logo
#

أحدث الأخبار مع #روبرتأرمسترونج

إشارات مهمة حول ترابط أسعار الأسهم والسندات
إشارات مهمة حول ترابط أسعار الأسهم والسندات

البيان

time٠٣-٠٥-٢٠٢٥

  • أعمال
  • البيان

إشارات مهمة حول ترابط أسعار الأسهم والسندات

روبرت أرمسترونج وآيدن رايتر خلال بعض جلسات التداول الأخيرة، ارتفعت أسعار الأسهم والسندات معاً. ومن الناحية الاسمية، يعد هذا خبراً ساراً للمحافظ الاستثمارية المتنوعة: فكلا المكونين يحققان أرباحاً. لكن ثمة ما يدعو للقلق في الوقت ذاته. الفائدة من امتلاك الأسهم والسندات معاً، تكمن في أن أحدهما يعوض خسائر الآخر في بعض الأحيان. ففي أوقات الإقبال على المخاطر، ترتفع الأسهم، وفي أوقات العزوف عنها، تصعد السندات. لكن عندما يتحرك الاثنان معاً في الاتجاه الصاعد، فإن ذلك يثير القلق من احتمال تراجعهما معاً أيضاً، كما حدث في كارثة عام 2022. وما حدث مؤخراً لا يصنع نظاماً دائماً في السوق، لكننا نشعر بشيء من الجنون هنا، إذ لماذا توجد علاقة طردية حالياً بين الأسهم والسندات؟ ما حدث هو أن الرسوم الجمركية التي أُعلن عنها في «يوم التحرير»، أضرت بالأسهم بداية، لكنها دعمت السندات، ثم ما لبثا أن تحركا بالتوازي، هبوطاً في البداية، ثم صعوداً معاً لاحقاً. وإحدى الفرضيات هي أن هناك خطأ في تسعير أحد السوقين، الأسهم أو السندات، أي أن الأسعار لا تعكس بشكل صحيح ما يحمله المستقبل. وربما يكون السبب هو أن المستثمرين المخاطرين، الذين يشترون عند انخفاض الأسعار، ويديرون محافظ أسهم نشطة، قد قفزوا وراء أي إشارة بشأن التراجع عن التعريفات من البيت الأبيض، متجاهلين الضرر الاقتصادي المحتمل للحرب التجارية. أو، بدلاً من ذلك، قد يجادل البعض أن مستثمري السندات البطيئين يتجاهلون، مرة أخرى، مخاطر التضخم بشكل غير حكيم. وتتكون عوائد سندات الخزانة من عنصرين رئيسين: أسعار الفائدة الحقيقية، وتوقعات التضخم التعادلي. وخلال الارتفاع الأخير للسندات، كانت توقعات التضخم مستقرة، بينما انخفضت الأسعار الحقيقية. لكن أليست التعريفات تضخمية؟ غير أن هناك قراءة أخرى متاحة وأكثر تصالحاً. فقد يكون الضرر الذي لحق بالأسهم والسندات لا يعود إلى الرسوم الجمركية تحديداً، بل إلى سوء السياسات الأمريكية بشكل عام، وإلى طابعها العشوائي وغير الكفء، وهو ما جسدته إعلانات «يوم التحرير». وعندما تطلق الحكومة الأمريكية النار على قدميها، يبيع المستثمرون الأسهم، لأن النمو الاقتصادي يصبح مهدداً، ويبيعون السندات الحكومية لأنهم يعيدون النظر في الجهة التي يقرضونها أموالهم. أما حين تتراجع الإدارة عن السياسات الخاطئة، كما بدأت تفعل في الآونة الأخيرة، فإن رد الفعل ينعكس: يتم شراء الأسهم والسندات معاً. (وهنا يظهر ما يعرف بتداول تاكو). وأترك للقارئ حرية اختيار النظرية التي يفضلها، أو اقتراح تفسيرات أخرى إن شاء. إنه وقت صعب لامتلاك الأصول التقليدية. فالأسهم تتقلب، والآفاق ضبابية، وعوائد السندات تتذبذب بلا استقرار، أما الذهب، فرغم صعوده القوي، إلا أنه يبدو في منطقة ذروة الشراء. فهل يمكن اعتبار السلع، غير الذهب، مصدراً للاستقرار؟ أو أداة للتحوط؟ أو وسيلة للتنويع؟. هناك فكرة شائعة في بعض الأوساط، أن السلع تشكل تحوطاً جيداً للأسهم. لكن تبين أن هذا مضلل، فرغم وجود فترات يتحرك فيها مؤشر السلع الأوسع وأسعار السلع الفردية عكس الأسهم، إلا أن هذه العلاقة غير موثوقة على الإطلاق: هناك ببساطة عدد كبير من السلع، لكل منها علاقة مختلفة بالنمو والمخاطر ومعدلات الفائدة، ما يجعل من المستحيل قيام علاقة ثابتة بين السلع والأسهم. كما أن فرض الرسوم الجمركية، وهي في جوهرها ضرائب على الواردات المادية، بما في ذلك السلع، زاد المشهد تعقيداً. ومنذ أن فرض ترامب «رسوم المعاملة بالمثل»، ثم تراجع عنها، تفوق أداء مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» قليلاً على مؤشر السلع الأوسع نطاقاً، لكنهما سلكا المسار نفسه في معظم الوقت: يخفي المؤشر العام تحركات الأسعار الفردية، وهو منحاز بشدة نحو قطاع الطاقة. لكن تحليل مكونات المؤشر بشكل أكثر تفصيلاً، يوفر صورة أوضح: صعود الذهب موثق جيداً. والمخاوف من تباطؤ عالمي، واحتمال تعطل التدفقات التجارية، يقف وراء الأداء المتراجع للطاقة. ويبدو أن تعريفات الولايات المتحدة على الصلب والألومنيوم، وحظر الصين للمعادن الأرضية النادرة، وكلها سيئة للنمو، تعمل على خفض أسعار المعادن الصناعية. وينتهي هنا ما هو واضح. لكن ما يثير الدهشة أكثر، هو ثبات أسعار المنتجات الزراعية، وهو أمر تؤكده أسواق العقود الآجلة، وكذلك المؤشرات الفرعية الثلاثة للقطاع الزراعي: المنتجات اللينة كالبن والأخشاب، والحبوب مثل الصويا والقمح، والماشية. وقد يكون هذا الثبات ناتجاً عن توقعات بتراجع المعروض، مع تراجع المزارعين عن الإنتاج، في ظل حالة عدم اليقين. غير أن السيناريو العكسي يبدو ممكناً أيضاً: الانقسامات الجيوسياسية، وتباطؤ النمو، قد يؤديان إلى كبح الطلب على المنتجات الزراعية. أسواق السلع الزراعية متنوعة، وقد أظهرت سلوكاً غريباً في آخر مرة تعرضت فيها لضغوط الرسوم الجمركية، كان ذلك عام 2018. ولنأخذ مثال فول الصويا، وهو أكبر صادرات الولايات المتحدة الزراعية، فقبل الجولة الأولى من رسوم ترامب في 2018، كانت الصين تشتري أكثر من 60 % من صادرات فول الصويا الأمريكية. لكن عندما فرضت الرسوم، استبدلت الصين فول الصويا الأمريكي بالبرازيلي، لتشكل وارداتها من الولايات المتحدة 18 % فقط من إجمالي الصادرات بنهاية العام نفسه. وانهارت أسعار فول الصويا الأمريكي والعالمي، في حين أضيفت علاوة سعرية على نظيره البرازيلي. وقد شهدنا هذا الفارق السعري مجدداً، عقب «يوم التحرير»، لكنه تلاشى سريعاً. ومن الممكن أن يتكرر هذا النوع من التشوه في السوق مجدداً. وكما يردد كثيرون، فلا أحد يعلم إلى أين ستؤول سياسات الرسوم الجمركية على المستوى العالمي. فقد تتراجع الولايات المتحدة أو الصين، أو كلاهما، عن موقفيهما. ويبدو أن حالة عدم اليقين هذه، هي ما يبقي أسعار السلع الزراعية وعائداتها مرتفعة حالياً. ويقول جو جانزن من جامعة إلينوي في أوربانا-شامبين: «أعتقد أن السوق ينتظر رؤية شيء ملموس، وفي ظل البيئة الراهنة، قد تعتمد الأسواق بشكل أكبر على الأساسيات الخاصة بكل سلعة زراعية على حدة». لكننا لا نعرف بعد شكل محصول هذا العام. غير أن هذا لا ينطبق بالضرورة على باقي السلع الزراعية. فأسعار البن والشوكولاتة وصلت إلى مستويات مرتفعة جداً، بعد مواسم زراعية سيئة، في حين دفعت المخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي، أسعار الأخشاب إلى الهبوط بشكل أكثر وضوحاً. من المحتمل أيضاً أن الأسواق أصبحت أكثر استعداداً لتجاهل تأثير الرسوم الجمركية على السلع، مقارنة بما كانت عليه عام 2018. وكما تشير جوانا كولوسي من جامعة إلينوي في أوربانا-شامبين، فقد نجحت الصين في إيجاد موردين جدد للسلع الزراعية، ومصادر الطاقة التي كانت تعتمد فيها على الولايات المتحدة (فول الصويا من الأرجنتين، والفحم من منغوليا)، وكذلك وجدت الولايات المتحدة مشترين جدداً. كما أن الصين تجاوزت خلافها التجاري بسرعة في المرة السابقة، إذ ارتفعت صادرات فول الصويا الأمريكي إلى الصين تدريجياً بعد 2018، لتصل العام الماضي إلى 52 % من إجمالي الصادرات الأمريكية. إن المتعاملين في الأسواق، قد يختارون تجاهل هذه التوترات التجارية، انطلاقاً من افتراض أن جميع السلع ستجد في النهاية من يشتريها. لكن تبقى هناك مسألة منفصلة، تتعلق بأفضل وسيلة للاحتفاظ السلع الزراعية، إذ إن صناديق المؤشرات المتداولة والمنتجات المرتبطة بالعقود الآجلة، ليست أدوات مثالية. ومع ذلك، ونظراً لديناميكياتها المعقدة، وتداخلها مع الرسوم الجمركية، فإن التعرض للسلع الزراعية، قد يشكل وسيلة مجدية للتنويع الحقيقي. والتنويع يحمل قيمة كبيرة في الوقت الراهن.

ماذا يعني قرار «الفيدرالي» بتخفيف التشديد الكمي للأسواق؟
ماذا يعني قرار «الفيدرالي» بتخفيف التشديد الكمي للأسواق؟

البيان

time٢١-٠٣-٢٠٢٥

  • أعمال
  • البيان

ماذا يعني قرار «الفيدرالي» بتخفيف التشديد الكمي للأسواق؟

روبرت أرمسترونج - أيدن رايتر استقبلت الأسواق المالية تصريحات جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ولجنة السوق الفيدرالية المفتوحة، بترحيب ملحوظ، وارتفعت الأسهم، التي سجلت بالفعل أداءً قوياً قبل البيان والمؤتمر الصحافي، بشكل إضافي بعدهما. ومع ذلك، فقد خفت هذا الحماس قليلاً مع إغلاق الجلسة. في المقابل، انخفضت عوائد سندات الخزانة، حيث تراجعت سندات العامين بثلاث نقاط أساسية، وانخفضت سندات العشر سنوات بنقطة واحدة. يثير هذا التساؤل: هل كان الاجتماع ذا توجه تيسيري؟. ليس بالضرورة، إذ يمكن بسهولة تصور سيناريو مختلف، استمع فيه المستثمرون لتصريحات البنك، دون أن تنال إعجابهم على الإطلاق، فقد خفضت اللجنة توقعاتها للنمو الاقتصادي بشكل ملموس، ورفعت توقعاتها لمعدلات البطالة بنسبة طفيفة، كما رفعت نظرتها المستقبلية للتضخم أيضاً. وثمة مصطلح يصف هذا النوع من الظروف الاقتصادية، وهو مصطلح سلبي: الركود التضخمي. وعلى الرغم من أن الفيدرالي لا يتنبأ بحالة خطيرة من الركود التضخمي، إلا أن المؤشرات تتجه في الاتجاه الخاطئ على جانبي التفويض الرئيس للبنك المركزي. وقد كان الفيدرالي صريحاً بشأن أسباب هذا التحول، حيث أرجعه إلى التراجع الحاد في ثقة المستثمرين والشركات والمستهلكين، والناجم بشكل رئيس عن المخاوف المتعلقة بسياسات إدارة ترامب، لا سيما الرسوم الجمركية. صحيح أن توقعات سياسة أسعار الفائدة بقيت دون تغيير من حيث المتوسط، لكن هذا المتوسط يخفي تحولاً مهماً نحو سياسة نقدية أكثر تشدداً. فعند استبعاد أعلى وأدنى ثلاثة تقديرات فردية، نجد أن توقعات «الاتجاه المركزي» للسياسة النقدية، ارتفعت من نطاق 3.6 - 4.1 %، إلى 3.9 - 4.4 %، وهو تحول لا يمكن تجاهله. وخلال المؤتمر الصحافي الأخير، سلط باول الضوء على تزايد حالة عدم اليقين لدى أعضاء اللجنة بشأن توقعاتهم، حيث إن هذه الحالة من عدم اليقين لا تتسم فقط بارتفاع مستواها، بل إنها غير متوازنة، وتميل بشكل شبه كامل نحو توقعات بنمو أبطأ وتضخم أعلى. وبدت كل المؤشرات مقلقة إلى حد ما، ما يثير تساؤلاً: لماذا كانت استجابة الأسواق المالية هادئة؟ هناك عدة تفسيرات محتملة: فقد قدّم البنك المركزي رسالة كانت الأسواق قد استوعبتها بالفعل، حيث أدركت هذه الأسواق مسبقاً، أن المخاوف السياسية قد رفعت من مخاطر تباطؤ النمو وارتفاع التضخم. كما شعر المستثمرون بالارتياح، لأن الفيدرالي لم يُظهر موقفاً متشدداً إزاء مخاطر التضخم الناجمة عن الرسوم الجمركية، وتبنى باول نبرة متوازنة. مشدداً على أنه يمكن تجاوز الارتفاعات السعرية الناتجة عن الرسوم الجمركية، طالما بقيت توقعات التضخم على المدى الطويل تحت السيطرة، وهو ما يعكس موقفاً لبنك مركزي لا يسعى للدخول في صدام مع السلطة التنفيذية. كذلك، فقد قررت الأسواق، المتعطشة لأخبار إيجابية، بعد شهر عصيب، أن تركز اهتمامها على توقعات أسعار الفائدة، التي ظلت دون تغيير، متجاهلة كل المؤشرات الأخرى. وقد فاجأ البنك المركزي الأمريكي الأسواق بإعلانه عن تباطؤ حاد في وتيرة التشديد الكمي، حيث قرر تغيير سقف الأوراق المالية التي يسمح بخروجها من ميزانيته العمومية، من 25 مليار دولار شهرياً، إلى 5 مليارات دولار فقط. وليس مفاجئاً أن التشديد الكمي يشارف على نهايته، فوفقاً لمعظم المؤشرات، أصبحنا قريبين من هدف الفيدرالي، المتمثل في تحقيق احتياطيات مصرفية «وافرة»، دون أن تكون فائضة. وكانت معظم التوقعات الصادرة في نهاية العام الماضي، تشير إلى أن التشديد الكمي سينتهي خلال النصف الأول من العام الجاري، على الأرجح في يونيو. غير أن الصورة تغيرت منذ ذلك الحين، إذ أظهرت محاضر اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في يناير، أن محافظي البنك المركزي كانوا يدرسون إنهاء التشديد الكمي قبل الموعد المخطط له، في حال وجود «تقلبات في الاحتياطيات خلال الأشهر القادمة مرتبطة بديناميكيات سقف الدين». ومع ذلك، رجح المحللون الذين تحدثنا معهم قبل الاجتماع، أن الإنهاء التدريجي للتشديد الكمي سيبدأ في مايو، وليس مارس. وأكد جيروم باول، أمس، أن قرار التباطؤ يأتي ضمن المسار الطبيعي للتشديد الكمي. ولا يعكس قلقاً بشأن سقف الدين، وهي رسالة تختلف عما ورد في محاضر اجتماع يناير، علماً بأن مثل هذا القلق سيكون مبرراً، فقد أُعيد فرض سقف الدين - وهو الحد الأقصى لما يمكن للولايات المتحدة اقتراضه لتمويل العجز الجاري - في بداية هذا العام، بعد تعليق استمر عامين. وحتى يتم رفع سقف الدين أو تعليقه مجدداً، لا يمكن للخزانة الأمريكية إصدار ديون جديدة صافية، وبدلاً من ذلك، تعمل على استنزاف حسابها البالغ 414 مليار دولار لدى الفيدرالي. إن الوقت ينفد بسرعة، فحتى مع تدفق إيرادات ضريبية جديدة، من المتوقع أن تستنفد الخزانة الأمريكية أموالها «في وقت ما من هذا الصيف، ربما في أغسطس»، وفقاً لبريج خورانا من شركة ويلينغتون مانجمنت، وبعد ذلك، ستضطر الخزانة إلى اتخاذ «إجراءات استثنائية» لحماية الحكومة الأمريكية من التخلف عن سداد التزاماتها. ومن المرجح أن يقوم الكونغرس برفع سقف الدين، قبل الوصول إلى تلك النقطة الحرجة، رغم أنه ستكون هناك حتماً مناورات سياسية تصاحب هذه العملية، وبعدها ستحتاج الخزانة إلى إصدار سندات دين جديدة لإعادة تعبئة خزائنها المالية. وحذّر غونيت دينغرا كبير استراتيجي أسعار الفائدة الأمريكية في بنك بي إن بي باريبا، من أنه إذا تزامن ذلك مع عمليات التشديد الكمي، فسينتج عن ذلك ضغط مزدوج على سيولة النظام المالي، يسعى البنك المركزي لتجنبه. وأضاف: «عندما تقوم الخزانة باستنزاف رصيدها النقدي، فإن ذلك يضخ سيولة إضافية في النظام المصرفي. لكن عندما تعيد الخزانة بناء رصيدها النقدي من خلال إصدار المزيد من سندات الخزانة، تنتقل تلك الأموال من النظام المصرفي إلى حساب الخزانة لدى الفيدرالي، ما يسحب السيولة من النظام المصرفي. في الوقت نفسه، تعمل سياسة التشديد الكمي أيضاً على سحب السيولة من النظام». وكانت الخزانة أصدرت ديوناً جديدة في عام 2022، عندما كان التشديد الكمي في أوجه، إلا أنه في ذلك الوقت، كانت هناك سيولة أكبر ومصادر متعددة للسيولة، مثل الأموال المتاحة في برنامج إعادة الشراء العكسي. ولو حدث تزامن بين التشديد الكمي وطفرة كبيرة في إصدارات سندات الخزانة الجديدة، فإن ذلك قد يؤدي إلى أزمة سيولة حادة، وهو ما يمكن أن يؤثر في استقرار النظام المالي. ويمثل تباطؤ وتيرة التشديد الكمي أخباراً مرحباً بها في الأسواق المالية، حيث تستفيد الأسهم من السيولة الإضافية المتوقعة، ورغم أن تأثير سياسات التشديد والتيسير الكمي في عوائد سندات الخزانة، يُرجح أن يكون محدوداً، إلا أن نهاية التشديد الكمي ينبغي أن تؤدي، مع ثبات العوامل الأخرى، إلى انخفاض طفيف في عوائد هذه السندات. من جانبنا، نميل إلى تصديق تصريحات باول، غير أن تباطؤ التشديد الكمي سيخفف حتماً بعض الضغط خلال صيف قد يشهد توترات سياسية ومالية، فبعض أعضاء الحزب الجمهوري يركزون اهتمامهم على قضية الدين الوطني. بينما يسعى معظم الديمقراطيين إلى إيجاد سبل لمواجهة سياسات ترامب، ما يرفع من احتمالات المواجهة المالية، بينما يقرر الكونغرس كيفية التعامل مع سقف الدين. وفي ظل هذه الأجواء، قد يكون من الحكمة تقليص المخاطر المحتملة، حيثما أمكن ذلك.

هل تخدع الأسواق المالية الجميع بشأن تأثيرات التعريفات الجمركية؟
هل تخدع الأسواق المالية الجميع بشأن تأثيرات التعريفات الجمركية؟

البيان

time١٢-٠٢-٢٠٢٥

  • أعمال
  • البيان

هل تخدع الأسواق المالية الجميع بشأن تأثيرات التعريفات الجمركية؟

روبرت أرمسترونج تكشف حركة أسواق المال العالمية ثقة واضحة للمستثمرين على الرغم من المخاوف المتزايدة باندلاع الحروب التجارية. فقد حققت بورصات المكسيك والصين وأوروبا أداءً أفضل من مؤشر الأسهم الأمريكية الرئيس «إس أند بي 500» منذ يناير الماضي. ونجحت هذه الأسواق في تجاوز تأثير تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية مرتفعة تصل إلى 25% على واردات بلاده من جيرانها المباشرين والصين. وحتى السوق الكندي، الذي يعتمد اقتصاده بشكل كبير على التصدير للولايات المتحدة بنسبة 20% من ناتجه المحلي، تمكن من تحقيق مكاسب هذا العام على الرغم من أدائه الضعيف نسبياً. وقد يشير ذلك إلى عدة أمور، أولها أن المستثمرين يبدو أنهم لا يأخذون تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية مرتفعة على محمل الجد كثيراً، أو أنهم يرون أن تأثيرها في ربح الشركات سيكون محدوداً. كما قد يكون السوق قد استوعب التأثير السلبي المحتمل للرسوم في أسعار الأسهم منذ عدة أشهر، حين بدأت فرص فوز ترامب بالرئاسة في الارتفاع. لكن الأمر المؤكد هو عدم ظهور أي مؤشرات لصدمة للرسوم الجمركية المتوقعة في 2025 على أداء مؤشرات الأسواق الرئيسة. غير أن الصورة قد تبدو مختلفة عند تحليل الشركات بشكل فردي. فلا يمكن الاكتفاء بمراقبة أداء الشركات العالمية التي تعتمد بشكل كبير على السوق الأمريكي في إيراداتها. لأن الكثير من هذه الشركات إما تعمل في قطاع الخدمات أو تمتلك مصانع داخل الولايات المتحدة، ما يجعلها بمنأى عن تأثير الرسوم الجمركية. لذلك، يتطلب تقييم تأثير الرسوم الجمركية التركيز على مجموعة محددة من الشركات المعرضة فعلياً لهذه المخاطر. وتقدم صناعة السيارات الأوروبية مثالاً واضحاً للشركات المعرضة لمخاطر الرسوم الجمركية، حيث تكشف بيانات بنك «مورغان ستانلي» أن السوق الأمريكي يمثل ربع مبيعات شركة «بورشه» التي تصنع سياراتها بالكامل في أوروبا. كما تعتمد شركتا «بي إم دبليو» و«مرسيدس» على السوق الأمريكي بنسبة 15% من مبيعاتهما، مع تصنيع أكثر من نصف هذه السيارات خارج الولايات المتحدة. يطرح جاكوب بوزارني، أحد كبار مديري الاستثمار في شركة «بريدجواي» لإدارة الأصول، تحليلاً مبتكراً لفهم الوضع الحالي. فقد ابتكر نموذجاً يقيس أداء الأسواق العالمية عبر مصفوفة تجمع بين رأي الخبراء (متضمناً تعديلات المحللين لتوقعات الأرباح والتغيرات في المراكز الاستثمارية قصيرة الأجل) وأداء العوائد الفعلي. وبينما تظهر معظم الأسواق علاقة متناسقة بين رأي الخبراء والأداء، تبرز بعض الأسواق كحالات استثنائية حيث يكون تقييم الخبراء إيجابياً بينما يظل الأداء متواضعاً. وتكشف مصفوفته التي تغطي الفترة من أكتوبر وحتى نهاية يناير أن أسواق الصين والمكسيك وهونغ كونغ - وهي الأكثر تأثراً بتهديدات الرسوم الجمركية - تقع في هذه الفئة الاستثنائية. ويفسر بوزارني هذه الظاهرة قائلاً: «يرى المحترفون فرصاً واعدة في الدول المتأثرة بالرسوم الجمركية، ولكن السوق لا يعكس هذا التفاؤل بعد. فبينما يعد الخبراء حديث ترامب عن الرسوم مجرد تكتيك تفاوضي، يظل السوق متحفظاً. وأعتقد بأن هذا التباين يخلق فرصاً استثمارية واعدة». ومن غير الواضح ما إذا كان المستثمرون يعتقدون بأن تهديدات الرئيس الأمريكي بفرض رسوم جمركية مجرد مناورة سياسية، أم أنهم يرون أن تأثير هذه الرسوم، وحتى لو فُرضت، سيكون محدوداً في الاقتصاد العالمي. لكن النتيجة واحدة: الأسواق لا تبدي قلقاً كبيراً حتى الآن. ويبقى السؤال الأهم: هل هذا الاطمئنان مبرر؟ من ناحية أخرى، يراهن وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت على دور محوري لأسعار الطاقة في خفض عوائد السندات الحكومية طويلة الأجل. وكشف في تصريحات نقلتها وكالة «بلومبرج» عن أهمية خاصة لأسعار الطاقة في تشكيل توقعات التضخم المستقبلية لدى الطبقة العاملة الأمريكية. ويرى بيسنت أن نجاح الحكومة في خفض أسعار البنزين وزيت التدفئة سيحقق هدفين: توفير أموال المستهلكين في المدى القصير، وتعزيز تفاؤلهم بشأن المستقبل، ما يساعدهم على تجاوز آثار موجة التضخم المرتفع التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة. وفسر وزير الخزانة سكوت بيسنت هذا الانخفاض المتواصل في العوائد في الأسابيع الأخيرة بأن المستثمرين في سوق السندات يتوقعون انخفاضاً في أسعار الطاقة في فترة رئاسة ترامب، ما سيتيح تحقيق نمو اقتصادي من دون ضغوط تضخمية. وأوضح بيسنت أن هذا سيتحقق بخطة متكاملة تشمل خفض الإنفاق العام، وتقليص حجم الجهاز الحكومي، وتحسين كفاءته. وتوقع أن تؤدي هذه الإجراءات إلى دخول الاقتصاد الأمريكي دورة إيجابية لأسعار الفائدة. ويخالف تحليل وزير الخزانة الأمريكي الرأي السائد بين الاقتصاديين، فالخبراء يستبعدون عادة أسعار الطاقة من حساباتهم للتضخم الأساسي لسببين: تقلبها الشديد، وضعف قدرتها على التنبؤ باتجاهات التضخم المستقبلية. ويدعم موقفهم هذا أن الوزن المباشر لأسعار الطاقة في مؤشرات التضخم الرئيسة، مثل مؤشر أسعار المستهلك ومؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي، لا يتجاوز 10%. وتتميز أسعار الطاقة بكونها الأكثر وضوحاً وتأثيراً في تصورات المواطن الأمريكي العادي عن التضخم، حيث يربط معظم الناس ارتفاع الأسعار بشكل مباشر بأسعار البنزين. ويدعم هذا التوجه وجود علاقة ارتباط تاريخية قوية بشكل لافت بين معدلات التضخم المتعادل وأسعار الطاقة. وفي هذا السياق، يؤيد جوزيف لافورنيا، المحلل في مؤسسة «إس إم بي سي نيكو» للأوراق المالية، تحليل بيسنت. ويشير لافورنيا إلى أن أسعار الفائدة الحقيقية، التي تمثل النصف الآخر من معادلة عوائد سندات الخزانة، تتأثر بثلاثة عوامل رئيسة: السياسة النقدية، وتوقعات النمو الاقتصادي، والعجز الحكومي المتوقع. وبناءً على ذلك، يرى أن تراجع أسعار النفط وانخفاض العجز المتوقع في الميزانية يمكن أن يدفعا أسعار الفائدة طويلة الأجل للانخفاض بشكل حاد إلى ما دون 4%، وذلك بغض النظر عن توجهات السياسة النقدية. لكن هذا التحليل يغفل عاملاً ثالثاً مهماً يؤثر في كل من معدلات التضخم المتعادل وأسعار النفط وهو: النمو الاقتصادي، وخاصة مستويات الأجور والإنفاق الاستهلاكي، وتظهر البيانات التاريخية تطابقاً واضحاً في حركة النمو والتضخم المتعادل، كما أن النمو الاقتصادي يعد محدداً رئيساً لأسعار الطاقة. لذا، من المرجح أن الارتباط القوي الملحوظ بين معدلات التضخم المتعادل وأسعار الطاقة يعد في جزء كبير منه علاقة ظاهرية مضللة، وبالتالي فإن استراتيجية استهداف أسعار الطاقة وحدها قد لا تكون فعالة في خفض أسعار الفائدة طويلة الأجل. ومع ذلك، أقر بأن هذا التحليل يظل مجرد وجهة نظر غير مؤكدة. وتستوقفني هنا ملاحظة مهمة: يجانب وزير الخزانة الصواب في تفسيره للانخفاض الأخير في عوائد السندات طويلة الأجل. فهو يرى أن السوق يتوقع انخفاضاً في أسعار الطاقة سيؤدي لتراجع التضخم، ولكن الواقع يظهر عكس ذلك تماماً. فمعدل التضخم المتعادل في ارتفاع، وانخفاض العوائد يأتي فقط من تراجع أسعار الفائدة الحقيقية، ولكن من المهم التنويه إلى أن خطأ بيسنت في تشخيص الوضع الحالي لا يعني بالضرورة خطأ توقعاته لمستقبل العلاقة بين أسعار الطاقة والتضخم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store