#أحدث الأخبار مع #دانا_سمورالجزيرةمنذ 7 ساعاتسياسةالجزيرةأطفال غزة في مواجهة آلة الموتنهاية ديسمبر/ كانون الأول من العام 2023، أبادت الطائرات الحربية لـ"إسرائيل" مربعًا سكنيًّا في النصيرات، واستُشهد عشرات الفلسطينيين، ومن ضمنهم والد ووالدة وأخو الطفلة ذات السنوات الست، دانا سمور، وقدّر الله لها أن تحيا رغم أن قوة الانفجار قد ألقتها من علو، وسقطت في طرف آخر من المبنى. أكثر من 17 ألف طفل ارتقوا شهداء منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تُكتب أسماؤهم بأحرف دامية في سجلات الأمم المتحدة، بينما تقرؤها أمهاتهم على شواهد القبور عقب التهدئة الأخيرة عادت دانا رفقة جدتها وأقاربها إلى مدينة غزة، ثم مع اشتداد القصف والتهديدات المتصاعدة ارتأت الجدة اصطحاب أحفادها إلى المنطقة الوسطى، إلا أن غارة إسرائيلية عاجلتهم في المنطقة الوسطى لتقتل الجدة وأربعة من أحفادها، وتُبقي دانا تُصارع الموت في العناية المركزة. حال دانا كحال جميع أطفال غزة؛ ففي غزة لا يولد الطفل ليعيش، بل يولد في طابور الانتظار على أبواب الشهادة.. بين أول صرخة وأول قذيفة، لا وقت للطفولة، ولا متّسع للأحلام. وفي هذا المكان المُتخلّى عنه عمدًا، تجتمع كل عناصر الجريمة: الحصار، والقصف، والجوع، والخذلان.. جريمة لا تكتفي بقتل الأجساد، بل تُمعن في اغتيال البراءة، وتدمير البنى النفسية والإنسانية لأجيال لم تُعطَ حتى فرصة البكاء. أكثر من 17 ألف طفل ارتقوا شهداء منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تُكتب أسماؤهم بأحرف دامية في سجلات الأمم المتحدة، بينما تقرؤها أمهاتهم على شواهد القبور.. ماتوا في أحضان أمهاتهم، تحت أنقاض مدارسهم، وفي مستشفيات بلا دواء. أما من بقي حيًّا، فهو على قوائم الموت القادم مع حمم الطائرات الإسرائيلية: 4 آلاف رضيع يواجهون خطر الموت جوعًا، بلا حليب، بلا ماء، بلا أفق. هذه ليست مجرد أرقام، بل هي أجساد غضّة تُحمَل كل صباح على أكتاف صغيرة، لتُدفن على عجل قبل أن تأكلها الكلاب الضالة والقطط الجائعة.. نصّت المادة (24) من اتفاقية حقوق الطفل (1989) على "حق الطفل في التمتع بأعلى مستوى من الصحة"، والمادة (6) على "حقه الأصيل في الحياة"، بينما أكدت اتفاقية جنيف الرابعة (1949) على حماية الأطفال خلال النزاعات المسلحة.. لكن في غزة، تُنتهك هذه المواد ليس بالخطأ، بل عن عَمد وإصرار، ورغبة في محو جيل والقضاء على عرف. الحصار يُستخدم كسلاح إبادة، والمساعدات تُعاق، والمستشفيات تُقصف، والمدارس تُستهدف.. والنتيجة: جريمة موصوفة بكل المعايير القانونية، مكتملة الأركان، تحت سمع وبصر العالم! أين المحكمة الجنائية الدولية؟ أين مجلس الأمن؟ أين الشعارات التي وُلدت من رحم الإنسانية؟ كلها تقف عاجزة أمام آلة القتل والدمار الإسرائيلية، دون إرادة حقيقية لوقف المجازر اليومية. معابر غزة تحولت من بوابات الحياة إلى مشانق جماعية؛ فالمعبر ليس مجرد حاجز حدودي، بل هو رمز للخذلان المتكرر؛ يُفتح ويُغلَق وفق المزاج، لا وفق صراخ الأطفال. وفي ظل التجاذبات الدولية والإقليمية، يُترك 2.2 مليون إنسان -أكثر من نصفهم أطفال- محاصرين خلف جدار الموت. المواد الإغاثية ممنوعة، الوقود نادر، والدخول مشروط بالتواطؤ.. كل هذا يحدث بينما تشير المادة (55) من اتفاقيات جنيف إلى التزام القوة المحتلة بضمان الغذاء والدواء للسكان.. لكن غزة ليست بندًا قانونيًّا فقط، بل هي سؤال أخلاقي يتردد صداه في ضمير الإنسانية: كيف تُجوَّع الطفولة أمام الكاميرات؟ لقد سقطت الإنسانية والعدالة الدولية في امتحان غزة؛ فالتجويع في غزة ليس نتيجة نقص الموارد، بل نتيجة تعمد منعها! صور الأطفال الذين يُغسَلون بالماء المالح، والرُضّع الذين تُخفّف لهم الأمهات الحليب بالماء، والأطفال الذين يموتون في الحضانات بسبب انقطاع الكهرباء، ليست مشاهد عابرة، بل شواهد على جريمة إبادة بطيئة. وفق المادتين (7) و(8) من نظام روما الأساسي: التجويع المتعمد للسكان المدنيين، وحرمانهم من الوصول إلى الغذاء والدواء، يُعد جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب.. فكم جريمة يجب أن تُرتكب، قبل أن يتحرك المدّعون الدوليون؟ إعلان العالم لا يجهل ما يحدث، بل يراه، ويُشاهده، ويقرؤه.. ويختار الصمت! هذا الصمت ليس نابعًا من العجز، بل من التواطؤ.. إنه خيانة مكتملة، تُرتكب بربطة عنق، وبيان صحفي، ومصافحة على هامش مؤتمر. العواصم تُضاء بألوان قوس قزح، والشوارع تمتلئ بزينة الأعياد، بينما أطفال غزة يُدفنون في أكياس بلاستيكية، بلا كفن، بلا نعش، بلا وداع. أطفال غزة لا يريدون شفقة، بل عدالة.. لا يحتاجون بيانات، بل مواقف.. لا ينتظرون مساعدات مؤقتة، بل رفع الحصار الكامل، والمحاسبة، والإنصاف ما يجري اليوم في غزة ليس عدوانًا فقط، بل هو مشروع ممنهج لتحطيم المجتمع من جذوره، عبر قتل روحه: أطفاله. لن يغفر التاريخ لأولئك الذين صمتوا، ولعلّ أولئك الذين ينامون على وسائد ناعمة، يتذكرون أن في غزة طفلًا جائعًا يبكي دون أن يسمعه أحد، وأن هناك أمًّا تُرضع الخوف، وأبًا يكتب اسم ابنه على صخرة بدل شهادة ميلاد. لقد تم توثيق الجريمة، وتم تحديد الضحية، وتم التعرف على الجلاد. وما تبقى من هذا العالم، إن لم يتحرك الآن، فإن صمته سيكون بحجم الجريمة نفسها. أطفال غزة لا يريدون شفقة، بل عدالة.. لا يحتاجون بيانات، بل مواقف.. لا ينتظرون مساعدات مؤقتة، بل رفع الحصار الكامل، والمحاسبة، والإنصاف. وإلى أن يحدث ذلك، سيظل الطفل الغزّي، بابتسامته الضعيفة، ودموع أمه، وسجادة الصلاة تحت ركام المنزل، هو المُرافِع الأصدق أمام محكمة التاريخ.
الجزيرةمنذ 7 ساعاتسياسةالجزيرةأطفال غزة في مواجهة آلة الموتنهاية ديسمبر/ كانون الأول من العام 2023، أبادت الطائرات الحربية لـ"إسرائيل" مربعًا سكنيًّا في النصيرات، واستُشهد عشرات الفلسطينيين، ومن ضمنهم والد ووالدة وأخو الطفلة ذات السنوات الست، دانا سمور، وقدّر الله لها أن تحيا رغم أن قوة الانفجار قد ألقتها من علو، وسقطت في طرف آخر من المبنى. أكثر من 17 ألف طفل ارتقوا شهداء منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تُكتب أسماؤهم بأحرف دامية في سجلات الأمم المتحدة، بينما تقرؤها أمهاتهم على شواهد القبور عقب التهدئة الأخيرة عادت دانا رفقة جدتها وأقاربها إلى مدينة غزة، ثم مع اشتداد القصف والتهديدات المتصاعدة ارتأت الجدة اصطحاب أحفادها إلى المنطقة الوسطى، إلا أن غارة إسرائيلية عاجلتهم في المنطقة الوسطى لتقتل الجدة وأربعة من أحفادها، وتُبقي دانا تُصارع الموت في العناية المركزة. حال دانا كحال جميع أطفال غزة؛ ففي غزة لا يولد الطفل ليعيش، بل يولد في طابور الانتظار على أبواب الشهادة.. بين أول صرخة وأول قذيفة، لا وقت للطفولة، ولا متّسع للأحلام. وفي هذا المكان المُتخلّى عنه عمدًا، تجتمع كل عناصر الجريمة: الحصار، والقصف، والجوع، والخذلان.. جريمة لا تكتفي بقتل الأجساد، بل تُمعن في اغتيال البراءة، وتدمير البنى النفسية والإنسانية لأجيال لم تُعطَ حتى فرصة البكاء. أكثر من 17 ألف طفل ارتقوا شهداء منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تُكتب أسماؤهم بأحرف دامية في سجلات الأمم المتحدة، بينما تقرؤها أمهاتهم على شواهد القبور.. ماتوا في أحضان أمهاتهم، تحت أنقاض مدارسهم، وفي مستشفيات بلا دواء. أما من بقي حيًّا، فهو على قوائم الموت القادم مع حمم الطائرات الإسرائيلية: 4 آلاف رضيع يواجهون خطر الموت جوعًا، بلا حليب، بلا ماء، بلا أفق. هذه ليست مجرد أرقام، بل هي أجساد غضّة تُحمَل كل صباح على أكتاف صغيرة، لتُدفن على عجل قبل أن تأكلها الكلاب الضالة والقطط الجائعة.. نصّت المادة (24) من اتفاقية حقوق الطفل (1989) على "حق الطفل في التمتع بأعلى مستوى من الصحة"، والمادة (6) على "حقه الأصيل في الحياة"، بينما أكدت اتفاقية جنيف الرابعة (1949) على حماية الأطفال خلال النزاعات المسلحة.. لكن في غزة، تُنتهك هذه المواد ليس بالخطأ، بل عن عَمد وإصرار، ورغبة في محو جيل والقضاء على عرف. الحصار يُستخدم كسلاح إبادة، والمساعدات تُعاق، والمستشفيات تُقصف، والمدارس تُستهدف.. والنتيجة: جريمة موصوفة بكل المعايير القانونية، مكتملة الأركان، تحت سمع وبصر العالم! أين المحكمة الجنائية الدولية؟ أين مجلس الأمن؟ أين الشعارات التي وُلدت من رحم الإنسانية؟ كلها تقف عاجزة أمام آلة القتل والدمار الإسرائيلية، دون إرادة حقيقية لوقف المجازر اليومية. معابر غزة تحولت من بوابات الحياة إلى مشانق جماعية؛ فالمعبر ليس مجرد حاجز حدودي، بل هو رمز للخذلان المتكرر؛ يُفتح ويُغلَق وفق المزاج، لا وفق صراخ الأطفال. وفي ظل التجاذبات الدولية والإقليمية، يُترك 2.2 مليون إنسان -أكثر من نصفهم أطفال- محاصرين خلف جدار الموت. المواد الإغاثية ممنوعة، الوقود نادر، والدخول مشروط بالتواطؤ.. كل هذا يحدث بينما تشير المادة (55) من اتفاقيات جنيف إلى التزام القوة المحتلة بضمان الغذاء والدواء للسكان.. لكن غزة ليست بندًا قانونيًّا فقط، بل هي سؤال أخلاقي يتردد صداه في ضمير الإنسانية: كيف تُجوَّع الطفولة أمام الكاميرات؟ لقد سقطت الإنسانية والعدالة الدولية في امتحان غزة؛ فالتجويع في غزة ليس نتيجة نقص الموارد، بل نتيجة تعمد منعها! صور الأطفال الذين يُغسَلون بالماء المالح، والرُضّع الذين تُخفّف لهم الأمهات الحليب بالماء، والأطفال الذين يموتون في الحضانات بسبب انقطاع الكهرباء، ليست مشاهد عابرة، بل شواهد على جريمة إبادة بطيئة. وفق المادتين (7) و(8) من نظام روما الأساسي: التجويع المتعمد للسكان المدنيين، وحرمانهم من الوصول إلى الغذاء والدواء، يُعد جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب.. فكم جريمة يجب أن تُرتكب، قبل أن يتحرك المدّعون الدوليون؟ إعلان العالم لا يجهل ما يحدث، بل يراه، ويُشاهده، ويقرؤه.. ويختار الصمت! هذا الصمت ليس نابعًا من العجز، بل من التواطؤ.. إنه خيانة مكتملة، تُرتكب بربطة عنق، وبيان صحفي، ومصافحة على هامش مؤتمر. العواصم تُضاء بألوان قوس قزح، والشوارع تمتلئ بزينة الأعياد، بينما أطفال غزة يُدفنون في أكياس بلاستيكية، بلا كفن، بلا نعش، بلا وداع. أطفال غزة لا يريدون شفقة، بل عدالة.. لا يحتاجون بيانات، بل مواقف.. لا ينتظرون مساعدات مؤقتة، بل رفع الحصار الكامل، والمحاسبة، والإنصاف ما يجري اليوم في غزة ليس عدوانًا فقط، بل هو مشروع ممنهج لتحطيم المجتمع من جذوره، عبر قتل روحه: أطفاله. لن يغفر التاريخ لأولئك الذين صمتوا، ولعلّ أولئك الذين ينامون على وسائد ناعمة، يتذكرون أن في غزة طفلًا جائعًا يبكي دون أن يسمعه أحد، وأن هناك أمًّا تُرضع الخوف، وأبًا يكتب اسم ابنه على صخرة بدل شهادة ميلاد. لقد تم توثيق الجريمة، وتم تحديد الضحية، وتم التعرف على الجلاد. وما تبقى من هذا العالم، إن لم يتحرك الآن، فإن صمته سيكون بحجم الجريمة نفسها. أطفال غزة لا يريدون شفقة، بل عدالة.. لا يحتاجون بيانات، بل مواقف.. لا ينتظرون مساعدات مؤقتة، بل رفع الحصار الكامل، والمحاسبة، والإنصاف. وإلى أن يحدث ذلك، سيظل الطفل الغزّي، بابتسامته الضعيفة، ودموع أمه، وسجادة الصلاة تحت ركام المنزل، هو المُرافِع الأصدق أمام محكمة التاريخ.