logo
#

أحدث الأخبار مع #دارالهلال

سليمان البستاني في مئويته...جسر بين الفكر العربي واليوناني
سليمان البستاني في مئويته...جسر بين الفكر العربي واليوناني

المدن

timeمنذ يوم واحد

  • ترفيه
  • المدن

سليمان البستاني في مئويته...جسر بين الفكر العربي واليوناني

سليمان البستاني 1856-1925 هو من تلك الدوحة البستانية التي لعبت دوراً ظاهرا في حركة النهضة وفي تاريخ الآدب العربي. نتذكره في مئويته ونجزي له التحية. هو سليمان بن خطار بن سلوم البستاني. ولد في ابكشتين (اقليم الخروب، الشوف) تلقى دروسه الأولى على يد عمه المطران عبد الله. دخل إلى المدرسة الوطنية التي أنشاها نسيبه المعلم بطرس البستاني ودرس فيها علي يد ناصيف اليازجي ويوسف الأسير وتخرّج متفوقاً في الأدب والشعر. اشتغل بالتدريس والصحافة ونشر في" الجنان" و"الجنة" و"الجنينة. "وشارك في تأليف دائرة المعارف. وحمل العبء كاملا وأصدر المجلد التاسع والعاشر والحادي عشر. انتخب عضوا في مجلس المبعوثان العثماني واصبح رئيسا له في العام 1910. وتولى وزارة الزراعة والتجارة. ووقف ضد الهجمة الصهيونية على اراضي بيسان. من مؤلفاته: "لكل فن مطلب" (قاموس) و"الدولة العثمانية قبل الدستور وبعده" و"طريقة الاختزال العربي" و"تاريخ العرب" في 4 مجلدات. و"عبرة وذكرى" وهو الكتاب الذي انتخب على أساسه نائبا عن بيروت بالإجماع. أما عمله الفذّ فكان ترجمة "الإلياذة" للشاعر اليوناني هوميروس وصدرت عن دار الهلال في القاهرة عام 1904. وهي أول ترجمة شعرية عربية كاملة لنص ملحمي بلغة أجنبية وعن لغته الاصلية ولم تزل حتى اليوم تنعم بفرادتها بكونها الترجمة الشعرية العربية الوحيدة. كما أن مقدمته للالياذة فهي أول محاولة في عصر النهضة في البحث في الأدب المقارن. وقد استقرأ في بحثه الشعر العربي وبحوره ومعجمه واغراضه وأساليبه بحثاً عن أداة الترجمة الشعرية. أحب البستاني أن ينقل الإلياذة إلى العربية وقد راها تنقل إلى لغات العالم وفي ذلك يقول: "نشأت في بيت على شغف غير يسير بالأدب وقد عرفت منذ صغري بقراءة القصص وسماع الحكايات. قرات آلف ليلة وليلة والزير سالم وعنترة العبسي. هذا التتبع جعلني أعرف ما يعيره الأدب العربي والأوروبي من اهتمام بالنص القديم وخصوصاً الأدب اليوناني القديم الذي يمثله هوميروس خير تمثيل فأقبلت على هذه الملحمة قراءة ودراسة وفهماً واستيعاباً. ثم عقدت العزم على ترجمتها إلى العربية ليستفيد منها الأدب العربي وتثرى بها اللغة العربية. "أعتمد البستاني في الترجمة بداية على اللغة الإنكليزية لكنه بعد سنوات من العمل وجد أن الكثير من رونق الملحمة سيضيع وستفقد كثيراً من روح الأصل. عقد العزم على تعلم اللغة اليونانية القديمة ليفهم اسرارها ويستشف روحها وتعابيرها الجمالية في الترجمة. ولم يكتف بذلك بل زار اليونان وشاهد المواقع على الأرض ووقف على عادات اليونانيين وتقاليدهم ليزيد من فهمه للإلياذة نصاً وروحاً. ترجمها شعراً من 7000 شطر باليومانية جعلها البستاني 22000 شطرا في العربية. واستغرق عمله 17 عاما ووضع للترجمة مقدمة عن فن الملاحم وأصوله والأسرار التي حالت من وجوده في الادب العربي رغم استشهاده ببعض النصوص التي لها نفس ملحمي في تراثنا الشعري. وقد اعتبر البعض آن عمله هذا هو وصل ما انقطع بين الفكر العربي واليوناني. لكن الأهم في رأي الكاتب المسرحي والناقد عصام محفوظ "آن البستاني هنا أكد قدرة الشعر العربي على استيعاب الملاحم وشحذ القرائح الشعرية". ولكن ماذا آخذه للسياسة؟ حبه للسفر. فقد زار القاهرة عام 1888 وزار العراق والهند وإيران والاستانة وأوروبا وأميركا. عين نائباً في مجلس المبعوثان ثم وزيراً للتجارة والزراعة. نادى البستاني بتوحيد التعليم في المدارس الحكومية وتوسيع المجال للمدارس الوطنية ودراسة الفلسفة والاجتماع والتاريخ وفتح الأندية وتعزيز الجمعيات. كما عارض في كتاباته التعصب للجنس والدين. وخلص إلى "أن صهر عناصر الأمة في بوتقة الوطن تقضي على شياطين الفتنة". في اخر سنواته انتدب البستاني إلى أميركا لإدارة القسم العثماني في معرض شيكاغو. أنشأ مجلة "المعرض" محاولا التعريف بالشرق لكن السلطات العثمانية طلبت تكريس نصف صفحات المجلة لتمجيد الباب العالي فاغلقها. استقال سليمان البستاني من مجلس المبعوثان في بداية الحرب العالمية الأولى بعد مطالبته بالتمسك بالحياد في الحرب وما استطاع فقدم إستقالته. لاموه غير مرة لأنة انصرف عن العلم إلى السياسة فأجاب: "نعم قد أسأت إلى نفسي... على أنني أرجو انني لم أسيء إلى أحد". استقر في أميركا لتلقي العلاج والتقى هناك جبران وأعضاء الرابطة القلمية. لم يفلح العلاج وتوفي في أميركا في العام 1925. وكتب جبران في رثائه: "من منا سمع برجل سلك كل المسالك واجتاز كل المعابر قمن النثر إلى النظم إلى التجارة إلى الإدارة إلى النيابة إلى الوزارة ثم يجيء إلى بابل الجديدة فيقول لصديق له: الرجل الرجل من يخدم لا من يستخدم، وينفع ولا يستنفع، ويبقى مجهولا". وختم جبران: "أن البستاني واحد من القليلين الذين يمرون بهذا العالم ويتركون وراءهم أغنية ترددها الأودية والمغاور كل صباح وكل مساء". (*) كلمة القيت في ندوة عقدت أمس في معرض العربي للكتاب.

أمينة السعيد.. امرأة بقامة وطن كسرت الصمت وكتبت تاريخ المرأة في الصحافة المصرية
أمينة السعيد.. امرأة بقامة وطن كسرت الصمت وكتبت تاريخ المرأة في الصحافة المصرية

بوابة الفجر

timeمنذ 5 أيام

  • سياسة
  • بوابة الفجر

أمينة السعيد.. امرأة بقامة وطن كسرت الصمت وكتبت تاريخ المرأة في الصحافة المصرية

في زمن كانت المرأة فيه تُحاصر بين جدران الصمت والتهميش، خرج صوت أمينة السعيد ليقلب الموازين، لا بصرخة غاضبة، بل بكلمة صادقة وموقف حاسم، لم تكن مجرد كاتبة أو صحفية، بل كانت مدرسة في التنوير، جسدت بقلمها ووعيها الحاد صورة المرأة المصرية القوية، الطامحة، والمتمردة على كل أشكال الإقصاء. على مدار عقود، أسهمت أمينة السعيد في صياغة وعي نسوي جديد، وكانت من أوائل من فتحن الأبواب المغلقة أمام النساء للحديث، والكتابة، والمشاركة في الشأن العام، في إطار ذلك، يرصد الفجر أبرز محطات أمينة السعيد تزامنًا مع ذكرى ميلادها نشأة شكلتها القيود وغذّتها الأحلام وُلدت أمينة السعيد عام 1914، ونشأت في بيئة محافظة بصعيد مصر، وتحديدًا في محافظة أسيوط، منذ طفولتها، أدركت أن هناك ظلمًا ممنهجًا يُمارس ضد الفتيات، حيث يُفرض عليهن الحجاب مبكرًا، ويُمنعن من التعليم والاختلاط، لكنّها لم تستسلم لتلك التقاليد، بل حولت إحساسها بالرفض إلى دافعٍ للتمرد والبحث عن أفقٍ أوسع للحرية. خطواتها الأولى في دروب النضال النسوي في سن الرابعة عشرة، التحقت بالاتحاد النسائي المصري بقيادة هدى شعراوي، والتي شكّلت وعيها النسوي والسياسي، لم تكن عضويتها شكلية، بل كانت بداية حقيقية لرحلة نضال طويلة ستخوضها لاحقًا في عالم الصحافة والفكر، كانت تلك الخطوة الأولى نحو بناء شخصية قوية ومثقفة تُدرك حجم التحديات التي تواجه المرأة المصرية. تجربة جامعية شكلت وعيها التحرري كانت أمينة من أوائل النساء اللاتي التحقن بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا)، في وقت كان وجود فتاة في الحرم الجامعي مثار استغراب ورفض، درست الأدب الإنجليزي، وخاضت معركة رمزية برفضها ارتداء الحجاب التقليدي، ومارست الأنشطة الجامعية بحرية، لتصبح رمزًا للمرأة المثقفة التي تفرض حضورها بثقة وتميّز. انطلاقتها في عالم الصحافة بعد تخرجها، شقت أمينة طريقها في الصحافة، بداية من مجلات "كوكب الشرق" و"آخر ساعة"، ثم التحقت بمجلة "المصور" التابعة لمؤسسة دار الهلال، كانت موهبتها وقوة شخصيتها كفيلتين بأن تفرض اسمها وسط بيئة مهنية يهيمن عليها الرجال، لكن محطة التحول الكبرى كانت عام 1954، حين أسندت إليها رئاسة تحرير مجلة "حواء"، أول مجلة نسائية تصدر عن مؤسسة صحفية كبيرة. "حواء".. منصة للنضال والتغيير حولت أمينة مجلة "حواء" من مجرد مجلة نسائية تقليدية إلى منبر نسوي صلب، يناقش قضايا التعليم والزواج والحقوق السياسية للمرأة، ويطرح أفكارًا جريئة غير معتادة في ذلك الوقت، كانت المجلة بمثابة مساحة حرّة لتأكيد مكانة المرأة كعنصر فاعل في بناء المجتمع، لا مجرد تابع أو كائن هامشي. أول امرأة تتولى رئاسة "دار الهلال" في عام 1976، وصلت أمينة السعيد إلى قمة جديدة في مسيرتها، عندما أصبحت أول امرأة تتولى رئاسة مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال العريقة، بذلك دخلت التاريخ الإعلامي من أوسع أبوابه، وأثبتت أن المرأة قادرة على إدارة كبرى المؤسسات الصحفية بنفس الكفاءة والحسم اللذين يتمتع بهما الرجال. مواقف فكرية صلبة وجرأة بلا حدود عرفت أمينة السعيد بمواقفها الجريئة، فقد كانت من أشد المدافعات عن إلغاء المحاكم الشرعية، ومناصِرة لحقوق المرأة في العمل والتعليم والمساواة الكاملة، لم تتردد في مواجهة رجال الدين والتيارات الرجعية، وكانت تعتبر أن معركة المرأة ليست فقط في نيل الحقوق، بل في كسر الأفكار التي تقيدها وتُبرر التمييز ضدها. نتاج أدبي يُعبّر عن هموم المرأة كتبت أمينة السعيد عددًا من الروايات والكتب التي تناولت فيها قضايا المرأة من منظور اجتماعي وإنساني، مثل رواية "الجامحة" و"أوراق الخريف" و"وجوه في الظلام". استخدمت الأدب كوسيلة أخرى للبوح، وكشفت من خلاله عن عالم المرأة الداخلي، وصراعها مع القيود الاجتماعية. التكريم والرحيل كرّمها الرئيس جمال عبد الناصر بوسام الاستحقاق، كما حصلت على عدد من الجوائز والتقديرات المحلية والدولية، ورغم أن رحيلها في 13 أغسطس عام 1995 مرّ بهدوء، فإن أثرها ظل حاضرًا في ذاكرة الصحافة والحركة النسوية، كاسم لا يمكن تجاوزه في أي حديث عن تاريخ المرأة المصرية. إرثها باقٍ في كل صوت نسوي حر أمينة السعيد لم تكن مجرد صحفية، بل مؤسسة وملهمة، مهدت الطريق لأجيال من النساء اللواتي أردن أن يكتبن، يتحدثن، ويُحدثن فرقًا، إرثها لا يزال حيًا في كل صوت نسوي يطالب بالحرية، وفي كل فتاة قررت أن تقول "لا" للقيود باسم المعرفة والحق والمساواة.

خبر حزين لكل المثقفين المصريين والعرب : محمد الخولي مات
خبر حزين لكل المثقفين المصريين والعرب : محمد الخولي مات

البشاير

time٠٦-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • البشاير

خبر حزين لكل المثقفين المصريين والعرب : محمد الخولي مات

خبر حزين لكل المثقفين المصريين والعرب : محمد الخولي مات الي كل مثقف يبصر ويتبصر أقدم لكم قصة محمد الخولي الذي فارقنا الي السماء أمس .. مات الفتي في أمريكا التي قضي علي أرضها ثلاثة عقود علي الأقل .. كان رئيسا لقسم الترجمة العربية في الأمم المتحدة بنيويورك . ومن هذا الموقع عاش مهمات متعددة في إنحاء مختلفه من العالم . لكن الخولي لم ينتم أبدا الي الثقافة الأمريكية . بل ظل مصريا عروبيا ناصريا منذ أن تعرف علي عبد الناصر من الستينات ، حتي فارق الحياة . لا أحد مهما علا شأنه أو مركزة ، كان يستطيع أن يفتح فمه بكلمة غل واحدة عن عبد الناصر .. كان يتصدي له تصد الأسود والرجال .. عبد الناصر هو البطل والزعيم والأمين والشهيد . بل هو المجد الذي بقي للمصريين . للأسف الإرث الثقافي الذي تركه لنا محمد الخولي لا يجب أن يترك سدي تزروه الرياح .. يكفي أن أقول لكم إنه في نهاية التسعينات من القرن الماضي ، أصدر كتابا بعنوان « القرن الحادي والعشرين : الوعد والوعيد » . أما الوعد فهو الذكاء الاصطناعي … نعم تحدث محمد الخولي بالتفصيل عن وعد الذكاء الاصطناعي للبشرية . أما الوعيد فهو الربوت ، الذي سينقلب علي الإنسان ، وربما يتخذه عبدا له .. وفي الكتاب حديث عن ميثاق حقوق الإنسان الآلي .. الكتاب صدر عن دار الهلال ، وصدر له كتابين آخرين عن نفس الدار .. الأرث الأكبر والأهم نحو الف عرض لأهم الكتب الدولية : الحديثه والقديمة علي السواء ، نشرها الخولي بانتظام علي صفحات البيان الاماراتيه . ولا أعتقد أن هناك مشكلة فنية في الإتصال اونلاين بصحيفة البيان ، لتجمع تراث محمد الخولي ، فهو تراث للبشرية .. قبل رحيله طالبا العلاج في أمريكا منذ أربع سنوات ، كان محمد الخولي منظما لصالون ثقافي في نادي الصيد . صالون يضم عشرات الضباط المتقاعدين المهمومين بقضايا الوطن .. وكان نجما لصالون ثقافي آخر نظمه الدكتور أحمد العزبي علي إمتداد السنوات العشر الأولي من القرن ٢١ .. وكان صالون العزبي شاهدا علي المناقشات التي سبقت ثورة ٢٥ يناير .. أهم فترة حياتيه عاشها محمد الخولي كانت عضويته في مكتب الشؤون العربية برئاسة الجمهورية . المكتب تأسس بقرار من عبد الناصر ، ومن الاسم والعنوان نفهم المهمة .. متابعة الشؤون العربية ، متابعة شؤون الناصريين العرب من الخليج الي المغرب وأوروبا . ترأس المكتب فتحي الديب ، الذي وصفته الوثائق ب لافاييت الثورة المصرية . هذا الرجل كان مكلفا من عبد الناصر بتحرير السودان ثم اليمن ثم الخليج العربي ثم الجزائر وليبيا ، وله جهود محسوسة في المغرب وتونس . لافاييت الثورة الفرنسية ، هجر بارييس ، وإتجه الي أمريكا اللاتينية ليحررها من الاستعمار الأسباني والبرتغالي ، وظل هناك حتي إستشهد علي أرض المكسيك .. هكذا كان فتحي الديب الذي شارك في تأسيس المخابرات المصرية أيضا .. للآسف الشديد ، لا أحد يتذكر فتحي الديب بكلمة واحدة ، رغم تاريخه العظيم .. مع إغلاق مكتب الشؤون العربية بعد أحداث ١٥ مايو ، عاد محمد الخولي مذيعا في صوت العرب ، لكن سلطات العصر لم تتحمله ، فألقت به في اليم ، ولم ينقذه من اليم غير الدكتور يحي الجمل ، الذي عين وزيرا لشؤون مجلس الوزراء في وزارة الدكتور عبد العزيز حجازي .. لكن الجمل وحجازي استبعدا من كل المناصب حتي ثورة ٢٥ يناير .. في هذه الفترة التحق محمد الخولي محررا للشؤون الدولية بصحيفة الجمهورية ، الناصرية آنذاك .. ولم يطق بها صبرا بعد أن إنقلبت الصحيفة علي نفسها . سافر الي الخليج ليمارس دورا ثقافيا خلاقا مع البدايات الأولي لإمارة دبي ودولة الامارات .. وظل هناك حتي التحق بالعمل رئيسا لقسم الترجمة العربية بالأمم المتحدة .. تراث محمد الخولي أمانه في عنق مؤسسات الثقافة المصرية : مكتبة الأسكندرية . مكتبة القاهرة . جامعة القاهرة التي درس بين مدرجاتها . نقابة الصحفيين . وزارة الثقافة . ياسادة حرام ألا تتعرف الأجيال علي تراث رجل توحد في عشق هذا البلد الي مستوي الوجد الصوفي …

محمود السعدني صحفي وكاتب مصري ساخر  الولد الشقي في ذكري وفاته
محمود السعدني صحفي وكاتب مصري ساخر  الولد الشقي في ذكري وفاته

الكنانة

time٠٤-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الكنانة

محمود السعدني صحفي وكاتب مصري ساخر الولد الشقي في ذكري وفاته

كتب وجدي نعمان محمود السعدني (20 نوفمبر 1927 – 4 مايو 2010) صحفي وكاتب مصري ساخر يعد من رواد الكتابة الساخرة في الصحافة العربية، وهو الشقيق الأكبر للفنان صلاح السعدني، شارك في تحرير وتأسيس عدد كبير من الصحف والمجلات العربية في مصر وخارجها، ترأس تحرير مجلة صباح الخير المصرية في الستينيات كما شارك في الحياة السياسية في عهد الرئيس جمال عبد الناصر وسجن في عهد أنور السادات بعد إدانته بتهمة الاشتراك في محاولة انقلابية. أصدر وترأس تحرير مجلة 23 يوليو في منفاه في لندن، عاد إلى مصر من منفاه الاختياري سنة 1982 بعد اغتيال السادات واستقبله الرئيس مبارك، كانت له علاقات بعدد من الحكام العرب مثل معمر القذافي وصدام حسين، اعتزل العمل الصحفي والحياة العامة سنة 2006 بسبب المرض. البدايات الأولى ولد محمود عثمان إبراهيم السعدني في منطقة الجيزة بالقاهرة الكبرى. وعمل في بدايات حياته الصحفية في عدد من الجرائد والمجلات الصغيرة التي كانت تصدر في شارع محمد علي بالقاهرة عمل بعدها في مجلة «الكشكول» التي كان يصدرها مأمون الشناوي حتى إغلاقها. ثم عمل بالقطعة ببعض الجرائد مثل جريدة «المصري» لسان حال حزب الوفد وعمل أيضاً في دار الهلال كما أصدر مع رسام الكاريكاتير طوغان مجلة هزلية أغلقت بعد أعداد قليلة. فترة ثورة 1952 أيّد السعدني الثورة، وعمل بعد الثورة في جريدة الجمهورية التي أصدرها مجلس قيادة الثورة وكان رئيس مجلس إدارتها أنور السادات ورئيس تحريرها كامل الشناوي. بعد تولّي السادات منصب رئاسة البرلمان المصري، تم الاستغناء عن خدمات محمود السعدني من جريدة الثورة أسوة بالعديد من زملائه منهم بيرم التونسي وعبد الرحمن الخميسي. عمل بعد ذلك في مجلة روز اليوسف الأسبوعية مديرًا للتحرير عندما كان إحسان عبد القدوس رئيس التحرير وكانت روز اليوسف حينها مجلة خاصة تملكها فاطمة اليوسف والدة إحسان. زمن عبد الناصر أثناء زيارة صحفية إلى سوريا قبيل الوحدة بين البلدين، طلب أعضاء الحزب الشيوعي السوري من السعدني توصيل رسالة مغلقة للرئيس جمال عبد الناصر فسلمها لأنور السادات دون أن يعلم محتواها. وكان فيها تهديدا لعبد الناصر، لذا القي القبض عليهِ ووضع في السجن ما يقارب العامين أفرج عنهُ بعدها فعاد ليعمل في مجلة روز اليوسف بعد أن أممت ثم تولٌى رئاسة تحرير مجلة صباح الخير. انضم إلى التنظيم الطليعي وكان لهُ في تلك الفترة نفوذ كبير. مراكز القوى عقب وفاة عبد الناصر حدث صراع على السلطة بين الرئيس أنور السادات وعدد من المسؤلين المحسوبين على التيار الناصري مثل شعراوي جمعة وسامي شرف ومحمد فوزي وغيرهم. انتهى الصراع باستقالة هؤلاء المسؤولين واعتقال السادات لهم وتقديمهم للمحاكمة بتهمة محاولة الانقلاب وكان اسم محمود السعدني من ضمن أسماء المشاركين في هذا الانقلاب وحوكم أمام «محكمة الثورة» وأُدين وسجن. كما يقول محمود السعدني فإن معمر القذافي حاول التوسط لهُ عند السادات إلا أن السادات رفض وساطته وقال «أن السعدني قد أطلق النكات عليَّ وعلى أهل بيتي (زوجته جيهان السادات) ويجب أن يؤدب ولكني لن أفرط في عقابه». بعد قرابة العامين في السجن أِفرج عن السعدني ولكن صدر قرار جمهوري بفصلهِ من مجلة صباح الخير ومنعه من الكتابة بل ومنع ظهور اسمه في أي جريدة مصرية حتى في صفحة الوفيات. بعد فترة قصيرة من المعاناة قرر السعدني مغادرة مصر والعمل في الخارج. السعدني في المنفى غادر السعدني مصر متوجهاً إلى بيروت حيث استطاع الكتابة بصعوبة في جريدة السفير وبأجر يقل عن راتب صحفي مبتدئ، والسبب في صعوبة حصوله على فرصة عمل هو خوف أصحاب الدور الصحفية البيروتية من غضب السادات. قبل اندلاع الحرب الأهلية غادر السعدني إلى ليبيا للقاء القذافي والذي عرض عليه إنشاء جريدة أو مجلة له في بيروت إلا أن السعدني رفض ذلك خوفاً من اغتياله على يد تجار الصحف اللبنانيين والذين سيرفضون بالتأكيد هذا الوافد الجديد والذي سيعد تهديداً لتجارتهم الرائجة. أثناء الحوار وبدون قصد، سخر السعدني من جريدة القذافي الأثيرة «الفجر الجديد» ونعتها بالـ«الفقر الجديد» عندما عرض عليه القذافي الكتابة فيها وانتهى لقائه معه بدون نتيجة. ولم يبدِ القذافي حماساً كبيراً لإصدار مجلة 23 يوليو التي اقترح السعدني إصدارها في لندن بل سخر من فكرة إصدارها هناك كما لم يرق له إصدار مجلة ساخرة. في أبو ظبي في عام 1976 وصل السعدني إلى أبوظبي للعمل كمسئول عن المسرح المدرسي في وزارة التربية والتعليم في الإمارات، ويبدو أنه لم ترق له الفكرة، لذا قبل بالعرض الذي تقدم به عبيد المزروعي وهو إدارة تحرير جريدة الفجر الإماراتية. كان العرض مقامرة سياسية جازف بها عبيد المزروعي بخاصة وأن السعدني وضع شروطا مهنية قاسية أهمها عدم التدخل في عمله وهو الشرط الذي يبدو أنه تسبب بعد أقل من أربعة أشهر بمصادرة أحد أعداد جريدة الفجر من الأسواق بسبب مانشيت أغضب السفارة الإيرانية في أبوظبي وكانت إيران يومها تطالب بالإمارات كلها وتعتبرها من «ملحقات إيران». لذا لم تغفر سفارة إيران للسعدني رفعه شعار (جريدة الفجر جريدة العرب في الخليج العربي) وطالبت السفارة الإيرانية صراحة حذف صفة «العربي» عن الخليج لأنه (خليج فارسي) كما يقولون. تعاقد محمود السعدني مع منير عامر من مجلة «صباح الخير» القاهرية، ليتولى وظيفة سكرتير التحرير وليدخل إلى صحافة الإمارات مدرسة صحافية مصرية جديدة هي «مدرسة روز اليوسف» بكل ما تتميز به من نقد مباشر وتركيز على الهوية القومية والابتعاد قدر الإمكان عن التأثير المباشر للحاكم وصانع القرار. حائر في الخليج العربي بعد ضغوط إيرانية على حكومة الإمارت اضطر السعدني إلى مغادرة أبوظبي إلى الكويت حيث عمل في جريدة السياسة الكويتية مع الصحفي أحمد الجار الله ولكن تلك الضغوط لاحقته هناك أيضاً فغادر إلى العراق ليواجه ضغوط من نوع جديد، وهي ممارسات الموظفين العراقيين المسؤولين في مكتب مصر بالمخابرات العراقية الذين مارسوا ضغوطاً كبيرة عليهِ لإخضاعه فكان قراره بعد لقاء مع نائب الرئيس العراقي في ذلك الوقت صدام حسين بمغادرة العراق إلى لندن. مجلة 23 يوليو بتمويل غير معلن من حاكم الشارقة الحالي، تمكن السعدني بالاشتراك مع محمود نور الدين (ضابط المخابرات المصري المنشق على السادات) والكاتب الصحفي فهمي حسين (مدير تحرير روز اليوسف الأسبق ورئيس تحرير وكالة الأنباء الفلسطينية) وفنان الكاريكاتير صلاح الليثي وآخرين من إصدار مجلة 23 يوليو في لندن (وكانت أول مجلة عربية تصدر هناك) والتي حققت نجاحاً كبيراً في الوطن العربي وكانت تهرب إلى مصر سراً. التزمت المجلة بالخط الناصري وكان السعدني يتوقع أن تلقى المجلة دعماً من الأنظمة العربية الرسمية إلا أن ذلك لم يحدث، وحوصرت المجلة مالياً من أنظمة دول ترفع شعارات عروبية مثل العراق وليبيا وسوريا، وعلى حد تعبير السعدني «كان يجب علي أن أرفع أي شعار إلا 23 يوليو لأحظى بالدعم». إنهارت 23 يوليو وتوقفت عن الصدور، وعاد السعدني وحيداً يجتر أحزانه في لندن إلى أن اغتيل أنور السادات في حادث المنصة الشهير في 6 أكتوبر 1981م. العودة إلى مصر عاد السعدني إلى مصر بعد اغتيال السادات بفترة واستقبله الرئيس حسني مبارك في القصر الجمهوري بمصر الجديدة ليطوي بذلك صفحة طويلة من الصراع مع النظام في مصر. حكايات قهوة كتكوت يعد كتاب حكايات قهوة كتكوت من أشهر كتب محمود السعدنى وقد استعان فيه بتشبيهاته وتعبيراته المركبة ومنها تعبير الحمقرى، حيث اعتبر الحمقرى مزيجا بين الحمار والعبقرى، حيث يقول: 'لأنى حمقرى – مزيج من الحمار والعبقرى – فقد كنت أظن أن كل رجل ضاحك رجل هلّاس.. ولأنى حمقرى كنت أرفع شعارًا حمقريًّا 'أنا أضحك إذن أنا سعيد'، وبعد فترة طويلة من الزمان اكتشفت أن العكس هو الصحيح، واكتشفت أن كل رجل ضاحك رجل بائس، وأنه مقابل كل ضحكة تقرقع على لسانه تقرقع مأساة داخل أحشائه، وأنه مقابل كل ضحكة ترتسم على شفتيه تنحدر دمعة داخل قلبه.. ولكن هناك حزن هلفوت، وهناك أيضًا حزن مقدس.. وصاحب الحزن الهلفوت يحمله على رأسه ويدور به على الناس.. التقطيبة على الجبين، والرعشة في أرنبة الأنف، والدمعة على الخدين.. يالاللي! وهو يدور بها على خلق الله يبيع لهم أحزانه، وهو بعد فترة يكون قد باع رصيده من الأحزان وتخفف، ويفارقه الحزن وتبقى آثاره على الوجه، اكسسوارًا يرتديه الحزين الهلفوت ويسترزق'. ويكمل محمود السعدنى على لسان الحمقرى فيقول: 'لكن الحزن المقدس حزن عظيم، والحزن العظيم نتيجة هموم عظيمة، والهموم العظيمة لا تسكن إلا نفوسًا أعظم.. والنفوس الأعظم تغلق نفسها على همها وتمضى.. وهى تظل إلى آخر لحظة فى الحياة تأكل الحزن والحزن يأكل منها، ويمضى الإنسان صاحب الحزن العظيم – ككل شىء في الحياة – يأكل ويؤكل، لكن مثله لا يذاع له سر، وقد يمضي بسره إلى قبره! ولذلك يقال: ما أسهل أن تبكي وما أصعب أن تضحك. ولكن هناك أيضًا ضحك مقدس، وهناك ضحك هلفوت.. الضاحك إذا كان حزينًا في الأعماق صار عبقريًّا، وإذا كان مجدبًا من الداخل أصبح بلياتشو يستحق اللطم على قفاه! ونحن أكثر الشعوب حظًّا في إنتاج المضحكين.. مصر العظيمة كان لها في كل جيل عشرات من المضحكين، ولقد استطاع بعضهم أن يخلد ولمع بعضهم حينًا ثم فرقع كبالونة منتفخة بالهواء، بعضهم أصيل وبعضهم فالصو، بعضهم مثل الذهب البندقي وبعضهم مثل الذهب القشرة'. مذكرات الولد الشقى كتاب يروى حكاية الأديب الساخر محمود السعدني فى بلاط صاحبة الجلالة، في هذا الكتاب ستقرأ أسماء وهمية وأحداثًا واقعية، لا يتناول هذا الكتاب قصة الصحافة، وإنما قصة اشتغال الأديب محمود السعدني بالصحافة، التي مر خلالها بالعديد من الخرائب والمتاهات وصناديق القمامة، ولام في ذلك الظروف والمرحلة التاريخية التي عاصرها. مذكرات الولد الشقي مسافر على الرصيف يعرض محمود السعدنى فى هذا الكتاب بأسلوبه الساخر ذكرياته عن كوكبة من الأدباء والفنانين قل أن يجود الزمان بمثلهم، ونادر ما يجتمعون في مكان واحد، ولكن شاء الحظ أن يعيشوا في زمن واحد وأن يجتمعوا معًا طويلًا ثم انفضوا بعد أن شكلوا جزءًا من روح مصر وقطعة من عقلها. ومن ضمن من يتناول الكاتب جانبًا من سيرتهم الفريدة المليئة بالحياة والمرح والتي تشكل كل منهم نموذجًا قل أن يتكرر، أنور المعداوي، وعبد القادر القط، وزكريا الحجاوي، وعبد الحميد قطامش، ومحمود شعبان، وعبد الرحمن الخميسي، ومحمد عودة، وعباس الأسواني، وعدنان الراوي، ونعمان عاشور، وكثيرون غيرهم. مسافر على الرصيف مذكرات السعدني – الولد الشقي تعتبر من أروع ما كتب في أدب السيرة الذاتية في الأدب العربي، وقد كتبها في سلسلة من الكتب (من نهاية الستينيات وحتى منتصف التسعينيات) وحملت عناوين: الولد الشقي جزء أول: قصة طفولته وصباه في الجيزة. الولد الشقي جزء ثاني: قصة بداياته مع الصحافة. الولد الشقي في السجن: صور متنوعه عن شخصيات عرفها في السجن. الولد الشقي في المنفى: قصة منفاه بالكامل. الطريق إلى زمش: ذكرياته عن أول فترة قضاها في السجن في عهد عبد الناصر. كتب أخرى للسعدني السعدني حكّاء عظيم ويمتاز بخفة ظله كما أن تجربته في الحياة ثرية للغاية وله العديد من الكتب التي تناولت مواضيع متنوعة منها: مسافر على الرصيف: صور متنوعة عن بعض الشخصيات الأدبية والفنية التي عرفها. ملاعيب الولد الشقي: مذكرات ساخرة. السعلوكي في بلاد الإفريكي: رحلات إلى إفريقيا. الموكوس في بلد الفلوس: رحلة إلى لندن. وداعاً للطواجن: مجموعة مقالات ساخرة. رحلات ابن عطوطة: رحلات متنوعة. أمريكا يا ويكا: رحلة إلى أمريكا. مصر من تاني: مجموعة مقالات عن تاريخ مصر. عزبة بنايوتي: مسرحية. قهوة كتكوت: رواية. تمام يا فندم: مجموعة من المقالات المجمعة في كتاب. المضحكون: وصف لبعض الشخصيات الكوميدية في السينما المصرية. حمار من الشرق: وصف ساخر للوطن العربي. عودة الحمار: الجزء الثاني من «حمار من الشرق». بالطول والعرض رحلة إلى بلاد الخواجات وفاته توفي السعدني يوم الثلاثاء 4 مايو 2010 عن عمر يناهز 82 عاماً إثر أزمة قلبية حادة.

لماذا يتوقفون عن الكتابة؟
لماذا يتوقفون عن الكتابة؟

الدستور

time١٩-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الدستور

لماذا يتوقفون عن الكتابة؟

هناك حالات يتوقف فيها الكاتب عن الإبداع، ليست تلك الحالات العابرة التى تسمى «السكتة المؤقتة»، أى حين يكتب نصًا ثم يتوقف بسبب ما فى منتصفه، لكن هناك حالات يكف فيها المبدع نهائيًا عن الكتابة. لماذا يتوقفون؟ هذا هو السؤال، لكن الروائى الإسبانى «إنريكه فيلا ماتاس» عكس السؤال وطرحه كالتالى: ولماذا يستمرون فى الكتابة؟! وما جدواها أصلًا؟ فى تاريخ الأدب العالمى نماذج من كتاب عِظام توقفوا وهجروا الأدب فى عز التألق، منهم الشاعر الفرنسى «آرثر رامبو» الذى انصرف عن الشعر نهائيًا وهو فى العشرين من عمره، واحترف تجارة السلاح والبخور والبن خلال رحلات قام بها إلى القاهرة وعدن، ثم استقر فى الحبشة عام ١٨٨٠، وترك ديوانين اثنين: «فصل فى الجحيم»، ثم «إشراقات». توقف ربما بسبب السؤال عما يكسبه الإنسان من تلك المعاناة مضحيًا بحياته داخل حجرة مغلقة؟، ذلك السؤال هو الذى قاد الكاتب الفرنسى «جاك فاشيه» إلى القول إن الفن مجرد «حماقة»، قالها وانتحر فى ٦ يناير ١٩١٩. هناك أيضًا الروائى الأمريكى الشهير «جيروم سالينجر» صاحب الرواية العظيمة «الحارس فى حقل الشوفان» وغيرها الذى ترك روائع أدبية ثم توقف لمدة أربعين عامًا بدءًا من ١٩٦٥ حتى وفاته فى ٢٠١٠. فى الأدب المصرى لدينا حالة واحدة معروفة- غير الحالات الأخرى الكثيرة غير الشهيرة- هى حالة عادل كامل، مواليد ١٩١٦، وقد سبق نجيب محفوظ إلى الإبداع والنشر، وصدرت له عامى ١٩٤٣، و١٩٤٤ روايتان: «ملك من شعاع» ثم «مليم الأكبر»، ومسرحية «ويك عنتر»، وأيضًا مجموعة قصص قصيرة «ويك تحتمس». ثم توقف نهائيًا وتفرغ للمحاماة والعمل فى الصناعة، واكتفى بأن يظل مجرد صديق نجيب محفوظ، تجمعهما البدايات المشتركة. وعام ١٩٩٣ نشرت له دار الهلال روايتى «الحل والربط» و«مناوشة على الحدود» فى كتاب واحد قدمه نجيب محفوظ بكلمة مطولة جاء فيها: «إن عادل كامل على المستوى الأدبى قد سبقنا جميعًا فى نشر أعماله.. وأصدر معنا فى لجنة النشر للجامعيين روايته (مليم الأكبر) ثم (ملك من شعاع)، وبعد ذلك وابتداءً من عام ١٩٤٥ بدأ يتشكك فى دور الأدب، وجدوى الإبداع، وأخذ كلامه كله يدور فى هذا المعنى، بحيث لو أنه أثّر فينا تأثيرًا حاسمًا لكنا جميعًا هجرنا الأدب مثله». ويضيف محفوظ: «ليست هناك تفسيرات محددة لأن يتوقف الكاتب فجأة وللأبد عن الإبداع.. هناك أسباب غير معروفة لدى الكاتب نفسه تدفعه لهجر الأدب أو العودة إليه مرة أخرى.. وفى فترة ما كان عندى موضوعات، ولكن لم تكن لدىّ الرغبة فى كتابتها، ولا أذكر أن أحدًا قال لى إننى أجدبت، كما أن عادل كامل نفسه لم يخبرنى بأنه أجدب، لكنه أخبرنى بأن الأدب عملية غير مُجدية». هناك حالة أخرى لكاتب من أعظم كتاب جيل الستينيات موهبة وعمقًا، هو أحمد هاشم الشريف، الذى ترك عدة قصص مذهلة، منها «اللصوص» وغيرها، ثم توقف فجأة بعد مجموعة أو اثنتين، وهجر الأدب دون تفسير. ولا شك أن أسباب هجرة الأدب كثيرة، ولكل أديب أسبابه وظروفه الفكرية والنفسية وأحيانًا السياسية، بل حتى الصحية. وقد عبّر الكاتب الإسبانى «برناردو أتشاجا» عن ذلك بقوله: «لكى تكون كاتبًا فإنك بحاجة إلى طاقة جسدية أكثر من حاجتك إلى الخيال»! هكذا نهش الجنون الشاعر الألمانى فريدريش هولدرين وقضى الأعوام العشرين الأخيرة من حياته فى مصح عقلى. سبب آخر ملتبس فى طيات الغموض، هو ما يسمى «نضوب قدرة الكاتب»، وبهذا الصدد يعترف الشاعر والكاتب والمسرحى النمساوى «فون هوفمانستال» بأنه هجر الكتابة الإبداعية لأنه أصبح يفتقر إلى الخيال الخصب! فى كل الحالات تظل هجرة الأدب ممن عرف الطريق إليه تثير أسئلة لا تنتهى.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store