسيشكلون أكبر دولة، وغالبيتهم من فئات عمرية شابة نسبياً، وتتمتع بقدرات عملية واعدة إذا تم التعاطي مع الأعداد بطرق مناسبة.
إلا أن ثمة أسباباً وظروفاً من الصعب تجاوزها أو استيعابها في عمليات مواجهة المعضلات، ومن بينها وضع الولايات المتحدة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تعتبر أمريكا في طليعة الدول التي تستهدف جذب المهاجرين من أصحاب المهن والاختصاصات المحددة، إضافة إلى طرحها برامج خاصة وعامة للجذب، وهي سنوية، حيث يستطيع أي فرد في العالم تقديم طلب الهجرة ليتم اختياره بطريق القرعة سنوياً، بصرف النظر عن العمر أو المؤهلات المطلوبة عادة، وهي تشكل مصدراً مهمّاً لرأب الصدع في الحياة الاقتصادية والاجتماعية الأمريكية، حيث الحاجة للاختصاصات والأيدي العاملة الماهرة، وهي أمور لا تتوانى الإدارات الأمريكية المتعاقبة المضي والعمل بها.
فالتركيبة السياسية والاجتماعية والاقتصادية القائمة منذ نشأة الولايات المتحدة تعتمد على جذب المهاجرين، كوسيلة للاستمرار وتطوير النظام وبقائه في طليعة الدول المتقدمة على الصعيد العالمي، وما أكد ذلك، استيعاب واستغلال طاقات المهاجرين في عمليات البناء والتطوير. وثمة ظاهرة سلبية وقعت فيها الإدارة الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، حيث عمدت إلى التشدد القاسي في استقبال المهاجرين الجدد والتعاطي بطرق غير مرنة مع الوافدين، وكأن كل فرد مهاجر هو مشروع قنبلة موقوتة ستزرع في المجتمع الأمريكي.
بالتأكيد ثمة أسباب مقلقة تجعل التعاطي الأمريكي مع هذه المشكلة أمراً معقداً ومن الصعب التخفيف منها أو تجاهلها، في وقت تتزايد أعمال العنف وحتى القتل في البيئات المهاجرة، أو التي تصنف كذلك. وعلى الرغم من وجود إحصائيات مختلفة تشير إلى أن الجرائم والعنف في المجتمعات الأمريكية المقيمة وغير المهاجرة هي أكثر من المجتمعات المهاجرة، إلا أن عدة عوامل وأسباب تعزز تلك الفرضية السلبية المتصلة بالمهاجرين ومن بينها عدم القدرة أو وجود وسائل مناسبة للاندماج الاجتماعي من جهة، وشيوع مظاهر العنصرية تجاه بعض الأعراق والقوميات، إضافة إلى عمليات المنافسة الاقتصادية والاجتماعية، جميعها تراكم حجم المشكلة وتضاعف من حجم آثارها وتداعياتها التي لا تنتهي عملياً.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عبدالله بن زايد: الإمارات والولايات المتحدة ترتبطان بعلاقات تاريخية راسخة
عبدالله بن زايد: الإمارات والولايات المتحدة ترتبطان بعلاقات تاريخية راسخة

البيان

timeمنذ 3 ساعات

  • البيان

عبدالله بن زايد: الإمارات والولايات المتحدة ترتبطان بعلاقات تاريخية راسخة

التقى سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، هوارد لوتنيك، وزير التجارة الأمريكي، وذلك خلال زيارة عمل يقوم بها سموه إلى واشنطن. ورحب هوارد لوتنيك، بسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان والوفد المرافق، وبحث الجانبان خلال اللقاء العلاقات الاستراتيجية المتميزة بين دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية، وجهود البلدين الصديقين لتعزيزها وتطوير التعاون الثنائي والشراكة، بما يحقق مصالحهما المتبادلة ويعود بالرخاء والازدهار على شعبيهما. كما استعرضا مخرجات زيارة الدولة التي قام بها فخامة دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، إلى دولة الإمارات في شهر مايو الماضي، ودورها المهم في دعم وتوسيع مسارات التعاون الثنائي في المجالات كافة، التي تخدم الأولويات التنموية للبلدين، وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي، وكذلك المجالات الاقتصادية والمالية والتجارية وغيرها. وأكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، خلال اللقاء، أن دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية ترتبطان بعلاقات تاريخية راسخة، ترتكز على قاعدة صلبة من الثقة والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وباتت نموذجاً للتعاون البنّاء والمثمر الذي يدعم التنمية المشتركة ويحقق مزيداً من الازدهار والتقدم لشعبيهما. كما أكد سموه، أن العلاقات الإماراتية الأمريكية تزخر بفرص واعدة للنمو والتطور على الأصعدة المختلفة، وأن هناك حرصاً مشتركاً من البلدين الصديقين على استثمار هذه الفرص لتحقيق تطلعاتهما في التنمية الشاملة والازدهار الاقتصادي المستدام. حضر اللقاء، معالي يوسف مانع العتيبة، سفير الدولة لدى الولايات المتحدة، ومعالي لانا زكي نسيبة، مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية، وسعيد مبارك الهاجري، مساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية والتجارية.

نكسة قضائية لترامب في رده على تظاهرات لوس أنجلوس
نكسة قضائية لترامب في رده على تظاهرات لوس أنجلوس

الإمارات اليوم

timeمنذ 3 ساعات

  • الإمارات اليوم

نكسة قضائية لترامب في رده على تظاهرات لوس أنجلوس

أصدر قاضٍ فيدرالي أميركي حكماً بعدم قانونية قرار الرئيس دونالد ترامب نشر الحرس الوطني في ولاية كاليفورنيا للتصدي للاحتجاجات التي تشهدها، في نكسة قضائية جديدة للرئيس الجمهوري. وطعنت وزارة العدل على الفور في القرار، معتبرة أنه يشكل «تدخلاً استثنائياً في السلطة الدستورية للرئيس بصفته القائد الأعلى». وقال القاضي تشارلز براير، إن الرئيس لم «يتبع الإجراءات القانونية الواجبة التي يفرضها الكونغرس على أفعاله»، وأمر بإعادة السلطة على هذه القوة العسكرية الاحتياطية إلى حاكم ولاية كاليفورنيا الديمقراطي، غافين نيوسوم، الذي طعن في نشر هذه القوة أمام القضاء، مندداً بـ«خطوة نحو الاستبداد». وبعد صدور القرار، صرح نيوسوم الذي دخل في الآونة الأخيرة في سجال حاد وعلني مع ترامب، خلال مؤتمر صحافي، بأن الرئيس «ليس ملكاً، وعليه أن يتوقف عن التصرف كملك». وعلق القاضي براير تنفيذ قراره حتى أمس، غير أن المحكمة العليا أرجأت المهلة حتى الثلاثاء المقبل، لتتمكن من النظر في طعن وزارة العدل. وبذلك يحتفظ ترامب بالسلطة الفيدرالية على الحرس الوطني في كاليفورنيا خلال عطلة نهاية الأسبوع. وشهدت لوس أنجلوس تظاهرات الأسبوع الماضي، احتجاجاً على تصعيد حملة توقيف مهاجرين مقيمين بصورة غير قانونية في البلاد، غير أنها بقيت محصورة في بعض شوارع المدينة الشاسعة. وإن كانت الاحتجاجات بقيت سلمية بشكل أساسي، إلا أنها شهدت حوادث متفرقة تضمنت أعمال تخريب ونهب وإحراق سيارات واشتباكات مع قوات الشرطة. غير أن القاضي رأى في قراره الواقع في 36 صفحة أن العنف المسجل «بعيد جداً» عن «التمرد» الذي وصفه ترامب لتبرير نشر القوات. وأعلن ترامب أول من أمس، أن عودة الهدوء النسبي إلى لوس أنجلوس هو نتيجة ردّه الشديد، غير أن حظر التجول الذي أعلنته بلدية المدينة قد يكون له دور في ذلك. وكتب ترامب قبل صدور قرار القاضي، أن غافين نيوسوم «فقد السيطرة تماماً على الوضع»، مضيفاً: «يجدر به أن يقول شكراً، لأنني أنقذته بدلاً من محاولة تبرير أخطائه وعدم كفاءته». ويعتبر نيوسوم (57 عاماً)، الشخصية المحورية في المعارضة الديمقراطية، ومرشحاً محتملاً للانتخابات الرئاسية في عام 2028. وأصدر القاضي قراره بعد تصاعد مواجهة كاليفورنيا مع الإدارة، أول من أمس، عندما تم تكبيل سيناتور أميركي وإخراجه من مؤتمر صحافي كانت تعقده وزيرة الأمن القومي، كريستي نويم، حول حملة توقيف المهاجرين. وكان السيناتور أليكس باديلا، تعرض للدفع وأُخرج بالقوة من قاعة مبنى فيدرالي في لوس أنجلوس لدى محاولته توجيه سؤال لنويم، حول عمليات التوقيف في ثاني أكبر مدينة أميركية.

بكين تستخدم «المعادن النادرة» ورقة ضغط على واشنطن بالمفاوضات التجارية
بكين تستخدم «المعادن النادرة» ورقة ضغط على واشنطن بالمفاوضات التجارية

الإمارات اليوم

timeمنذ 3 ساعات

  • الإمارات اليوم

بكين تستخدم «المعادن النادرة» ورقة ضغط على واشنطن بالمفاوضات التجارية

مستخدمةً ورقة المعادن النادرة للضغط على واشنطن، استطاعت بكين أن تكسب الوقت لبناء نقاط قوتها وإطالة أمد المفاوضات مع الولايات المتحدة، لتجعلها ترضخ لمطالبها. هذه هي الاستراتيجية التي اتبعتها بكين منذ أن رفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرسوم الجمركية على السلع الصينية في أبريل الماضي، سعياً لدفع الصين إلى استيراد المزيد من السلع الأميركية وتقليل صادراتها إلى الولايات المتحدة. لكن بدلاً من أن ترضخ الصين لمطالب ترامب، اعتمدت على ورقة رابحة، هي سيطرتها على المعادن النادرة التي تعتمد عليها الولايات المتحدة، في حين ركزت على محادثات مطولة بدلاً من الوصول إلى نتائج ملموسة. وإذا افترضنا أن الرئيس الصيني شي جين بينغ، كتب كتاباً بعنوان «فن التعامل مع ترامب»، على غرار كتاب ترامب «فن الصفقة»، فمن المرجح أنه سيدعو إلى استغلال نقاط ضعف الرئيس الأميركي لممارسة أقصى قدر من الضغوط، ثم استخدام الوقت المكتسب لتعزيز موقفه. خطوات غامضة وذكر محللون أن اجتماعات كتلك التي اختتمت أخيراً في لندن بين واشنطن وبكين، وتلك التي عُقدت الشهر الماضي في جنيف، تُبقي الولايات المتحدة غارقة في مفاوضات حول خطوات إجرائية غامضة، مثل وضع «إطار عمل» للمحادثات. وهذا يسمح للصين بتجنب الخوض في النزاعات الشائكة، مثل اتهامات واشنطن لها بدعم الصناعات بشكل غير عادل، وإغراق الأسواق بالبضائع، وتقييد قدرة الشركات الأجنبية على ممارسة الأعمال التجارية في الصين. وقال الزميل في مؤسسة «بروكينجز»، جوناثان كزين، الذي عمل سابقاً في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في تحليل السياسة الصينية: «أعتقد أن الصين مرتاحة للغاية لهذه الدورة من المناوشات الاقتصادية مع الولايات المتحدة والتي تليها حلقات من الدبلوماسية التي تعود فقط إلى الوضع الراهن». وأضاف: «لعبة القط والفأر هذه تمنع الولايات المتحدة من إحراز أي تقدم في معالجة أي من المخاوف الأميركية الأساسية بشأن سياسات الصين غير العادلة وغير الملتزمة بالسوق». تجنب الضغوط لدى الصين تاريخ طويل في إحباط الولايات المتحدة في حوارات اقتصادية غالباً ما لا تُفضي إلى نتائج. ويقول النقاد إن هذا التفاعل يسمح لبكين بتجنب الضغوط الأميركية مع الاستمرار في بناء اقتصادها وقدرتها التصنيعية كما تراه مناسباً. المعادن النادرة خير مثال على ذلك، حيث تُهيمن الصين على إمدادات العالم من هذه المعادن والمغناطيسات المصنوعة منها، والتي تُستخدم في السيارات والطائرات و«الروبوتات» وأشباه الموصلات. ورداً على رسوم إدارة ترامب الجمركية، أوقفت بكين شحنات هذه المعادن. وحتى مع تفاوض البلدين على استئناف هذه الصادرات، كانت الصين تُشدد قبضتها على تهريب المعادن النادرة خارج البلاد. واجتمع كبار المسؤولين من وكالات الجمارك والتجارة والشرطة والتجسس الصينية في التاسع من مايو الماضي، لوضع استراتيجية لحملة تهدف إلى منع تهريب المعادن النادرة. وبعد ثلاثة أيام، اجتمع مسؤولون من 11 وزارة وطنية وسبع مقاطعات، وأصدروا بياناً مشتركاً عبر وزارة التجارة. وأشار البيان إلى أن «مراقبة صادرات المعادن الاستراتيجية مرتبطة بالأمن القومي ومصالح التنمية، وأن تعزيز الرقابة على سلسلة التصدير بأكملها هو الأساس»، كما دعا البيان إلى التتبع الشامل للمعادن النادرة في كل مرحلة من مراحل الإنتاج والنقل. مؤشرات وقالت مستشارة الاستخبارات السابقة في وزارة الدفاع الأميركية، كيرستن أسدال، والتي ترأس حالياً شركة «أسدال» الاستشارية المُتخصصة في شؤون الصين: «نرى تماماً الإجراءات المتزايدة التي تتخذها الصين خلف الكواليس لإحكام قبضتها المركزية على صادرات المواد الاستراتيجية». وأضافت: «بهذه الطريقة يُمكن لبكين أن تُشدد أو تُخفف سياستها بدقة عالية واستجابة للظروف السياسية، وهي مؤشرات على استعدادها لاستخدامها كورقة ضغط مُتكررة لفترة طويلة مقبلة». لم يتضح بعد ما اتفق عليه البلدان بالضبط بعد محادثات لندن، التي وُصفت بالتوتر، فقد قال ترامب في منشور له على مواقع التواصل الاجتماعي الأربعاء الماضي بأحرف كبيرة، إن «الصين ستوفر مسبقاً جميع المغناطيسات، وأي معادن أرضية نادرة ضرورية»، مضيفاً: «تم الاتفاق بيننا وبين الصين، وهو يخضع للموافقة النهائية من جانبي أنا والرئيس شي». لكن الصين لم تعلن صراحة أن شحنات المعادن الأرضية النادرة ستعود إلى الولايات المتحدة كما في السابق. ورداً على سؤال حول ذلك، اكتفى المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية، هي يادونغ، خلال مؤتمر صحافي، بالقول إن الصين «وافقت على عدد معين من الطلبات المطابقة لشحنات المعادن الأرضية النادرة، وستواصل تعزيز هذه الموافقات». وقال مدير معهد الاقتصاد الدولي في جامعة بكين، وانغ يوشينغ، إن «الصين تُحاول على الأرجح التهرب من التهديد بفرض قيود على الصادرات كوسيلة ضغط.. إنه ليس تخفيفاً كاملاً، وليس حظراً كاملاً كما كان من قبل»، مضيفاً: «هذه الحالة الوسيطة تسمح للصين بأن تكون أكثر استباقية نسبياً إذا قمعتها الولايات المتحدة». مخاطر استراتيجية الرئيس الصيني ليست خالية من المخاطر، وحتى مع تفوق بلاده على أميركا في ما يتعلق بالمعادن النادرة، فإن ترامب، على الرغم من تقلباته، قد يقرر اللجوء إلى فرض رسوم جمركية مجدداً أو فرض إجراءات عقابية أخرى ضد بكين إذا شعر بالإحباط من المفاوضات أو رأى أن صادرات الصين من المعادن النادرة لاتزال متأخرة. كما أن اقتصاد الصين ليس قوياً كما كان في الحرب التجارية الأولى، حيث إن الصادرات، والتي تُعتبر المحرك الاقتصادي الرئيس للصين، تباطأت، والرسوم الجمركية على السلع الصينية التي ذكر ترامب أنها تبلغ 55%، ستظل ضارة باقتصاد البلاد. ولاتزال سوق العقارات الصينية تحاول الخروج من الأزمة التي ألمت بها، كما تضررت إحدى أكثر الصناعات الواعدة في البلاد، وهي صناعة السيارات الكهربائية، من فائض الطاقة الإنتاجية وحرب أسعار قاسية. وفي إشارة محتملة إلى قلق الحكومة إزاء تداعيات تباطؤ الاقتصاد الصيني على المواطنين العاديين، أعلنت الحكومة الصينية الاثنين الماضي عن توجيهات تهدف إلى «تلبية احتياجات الشعب العاجلة والصعبة والملحة» في الحصول على التعليم وخدمات رعاية المسنين والأطفال والتأمين الاجتماعي، على الرغم من أنها لم تُقدم سوى تفاصيل قليلة. ومع ذلك، يراهن الرئيس الصيني على قدرته على الصمود أكثر من ترامب في حرب تجارية طويلة الأمد، مستغلاً تعرض ترامب للاستياء العام في الولايات المتحدة، وفقاً لمحللين صينيين. ويقول الباحث في العلاقات الدولية في شنغهاي، شين دينغلي، إن «السياسة الداخلية هي الجانب الضعيف» للولايات المتحدة. عن «نيويورك تايمز» • بكين استطاعت أن تكسب الوقت لبناء نقاط قوتها وإطالة أمد المفاوضات مع الولايات المتحدة لتجعلها ترضخ لمطالبها. هدنة هشة وفر الاتفاق التجاري بين واشنطن وبكين، والذي تم التوصل إليه بعد اتصال هاتفي بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ، الأسبوع الماضي، هدنة هشة للغاية في الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية، لين جيان، في مؤتمر صحافي أول من أمس: «لطالما أوفت الصين بالتزامها وحققت نتائج.. الآن وقد تم التوصل إلى توافق في الآراء يجب على الجانبين الالتزام به». وأنهى الاتصال الهاتفي بين الرئيسين أزمة اندلعت بعد أسابيع فقط من التوصل إلى اتفاق مبدئي في جنيف. وسرعان ما أعقب الاتصال المزيد من المحادثات في لندن قالت واشنطن إنها أكملت اتفاق جنيف لتخفيف الرسوم الجمركية المتبادلة. بكين - رويترز

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store