أحدث الأخبار مع #ديجول


نافذة على العالم
١٦-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- نافذة على العالم
الأخبار العالمية : فانس يدعو أوروبا لإنهاء اعتمادها الأمني على الولايات المتحدة
الأربعاء 16 أبريل 2025 09:16 صباحاً نافذة على العالم - قال نائب الرئيس الأمريكى جى دى فانس، إن على أوروبا أن تتخلى عن اعتمادها الدائم على المظلة الأمنية الأمريكية، داعياً القارة العجوز إلى بناء استقلالية دفاعية حقيقية، على غرار ما دعا إليه الزعيم الفرنسي التاريخي شارل ديجول. ونقلت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية عن مقابلة لفانس مع موقع UnHerd البريطاني، أنه "أبدى إعجابه بديجول، الذي قاد المقاومة الفرنسية ضد النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، وتولى الرئاسة بين عامي 1959 و1969، مؤكداً أنه كان محقاً حين دعا إلى استقلالية عسكرية أوروبية. وأضاف: "ديجول كان يحب الولايات المتحدة، لكنه أدرك، كما أُدرك أنا، أنه ليس من مصلحة أوروبا، ولا من مصلحة أميركا، أن تبقى أوروبا تابعة أمنياً للولايات المتحدة إلى الأبد". وتأتي تصريحات فانس في وقت يواصل فيه الرئيس الأمريكى دونالد ترمب انتقاده لحلفاء واشنطن الأوروبيين؛ بسبب اعتمادهم الكبير على القدرات العسكرية الأمريكية، ملمحاً إلى أن واشنطن قد لا تلتزم بالدفاع عن دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي لا تستثمر بما يكفي في أمنها. كما حذر وزير الدفاع الأمريكى بيت هيجسيث، من أن الوجود العسكري الأمريكى في أوروبا "ليس أبدياً". ويطالب ترمب حلفاء "الناتو" بزيادة إنفاقهم الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يمثل قفزة كبيرة عن الهدف الحالي البالغ 2%، والمقرر مراجعته في قمة لاهاي هذا الصيف. وقال فانس: "لا أرى أن استقلال أوروبا أمر سيء للولايات المتحدة، بل إنه جيد لنا"، مضيفاً أن "بريطانيا وفرنسا كانتا على حق حين اختلفتا مع الرئيس الأمريكى الراحل دوايت أيزنهاور بشأن أزمة قناة السويس في خمسينيات القرن الماضي". وكان أيزنهاور قد أجبر لندن وباريس حينها، قبل تولي ديجول للرئاسة، على التراجع عن تدخل عسكري لاستعادة السيطرة على قناة السويس من مصر، رغم أهميتها الاقتصادية والاستراتيجية لهما.


الشرق السعودية
١٥-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الشرق السعودية
فانس يدعو أوروبا لإنهاء اعتمادها الأمني على الولايات المتحدة
قال نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، إن على أوروبا أن تتخلى عن اعتمادها الدائم على المظلة الأمنية الأميركية، داعياً القارة العجوز إلى بناء استقلالية دفاعية حقيقية، على غرار ما دعا إليه الزعيم الفرنسي التاريخي شارل ديجول. ونقلت مجلة "بوليتيكو" الأميركية عن مقابلة لفانس مع موقع UnHerd البريطاني، أنه "أبدى إعجابه بديجول، الذي قاد المقاومة الفرنسية ضد النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، وتولى الرئاسة بين عامي 1959 و1969، مؤكداً أنه كان محقاً حين دعا إلى استقلالية عسكرية أوروبية. وأضاف: "ديجول كان يحب الولايات المتحدة، لكنه أدرك، كما أُدرك أنا، أنه ليس من مصلحة أوروبا، ولا من مصلحة أميركا، أن تبقى أوروبا تابعة أمنياً للولايات المتحدة إلى الأبد". وتأتي تصريحات فانس في وقت يواصل فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب انتقاده لحلفاء واشنطن الأوروبيين؛ بسبب اعتمادهم الكبير على القدرات العسكرية الأميركية، ملمحاً إلى أن واشنطن قد لا تلتزم بالدفاع عن دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي لا تستثمر بما يكفي في أمنها. كما حذر وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث، من أن الوجود العسكري الأميركي في أوروبا "ليس أبدياً". زيادة الإنفاق الدفاعي ويطالب ترمب حلفاء "الناتو" بزيادة إنفاقهم الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يمثل قفزة كبيرة عن الهدف الحالي البالغ 2%، والمقرر مراجعته في قمة لاهاي هذا الصيف. وقال فانس: "لا أرى أن استقلال أوروبا أمر سيء للولايات المتحدة، بل إنه جيد لنا"، مضيفاً أن "بريطانيا وفرنسا كانتا على حق حين اختلفتا مع الرئيس الأميركي الراحل دوايت أيزنهاور بشأن أزمة قناة السويس في خمسينيات القرن الماضي". وكان أيزنهاور قد أجبر لندن وباريس حينها، قبل تولي ديجول للرئاسة، على التراجع عن تدخل عسكري لاستعادة السيطرة على قناة السويس من مصر، رغم أهميتها الاقتصادية والاستراتيجية لهما. وأضاف فانس: "باستثناء بريطانيا وفرنسا وبولندا، فإن معظم الدول الأوروبية لا تمتلك جيوشاً قادرة على الدفاع عن نفسها بشكل معقول"، مشيراً إلى أن البنية الأمنية الأوروبية بالكامل طوال حياتي، كانت مدعومة من الولايات المتحدة. وأشار إلى أن ديجول كان يصر على ضرورة استقلال أوروبا أمنياً عن واشنطن، وعمل على بناء قوة عسكرية فرنسية مستقلة، شملت تطوير السلاح النووي، وصناعة دفاعية قوية، وهو ما ألهم لاحقاً فكرة الاستقلالية الاستراتيجية التي يروج لها الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون. العراق وأوكرانيا وفي حديثه، انتقد فانس الغزو الأميركي للعراق عام 2003، واصفاً إياه بـ"كارثة استراتيجية"، وقال إن "العديد من الدول الأوروبية كانت محقة في تحفظها على الحرب، لكنه أشار إلى أن مواقفها لم تكن قوية بما يكفي"، مضيفاً: "لو كانت أوروبا حينها أكثر استقلالية وجرأة، ربما كانت قادرة على وقف الحرب". ورغم انتقاداته المتكررة لأوروبا، خاصة فيما يتعلق بالهجرة وحرية التعبير، حرص فانس على إظهار نوع من الود تجاه القارة، قائلاً: "أحب الشعوب الأوروبية، قلت مراراً إن الثقافة الأميركية لا يمكن فصلها عن الثقافة الأوروبية، نحن نتاج الفلسفات والتيارات الدينية والهجرات الأوروبية التي أسست الولايات المتحدة"، لكنه عاد وأكد أن "القادة الأوروبيين لم يستثمروا كما ينبغي في أمنهم، ويجب أن يتغير هذا الأمر". وفي سياق متصل، وجه فانس انتقاداً جديداً للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في أحدث حلقة من التوتر المتصاعد بين الجانبين، والذي بدأ بمواجهة حادة في البيت الأبيض في فبراير الماضي، حين وصف فانس زيلينسكي بأنه "غير محترم". وكان زيلينسكي قد ذكر ، في مقابلة مع برنامج "60 دقيقة" الأميركي، بأن فانس يبرر بطريقة ما الغزو الروسي، واتهمه بالوقوع تحت تأثير الدعاية الروسية. ورد فانس قائلاً: "من السخيف أن يتهمنا زيلينسكي، ونحن من يمول حكومته وجهوده الحربية بالكامل، بأننا نقف إلى جانب الروس".


الاقباط اليوم
١٠-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الاقباط اليوم
«ماكرون».. «السيسي» وشعبُه.. هذى مصرُ المشرقة.. بقلم فاطمة ناعوت
بقلم فاطمة ناعوت فى 10 سبتمبر 2013، كتبتُ فى مجلة 7 أيام مقالًا عنوانُه: السيسى... الديجول المصرى، عقدتُ فيه مقارنةً بين الرمز الفرنسى شارل ديجول والرمز المصرى عبدالفتاح السيسى، قلتُ فيه: (الفريقُ المناضلُ عبدالفتاح السيسى للمصريين، يشبه المناضلَ والرئيسَ الفرنسى شارل ديجول للفرنسيين. كلاهما رمزٌ لانتزاع الحرية من أنياب الفاشية. ديجول حرر الفرنسيين من فاشية الجيوش النازية أثناء الحرب العالمية الثانية، فاعتبره الفرنسيون الأبَ الروحى للجمهورية الفرنسية الخامسة. والسيسى حرّر المصريين من فاشية منظمة الإخوان الإرهابية الدولية، فاعتبره المصريون الأبَ الروحى للجمهورية المصرية الثانية؛ بعدما استعاد الوطن من أنياب الإخوان فى 3 يوليو، متحدّيًا العالم بأسره. رفض ديجول الهدنةَ مع النازى الألمانى الذى اجتاح فرنسا، مثلما رفض السيسى مداهنة الإخوان وأمريكا وإسرائيل وقطر وتركيا ودول أوروبية، وانتصر لوطنه ومواطنيه بجسارة فارسٍ يواجه أقوى دول العالم بقوة إيمانه بشعبه وجيشه؛ كأنما يتقوّى بمقولة الإمام على بن أبى طالب: لا تُزيدنى كثرةُ الناس حولى عِزّة، ولا تَفَرُّقُهم عنى زادنى وَحشةً، لأنى مُحقٌّ). لكنّ الله تعالى أعزّ الرئيس السيسى بالحُسنيين: عزّةُ الحق، وعزّة كثرة الناس من حوله وحبهم له وإيمانهم برسالته الوطنية، مثلما رصدت الكاميراتُ أثناء تجواله مع ضيفنا الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى أروقة خان الخليلى، وأزقّة مصر الشعبية، ومقاهيها، ومحطات المترو. زيارةُ الرئيس الفرنسى لمصر لم تكن زيارة دبلوماسية عابرة تُسجَّل فى دفاتر البروتوكول، بل لوحةٌ نابضةٌ بالحياة، ألوانُها مُنمنِماتُ خان الخليلى، وعطرها روائحُ البخور المصرى، وروحُها عمقُ تاريخ مصر، وصوتُها هديرُ الحب الذى أفاضه المصريون لرئيسهم البطل وضيفه. أن يتجوّل ماكرون فى قلب القاهرة الفاطمية، ويجلس فى مقهى الفيشاوى العريق، حيث جلس نجيب محفوظ وطه حسين وأم كلثوم، وصلاح جاهين، وتوفيق الحكيم، وأحمد شوقى، هو أمرٌ يتجاوزُ حدودَ البروتوكول، نحو رسالة للعالم تقول: مصرُ آمنةٌ مستقرّةٌ، تفتحُ ذراعيها للعالم. خان الخليلى ليس فقط وجهةً سياحية، بل رمزٌ حىّ للأحياء الشعبية شديدة الزحام، ما يجعلُ ارتيادَه دبلوماسيًّا، فى علم الأمن مُخاطرةً من الطراز الرفيع. لكن الأمن المصرى المحترم نجح فى إدارة المشهد بكفاءة فائقة دون التضييق على حياة الناس اليومية. أضف إلى ذلك: جامعة القاهرة، مدينة العريش، المتحف المصرى الكبير، مترو الأنفاق؛ ما يعكس مستوى كفاءة الأجهزة الأمنية المصرية، ليس فقط فى الحماية، بل فى التوازن بين تأمين الشخصيات الرفيعة والحفاظ على صورة الدولة المتحضّرة. فى شوارع خان الخليلى، حيث تُجدلُ الحكاياتُ فى نسيج من انعكاسات ضياء النحاس وشذى البخور، سار الرئيسان، بلا حراسة ثقيلة ولا مظاهر بروتوكولية حادّة، بل وسط شعب كريم يهتفُ بالترحاب ويُلوّح بالأعلام ويغنّى. هذه صورةُ مصر الحقيقية التى نعرفُها نحن المصريين حين نجولُ ونجوبُ الطرقات، خرجت من إطارها لتُعرض على شاشات العالم: هذه مصرُنا بلدُ الحضارة والحياة، بلدُ الأمن والحُسن والناس الطيبين. ولم تقفِ الجولةُ عند حدود المقاهى والأسواق القديمة. بل زادها حياةً استقلال الرئيس الفرنسى رفقة نظيره المصرى مترو الأنفاق، يشارك الناسَ يومَهم، يسمعُ وجيب قلوبهم، ويلمسُ واقعَهم. تلك الخطوةُ، وإن بدت رمزية، فإنها تساوى فى قيمتها عشراتِ الخُطب والبيانات. إنها مصر التى تواجه التحديات، بوجهها الحقيقى؛ دون زينة أو تجمُّل، لأن وجهها أجملُ من أن يُجمَّل. الرئيس السيسى لم يصطحب نظيره الفرنسى فى جولة سياحية، بل أدخله قلبَ مصر وعمقَ شرايينها، وروحَ نبضها الشعبى. فليس أجملَ من أن يرى العالمُ وجه مصرَ الحقيقى الذى نعرفه. وكلّما حاول المغرضون هباءً تشويهه، لا تزداد مصرُ إلا جمالًا، ولا يزداد حاسدوها إلا خزيًا. من اللحظات الآسرة فى زيارة الرئيس الفرنسى لمصر تلك التى دوّى فيها صوتُ السوبرانو المصرية الساحرة فرح الديبانى، فى قلب الحى التاريخى، وسط المآذن وروائح العنبر، يصافح الأرواحَ قبل المسامع؛ كأنما نشيدٌ وطنىٌّ يهمسُ: مصرُ بلد الثقافة، تُخاطبُ الآخر بلغة الفن، تمامًا كما فعلت مصرُ قديمًا عبر جداريات المعابد ونوتات السلم الموسيقى الهيروغليفى. السوبرانو هو أعلى درجات الصوت البشرى، وأصعبُها، تمامًا كمصر: عاليةٌ بطبعها، صعبةٌ عصيةٌ على النيْل منها. هذه الزيارة الشعبية- التاريخية تُعدُّ صفعةً ناعمة ولكن حاسمة لأبواق الهدم والافتراء، الذين اعتادوا تشويه صورة مصر عن جهلٍ أو عن غرض. جاءت زيارة ماكرون، وجولاته فى الأحياء القديمة، ودفء استقبال الناس، لتُسكتَ تلك الأصوات المريضة، وتغسلَ الغبارَ عن مرآة الحقيقة. الرسالةُ ناصعةٌ: مصرُ لا تتجمّلُ، لأن جمالَها أصيلٌ مفطور، ولا ترتدى أقنعة، لأن وجهَها الشمسُ، ولا تهابُ سهامَ التزييف، لأنها ثابتة كأهراماتها. تحيا مصرُ، وطنًا يحتضن العالمَ بمحبة، وتحيا قيادتُها، وقائدُها الذى يعرف متى يفتحُ أبوابَها، ويقول للعالم: أهلًا بكم فى دفء إشراقِنا.


بوابة الأهرام
١١-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- بوابة الأهرام
فى أصول الخلاف الأمريـكى ــ الأوروبـى
رغم التوترات إلى تبدو داخل التحالف الأطلنطى خاصة فى ولايتى الرئيس الامريكى ترامب وقيل إن التحالف وصل إلى «موت سريرى» وإلى مواجهات وجه فيها مسئولون كبار فى الإدارة الامريكية لطمات» إلى الأوروبيين، وأنهم تخلوا عن قيمهم التاريخية. قد يبدو أن هذه الاختلافات الأمريكية والأوروبية فى النظر إلى العالم ومعالجة القضايا الاستراتيجية بوجه خاص، وليدة اليوم فقط خاصة بعد انتهاء الحرب الباردة واختفاء التهديد المشترك الذى كان يمثله الاتحاد السوفيتى، غير أن قراءة وتفحص ومتابعة العلاقات الأوروبية الأمريكية حتى خلال فترة الحرب الباردة وتطورها، إنما ينبئ عن خلافات ومواقف مستقلة اتبعتها بشكل خاص الدولتان الأساسيتان فى المحيط الأوروبى هما فرنسا وألمانيا، وأنهما وبفعل الخبرة التاريخية والخصائص الحضارية والجيوسياسية قد تبنتا فى إدارتهما الحرب الباردة ومواجهتها مواقف اختلفت عن الولايات المتحدة وأن بعضا من هذه المواقف الأوروبية قد ثبتت صحة توجههما التاريخى بل أصبحت التيار الذى تبنته الولايات المتحدة فى سياستها للوفاق مع الاتحاد السوفيتى. فمع بداية الستينيات وبداية استعادة أوروبا عافيتها السياسية والاقتصادية وثقتها فى نفسها بدأت القوة الأوروبية، وفى إطار استمرار تحالفها وانتمائها السياسى والأيديولوجى مع الولايات المتحدة، تشكك فى السلطة الأمريكية وحقها فى التحدث باسمها وباسم التحالف كله، كما أخذت تنظر إلى نفسها كشريك لأمريكا وتطالب فى تقرير سياسات التحالف فى أى حرب. وفى منتصف الستينيات أوصل الجنرال ديجول العلاقة مع الولايات المتحدة وقيادتها للتحالف الغربى إلى نقطة الأزمة الكبرى عندما أصر على أن يغير من طابع العلاقة السياسية بين واشنطن وحلفائها بل إلى أن يجعل من نفسه المتحدث باسم أوروبا القارية، ولعبت ليس فقط شخصية ديجول وفكره بل خبرة فرنسا التاريخية والأوروبية دورا أساسيا فى هذه التوجهات، فمن خلال تقويم ديجول لعلاقات القوى فى العالم ومعانيها بالنسبة لفرنسا وأوروبا، وكذلك تصوره الفلسفى والتاريخى لدور فرنسا ومكانتها تصور أن فرنسا يجب أن يكون لها سيطرتها على مصيرها الخاص، بهذا التصور بدأ ديجول سلسلة إجراءاته لفك العلاقة العسكرية لفرنسا مع حلف شمال الأطلنطى وهى الإجراءات التى انتهت فى عام 1966 بسحب فرنسا قواتها من الناتو وانسحاب القوات الأمريكية من الأراضى الفرنسية عام 1967، مما يذكر بالجدل الذى دار بين الولايات المتحدة وفرنسا وبالحملة الأمريكية على فرنسا واتهامها بالجحود ونكران الجميل. أما التحول الآخر فى نطاق التحالف العسكرى الأوروبى نحو سياسات أوروبية مستقلة، فقد صدر عن القوة الأوروبية الرئيسية الأخرى وهى ألمانيا الاتحادية، وبدأ هذا التطور مع قيام حكومة ائتلافية فى 1966 شرعت تعيد النظر فى عدد من مفاهيم إدارة علاقاتها الدولية، واستخلصت أن المشكلة الألمانية لا يمكن أن تحل فى مناخ الحرب الباردة الجامد وبلغ هذا التطور مداه عام 1969 عندما جاء إلى الحكم الحزب الديمقراطى الاشتراكى بزعامة فيلى براندت الذى اتبع سياسة التوجه شرقا، والتى انطلقت منها التطورات التى تلت ذلك فى علاقة الشرق بالغرب عموما ومكنت من عقد مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبى فى هلسنكى عام 1973، كذلك أثارت المبادرات الألمانية تحفظ بل وغضب واشنطن واعتبرتها آنذاك إضعافا للتحالف الغربى. إلا أن التحالف صمد حتى نهاية الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتى الذى اعتبر انتصاراً للتحالف الاطلنطى، ورغم هذا فقد ثار الجدل بين المفكرين أن التحالفات تنتهى عندما تنتهى اسباب قيامها. إلا أن إدارة كلينتون تصدت لهذا الرأى، بل واتجهت إلى دعم الحلف وتوسيعه واقامة قواعد عسكرية فى بلدان شرق اوروبا، حليفة الاتحاد السوفيتى السابقة مثل تشيكوسلوفاكيا، الأمر الذى اثار روسيا خاصة بعد مجىء فلاديمير بوتين الذى اعتبر هذا تمددا وتهديداً للأمن القومى الروسى، الأمر الذى تدعم حين طلب الرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلينسكى الانضمام لحلف الاطلنطى، وكان هذا هو أصول الحرب الأوكرانية والعملية العسكرية الروسية فى فبراير 2022، والتدخل الاوروبى الامريكى الذى وصل إلى اعتبار الحرب حربا بين روسيا وحلف الاطلنطى. وفى الأعقاب المباشرة لأحداث 11 سبتمبر 2001 وما تعرضت له الولايات المتحدة، سادت مشاعر التعاطف المشترك للعلاقات الأطلنطية، وظهرت فى الصحف الأوروبية ما عبر عن التضامن مع الشعب الأمريكى - كلنا أمريكيون - وعلى المستوى الرسمى تعاقبت زيارات القادة الأوروبيين للبيت الأبيض، وفعل حلف الأطلنطى للمرة الأولى فى تاريخه المادة الخامسة من ميثاقه والتى تقول إن أى اعتداء على دولة عضو هو الاعتداء على أعضاء الحلف جميعا، غير أنه بعد عدة أشهر بدأت هذه المشاعر تتبدد ويحل محلها تدريجيا شعور أوروبا بالاستياء من الولايات المتحدة وإدارتها وأسلوبها المنفرد فى إدارة العلاقات الأطلنطية والقضايا الدولية، وفى مقدمتها الحرب على الإرهاب وقضايا الشرق الأوسط. وظهرت كتب تحمل عناوين «لماذا يكره الناس أمريكا؟» وحملت بيانات وتصريحات رسميين أوروبيين انتقادات للسياسة الأمريكية واتهامها بتبسيط القضايا الدولية والانفراد بالقرار الدولى. وهكذا بدت العلاقات الأطلنطية فى أدنى مستوياتها وظهرت كتابات تتحدث عن تباعد هذه العلاقات وتفكك العناصر والقيم التى كانت تجمعها. غير أن أكثر من كتبوا فى التباعد الحادث فى العلاقات الأوروبية الأمريكية كان الباحث الأمريكى روبرت كاجان الذى كتب مقالاً نشره فى دورية foregn policy تحت عنوان: القوة والضعف، فى هذا المقال اعتبر كاجان أن الوقت قد حان للتوقف عن الادعاء ان الامريكيين والاوروبيين يتفقون على نظرة واحدة للعالم وما هى القوة وأخلاقية القوة وجاذبية القوة، حيث كانت وجهات نظر الامريكيين والاوروبيين تتباعد، فأوروبا تتحول بعيداً عن القوة ونحو عالم من القوانين والمفاوضات الدولية والتعاون وهى تدخل عالم كانط «للسلام الدائم». اما الولايات المتحدة فهى تعيش خلال إدارتى اوباماً وبايدن بأن العلاقات الامريكية الاوروبية متناسقة خاصة حول الحرب الاوكرانية. اما التطور الحاسم فجاء مع مجىء ترامب رئيسا للمرة الثانية مؤكداً المخاوف الاوروبية من انه سيواصل انتقاداته لحلف الاطلنطى والحرب الأوكرانية وانه سوف ينهيها فى اسابيع، وكان لقاؤه مع زيلينسكى فى البيت الابيض وتصرفات نائبه فانس فى باريس وبروكسل «مهينة» للأوروبيين التى جعلت المستشار الالمانى الجديد يدعو إلى حاجة اوروبا إلى قوة نووية مستقلة وان امريكا لم تعد تبالى بأمن اوروبا. وهكذا يقع التحالف الاطلنطى فى مفترق الطرق: إما محاولة احتواء ترامب وترويضه وإنقاذ التحالف، أو استمرار الخلاف وتفكك الحلف والنظام العالمى، حيث لا يمكن الاعتماد على مفهوم القيم وان الأمن الحقيقى والدفاع والترويج للنظام الليبرالى مازال يعتمد على استخدام القوة العسكرية، وهذا هو السبب فى أنه حول كل القضايا الاستراتيجية والدولية اليوم فان الأمريكان يبدو أنهم يعيشون فى كوكب «المريخ» والاوروبيين يعيشون فى كوكب «الزهرة».

مصرس
٢٣-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- مصرس
ذات يوم.. 23 فبراير 1966.. ثروت عكاشة يقدم لمسؤول فرنسى طلب جمال عبدالناصر بمساعدة الرئيس ديجول لمصر فى صنع القنبلة الذرية أسوة بما فعلته باريس مع إسرائيل
زار الدكتور ثروت عكاشة، الرئيس جمال عبدالناصر، فى مايو 1966 ليعرض بعض الأمور قبل سفره إلى فرنسا، لحضور جلسة طارئة للمجلس التنفيذى لليونسكو الذى كان عضوا فيه، كما كان رئيسا للبنك الأهلى المصرى، وبينما يهم بالانصراف، طلب منه الرئيس البقاء، قائلا: «هناك ما هو أهم، ينبغى بحثه وانت فى فرنسا»، حسبما يذكر «عكاشة» فى الجزء الأول من مذكراته «مذكراتى فى السياسة والفن». سأل «عكاشة» عن هذا الأمر، فأجابه الرئيس: «معاونة فرنسا لنا فى إنتاج القنبلة الذرية»، يكشف «عكاشة» أنه حين سمع الرئيس لم تقو قدماه على حمله، فجلس وسأله: «أتُراك تمزح يا ريس؟ رد: بل أنا جاد كل الجد، فإسرائيل تمتلك الآن القنبلة الذرية ومسؤوليتى تحتم تملك مصر وسائل ردع هذا السلاح، ولذلك نحاول فى كل مكان، حتى فى الصين»، يضيف «عكاشة»: «وعدته ببذل ما بوسعى، ولم أخف عليه شكوكى كثيرا فى إمكانية تحقيق هذه الأمنية، وخرجت مذهولا أحاول حصر ذهنى فى كيفية تبليغ هذه الرسالة، ولمن؟».كان ل«عكاشة» علاقات وثيقة بدوائر الحكم فى فرنسا منذ أن كان ملحقا عسكريا لمصر فيها عام 1954، ويذكر، أنه بعد انصرافه من لقاء عبدالناصر حاول معرفة شىء عن هذه القنبلة، فانكب على ما يحتفظ به من مجلدات مجلة «ريالتيس» الفرنسية ليستعيد قراءة مقال فيها بعنوان «الدول التى تستطيع أن تمتلك القنبلة الذرية»، كما توجه وبناء على طلب عبدالناصر للقاء الدكتور عبدالمعبود الجبيلى رئيس هيئة الطاقة الذرية، لمعرفة الاحتياجات بالتفصيل، وأعاره «الجبيلى» كتاب «انتشار الأسلحة الذرية» الصادر عن «معهد العلوم الاستراتيجية البريطانى»، الذى يكشف عن أن فرنسا لا تملك حق الرقابة على مفاعل ديمونة الإسرائيلى الذى أنشأته لها، ويكشف المعلومات التى حصلت عليها إسرائيل من الدول الغربية.يذكر «عكاشة» أن «الجبيلى» حدد له أربعة احتمالات لمطلب الرئيس من فرنسا علميا، أولها كان الحد الأقصى وهو معونة فرنسية كاملة، وثانيها برنامجا متوسطا، وثالثها الحد الأدنى، ورابعها أسوأ الفروض وهو تزويدنا بمفاعل لإنتاج البلوتونيوم والمواد النووية المختلفة ورخصة إنتاج الوقود، وتزودنا بالتصميمات والرسومات النهائية وبالمعدات والمواد والأجهزة اللازمة لإقامة أى مشروعات سنتعاون فيها، وتدريب الخبراء والفنيين المصريين فى المنشآت الفرنسية المشابهة، واشتراكهم مع الخبراء الفرنسيين فى مراحل المشروع».يكشف «عكاشة» أنه فى 23 فبراير، مثل هذا اليوم، 1966 التقى بالمسيو «لوى جوكس» وزير الدولة الفرنسية لشؤون الإصلاح الإدارى بمقر وزارته، وعرض عليه الموضوع كرسالة شبه رسمية من «عبدالناصر» إلى الجنرال ديجول شخصيا، وقال عكاشة فى كلامه أن «جى موليه» رئيس الحكومة الفرنسية فى «الجمهورية الرابعة» تورط فى تقديم المساعدات العسكرية لإسرائيل خاصة النووية، ما ساعدها فى تكوين مفاعلها الذرى، وإمكانية حصولها على القنبلة الذرية عام 1970، وأن الشعور السائد لدى العرب عامة ومصر خاصة، أن فرنسا ارتكبت هذه الخطيئة.وقال «عكاشة» للوزير الفرنسى إن الرئيس عبدالناصر يدرك عدم جدوى هذا السباق، ويؤمن بمبدأ عدم انتشار الأسلحة الذرية، لكنه غير مستعد لأن يقف مكتوف اليدين أمام الخطر الذى يتهددنا، وأننا بدأنا منذ وقت غير قصير بتطبيق برنامج نووى للأغراض السلمية ولإنتاج المواد الانشطارية، ويكشف «عكاشة» أنه بعد هذا التمهيد الطويل دخل إلى مطلبه، قائلا للوزير الفرنسى: «اسمح لى أن أدعو الرئيس ديجول أن يكفر عن الذنب الذى ارتكبته الجمهورية الرابعة، بأن تتدخل فرنسا لإيقاف إسرائيل عن مواصلة إنتاج قنبلتها الذرية، وإذا تعذر فلا مفر من أن تمنحونا مساعدتكم الفنية للحاق بالمستوى الذى بلغته إسرائيل بفضل عونكم».قدم «عكاشة» عرضا للوزير الفرنسى مؤكدا أنه يقترحه بصفة شخصية لإبداء حسن النوايا وهو، أن تتخلص مصر وأصدقاؤها من طائراتها الإنجليزية، وتحصل على طائرات «الكارافيل»، وتعهد مصر لفرنسا ببناء سفن أسطولها التجارى، فرد «جوكس» بأنه سينقل ما سمعه كاملا إلى الرئيس ديجول، وأردف قائلا: «لا أظنك تتوقع منى إجابة فى التو واللحظة»، فاقترح «عكاشة» أن يتلقى الرد فى مايو 1966 حيث سيعود إلى باريس لحضور اجتماع اليونسكو.فى 11 مايو 1966 التقى «عكاشة» الوزير الفرنسى على العشاء بمطعم «تور دار جان»، واعتذر له الوزير بأن الفرصة لم تسمح له بالحديث فى الموضوع مع «ديجول»، وافترقا على أن يعودا للقاء يوم 21 مايو، ويومها قدم «عكاشة» مذكرة بمطالبه، فوضعها الوزير فى جيبه»، قائلا: إنى أودعها فى خزانة سرية، وسأتصل بك قبل مغادرتك لإخطارك بالنتيجة، بعد عرض الأمر على الرئيس ديجول ووزير الخارجية «كوف ده مورفيل».يؤكد «عكاشة»، أنه فى 27 مايو 1966 أخبره الوزير الفرنسى أن وزير الخارجية استمع منه ولم يذكر رأيه النهائى لكثرة أسفاره، وسيكتب له الرأى النهائى بعد انتهاء المداولات حولها بعد العرض على ديجول، يذكر «عكاشة»: «أثبتت الأيام بأن هذه الإجابة كانت لونا من ألوان اللباقة الدبلوماسية».