logo
#

أحدث الأخبار مع #رشاسلامة

قلوب آيلة للإنهاك
قلوب آيلة للإنهاك

الغد

time١٢-٠٣-٢٠٢٥

  • صحة
  • الغد

قلوب آيلة للإنهاك

د. رشا سلامة كعادتها، تتصيد شبكة الإنترنت اهتمامات المتلقي ومتابعاته المستمرة وشخصياته المفضلة، ولعل أجمل ما في هذه الظاهرة المزعجة، أن المتصفح على جهاز الحاسوب والهاتف الخلوي تنبها لاهتمامي الدائم بجراح القلب المصري العالمي مجدي يعقوب. لا يكاد خبر هنا أو حوار هناك يفوتني عنه، بل أستغرب من اندماجي بحديثه الطبي، بنبرة صوته الهادئة وسلاسته، كأنما لا توجد علامات ترقيم في كلامه. اضافة اعلان ليس موقع 'يوتيوب' وحده من يقترح عليّ فيديوهات مجدي يعقوب، بل مقاطع فيديو 'إنستغرام' كذلك. أكثر ما استوقفني وكنت أحسبه مجازا إلى حد كبير ما يُطلق عليه 'متلازمة القلب المكسور'، أو ما يُطلَق عليها بالإنجليزية Broken Heart Syndrome. يكون ذلك عند حدوث ارتفاع مفاجئ لهرمون الأدرينالين وتضيّق في بعض شرايين القلب، ما يشبه أعراض النوبة القلبية، بسبب انفعال شديد من حزن أو خسارة أو فقد أو حتى حالة فرح مفاجئة غير متوقعة. وفي الغالب، يتم التعافي منها لاحقا. يحذر مجدي يعقوب منها كثيرا، ويقول إن أكثر ما يُشكل خطراً على القلب هو الحزن، مسترسلا كأنما هو يروي حكاية ما قبل النوم لأطفاله، حين كان والده طبيبا، وأصيب بالانهيار؛ ذلك أن شقيقته توفيت جراء إصابتها بروماتيزم القلب عن عمر يناهز 22 عاماً فقط، وكيف أنه لم يكن لهذا المرض آنذاك علاج إلا في بريطانيا وليس مصر، فما كان من الطفل ذي الخمسة أعوام سوى أن وعد والده بأن يذهب إلى هناك ويجد حلا. على الرغم من استخفاف والده بكلامه. ذهب يعقوب إلى هناك بعد أعوام، وعكف على عمليات زراعة القلب، والأبحاث الطبية الرائدة بهذا الخصوص، وإنقاذ من يحتاجون لعمليات قلب في العالم العربي وفي المناطق النائية في العالم، فتقلد أوسمة شرف رفيعة وكرمته ملكة بريطانيا الراحلة إليزابيث. يعرف يعقوب جيدا، وأخال أن هذا سبب تركيزه على التحذير من الحزن الذي يقود في مرات إلى 'متلازمة القلب المكسور'، أن المجتمعات العربية ليست صديقة للقلب ولا للصحة: الازدحام المروري الخانق، التلوث، ضيق ذات اليد، اللهاث وراء لقمة العيش، سقف الحريات المنخفض، القمع، الطبيعة البخيلة جماليا، التاريخ والحاضر المغرِق في الحزن والحروب والانكسارات، الضغوطات الاجتماعية الخانقة، والكثير مما يقال في هذا الصدد. وسط حديث يعقوب حول هذه المتلازمة، أتذكر فيلما عُرض في العام 2013 عن أميرة ويلز 'ديانا'، فكان ثمة حوار بينها وبين جراح القلب الباكستاني حسنات خان، سألته فيه إن كانت هذه المتلازمة موجودة، ليجيبها نعم وأنه يظن أن ماريا كالاس واحدة ممن رحلن بسبب متلازمة القلب المكسور. أخال أن أقدارنا كعرب، وفلسطينيين على وجه التحديد، تحتم علينا العيش بقلوب آيلة للإنهاك سريعا، ما يستدعي الرأفة. ولعل مصر أول من حاول لفت النظر إلى هذا؛ إذ تضع صورة جراح القلب المصري العالمي مجدي يعقوب في واجهة مطار القاهرة؛ ليُنعشَ القلب ويمنحه أملا في حياة أفضل. قبل أعوام، وبعيدا عن متلازمة القلب المكسور، أنهكتني مشكلة غريبة في كهرباء القلب حتى أجريت لها عملية كيّ شريان تكللت بالنجاح، وما عدت أشعر بالخفقان المضني إلا تحت الضغط والحزن الشديدين. بيد أني لا أنفك أفكر في من لا يملكون تكلفة عملية كيّ الشريان هذه، والتي تصل على أقل تقدير إلى سبعة آلاف دينار، والتي لا تقوم شركات التأمين الطبية بتغطيتها. أفكر كثيرا، كذلك، في قلوب الناس المنهَكة في هذه المجتمعات غير الصديقة للقلب.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store