أحدث الأخبار مع #دوايتآيزنهاور


البوابة
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- البوابة
السيف النووي الباكستاني.. كيف أفشلت إسلام آباد ضربة هندية إسرائيلية؟ «فيديو»
بدأ البرنامج النووي الباكستاني في الخمسينيات تحت مظلة "الذرة من أجل السلام"، المبادرة الأمريكية التي أطلقها الرئيس دوايت آيزنهاور عام 1953، بهدف تطوير الطاقة النووية للأغراض المدنية. ووقعت باكستان اتفاقية تعاون مع واشنطن عام 1955، تلقت بموجبها مفاعلاً بحثياً صغيراً وبرامج تدريبية للعلماء، لكن التحول الجذري حدث بعد هزيمة 1971 أمام الهند، التي أدت إلى انفصال بنغلاديش. أعلن رئيس الوزراء ذو الفقار علي بوتو عام 1972: "سنصنع القنبلة ولو أكلنا العشب"، مُطلقاً "المشروع 706" السري لتطوير السلاح النووي، رغم العقوبات الدولية. عبد القدير خان: العقل المدبر للقنبلة بعد التجربة النووية الهندية الأولى عام 1974 "بوذا المبتسم"، تسارعت الجهود الباكستانية. جُنِّد العالم عبد القدير خان، الذي عمل سابقاً في شركة "يورينكو" الهولندية، حيث اكتسب خبرة في تخصيب اليورانيوم عبر أجهزة الطرد المركزي. تولى خان قيادة البرنامج عام 1976، وأسس مختبرات كاهوتا السرية بالقرب من لاهور، والتي نجحت في تخصيب اليورانيوم بدرجة عالية بحلول 198329. بحلول 1987، أصبحت باكستان قادرة على إنتاج قنبلة نووية واحدة سنوياً، وفق تقارير استخباراتية أمريكية. وسرعان ما تحولت إلى سابع دولة نووية في العالم بعد إجراء 6 تفجيرات نووية في مايو 1998 ردا على التجارب الهندية. الدعم الصيني: شريك إستراتيجي لعبت الصين دوراً محورياً في تعزيز القدرات النووية الباكستانية، حيث قدمت مفاعلات لإنتاج البلوتونيوم، وآلاف المغناطيسات الحلقية لتخصيب اليورانيوم، وشاركت في بناء محطة كراتشي النووية، كما ساعدت في تطوير الصواريخ الباليستية مثل "شاهين" و"غوري"، التي يصل مداها إلى 2750 كم، ما مكّن باكستان من ضرب عمق الهند خلال دقائق. المخطط الهندي الإسرائيلي: محاولة تدمير كاهوتا في أوائل الثمانينيات، خططت الهند وإسرائيل لضربة جوية مشتركة على منشأة كاهوتا، مستوحاة من الهجوم الإسرائيلي على المفاعل العراقي عام 1981. وفقاً لوثائق استخباراتية، كانت الخطة تشمل استخدام طائرات إف-16 إسرائيلية تقلع من قاعدة هندية، مع إعادة التزود بالوقود في جبال الهيمالايا لتجنب الرادارات. لكن المخابرات الباكستانية، بقيادة العميد امتياز أحمد، اكتشفت المخطط عام 1982، ونجحت في إفشاله عبر تسريبات دبلوماسية وتحذيرات أمريكية. كما اعترضت طائرات السرب 11 الباكستاني الطائرات الإسرائيلية قرب الحدود، ما أجبرها على التراجع. تطوير الردع الشامل أدركت باكستان أن "الردع الأدنى" غير كافٍ أمام التفوق العسكري الهندي، فانتقلت إلى مفهوم "الردع الشامل"، الذي يعتمد على: تنوع الرؤوس النووية: إستراتيجية، وتكتيكية، وعملياتية، وأنظمة إطلاق متعددة: صواريخ برية (شاهين، غوري)، وغواصات (صاروخ بابور-3)، وطائرات (إف-16). التحديات والاتهامات الدولية واجه البرنامج النووي الباكستاني اتهامات بتهريب التقنيات، خاصة بعد اعتراف عبد القدير خان عام 2004 بنقل تصميمات أجهزة الطرد المركزي إلى إيران وليبيا وكوريا الشمالية. ومع ذلك، رفضت باكستان التوقيع على معاهدة الحد من الانتشار النووي، مؤكدة أن ترسانتها "ضامن للأمن الوطني" في مواجهة الهند. الوضع الحالي: 170 رأساً نووياً وقدرات متطورة تمتلك باكستان اليوم نحو 170 رأساً نووياً، مع بنية تحتية قادرة على إنتاج اليورانيوم المخصب والبلوتونيوم. وفي 2015، كشفت عن أسلحة نووية تكتيكية قابلة للنشر السريع، وفي 2017 أجرت تجربة ناجحة لإطلاق صاروخ من غواصة، مما أكمل ثلاثيتها النووية (برية، جوية، بحرية) الردع كضامن للسلام؟ رغم التوترات المستمرة حول كشمير، يُعتقد أن الردع النووي منع حرباً شاملة بين الجارتين منذ 1998. كما يقول الباحث شير علي كاكر: "القدرة النووية الباكستانية حمت قرارها الإستراتيجي وحفظت استقلاليتها". لكن المجتمع الدولي يظل قلقاً من أي تصعيد قد يُفجر "السيناريو الكابوسي": حرب نووية تودي بحياة 125 مليون شخص وتُسبب كوارث مناخية.


الجزيرة
٣٠-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الجزيرة
50 عاما على نهاية حرب فيتنام التي غيّرت أميركا والعالم
لم يكن 30 أبريل/نيسان 1975 يوما عاديا في التاريخ الفيتنامي، فقد انتصرت فيتنام الشمالية آنذاك، وأُعيد توحيد شطري البلاد بعد حربين مع إمبراطوريتين أودتا بحياة نحو مليوني فيتنامي، وفقدت فرنسا كامل نفوذها تقريبا بالمنطقة، بينما خسرت الولايات المتحدة -التي تورطت بعدها- نحو 58 ألف جندي و120 مليار دولار في الحرب التي باتت الأكثر "إذلالًا" في تاريخها. وبدت حرب فيتنام -أو حروبها- بتشابكاتها الدولية والإقليمية تجسيدا لنظرية "الحرب التي تلد أخرى" في ظل صراع ساخن في بواكير الحرب الباردة. فقد أدت معركة ديان بيان فو (13مارس/آذار-7 مايو/أيار 1954) عمليا إلى نهاية الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية في منطقة الهند الصينية برمتها، وخسرت أيضا مستعمراتها الأخرى في أفريقيا بفعل صعود حركات التحرير التي تأثرت بالمقاومة الفيتنامية، وبمفاعيل "نظرية الدومينو" العسكرية والسياسية. كانت حرب فيتنام نتاج سنوات من مقاومة الاحتلال الفرنسي للبلاد (منذ عام 1883) ثم الغزو الياباني الذي انتهى بهزيمتها في الحرب العالمية الثانية، والمد الشيوعي في المنطقة وصراع الأيديولوجيات، ومحاولات تقسيم البلاد، وبلغت أوجها مع التدخل الأميركي العسكري المباشر لمحاولة صد التوغل الشيوعي السوفياتي الصيني. وعمليا، لم تكن حرب الهند الصينية الأولى (بين عامي 1946 و1954) معركة الولايات المتحدة، لكنها كانت تمول فعليا نحو 78% من تكلفة تلك الحرب -وفق أوراق البنتاغون المنشورة عام 1971- وتقدم مساعدات عسكرية ولوجستية ضخمة لفرنسا، خوفا من التمدد الشيوعي وسيطرة الصين على المنطقة وصعود الاتحاد السوفياتي إذا هزمت القوات الفرنسية. كما ناقش المسؤولون الأميركيون -تبعا لهواجسهم تلك- دعما إضافيا لفرنسا ضمن ما عرف بـ"عملية النسر" (Operation Vulture) وهي مقترح خطة عسكرية كبيرة، من أجل إسناد الفرنسيين في معركة ديان بيان فو، وضعها الرئيس دوايت آيزنهاور (حكم بين 1953 و1961) ومستشاروه. وتضمنت العملية -اعتمادا على وثائق رفعت عنها السرية- قصفا مركزا ومكثفا مع احتمال استخدام قنابل ذرية اقترح تقديمها لفرنسا، وتدخلا بريا. لكن العملية لم تنفذ في النهاية وانسحبت فرنسا بخسائر فادحة، بعد توقيع اتفاقية جنيف للسلام في يوليو/تموز 1954 التي نصت على تقسيم فيتنام إلى شطرين، ولم توقع الولايات المتحدة وحكومة سايغون الموالية لها على الاتفاق رغم حضورهما. وبدأ التورط الأميركي العسكري تدريجيا لحماية النظام الموالي لها في فيتنام الجنوبية ومحاربة المد الشيوعي، إلى حد التدخل المباشر والمعلن عام 1963. نظرية الرجل المجنون في منتصف عام 1968، وتحت ورطة الفشل في حرب فيتنام، اعتمد الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون (1969-1974) على مبدأ تحقيق "السلام بالقوة" عبر "المزيد من قاذفات بي 52" التي أوصاه بها وزير خارجيته هنري كيسنجر، مبتدعا ما سماها "نظرية الرجل المجنون". ويكشف رئيس موظفي البيت الأبيض بوب هالدمان في مذكراته عام 1994 عن إستراتيجية الرئيس نيكسون لإنهاء حرب فيتنام التي أسرّ له بها قائلا "أنا أسميها نظرية الرجل المجنون، بوب.. سنرسل لهم رسالة مفادها يا إلهي، أنتم تعلمون أن نيكسون مهووس بالشيوعية لا يمكن كبح جماحه عندما يكون غاضبا ويده على الزر النووي.. سيصل هو شي منه (الزعيم الفيتنامي) بنفسه إلى باريس في غضون يومين ويطلب السلام". وكتب هالدمان أن الرئيس نيكسون سعى إلى تنفيذ إستراتيجية التهديد باستخدام القوة المفرطة لتقويض خصومه، وإجبارهم على الاستسلام أو التسوية. وبهذه الطريقة، يصبح عدم يقين الفيتناميين بشأن الخطوات المستقبلية للزعيم "أداة إستراتيجية في حد ذاتها". وفي 4 أبريل/نيسان 1972 قال نيكسون لهالدمان والمدعي العام جون ميتشل "لم يُقصف الأوغاد قط كما سيُقصفون هذه المرة" عند اتخاذه قرارا بشن ما أصبح يُعرف باسم عملية " لاينباكر التي مثلت تصعيدا هائلا في المجهود الحربي، الذي شمل قصف ميناء هايفونغ، وحصار ساحل فيتنام الشمالية، وحملة قصف جديدة ضخمة ضد هانوي. ولا تثبت الوقائع التاريخية أن الزعيم الفيتنامي هو شي منه خضع لنظرية "الرجل المجنون" عندما تم توقيع اتفاق السلام في باريس يوم 23 يناير/كانون الثاني 1973، لكن الولايات المتحدة استخدمت قوة هائلة ومفرطة لمحاولة إخضاع الفيتناميين، وفكرت في استعمال السلاح النووي. كانت نظرية "الرجل المجنون" تجسيدا للإحباط الذي أصاب الإدارة الأميركية من صمود المقاومة الفيتنامية والخسائر الفادحة في صفوف الجيش الأميركي، ومن حركة الرفض الواسعة للحرب في المجتمع الأميركي، واهتزاز الضمير العالمي من المشاهد المؤلمة للمجازر البشعة، سواء في مذبحة "ماي لاي" في 16 مارس/آذار 1968 التي قتل فيها 504 من المدنيين العزل، وغيرها من المجازر. وفي المقابل، كانت نظرية الجنرال فو نغوين جياب قائد قوات قوات "الفيت منه"(رابطة استقلال فيتنام) تراوح بين خطتي "هجوم سريع.. نصر سريع" و"هجوم ثابت.. تقدم ثابت" واعتماد الحرب الشعبية وحروب العصابات الخاطفة واستنزاف العدو، حيث يقول في مذكراته "إن كل واحد من السكان جندي، وكل قرية حصن" وكانت نظريته أن حرب العصابات هي "حرب الجماهير العريضة في بلد متخلف اقتصاديا ضد جيش عدواني جيد التدريب". الورطة والمقاومة بدأ التورط الأميركي عمليا في حرب فيتنام بعد خروج القوات الفرنسية، ومنذ عام 1961 أرسلت واشنطن 400 من الجنود والمستشارين لمساعدة حكومة سايغون الموالية في مواجهته قوة هو شي منه الشيوعية، ومع التوصيات بزيادة المساعدات استجاب الرئيس جون كينيدي. وبحلول عام 1962 زاد الوجود العسكري الأميركي في جنوب فيتنام إلى نحو 9 آلاف جندي. ومع بداية عهد الرئيس ليندون جونسون (1963-1969) -الذي منحه الكونغرس صلاحيات واسعة في الشؤون الحربية- بدأت القاذفات الأميركية تنفيذ عمليات قصف منتظمة على فيتنام الشمالية وقوات "الفيت- كونغ" (الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام). وفي مارس/آذار 1965، بدأ تدفق القوات الأميركية إلى فيتنام الشمالية، حتى وصل إلى 200 ألف عام 1966، ثم نحو 500 ألف في نوفمبر/تشرين الثاني 1967. وكانت قوات الزعيم هو شي منه، وقائد العمليات الجنرال جياب، تعتمد على التكتيكات الحربية النوعية والهجمات الخاطفة والكمائن والأنفاق والحرب الطويلة الأمد كما كانت تعتمد على الإمدادات القادمة من كمبوديا ولاوس المجاورتين، وعلى الدعم النوعي الذي تتلقاه من الصين ومن الاتحاد السوفياتي، خصوصا منظومات الدفاع الجوي التي أسقطت عشرات قاذفات "بي-52". ومع بداية عام 1968 بلغت الخسائر الأميركية 15 ألف قتيل و109 آلاف جريح. وفي المقابل، زادت الولايات المتحدة من وتيرة القصف الجوي العنيف واستعمال الأسلحة المحرمة دوليا مثل "النابالم" وما سمي "العامل البرتقالي" -الذي يحتوي على "الديوكسين" وهو أكثر تلك المبيدات ضررا وفتكا- على فيتنام ولاوس وكمبوديا، ومازالت آثاره البيئية الخطيرة قائمة. صورة الهزيمة لم تكن الخسائر البشرية لوحدها ذات التأثير الأكبر فيما اعتبر هزيمة أميركية عسكرية وأخلاقية في فيتنام، فقد مثلت تلك الحرب أول "حرب تلفزيونية" مع بروز سطوة التلفزيون والصورة، وكانت للتقارير الإعلامية عن المجازر في فيتنام ذات تأثير واسع في الرأي العالم الأميركي والعالمي وفي قرارات الإدارة الأميركية لاحقا، خصوصا صورة "طفلة النابالم" التي كانت تجري عارية بعد أن أسقطت طائرة أميركية مادة النابالم الحارقة على قريتها في 8 يونيو/حزيران 1972. وفي 29 أبريل/نيسان 1975، ألقى الرئيس الأميركي جيرالد فورد (1974-1977) بيانا أعلن فيه إجلاء الموظفين الأميركيين من فيتنام قائلا "تعرض مطار سايغون لقصف صاروخي ومدفعي متواصل، وأُغلق بالكامل. تدهور الوضع العسكري في المنطقة بسرعة. لذلك، أمرتُ بإجلاء جميع الموظفين الأميركيين المتبقين في جنوب فيتنام" وكانت تلك نهاية الوجود الأميركي في هذه البلاد، ودخول قوات الجنرال جياب إلى المدينة اليوم التالي. ولا تزال مجريات حرب فيتنام، بمآسيها وصمود مقاومتها وتوحيد شطريها، من بين أحداث العالم الفارقة خلال القرن العشرين، وواحدة من الحروب التي غيّرت وجه الولايات المتحدة والعالم بأبعادها العسكرية والسياسية وآثارها الإنسانية، كما باتت تكتيكاتها وأساليبها تدرس في الكليات العسكرية، وتتبعها حركات مقاومة أخرى حول العالم. وبينما تحتفل بالذكرى الخمسين ليوم تحرير الجنوب وإعادة التوحيد الوطني، لم تعد مدينة سايغون (عاصمة فيتنام الجنوبية سابقا) -التي باتت تسمى هو شي منه نسبة إلى الزعيم الأسطوري لفيتنام- رهينة جراحات الماضي الأليم وأهواله، فقد تحولت على مدى الـ50 عاما الماضية إلى مدينة ناطحات سحاب براقة، وأعمال مزدهرة ومركز صناعي حيوي ونقطة جذب سياحية عالمية.