منذ 3 أيام
ما هو قانون بيكهام وكيف تأثرت أندية الدوري الإسباني بإلغائه؟
مع مطلع الألفية الجديدة، عرفت أوروبا ارتفاعًا ملحوظًا في النسبة المفروضة في نظام الضرائب على العمال الأجانب، وكان لاعبو كرة القدم هم الأكثر تضررًا من هذا الارتفاع الكبير، حيث وصلت قيمة الضريبة المفروضة على الدخل العام للمستثمرين الأجانب أو الأشخاص الخاضعين لنظام العمل في إنجلترا إلى 42%، بينما لحقت بها إيطاليا بعد أقل من عام واحد بنسبة 40%.
وفي فرنسا، ارتفعت الضرائب إلى حوالي 70% من قيمة الدخل السنوي، وهو ما أفقد كل الأندية الفرنسية قدرتها على التعاقد مع لاعبين ذوي قيمة عالية وأجور مرتفعة، باستثناء باريس سان جيرمان وموناكو، قبل أن يتم إخضاع فريق الإمارة لقوانين الدولة الفرنسية، لينتهي مشروع مالكه الروسي ديميتري ريبولوفليف آنذاك.
أما في إسبانيا، فقد كانت الحكاية مختلفة، فمنذ قدوم رئيس نادي ريال مدريد فلورنتينو بيريز، بدأ توافد أبرز نجوم العالم إلى "الليغا" من خلال مشروع "الغلاكتيكوس"، وكذلك الأمر بالنسبة لبرشلونة مع رئيسه خوان لابورتا، حيث استفاد الناديان من المحافظة على نسبة الضرائب المنخفضة في البلاد والتي لم تتجاوز 25%.
إقرار قانون بيكهام
لم يكن بإمكان إسبانيا أن تبقى منعزلة فيما يتعلق بالنظام الضريبي، لكن الحكومة الإسبانية اتخذت قرارًا جريئًا حظي بموافقة البرلمان في عام 2005، ينص على أن يخضع لاعبو كرة القدم في أندية الليغا لإعفاء ضريبي تصل نسبته إلى نحو 20%، بحيث يتم دفع 24% فقط من الدخل السنوي لهم، وذلك لمدة خمس سنوات.
أي أن اللاعب الذي كان يحصل على أجر قدره عشرة ملايين يورو، كان يدفع نحو 2.4 مليون يورو بدلاً من 4.3 ملايين في العام الواحد.
واعتبرت الحكومة الإسبانية أن كرة القدم تمثل أحد مصادر الجذب السياحي والدخل القومي للبلاد ولا بد من الحفاظ عليها، ولذلك فقد تم إقرار هذا القانون الذي سُمي اصطلاحًا باسم "قانون بيكهام" نسبة إلى اللاعب الإنجليزي ديفيد بيكهام، الذي شكل قدومه إلى ريال مدريد منعطفًا كبيرًا في الترويج لبطولة الدوري الإسباني وعلامته التجارية في كثير من بلدان العالم.
وقد استفاد ريال مدريد وبرشلونة وبقية الأندية الإسبانية من هذا القانون، حيث تهافت النجوم الحاضرون في الدوري الإنجليزي والإيطالي إلى الليغا الإسبانية في السنوات التالية، وخاصة إلى الغريمين التقليديين، لتصبح مباراة الكلاسيكو ثاني أكثر مباراة من حيث المتابعة الجماهيرية في العالم بعد مباراة ليفربول ومانشستر يونايتد في ذلك الحين، قبل أن تتفوق عليها لاحقًا، وخاصة بعد انهيار كتيبة الشياطين الحمر عقب رحيل السير أليكس فيرغسون.
هيمنة إسبانية على الألقاب الأوروبية
منذ عام 2005، بدأ عصر جديد للأندية الإسبانية في البطولات الأوروبية، إذ بدأت أندية الليغا بالتفوق رياضيًا على الأندية الإنجليزية والإيطالية، وبات مشهد تتويج أحد الأندية الإسبانية في بطولتي دوري الأبطال والدوري الأوروبي أمرًا معتادًا في كل سنة.
وتشير الإحصائيات إلى أن أندية إسبانيا توجت بـ10 ألقاب في آخر 20 سنة بدوري الأبطال، وبـ11 لقبًا في الدوري الأوروبي خلال الفترة ذاتها، و12 لقبًا في السوبر الأوروبي، إضافة إلى لقب في البطولة المستحدثة (دوري المؤتمر الأوروبي).
كما أسهم وصول اللاعبين الأجانب الكبار إلى الليغا في رفع مستوى لاعبي إسبانيا بشكل لافت، وهو ما انعكس أيضًا على نتائج المنتخب الإسباني الذي بدأ يحصد الألقاب والبطولات، بعدما كان تاريخه يقتصر على لقب يورو 1964 فقط.
آثار سلبية لإلغاء القانون
بعد وباء كوفيد-19، وفي خطوة تتعلق بإجراء إصلاحات ضريبية، وربما بعد رحيل النجمين كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي ومعهما العديد من النجوم الآخرين، قامت الحكومة الإسبانية في عام 2021 بإلغاء قانون بيكهام، لتعود قيمة الإنفاق الضريبي بالنسبة للاعبين الأجانب إلى 43%، وهو ما أدى إلى حركة نزوح معاكسة للكثير من نجوم العالم إلى البريميرليغ مجددًا.
بعد صفقة كاريراس.. أغلى 10 مدافعين في تاريخ ريال مدريد
اقرأ المزيد
وعلى الرغم من أن نسبة الضرائب هي ذاتها تقريبًا، إلا أن القدرة الشرائية والاقتصادية للأندية الإنجليزية، التي تمتلك إيرادات تلفزيونية مرتفعة جدًا وإمكانية دفع أجور مرتفعة بما يغطي قيمة الضرائب، حوّل بوصلة نجوم العالم إلى البريميرليغ.
ومنذ إلغاء قانون بيكهام أصبحت الأندية الإسبانية عمومًا تواجه صعوبة في المنافسة على الألقاب الأوروبية، بينما بقي ريال مدريد صامدًا بعض الشيء بفضل علامته التجارية القوية وقدراته المادية الجيدة.
ومن هنا، يمكن اعتبار قانون بيكهام السلاح السري لليغا الإسبانية الذي ساعد أنديتها في الهيمنة الأوروبية طيلة 15 سنة، قبل أن يفتح إلغاؤه الباب أمام تفوق أندية البريميرليغ، وهو تفوق يُنتظر أن يتواصل أكثر وأكثر في السنوات المقبلة.