منذ 2 أيام
لوحة نادرة لكاناليتو تسجّل رقمًا قياسيًا عالميًا في مزاد بلندن
في أمسية مميزة من مزادات الفن الكلاسيكي في لندن، سُجّل رقم قياسي عالمي جديد لأعمال الرسام الإيطالي كاناليتو Canaletto، وذلك بعد بيع لوحته البانورامية النادرة "عودة البوشنتورو في يوم الصعود Venice, the Return of the Bucintoro on Ascension Day"، مقابل 31.9 مليون جنيه إسترليني (27.5 مليون قبل الرسوم)، ضمن مزاد Old Masters الذي أقامته دار كريستيز Christie's مساء أمس الثلاثاء.
تُعد اللوحة، التي أنجزها كاناليتو عام 1732، من بين أعرض وأهم أعماله التي طُرحت في السوق خلال العقدين الأخيرين، حيث تبلغ أبعادها 86 × 138 سنتيمترًا، وكانت مملوكة سابقًا لرئيس الوزراء البريطاني الأول روبرت والبول Robert Walpole، ما أضفى عليها بعدًا تاريخيًا فريدًا.
وقد تنافس على اقتنائها خمسة مزايدين من آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية، قبل أن تُرسى في النهاية على مزايد مجهول شارك عبر الهاتف بالتنسيق مع أليس دو روكوموريل Alice de Roquemaurel، المديرة الدولية لقسم المبيعات الخاصة لدى كريستيز.
وكانت آخر مرة ظهرت فيها هذه اللوحة في المزادات تعود إلى عام 1993، حين بيعت في مزاد بباريس مقابل نحو 7.5 مليون جنيه إسترليني، فيما لم تكن صلتها بعائلة والبول معروفة بعد، حيث كشف عنها لاحقًا المؤرخ الفني البريطاني أوليفر ميلار Oliver Millar، الذي أكد أن هذه اللوحة ولوحتها التوأم كانتا معلّقتين في قاعة الاستقبال داخل مقر رئاسة الوزراء في 10 داونينغ ستريت، وذلك استنادًا إلى سجل يعود إلى عام 1736.
اللوحة التوأم، التي تصوّر مشهدًا من القناة الكبرى، بيعت لاحقًا في مزاد سوثبيز Sotheby's بلندن عام 2005، مقابل 18.6 مليون جنيه إسترليني، وهو الرقم الذي ظلّ يمثل أعلى سعر يُدفع لقاء عمل لكاناليتو حتى ليلة أمس.
عمل نادر يجمع الزمن والجمال والمكان
وفقًا لما أوضحه أندرو فليتشر Andrew Fletcher، رئيس قسم الأعمال الكلاسيكية في دار كريستيز، فإن لوحة "عودة البوشنتورو في يوم الصعود" تكتسب أهميتها الاستثنائية من خمسة عناصر مترابطة: أولًا، تنفيذها في بداية ثلاثينيات القرن الثامن عشر، وهي المرحلة الذهبية في مسيرة كاناليتو؛ ثانيًا، المشهد الذي تصوره والذي يُعد الأشهر في البندقية، ويشمل أبرز معالمها من قصر الدوق إلى جسر التنهدات وساحة سان ماركو؛ ثالثًا، ارتباطها بمناسبة "عيد الصعود"، أحد أقدم الاحتفالات في المدينة؛ رابعًا، حالتها الفنية الممتازة؛ وخامسًا، مصدرها النخبوي النادر، إذ كانت مملوكة لرئيس الوزراء البريطاني الأول روبرت والبول.
وقال فليتشر تعليقًا على ذلك: "لا يوجد مشهد عن البندقية أكثر شهرة من هذا، ولا فترة إنتاجية أفضل في مسيرة كاناليتو من أوائل ثلاثينيات القرن الثامن عشر، ومع أصل كهذا، فهي من أعظم الأعمال التي لا تزال في حوزة ملكية خاصة".
هذا الإنجاز ساهم في رفع نسبة البيع في المزاد إلى 99% من حيث القيمة، وهي الأعلى في تاريخ مزادات Old Masters لدى كريستيز لندن.
فقد بيع 34 عملًا من أصل 39، بمجموع بلغ 55.2 مليون جنيه إسترليني شامل الرسوم، وسط حضور مكثّف وجوّ تنافسي وصفه المنظمون بأنه "صيفي صاخب ومليء بالطاقة".
ولم تقتصر الأرقام القياسية على كاناليتو وحده؛ إذ شهدت القاعة بيع أعمال أخرى نادرة، من أبرزها لوحة صغيرة الحجم للفنان جون كونستابل John Constable، يُعتقد أنها رُسمت فوق مرتفعات هارنهام بالقرب من سالزبري، وبيعت مقابل 453,600 جنيه إسترليني، متجاوزة ضعف تقديرها الأولي.
كما جذبت لوحة "سيدة بلحيين" للفنان الفلمنكي ويلم كي Willem Key اهتمامًا واسعًا، وبيعت مقابل 882 ألف جنيه، بعدما أثارت فضول الجمهور بقصتها النادرة التي تتناول حالة طبية تُعرف بـ"فرط الشعر".
من جانب آخر، تجاوزت لوحة "امرأة تُمشّط شعر صبي" للفنان الهولندي غيريت دو Gerrit Dou التوقعات، وبيعت مقابل 2 مليون جنيه إسترليني، لتؤكد استمرار الطلب على مشاهد الحياة اليومية المليئة بالتفاصيل الإنسانية في لوحات العصر الذهبي الهولندي.